قراءة في البيان المشترك المغربي الإسباني

مقال بعنوان: قراءة في البيان المشترك المغربي الإسباني

مقال بعنوان: قراءة في البيان المشترك المغربي الإسباني PDF
إعداد: يونس شهيم YOUNESS CHAHIM
مدير مؤسسة تعليمية
ماستر الأداء السياسي والمؤسساتي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي-الرباط

الملخص:

تقدم هذه الورقة قراءة في مجموع النقاط التي تضمنها البيان المشترك المغربي-الإسباني، الذي يشكل خارطة طريق تهدف إلى تمتين العلاقات المغربية الإسبانية، ويشكل فرصة تاريخية غير مسبوقة أمام كلا البلدين لتوسيع مجالات التعاون، وتشجيع الاستثمار والمبادرات أمام رجال الأعمال المغاربة والإسبان، كما يشكل أيضا فرصة لتجاوز أسباب الخلاف والعمل على حلحلة كل الملفات الشائكة العالقة بين البلدين والتي تكبح عجلة تقدم ونمو المنطقة من جهة، وتغذي مسببات اللا استقرار واللا أمن من جهة أخرى.

ويشكل الاعتراف الإسباني بجدية وملاءمة المقترح المغربي المتمثل في منح حكم ذاتي للصحراء تحت حكم المملكة المغربية خطوة حسنة، من شأنها أن تنعكس إيجابا على مجمل الملفات العالقة.

Abstract :

This paper presents a simple analysis to several points that the Moroccan Spanish statement includes, which shows a roadmap that aims at strengthening the Moroccan Spanish relationships and it also demonstrate an unprecedented historical opportunity for both countries for expanding areas of cooperation and encouraging investment and initiatives for Moroccan and Spanish businessmen.In addition to this,it is an opportunity to overcome the conflict's causes and work to solve all the outstanding and challenging issues between the two countries which hinder the development of the region on the one hand, and nurture the causes of the instability and the insecurity on the other hand.


فتحت الرسالة الموجهة من رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 14 مارس 2022 والمحادثة الهاتفية بين جلالته ورئيس الحكومة الإسبانية يوم 31 مارس 2022، صفحة جديدة في العلاقات بين المملكة المغربية والمملكة الإسبانية.

ووعيا من إسبانيا والمغرب بحجم وأهمية الروابط الاستراتيجية التي تجمعهما، والتطلعات المشروعة لشعبيهما للسلام والأمن والرخاء، فإنهما يدشنان اليوم بناء مرحلة جديدة في علاقاتهما الثنائية.

وفضلا عن استنادها إلى مبادئ الشفافية والحوار الدائم والاحترام المتبادل واحترام تنفيذ الالتزامات والاتفاقات الموقعة بين الطرفين، فإن المرحلة الجديدة تستجيب لنداء صاحب الجلالة الملك محمد السادس "بتدشين مرحلة غير مسبوقة في علاقة البلدين[1]"، وصاحب الجلالة الملك فيليبي السادس "للسير سويا لتجسيد هذه العلاقة الجديدة[2]"، كما تتوافق هذه المرحلة مع إرادة رئيس الحكومة الإسبانية فخامة السيد بيدرو سانشيز "لبناء علاقة على أسس أكثر صلابة[3]"، وبهذه الروح يعتزم البلدان وضع خارطة طريق دائمة وطموحة[4].

على هذا الأساس، تقترح هذه الورقة قراءة في مجموع العناصر المتضمنة بخارطة الطريق.

النقطة الأولى: تعترف إسبانيا بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وبالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل متوافق بشأنه. 

وفي هذا الإطار، تعتبر إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وذات المصداقية لحل هذا النزاع.

اعتراف إسبانيا بمبادرة الحكم الذاتي كونه الحل الأمثل للنزاع، هو تعبير في الأصل عن المنطق، وعن المصالحة الذاتية، وهو اعتراف من شأنه أن يجنب إسبانيا الوقوع في التناقض، فإذا ما استحضرنا ملف بعض المناطق الإسبانية المستقلة والتي ترغب في الانفصال عن إسبانيا، مثل إقليم كاطالونيا، فإنه من غير المعقول أن تؤيد إسبانيا تقرير المصير في رقعة جغرافية معينة وتستبعده في أخرى، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فالمغرب دائما مع الوحدة الإسبانية ولا يؤيد فكرة الانفصال وهذا ما عبر عنه عبد الرحمان اليوسفي بشكل رسمي حينما تولى قيادة الحكومة. فلا يعقل أن تقف إسبانيا ضد وحدة من يدافع عن وحدتها.

من هنا يتضح جليا أن وحدة المغرب من وحدة إسبانيا، وأن البلدين مدعوان للدفاع عن مطلب الوحدة الترابية واستبعاد كل المقترحات أو الدفوعات التي تسعى للنيل من هذه الوحدة، وتسعى لإثارة النزعات الانفصالية بالحزم واليقظة المطلوبتين.

النقطة الثانية: سيتم معالجة المواضيع ذات الاهتمام المشترك بروح من الثقة والتشاور، بعيدا عن الأعمال الأحادية أو الأمر الواقع.

إن كانت الثغور المحتلة (سبتة ومليلية والجزر الجعفرية...) تشكل ملفات شائكة ومعقدة ومهددة لاستمرارية العلاقات بين المغرب وإسبانيا، من شأنها أن تعيد الأزمة في كل مرة، فإن المطلوب أن يتم صب الاهتمام والتركيز على المصالح المشتركة للبلدين، في إطار مبدأ رابح/رابح، والعمل سويا لما فيه مصلحة البلدين وشعبيهما، مع التعامل بحكمة مع الملفات الشائكة بشكل موازي ومستقل وفي إطار اللجان المشتركة والتدبير التشاركي المنظم والمدروس، على أن يتم استحضار المنطق والقانون والشرعية وكذلك الانفتاح على مختلف التجارب الدولية (قضية هونغ كونغ التي كانت تقع تحت الاحتلال البريطاني مثلا وجارتها ماكاو التي أعادتها البرتغال للصين في 20 دجنبر 1999).

النقطة الثالثة: سيتم الاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما فيها الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية وللأشخاص على المستوى البري والبحري.

إن التعاون الجمركي يطرح جملة من الإشكالات متعلقة بالأساس بالجانب المغربي، فقد شهت الساحة الجمركية في ظل المدير العام لمديرية الجمارك الحالي احتقانا كبيرا، يرجع إلى سوء التسيير والتدبير الذي انعكس سلبا على العاملين بالقطاع الجمركي، كما أن خروجه الإعلامي في إحدى المقابلات الصحفية السابقة والذي يتنافى مع السيادة المغربية ويعزز طرح احتلال مدينتي سبتة ومليلية، حيث صرح بعبارات غير مسؤولة وخطيرة ولا تخدم قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية. وبالتالي فالمرحلة تتطلب العمل بمبدأ الرجل المناسب والمسؤول المناسب في المكان المناسب، حتى نجنب المنطقة كل احتقان منتظر وحتى ندفع بالعلاقات الثنائية نحو تحقيق المصالح المتبادلة والسير قدما نحو حلحلة الملفات العائقة والشائكة.

النقطة الرابعة: سيتم إعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين، حالا وبشكل متدرج إلى حين فتح مجموع الرحلات.

إن توقف حركة النقل البحري بين البلدين كانت له انعكاسات ملموسة سلبية على الجانبين، حيث تضررت معه مجموعة من القطاعات والأنشطة خاصة المتعلقة منها بمجال المطعمة والفندقة والنقل، ويشكل إعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين إعادة إحياء للحياة الاقتصادية وإعادة إحياء في ذات الآن للمشاريع والأفكار المعلقة من قبيل الربط القاري بين البلدين عبر نفق بحري.

النقطة الخامسة: في نفس الإطار، سيتم إطلاق الاستعدادات لعملية مرحبا.

إن الظرفية الاستثنائية التي يشهدها العالم، والتي ترتبط بالأزمة الصحية في ظل انتشار الفيروسات (كوفيد19، جذري القردة...) تفرض التعاون الثنائي بين البلدين ورفع درجة التأهب واليقظة بمختلف النقاط البرية والبحرية والجوية في احترام تام لمقتضيات اللوائح الصحية الدولية، ومعلوم أن الجانب المغربي يولي عملية "مرحبا" أهمية كبيرة ويسعى إلى تطوير هذه العملية مع توالي مواسم العبور، حيث يتم إشراك مختلف القطاعات لإنجاح هذه العملية.

كما هو معلوم أيضا أن عدد المغاربة المقيمين بالخارج يصل إلى خمسة ملايين، ثلاثة ملايين منهم يتوافدون على وطنهم الأم بشكل دوري وهو رقم مهم من شأنه أن يحرك عجلة الاقتصاد إذا ما تم العمل على تحسين الخدمات المتعلقة بالنقل الجوي والبحري، وتكثيفها وجعلها في متناول الجميع.

ويشار إلى كون عملية مرحبا قد أتاحت في صيف 2019 لأكثر من 3.3 ملايين مسافر بعبور مضيق جبل طارق عبر الموانئ الإسبانية[5].

وبعد إعادة إحياء العلاقات المغربية-الإسبانية، فإنه ينبغي العمل على تأمين هذه العملية وجعلها في منأى عن التقلبات السياسية والأزمات الدورية التي تطبع هذه العلاقات، وذلك بالعمل على عقد اتفاقيات ملزمة من شأنها أن تضمن استمرارية هذه العملية في كل الظروف.

النقطة السادسة: سيتم تفعيل مجموعة العمل الخاصة بتحديد المجال البحري على الواجهة الأطلسية، بهدف تحقيق تقدم ملموس.

إن من شأن تفعيل مجموعة العمل الخاصة بتحديد المجال البحري بين البلدين، التي تم إنشاؤها في عام 2001، والتي لم تجتمع لمدة 15 عام أن يسهم في حل المشاكل العالقة بين البلدين بالاتفاق المتبادل خاصة منها تلك المتعلقة بمياه المنطقة الجنوبية.

النقطة السابعة: سيتم إطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية.

يعتبر حق مراقبة المجال الجوي حقا سياديا للدول وذلك درءا لأي تهديد قد يمس الملاحة الجوية، وتأمينا للمجال الجوي ضد أي عملية قرصنة قد تحدث، وللحد من عمليات خطف الطائرات وتهديد سلامتها أو مهاجمتها، حيث تعرف في المواثيق الدولية على أنها نوع من الإرهاب. انطلاقا من هذه الأهمية تسعى الدول لإقامة مراكز للمراقبة، وهو الأمر الذي قد ينتج توثر في العلاقات خاصة بين الدول المتجاورة والمتنازعة على مسألة تحديد الحدود. لهذا فإن إطلاق المباحثات حول تدبير المجالات الجوية يشكل ضرورة ملحة لتمتين العلاقات بين المغرب وإسبانيا.

النقطة الثامنة: سيتم إعادة إطلاق وتعزيز التعاون في مجال الهجرة، وفي هذا الإطار سيجتمع الفريق الدائم المغربي- الإسباني حول الهجرة قريبا.

يسعى المغرب إلى إبرام مجموعة من الاتفاقيات وبرامج التعاون بخصوص القضايا التي تهم مواضيع الهجرة بصفة عامة مع العديد من الدول (ألمانيا، بلجيكا...)، ويبقى التعاون المغربي- الإسباني في هذا المجال أكثر إلحاحا وضرورة قائمة نظرا للخصوصية الجغرافية لكلا البلدين من جهة، ونظرا للعدد المهم للجالية المغربية المقيمة في إسبانيا، فضلا عن كون البلدين يتقاسمان التحديات المرتبطة بتدبير ملف الهجرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تعرف تدفقات كبيرة للمهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، مما يحتم جملة من التحديات الصعبة على المستوى الأمني ومراقبة الحدود، وهي تحديات تفرض العمل على إيجاد صيغ مبتكرة وإبداعية لطريقة سير وتدبير وعمل مختلف المبادرات( المنتدى المغربي-الإسباني حول الهجرة والاندماج، مشروع العيش المشترك، الشراكة مع مؤسسة الثقافات الثلاث...) من جهة، والعمل على ابتكار مبادرات إضافية خلاقة من شأنها أن تحقق الأهداف المتوخاة من جهة ثانية.

ومن جانبه، على المغرب أن يواكب المهاجر المغربي عبر سن مجموعة من الإجراءات والقيود التي من شأنها أن تحد من هجرة أيا كان إلى إسبانيا كما باقي الدول على اختلافها، باعتبار أن كل مهاجر مغربي يحمل معه صورة المغرب، وبالتالي للمغربي المهاجر أن يشكل نموذجا يحتذى به وأن يعتبر سفيرا لوطنه، وأن يعمل على تمثيله خير تمثيل، وهو ما يتطلب توافر الحد الأدنى من الأخلاق والكفاءة.

وتبقى مسألة مكافحة الشبكات الإجرامية لتهريب المهاجرين مشكلا مركبا يحتاج حلولا متعددة (أمنية، تشريعية، تحسيسية، لوجيستيكية، مادية وإدارية...)، ويتطلب تظافر الجهود على العديد من الأصعدة.

وتبقى كذلك مكافحة الجرائم المرتبطة بالهجرة غير الشرعية رهينة بالحل النهائي لمشكل الصحراء المفتعل، باعتبار أن اللا استقرار يجعل من المنطقة الجنوبية مشتلا لتنامي نشاط المرتزقة والعصابات، ومشتلا لتنامي جرائم الاتجار بالبشر، ومنفذا لجميع المشاكل.

النقطة التاسعة: سيتم القيام بالتنسيق في إطار رئاسة كل منهما لمسلسل الرباط للفترة 2022-2023، بشكل يسلط الضوء على التعاون المثالي في هذا المجال، لصالح مقاربة شاملة ومتوازنة لظاهرة الهجرة.

أكد خوسي لويس رودريغيز ثباتيرو رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق أن جزء كبيرا من مستقبل اسبانيا الديمقراطية في مجال السياسة الخارجية يعتمد على العلاقات مع المغرب ومسلسل التحديث الذي انخرط فيه الجار الجنوبي[6].

وأوضح رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق أنه خلال العشرين سنة من تولي جلالة الملك محمد السادس العرش تعززت العلاقات بين إسبانيا والمغرب بفضل العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الوثيقة.

وقال رودريغيز ثباطيرو ، في مقال له بصحيفة إلبايس الإسبانية أنه منذ وصوله إلى رئاسة الحكومة الإسبانية ساهم الالتزام الدائم للسلطات المغربية لاسيما من جانب جلالة الملك محمد السادس في تكريس التعاون بين البلدين في قضايا حاسمة وصعبة كما كانت وما تزال من قبيل مكافحة الإرهاب وتدفقات الهجرة وهو تعاون جد وثيق وبناء أشادت به مرارا وتكرارا مختلف المنظمات الدولية[7] .

وتبقى ظاهرة الهجرة على رأس القضايا التي تتطلب تعاونا خاصا بين البلدين، نظرا لتأثيرها المباشر على كل من المغرب وإسبانيا.

النقطة العاشرة: سيتم إعادة تفعيل التعاون القطاعي في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، من بينها: الاقتصادي والتجاري والطاقي والصناعي والثقافي.

أكد وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني خوسي مانويل ألباريس، أن المغرب وإسبانيا مرتبطان بأزيد من ستة عشر مليار أورو قيمة المبادلات التجارية، وأن المغرب هو ثالث أكبر شريك اقتصادي لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي، وأوضح أن الصادرات الإسبانية نحو المغرب ارتفعت بنسبة 29بالمائة في الموسم 2020/2021، مضيفا أن سبعة عشر ألف شركة إسبانية لديها علاقات تجارية مع المغرب، وسبعمائة أخرى مستقرة في البلد الجار[8]. حيث توضح الأرقام والإحصاءات الصادرة عن مختلف المؤسسات أن العلاقات الاقتصادية والتجارية المغربية الإسبانية متجذرة، وفي هذا الصدد صرح رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق ثاباطيرو قائلا: " في رأيي فإن هذا التطور الإيجابي للعلاقات بين إسبانيا والمغرب أصبح ممكنا إلى حد كبير بفضل عملية التحديث والإصلاحات التي نهجتها المملكة خلال فترة العشرين عاما من حكم الملك محمد السادس". وأوضح أن المعطيات والبيانات الموضوعية والإيجابية تؤكد التقدم والتحديث الذي تحقق بالمغرب في العقدين الأخيرين مشيرا إلى أن الناتج المحلي الإجمالي تضاعف ثلاث مرات كما ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 3580 دولار إلى 8930 دولار وصاحب كل هذا تقدم وتطور ملحوظ في البنيات التحتية مع إنشاء شبكة طرق جد مهمة بأكثر من 1800 كيلومتر من الطرق السيارة وهو ما شكل قفزة كبيرة إلى الأمام على مدى العقدين الماضيين .وبالمثل فإن إنشاء أول قطار فائق السرعة في القارة الإفريقية بأكملها يربط بين مدينتي طنجة والدار البيضاء وتطوير وتحديث وتوسيع ميناء طنجة المتوسط مكن المغرب كذلك من النهوض بقطاع صناعي ينمو بشكل مسترسل يحتل فيه قطاع صناعة السيارات الصدارة فضلا عن مخطط طموح في الطاقات المتجددة مؤكدا أن عملية التحديث الاقتصادي التي اعتمدها المغرب كانت حاسمة في تلبية حاجيات سوق الشغل بالمغرب"[9] .

وبالإضافة إلى ذلك، وحسب معطيات حديثة لمكتب الصرف، فإن قيمة الواردات من إسبانيا بلغت أكثر من 60.36 مليار درهم لغاية متم شتنبر 2021، فيما بلغت الصادرات نحو إسبانيا أزيد من 53.21 مليار درهم خلال نفس الفترة.

وحسب معطيات نشرها المكتب الاقتصادي والتجاري بسفارة إسبانيا في الرباط، فإن المبادلات التجارية بين البلدين بلغت حوالي 16.8 مليار أورو (180 مليار درهم) خلال سنة 2021. وقد حافظت على وتيرة ارتفاع في العقد الأخير بمعدلات نمو سنوية بلغت أزيد من 10 بالمائة منذ سنة 2011.

وبلغت الصادرات نحو لإسبانيا 6.37 مليار أورو سنة 2020 مقابل 6.96 مليار أورو سنة 2019. فيما بلغت الواردات 7.35 مليار أورو مقابل 8.45 مليار أورو سنة 2019.[10]

النقطة الحادية عشر: سيكون تسهيل المبادلات الاقتصادية والمواصلات بين البلدين موضوع اجتماع سيعقد قريبا.

يشهد المغرب دينامية تروم تشجيع التنمية الصناعية والقدرة التنافسية، ويعي ما للانفتاح الاقتصادي من تأثيرات على التوازنات الماكرو اقتصادية وعلى الأداء التجاري للمقاولات المغربية، لذلك يعمل على تسهيل المبادلات والانخراط بحزم في طريق الانفتاح، وهو الأمر الذي يتطلب مواكبة تشريعية ذات جودة.

النقطة الثانية عشر: سيشكل مجال التربية والتكوين المهني والتعليم العالي أولوية خلال هذه المرحلة الجديدة. ولهذا الغرض، سيتم إحداث فريق عمل متخصص.

علاقة بهذه النقطة، سبق لرئيس الحكومة الإسبانية السابق السيد خوسي لويس رودريغيز ثاباطيرو في المقال ذاته أنه: "في مجال التعليم والثقافة حيث هناك مجال كبير لدعم وتعزيز المعرفة المتبادلة فلدينا في المغرب أكبر شبكة لمعهد ( سرفانتس ) كما أن أزيد من 5000 تلميذ وطالب يدرسون في المدارس العمومية الإسبانية في المغرب [11]" .

وفي هذا الصدد، ينبغي العمل على توسيع التعاون في هذا المجال باعتبار الطلب المتزايد على المدارس العمومية الإسبانية، وذلك بالعمل على تغطية مجموع التراب الوطني وتمكين الراغبين في اختيار هذا النوع من التعليم من الولوج إليه، كما أن تجارب المدن الكبرى للمملكة مثل مدينة الدار البيضاء تبين الحاجة الماسة إلى أكثر من مؤسسة واحدة، فمؤسسة خوان رامون خيمينيث لا تستطيع تلبية جميع الطلبات، كما أن هناك العديد من المدن الكبرى تفتقر إلى المدارس العمومية الإسبانية.

وبالنسبة لمتابعة الدراسات الجامعية، يلاحظ اتجاه فئة كبيرة من أبناء المغاربة إلى دول الاتحاد السوفياتي سابقا، ودول شرق آسيا، بالإضافة إلى بعض الدول العربية، وهي فئة يمكن للجامعات الإسبانية استقطابها إذا ما تم التعاون في هذا الباب.

النقطة الثالثة عشر: سيتم تعزيز التعاون الثقافي، وفي هذا الإطار، سيتم إحداث فريق عمل قطاعي في مجال الثقافة والرياضة. كما سيتم إعطاء دفعة جديدة لمجلس إدارة مؤسسة الثقافات الثلاث.

في هذا الباب ينبغي إيلاء أهمية كبرى للأصوات التي تمثل الحكمة في كلا البلدين معا، والتي من شأنها أن تحقق التقارب والتوافق بين وجهات النظر، من خلال تنظيم الملتقيات والندوات والأيام الدراسية وتشجيع البحث في هذا المجال من أمثال المؤرخة الإسبانية التي جندت معرفتها بالمغرب للدفاع عنه السيدة ماريا روسا دي مادارياغا والتي وافتها المنية دون الاستفادة من آرائها ومواقفها بشكل وافي، ومن أمثال رئيس الحكومة الإسباني السابق السيد خوسي لويس رودريغيز ثاباطيرو الذي يعتبر نموذجا للسياسي الإسباني الخبير بالمصلحة والمصير المشترك للبلدين.

النقطة الرابعة عشر: سيتم رفع تقارير أنشطة الاجتماعات وفرق العمل المحدثة أو المفعلة للاجتماع رفيع المستوى.

بالإضافة إلى رفع التقارير ينبغي العمل على استثمارها إيجابا فيما يخدم المصلحة المشتركة، وجعلها في متناول مراكز الأبحاث والدراسات ومختلف الباحثين، الذين من شأنهم أن يثروا النقاش وأن يقدموا المقترحات واقتراح الحلول لتعزيز العلاقات الثنائية للبلدين وتمتين أواصر التعاون الفعال.

النقطة الخامسة عشر: سيبدأ البلدان في التواصل حول تحيين معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون لسنة 1991، على أساس المبادئ والمحددات والأولويات التي ستوجه العلاقات الثنائية في السنوات المقبلة.

يؤمن المغرب بأن الحفاظ على علاقات الصداقة وحسن الجوار والتعاون بين البلدين يشكل صمام أمان ضامن لاستقرار المنطقة وأمنها، وهو ما تؤمن به أيضا بعض التيارات السياسية الحكيمة داخل إسبانيا، لذلك حرص الملك الراحل الحسن الثاني على إبرام معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون أثناء زيارته لإسبانيا سنة 1991، وتعتبر هذه المعاهدة مكتسبا رئيسا في استقرار المنطقة، وبالتالي ينبغي تحيين هذه المعاهدة وتضمينها ببعض البنود التي من شأنها أن تعزز العلاقات وتؤمن عدم الوقوع في الأزمات.

النقطة السادسة عشر: سيقوم صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز بتعيين لجنة مكلفة بالسهر على تنفيذ هذا البيان، في أجل ثلاثة أشهر.

إن مبادرة كل من صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز المتمثلة في تعيين لجنة خاصة بالسهر على تنفيذ البيان المشترك من جهة، وتقييدها بآجل زمني محدد (ثلاثة أشهر)، ينبغي أن تؤخذ بالجدية اللازمة، سواء في كيفية اختيار أعضاء هذه اللجنة الذين ينبغي أن تتوفر فيهم شروط الكفاءة والنزاهة والاستقامة والعمل الجاد والحكمة، أو في سير عملها الذي يتوخى منه حصد ثمار النماء والتقدم للبلدين معا وعلى صعيد جميع القطاعات والمجالات التي يشملها التعاون.

مناخ التعاون المغربي الإسباني ملائم أكثر من أي وقت مضى

تحتم الظرفية الحالية تعزيز التعاون وتمتين العلاقات الثنائية بين البلدين أكثر من أي وقت مضى، بالنظر إلى مجموعة من المعطيات والمستجدات التي يشهدها العالم اليوم منها:

- المعطى الأول: التطور الذي يعرفه المغرب، وعدد الأوراش الكبرى التي تشهدها المملكة المغربية بوتيرة غير مسبوقة (البنية التحتية- الموانئ طنجة المتوسط الداخلة- الطرق السيارة منها تزنيت- الداخلة- القطار الفائق السرعة...)؛

- المعطى الثاني: التغيرات التي عرفها الاتحاد الأوروبي (خروج بريطانيا البركسيت، تأثير الأزمة الصحية جراء كوفيد 19 على مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي وعلى العلاقات فيما بين هاته الدول...)؛

- المعطى الثالث: الاتجاه العالمي نحو الانفتاح (مثال سياسة الانفتاح التي تنهجها الصين...)؛

- المعطى الرابع: الإرادة القوية للتحديث والإصلاح التي نهجها المغرب وانعكاساتها الواضحة على التطور السياسي والاجتماعي بالمملكة والتي تسير بوتيرة تتماشى مع خصوصيات المغرب التاريخية والثقافية؛

- المعطى الخامس: المجال السياسي (مغرب ما بعد دستور 2011) والمستجدات التي حملتها رياح الربيع العربي، الذي ساهم في إقرار دستور أكثر تقدما لما يتيحه من تكريس للتعددية السياسية واعتماد إصلاحات عميقة همت العديد من المجالات خاصة السلطة القضائية، ودسترة مجموعة من مؤسسات الحكامة التي خصها الدستور بباب كامل وهو الباب الثاني عشر، إضافة إلى إحداث تغييرات مهمة في مجال الدمقرطة والتحديث.

- المعطى السادس: يهم المجال الاجتماعي حيث تم سن ترسانة من القوانين والتشريعات منها القانون الإطار للحماية الاجتماعية، كما أن خطاب العرش الأخير دعا إلى تثمين المكتسبات التشريعية الخاصة بالأسرة والعمل على تجويدها وكذا دعوة جلالته إلى إخراج السجل الاجتماعي الموحد للوجود، بالإضافة إلى المصادقة على مجموعة من القوانين التي تؤثر إيجابا وبشكل مباشر في تحسين مناخ الاستثمار من قبيل قانون مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، قانون تبسيط المساطر الإدارية، وميثاق اللا تمركز الإداري...

جهة الداخلة وادي الذهب نموذج متقدم للعلاقات المغربية-الإسبانية:

شكل منتدى الاستثمار "المغرب-إسبانيا" الذي أقيم بمدينة الداخلة المغربية مناسبة سانحة لتسليط الضوء على فرص تطوير التعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي والتجاري، وتعتبر المبادرة التي قام بها كل من مجلس جهة الداخلة- وادي الذهب ووزارة الصناعة والتجارة، مبادرة رائدة يحتذى بها لما تهدف إليه من تعريف بالمؤهلات والفرص الاستثمارية التي توفرها المنطقة أمام المستثمرين ورجال الأعمال الإسبان، ولما تهدف إليه من تعزيز للعلاقات الثنائية بما يخدم المصالح المتبادلة والنهوض بالاقتصاد.

ويشكل هذا المنتدى استجابة لمرحلة الانفراج التي تعرفها العلاقات المغربية- الإسبانية بعد الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز بدعوة من الملك محمد السادس والتي تمخض عنها صياغة بيان مشترك، كما يشكل في ذات الآن انتقالا إلى مرحلة التطبيق وتنزيل المقتضيات والنقاط المتضمنة في البيان المشترك.

ويهدف هذا الملتقى الاقتصادي إلى مواصلة الدينامية الجديدة للتعاون الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي الذي أعيد إطلاقه بين الرباط ومدريد منذ مارس الماضي، من خلال فتح الجهة أمام استثمارات إسبانية مباشرة جديدة.

ويعد هذا الحدث مناسبة لأكثر من 250 فاعلا اقتصاديا في قطاعات الصناعة، والطاقات المتجددة، والصناعة الغذائية، والبناء، والمالية، والسياحة، والتكنولوجيا، والرياضة، والصحة، من أجل التطلع إلى استكشاف أسواق جديدة واغتنام الفرص الدولية التي يوفرها كل من المغرب وإسبانيا[12].

وقال وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، إن الأقاليم الجنوبية للمملكة، لاسيما جهة الداخلة - وادي الذهب قادرة، بفضل قدرتها الإنتاجية من الطاقة الخضراء وانتقالها التدريجي للصناعات الثقيلة، وتوفر الرأسمال البشري المؤهل، على احتضان استثمارات في مجال إنتاج الجزيئات الخضراء، خاصة الهيدروجين[13]. وهي دعوة إلى باقي الجهات إلى الانفتاح على المبادرات الاستثمارية وتشجيعها والإبداع في تسويق المؤهلات التي تتوفر عليها، ودعوة كذلك لمختلف المصالح اللا ممركزة لمختلف القطاعات الحكومية للعمل على تسويق المنتجات المحلية وتسليط الضوء على الفرص المحلية والمؤهلات المحلية وحسن الترافع لإخراج المناطق من عزلتها والمساهمة في إعمارها عن طريق الانفتاح، ودعوة إلى اقتفاء أثر جهة الداخلة-وادي الذهب التي تتطلع إلى إقلاع اقتصادي غير مسبوق، من شأنها أن يحدث تغييرا جذريا، بالنظر إلى الدور المتوقف على ميناء الداخلة الأطلسي المتمثل في تحويل المنطقة إلى منطقة صناعية بامتياز، يقع على عاتقها ريادة المنطقة في تطوير الصناعات البحرية وإنعاش الحركة التجارية، إضافة إلى الأهداف المنتظرة من باقي الأوراش الكبرى التي تشهدها المنطقة من قبيل تشييد الطريق السريع تزنيت- الداخلة والذي يعرف تقدما كبيرا في نسبة أشغاله.

---------------------------------
الهوامش:
[1] - خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 68 لثورة الملك والشعب.
[2] - خطاب الملك فيليبي السادس بتاريخ 17/1/2022.
[3] - رسالة رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 14 مارس 2022.
[4] - موقع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، تاريخ الزيارة 18/8/2022 على الساعة 16:37
[5] - الموقع الإلكتروني arabicnews.com ، تاريخ الزيارة 17/08/2022 على الساعة 18:03
[6]-خوسي لويس رودريغيز ثاباطيرو، "إسبانيا والمغرب خلال 20 سنة من حكم محمد السادس"،España y Marruecos en los 20 años del reinado de Mohamed VI | Internacional | EL PAÍS (elpais.com) – تاريخ الزيارة 18/8/2022 على الساعة12:13.
[7] - المرجع نفسه.
[8] - "التعاون الاقتصادي بين المغرب وإسبانيا مستقبل واعد ينتظر العلاقات التجارية" موقع كيفاش الإلكتروني، تاريخ الزيارة 18/8/2022 على الساعة 10:16.
[9] - España y Marruecos en los 20 años del reinado de Mohamed VI | Internacional | EL PAÍS (elpais.com) – تاريخ الزيارة 18/8/2022 على الساعة12:13.
[10] - "التعاون الاقتصادي بين المغرب وإسبانيا مستقبل واعد ينتظر العلاقات التجارية" موقع كيفاش الإلكتروني، تاريخ الزيارة 18/8/2022 على الساعة 10:16.
[11] - "التعاون الاقتصادي بين المغرب وإسبانيا مستقبل واعد ينتظر العلاقات التجارية" موقع كيفاش الإلكتروني، تاريخ الزيارة 18/8/2022 على الساعة 10:16.
[12] - منتدى الاستثمار "المغرب - إسبانيا" بالداخلة.. تسليط الضوء على فرص التعاون الاقتصادي، جريدة الصحراء المغربية نشر بتاريخ 22 يونيو 2022، تاريخ الزيارة 19/08/2022 على الساعة 12:23
[13] - كلمة وزير الصناعة والتجارة المغربية السيد رياض مزور الموجهة إلى أشغال المنتدى "المغربي-الإسباني".

الكلمات المفاتيح: البيان المشترك – العلاقات -المغربية – الإسبانية – التعاون
Keywords : the joint statement , Relationships, Moroccan, Spanish, Cooperation

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -