قراءة في المرسوم رقم 2.20.475

مقال بعنوان: قراءة في المرسوم رقم 2.20.475 بتحديد قواعد اشتغال وأدوار ومهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين

قراءة في المرسوم رقم 2.20.475 بتحديد قواعد اشتغال وأدوار ومهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين

بقلم : يونس شهيم
متصرف تربوي بمديرية الحي الحسني و باحث في العلوم السياسية


سعيا منه لتنزيل مضامين القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ولا سيما المادة 20 منه؛ عمل المشرع المغربي على إصدار المرسوم رقم 2.20.475 الذي يحدد قواعد اشتغال وأدوار مهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين، هذه العلاقة التي ظلت، في كثير من الحالات، ملتبسة قبل إصدار هذا المرسوم. التباس أفرز العديد من المظاهر المسيئة والتي لا تخدم المنظومة التربوية ببلادنا ولا تولي المتعلمة والمتعلم المغربي المكانة اللازمة الكامنة في كونهما محور العملية التعليمية-التعلمية.

من هذه المظاهر قد نجد جمعيات تقوم باستخلاص واجبات الانخراط ثم تختفي إلى غير رجعة، وأخرى حاضرة فقط على الورق وغائبة ميدانيا، وأخرى تتدخل بشكل محدود جدا وجد محتشم، وفي حالات أشد قبحا قد نجد من الجمعيات من يهدم بدل البناء، ومن يزرع الفتن بين مختلف المكونات والمتدخلين، وفي أحايين أخرى قد نجد جمعيات لا تعي ما المطلوب منها على وجه التحديد، ولا تعلم حدود اختصاصاتها وفي ذلك كله عرقلة للنموذج التنموي الجديد الذي ينشده المغاربة قاطبة ملكا وحكومة وشعبا.

وبقراءة أولية لمواد هذا المرسوم يمكن تبيان مجموعة من الأمور:

أولا؛ أن الآباء الذين يفضلون إيداع أبنائهم لدى المؤسسات التربوية الخصوصية يمكنهم بقوة القانون تأسيس جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ، ومعلوم أن العديد من المؤسسات الخصوصية ظلت تتحفظ على هذه المسألة وتتهرب منها وتعترض عليها، فبالاستناد إلى منطوق المادة الأولى التي عرفت مؤسسات التربية والتكوين في مدلول هذا المرسوم في كونها تشمل مؤسسات التعليم العمومي وكذلك الخصوصي.

ويكمن الهدف من خلق جمعيات للأمهات والآباء والأولياء في تأطير وتيسير انخراط أمهات وآباء وأولياء المتعلمات والمتعلمين في الشأن التربوي عامة، والإسهام في الارتقاء بمؤسسات التربية والتكوين والمساهمة في تطوير أدائها وتخويلها المكانة التي خصها بها الدستور باعتبار فعل التعلم حقا دستوريا.

كما حددت المادة 3 من ذات المرسوم الأدوار والمهام المنوطة بجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في إطار التنسيق بينها وبين الإدارة التربوية وفي كنف جو يسوده التعاون المثمر والبناء والاحترام المتبادل للأدوار بينها وبين مؤسسات التربية والتكوين، ومراعاة لمبدأي المسؤولية والاستمرارية في تقديم الخدمات ذات الصلة بالشأن التربوي، وهو ما يستشف منه أنه لم يعد مقبولا الاختفاء والتواري عن الأنظار بعد جمع الاستخلاصات، إذ الجمعية اليوم مطالبة بالتواجد الميداني المستمر طبعا في حدود الاختصاصات.

هذا وقد حددت المادة 4 مجموعة من القواعد التي تؤطر اشتغال الجمعية جاءت كالآتي:

- جعل مصلحة التلميذات والتلاميذ ومؤسسة التربية والتكوين أولوية لعملها وأنشطتها؛
- التقيد بمقتضيات النظام الداخلي لمؤسسة التربية والتكوين؛
- عقد اجتماعات دورية مع إدارة مؤسسات التربية والتكوين؛
- احترام الأدوار والاختصاصات والضوابط المنظمة لمهامها ولصلاحيات الفاعلين التربويين داخل مؤسسات التربية والتكوين؛
- الحرص على مشاركة أسر التلميذات والتلاميذ في اجتماعاتها وأنشطتها، مع ضرورة مراعاة ظروفهم الاجتماعية والإكراهات المجالية والجغرافية؛
- الالتزام بالشفافية تجاه منخرطيها ومؤسسات التربية والتكوين التي تشتغل فيها؛
- المشاركة الفعلية لممثليها في مجالس مؤسسات التربية والتكوين؛
- التزام الحياد في الخلافات الداخلية لمؤسسات التربية والتكوين.

وتتيح المادة 5 لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ إمكانية المشاركة في وضع مشروع المؤسسة وتفعيله، في انسجام تام مع المقتضيات الدستورية التي تعززت بمفهوم الديمقراطية التشاركية وإتاحة الفرصة للمجتمع المدني في المشاركة في صنع السياسات العمومية وفي تدبير الشأن المحلي، ومعلوم أن مشروع المؤسسة ظل، في كثير من الحالات، محل وضع وإعداد أحادي الجانب، إذ غالبا ما يقوم بإعداده رئيس المؤسسة ونادرا ما نلحظ انخراط باقي الأطراف والمكونات والمتدخلين في صياغة هذا المشروع، خاصة في غياب نص قانوني يلزم الجميع بإعداد مشروع المؤسسة، ولهذا يمكن القول أن المشرع استدرك الفراغ التشريعي الضامن لمبدأ التشاركية في إعداد مشروع المؤسسة بإتاحته الفرصة أمام جمعية أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ المشاركة في إعداد وتنزيل وتنفيذ مشروع المؤسسة من خلال المادة 5 من هذا المرسوم.

ومن المهام المنوطة بالجمعية أيضا تقديم الدعم التربوي والاجتماعي اللازمين من أجل القضاء على كل أشكال الانقطاع والهدر المدرسيين، والإسهام في مجهودات اليقظة والمواكبة والتتبع المستمر، ويشمل هذا الدعم:

- وضع خطط وبرامج عملية ميسرة لمساعدة الأسر على مراقبة بناتهم وأبنائهم وتدبير سلوكاتهم لمحاربة، على الخصوص، اللامبالاة بالدراسة أو الغش، أو العنف والإضرار بالملك العام وبالبيئة، أو أي شكل من أشكال السلوك غير المدني، بما فيها البرامج والأنشطة الموازية والفنية الموجهة للمتعلمات والمتعلمين، إما تمويلا أو مساهمة في التنظيم والإعداد وغيرها من أشكال التعاون والشراكة البناءة؛
- الإسهام في توفير حاجيات التلميذات والتلاميذ من دعم نفسي وصحي وتربوي واجتماعي، مع مراعاة مبادئ الإنصاف وتكافؤ الفرص، بما فيها استدعاء أطباء ومستشارون ومختلف الفاعلين النفسيين والاجتماعيين إلى فضاء المؤسسة قصد التأطير والتحسيس والاستماع للتلميذات والتلاميذ؛
- التعاون مع إدارة مؤسسات التربية والتكوين لمحاربة التغيبات الفردية والجماعية للتلميذات والتلاميذ والتنبيه لمخاطرها؛
- دعم الجهود الرامية إلى تشجيع تعميم التمدرس، وتيسيره في الوسط القروي وشبه الحضري والمناطق ذات الخصاص؛
- الإسهام في النهوض بالتعليم الأولي وتنميته؛
- تقديم كل أشكال المساعدة والدعم لتنمية وتطوير التعليم والتكوين عن بعد؛
- تشجيع التمدرس الاستدراكي للأطفال المنقطعين عن الدراسة، قصد إعادة إدماجهم في المدرسة النظامية؛
- العمل على تيسير إدماج الأطفال الذين استفادوا من التربية غير النظامية في مؤسسات التربية والتكوين؛
- دعم الجهود الهادفة إلى تمكين الأطفال في وضعية إعاقة، أو في وضعيات خاصة من الاستفادة من حقهم في التربية والتكوين؛
- المشاركة في تأمين الانتقال والاندماج السريع للمتعلمين في مختلف مكونات منظومة التربية والتكوين؛
- تنشيط الحياة المدرسية بمشاريع ومبادرات من شأنها تعزيز تفتح المتعلمين وتقوية كفاياتهم التواصلية والثقافية والاجتماعية والرياضية والإبداعية.

كما أن المجال مفتوح أمام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ للقيام بمهام اليقظة والمواكبة والتتبع المستمر من خلال:

+ القيام بدور الوساطة بين مختلف المتدخلين قصد تجاوز الصعوبات والإكراهات التي يمكن أن تحول دون استدامة التمدرس لدى التلميذات والتلاميذ؛
+ الإسهام في توفير الدعم التربوي للمتعلمات والمتعلمين المتعثرين؛
+ المساعدة على حل الخلافات؛
+ تقديم الاقتراحات التي من شأنها أن ترتقي بالنموذج البيداغوجي لمؤسسات التربية والتكوين في حدود الاختصاصات المنوطة بها، مع الالتزام التام بالخيارات والسياسات العمومية المعتمدة؛
+ بالإضافة إلى مهام التوعية والتحسيس والتأطير.

الملاحظ أن هذا الكم الهائل والمهم من الإجراءات والتدابير والتدخلات يقتضي من جملة ما يقتضيه مسألة التكوين والتأهيل، فكلما كان الأعضاء المشكلين للجمعية مؤهلين معرفيا ومهاراتيا كلما تحققت الأهداف والنتائج والعكس صحيح، لذلك يمكن أن نعيب على المشرع إغفاله لشروط تقلد العضوية داخل الجمعية بفرض الحد الأدنى من المتطلبات أو السمات والمؤهلات التي ينبغي أن تتوفر في العضو حتى تكون عضويته فعالة وناجعة.

غير أنه نثمن ما جاءت به المادة 12 من هذا المرسوم، إذ نرى أنها تشكل أداة رقابية أودعها المشرع في يد مجلس تدبير مؤسسة التربية والتكوين، حين مكنه من إمكانية توجيه إعذار إلى المكتب التنفيذي للجمعية كلما تبين له أن سير الجمعية يخل بالشأن التربوي، وذلك قصد منح فرصة أمام الجمعية لتصحيح الوضعية، خاصة وأن المشرع عمل على تحديد المدة اللازمة لتصحيح الوضعية في شهر واحد تبتدئ من تاريخ التوصل بالإعذار، تكون بعدها إدارة مؤسسة التربية والتكوين مطالبة بإخبار الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، حسب الحالة، من أجل القيام بما يلزم طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -