الإدارة الإلكترونية في زمن كورونا

مقال بعنوان: الإدارة الإلكترونية في زمن كورونا - كوفيد 19

مقال بعنوان: الإدارة الإلكترونية في زمن كورونا - كوفيد 19
اعداد الطالب علاء الدين أمزيان
باحث بماستر الحكامة وسياسة الجماعات الترابية -تطوان-
مقدمة.
تعرف الإدارة المغربية في السنين الأخيرة تحولات مهمة تطورت معها مهامها ووظائفها، كإنعكاس طبيعي للتحولات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية التي تعرفه المملكة المغربية.
فإذ كان هدف الإدارة في الكثير من الدول المتقدمة هو خدمة المواطن في أحسن الظروف، فإنها تكون مطالبة في جميع الظروف والأوقات من تجديد هياكلها و بنياتها وأساليب إدارتها للشأن العام.
وقد شكل وباء كورونا أحد الأسباب والعوامل التي دفعت بالإدارة المغربية إلى إصدار مجموعة من النصوص التنظيمية تقر فيها اعتماد الرقمنة والتكنولوجية في الإدارات العمومية، حفاظا على استمرارية المرفق العام في أداء وظائفه وخدماته للمرتفقين بشكل متساوي.
إن المغرب كغيره من الدول، اتخذ مجموعة من التدابير الاحترازية للوقاية منالوباء والحد من إنتشاره في الأوساط المغربية والأجانب المتواجدين بتراب المملكة ،ولعل من أبرز هذه التدبير إيقاف العمل عن قرب لمجموعة من المرافق الحيوية والمؤسسات العمومية الوطنية و المحلية واعتماد اسلوب العمل عن بعد عوض القرب بإدخال البعد التكنولوجي والاستثمار في التقنيات الخاصة بالاتصال والمعلوميات.
فإلى أي حد ساهمت الجهود المغربية في إحتواء وباء كورونا مع إستمرارية إنتفاع المرتفقين من الخدمات العمومية؟
وتبعا الإشكالية السالفة الذكر، إرتأينا الاجابة عنها بإعتماد التصميم التالي:
المطلب الأول : الإدارة الإلكترونية واستمرارية المرفق العام.
الفقرة الأولى : مفهوم إلادراة الإلكترونية ومقومتها.
الفقرة الثانية : الإدارة الإلكترونية كمقوم لإستمرار المرفق العام.
المطلب الثاني : العمل عن بعد بالادارات العمومية كمظهر للإدراة الإلكترونية.
الفقرة الأولى : قراءة في الإطار القانوني للعمل عن بعد بإدارات الدولة.
الفقرة الثانية : تجربة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.

المطلب الأول : الإدارة الإلكترونية واستمرارية المرفق العام.

تخضع المرافق العمومية على اختلاف أنواعها وتصنيفاتها والقوانين التي تحكمها لمبدأ إستمرارية الخدمات العمومية بانتظام واستمرار في جميع الظروف وخصوصا اوقات الازمات، كأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد « coved 19 »، وما يستتبع وراء ذلك من إتخاذ مجموعة من التدابير اللازمة لتأمين استمرارية المرفق العام ،كإعتماد اسلوب الإدارة عن بعد أو ما يمكن إصطلاحه بالإدارة الإلكترونية.
وتبعا لذلك سنحاول مناقشة مفهوم الإدارة الإلكترونية في (الفقرة الأولى) ،ودورها في ضمان استمرارية المرفق العام في أداء مهامه (الفقرة الثانية.)

الفقرة الأولى : مفهوم إلادراة الإلكترونية ومقومتها.

إن من المفاهيم الخاطئة للإدارة الإلكترونية افتراض قيام الإدارة بجميع الأعمال الموكولة إليها عن طريق الانترنت، إذ لا يمكن لأي إدارة في العالم ان تدير مواردها وتحول عملها بالكامل عن طريق الانترنت، أو افتراض ان الإدارة الإلكترونية يعني ان الفرد يستطيع أن يدفع فاتورة الهاتف والكهرباء والماء من خلال حسابهم البنكي أو عن طريق الانترنت، فهو مفهوم قاصر لأنه يضع الإدارة في أضيق نطاق.
ومن ثم فإن مفهوم الإدارة الإلكترونية مفهوم واسع شامل تتسع تطبيقاته لتشمل العديد من المجالات واختلاف الزاوية العلمية التي ينظر إليها. إذ تضم بداخلها كل ما هو إداري يستطيع أدائه عن طريق الحاسوب المتصل بشبكة الانترنت دون الحاجة إلى التواجد الشخصي للموظف بمقر الإدارة أو إحدى ملحقاتها.
فبقدر ما يثير مصطلح الإدارة الإلكترونية الكثير من الاهتمام ويلقي الكثير من الشيوع حاليا في الكتابات العلمية، وفي الإعلام الوطني والدولي، فقد تنوعت التعريفات التي قبلت بيان مفهوم الإدارة الإلكترونية.
ومن المتصدرين لتعريف الإدارة الإلكترونية، أولئك الذين يقدمون تعريفا بالمزاوجة بين الطابع القانوني والإداري والتقني.
فقد عرفها البعض بأنها "استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة من قبل الإدارةالعامة للقيام بوظائفها. وعرفها آخرون بذات الاتجاه بأنها تيسير سبل أداء أداء الإدارة العمومية لخدماتها العامة، بواسطة إستثمار التطورات العلمية المذهلة في مجال تقنيات الاتصالات والمعلومات"
وفي صدد تعريف الإدارة الإلكترونية، نجد أن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية » OCED « عرفتها ب " استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ولاسيما الانترنت من أجل تحسين إدارة المرافق العمومية".
فيما عرفته لجنة ماركيز الدولي بأنها" تطبيق التكنولوجيا الرقمية لتحديث وتغيير وظائف الادارة بقصد تحسين فعاليتها ونتائجها وكذلك جودة الخدمات المقدمة."
من خلال التعاريف السالفة الذكر، يمكن استخلاص مميزات الادارة الالكترونية وهي:
1. أنها إدارة بلا ورق : ويجب التأكيد انه لا يقصد من ذلك انعدام استخدام العمل الورقي والكتابي نهائيا ، بل يبقى العمل الكتابي جزء من العمل الاداري إضافة الى العمل الاداري الالكتروني كالأرشيف الإلكتروني، والبريد الإلكتروني، والادلة والمفكرات الإلكترونية والرسائل الصوتية ... الخ.
2. أنها إدارة بلا مكان : فهي ليست كالإدارة التقليدية تقوم في مقر محدد على طالب الخدمة الذهاب اليها للحصول على الخدمة التي يريد والانتفاع منها، إذ لا يوجد مقر محدد للإدارة الالكترونية، ولطالب الخدمة الحصول عليها - كلما توفرت تقنيات الاتصال، کالأنترنت او الهاتف المحمول - من اي مكان.
3. أنها إدارة بلا زمان : فاذا كنت الادارة التقليدية تقوم في ساعات عمل محددة، فإن الادارات الالكترونية تمارس عملها على مدار 24 ساعة في اليوم، ومن ثم فلا يقسم الوقت في ساعات عمل واخرى للراحة، بل يصبح اليوم بأكمله مخصص للخدمة العامة .
4. أنها إدارة بلا تنظيمات جامدة ولا روتين إداري: يمكن القول أن هذه الميزة تعد اساس التحول في نظام الادارة الالكترونية، إذ أن محاربة الروتين والفساد الاداري من اهم مبررات وجود الإدارة الالكترونية، وأحد أهم أسباب نجاحها، وذلك لقلة أو انعدام الاحتكاك بين الموظف العام - الذي سيقتصر دوره على ادخال المعلومات في الغالب - وبين المواطن اي طالب الخدمة الذي سيخاطب الادارة من خلال تقنيات الاتصال .
وحقيقة الامر - برأينا - ان الادارة الالكترونية بات اليوم واقعا يفرضه تطور الدولة الحديثة، ورغم ما يقال عن توجهات الدول نحو الخوصصة، الا اننا نعتقد أن واجب الدولة في تقديم الخدمات مازال في اوجه، ولم تنازع الخوصصة في ان هنالك طيف واسع من الخدمات مازال محجورا للدولة وأجهزتها، ليس للدولة تركها للقطاع الخاص (كالتعليم، الصحة، الدفاع..) ، كما انه ليس بمقدور الافراد الاعتماد على القطاع الخاص الحصول عليها، فما زالت الدولة المتدخلة، إن لم نقل باتت اليوم أكثر تدخلا.
وان كان الحال كذلك فإنه يقع على عاتق الدولة إلتزام اخر جديد وهو الاستفادة من كل التطورات تقنية كانت أم معلوماتية، في تطوير طرق تقديم أو تيسير تقديم الخدمات لمواطنيها، ولعل تطبيق نظام الإدارة الإلكترونية طريقة من تلك الطرق ،ووسيلة تقارب جديد بين الإدارة والمرتفقين.

الفقرة الثانية : الإدارة الإلكترونية كمقوم لاستمرار المرفق العام.

يعتبر مبدأ الاستمرارية من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها المرافق العمومية ،والتي لا يحتاج تقريرها لنص تشريعي خاص، لأن الحاجة تقتضي وجود مرفق عمومي يحدث على أساس تلبية حاجيات واشباع رغبات بشكل منتظم دون توقف. فإذ توقف سيرها أو تعطل ولو مؤقتا عن العمل، يعد بمثابة إنكار للمصلحة العامة - الذي يعتبر اساس وجود المرافق العامة وسبب إنشائه كما جاء في تعريف ديلوبادير Delobadere للمرفق العام - وينتج عن ذلك أضررا ومضايقات تضر بالجمهور. انطلاقا من ضمان وتحقيق مبدأ الاستمرارية، فإن الإدارة مطالبة بتوفير الوسائل التي تخول تأمين استمرارية نشاط المرفق العام، وهنا نستحضر ما اورده الأستاذ Jean Paul valette في كتابه قانون المرافق العمومية الذي أصدره سنة 2014، حيث أشار إلى إحدى محاضرات Louis Rolland التي ألقاها سنة 1934. حيث اعتبر أن استمرارية المرفق العام من استمرارية الدولة، وقد استخدمها لتبرير العديد من النظريات القانونية، فهو لا يكتفي بالقول بأن الدولة تعمل على إحداث المرفق العمومية وإنما كذلك مطالبة بتأمين استمراريتها حيث كان مبدأ استمرارية المرفق العام حاجة بالنسبة للدولة التي تعمل على تحقيقه وضرورة للمواطنين.
إن الوضعية التي يعيشها المغرب جراء تفاشي وباء كورونا المستجد، فرضت عليه إعلان حالة الطوارئ الصحية واتخاذ مجموعة من الإجراءات ذات الطابع الوقائي والتي تحد من استمرارية سير المرافق العمومية بانتظام واضطراد حماية للأمن الصحي للمواطنين/ات.
منها توقيف الدراسة الحضورية بالمؤسسات العمومية والخصوصية بمختلف مستوياتها وأسلاكها وإغلاق العديد من الفضاءات والاماكن العمومية، وكذا توقيف بعض المرافق المرتبطة بخدمات موجهة للمواطنين، مع الإبقاء على المرافق العمومية الحيوية لأداء خدماتها، بإعتماد أسلوب الرقمنة والعمل عن بعد في إطار الخدمات الالكترونية ،كإجراء موازي ومواكب للحد من انتشار وباء كورونا المستجد ويصيب أواسط الموظفين والمرتفقين.
لاشك أن تقديم الخدمات الإلكترونية - وفق برنامج معد سلفا- سيقلل من خطورة الأمر وسيأمن تفعيل هذا المبدأ، ويفتح آفاقا للإدارة لتعميم أساليب التكنولوجيا والاتصالات بما يجعل المرفق قائم من حيث استمرارية خدماته بعيدا عن الروتينية والتعقيد التي تتسم يه الأساليب التقليدية للإدارة، إذ في لواء هذا النظام يستطيع الفرد الحصول على الخدمة المرفقية والمعلومات الرسمية التي يسعى إليها في أي وقت شاء على مدار اليوم.

المطلب الثاني : العمل عن بعد بالإدارات العمومية كمظهر للإدارة الإلكترونية .

بعد رصدنا لمفهوم الإدارة الإلكترونية ولأهم مميزاتها، واعتبرناها احد أساسيات المرفق العام واستمرارية خدماته، لا يسعنى الان سوى الحديث عن تطبيقاته بالإدارة العمومية المغربية في ظل جائحة كورونا، وذلك من خلال مناقشة إطاره القانوني في
(الفقرة الأولى)، على أن نخصص تجربة التعلم عن بعد في (الفقرة الثانية) .

الفقرة الأولى : قراءة في الإطار القانوني للعمل عن بعٌد بإدارات الدولة .

لقد عملت الحكومة المغربية إلى إقرار مرسوم رقم 2.20.343 المتعلق بالعمل عن بُعد بإدارات الدولة، وذلك بعد إعتماد العمل عن بُعد تزامنا مع فرض المغرب لحالة الطوارئ الصحية، حرصا على سلامة الموظفين والمرتفقين في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها بلادنا والمتمثلة في انتشار كوفيد 19 كإجراء احترازي للحد من تفشيه .
ويعتبر مرسوم " العمل عن بعد لإدارات الدولة " أحد آليات التدبير العمومي الحديث المرتبط بالإدارة الإلكترونية تقديم الخدمات العمومية للمرتفقين، بواسطته يتم إنجاز المهام خارج مقرات العمل الرسمية التابعة لإدارة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال، بما يضمن استمرارية المرفق العام في إنجاز المهام وتقديم الخدمات في ظل حالة الطوارئ الصحية .
وبإستقرائنا لهذا المرسوم، نجد على أن المشرع قد وفق في مواده 16 بين ضرورات استمرار المرفق العام وتلبية حاجيات المرتفقين، واتخاذ الحيطة والحذر من جائحة كورونا باستخدام الآليات الحديثة في ممارسة الأنشطة والمهام الإدارية بما يضمن النجاعة والفعالية.
إن المواد من 1 إلى 4 من هذا المرسوم، تهم بالأساس تحديد المفهوم وتبيان خصائص ومميزات العمل عن بعد بإدارات الدولة، كما حدد كيفية وطريقة العمل بهذا النمط الذي يمكن أن يكون في مقر سكنى الموظف، أو في مقرات تابعة للإدارة يتم تحديدها عند الاقتضاء .
فيما أحالت المادة 5 من هذا المرسوم على قرار للسلطة الحكومية المعنية يتم اتخاذه مع تأشيرة السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية، يحدد لائحة الوظائف والأنشطة والأماكن الموضوعة رهن إشارة الإدارة للقيام بالعمل عن بعد، وقواعد أمن المعلومات وحماية البيانات وشروط وقواعد احتساب توقيت عمل الموظفين ومدتهم، مع إمكانية تقييم أداء الموظف خلال مدة أقصاه ثلاثة أشهر (المادة7).
فيما تطرقت باقي المواد إلى واجبات الموظف وحقوقه خلال عمله عن بعد كرخص المرض والاستفادة من التعويض عن حوادث الشغل المرتبط بعمله عن بعد فقط.
وأخيرا نصت المادة 15 على إحداث لجنة تحت إشراف السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية تتولى تتبع وتقييم العمل عن بعد لهذه الإدارات، وإعداد البرامج التكوينية ذات الصلة للموظفين بما يغني رصيدهم التدبيري، وإعداد تقارير سنوية تعرف إلى رئاسة الحكومة.
وتكملة لهذا المرسوم، عملت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة على إصدار منشوري رقم 2020/01 و 2020/02 المؤرخين على التوالي في 16 مارس وفاتح أبريل 2020.
ومن أجل التنزيل السليم لمضامين هذه المناشير وتجسيدا للمرسوم السالف الذكر ،قامت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة - قطاع إصلاح الإدارة- باعتماد دليل يهدف إلى تحديد التدابير الأساسية الواجب اتخاذها من قبل الإدارات المعنية، والالتزام بالتعليمات الصادرة عن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات خاصة المذكرة رقم 24100304/20 حول الأمن السيبراني المتعلق بالعمل عن بعد، و بالتوجهات الوطنية لأمن نظم المعلومات موضوع منشور رئيس الحكومة رقم 2014/03، وكذا الالتزام بمقتضيات القانون رقم 09.88 المتعلق لحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
ويبسط هذا الدليل محتوى المرسوم والمناشر الصادرة في هذا الإطار، من خلال تحديد مفهوم العمل عن بعد للإدارات العمومية ويفصل في أنواعه والأهداف التي تبتغيه، والضوابط و الآليات الأساسية لهذا النوع من العمل، وكذا الالتزامات المتبادلة بين الإدارات العمومية والموظفين.

الفقرة الثانية : تجربة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.

يعتبر التعلم والتمدرس عن بعد، إحدى اهم تجليات العمل عن قرب لإدارات الدولة .
إن الوضع الاستثنائي الذي تعرفه المملكة، دفعت بالسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي على تبني إستراتيجية محكمة وعقلانية عبر التعليم الرقمي الذي يقوم على فكرة إيصال المادة التعليمية إلى المتعلم عبر وسائط أو أساليب الاتصالات التقنية المختلفة.
فمعظم المؤسسات التعليمية عملت على نهج سياسة رقمية تتماشى مع التوجهات العامة للدولة في مجال الرقمنة بالإدارات والمؤسسات العمومية وفي تكريس مضامين وأهداف الرؤية الإستراتيجية 2015-2030، خاصة في النهوض بالمنظومة التعليمية وذلك من خلال إحداث مواقع ومنصات مبرمجة مخصصة للتعليم عن بعد وفق آلية مناسبة تيسر فهم المادة بأسلوب سلس وغير مكلف لا من حيث الجهد أو الوقت. وقد أفادت ااوزارة في بلاغ لها أنها انطلقت ابتداء من 16 مارس 2020 عبر منظومة »Talim.ma« العمل بالخدمة التشاركية « Teams » المدمجة في منظومة مسار والتي توفر وظائف مهمة تمكن للأساتذة من التواصل المباشر مع تلاميذهم، وكذا تنظيم دورات التعلم عن بعد عبر أقسام افتراضية تتيح إمكانية إشراك التلاميذ في العملية التعليمية التعلمية، وذلك من خلال استعمال العروض التقديمية أو النصوص الرقمية أو تقنيات الصوت والفيديو... بهدف ضمان الاستمرارية البيداغوجية وتنويع البدائل الممكنة من أجل مواصلة التحصيل الدراسي وتشجيع التلاميذ و الطلبة على متابعة دراستهم عن بعد.
إلى جانب هذا تم تشكيل لجن جهوية و إقليمية لليقظة و الوقاية، تتولى الإشراف على مختلف التدابير التي تندرج في إطار الوقاية من هذا الفيروس، واتخاذ الاستعدادات الضرورية لأي طارئ محتمل، وتصريف الإجراءات الوقائية على مستوى المؤسسات التعليمية.
ودون أن ننسى الدور الذي تلعبه الجامعات والكليات في تنزيل رهانات التدريس عن بعد و مواجهة هذا الوضع الاستثنائي سواء عن طريق أطرها التربوية أو عن طريق مواردها المؤسساتية، وعبر قيام دكاترتها بتنزيل الدروس باستعمال وسائل الإعلام المختلفة من قنوات تلفازية جهوية ووطنية ومواقع اجتماعية Google met، zoom... وكذلك المواقع الإلكترونية صوتا وصورة.
فرغم ان عدد مستعملي الانترنت والبنية التحتية الرقمية قد عرف ارتفاعا ايجابيا خاصة لدى الفئة الشابة حسب ما نشرته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات حول مراصد قطاع الاتصال برسم سنة 2019، اذ سجلت حظيرة المشتركين في خدمة الانترنت المتنقل برسم نفس السنة 68،23 مليون مشترك، أما بالنسبة لحظيرة المشتركين في خدمات الأنترنيت الثابت WIFI ADSL فقد بلغت 48،1 مليون مشترك. أما بالنسبة لحظيرة المشتركين في خدمة الهاتف المتنقل، فقد ارتفعت لتصل الى 67،46 مليون مشترك مع نهاية 2019. فان ولوج المتعلمين الى هذه المضامين الرقمية يتم بشكل عفوي تلقائي، دون أن يتعلموها في المدرسة. ذلك أن البنيات التحتية التكنولوجية غير متوفرة في المدرسة وحتي في الجامعة المغربية بالشكل الذي يمكنها من تعليم هذه الكفايات الرقمية .
لذلك يقتصر السلوك التعليمي الرقمي لدى المتعلمين على تصفح المواقع والمنتديات الإلكترونية، وتحميل المعلومات الخاصة بها، ومشاهدة الصور والفيديوهات ومشاركتها والتعليق عليها، فضلا عن انشاء والانخراط في المجموعات الإفتراضية وغرف للدردشة بمواقع التواصل الاجتماعي. في حين أن التعليم عن بعد يتطلب أن يتوفر المتعلم على كفايات معرفية ورقمية تكُْتسَب في الدراسة، تمكنه من معالجة المعلومات وتحليلها، وتصفح المواقع الإلكترونية بتمكن وبروح نقدية.
لذلك، فإن ضعف تملك المتعلمين للكفايات الرقمية اللازمة سوى تملك التي تعلموها تلقائيا خارج المدرسة، شكل اول عائق أمام تفعيل عملية " التعلم عن بعد" في التجربة المغربية، ناهيك عن عائق جغرافية الشبكات الانترنت، حيث يلاحظ على أن الفئة الأكثر ولوجا إلى منصات التعليم هي فئة المتعلمين المنتمين للمجال الحضري أكثر من فئة المتعلمين المنتمين للعالم القروي، حيث أن اغلب المناطق القروية لا يتوفرون على شبكات الانترنت، وان توفروا على ذلك فإنهم يعنون من ضعفه - ضعف شبكة الإنترنت لا تقتصر على المجال القروي فقط بل تمتد لتشمل التراب الحضري كذلك - ، وغيرها من المعيقات كتلك المرتبطة بالتدابير الاستعجالية الاضطرارية التي اتخذتها الوزارة الوصية عن التعليم عن بعد.

خاتمة.
في ظل التطورات المتلاحقة في عالمنا اليوم، أصبح من الضروري على الدولة الحديثة ان تستثمر تلك التقنيات الخاصة بالاتصال والمعلوميات، في تطوير منظومتها الإدارية الوطنية والترابية، وفي تطوير وسائل وأشكال تقديمها للخدمات العمومية رغبة في آن يتخلص مواطنيها من المعانات في طلب الخدمات والحصول عليها.
إن استمرارية المرفق العام في أداء وظيفته بانتظام واضطراد تستلزم على الإدارة اعتماد الرقمنة وأسلوب الإدارة عن بعد، يساهم في حل العديد من المشاكل الإدارية المتعلقة بالعمل الإداري، أو التي يمكن اعتبارها من إفرازات الوظيفة الإدارية، مما جعل من التحول للتقنية في المجال الإداري توجها لدى العديد من الدول من بينها المغرب.
إن أزمة كورونا وما خلفته من تداعيات اقتصادية واجتماعية، دفعت بالمغرب كغيره من الدول إلى إعادة النظر في أساليب تدخلها في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والذي يدخل في نطاقها إعتماد أسلوب الإدارة عن بعد في المنظومة التعليمية.
------------------------
قائمة المراجع:
- مرية بوجداين، المرافق العمومية الكبرى، مرجع لطلبة السداسي السادس، شعبة القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي، الكلية المتعددة التخصصات، تطوان، السنة الجامعية 2016-2017.
- حميد أبولاس، النشاط الإداري - درسة مقارنة- ، مطبعة الخليج العربي بتطوان ،الطبعة الثانية 2015.
- ﷴ حنان القيسي، الإدارة الإلكترونية وتقديم الخدمات العامة، مجلة الحقوق، العدد
.2016 ،17 -16
- فضيلة لكزولي، التدريس عن بعد ورهانات الإصلاح في ظل جائحة كوفيد 19، مجلة الباحث للدراسات القانونية والقضائية، عدد 17، أبريل 2020.
- سعيد الشرقاوي، التعليم عن بعد في التجربة المغربية في ظل اللامساواة الرقمية ،مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية، العدد السادس، أبريل 2020.
- حميد أبولاس، استمرارية المرفق العام في زمن كورونا ما بين أساس استمرارية المرفق العام والحماية القضائية.
- زهير الزنان، استمرارية المرافق العمومية في ظل حالة الطوارئ الصحية بالمغرب.
- مؤلف جماعي ،الدولة والقانون في زمن جائحة كورونا، عدد خاص، مجلة دولية علمية متخصصة، ماي 2020.]
ـ مشروع مرسوم رقم 2.20.343 الصادر بتاريخ 28 ماي 2020 متعلق بالعمل عن بعد بإدارات الدولة.
ـ منشور رقم 01-20 الصادر بتاريخ 16 مارس 2020 حول التدابير الوقائية من خطر انتشار وباء كورونا بالإدارات العمومية والجماعات الترابية والمقاولات العمومية.
ـ منشور رقم 02-20 الصادر بتاريخ 1 أبريل 2020 متعلق بالخدمات الرقمية للمرسلات

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -