إشكالية حماية المستهلك في القانون 31.18

 رسالة بعنوان: إشكالية حماية المستهلك في القانون 31.18 - القروض العقارية نموذجا - PDF

إشكالية حماية المستهلك في القانون 31.18 - القروض العقارية نموذجا - PDF

مقدمة :
يرتبط القانون بالتطورات التي يعرفها المجتمع في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ارتباطا وثيقا ومستمرا، وذلك ينعكس حتما على التصرفات القانونية للأشخاص، هذه التصرفات كان مبدأ سلطان الإرادة يشكل حجر الزاوية فيها، حيث أصبحت الرضائية هي الأصل العام الذي يحكم العلاقات التعاقدية ويضمن تحقق المساواة بين أطرافها، وهي تشمل حرية الإنسان في أن يتعاقد وفقا لما تقرره إرادته الحرة إلى جانب حريته في عدم التعاقد. 
إلا أن هذا المبدأ عرف تراجعا كبيرا بسبب التفوق الاقتصادي والفني لأحد أطراف العلاقة التعاقدية وهو ما يطلق عليه بالمهني على حساب المطرف الآخر والمتمثل في المستهلك، إذ يستغل الطرف الأول المبادئ العامة القائمة على حرية التعاقد لفرض شروط أقل ما يقال عنها مجحفة في حق الأخرين، حيث صاحب ذلك ظهور صيغ جديدة للتعاقد كرست عما يعرف اليوم بأزمة العقد. 
كل هذا أدى إلى إضعاف الأساس الذي سيقوم عليه المذهب الفردي، وهكذا أصبحت الالتزامات الناشئة عن العقد لا تستند إلى محض إرادة العاقد وإنما ترتكز على اعتبارات أجتماعية هي أساس القوة الملزمة. 
فتطور الحياة التعاقية بكل ميكانيزماتها، صاحبه تحول عميق على مستوى العلاقات التعاقدية الأمر الذي قلب موازين القوى بين أطرافها نتيجة لطغيان ميزان القوة على الإرادة، وهذا ما أثر على أسلوب التعامل، إذ لم يعد يتم التعاقد بالطريقة التقليدية، بل أصبح التعاد عن طريق عقود يتم إعدادها وطبعها سلفا كالعقود النموذجية، الأمر الذي أدى إلى اختلال التوازن بين الالتزامات التعاقدية على النحو الذي يتحقق معه اگبر مصلحة المهني على حساب المستهلك. 
و يدخل في إطار العقود النموذجية السالفة الذكر عقود القرض العقاري التي تمنحها البنوك والمؤسسات المالية التي تمارس عمليات التمويل العقاري، و هذه القروض إما أن تمنح لمنعشين عقاريين أو تمنح لأفراد عاديين إلا أننا سنركز على الفئة الأخيرة نظرا لخطورة هذه القروض على المستهلك، الذي يظل دائما الهدف والوسيلة لتحقيق أي تقدم باعتباره إنسانا قبل أن يكون مستهلكا، من هنا كان الإيمان بحمايته، و الالتزام بمتطلباته أمر ضروريا، والإنسان بطبيعته كائن استهلاكي. 
وحمايته وفقا لذلك تعد ترجمة فعلية للفهوم المعاصر لحقوق الإنسان، كما أن لحقوق لم تعد فقط ذات طبيعة فكرية، بل امتدت لتشمل الحقوق ذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية، وترتيبا على ذلك، أصبحت حماية المستهلك في القروض العقارية أمرا طبيعيا باعتباره وعاءا لمجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. 
و ارتباطا بهذين الحقين يمكن القول أن السكن بات ضالة المستهلك والغاية التي يسعى بشتى الوسائل لتحقيقها، ويعتبر القرض العقاري أهم هذه الوسائل، ففي ظل عجز التمويل الذاتي عن إشباع رغبات الأفراد في توفير سكن قار ومستقل، يلتجأ الأفراد إلى البحث عن تمويل خارجي يتمثل بالأساس في البنوك والمؤسسات المالية الخاصة التي تمارس عمليات التمويل العقاري. 
ويقوم هذا التمويل أساسا على عنصري الثقة والأمان اللذان يضعهما الممول في المستهلك واللذان يتوقفان بدورهما على الضمانات التي يقدمها هذا الأخير سواء كانت ضمنات عينية أو شخصية. 
والجدير بالذكر أن التشريعات الوضعية لم تولى اهتماما التعريف القرض العقاري، الأمر الذي حاول الفقه تلافيه، إذ ذهب الفقيه Jean Calais Audly إلى تعريفه بأنه: “القرض الذي يسلم من قبل الأبناك أو المؤسسات الخاصة، ويكون هذا القرض مرتبط بعقد بيع أو بناء عقار ما، مع ضمان دين المؤسسة بحق الامتياز على العقار أو رحهنه رهنا رسميا”.وبسبر أغوار التاريخ، نجد أن الحضارات التي سادت قبل الميلاد لم تنظم القرض العقاري بصفة خاصة، وإنما نظمت القرض بصفة عامة دونما تمييز بين أنواعه، ويرجع أصل عقد القرض أو عارية الاستهلاك إلى القرن السادس قبل الميلاد، ويعني تسليف نقود أو مثليات للاستهلاك بشرط رد قيمتها أو مثلها. ويعد قانون الألواح الاثنا عشر أول القوانين الرومانية المكتوبة التي نظمت ضمن بنودها القرض بفائدة، إلا أن الفقهاء اختلفوا حول الحد الأقصى لنسب الفائدة، فبعضهم حددها في %12 في السنة والبعض الاخر في % 8.33 في السنة، ويتميز هذا القانون بطلبعه العقابي حيث أنه يتيح حبس المقترض الذي لا يفي بدينه، وتصل العقوبة الى الاعدام….

---------------------------
لائحة المراجع :
- عبد الخالق أحمدون، "الوجيز في الملكية العقارية و الضمانات العينية"، الجزء الأول، مطبعة طوب بريس، طبعة 2007 
- عبد العزيز حضري، "القانون القضائي الخاص"، مطبعة الجسور، وجدة، الطبعة الثالثة، 2002 
- أحمد حسن البرعي، " نظرية الإلتزام في القانون المغربي مصادر الإلتزام1 العقد" دار الثقافة الدار البيضاء، 1981 
- أحمد شكري السباعي، " الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي- شركات  المساهمة"، الجزء الثالث، الطبعة الأولى 2004، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 
- أحمد شكري السباعي، "الوسيط في الأوراق التجارية، الجزء الأول في آليات أو أدوات  الائتمان"، دار النشر المعرفة الطبعة الأولى 1999، الرباط 
- أحمد شكري السباعي، "نظرية بطلان العقود في القانون المدني المغربي الفقه الإسلامى  والقانون المقارن"، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1987 
- أحمد محمود سعد، "عقد الكفالة، دراسة مقارنة"، الطبعة الأولى 1994، مطبعة دار النهضة  العربية، القاهرة 
- أحمد محمود علي خلف، "الحماية الجنائية في القانون المصري والفرنسي والشريعة الإسلامية،  دراسة مقارنة"، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية، 2005 
-إدريس العلوي العبدلاوي، "شرح القانون المدني، نظرية العامة للإلتزام نظرية العقد" الطبعة  الأولى، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 1996 
- السيد محمد عمران، " حماية المستهلك أثناء تكوين العقد"، الدار الجامعية بيروت، 2003 
- القيس عامر قاسم أحمد، " الحماية القانونية للمستهلك، دراسة مقارنة"، الدار العلمية والدولية،  ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، 
- المختار بن أحمد العطار، " الوسيط في القانون المدني، مصادر الإلتزام"، مطبعة النجاح  الجديدة الطبعة الثانية، الدار البيضاء، 2007، 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -