عرض بعنوان: الأعمال التي لا تقبل الطعن بالإلغاء أمام القضاء الإداري PDF
مقدمة :
إن وجود الإدارة طرفاً في علاقة قانونية مع الأفراد، بما تتمتع به من سلطات وامتيازات كثيرة لاشك يؤدي في كثير من الأحيان إلى ارتكاب الإدارة بعض الأخطاء عندما تصدر قراراتها دون روية أو على عجل، وقد يحدث أن تتجاهل الإدارة بعض القواعد القانونية التي سنها المشرع حفاظاً على مصلحة الأفراد.
ولما كانت الإدارة في اتصال مستمر مع الأفراد فقد تؤدي هذه الأخطاء إلى الأضرار بهم، ومن مقتضيات العدالة ومقوماتها أن تخضع الإدارة لحكم القانون وأن تكون كلمة القانون هي العليا، ولابد لذلك من تنظيم رقابة قضائية على أعمال الإدارة تضمن سيادة حكم القانون.
يقول الأستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري في هذا المعنى : " أن من كان مظلوماً وكان خصمه قوياً كالإدارة، فلابد من ملاذ يلوذ به ويتقدم إليه بشكواه ولا شيء أكرم للإدارة وأحفظ لمكانتها من أن تنزل مع خصمها إلى ساحة القضاء تنصفه أو تنتصف منه وذلك أدنى إلى الحق والعدل وأبقى للهيبة والاحترام " .
وقد حمل القضاء الإداري على كاهله عبء تحقيق التوازن بين مقتضيات المصلحة العامة التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها وبين حماية حقوق الأفراد وحرياتهم من تعسف الإدارة إذا ما اعتدت على هذه الحقوق إذ من المهم تقرير خضوع قرارات الإدارة وتصرفاتها كافة لرقابة القضاء ضماناً لاحترام حريات الأفراد بصرف النظر عن كون هذا القضاء عاديا أم إداريا , لكن القضاء الإداري يتمتع بخصوصية تجعله أكثر كفاية في هذا المجال لاعتبار أن القاضي الإداري هو مفتاح الالتزام بسيادة القانون ويتوقف عليه احترامه بمعناه الواسع الذي يتجاوز التقيد المجرد بالنصوص إلى احترام مضمون القانون من حيث وجوب حمايته لحقوق الإنسان ، فإذا عجز القانون عن توفير الحماية لم يصبح جديرا بان تكون له السيادة .
و القضاء الإداري في المغرب و المنظم بمقتصى القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية[1]، ينقسم إلى شقين قضاء شامل و قضاء الإلغاء أو دعوى الإلغاء، إذ أن هذا الأخير يقتصر على النظر في طلبات إلغاء المقررات الإدارية الصادر عن الإدارة و فق الشروط المتطلبة قانونا سواء منها المتعلقة بالقرار المطعون فيه أو بالطاعن أو بالإجراءات[2] .
و من هذه الشروط أن يكون القرار المراد الطعن فيه بالإلغاء قرارا إداريا[3]، و على هذا الأساس تم إستثناء الأعمال غير الادارية من الطعن ، و من تم استبعادها من نطاق الرقابة القضائية بواسطة دعوى الإلغاء ، فما هي هذه الأعمال المستبعدة ؟ و ما هو وجه استبعادها و أساس ذلك ؟ وما موقف الفقه القانوني و القضاء الإداري من ذلك ؟ ثم إلى أي حد استطاع القضاء الإداري رغم حداثته خلق توازن بين المصالح العامة للدولة و بين حقوق الأفراد و الهيئات، في ظل مبدأ المشروعية ؟
لدى وللإلمام أكثر بالموضوع وللإجابة عن التساؤل المطروح سنحاول دراسة مجموعة من العناصر وذلك وفق المنهجية التالية :
المبحث الأول: ماهية أعمال السيادة
المبحث الثاني: استبعاد أعمال السلطات الدستورية غير الإدارية
---------------------------
لائحة المراجع :
- خطابي المصطفى : القانون الإداري و العلوم الإدارية ، نشر ايزيس ، الطبعة الأولى 1991 .
- عبد الله حداد : القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية .
- ذ. إدريس سدود : محاضرات في القانون الإداري ، 2003 .
- تركي سطام المطيري : نظرية أعمال السيادة وموقف المشرع والقضاء الكويتي منها ، بحث بإشراف د. عبد القادر عثمان ، نوفمبر 2000م .
- مليكة الصروخ : القانون الإداري ، دراسة مقارنة ، مطبعة النجاح الجديدة ، طبعة 2001 .
- سليمان الطماوي : النظرية العامة للقرارات الإدارية - الطبعة السادسة 1991م .
- محمود حافظ: القضاء الإداري في القانون المصري والمقارن - دار النهضة العربية 1993 .
- مازن ليو راضي : دراسة لأسس و مبادئ القضاء الإداري في العراق .
- محمد الأعرج: القضاء الإداري بالمغرب، طبعة 2005 .
- محمد الاعرج – القانون الاداري المغربي-منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية- المعاريف الجديدة-الرباط-الطبعة الثالثة.
- عبد الكريم الطالب: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، المطبعة و الوراقة الوطنية، الطبعة الخامسة 2008.
- محمد عبد السلام: أعمال السيادة في التشريع المصري - بحث منشور في مجلة مجلس الدولة التي يصدرها مجلس الدولة المصري - السنة الثانية - يناير 1951م.
- رأفت فودة : مصادر المشروعية ومنحنياتها- دار النهضة العربية 1994م .
- محمود سامي جمال الدين: الرقابة على أعمال الإدارة - طبعة 1992.
- ندوة: " القضاء الإداري حصيلة و آفاق " المنظمة من طرف الجمعية المغربية للعلوم الإدارية يومي 3 و 4 مايو 1991 .
- أحمد البوخاري- أمينة جبران: اجتهادات المجلس الأعلى – الغرفة الإدارية ، طبعة 1996 .
- المنتصر الداودي : قضاء الإلغاء و السلطة التقديرية للإدارة ، منشور بالمجلة المغربية للاقتصاد و القانون المقارن : ندوة المحاكم الإدارية و دولة القانون عدد:21 ، سنة 1994 .
- - هاشم خالد – مفهوم العمل القضائي في ضوء الفقه وأحكام القضاء – مؤسسة شباب الجامعة – 1990 .
- المجلة المغربية للاقتصاد و القانون المقارن :عدد 21 سنة 1994 ، تصدرها جامعة القاضي عياض بمراكش.