نظام المساعدة الطبية راميد

عرض بعنوان: نظام المساعدة الطبية راميد PDF

نظام المساعدة الطبية راميد PDF

مقدمة :
يجمع جل الفقه على أننا نعيش اليوم في ظل عالم تتعرض شعوبه لشتى أنواع المخاطر والتهديدات، كما أضحت النظم الصحية تواجه حالات الطوارئ والإصابات والوفيات ذات العلاقة بأنماط الحياة الحديثة، وبالتالي انعدام الشعور بالطمأنينة والأمن الإنساني بشتى أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية1. 
وبناء على ذلك، أصبح بحث المرء على أمنه الإنساني وتلبية احتياجاته قضية شائكة وصعبة المنال، ولعل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو أول وثيقة عالمية خصصت حيزا هاما لحق الأشخاص في مستوى كاف من المعيشة، للعناية الصحية وتأمين المعيشة في 
حالة المرض، وفق ما تنص عليه المادة 72 على أنه "لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك العناية الطبية والخدمات الاجتماعية ...". 
وتأسيسا على ذلك، صار الحق في الصحة من بين أهم الحقوق الدستورية التي كفلتها مختلف الدساتير والمواثيق العالمية قصد النهوض بالوضعية الصحية للرعاياها، وذلك في انسجام تام مع مختلف حقوق الإنسان الأخرى. 
وإذا كانت الصحة حسب تعريف "منظمة الصحة العالمية" على أنها حالة من السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية الكاملة، وليس عدم المعانات من أي أمراض، فإن دستور نفس المنظمة يوصي بضمان حق الحصول على صحة عالية الجودة لجميع المواطنين بتكلفة اقتصادية ملائمة وأن تحقيق هذا الحق الإنساني من مسؤولية الحكومة والمجتمع(التضامن)، وبالتالي وجب على الحكومات تهيئة الظروف المناسبة التي تتيح لكل فرد إمكانية التمتع بأكبر مستوى ممكن من الصحة، لاسيما توفير الخدمات الصحية وضمان حماية اجتماعية في مجال الصحة2. 
ونظام التغطية الصحية يقوم أساسا على نموذج "بيفريدج"3 الذي يتأسس بدوره على مبدأ التضامن على المستوى الوطني وليس على فئة اجتماعية معينة فقط، ففي ظله لكل مواطن الحق في أن يكون محميا من مجموع المخاطر الإجتماعية، ومتمتعا بخدمات اجتماعية مستقلة عن الأجر، أي لا يشترط لضمان توفيرها الأجر، بخلاف نظام التأمين الإجباري على المرض الذي يعتمد على نموذج "بيسمارك"4 وهي طريقة تعتمد على مساهمة المؤمنين والمشغلين في التحملات المالية للتغطية الصحية من خلال أداء الإشتراكات. 
يظهر أن النظام الثاني يقتصر على فئات محدودة لا يشمل الفئات الضعيفة، ذلك أنه يربط لزوما بين العمل والحماية الاجتماعية، من هنا جاءت فكرة التغطية الصحية وفق نظام المساعدة الطبية. 
ونظرا لأهمية الصحة لدى الشعوب، فقد اهتمت بتقويم السياسات الصحية من خلال العديد من المؤسسات منها الرسمية وغير الرسمية وحتى المؤسسات الدولية التي أصبحت تتدخل في الكثير من التفاصيل الخاصة بهذه السياسة، فموضوع الصحة لم يعد شأنا داخليا فقط بل شأنا عالميا تسيره العديد من المؤسسات الدولية وتتكاثف جهود الدول قصد إيجاد حلول عملية لمواجهة مخاطر الأمراض. 
أما بالنسبة للمغرب، فقد ظهرت أولى إرهاصات الاهتمام بالتغطية الصحية سنة 1993خاصة بعد حصاد المضاعفات الاجتماعية السلبية لسياسة التقويم الهيكلي، وما أدت إليهمن تقليص الموارد المالية العمومية الموجهة للقطاعات الاجتماعية وعلى أرسها قطاع الصحة العمومية، وهي التدعيات التي اعترفت بها المؤسسات المالية الدولية التي أفتت على المغرب حتمية نهج سياسة التقويم الهيكلي، إذ أقر حينها أن قطاع الصحة يعاني من خصاص كبير في التمويل 5)% من الناتج الوطني الإجمالي( ويتطلب نهج مخطط استعجالي للنهوض به5. 
وتبعا لذلك، بادرت السلطات العمومية بوضع مخططات تنموية6، تهدف إلى الرفع من مستوى تمويل قطاع الصحة وتوسيع نطاق التغطية الصحية تدريجيا لتشمل كافة الشرائح المجتمعية ولتوفير آليات لا غنى عنها من أجل تطوير قطاع الصحة7. 
وترجمت هذه الإرادة على أرض الواقع بعد مخاض عسير وطويل دام لعدة سنوات، حيث صدر سنة 2002 القانون رقم 00.65 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية8، الذي بموجبه تم لأول مرة في المغرب إحداث نظام المساعدة الطبية إلى جانب نظام التأمين الإجباري على المرض. 
وتنزيل نظام المساعدة الطبية "ارميد" المخصص للفئة الفقيرة والمعوزة بالمغرب بدأ في يوم 08 نونبر سنة 2008 على شكل تجربة بجهة تادلة أزيلال، وهذا في إتجاه الدولة إلى إعطاء الأولوية للقطاع الصحي عامة والفئات الإجتماعية الفقيرة تكريسا لحق الجميع في العلاج وولوج الخدمات الصحية. 
ويعود سبب إختيار جهة تادلة أزيلال كبداية للنظام "ارميد" حسب وازرة العدل إلى أن هذهالجهة تتوفر فيها عوامل نجاحه، خاصة على مستوى المراكز الصحية والإستشفائية وهو ماتفتقده باقي الجهات، كما أن أغلبية ساكنة هذه الجهة يصنفون ضمن الفئات الأكثر فق ار وهشاشة9، والتي تقدر ب 420 ألف مواطن. 
كما نص دستور فاتح يوليوز 2011 في الفصل 13 منه - هي سابقة في تاريخ الدساتير المغربية – على ما يلي: " تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الت اربية على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير استفادة المواطنين والمواطنات ،على قدم المساواة، من حق العلاج والعناية الصحية، الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، التضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة..." 
وهكذا، يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة سواء من الناحية النظرية أو من الجانب العملي ،فعلى المستوى النظري تبرز أهمية الموضوع من خلال قلة الكتابات التي تناولته، أما على المستوى العملي فتظهر أهمية الموضوع في كون أن نظام المساعدة الطبية تعلق بجانب إجتماعي مهم ألا وهو الصحة، كما يضمن للفئات المستفيدة منها الولوج إلى الخدمات الصحية بما يكفل ضمان الحق في الصحة باعتباره حق دستوري، فضلا عن كون الأهمية ترتبط بسياق التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب، وكذلك تماشيا مع رهانات الانفتاح على المنظومة القانونية ومدى قابليتها لإرساء أرضية خصبة لفاعلية نظام المساعدة الطبية، خصوصا في ظل بروز عدة أزمات صحية عرضت الدولة لانتقادات شديدة تمثلت في غياب العدالة في التكفل بصحة المواطنين، وسوء توزيع الخدمات الصحية بين المناطق، مما جعل الخدمات الصحية في المؤسسات الصحية تتعرض لتدهور مستمر مما دفع بالمواطن إلى فقدان الإحساس بالأمن الصحي. 
انطلاقا مما سبق يمكن طرح الإشكالية التالية: 
ما مدى قدرة وفعالية الأنظمة القانونية والإدارية والمالية المخصصة لنظام المساعدة الطبية على توفير تغطية صحية للفئات الفقيرة والمعوزة ؟ للإجابة عن الإشكالية المطروحة نقترح التصميم التالي: 

المبحث الأول : الأحكام العامة لنظام المساعدة الطبية 
المبحث الثاني : إكارهات نظام المساعدة الطبية وآفاقها المستقبلية 

---------------------------
لائحة المراجع :

الكتب 
- محمد العروصي، المختصر في الحماية الاجتماعية، منشوارت مختبر الأبحاث والدارسات حول قانون الأعمال والمقاولات، شركة الخطاب للطباعة، مكناس الطبعة الأولى ،2009. 
- محمد بنحساين، القانون الاجتماعي المغربي، الجزء الثاني الحماية الاجتماعية، طبعة 2015، مطبعة طوب بريس الرباط. 

الرسائل 
- أحمد الصادقي، أنظمة التغطية الصحية بالمغرب - نظام المساعدة الطبية نموذجا 
- رسالة لنيل دبلوم الماستر في وحدة قانون الأعمال والمقاولات، جامعة محمد الخامس ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط، السنة الجامعية 2013/2012. 
- آمال اسليماني، تدبير نظام المساعدة الطبية بالمغرب بين الرهانات وإكارهات التطبيق، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، تخصص وحدة التدبير الإداري والمالي، جامعة محمد الخامس – الرباط كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- أكدال، السنة الجامعية 2013/2012. 
- وليد صالح أحمد عبد الرب، نظام التغطية الصحية الأساسية – دارسة مقارنة – رسالة لنيل شهادة الماستر شعبة قانون الأعمال والمقاولات، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط، السنة الجامعية 2012/2011. 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -