مقال بعنوان: الشـــرطـــة الاداريـة بالمغـــرب بين تحقيق المصلحة العامة و حماية حقوق الأفراد

الفقرة الأولى : الشرطة الإدارية على المستوى الوطني .
بالمغرب وعلى المستوى الوطني، سلطات الضبط الإداري معهود بها للملك حسب رأي بعض الباحثين (اولا) ثم رئيس الحكومة الفقرة الثانية والوزراء ( ثانيا ) .
أولا : جلالة الــمـلــك .
وهناك من اعتبر صاحب الجلالة سلطة ضبط إداري على وجه الدوام والاستمرار باعتباره أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة، وهي مقتضيات أصبحت نسبية بالرجوع لمقتضيات الفصول 41 و 42 من دستور 2011، التي عملت على إعادة تحديد اختصاصات ومهام المؤسسة الملكية في اتجاه تقوية موقع رئيس الحكومة بهذا الخصوص [2]، نفس التوجه زكاه الدستور الجديد 2011 بتأكيده في الفقرة الأولى من الفصل 90 بأنه” يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية ويمكن أن يفوض بعض سلطه للوزراء.
أما في حالة الاستثناء فالملك بصفته الممارس الفعلي لجميع السلطات التشريعية القضائية والتنفيذية وتأسيسا على السلطة التنظيمية التي ينفرد بمزاولتها تصبح له سلطة الضبط الإداري ، لأنه يصبح السلطة الإدارية العليا والوحيدة في مثل تلك الظروف وفق الفصل 35 من دستور 1996 والفصل 59 من دستور 2011[3] .
وهناك من اعتبر أن الملك يمارس السلطة التنظيمية في العديد من الميادين حسب الدستور الحالي ، مع إمكانية تفويض هذه السلطة لرئيس الحكومة بالنظر إلى جملة الاختصاصات المسندة له في المجال التنفيذي، كالحق في تعيين رئيس الحكومة. وإعفاءه رئاسة المجلس الوزاري، وفي المجال العسكري والأمني يعتبر الملك القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية الأمر الذي يجعله المنفرد الوحيد بشؤون الدفاع عن حوزة الدولة، كما يرأس الملك، المجلس الأعلى للأمن بصفته هيئة للتشاور في قضايا الدفاع عن أمن الدولة داخليا وخارجيا كما أنه سيكون المسؤول عن تنفيذ مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة على المستوى الأمني[4]، فماذا عن الطبيعة القانونية لقرارات الملك في المجال الإداري إذا اعتبرنا أن الملك سلطة ضبط إداري؟ .
إن الأهمية العملية لتحديد الطبيعة القانونية لهذه القرارات تكمن في معرفة إمكانية الطعن فيها من عدمها أمام القضاء الإداري رغم أن القرارات الملكية في المجال الإداري أصبحت نسبيا قليلة في الظروف العادية ما دام أن السلطة التنظيمية أصبحت من اختصاصات رئيس الحكومة حصريا والإدارة وضعت تحت تصرف هذا الأخير، إلا أن السؤال يبقى مطروحا في حالة الأزمات، هل من المحتمل أن يتخذ الملك قرارات إدارية ؟ [5 ]
وهكذا جاء جواب الاجتهاد القضائي والفقهي بالأجوبة التالية :
بالنسبة للاجتهاد القضائي فقد رفض كل تشبيه للظهائر الملكية بغيرها من القرارات الإدارية منذ أول حكم يخص هذه القرارات الصادر في 30 أبريل 1959 بخصوص الفدرالية الوطنية لنقابات النقل الطرقي بالمغرب[6] ، ويبدو أن المجلس الأعلى لم يأخذ بعين الاعتبار إلا المعيار الشكلي، إذ اعتمد أساسا على صفة صاحب القرار مستبعدا طبيعة القرار وتجاهل المعيار الموضوعي الذي يعطي أهمية لمضمون الظهير، وللتأكيد على هذا الموقف فقد صرح الرئيس الأول للمجلس الأعلى السيد أحمد باحنيني “الحصانة واجبة للظهائر الشريفة لكل مقرر ملكي سواء كان ذا صبغة تنظيمية أو فردية”، وذلك في افتتاح السنة القضائية1970 -1971 .
واستنتاجا على ما سبق، وانطلاقا من هذا الحكم، وما تبعه من أحكام، حول نفس الموضوع، فإن السبب الرئيسي في إطار رفض تشبيه القرارات الملكية بالقرارات الإدارية الأخرى هو أن جلالة الملك الذي يمارس اختصاصاته الدستورية بوصفه أميرا للمؤمنين طبقا للفصل 19 من الدستور لا يمكن اعتباره سلطة إدارية وبالتالي إخضاع أعماله الإدارية لمبدأ المشروعية، والسلطة الإدارية تؤخذ بالمفهوم الذي حدده الفصل الأول من ظهير 1957/9/27 .
أما فيما يخص موقف الغرفة الدستورية لدى المجلس الأعلى فهي لم تحدد الطبيعة القانونية للظهائر بل اقتصرت في بعض قراراتها، بإبعاد اختصاصات الملك بحجة أن صلاحيات الملك هي أوسع من ذلك ولا يشملها لا المجال التشريعي ولا المجال التنظيمي.[7]
وتطرق فقهاء القانون الدستوري للإشكالية نفسها، حيث انقسم أصحاب الاجتهاد الفقهي إلى تيارين في تحديد الطبيعة القانونية للقرارات الملكية، وهكذا فالمدافعون منهم على تحصين الظهائر اعتمدوا على الفصل 19 الذي يعتبر الملك أمير المؤمنين وسلطة عليا للبلد، وكنتيجة لذلك تبقى السلطات الأخرى تابعة له بل منبثقة عنه، بدءا بالسلطة القضائية التي لا يمكنها، بأي حال من الأحوال أن تراقب الملك لكونه كبير القضاة أو “قاضي القضاة، على خلاف هذا التيار هناك مجموعة من فقهاء القانون الدستوري، تدافع عن طرح ما معناه، اعتبار الملك سلطة إدارية في كل مرة اتخذ قرارات إدارية، ويعلل هؤلاء موقفهم هذا بأن الدستور لا يحتوي على فصل واحد ينص صراحة على أن الوزير الأول سلطة إدارية، ورغم ذلك فهو يعتبر كذلك من خلال صلاحياته وطبيعة قراراته وقابلية هذه الأخيرة للطعن أمام القضاء الإداري سواء عبر دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة أو دعوى التعويض [8] .
وبدورها التزمت المحاكم الإدارية بالسياسة القضائية لمحكمة النقض[9]، فقد قضت المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ، 17 يوليوز 2002، بأن القرارات الملكية غير قابلة للطعن بالإلغاء حتى ولو صدرت عن من فوض له جلالة الملك سلطة اتخاذها ، كما قضت المحكمة الإدارية بالرباط بنفس الشيء بتاريخ 6 يناير 1998 [10] .
للإشارة فهذا الجدال لم يعد له معنى سوى ما يمكن أن ننعته بالاستهلاك أو الترف الفكري، فدستور 2011 قد منح السلطة الإدارية حصريا لرئيس الحكومة ووضع الإدارة تحت تصرفه، بل أولى من ذلك استفاد هذا الأخير بالتفويض الملكي في مجموعة من التعيينات .
ثانيا : رئيس الحكومة .
فرئيس الحكومة يمارسن السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء وعلى اعتبار أن ممارسة الشرطة الإدارية تندرج في إطار ممارسة السلطة التنظيمية، فإنه تبعا لذلك يعتبر رئيس الحكومة سلطة للشرطة الإدارية، كما يمكن تفويض ممارسة بعض سلطه في مجال الشرطة الإدارية إلى الوزراء[14]، ذلك أن الوزراء يتولون كجهاز حكومي تنفيذ القوانين تحت مسؤولية رئيس الحكومة، وذلك عملا بما جاء في الفصل 88 من دستور 2011 [15].
يقصد بالسلطة التنظيمية سلطة إصدار مراسيم تنظيمية، واتخاذ قرارات تنفيذية ذات طابع عام، وهي مراسيم بالنسبة إلى موضوعها قد تكون فردية اسمية تتعلق بشخص أو أكثر بأسمائهم، وقد تكون تنظيمية تتضمن أحكاما عامة تتعلق بفئات غير محددة من السكان أو جميعهم . [16 ] .
ويقصد بها أيضا السلطة التنظيمية أو سلطة التنظيم، تلك السلطة التي تعترف لصاحبها بحق اتخاذ التدابير العامة الضرورية لتنفيذ القوانين وحسن سير المرافق العمومية وأيضا تدبير الشؤون العامة من محافظة على الأمن والنظام العام والشرطة الإدارية، وهي اختصاص دستوري معترف به لرئيس الحكومة يمارسه بواسطة مراسيم .
وتتخذ السلطة التنظيمية صورتين أساسيتين: فهي إما سلطة تنظيمية تنفيذية[17]، ترتبط أساسا بمهمة تنفيذ القوانين أو سلطة تنظيمية مستقلة عن تنفيذ التشريعات وتهم مجموع التدابير التي يتخذها رئيس الحكومة في المجال الخارج عن اختصاص القانون[18] .
ويمارس رئيس الحكومة سلطة الضبط في ميدان الشرطة الخاصة[19]، من خلال ما يتخذه من قرارات تنظيمية أو تدابير فردية التي يجب على الإدارة العمل على احترامها وتنفيذها بقصد الحفاظ على النظام العام، بمدلولاته المتعارف عليها، غير أن رئيس الحكومة لا يتمتع بسلطة مطلقة خلال ممارسته لاختصاصاته في مجال الشرطة الإدارية ذلك أن المراسيم التنظيمية التي تصدر عنه لابد من عرضها على المجلس الوزاري قبل البث فيها طبقا للمقتضيات الواردة في المادة 48 من الدستور [20] .
وفي التشريعات المقارنة وفي فرنسا فقد عهد الدستور الفرنسي لعام 1958 لرئيس الوزراء سلطة إصدار أنظمة الضبط، وذلك بموجب المادة 21 منه والتي نصت على أن يقود رئيس الوزراء عمل الحكومة وهو مسؤول عن الدفاع الوطني ويضمن تنفيذ القوانين وهو يمارس مع مراعاة المادة 34 السلطات اللائحية…، وبالتالي فإن لرئيس الوزراء بموجب النص المذكور الحق بإصدار أنظمة الضبط بشرط عدم التجاوز على ما ورد على النص المذكور في المادة 34 من الدستور الفرنسي. [21] .
ثالثا: الــــــــــــــــــــوزراء .
على الجماعات المحلية[27]، ولعل أهم ما يثير الانتباه في هذا الخصوص، أن وزير الداخلية لا يعتبر سلطة ضبط إداري عام على الرغم من إمكانية اعتباره السلطة الفعلية لمجموع موظفي الشرطة ، وعليه باستثناء وجود نصوص قانونية خاصة، فليس لوزير الداخلية إصدار تدابير الشرطة، وأنظمة عامة للضبط تطبق على مجموع التراب الوطني، فالأوامر الصادرة عنه والموجهة للولاة والعمال وفق سلطته التسلسلية لاتخاذ بعض تدابير الضبط الإداري، يتم ترجمتها من الناحية القانونية وكأنها صادرة عن العمال والولاة وكأنهم هم الذين أصدروا قرارات إدخالها حيز السريان .[28] .
ويمارس وزير التجهيز والنقل مهام الشرطة الإدارية في مجال النقل العمومي، كما يمارس وزير الصحة مهام الشرطة الإدارية في مجال المحافظة على الصحة العمومية والأمر نفسه بالنسبة لباقي الوزراء كل في مجال اختصاصه[29] .
وهنا لابد من الإشارة إلى أن التوجيهات الملكية التي قد تتضمنها خطاباته أو رئاسته الاجتماعات مجلس الوزراء والتي تكون مرتبطة ببعض مجالات الشرطة الإدارية، تكون الحكومة وعلى رأسها الوزير الأول سابقا(رئيس الحكومة حاليا) ملزمة باتخاذ التدابير الضرورية لتطبيقها[30] .
ويتم ذلك بتضمين القانون إحالة مباشرة للوزير لاتخاذ قرارات تنظيمية تطبيقية لذلك القانون، ويمكن أن يكون له هذا الاختصاص بإحالة من مرسوم تنفيذي، حيث يحيل الوزير الأول مسألة التفصيل في كيفية تطبيق المرسوم التنفيذي لقرارات وزارية أو قرارات وزارية مشتركة كما يمكن أن ينقل له الاختصاص بتفويض من الوزير الأول في مجال اختصاصه، مثلا في مجال حركة المرور وطبقا للمرسوم التنفيذي رقم 381.04 ، أعلاه، والقرار الوزيري المشترك المؤرخ في 10-06-2007 يحدد طرق وضع المهملات.
أما وزير الداخلية ، فلا يملك سلطة ضبط إداري بشكل مباشر، لكنه يملكها بطريق غير مباشر، على اعتبار أنه المسؤول الأعلى لجهاز الشرطة الذي يمارس وظائفه تحت سلطته عن طريق المديرية العامة للأمن الوطني، كما يستطيع اتخاذ قرارات ضبطية باعتباره الرئيس التسلسلي للولاة من خلال التعليمات والأوامر التي يوجهها لهؤلاء في جميع المجالات، ومنها مجال المحافظة على النظام العام والضبط الإداري بصفة عامة .
الفقرة الثانية : السلطة الإدارية المحلية :
اولا: الـــــــوالي العامل:
ونظام الولاية ادخل في تقسيمات تراب المملكة المغربية بمقتضی مرسوم رقم 2.81.853 بتاريخ 28 يونيو1981 [35]، وهكذا أحدثت مؤسسة الوالي منذ سنة 1981 على مستوى الدار البيضاء[36]، إلا أنه وإلى حدود سنة 2011 لم تكن تتوفر على إطار قانوني أو تنظيمي[37]، يحدد مهامها ومسؤوليتها على المستوى الجهوي[38] .
وهكذا ينص الفصل 145 من الدستور على ما يلي” يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات السلطة المركزية في الجماعات الترابية، يعمل الولاة والعمال باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون ، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية…الخ”.
ومن النصوص القانونية التي منحت للوالي اختصاصات لها علاقة بالشرطة الإدارية لا قانون المسطرة الجنائية[39]، بموجب المادة 28 منه ، في حالة الاستعجال ومن أجل المحافظة على أمن الدولة الداخلي والخارجي بممارسة بعض مهام الشرطة القضائية قصـد التثبت من الجرائم الماسة بأمن الدولة، وتسخير ضباط الشرطة القضائية لذلك بتنسيق مع النيابة العامة [40]، كذلك اختصاصات الولاة في مجال تسيير عمليات الإغاثة بوسائل برية في حالات الطائرات المعرضة للخطر[41] .
وبعيدا عن العلاقة بين الوالي والعامل، حيث أن عدم تحديد طبيعة العلاقة بين الوالي والعامل داخل الحيز الترابي للجهة يجعلنا أمام مجموعة كبيرة من مراكز القيادة في اتخاذ القرار المنتمين إلى نفس الهيئة داخل الجهة[42]،نتناول دور مؤسسة العامل في مجال الشرطة الإدارية العامة والخاصة على المستوى المحلي.
يمارس العامل داخل النفوذ الترابي للعمالة أو الإقليم الشرطة الإدارية العامة وذلك وفق ما جاء في ظهير 01 مارس1963 [43]، حيث تنص الفقرة الثانية من الفصل 29 منه “… ويعهد إلى العمال بالمحافظة على النظام، ويشرفون بالخصوص تحت سلطة وزير الداخلية على أعمال رؤساء الدوائر ورؤساء المقاطعات الحضرية والقروية كما يقومون بمراقبة الجماعات المحلية ضمن حدود الاختصاصات الحضرية والقروية، كما يقومون بمراقبة الجماعات المحلية ضمن حدود الاختصاصات المخولة إياهم “، وفي نفس السياق ينص الفصل 3 من الظهير بمثابة القانون رقم 1.75.168 الصادر في 25 صفر 1397 موافق ل 15 فبراير 1977 المتعلق باختصاصات العامل[44]على أنه يكلف العامل بالمحافظة على النظام في العمالة أو الإقليم ، ويجوز له استعمال القوات المساعدة وقوات الشرطة والاستعانة بالدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية طبق الشروط المحددة في القانون .
ويشرف بالخصــــــــوص تحت سلطـــــة وزير الداخليـــة عـــلى أعمـــال رؤساء الدوائــــر ورؤساء المقاطعات الحضرية والقروية الباشا والقائد [45]
وعليه من خلال هذه النصوص القانونية يلاحظ بأن العامل يتمتع بصلاحيات عديدة في مجال الشرطة الإدارية سواء منها العامة أو الخاصة، ما يخوله اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على النظام والأمن العامين داخل النفوذ الترابي للعمالة أو الإقليم.[46]
ومن أهم المجالات التي يمارس فيها العامل سلطات الشرطة الإدارية العامة، بواسطة اتخاذ قرارات تنظيمية عامة، يسري مفعولها على جميع تراب العمالة أو الإقليم وتستهدف جميع الأفراد القاطنين بترابها بدون استثناء يمكن ذكرها على سبيل الإشارة لا الحصر نذكر ما يلي :
1 ـ المحافظة على النظام العــــــــام بجميع تراب العمالــــــــــــة أو الإقليم[47]، وهـــــي من المهام التقليدية المسندة للعمال بموجب نصوص قانونية ومناشير وزارية[48]، وهي مهمة ثقيلة تتطلب التواجد اليومي في النفوذ الترابي التابع له، ويعتمد العامل في القيام بهذه المهام على جملة من الإدارات والأجهزة، منها على الخصوص الأجهزة الاستخباراتية والأمنية وتقارير رجال السلطة المستجمعة على صعيد قسم الشؤون العامة التابع له، وكذا ما يتعلق بالوشايات وما تخصه وسائل الإعلام من أخبار وتقارير. وقد وضعت الدولة رهن إشارة العامل جملة من الوسائل للحفاظ على الأمن العام داخل العمالة أو الإقليم على الخصوص استعمال القوات العمومية[49]، ويقصد بالقوات العمومية[50] كل من القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة من اجل التدخل لمواجهة القلاقل والاضطرابات كيفما كانت خطورتها، كما يتعين عليه اللجوء إلى الرؤساء الإقليمين بالنسبة لباقي الأجهزة الأمنية والعسكرية حيث يتم التدخل عند الضرورة في تنسيق تام بين كل الأجهزة الأمنية والعسكرية للقضاء على كل القلاقل كيفما كان نوعها[51]، وللعامل في هذا المجال صورتان من صور التدخل: الصورة الأولى : تدخل وقائي يرمي إلى تفادي ما من شأنه تكدير صفو الأمن والنظام أي اتخاذ تدابير الضبط الإداري اللازمة للمحافظة على النظام العام، الصورة الثانية: تدخل العامل كرجل شرطة قضائية وقد نصت على هذه الإمكانية المادة 28 من قانون المسطرة الجنائية، حيث يمكنه التدخل إذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة ماسة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، تقضي حالة استعجال أن يخبر الوكيل العام للملك المختص، وأن يتقيد بالوقت الذي تحدده المادة المذكورة لرفع يده عن القضية.[52] .
2-شرطة تسخير الأشخاص والممتلكات وتنظيم البلاد أثناء الحرب، ينظم هذه الشرطة ظهير 13 شتنبر 1938، والقرار الوزيري الصادر في 17 أبريل[53] 1939 والظهير المؤرخ في 22 يوليوز 1943 المتعلق بالتنظيم الاقتصادي للبلاد في حالة الحرب[54] ومقتضيات الفصل 5 من المرسوم رقم 2.63.436 بتاريخ 24 اکتوبر 1965 المتعلق بحق تسخير الأشخاص والممتلكات كالعربات والآليات لحاجيات البلاد. [55] .
3 ـ شرطة تنظيم العمالة أو الإقليم أثناء الكوارث الطبيعية، كالفيضانات الزلازل والحرائق…، ودعوة سكان العمالة أو الإقليم للتسجيل في اللوائح الانتخابية ودعوتهم للمساهمة في تكاليف عامة، اكتتاب مثلا والعمل على تنظيم إحصاء عام للسكان بالعمالة أو الإقليم باعتباره رئيس اللجنة الإقليمية للسكان طبقا للفصل 5 من المرسوم المؤرخ في 26 غشت 1966 هذا إضافة إلى اتخاذ قرارات تنظيمية عامة تهم تنظيم الحياة العامة بالعمالة أو الإقليم[56]، كما يمكن للعامل أن يتخذ قرارات فردية في حق شخص أو مجموعة من الأشخاص معروفين بذاتهم باتخاذ تدابير إجرائية لهدم بناء مخالف للقانون، أو طلب إخلاء بناية آيلة للسقوط من السكان… الخ [57]
كما يمارس العامل الشرطة الإدارية الخاصة في ميادين كثيرة طبقا للنصوص القانونية المحددة لها، وذلك باعتباره ممثلا للسلطة المركزية في العمالة أو الإقليم مما يخوله تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية وجميع المقررات الصادرة عن الحكومة الأمر الذي يعطيه صلاحيات واسعة وهامة يمكن التركيز على الأهم منها فيما يلي :
1- في المجال السياسي : يمارس العامل سلطات خاصة تتعلق بالميدان السياسي باعتباره المسؤول الرئيسي على المحافظة على النظام العام بتراب الإقليم أو العمالة وفق مقتضيات النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بهذا الميدان ومنها تنظيم نشاط الأفراد عن طريق فرض بعض القيود على ممارسة الحريات العامة، كمنع التجمعات والتجمهر والتظاهر[58] وتأسيس الجمعيات[59] والنقابات والأحزاب السياسية كلما اقتضت، ضرورة المحافظة على النظام العام[60]، وذلك أن للعامل دور في عملية التماس الإحسان العمومي[61]، كما يراقب عمليات تهريب اللاجئين والحدود وإقامة وتحركات الأجانب المقيمين بتراب العمالة أو الإقليم كما يسلم جوازات السفر العادية للمواطنين المقيمين بتراب العمالة أو الإقليم طبقا للتعليمات والمناشير الصادرة عن وزير الداخلية كالمنشورين رقم 10369 بتاريخ 1972/12/7 ورقم 22 بتاريخ[62]1973/01/02 ، وكذا جوازات سفر الحجاج المتوجهين إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج، تنظيم العمليات الانتخابية والاستفتاءات العامة [63] .
ـ شرطة الصيد وحمل السلاح الظاهر: يخول القانون في إطار الشرطة الخاصة للعامل تسليم رخص حمل السلاح الظاهر ورخص الصيد البري للأشخاص المتوفرين على الشروط اللازمة. [64] .
2 ـ شرطة المهن الحرة، تتطلب ممارسة بعض المهن الحرة كالطب الصيدلة والهندسة ترخيصا مسبقا من الكتابة العامة للحكومة حيث يضع المعني بالأمر طلبه مصحوبا بالوثائق اللازمة بمقر العمالة أو الإقليم “قسم الشؤون العامة” ويرفع هذا الطلب مشفوعا برأي العامل إلى الكتابة العامة للحكومة قصد الحصول على الترخيص المطلوب .
3 ـ الشرطة الاقتصادية، حيث أن تدابير الشرطة الإدارية في مراقبة أثمان السلع مهمة منوطة بالسلطة المحلية في شخص العامل أو من يمثله على سبيل الحصر-انظر المادة 110 من القانون التنظيمي للجماعات على اعتبار أن أسعار بعض السلع أو المنتوجات أو الخدمات التي تكتسي طابعا محليا والمحددة قائمتها بقرار لرئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض تحدد من لدن عمال العمالات والأقاليم المعنية بعد استطلاع رأي اللجنة الإقليمية تحدث لهذا الغرض من قبل العامل والتي تضم تحت رئاسته رؤساء المصالح الخارجية للقطاعات الوزارية المعنية بحرية تنظيم الأسعار والمنافسة وزجر مخالفات الغش.
كما يمارس العامل سلطة الشرطة الإدارية الخاصة في الميدان الفلاحي، حيث يتولى مثلا رئاسة اللجنة الإقليمية للاستثمار الفلاحي[65] طبقا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.69.25 بتاريخ 1969/7/25 المتعلق بمدونة الاستثمار الفلاحي ، وفيما يخص الملك الغابوي، وبصفته ممثلا للحكومة فإنه يتدخل لحماية الملك الغابوي إذا ما أصبح مهددا من طرف السكان المجاورين، كما يترأس عملية نشر إعلانات السمسارات الغابوية وإجراء البيوعات المنجزة وإمضاء المحاضر الخاصة بهاته العملية وفي نفس الوقت .
ـ يترأس المجلس الجهوي للقرض الفلاحي طبقا للظهير الشريف رقم 1.60.106 بتاريخ 25 جمادی الثانية 1381 موافق 4 دجنبر 1961 المتعلق بتنظيم القرض الفلاحي.
ـترأس اللجنة الإقليمية لتطبيق الإكراه البدني اتجاه مديني صندوق القرض الفلاحي والتعاونيات الفلاحية.
ـ إعطاء الترخيص باستعمال بعض المواد المسمومة لإبادة الأعشاب المضرة بالمزروعات طبقا لقرار المؤرخ في 1930/3/1 الخ [66] .
4 ـ شرطة البناء والتعمير:عملا بمقتضيات وأحكام القانون المتعلق بالبناء والتعمير رقم 90.12 [67] يمارس العامل الشرطة الإدارية في مجال البناء والتعمير، بحيث يأمر وفقا للفصل 68 بهدم بعض البنايات أو جميعها بطلب من رئيس المجلس المعني بالأمر أو من تلقاء نفسه، وبعد إيداع الشكوى المشار إليها في الفصل 66 التي يرفعها رئيس الجماعة المعنية بالأمر ضد مرتكب المخالفة إلى وكيل الملك، كما يأمر بهدم البناء من تلقاء نفسه رغم القواعد الإجرائية المقررة على نفقه مرتكب المخالفة، وذلك بناء على الفصل، 80 من القانون رقم 90.12 السالف الذكر [68] .
أما بالنسبة للتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وعملا بالقانون رقم 25.90 [69]، فالعامل يسلم الإذن بإحداث التجزئات العقارية إذا كان العقار المراد تجزئته يوجد في جماعتين أو عدة جماعات ويقوم أيضا وفقا للمادة 26 من القانون المذكور على نفقة صاحب التجزئة، تلقائيا بهدم البنايات المخالفة الوثائق المدلى بها لإحداث التجزئة، كما يصدر أمرا تلقائيا إما بطلب من رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية بوقف جميع أشكال التجهيز أو البناء المقصود منها إحداث التجزئة أو مجموعة سكنية دون الحصول على الإذن المطلوب، ويحدد له أجلا للقيام بذلك وإذا لم يمتثل صاحب التجزئة للأمر فله القيام بالمطلوب على نفقة المعني بالأمر وفق المادة17[70] .
5 ـ الشرطة الخاصة في مجال الشغل والنزاعات الاجتماعية: يعطي العامل الإذن بإغلاق المؤسسات بعدما يتوصل بجميع البيانات والمعطيات المالية حولها من طرف صاحب المؤسسة ، ويقرر في موضوع الإغلاق خلال ثلاثة أشهر بعد استشارة اللجنة الإقليمية وذلك طبقا لمقتضيات المرسوم الملكي رقم 66.314 الصادر في 10 غشت 1967 بمثابة قانون يتعلق باستمرار نشاط المقاولات الصناعية والتجارية وتسريح عمالها. [71] .
وتتعدد مجالات ممارسة العامل السلطــــات الشرطة الإدارية تبعا لمجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية من[72] هذه الاختصاصات والصلاحيــات ما أشارت إليها المادة 100 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14 حيث نصت على أنه :
يمارس رئيس مجلس الجماعة صلاحيات الشرطة الإدارية الجماعية باستثناء المواد التالية التي تخول بحكم هذا القانون التنظيمي إلى عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه:
1. المحافظة على النظام والأمن العمومي بتراب الجماعة.
2. تأسيس الجمعيات والتجمعات العمومية والصحافة.
3. الانتخابات و الاستفتاءات.
4. النقابات المهنية.
5. التشريع الخاص بالشغل ولا سيما النزاعات الاجتماعية.
6. المهن الحرة ورخص الثقة لسائقي سيارات الأجرة.
7. مراقبة احتلال الملك العمومي الجماعي .
8. تنظيم و مراقبة استيراد الأسلحة والذخائر والمتفجرات وترويجها وحملها وإيداعها وبيعها و كذا استعمالها .
9. مراقبة مضمون الإشهار بواسطة الإعلانات واللوحات والشعارات.
10. شرطة الصيد البحري.
11. جوازات السفر.
12. مراقبة الأثمان.
13. تنظيم الاتجار في المشروبات الكحولية الممزوجة بالكحول.
14. مراقبة الدعامات وغيرها من التسجيلات السمعية البصرية.
15. تسخير الأشخاص والممتلكات.
16. التنظيم العام للبلاد في حالة الحرب [73] .
ثانيا : رئيس الدائرة :
انطلاقا من مقتضيات هذا الفصل نلاحظ على أن المشرع لم يجعل من رئيس الدائرة سلطة تمارس اختصاصات خاصة بها، فهذا الأخير لا يمكنه أن يمارس أية سلطة في ميدان الشرطة الإدارية الجماعية، إلا تحت مراقبة وإشراف العامل .
وهذا ما تؤكده حتى العبارة الواردة في الفقرة الثانية من نفس الفصل والتي جاء فيها على أن رؤساء الدوائر: يسهرون تحت سلطة العامل. ومن الناحية العملية لم يلاحظ أن رئيس الدائرة اتخذ قرارات في ميدان الشرطة الإدارية بالمعنى الدقيق للكلمة على عكس الباشوات والقياد[76] .
ثالثا : الـــــباشا والقائد
رابعا : الإدارة المحلية المنتخبة :
تتوفر الجهات والجماعات الترابية الأخرى، في مجالات اختصاصاتها وداخل دائرتها الترابية على سلطة تنظيمية لممارسة صلاحياتها .
يؤسس هذا الفصل لمقتضى مهم يتعلق بسند الجهات والجماعات الترابية لممارسة الشرطة الإدارية وذلك بتنصيصه على أنها تتوفر على سلطة تنظيمية داخل دوائرها الترابية وفي إطار صلاحياتها المخولة لها [78] .
إضافة إلى هذا المقتضى الدستوري فالقوانين التنظيمية للجماعات الترابية [79] نصت على ممارسة رؤساء مجالسها للسلطة التنظيمية لذلك نتناول في هذه الفقرة ممارسة الشرطة الإدارية على مستوى العمالات والأقاليم والجهات (أولا) ، وممارسة الشرطة الإدارية على مستوى الجماعات (ثانيا) .
أولا: ممارسة الشرطة الإدارية على مستوى العمالات والأقاليم والجهات.
للجهات أيضا سلطة على مستوى ممارسة الشرطة الإدارية ويمارس هذه السلطة رئيس المجلس الجهوي طبقا للمادة 102 من القانون التنظيمي للجهات التي جاء فيها، تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 140 من الدستور يمارس رئيس مجلس الجهة السلطة التنظيمية بموجب قرارات تنشر بالجريدة الرسمية للجهات الترابية…”.
فرئيس الجهة إذ يعتبر سلطة للشرطة الإدارية وبإمكانه ممارستها وفق المقتضيات المنظمة لها في القانون التنظيمي للجهات [80] .
ثانيا: ممارسة الشرطة الإدارية على مستوى الجماعات :
وهكذا حددت المادة 100 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14 صلاحيات رئيس المجلس الجماعي بممارسة الشرطة التنظيمية وهي :
مع مراعاة أحكام المادة 110 أدناه يمارس رئيس مجلس الجماعة صلاحيات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور، وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وبواسطة تدابير شرطة فردية تتمثل في الإذن أو الأمر أو المنع ، ويضطلع على الخصوص بالصلاحيات التالية :
1-منح رخص احتلال الملك العمومي دون إقامة بناء وذلك طبق الشروط والمساطر المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
2-السهرعلى احترام شروط نظافة المساكن والطرق وتطهير قنوات الصرف الصحي وزجر إيداع النفايات بالوسط السكني والتخلص منها.
3- مراقبة البنايات المهملة أو المهجورة أو الآيلة للسقوط واتخاذ التدابير الضرورية في شأنها بواسطة قرارات فردية أو تنظيمية وذلك في حدود صلاحياته وطبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
4- المساهمة في المحافظة على المواقع الطبيعية والتراث التاريخي والثقافي وحمايتها وذلك باتخاذ التدابير اللازمة لهذه الغاية طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
5- منح رخص استغلال المؤسسات المضرة أو المزعجة أو الخطيرة التي تدخل في صلاحياته ومراقبتها طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
6-تنظيم الأنشطة التجارية والحرفية والصناعية غير المنظمة التي من شأنها أن تمس بالوقاية الصحية والنظافة وسلامة المرور والسكينة العمومية أو تضر بالبيئة والمساهمة في مراقبتها.
7-مراقبة محلات بيع العقاقير والبقالة ومحلات الحلاقة وبيع العطور، وبصورة عامة كل الأماكن التي يمكن أن تصنع أو تخزن أو تباع فيها مواد خطيرة .
8-السهر على احترام الضوابط المتعلقة بسلامة بو نظافة المحلات المفتوحة للعموم خاصة المطاعم والمقاهي، وقاعات الألعاب والمشاهد والمسارح وأماكن السباحة وكل الأماكن الأخرى المفتوحة للعموم وتحديد مواقيت فتحها وإغلاقها.
9-اتخاذ التدابير الرامية إلى سلامة المرور في الطرق العمومية و تنظيفها وإنارتها و رفع معرقلات السير عنها وإتلاف البنايات الآيلة للسقوط أو الخراب، و منع الناس من أن يعرضوا في النوافذ أو في الأقسام الأخرى من الصروح و من أن يلقوا في ، الطرق العمومية أيا كان ومنع الناس التي من شان سقوطها أو رميها أن يشكل خطرا في ” المارة أو بسبب رائحة خطيرة مضرة بالصحة.
10-تنظيم السير والجولان والوقوف بالطرق العمومية والمحافظة على سلامة المرور بها.
11-المساهمة في مراقبة جودة المواد الغذائية والمشروبات والتوابل المعروضة للبيع او للاستهلاك العمومي .
12-السهر على نظافة مجاري المياه والماء الصالح للشرب وضمان حماية ومراقبة نقط الماء المخصصة للاستهلاك العمومي ومياه السياحة.
13-اتخاذ التدابير اللازمة أو مكافحة انتشار الأمراض الوبائية او الخطيرة ودلك طبقا للقانون او الانظمة المعمول بها.
14-اتخاذ التدابير الخاصة لضمان السكينة العمومية خصوصا في المجالات العمومية التي يقع فيها تجمهر الناس المواسم والاسواق ومحلات المشاهد او الالعاب الميادين الرياضية والمقاهي والمسابح والشواطئ وغيرها.
15-اتخاذ التدابير الضرورية لتفادي شرود البهائم المؤدية والمضرة ،والقيام بمراقبة الحيوانات الاليفة، وجميع الكلاب الضالة ومكافحة داء السعار، وكل مرض اخر يهدد الحيوانات الاليفة طبقا للقوانين الانظمة الجاري بها العمل.
16-تنظيم ومراقبة المحطات الطرقية ومحطات وقوف حافلات المسافرين وحافلات النقل العمومي وسيارات الاجرة وعربات نقل البضائع وكدا جميع محطات وقوف العربات.
17-اتخاذ قرارات تنظيمية في اطار السلطة التنظيمية المنصوص عليها في المادة 95اعلاه من جل تنظيم شروط وقوف العربات المؤدى عنها .
18-اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من الحريق و الآفات والفيضانات وجميع الكوارث العمومية الكبرى الاخرى.
19-تنظيم استعمال النار من اجل الوقاية من الحريق الدي يهدد المساكن و النباتات والاغراس طبقا للتشريع والتنظيم الجاري بهما العمل.
20-ضبط وتنظيم تشوير الطرق العمومية داخل تراب الجماعة.
21-تنظيم ومراقبة إقامة واستغلال الاثاث الحضري لغاية الاشهار بواسطة الاعلانات واللوحات والاعلامات والشعارات بالطريق العمومي وتوابعه وملحقاته.
22-تنظيم استغلال المقالع في حدود المقتضيات التشريعية و التنظيمية المعمول بها و السهر على تطبيق القوانين و الانظمة في هدا الميدان .
23-ضمان حرية الأغراس والنباتات من الطفيليات و البهائم طبقا للقوانين والانظمة الجاري بها العمل.
24-ممارسة شرطة الجنائز والمقابر واتخاد الاجراءات اللازمة المستعجلة لدفن الاشخاص المتوفين بالشكل اللائق ،وتنظيم المرفق العمومي لنقل الاموات ومراقبة عملية الدفن واستخراج الجثث من القبور طبقا للكيفيات المقررة في القوانين والانظمة الجاري بها العمل.
وفي ميدان ممارسة شرطة التعمير تنص المادة101 من نفس القانون التنظيمي:
“يقوم رئيس مجلس الجماعة في مجال التعمير بما يلي: .
1-السهر على تطبيق القوانين والانظمة المتعلقة به طبقا للتشريع والانظمة الجاري بها العمل ،وعلى احترام ضوابط تصاميم اعداد التراب ووثائق التعمير.
2-منح رخص البناء والتجزئة و التقسيم واحداث مجموعات سكنية ،ويتعين على الرئيس تحت طائلة البطلان ،التقيد في هدا الشأن بجميع الآراء الملزمة المنصوص عليها في النصوص التشريعية الجاري بها العمل ولا سيما بالراي الملزم للوكالة الحضرية المعنية.
3- منح رخص السكن وشهادات المطابقة طبقا للنصوص التشريعية والانظمة الجاري بها العمل ،ودلك مع مراعاة الاحكام المنصوص عليها في المادة 237 من هدا القانون التنظيمي .
ويستخلص من هذا، أن السلطة المحلية المنتخبة أصبحت تتوفر على جانب كبير من الاختصاصات والصلاحيات في مجال الشرطة الإدارية على المستوى الترابي إلا في أوامر النهي عن القيام به أو شكل إذن أو رخصة، حيث يمارس اختصاصاتها رؤساء المجالس الجماعية في ميادين عدة كالوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية، وسلامة المرور السير والجولان، شرطة المقابر الشرطة القروية والأمن البيئي، وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية تتضمن قواعد عامة ومجردة وملزمة يكون الهدف منها اتخاذ الإجراءات الرامية إلى المحافظة على النظام العام في قطاع أو نشاط معين، أو بواسطة تدابير شرطة فردية تعني فردا واحدا أو أفراد معروفين بأسمائهم، وتتجسد إما في أوامر أو نواهي أو شكل الإذن أو منح رخصة[82].
وعملا بأحكام المادة 107 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14 يتولى رئيس المجلس تلقائيا العمل على تنفيذ جميع التدابير الرامية إلى ضمان سلامة المرور والسكينة والمحافظة على الصحة العمومية، وذلك على نفقة المعنيين بإنجازها أو الذين أخلو بذلك.
وفي هذا المجال قد يستعين رئيس المجلس الجماعي بالسلطة المحلية باعتبارها السلطة المختصة الممارسة للشرطة الإدارية على الصعيد المحلي في ميدان الأمن العام، وذلك كلما اقتضى الأمر اللجوء إلى أسلوب التنفيذ المباشر أو الجبري بواسطة القوة العمومية في حالة رفض المعنيين بالأمر الانضباط للقرارات العامة أو الفردية التي يتخذها رئيس المجلس الجماعي[83] في ميدان الشرطة الإدارية الجماعية ،وذلك عملا بما تقضي به المادة 108 من القانون التنظيمي رقم 113.14 التي تنص على أنه يجوز للرئيس أن يطلب عند الاقتضاء من عامل العمالة أو الإقليم أو من يمثله العمل على استخدام القوة العمومية طبقا للتشريع المعمول به قصد ضمان احترام قراراته ومقررات المجلس، مع الإشارة إلى أن المادة 76 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14 تنص على أنه “إذا امتنع الرئيس عن القيام بالأعمال المنوطة به بمقتضى أحكام هذا القانون التنظيمي وترتب على ذلك إخلال بالسير العادي لمصالح الجماعة قام عامل العمالة أو الإقليم بمطالبته بمزاولة المهام المنوطة به.
وارتباطا بممارسة رئيس المجلس الجماعي اختصاصاته، نتسائل عن المقتضيات التي تخص تفويض رئيس المجلس الجماعي لمهام الشرطة الإدارية سواء تلك المتعلقة بتفويض الإمضاء أو تفويض الصلاحيات .
1 ـ تفويض الإمضاءات :
فيما يخص تفويض الإمضاء نجد أن المادة 103 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14 تنص على أنه يجوز لرئيس المجلس تحت مسؤوليته ومراقبته أن يفوض إمضاءه بقرار إلى نوابه باستثناء التسيير الإداري والأمر بالصرف…
2 ـ تفويض الصلاحيات :
أما بالنسبة لتفويض الصلاحيات أو ما يسمى بتفويض الاختصاص فقد نصت نفس المادة في فقرتها على أنه “…يجوز له أيضا أن يفوض لنوابه بقرار بعض صلاحياته شريطة أن يختصر التفويض في قطاع محدد لكل نائب وذلك مع مراعاة أحكام هذا القانون التنظيمي. .."
ويمكن لرئيس مجلس الجماعة أن يفوض لرئيس مجلس المقاطعة بعض صلاحياته في مجال التدابير الفردية للشرطة الإدارية غير أنه عندما يمنح تفويض لرئيس مجلس المقاطعة، يخول بحكم القانون نفس التفويض إلى باقي رؤساء مجالس المقاطعات بطلب منهم، وفي الحالات التي يتم فيها لأي سبب من الأسباب سحب التفويض المذكور يجب أن يكون قرار السحب معللا”
أما اختصاصات المجلس الجماعي في مجال الشرطة الإدارية فهو يساهم في ممارسة السلطة التنظيمية في عدة مجالات وفق ما نصت عليه المادة 92 من القانون التنظيمي للجماعات نذكر على الخصوص:
· ضوابط البناء الجماعية والأنظمة العامة الجماعية للوقاية الصحية والنظافة العمومية طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
· المقررات التنظيمية الجماعية في حدود الصلاحيات المخولة حصريا للجماعة، تدبير أملاك الجماعة والمحافظة عليها وصيانتها.
· تحديد شروط المحافظة على الملك الغابوي .
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع يمكن المقاطعة التابعة للجماعات من المساهمة في تدابير الشرطة الإدارية.
وعلى مستوى التشريعات المقارنة فان العمدة بفرنسا يعتبر ضابطا للشرطة القضائية تحت الإشراف المباشر للوالي مفوض الجمهورية، وكممثل للدولة في هذا الإطار[84]. أناط برؤساء البلديات صلاحية ممارسة الشرطة الإدارية ، شأنه في ذلك شأن التشريع الجزائري الذي خص به رؤساء المجالس البلدية. [85]
ثالثا : اختصاصات المقاطعات في مجال الشرطة الإدارية :
وتنص المادة 236 من نفس القانون التنظيمي على أنه “ينفذ رئيس مجلس المقاطعة مقررات مجلس المقاطعة ويتخذ التدابير اللازمة لهذا الغرض ويسهر على مراقبة تنفيذها….
ومن أهم ما يميز المقاطعات عن الجماعة أن المقاطعات المحدثة مجردة من الشخصية الاعتبارية ولو أنها تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي وتتوفر على مجالس.
1) اختصاصات رئيس مجلس المقاطعة في مجال الشرطة الإدارية :
يمارس رئيس مجلس المقاطعة مهام الشرطة الإدارية داخل تراب المقاطعة ويمكن أن نميز بين الحالة التي يمارس فيها اختصاص الشرطة الإدارية بصفته اختصاصا أصيلا له خوله له القانون وبين الحالة التي يمارس فيها هذا الاختصاص بناءا على تفويض من رئيس المجلس الجماعي.
أ ـ اختصاص رئيس مجلس المقاطعة أصالة بمهام الشرطة الإدارية
يعتبر رئيس مجلس المقاطعة مكلفا مسؤولا عن تنفيذ مقررات مجلس المقاطعة كما يجوز له لأجل ذلك أن يتخذ التدابير اللازمة لهذا الغرض والسهر على مراقبة تنفيذها.
وله أيضا الحق في ممارسة صلاحيات في مجال التدابير الفردية المتعلقة بالشرطة الإدارية داخل حدود المقاطعة في المجالات التالية :
تلقي التصاريح المتعلقة بمزاولة الأنشطة التجارية والحرفية غير المنظمة و تلقي التصاريح المتعلقة بفتح المؤسسات المضرة أو المزعجة أو الخطيرة المرتبة طبقا للتشريع الجاري به العمل في الصنف الثالث .
ب ـ اختصاص رئيس مجلس المقاطعة بناءا على تفويض .
ويمارس رئيس مجلس المقاطعة الصلاحيات المفوضة له من طرف رئيس مجلس الجماعة تحت مسؤولية هذا الأخير ولا يمكنه تفويضها لأعضاء مكتب مجلس المقاطعة.
كما يمكن أن يمارس رئيس المقاطعة أو نوابه مهام ترتبط بالشرطة الإدارية بناء على تفويض من طرف رئيس الجماعة وذلك طبقا لمقتضيات المادة 237 والتي تنص على أنه “يختص مجلس المقاطعة أو نوابه بناء على تفويض من الرئيس داخل دائرتها الترابية بما يلي :
– الحالة المدنية.
– الإشهار على صحة الإمضاءات ومطابقة النسخ لأصولها.
– منح رخص البناء ورخص السكن وشواهد المطابقة المتعلقة بالمشاريع الصغرى المنصوص عليها في الضابط العام للبناء، ويتعين على الرئيس تحت طائلة البطلان، التقيد في هذا الشأن بجميع الآراء الملزمة المنصوص عليها في النصوص التشريعية الجاري بها العمل ولاسيما بالرأي الملزم للوكالة الحضرية المعنية.
توجه نسخة قصد الإخبار من الرخص المسلمة من طرف رئيس مجلس المقاطعة إلى رئيس مجلس الجماعة داخل أجل 8 أيام.
هذا وقد أثارت المادة 242 من القانون التنظيمي للجماعات إلى أنه “يمكن لرئيس مجلس المقاطعة أن يفوض بقرار بعض الصلاحيات الموكولة إليه بمقتضى أحكام هذا القانون التنظيمي إلى نائب أو أكثر وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 103 و 104 من هذا القانون التنظيمي.
2) أشكال ممارسة مجلس المقاطعة للشرطة الإدارية :
لمجلس المقاطعة أيضا صلاحية ممارسة الشرطة الإدارية والتي تتخذ إما شكل اقتراحات أو إبداء الرأي.
أ ـ الاقتراحات :
حيث يمكن لمجلس المقاطعة اقتراحات حول السائل التي تهم المقاطعة والتي قد تندرج في إطار ممارسة الشرطة الإدارية نذكر منها على الخصوص :
– كل الأعمال التي من شأنها داخل حدود المقاطعة إنعاش السكن وتحسين مستوى
الحياة وحماية البيئة.
– التدابير الواجب اتخاذها للحفاظ على الصحة والنظافة العمومية.
– كل الأعمال الكفيلة بتحفيز وإنعاش التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمقاطعة.
ب ـ إبداء الرأي :
ويهم عدة مجالات نذكر منها:
– إعداد أو مراجعة أو تعديل وثائق التعمير وكل مشروع للتهيئة الحضرية عندما تهم هذه المشاريع كليا أو جزئيا الدائرة الترابية للمقاطعة.
– إعداد الهيكلة العمرانية والقضاء على السكن غير اللائق وحماية وإعادة تأهيل
المدينة العتيقة وإعادة تجديد النسيج العمراني المتدهور.
– إبداء الرأي مسبقا حول مشاريع وضوابط البناء الجماعية وتصاميم السير فيها فيما يخص الجزء المتعلق بتراب المقاطعة .
– تدبير الأملاك الجماعية.
– إبداء الرأي حول المبلغ المقترح كإعانة لفائدة الجمعيات التي تمارس نشاطها داخل المقاطعة فقط أو تمارسه لفائدة سكان المقاطعة فحسب أينما كان مقر هذه الجمعيات.
رابعا: تفويض صلاحيات الشرطة الإدارية لفائدة أشخاص القانون الخاص
وبمناسبة هذا الحديث نذكر، قرار محكمة الاستئناف بالرباط عدد 296 المؤرخ في 2010/02/22 حيث قضى بما يلي: لئن كان من حق المجلس الجماعي تفويض تدبير مرفق عمومي جماعي إلى شخص معنوي خاضع للقانون الخاص، إما عن طريق عقد الامتياز أو الوكالة المستقلة يجب أن ينصب على خدمة هذا المرفق الجماعي لما فيه مصلحة المرتفقين وإرضاء لحاجاتهم، لا على ما يمكن الإضرار بحقوقهم، إن عقل السيارات باقتحام من قبل الشركة صاحبة الامتياز وفرض مبلغ مالي لقاء وضع هذا العقل أو الحجز يشكل عملا غير مشروع من جانبها، ولو استندت فيه إلى بند من عقد الامتياز الذي يسمح لها بذلك، ما دام هذا البند مخالف للقواعد القانونية وللنظام العام الذي لا يجيز تفويض السلطة وعمل الشرطة الإدارية من ضمنها، ولا التنازل عنها للغير .وفي تعليقه على هذا القرار وفي إطار المقارنة بين المرفق العام. والشرطة الإدارية ورغم صعوبة التفريق بينهما، استنتج الأستاذ محمد الأعرج، أنه يمكن التوصل إليه استنادا إلى القاعدة التي تؤكد بأن المرفق العام، يمكنه اللجوء إلى تقنية العقود في حين أن الشرطة الإدارية لا يمكن تفويضها إلى الأشخاص الخاصة، وبالتالي فإن ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في حيثياتها بأن إقدام الشخص الخاص (شركة باركينغ) على ممارسة صلاحيات الشرطة الإدارية – غير القابلة للتفويض بطبيعتها بناء على شروط تنظيمية لعقد امتياز مرفق عمومي، كان صائبا . [86]
الفقرة الثالثة : التنازع بين سلطات الشرطة الإدارية :
يؤدي تنوع السلطات التي خول لها المشرع ممارسة الشرطة الإدارية إلى حدوث تنازع أو تنافس في الاختصاص المتعلق بها على نفس التراب، ذلك أن كل جماعة ترابية تكون داخلة في إقليم معين وفي الدولة، بحيث تكون قرارات رئيس المجلس الجماعي وقرارات العامل، وقرارات الوزير الأول ،رئيس الحكومة حاليا بعد دستور2011 الحالي تهم النطاق المجالي لهذه الوحدة الترابية .
وبمعنى آخر أن هذا التنافس في ممارسة الشرطة قد يحدث بين ممثلي السلطة المركزية من عمال وباشوات وقواد، وبين رؤساء الجماعات المحلية (الجماعات الترابية حاليا) من زاوية ومن ناحية أخرى قد يقع التنازع بين بعض القرارات الشرطية التنظيمية الصادرة عن السلطات المركزية لتطبيقه على الصعيد الوطني بأكمله وبين القرارات التي تصدرها بعض السلطات المحلية أو الجماعية لتطبيقه في دائرة اختصاصها الترابي من ناحية ثانية، وقد يحدث التنازع كذلك بين سلطات الشرطة الإدارية العامة وبين سلطات الشرطة الإدارية الخاصة.
إن حل هذه الإشكالية يتطلب تطبيق بعض المبادئ التي قد تساعد على إزالة هذا التنازع الذي ينطوي على نوع من التشابك والتداخل في اختصاصات السلطات العمومية في ممارسة الشرطة الإدارية وذلك من خلال ما استقر عليه رأي الفقه والقضاء من مبادئ توجيهية في هذا الشأن .
أولا: التنازع بين السلطات المركزية والمحلية في مجال الشرطة العامة :
وخير مثال على ذلك، هو ما يتعلق بقانون السير، فمثلا إذا ما أصدرت السلطات المركزية قرارا بتحديد السرعة على المستوى الوطني في مائة كيلو متر في الساعة، فهل يمكن للسلطات المحلية تخفيض تلك السرعة على المستوى المحلي ولأسباب تتطلبها الظروف المحلية، وبالتالي فبإمكان السلطة المحلية الجماعية في هذه الحالة أن تضيف المزيد من القيود والتشديد على الأوامر والتعليمات التي أصدرتها السلطات المركزية، وليس أن تخفف منها أو أن تعفي من بعض متطلباتها أو شروطها أو قيودها[87] .
عموما تخضع العلاقة بين الشرطة الإدارية الوطنية والشرطة المحلية إلى ثلاثة مبادئ حتى لا يقع تداخل بين هاتين الشرطتين :
أولا : مبدأ عدم التناقض ومفاده أن السلطات التي تمارس الشرطة الإدارية على الصعيد المحلي يجب أن تحترم المقتضيات التنظيمية والتدابير الفردية التي اتخذتها سلطات الشرطة على المستوى الوطني .
ثانيا : مبدأ عدم التطاول ويمنع بموجبه على السلطات التي تمارس الشرطة الإدارية على المستوى المحلي ممارسة الاختصاصات المسندة إلى السلطات التي تمارس الشرطة الإدارية على الصعيد الوطني
ثالثا : مبدأ عدم الحلول الذي يقضي أنه يمنع على سلطات الشرطة الإدارية على الصعيد المحلي الحلول محل السلطات المسندة إليها ممارسة الشرطة الإدارية على الصعيد الوطني ما لم يكن هنالك نص مخالف كما هو الحال في المادة 76 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14 .[88]
ثانيا : التنازع بين الشرطة العامة والشرطة الخاصة .
1-هنالك حالات قصد بها المشرع في تنظيمه الضبط الخاص (الشرطة الإدارية الخاصة) استبعاد نظام الضبط العام ومثاله الضبط الخاص بالسكك الحديدية في فرنسا إذا عهد المشرع إلى وزير الأشغال بمواجهة جميع مشاكل الأمن والهدوء والسنة التي تطرح في نطاق السكك الحديدية، واستثناءا اقر مجلس الدولة بشرعية التدخل للضبط العام في حالة الخطر الوشيك، ونجد أيضا ضبط المنشآت الخطيرة والمزعجة وغير الصحية (قانون 19 يوليو1976) الخاص بحماية البيئة في فرنسا يلغي بحكم تخصصه المنافسة التي قد تنتج مع الضبط العام.
2-هنالك حالات يسمح فيها بالتداخل بين كل من الضبط العام والضبط الإداري الخاص، ومرد ذلك إلى أن كلا منهما يستهدف جوانب مختلفة لنفس النشاط فيكون التكامل بينهما، وعليه فبإمكان السلطة الدنيا أن تبت في موضوع سبق للسلطة العليا البث فيه شريطة وجود ما يبرر ذلك، من اعتبارات أو ظروف زمانية ومكانية، وأحسن مثال لذلك في فرنسا حالة تدخل سلطات الضبط العام، الشرطة العامة لمنع عرض فيلم سينمائي سبق أن حصل على ترخيص للعرض من هيئات الضبط الخاصة المكلفة بمراقبة المصنفات الفنية، فهذا التدخل من جانب سلطات الضبط العام (الشرطة العامة)
يكون مشروعا إذا كان له مبرره من ظروف محلية كخشية العمدة من وقوع اضطرابات نتيجة عرض فيلم يسخر من سكان هده المنطقة أو يحدث حساسية خاصة لهم إزاء بعض عناصر السلوك والأخلاق التي يتضمنها.
ثالثا: التنازع بين اختصاصات سلطات الشرطة الخاصة :
كما أن العامل بدوره يسلم رخصن البناء بالنسبة للمنشآت المخصصة للشعائر الدينية[92] ورجل السلطة بالنسبة لأنظمة المشاور، كما نجد أن الوالي أو العامل المعني المفوض له يسلم الإذن في إقامة تجزئات توجد بين جماعتين أو أكثر [93] ويرخص وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في بناء الحمامات الأهلية بالمدن العتيقة حسب الفصل الفريد من ظهير 08 يناير1938 [94]والمثال الثاني ما يتعلق بشرطة الغش في المواد المعدة للاستهلاك، ومراقبة اللحوم، والصحة الحيوانية والوقاية من الحريق المحدد للأعراس والنباتات وذلك استنادا إلى المادة 100 من القانون التنظيمي للجماعات رقم113.14 .
وعندما نجد بعض الوزارات تمارس الشرطة الخاصة وفق نصوص قانونية أو تنظيمية في مجال الأنظمة العامة الجماعية للوقاية الصحية العامة بالإضافة إلى اختصاصاتها الأصلية ونذكر منها على سبيل الاستئناس وزارة الفلاحة بواسطة مندوبيها الإقليميين في ميادين متعددة ومنها على الخصوص قمع الغش والصحة الحيوانية والوقاية من الحريق المهددة للأغراس والنباتات كما تتدخل بكيفية غير مباشرة في حماية البيئة وشرطة الصيد البري.. الخ.
من خلال ما تقدم نخلص إلى أن تقاطع وتداخل الاختصاصات بين السلطة المحلية والسلطة الجماعية أو السلطة الإقليمية ومصالح أخرى تابعة للدولة في مجال الشرطة الإدارية سواء كانت عامة أو خاصة قد يعود في الأساس إلى الاستمرار في العمل بنصوص قانونية وتنظيمية قديمة من جهة وما يكتنف معظم النصوص ولو كانت حديثة والجاري بها العمل في هذا الميدان من غموض وعدم الوضوح من جهة أخرى ،مما يقتضي تحيينها والتفكير في تجميع النصوص المتعلقة بالشرطة الإدارية الجماعية في شكل مدونة على غرار مدونة الجبايات المحلية ومدونة الانتخابات، وذلك من أجل حكامة شرطية جماعية ناجعة وفعالة للحد من تضارب الأدوار وتنازع الاختصاصات وازدواجية التدخلات في مجال شائك وحيوية[95].