التنظيم القضائي المغربي قراءة تاريخية إلى غاية صدور القانون الجديد

مقال بعنوان: التنظيم القضائي المغربي ، قراءة تاريخية إلى غاية صدور القانون الجديد رقم 38.05 

مقال بعنوان: التنظيم القضائي المغربي (الجزء الأول)، قراءة تاريخية إلى غاية صدور القانون الجديد رقم 38.05، إعداد: عملوك المهدي

إعداد: عملوك المهدي
ماستر السياسات العمومية 
كلية الحقوق مكناس المغرب

تنقسم الأنظمة القضائية في دول العـالم إلى نوعين من التنظيم القضائي وهما النظام القضائي الموحد والنظام القضائي المزدوج.

يقصد بالقضاء المـوحد أن تختص المحـاكم بالفصل في كل المنازعات دون تمييز بين المسائل العادية والمسائل الإدارية، ومن ثم تخضع كافة المنازعات والدعاوى القضائية إلى جهة قضائية واحدة مهما كانت طبيعة المنازعات أي سواء كانت ناتجة عن أنشطة خاصة أو عامة أو صفات أطرافها أي سـواء كانت أشخاص خاصة أو عامة ومن ثم تتساوى الإدارة مع الأشخاص أمام هذا القضاء، وتطبــق المحاكم قواعد القانون العادي شكلا وموضوعا فلا توجد قواعد خاصة بالإدارة كما هو موجود بالقانون الإداري. ومن ابزر الدول التي تأخذ بهذا النظام الولايات المتحــدة الأمريكية وانجلترا و عربيا الأردن والعراق وغيرها.

ويقصد بالنظـام القضائي المزدوج تــوزيع الاختصاص القضائي بحسب أطراف النزاع أو موضوع النزاع فهناك القضاء الـعادي صاحب الولاية العامة بمحاكمه ودرجاته والى جانبه القضاء الإداري، والمختص بالرقابة القضائية على اعمال الإدارة العامة بالنظر في المنازعات الإدارية وفق إجراءات تختلــف عن إجراءات التقاضي أمام القضاء العادي، ويطبق الأحكام الخاصة بالقانون الإداري. ومن أبرز الدول التي تأخذ به فرنسا ومصر ولبنان والمغرب وغيرها.[1]

إلا انه في المغـرب رغم ظـهور بوادر القضاء المزدوج بإحداث غرفة إدارية بالمجلس الأعلى وإحداث محاكــم إدارية بداية التسعينات و محـاكم استئناف إدارية بعد دلك، فلا يمكن الحديث عن نظام قضاء مزدوج بالمغرب إلى حين إحداث مجلس الدولة كما جاء دلك في الكلمة السامية لجلالة الملك في افتتاح أشغال المجلس الأعلى للقضاء سنة 1999: (ورغبة منافي توسيع مجالات التطوير والتحديث...قررنا إحداث محاكم استئناف إدارية في أفق إنشاء مجلس للدولة يتوج الهرم القضائي والإداري لبلادنا)[2].

يمكن تعريف التنظيم القضائي بأنه : مجموعة القواعد القانونية الواردة في مدونة قانونية أو نص قانوني أو مجموعة من النصوص القانونية المتفرقة والتي تبين و تؤطر و توضح من جهة أولى المبادئ الضامنة لاستقلال القضاء والضامنة لحقوق المتقاضين، وأنواع المحاكم ودرجاتها وتأليفها وتنظيمها والأجهزة والهيئات المنوط بها مهام التسيير والتنظيم والتفتيش والإشراف القضائي على مختلف أنواع المحاكم. ومن جهة أخرى دور بعض الأجهزة في تعزيز موقع القضاء كالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب، ودور المهن المساعدة للقضاء في إرساء وتحقيق العدالة ككتابة الضبط و المحامون و المفوضون القضائيون والمترجمون ومهنة العدالة و الخبراء والمساعدون الاجتماعيون و الموثقون.

وبالمغرب، صدر قانون التنظيم القضائي الجديد بالجريدة الرسمية بتاريخ 14 يوليوز 2022 والذي سيدخل حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من تاريخ هذا التاريخ.[3]

نتناول في هدا المقال تطور التنظيم القضائي المغربي إلى غاية القانون الحالي، في انتظار تخصيص مقال آخر لمستجدات التنظيم القضائي الجديد على النحو التالي :

الفقرة الأولى : مميزات التنظيم القضائي المغربي قبل فترة الحماية.
الفقرة الثانية : مميزات التنظيم القضائي المغربي خلال فترة الحماية .
الفقرة الثالثة: مميزات التنظيم القضائي بعد فترة الاستقلال إلى الآن وقبل دخول قانون التنظيم القضائي الجديد حيز التنفيذ.

الفقرة الأولى: مميزات التنظيم القضائي المغربي قبل فترة الحماية:

تميز القانون المغربي بتعدد القانون وتعدد القضاء اد يتعلق الأمر بنظام ليبرالي يضمن حماية الأقليات التي تعيش في كنف الأمة الإسلامية، ومند القرن السابع عشر ظهر بالمغرب نظام الامتيازات الخاص بالأجانب بالمغرب، وهكذا عرف المغرب أربعة أنواع من المحاكم : المحاكم الشرعية أو القضاء الشرعي، المحاكم العبرية أو المحاكم الإسرائيلية المحاكم القنصلية بعد إبرام عدة معاهدات مع دول أجنبية، محاكم الولاة ويتولى القضاء فيها رجال المخزن: الباشوات والقواد والمحاكم العرفية التي ألغيت بعد ذلك بظهر 25 غشت 1956.[4]

الفقرة الثانية: مميزات التنظيم القضائي المغربي خلال فترة الحماية:

حيث عملت كل سلطة حماية بإجراء إصلاحات بنيوية في مجال التشريع و التنظيم القضائي في منطقة نفوذها.

وكانت المحاكم وقتئذ منتظمة على الشكل آلاتي: القضاء الشرعي: ويضم المحاكم الشرعية ومحكمة الاستئناف الشرعية ومجلس أعلى بمقتضى ظهير 7 فبراير 1921، وتم إنشاء أجهزة و مؤسسات جديدة وهي: وزارة العدلية ،مجلس العلماء الذي الغي وعوض بظهير 7فبراير1947 موضوع منشور الصدر الأعظم المحدد لاختصاصات القضاة بصفة مؤقتة، المحاكم المخزني وتضم :

محاكم القضاة المفوضين، المحــاكم المخزنية الإقليمية، المحكمة العليا الشريفة، المحاكم العبرية الابتدائية ومحكمة عليا عبرية أو كما عبر عنها الاستاد جلال السعيد محكمة الحاخامات العليا، المحاكم العرفية ولاسيما بالبوادي المغربية وتعميمها بعـــد صدور الظهير البربري الصادر بتاريخ 16ماي1930،المحاكم العصرية وحلت محل المحــاكم القنصلية، وكانت تشمل: محاكم صلح ومحاكم وابتدائية محكمة استئناف وحيدة بالرباط. وهدا التنظيم معمول به فـي منطقة النفوذ الفرنسي والاسباني ماعدا عدم وجود محاكم عرفية بالمنطقة الاسبانية ووجود محكمة استئناف وحيدة بتطـــوان. أما منطقة طنجة الدولية، فكانت تتآلف من محكمة للصلح و محكمـة ابتدائية تضم غــرفة للاستئناف للرقابة على المحكمتين، ومحكمة جنائية.[5]

الفقرة الثالثة : مميزات التنظيم القضائي المغربي بعد الاستقلال الى غاية صدور قانون التنظيم القضائي الجديد:

بعد إعلان الاستقـلال بتاريخ 18نونبر 1957 اهتم المغـرب مند دلك الحين بتدعيم أسس دولة حديثة ومنها تدعيم أسس إدارة قضائية متينة ،لدلك نص ظهير 22ابريل 1957 على أن تصدر الأحكام على مختلف المستويات باسم جلالة الملك. وكانت الإصلاحات التـي مست المحاكم العليا كانت أعمق بكثير من تلك التي مست المحاكم الأدنى درجة، وكان التنظيم القضائي يشمـل في بداية هده المرحلة إلى حــدود صـدور الإصلاح القضائي لسنة 1974 المحاكم التالية :

أولا: المجلـس الأعلى الذي انشأ بمقتضى ظهير 27شتنبر 1957و حقق بصفة نهــائية توحـيد ومغربة القضاء في إطار دولة ذات سيادة، حيث أصبحت هده الهيأة القضائية مختصـة بالنظر في الطعون الموجهة ضد القرارات القضائية الصادرة بالمغرب.
ثانيا : محاكم عادية و تضم القضاء الشرعـــي.
ثالثا : محاكم الاستئناف الإقليمية وتم إلغاء المحكمة العليا الشريفة وتعويض المحكمة الإقليمية لمحكــمة الاستئناف الشـــرعي وأيضا تعويض المحكمـة العليا العبرية.
رابعا : المحاكم العبرية التي ظلت محتفظة بالاختصاصات المخولة لها مند سنة 1918 وأعيد تنظيمها بظهير 23 فبراير1957واصبحت تضم عشرة محاكم للحكام المفوضين الإسرائيليين وتسعة محاكم إسرائيلية إقليمية و محكمة عبرية عليا. خامسا : محاكم الشغل، والتي احدث بموجب الظهير الصادر بتاريخ 29ابريل 1957.
وبعد صدور قانون توحيد وتعريب ومغربة القضاء بتاريخ 26 يناير 1965، حيث حصر الفصل 4 من هدا القانون ممارسة وظائف القضاة على المغاربة والفصل 5 منه حدد اللغة العربية كلغة نقاش ودفاع وإصدار الأحكام، وحافظ القانون على المحاكم الاستثنائية وهي المحكمة العسكرية والمحكمة العليا للعدل. ولوضع حد لأثار الحماية وبلوغ مبدأ الوحدة[6]، ألغيت مجموعة من المحاكم وأصبح التنظيم القضائي الجديد لسنة 1965.
قانون توحيد المحاكم يضم المحاكم التالية:

أولا: المجلس الأعلى.
ثانيا: محاكم السدد: وشملت اختصاصها أيضا القضايا الشرعية والقضايا العبرية و ذات قضاء فردي.
ثالثا: المحاكم الإقليمية كجهة استئنافية لأحكام محاكم بالسدد واختصاص المحاكم العصرية سابقا وذات نظام قضاء جماعي .
رابعا: المحاكم الاستئنافية التي تنظر في استئنافات أحكام المحاكم الإقليمية وذات نظام قضاء جماعي . 

وتميزت مقتضيات قانون 1965 بالانتقالية ولم يتم الشروع في الإصلاح الشامل للقانون و القضاء المغربي إلا سنة 1974حيث تم إصدار خمسة ظهائر بمثابة قوانين في مدة أربعة اشهر، منها ظهير شريف بمثابة قانون رقم :1.74.338 بتاريخ 15يوليوز 1974 يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، والمرسوم التطبيقي المؤرخ في 16 يوليوز 1974 وظهير شريف بمثابة قانون رقم 15 يوليوز 1974 المنظم لمحاكم الجماعات و المقاطعات و المحدد لاختصاصاتها مع المرسوم التطبيقي له المؤرخ في 16 يوليوز 1974، وألغى التنظيم القضائي المشار إليه أغلبية المحاكم السابقة ذكرها، وأصبح التنظيم القضائي يتكون من المحاكم التالية :محاكم الجماعات و المقاطعات، المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف و المجلس الأعلى.[7] وسنة 1993 [8]عرف التنظيم القضائي المغربي تعديلات أخرى أكثر طموحا من اجل مواكبة التطور وتحسين سير القضاء عامة وتأسيس دعائم القضاء المتخصص ومأسسة ضمانات جديدة لفائدة المتقاضين وحماية حقوق الانسان. ويكمن التجديد الأكثر أهمية في التعميم شبه التام للقضاء الجماعي على مستوى محاكم الدرجة الأولى كما نص عل دلك الفصل 4 من القانون السالف الذكر، قانون 10 شتنبر 1993 انها عودة للنهج السابق على إصلاح 1974 الذي كان يرجح نظام القضاء الفردي )[9](وهو نفس النهج المتبع في المحاكم المتخصصة التي إحداثها وهكذا أحدثت إلى جانب المحاكم الموجودة بعد ظهير 1974، المحاكم الإدارية سنة 1993)[10](و المحاكم التجارية سنة1997)[11]( واصدار مدونة المحاكم المالية سنة2002)[12]( التي نصت على إحداث محاكم مالية تتمثل في المجلس الأعلى للحسابات كمحكمة مالية عليا والمجالس الجهوية للحسابات بغية تحقيق نوع من التواجد المحلي و نهج سياسة القرب لحماية المال العام ، وهده المحاكم لا تدخل ضمن المحاكم العادية الصرفة ويمكن اعتبارها قضاء متخصصا )[13]( ومحاكم الاستئناف الإدارية سنة 2006)[14](.

أما المحاكم الاستثنائية وهي المحاكم التي تكون مختصة في القضايا المسنودة لها بنص خاص، ويتم إنشائها بغية الحصول على عدالة سريعة ،و ان كانت غير مرحب بها حقوقيا هي لم تشهد انتشارا واسعا بالمغرب فالمحكمة العليا التي كانت منظمة بموجب دستور 1997من الفصل 88الى 92 لمحاكمة أعضاء الحكومة عن الجنح و الجنايات المرتكبة من طرفهم أثناء مزاولة مهامهم لم تنعقد أصلا وتم إلغائها بموجب دستور 2011 حيث نص الفصل 94 من الدستور الحالي : أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة عما يرتكبون من جنايات و جنح أثناء ممارستهم لمهامهم، يحدد القانون المسطرة المتبعة بهده المسؤولية.

أما محكمة العدل المحدثة بموجب ظهير 23 ماي 1957 من اجل مواجهة الجرائم الماسة بالأمن الداخلي أو الخارجي للدولة والقضية المعروفة بالزيوت المسمومة سنة 1959 انتهى أمرها سنة 1961، أما محكمة العدل الخاصة الأكثر عرضة للنقد فقد تم إلغاؤها بموجب القانون رقم 03.79 الصادر بظهير 15 شتنبر2004)14) ونص الدستور الحالي ([15]) في الفصل 127 في فقرته الثانية: لا يمكن إحداث محاكم استثنائية.

وبخصوص المحكمة العسكرية فقانون القضاء العسكري رقم 108.13 المتعلق بالقضاء العسكري الصادر بتاريخ 10 دجنبر 2014 تضمن عدة مستجدات فالمادة 4 منه نصت على إبعاد اختصاص المحكمة العسكرية في جرائم الحق العام المرتكبة من قبل العسكريين سواء كانوا فاعلين او مساهمين او مشاركين. كما أصبحت تضم غرف الجنح الابتدائية والاستئنافية وغرفة الجنايات الابتدائية و الاستئنافية كما نصت المادة 13 منه، كـــــما نظم هدا القانون المحكمة العسكرية وقت الحرب في مواقع العمليات العسكرية في الكتاب الخامس ([16])ويأتي هدا القانون في إطار ملائمة قانون القضاء العسكري القديم لمقتضيات الدستور الجديد و الحالي بإلغاء المقتضيات المخالفة لأحكامه واعتماد رؤية جديدة تنبني بالأساس باعتبار المحكمة العسكرية محكمة عادية متخصصة بدل طبيعتها الاستثنائية التي كانت معروفة عنها من قبل.

وفي إطار مواكبة التطور بغية الرفع من جودة الأحكام الصادرة في قضايا الأسرة احدث المشرع المغربي أقسام قضاء الأسرة بالمحاكم الابتدائية بعد صدور القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة واقسام لقضاء القرب بالمحاكم الابتدائية بموجب القانون رقم 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب و تحديد اختصاصاته وإلغاء محاكم الجماعات والمقاطعات بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 07.11 الصادر بتاريخ 18 فبراير 2011، و على مستوى محاكم الاستئناف تم احداث اقسام للجرائم المالية بمحاكم الاستئناف التالية :الرباط، الدار البيضاء، فاس ومراكش بمقتضى القانون رقم: 34.10 الصادر بتاريخ غشـت 2011 و التي تختص بالنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصول 241 الى 256 من القانون الجنائي)[17](وكذا الجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها مع مراعاة الاستثناء الوارد في المادة 1-260 في قانون المسطرة الجنائية.)[18] (كما أود ان نشير إحداث المشرع للمحاكم الابتدائية المصنفة ،كما نص عليها التنظيم القضائي الحالي في الفقرة الأخيرة من الفصل الثاني، و يراد بالمحاكم الابتدائية المصنفة المحاكم الابتدائية المدنية و المحاكم الابتدائية الاجتماعية و المحاكم الابتدائية الزجرية طبقا للفقرة 7 من الفصل الثاني من قانون التنظيم القضائي الحالي نفسه. بقي أن نشير ان المحاكم الابتدائية تضم شعب خاصة بالسجل التجاري المحلي بكتابة الضبط ودلك وفق ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 28 من مدونة التجارة ، كما تنص على مراكز للسجل العدلي المحلي وفق ما تنص عيه الفقرتان الأولى و الثالثة من المادة 654من قانون المسطرة الجنائية .كما نشير أيضا إلى ان المحاكم الابتدائية ووفق الفقرة الأخيرة من الفقرة الأخيرة من الفرع الباب الثاني من قانون التنظيم القضائي الحالي السالف الذكر أعلاه، ينص على انه : ...يمكن تكليف قاض او أكثر من قضاة هده المحاكم بمزاولة مهامهم بصفة قارة في مراكز توجد داخل دائرة نفوذها و تحدد بقرار لوزير العدل. يبلغ عدد هــده المراكز حاليا 85 مركزا قضائيا [19] بعدما أعلنت وزارة العـــدل عن لائحـة تضـــم 13 مركزا قضائيا سيتم افتتاحها وستشرع في تقديم خدماتها الى المواطنين في مارس المقبل سنة 2023.

بخصوص مؤسسة النيابة العامة قبل وبعد فترة الحماية و في فترة الاستقلال فالتشريع المغربي لم يعرف نظام النيابة العامة كمؤسسة قائمة الذات، الا عندما احتلت أوروبا المغرب عن طريق الحماية على المغرب، ذلك ان القضاء الإسلامي ظل موجود ظل يجهل هده المؤسسة إلا أن دخلت للمغرب عن طريق ظهير 12غشت 1913 المتعلق بالتنظيم القضائي للحماية الفرنسية بالمغرب. غير أنها لم تتعد في دلك الوقت المحاكم العصرية الفرنسية بسب ثنائية التشريع الجنائي، لكن سلطات الحماية تنبهت لأهمية مراقبة العدالة المخزنية الممارسة من طرف الباشوات والقواد، ودلك بواسطة المراقب المدني و المندوب الحكومي ،هدين الجهازين كانا يلعبان دورا يقترب أحيانا من دور النيابة العامة و تم توسيع مهامهما فيما بعد بنصوص لاحقة استعملت في خدمة السياسة الاستعمارية. وبحصول المغرب على استغلاله بادر إلى وضع قانون المسطرة الجنائية المغربي بتاريخ 10 فبراير 1959، الذي جاء نقلا حرفيا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية الفرنسي لسنة 1958، مع إدخال بعض التعديلات الطفيفة، ناسخا بالتالي مهام النيابة العامة كما هي في القانون الفرنسي والدي اعتبر مكسبا مهما في الحقل القانوني المغربي، عرف بعد دلك جملة من التعديلات كان أخرها قانون رقم :22.01 المتعلق بالمسـطرة الجنائية كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم: 23.05 و24.05.

وهكذا فالتنظيم القضائي الحالي بعد جملة التعديلات المتتالية في إطار مسار تدريجي لتطوير وتحديث القضاء يتكون و يتألف من المحاكم التالية :

المراكز القضائية: أو مـراكز القضــاة المقيمين التابعة للمحـاكم الابتدائية وسيصل عددها 85 في أفق مارس 2023 مركزا قضائيا تابعا للمحاكم الابتدائية وينظم اختصاصها منشور عدد 730 الصادر بتاريخ 21 ابريل 1975 وهي : في الميدان المدني الأحوال الشخصية ،العقار غير المحفظ، النزاعات المتعلقة بالكراء باستثناء ما اسند لرئيس المحكمة، النزاعات المتعلقة بالمسؤولية العقدية بصفة عامة و قضاء القرب الفقرة 3 من المادة الأولى منه. وفي الميدان الجنائي : يختص في مادة المخالفات ،الجنح الضبطية باستثناء حوادث السير نتج عنها جروح غير عمدية و القضايا الجنحية ماعدا حالات التلبس.

محاكم الدرجة الأولى وهي : المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة والمحاكم الابتدائية المصنفة وهي محاكم مدينة الدار البيضاء: المحكمة الابتدائية المدنية والمحكمة الابتدائية الزجرية والمحكمة الابتدائية الاجتماعية كتجربة وفي حالة نجاحها ستعمم تدريجيا بالمغرب ويبلغ عدد المحاكم الابتدائية 85 محكمـــة ابتدائية بما فيها المصنفة والمتخصصـة : وهي المحاكم الإدارية و عددها 09 محاكم، والمحاكم التجارية وعددها 10 محاكم .

تضم المحاكم الابتدائية اقسام قضاء الاسرة ، واقسام قضاء القرب ايضا.

محاكم الدرجة الثانية : وهي محاكم الاستئناف: العادية و عددها 23 محكمة والمتخصصة : وهي محاكم الاستئناف الإدارية وعددها 02 محكمتين ، ومحاكم الاستئناف التجارية وعددها 03 ثلاثة محاكم.

تضم اربعة محاكم استئناف ، اربعة اقسام للجرائم المالية وهي : محكمة الاستئناف بمراكش و مكناس والرباط والدار البيضاء، وتضم محكمة الاستئناف بالرباط القسم المختص بالإرهاب.

المحكمة العسكرية : وتوجد بالعاصمة الرباط وعددها واحدة.

المحاكم المتخصصة ذات الوظيفة التدقيقية وهي: المحاكم المالية أي المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات وعددها 12 مجلسا جهويا وهو عدد الجهات بالمغرب والمحكمة الدستورية حيث يرجع تاريخ القضاء الدستوري بالمغرب، إلى أولى سنوات الاستقلال عندما نص دستور 1962 على تأسيس غرفة دستورية بالمجلس الأعلى ، و في سنة 1992 وبموجب المراجعة الدستورية تم إحداث مجلس دستوري في سياق الإصلاحات التي عرفتها المملكة، وبموجب دستور 2011، تم إحداث محكمة دستورية تتمتع بصلاحيات أوسع ، أفرد لها الدستور الفصول من 130 الى 134. وتتجلى مهامها أساسا في مراقبة الدستورية القبلية واللاحقة و مهام استشارية تخص رئيس المحكمة الدستورية.([20])

محكمة النقض: توجد بالرباط وتغير اسمها مع دستور 2011 من المجلس الأعلى إلى محكمة النقض.

-----------------------------------

هوامش:

سيــد عبد الماجد، مقالة بعنوان النظام القضائي الموحد و النظام القضائي المزدوج، على الموقع الالكتروني: -1
https://taqadom2030.blogspot.com/2017/11/blog-post.html
زكرياء ألعماري، إصلاح منظومة العدالة ،منشورات مجلة القضاء المدني ،سلسلة نصوص ووثائق قانونية العدد 06 صفحة12 -2
3ظهير شريف رقم1.22.38 : صادر في 30 دي الحجة 1443 30الموافق ل 30 يونيو 2022 المتعلق بالتنظيم القضائي بتنفيذ القانون رقم 15.38 المتعلق بالتنظيم القضائي منشور بالجريدة الرسمية عدد 7108 الصادرة بتاريخ 14 يوليوز 2022 صفحة 4586 .
4 محمد جلال السعيد المدخل لدراسة القانون الطبعة الثالثة مزيدة و منقحة 2016 ، مطبعة الناجح الجديدة الدار البيضاء ، صفحة 150
5 محمد نعناني، التنظيم القضائي ، الطبعة الاولى 2022، نشر وتوزيع دار الرشاد سطات صفحة 13و14
محمد جلال السعيد ،المدخل لدراسة القانون، مرجع سابق ص 324و 326[6]
عبد الكريم الطالب التنظيم القضائي المغربي دراسة عملية فالطبعة السادسة 202توزيع مكتبة المعرفة صفحة 14 و15[7]
8 الظهير الشريف رقم 1.93.205 صادر بتاريخ 10 شتنبر1993بمثابة قانون بتغيير الظهير الشريف بمثابة قانون رقم1.74.338 الصادر بتاريخ 15 يوليوز1974 يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة منشور بالجريدة الرسيمة عدد 4220 بتاريخ 15 شتنبر 1993 صفحة 1618
محمد جلال السعيد، المدخل لدراسة القانون، مرجع سابق صفحة 331 [9]
10الظهير الشريف رقم 1.91.225 صادر بتاريخ 10 شتنبر 1993بتنفيد القانون رقم :41.90المحدث بموجبه محاكم ادارية جريدة رسمية عدد 4227 صادرة بتاريخ 3 نونبر 1993صفحة 2168
11 الظهير الشريف رقم 1.97.65الصادر بتاريخ 12 فبراير 1997بتنفيذ القانون رقم53.95 المحدث بموجبه محاكم تجارية ومحاكم استئناف تجارية صادر بالجريدة الرسمية عدد 4482بتاريخ 15 ماي 1997 صفحة 1141 .
12 الظهير الشريف رقم 1.02.124صادر بتاريخ 13 يونيو2002 بتنفيذ القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية منشور بالجريدة الرسمية عدد 5030 صادرة بتاريخ 15 غشت 2002 صفحة 2294
عبد الكريم الطالب التنظيم القضائي دراسة عملية مرجع سابق ، صفحة 74 [13]
17 الظهير الشريف رقم 1.06.07 صادر بتاريخ 14 فبراير 2006 بتنفيذ القانون رقم 80.03 المحدث بموجبه محاكم استئناف ادارية منشور بالجريدة الرسمية عدد 5398 صادرة بتاريخ 23 فبراير 2006.
15 عبد الكريم الطالب ،التنظيم القضائي، صفحة 74
16 محمد جلال السعيد ، المدخل لدراسة القانون ،مرجع سابق ، صفحة 377
17 ظهير شريف رقم 1.59.413صادر في 28 جمادى الثانية نونبر 1382 الموافق ل 26 نونبر 1962 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2640 مكرربتاريخ 5 يونيو 1963 صفحة 1253
18 ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 رجب1423 موافق 03 اكتوبر 2002 بتنفيذ القانون رقم 22.01جريدة رسمية عدد 5078صادرة بتاريخ 30يناير 2003 صفحة 315
بعنوان : وهبي يحدث 13 مركزا قضائيا HESPRESS.COM19 انظر الرباط الالكتروني المغربي التالي :
20 للمزيد حول اختصاصات المحكمة الدستورية: انظر الظهير الشريف رقم 1.14.139 صادر في 13 غشت 2014 بتنقيد القانون التنظيمي
رقم 066,13 المتعلق بالمحكمة الدستورية. الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6288الصادرة بتاريخ 4 شتنبر 2014 صفحة 6661

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -