مقال بعنوان: المقال الافتتاحي في قانون المسطرة المدنية المغربي
مقدمة
يعتبر حق التقاضي أساسا مكفولا لجميع أفراد المجتمع مواطنين وأجانب، وإن كان الهدف الأساسي من وجود القانون هو المحافظة على حقوق وحريات الأفراد والجماعات داخل المجتمع، درءا لأي فوضى وعدم الإستقرار في حالة ما إذا حاول كل فرد أعتدي عليه استرجاع حقه بنفسه، فإن الدولة ملقاة على عاتقها توفير جهاز قضائي قادر على فض النزاعات بين المتقاضين بكيفية عادلة تستمد مشروعيتها من القانون.
ونظرا لأهمية حق التقاضي في المجتمع، فقد نصت عليه أغلب المواثيق الدولية والدساتير، ومن بينها الدستور المغربي المراجع لسنة 2011، حيث جاء في الفصل 118 على أن "حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون".
وما دام ممنوعا على الأفراد أخد حقوقهم بأنفسهم بعيدا عن القضاء، فإن القانون أتاح وسيلة رفع الدعوى أمام القضاء والتي تعد أداة قانونية للحصول على الحماية القضائية وتقرير الحق الذي يدعيه الشخص أو لحماية مركزه القانوني الذي اعتدي عليه، وهي تخضع لإجراءات قانونية حددها المشرع يتعين على الأطراف احترامها.
وكما هو معلوم قانونا، بأن رفع الدعوى أمام المحكمة تمر بعدة مراحل تبتدئ بمقال افتتاحي مكتوب وتنتهي بصدور حكم نهائي عن المحكمة، غير أنه سنقتصر في هذا البحث على المرحلة الأولى لرفع الدعوى التي تتم بمقال افتتاحي، أو قد يكون في شكل طلب إضافي يقدم أثناء النظر في الدعوى، وهذا هو الأصل والقاعدة.
ونظرا لأهمية المقال الإفتتاحي من الناحية القانونية من حيث صحة رفع الدعوى، وبالتالي الحصول على الحق الذي من أجله رفع المتقاضي الدعوى، سنحاول معالجة الموضوع عن طريق الإجابة على الأسئلة التالية:
§ ما مفهوم المقال الإفتتاحي؟
§ ماهي الشروط التي يجب توفرها في المقال الإفتتاحي؟
§ وكيف يتم تقديمه أمام المحاكم؟
وللإجابة على هذه الأسئلة سيتم إعتماد التصميم التالي:
المبحث الأول: ماهية المقال الإفتتاحي وشروط صاحب المقال
المبحث الثاني: أشكال المقال الإفتتاحي وعناصره
المبحث الأول: ماهية المقال الإفتتاحي
ومن أجل الخوض في ماهية المقال الافتتاحي سنتطرق لها على مرحلتين، الأولى سنطلع فيها على مفهوم المقال الافتتاحي (مطلب أول) والثانية سنتعرف فيها على الشروط الواجب توفرها في هذا المقال (مطلب ثاني).
المطلب الأول: مفهوم المقال الإفتتاحي وتمييزه عن باقي الطلبات
فقرة أولى: تعريف المقال الإفتتاحي للدعوى
يمكن تعريف المقال الإفتتاحي للدعوى بأنه تلك الأداة أو الوسيلة القانونية التي يمارس بها المدعي اتجاه المدعي عليه حقه من أجل تحريك الدعوى بسبب الضرر الذي لحقه، وفق شروط واضحة. إلا أن المشرع لم يعرف المقال الإفتتاحي في قانون المسطرة المدنية، وإنما اقتصر على ذكر مجموعة من العناصر والبيانات التي يجب أن تتوفر فيه على سبيل الحصر، وذلك من خلال المادة 32 من قانون المسطرة المدنية والتي جاء فيها مايلي:
"يجب أن يتضمن المقال أو المحضر الأسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعى عليه والمدعي وكذا عند الإقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي، وإذا كان أحد الأطراف شركة وجب أن يتضمن المقال أو المحضر إسمها ونوعها ومركزها.
يجب أن يبين بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الإقتضاء مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي يثبث فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها.
إذا قدم الطلب بمقال مكتوب ضد عدة مدعى عليهم وجب على المدعي أن يرفق المقال بعدد من النسخ مساو لعدد الخصوم".
وحسب المادة 31 من قانون المسطرة المدنية يشترط أ، يكون المقال الإفتتاحي مكتوبا وموقعا عليه من قبل المدعي أو وكيله، إلا أنه يرد على هذا الشرط استثناء في قضاء القرب والإستعجال وما جاءت به المادة 45 من قانون المسطرة المدنية .
الفقرة الثانية: تمييز المقال الإفتتاحي عن باقي الطلبات الأخرى
- تمييز المقال الإفتتاحي عن الطلب الإستعجالي
استعمل المشرع لفظ " طلب" بدل "مقال" الوارد بالفصل 148 من والفصل 150 من ق م م دون منع أن يقدم الطلب إما شفويا أمام الرئيس أو في شكل مقال مكتوب يتضمن القواعد العامة المنصوص عليها في رفع الدعوى.
لكن الطلب (أو المقال) في حالة الإستعجال يتميز بكونه يمكن أن يسلم إلى رئيس المحكمة في مقر إقامته، أو يودع لدى كتابة الضبط للمحكمة الإبتدائية دون تقييد الطلب في السجل المخصص لذلك أو لرئيس المحكمة مباشرة في مكتبه[1].
- تمييز المقال الإفتتاحي عن المقالات الإضافية
يتميز المقال الإفتتاحي بأنه طلب أصلي، أما الطلبات الإضافية فهي طلبات تكميلية تقدم أثناء النظر في الدعوى إما من تلقاء الطرف المدعي بقصد التأكيد على الطلب الأصلي الذي افتتحت به المنازعة القضائية، أو بهذف تدارك مافاته من وقائع وأسباب وأسس مفيدة في حصوله على حقه، أو يأمر من القاضي للإستيضاح في موضوع الدعوى.
ولما كان الطلب الإضافي طلبا جديدا يتقدم به المدعي لتصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه أو تكميل نقصه أو إضافة أو تغيير سببه، فإنه من اللازم لقبوله أن يتضمن الشروط اللازمة لإفتتاح الدعوى في شكل مكتوب أو في صورة تصريح شفوي يدلي به المدعي أو وكيله[2].
- تمييز المقال الإفتتاحي عن المقال المضاد أو الجوابي
يتميز الطلب المضاد بكونه يصدر عن الطرف المدعى عليه كجواب مقابل المقال الإفتتاحي، وبمجرد تقديم هذا الطلب تتغير صفة كل طرف من أطراف الدعوى فيصبح المدعى عليه مدعيا، مما يؤثر على قواعد الإثبات وكمن يقع عليه عبئها. ويلزم في المقال المضاد نفس الشروط المطلوبة في المقال الإفتتاحي، إضافة إلى أن المقال الإفتتاحي والمقال المضاد يختلفان مع الدفع الذي لايستوجب لهذه الشروط، وإنما يقتصر على دفع إدعاء المدعي وإبقاءه لمركز الطرفين على حالهما دون تغيير[3].
المطلب الثاني: الشروط الواجب توافرها في صاحب المقال
عندما يقدم المتقاضي على رفع الدعوى بمقال إقتتاحي يتقدم به موكله أمام المحكمة يجب أن تتوفر فيه شروط نص عليها الفصل الأول من ق م م الذي جاء فيه" لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهليه والمصلحة لإثبات حقوقه، إذا من أجل قبول الدعوى فلا بد من توافر الأهلية والصفة والمصلحة في صاحب المقال الإفتتاحي.
الفقرة الأولى: الأهلية
بالنسبة إلى الأهلية فقد نص المشرع في مدونة الأسرة في المادة 210 كل شخص بلغ سن الرشد ولم يتبت سبب من أسباب نقصان أهليته أو إنعدامها يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه وتحمل إلتزاماته."ويدخل التقاضي ضمن التصرفات التي تدور بين النفع والضرر إد يحتمل ربح أو خسارة المتقاضي ومن تم كان لازما أن يتوافر كل من أراد التداعي أمام القضاء على الأهلية الكاملة، أما إذا كان قاصر سواء لنقصان في الأهلية كالصغير المميز والسفيه[4]، أو لفقدانها شأن الصغير غير المميز والمجنون[5].فلا بد من رفع الدعوى من طرف نائبه القانوني أو الشرعي. والنيابة الشرعية كما تنص عليها المادة 229 من مدون الأسرة إما ولاية أو وصاية أو تقديم .
وقد بين الفصل 230 من نفس القانون أصحاب النيابة الشرعية على الشكل الآتي:
1) الولي وهو الأب والأم والقاضي؛
2) الوصيوهو وصي الأب أو وصي الأم؛
3) المقدم وهو الذي يعينه القضاء.
وإذا كان النائب هو الذي باشر الدعوى نيابة على المندوب أو المولى عليه. فإن ذلك يستوجب البحت في مدى إمكانية القاضي المطالبة بما يتبت النيابة المذكورة.
على أن القانون يسمح للقاصر أن يتقاضى شخصيا ودون حاجة إلى نائبه القانوني. بل ويمكنه أن يرفع الدعوى في مواجهة هذا النائب نفسه، وهذا ما يستفاد من المادة 218 من مدونة الاسرة في الفقرة الثالتة التي جاء فيها " إذا بلغ القاصر السادسة عشر من عمره. جاز أن يطلب من المحكمة ترشيده يمكن للنائب الشرعي أن يطلب من المحكمة ترشيد القاصر الذي بلغ السن المذكور أعلاه إذا أنس منه الرشد"
أما في ما يتعلق بأهلية الأشخاص المعنوية أو الإعتبارية، فتنبني على التمثيل القانوني، إذ تكون "الأهلية" متوفرة متى تم رفع الدعوى من قبل من يمتل الشخص المعنوي قانونا كالمدير أو رئيس المجلس الإداري بالنسبة للشركات وكالعامل بالنسبة للجهة والعمالة أو الإقليم، ورئيس المجلس الجماعي بخصوص الجماعة.[6]
الفقرة الثانية: الصفة والمصلحة.
يدمج معظم الفقه الصفة في المصلحة على أساس أنه في الغالب ما يكون صاحب المصلحة هو نفسه صاحب الصفة في رفع الدعوى نظرا لتمتعه بالأهلية الكاملة لكن أحيانا تختلف المصلحة عن الصفة ويظهر الفرق بينهما بوضوح في الدعاوى التي ترفعها الأشخاص المعنوية، إد أن صاحب المصلحة هو الشخص المعنوي أما صاحب الصفة فهو ممثل هذا الشخص.[7]
أما فيما يتعلق بالمصلحة فمن المبادئ المستقرة في مجال التقاضي ألا دعوى بغير مصلحة.
فالمصلحة هي مبرر وجود الدعوى بالنسبة لصاحبها والمصلحة في الدعوى هي المنفعة التي يمكن أن يحصل عليها رافعها في حالة إجابته إلى طلبه .لهذا وجب أن يكون لرافع الدعوى مصلحة في رفعها سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا.
ولقد إعتبر المجلس الأعلى في قرار صدر عنه بتاريخ 1999/05/20 أن شرط المصلحة لازما لقبول الدعوى وصحتها حيث جاء فيها ما يلي:" حيث أنه بناء على الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية فإن من شروط قبول الدعوى توفر شرط المصلحة(...)
.....فضلا عن ما تقدم فإنه لا دعوى بلا مصلحة وأن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الطلب فلا مصلحة للمستأنفين الذين يمثلهم الوكيل القضائي للمملكة في الحكم المذكور"[8]
ويشترط في المصلحة أن تكون قانونية وشخصية ومباشرة أي أن يبرر الطالب أن له مصلحة شخصية ومباشرة في الدعوى ولا يقبل أن يطالب بحق الغير ولو كان حق أبيه أو أخيه مالم يكن نابا عن هذا الغير. إضافة إلى أنها يجب أن تكون قائمة وحالة,بمعنى أن تكون المصلحة موجودة وقت رفع الدعوى فإذا طالب دائن بدين له على المدين دون أن يكون هذا الدين معلقا على شرط ولا مقترنا بأجل كانت المصلحة قائمة وحالة[9]
وينادي البعض بقبول دعوى وإن كانت المصلحة محتملة ذلك أن في بعض الدعاوى لا ترفع إلا خلال فترة قصيرة يفوت بفواتها الحق في الطعن إذا انتظر رافع الدعوى حتى تصبح مصلحة محققة لدعوى الإلغاء[10].
المبحث الثاني: أشكال المقال الإفتتاحي وعناصره
المطلب الأول: طريق المقال الكتابي
يعتبر المقال المكتوب الطريقة العادية التي تستعمل في أغلب الدعاوى، حيث ينص الفصل 31 ق م م على أنه " ترفع الدعوى إلى المحكمة الإبتدائية بمقال مكتوب ....."أما فيما يتعلق بكيفية تحضيره يجب أن يتم وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 32 ق م م وهي كالتالي:
الفقرة الأولى: بيان هوية أطراف الدعوى وموضوعها وسببها
أوجب المشرع توضيح أطراف الدعوى وموضوعها بشكل واضح وذلك بالتقيد بما جاء في المادة 32 ق م م حيث نصت على أن" يجب يتضمن المقال أو او المحضر الأسماء العائلية والشخصية وصفة أومهنة وموطن أو محل إقامة المدعى عليه والمدعي وكدا وجب أن يتضمن المقال أو المحضر إسمها ونوعها ومركزها.
ويجب أن يبين بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الإقتضاء مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي يتبت فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها.
وإذا قدم الطلب بمقال مكتوب ضد عدة مدعى عليهم وجب على المدعي أن يرفق المقال بعدد من النسخ مساو لعدد الخصوم.
يطلب القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية عند الإقتضاء تحديد البيانات غير التامة أو التي وقع إغفالها.
فطبقا لهذا الفصل يجب أن يحتوي المقال الإفتتاحي على أسماء الأطراف هذا ما أكده قرار صادر عن المجلس الأعلى حيث اعتبر المقال الخالي من إسم المدعي وعنوانه يعتبر مخالف للقانون (الحكم عدد 354 تاريخ 1974 /12/18 )
كما جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 07/6/21 تحت عدد 1386 في ملف عدد 05/1124 أن عدم تضمين مقال الدعوى موطن أو محل إقامة المدعي، يقتضي عدم قبوله عملا بمقتضيات الفصل 32ق م م[11]
بالإضافة إلى أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي،وإذا كان هذا الأخير شركة وجب أن يتضمن المقال إسمها وعنوانها ومركزها وممتلها القانوني.
كما يجب أن يبين في المقال موضوع الدعوة الوقائع والوسائل القانونية المثارة. وكذلك المستنتجات حتى يتمكن القاضي من معرفة ما يريد صاحب الطلب؟
وقد صرحت الغرفة الإدارية بعدم قبول دعوى الإلغاء المرفوعة من لدن "بوليل عمار" ضد وزر التعليم. لكون العريضة قدمت خالية من وقائع القضية ووسائل الطعن القانونية المراد توجيهها إلى القرار المراد إلغاؤه" الحكم عدد 21 بتاريخ 1977/01/26 .[12]
أما بالنسبة للمدعى عليه فيجب تحديد صفته في الدعوى اعتبارا على أن الدعوى لا ترفع كذلك إلا على صفة. ومن أمثلة ذلك أن الفصل 514 ق م م أوجب إدخال العون القضائي للمحكمة في الدعوى الرامية إلى التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أومكتب أو مؤسسة عمومية للدولة على أن لا تكون لهذه القضايا علاقة بالضرائب و الأملاك المخزنية. وإلا كانت غير مقبولة. وعدم القبول هنا ينصب على الدعوى من حيث الشكل فقط.لأنه بعدم إدخال العون القضائي تكون الدعوى قد وجهت ضد غير ذي صفة.[13]
وفي حالة تعدد المدعى عليهم عند تقديم الطلب وجب على المدعي أن يرفق المقال بعدد من النسخ مساو لعدد الخصوم.
الفقرة الثانية: إمضاء المقال وإرفاقه بالمستندات والحجج.
إذا كانت القاعدة العامة أمام المحاكم هي رفع الدعوى بمقال مكتوب فإن ذلك يستلزم أن يكون موقع من قبل المدعي أو من ينوب عنه سواء كان هذا الأخير محاميا أو نائبا عاديا.
أما بخصوص القضايا التي ترفع أمام المحاكم الإذارية حسب المادة 3 من قانون المحاكم الإدرية .فهي ترفع بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب وبهذا يمكن القول بأن المؤازرة بمحام ضرورية ولا يمكن الإستغناء عنه.
وقد أكد المجلس الأعلى على أن العريضة الخالية من توقيع محام مقبول للترافع،يؤدي إلى التشطيب على الملف من غير إستدعاء الأطراف (حكم عدد 64 تاريخ 1992/02/20 )
فإذا ماتم إغفال إمضاء المقال فالفقرة الأخيرة من فصل 32 ق م م أعطت الحق للمحكمة أن تطالب المدعي بتوقيع مقاله .وهذا ما جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ00/6/7 تحت عدد 2404 في الملف عدد99/64 .[14]
"إن مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 32 ق م م تعطي للقاضي أن يطلب عند الإقتضاء تحديد البيانات التامة أو التي وقع إغفالها، وأن المحكمة حينما صرحت بعدم قبول الاستئناف بعلة عدم توقيع المقال. دون أن تطالب المستأنف بتدارك هذا الإ غفال وتنذره بتوقيع مقاله قبل أن تبت في القضية تكون قد عرضت قرارها للنقض"
ونفس المادة نصت 32 ق م م على أن يرفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الإقتضاء مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي يثبت فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها،وتبقى للقضاء السلطة التقديرية في إعتمادها وكفايتها لتدعيم أسباب الطلب أو المقال.
ويجب تأدية الرسوم القضائية، أو الإدلاء مع مقاله بقرار منح المدعي المساعدة القضائية مالم تكن الدعوى يسمح القانون بتقييدها مجانا، أو مما تعتبر المساعدة القضائية ممنوحة فيها بحكم القانون.[15]
المطلب التاني:الطريق الشفوي للمقال والمسطرة الإدارية
الفقرة الاولى: المقال الشفوي أمام قضاء القرب
ترفع الدعوى إلى قاضي القرب بمقال مكتوب من طرف صاحبه،أو بواسطة تصريح شفوي يتلقاه كاتب الضبط (المادة 11 الفقرة 1) ويسجله في محضر مخصص لهذه الغاية يتضمن موضوع الدعوى والأسباب المثارة وعنوان الطرفين وتسهيلا على المتقاضين فقد هيأت وزارة العدل، نمودج موضحة فيه كل البيانات المتطلبة يملاه كاتب الضبط ويقرأه على المدعي بعده ويسلمه نسخة منه.[16]
كما جاء في المادة 6 من القانون المنظم لقضاء القرب 42 .10 "تكون المسطرة أمام أقسام قضاء القرب شفوية ومجانية ومعفاة من الرسوم القضائية"
حيث أن المادة استتنت قضاء القرب من كتابة مقال مكتوب وتم اقتصار على تصريح المدعي أمام عون كتابة الضبط الذي يحرره في محضر .
وقد استتنى المشرع من شكلية كتابة المقال الإفتتاحي في الفصل45من ق م م حيث جاء في الفقرة الأخيرة " غير أن المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية:
· القضايا التي تختص المحاكم فيها ابتدائيا وانتهائيا
· قضايا النفقة والتطليق والطلاق
· قضايا الاجتماعية
· قضايا استيفاء ومراجعة الوجيبة الكرائية
· قضايا الحالة المدنية
فكل هذه القضايا تكون الدعوى فيها عن طريق تصريح شفوي أمام عون كتابة الضبط للأن المشرع أعطى لها إهتمام نظرا لخصوصيتها.
ومع أن الكتابة شرط شكلي لرفع الدعوى، فإن المشرع أورد بعض الإستتناءات التي لا يلتزم فيها رافع الدعوى بمقتضيات فصل 31 ق م م المعدل في 3 فبراير 2004 ولو قمنا بمقارنة بسيطة بين ما جاء في المادة 31 من قانون المحاماة الذي نص على " أن المحامون المقيدون بجدول هيئات المحامين بالمملكة هم وحدهم المؤهلون في نطاق تمثيل الأطراف ومؤازرتهم لتقديم المقالات والمستنتجات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا باستتناء القضايا الجنائية وقضايا النفقة أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية والقضايا التي تختص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا".[17]
الفقرة الثانية: المسطرة الادارية
إضافة إلى الطريق العادي لتقديم الطلب المتمثل في المقال الكتابي والتصريح، فإن هناك طريقا آخر لتقديم الطلب وهو الطلب الاداري، غير أن هذا الطريق قليل مقارنة مع الطريق الأول، لأن الأصل هو أن لا تبسط المحكمة ولايتها على النزاع إلا عن طريق تقديم المقال الافتتاحي للدعوى وأداء الرسوم القضائية عنه، غير أن المشرع قد نص على مسطرة خاصة هي المسطرة الإدارية فيما يرجع لنزاعات التحفيظ العقاري.
فقد منح المحافظ العقاري وبعض الجهات الادارية الأخرى حق تلقي التعرضات على طلبات التحفيظ ، وهي تعرضات لا تبت فيها إلا المحاكم الابتدائية، ولكن أمر رفع النزاع إليها جعله المشرع من اختصاص المحافظ العقاري الذي يعمد بعد إنصرام الآجال القانونية للتعرض إلى إحالته على المحكمة المختصة.
وهكذا يمكن تحريك الدعوى المدنية بصفة رسمية عند إيداع المقال الافتتاحي بالمحكمة وأداء واجبات هذا الإيداع، إثر ذلك يقوم كاتب الضبط في سجل معد لهذا الغرض حسب الترتيب التسلسلي لتلقيها وتاريخها، مع الإشارة إلى أسماء الأطراف وكذا تاريخ الاستدعاء.
وبمجرد تقييد المقال يعين رئيس المحكمة بحسب الأحوال قاضيا مقررا أو قاضيا مكلفا بالقضية للتحقيق في الدعوى[18].
---------------------------------------------------
هوامش:
[1] _ ذ. حسن الرميلي، مؤسسة الرئيس: الإختصاص والمساطر الخاصة بالاستعجال، ص: 36.
[2] _ عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، طبعة 2012 ، مطبعة الوراقة الوطنية، ص: 206 و207 .
[3] _ عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، ص:
[4] المادة 213 من مدونة الأسرة
[5] المادة 217 من مدونة الأسرة
[6] عبد الكريم الطاب مرجع سابق ص 162
[7] ثوريا العيوني.القضاء الإداري ورقابته على أعمال الإدارة ط 2005 ص138
[8] الملف الإداري عدد 99/15/216 القرار رقم 620 منشور بمجلة الاشعاع عدد 23 يونيو 2001 ص 216
[9] عبد الكريم الطالب مرجع سابق
[10] ثوريا العيوني مرجع سابق
[11] حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 07/6/21 تحت عدد1386 في الملف عدد 05/33 منشور بكتاب قاون المسطرة والعمل القضائي المغربي ص 76
[12] عبدالله حداد,تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي ،منشورات عكاظ ص 65
[13] عبد اللطيف البغيل، الشامل في قانون الخاص المغربي الجزء الأول ط 2005 ص 250
[14] قرار منشور في كتاب قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي ،محمد بفقير
[15] عبد اللطيف البغيل مرجع سابق
[16] عبد العزيز توفيق موسوعة قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي، المكتبة القانونية ط2012 ص 26
[17] عبد الكريم الطالب مرجع سابق
[18]- عبد اللطيف البغيلي، مرجع سابق، ص: 253.