الوفاء بالورقة التجارية

 عرض بعنوان: الوفاء بالورقة التجارية PDF

الوفاء بالورقة التجارية PDF

 مقدمة :
ألزم المشرع المغربي حامل الورقة التجارية عند حلول ميعاد استحقاقها سواء تمقبولها من طرف المسحوب عليه أم لم تقبل، وسواء تم تداولها عن طريق التظهير أم لا، وسواء كانت مصحوبة بضمانات إضافية أو لم تكن ،تقديمها للمسحوب عليه عند حلول تاريخ الاستحقاق لمطالبته بأداء المبلغ المضمن بها.

فإذا قدمت الورقة التجارية للمسحوب عليه للحصول على الأداء فإما أن يؤدي مبلغها وإما أن يرفض الأداء، مما يفتح باب الرجوع للحامل على الموقعين عليها في إطار ما يعرف بالرجوع الصرفي، الأمر الذي يقتضي منا الحديث عن أحكام الوفاء في (المطلب الأول)، ثم التقديم للوفاء في (مطلب ثان) ،على أن نعالج الرجوع الصرفي في (مطلب ثالث) .

المطلب الأول: أحكـــــام الوفاء

إن المطالبة بالوفاء هي حق للحامل الشرعي للورقة التجارية ، فهو يستطيع مطالبة المسحوب عليه بالأداء، كما أنه ملزم بالرجوع على المسحوب عليه للمطالبة بالوفاء قبل الرجوع صرفيا على بقية الموقعين، وقد حدد المشرع عدة أحكام يجب التقيد بها من أجل المطالبة بوفاء مبلغ الكمبيالة .

الفقرة الأولى : الاستحقاق
يقصد بالاستحقاق ميعاد أو تاريخ أو يوم حلول أجل أداء المبلغ الثابت في الكمبيالة، وقد بين المشرع كيفية تحديد ميعاد وتاريخ الاستحقاق في المادة 181 م ت وهذه الحالات أربعة وهي :

- الكمبيالة المستحقة الأداء بمجرد الاطلاع.
- الكمبيالة المستحقة الأداء بعد مدة من الاطلاع.
- الكمبيالة المستحقة الأداء بعد مدة من تاريخ إنشائها.
- الكمبيالة المستحقة الأداء في تاريخ معلوم ومعين.

وما ينبغي الإشارة إليه أن هذه الحالات الأربع هي محددة على سبيل الحصر من قبل القانون ، حيث أن مخالفتها أو إدراج مواعيد متعاقبة يؤدي إلى بطلانها.
غير أن عدم تعيين تاريخ الاستحقاق لا يؤدي مطلقا إلى بطلان الكمبيالة ، بل تبقى هذه الورقة صحيحة وبالتالي تكون مستحقة الأداء بمجرد الاطلاع عليها.

الفقرة الثانية : طرق احتساب آجال الاستحقاق
عمل المشرع المغربي على تبيان كيفية احتساب آجال ومواعيد استحقاق الكمبيالة ، هذه الآجال التي تتميز بعدة خصوصيات تحيد في معظمها عن ما هو مقرر في القواعد العامة ، هكذا نصت المادة 231 من مدونة التجارة على أنه : " لا يدخل اليوم الأول ولا الأخير ضمن الآجال القانونية أو الاتفاقية ..." .

كما حرصت المادة 182 م ت على إعطاء توضيحات هامة حول كيفية احتساب آجال استحقاق الكمبيالة :
الكمبيالة المستحقة بعد شهر أو عدة أشهر من تاريخها، أو من تاريخ الاطلاع يقع استحقاقها في مثل هذا التاريخ من الشهر الذي يجب فيه الوفاء، فإذا لم يوجد التاريخ المقابل لذلك التاريخ وقع الاستحقاق في اليوم الأخير من ذلك الشهر(ف 5 من م 182)
الكمبيالة المستحقة بعد شهر ونصف أو عدة أشهر ونصف شهر من تاريخها أو من تاريخ الاطلاع، وجب بدء الحساب بالشهور الكاملة(ف 6 من م 182)
الكمبيالة المستحقة في أول الشهر أو في نصفه أو في آخره ،فإنه يفهم من هذه التعابير اليوم الأول أو اليوم الخامس عشر أو اليوم الأخير من الشهر(ف 7 من م 182)
الكمبيالة المستحقة بعد "ثمانية أيام" أو "خمسة عشر يوما "لا تعني أسبوعا أو أسبوعين وإنما ثمانية أيام أو خمسة عشر يوما بالفعل (ف 8 من م 182)
كما أوضح المشرع أن عبارة "نصف شهر" تعني خمسة عشر يوما بالفعل .

الفقرة الثالثة : تمديد آجال الاستحقاق
طرحت المادة 231 من م ت في فقرتها الثانية مبدأ هاما والمتجلي في عدم السماح بتمديد آجال الاستحقاق ، وبذلك لا يمنح المسحوب عليه أي إمهال قانوني أو قضائي إلا في الأ حوال المنصوص عليها في المادتين 196 و207.
وبذلك فالأصل هو عدم السماح بتمديد آجال الاستحقاق، أما الاستثناء المسموح به فأحدهما يجد سنده في التمديد القانوني (أولا) والثاني يجسده اتفاق الأطراف (ثانيا). 

أولا : التمديد القانوني ـ حالة المادة 196 من م ت
سمح المشرع المغربي للملتزمين عند الرجوع عليهم في حالتين:
ـ في حالة التسوية أو التصفية القضائية للمسحوب عليه سواء كان قابلا للكمبيالة أو غير قابل لها أو في حالة توقفه عن أداء ديونه ولو لم يثبت هذا التوقف بواسطة حكم أ و في حالة حجز بدون جدوى على أمواله؛
ـ في حالة التسوية أ و التصفية القضائية لساحب كمبيالة مشروط عدم تقديمها للقبول. أن يقدموا خلال ثلاثة أيام من تاريخ الرجوع إلى رئيس المحكمة التي يوجد بدائرتها موطنهم عريضة لطلب آجال، وإذا تبين له أن الطلب مرتكز على أساس، أصدر أمرا يحدد فيه الميعاد الذي يتعين فيه على الضامنين الوفاء بمبالغ الكمبيالات المعنية بالأمر، دون أن تتجاوز الآجال الممنوحة بهذه الكيفية الميعاد المعين للاستحقاق.

هذا ولا يقبل هذا الأمر التعرض ولا الاستئناف.

وبذلك سيلاحظ بأن المشرع قيد هذه الآجال بعدم تجاوز الميعاد المعين في الاستحقاق ،وأن هدف المشرع من منح هذه الآجال هو تفادي الرجوع السابق لأوانه.

ـ حالة المادة 207 من م ت:
إذا حالت قوة قاهرة دون تقديم الكمبيالة أو إقامة الاحتجاج ضمن الآجال المنصوص عليها يمدد آجال استحقاق الكمبيالة إلى أن ترتفع ظروف القوة القاهرة ، لكن المشرع أوجب على الحامل أن يوجه بدون تأخير إخطارا إلى من ظهر له الكمبيالة، بوجود حالة القوة القاهرة، وأن يقيد هذا الإخطار ويؤرخه ويوقعه على الكمبيالة ذاتها أو على وصلة.
هذا ويجب على الحامل بمجرد انتهاء حالة القوة القاهرة أن يقدم الكمبيالة للقبول أو الوفاء دون تأخير وأن يقيم الاحتجاج عند الاقتضاء.
لكن إذا استمرت القوة القاهرة أكثر من ثلاثين يوما بعد الاستحقاق ، جاز الرجوع من غير حاجة إلى تقديم الكمبيالة أو إقامة الاحتجاج، ما لم تكن دعاوي الرجوع موقوفة لمدة أطول بمقتضى نصوص خاصة.

وما ينبغي التنبيه إليه أن القوة القاهرة التي تسمح بتمديد أجل الاستحقاق هي تلك التي لا تعزى إلى الأفعال الشخصية ل حامل الكمبيالة أو لمن كلفه بتقديمها أ و إقامة الاحتجاج.

ثانيا : التمديد الاتفاقــي
قد يحصل أن يمدد آجال الاستحقاق بالاتفاق بين الحامل والمسحوب عليه عبر منح هذا الأخير أجلا استرحاميا أو استعطافيا ، وبذلك يتم تمديد تاريخ الاستحقاق عبر خلق تاريخ استحقاق جديد ، مما يجعل الأجل يمدد مع التزام المسحوب عليه بهذا التاريخ الجديد.

المطلب الثاني: التقديــم للوفــاء

الفقرة الأولى: تاريخ التقديم للوفاء
يتوجب على الحامل أو وكيله أن يقدم الكمبيالة إلى المسحوب عليه للوفاء في يوم الاستحقاق بالذات، وإما في أحد الأيام العمل الخمس الموالية له، ويتعين على المسحوب عليه التأكد أنذاك من صفة الوكيل حين أداء مبلغ الكمبيالة كما يكون ملزما بالتحري عن صفة هذا الحامل.

ويرجع الأساس القانوني لهذا الإلزام الملقى على عاتق الحامل أولا إلى القاعدة القانونية القائلة بأن الدين مطل وب وليس محم ول، وثانيا إلى كون المسحوب عليه لا يعرف الشخص الذي ستنتهي إليه الكمبيالة في تاريخ الاستحقاق، أي الحامل الأخير للكمبيالة، فإن تخلف الحامل عن القيام بهذا الإجراء كان مهملا.

هكذا يكون الحامل م جبرا للتقدم للمطالبة بالوفاء في تاريخ الاستحقاق أو في أحد الأيام الخمسة التي تلي تاريخ الاستحقاق طبقا للمادة 184 من م ت ، غير أنه إذا تعلق الأمر بالكمبيالة المستحقة الأداء عند الاطلاع فإن الحامل لا يتم تقييده بأجل الخمسة أيام بل يبقى من حقه تقديم الكمبيالة للوفاء داخل أجل سنة من تحريرها.

الفقرة الثانية : الوفاء الجزئي والوفاء الكلي
قد يتم الوفاء الكلي بمبلغ الكمبيالة إلا أن الوسيلة الوحيدة المقبولة في قانون الصرف لإثبات الوفاء بالكمبيالة هو حيازة الموفي لها موقعة بالمخالصة من طرف الحامل أو من ينوب عنه كدليل على حصول الوفاء.
أما إذا أوفى المسحوب عليه بمبلغ الكمبيالة ولم يستردها ولم يوقع عليها بالمخالصة، فإن ذمته لا تبرأ.
في حالة الوفاء الجزئي فإن الحامل الذي تلقى جزءا فقط من مبلغ الكمبيالة يبقى محتفظا بها حتى يستطيع ممارسته الرجوع الصرفي على بقية الموقعين بالجزء الباقي.

الفقــرة الثالثة : التعرض على الوفاء
عمل القانون الصرفي على خطر ومنع التعرض على أداء الكمبيالة وذلك حماية للائتمان التجاري وتسهيل تداولها وتقوية الدور الأدائي لها ودعم الثقة في نفوس المتعاملين بها ، خاصة وأن تأخير أو منع الوفاء يمكن أن ينشأ عن حجز أو تعرض صوري نتيجة تواطؤ وغش بين المسحوب عليه واحد الأشخاص إضرارا بحقوق ومصالح الحامل.

لكن هذا المنع القانوني ذيله المشرع باستثناءات هامة نصت عليها المادة 189 من م ت التي جاء فيها" : لا يجوز التعرض على الوفاء إلا في حالة ضياع الكمبيالة أو سرقتها أو في حالة التسوية أو التصفية القضائية للحامل".

أولا: حالة ضياع أو سرقة الكمبيالة
يسوغ لمالك الكمبيالة الشرعي في حالة الضياع أو السرقة أن يتعرض على أدائها ويتم ذلك بإنذار المسحوب عليه بعدم الوفاء، وأن يخبره بالحادث، ويقع التعرض بجميع الوسائل الممكنة والمتاحة قانونا ، وبمجرد تبليغ المسحوب عليه يمنع عليه أداء مبلغها ، وإذا ما أداءها بالرغم من وجود التعرض فإن ذمته لا تبرأ في مواجهة الحامل الشرعي ويكون وفاءه غير صحيح.

ويجب أن نميز في حالة ضياع أو سرقة الكمبيالة بين تلك التي تحمل عبارة القبول وبين تلك التي لا تحملها.

فبالنسبة للأولى يجوز للحامل الشرعي أن يطالب بالوفاء بعد استصداره لأمر قضائي من رئيس المحكمة التجارية بعد تقديم كفالة أو كفيل (م 191 من م ت).

أما بالنسبة للحالة الثانية فإنه يسوغ للحامل المطالبة بالوفاء بناء على نظير ثان أو ثالث أو رابع… شريطة تقديم كفالة تحمي حقوق الحامل الشرعي المحتمل إن ظهر لاحقا طبقا لما جاءت به المادة 190 م ت.

كما يستطيع الحامل الذي عجز عن تقديم النظائر في حالة ضياع أو سرقة أن يطالب بالوفاء سواء كانت مقبولة أم لا شريطة استصدار أمر قضائي من رئيس المحكمة التجارية بالوفاء بعد أن يثبت ملكيته للكمبيالة بدفاتره مع تقديم كفيل أو كفالة (م 192)، وتقديم الكفالة أو
الكفيل هنا ضمانة لكي لا يضطر المسحوب عليه إلى الوفاء مرتين، المرة الأولى لمدعي الضياع أو السرقة، والمرة الثانية لحامل الكمبيالة المقبولة أو غير المقبولة.

ثانيا: حالة الحكم على الحامل بفتح مسطرة المعالجة
يترتب على الحكم على حامل الكمبيالة بفتح مسطرة المعالجة )التسوية أو التصفية القضائية( غل يده عن إدارة أمواله أو التصرف فيها كما سبق الإشارة لذلك ، ويحل
السنديك محل الحامل بأمر من المحكمة ، لذا يسوغ للسنديك أن يتعرض على الوفاء للحامل وأن يطالب بالوفاء بدلا منه حماية لأصول المقاولة.
ذلك أن المادة 651 من م ت نصت في فقرتها الثالثة على أنه : " ... يؤدي الحكم القاضي بالتصفية القضائية إلى تخلي المدين بقوة القانون عن تسيير أمواله والتصرف فيها، بما فيها تلك التي امتلكها بأي وجه كان، ما دامت التصفية القضائية لم تقفل بعد".

المطلب الثالث : الـــرجوع الصرفي

عمل القانون الصرفي على حماية حقوق الحامل المشروعة في حالة رفض أداء مبلغ الكمبيالة كليا أو جزئيا عبر إقرار ممارسته حق متابعة كل الموقعين على الكمبيالة في إطار ما يعرف بدعوى الرجوع الصرفي لمطالبتهم بأداء مبلغ الكمبيالة أو الجزء الباقي عند حصول الوفاء الجزئي.
وإذا كان المشرع قد سمح بإمكانية الرجوع فإ نه قيد أسس ممارستها والإفادة منها على استيفاء مجموعة من الإجراءات الشكلية قبل ممارسة الرجوع الصرفي وإلا اعتبر حاملا مهملا، لكن قبل ذلك لا بد من تحديد حالات الرجوع ، لننتقل بعد ذلك للحديث عن آثار الرجوع.

الفقرة الأولى : حالات الرجوع الصرفي
بالرجوع للمادة 196 م ت فإن حالات الرجوع الصرفي على بقية الموقعين في الكمبيالة قد تتم إما عند حلول ميعاد الاستحقاق ، أو قبل حلول هذا الميعاد في إطار ما يعرف بالرجوع السابق لأوانه.

أولا : الرجوع الصرفي عند حلول ميعاد الاستحقاق
يعتبر هذا الرجوع الصرفي هو الحالة العادية لمتابعة الحامل لبقية الموقعين على الكمبيالة، فعند حلول ميعاد الاستحقاق يجب على الحامل أن يتقدم إلى المسحوب عليه لمطالبته بوفاء مبلغ الكمبيالة وفي حالة رفضه يتم إعمال هذا الرجوع.

ثانيا : الرجوع الصرفي قبل ميعاد الاستحقاق
استثناءا من المبدأ العام فقد خول المشرع في حالات معينة للحامل الرجوع الصرفي ولو قبل حلول ميعاد الاستحقاق وهذا الرجوع هو ما يسمى بالرجوع المبتسر أو الرجوع السابق لأوانه وقد حددت المادة 196 حالات الرجوع الصرفي قبل ميعاد الاستحقاق :
" يجوز للحامل أن يرجع على المظهرين والساحب وغيرهم من الملتزمين:
......قبل الاستحقاق، في الحالات الآتية:
‌أ) إذا حصل امتناع كلي أو جزئي عن القبول؛
‌ب) في حالة التسوية أو التصفية القضائية للمسحوب عليه سواء كان قابلا للكمبيالة أو غير قابل لها أو في حالة توقفه عن أداء ديونه ولو لم يثبت هذا التوقف بواسطة حكم أ و في حالة حجز بدون جدوى على أمواله؛
‌ج) في حالة التسوية أ و التصفية القضائية لساحب كمبيالة مشروط عدم تقديمها للقبول.

وهي كلها حالات تصب في كون لا فائدة ترجى من انتظار حلول ميعاد الاستحقاق مادام ثبت بالملموس أن المسحوب عليه إما عبر عن إرادته صراحة في عدم الأداء ، أو أ نه أصبح عاجزا عن دفع ديونه وهو في حالة عسر في جميع الأحوال، وإما أن المسحوب عليه غير قابل والملتزم الرئيسي الساحب في حالة عسر مما لا يرجى معه الانتظار.

الفقرة الثانية : إجراءات الرجوع الصرفي
أوجب القانون على الحامل لممارسة دعوى الرجوع الصرفي استيفاء إجرائين ضروريين ليتمكن من ممارسة حقه في الرجوع ، ويتجسدان في: الاحتجاج والإعلام

ـ أولا : الاحتجــــا ج
الاحتجاج هو وثيقة أو محرر رسمي يحرره مأمور كتابة الضبط يثبت بواسطته رفض وامتناع المسحوب عليه القبول أو الوفاء، لذلك يحظى الاحتجاج بأهمية بالغة لكونه الإجراء الضروري للحامل لممارسة حقه في الرجوع على بقية الموقعين، وهو ما أشارت إليه المادة 211 من م ت : " لا يغني أي إجراء من طرف حامل الكمبيالة عن الاحتجاج إلا في الحالات المنصوص عليها في المواد من 190 إلى 192 ".
وبذلك يضحى الاحتجاج شرط لازم لممارسة دعوى الرجوع ، غير أن هناك حالات استثنائية يبقى فيها هذا الإجراء غير لازم.

1 ـ حالات الإعفاء من تقديم الاحتجا ج
لقد خول المشرع للحامل في حالات استثنائية ممارسة دعوى الرجوع الصرفي دون تقديم الاحتجاج، وتتمثل حالات الإعفاء في :
ـ احتجاج عدم القبول يغني عن احتجاج عدم الوفاء )فق 4 م 197 م ت(
ـ حالة الحكم بالتسوية أو التصفية القضائية للمسحوب عليه كان قابلا للكمبيالة أم لا لأن تقديم هذا الحكم يغني عن إقامة الاحتجاج( م 197).
ـ حالة الحكم بالتسوية أو التصفية القضائية للساحب في كمبيالة تتضمن عدم تقديمها للقبول لأن تقديم الحكم يغني عن إقامة الاحتجاج(فق الأخيرة م 197 م ت)

 ـ حالة القوة القاهرة التي تزيد مدتها عن ثلاثين يوما (فق 4 م 207)
ـ حالة إيراد شرط الرجوع بدون مصاريف حيث لا يحتاج الحامل إلى إقامة الاحتجاج إذا ما تضمنت الكمبيالة شرط“ الرجوع بدون مصاريف” ، ويسري هذا الشرط على جميع الموقعين إذا كان صادرا من الساحب وموقعا من طرفه، أما إذا صدر من أ حد الموقعين فيسري عليه وحده (ف 2 م 200).

2ـ ميعاد تقديم الاحتجاج
يجب على الحامل احترام ميعاد إقامة الاحتجاج ، ويميز بين ميعاد احتجاج عدم القبول، وميعاد احتجاج عدم الوفاء.
ـ فيما يتعلق باحتجاج عدم القبول: فالقاعدة أن هذا الاحتجاج يمكن أن يقدم داخل الآجال المعنية لتقديم الكمبيالة للقبول ، وتمتد هذه الآجال من تاريخ الإنشاء إلى تاريخ الاستحقاق ويتعلق الأمر بالكمبيالة المستحقة الأداء في تاريخ معين أو بعد مدة معينة من إنشائها، أما فيما يخص الكمبيالة المستحقة الأداء بعد مدة من الاطلاع فإن أجل تقديمها للقبول هو سنة ، وللإشارة فإن الكمبيالة المستحقة بمجرد الاطلاع فهي لا تحتاج إلى قبول . 

 ـ فيما يخص احتجاج عدم الوفاء: هنا نميز بين أجلين بالنظر إلى تاريخ استحقاق الكمبيالة فبالنسبة للكمبيالة المستحقة الأداء في تاريخ معين أو بعد مدة من إنشائها، أو بعد مدة من الإطلاع، يجب أن يقام الاحتجاج داخل أحد أيام العمل الخمسة الموالية ليوم الاستحقاق (م 231 م ت ).
وبالنسبة للكمبيالة المستحقة الوفاء عند الاطلاع ، فإن الاحتجاج يقام خلال أجل سنة تحسب من تاريخ تحرير الكمبيالة، فإن قدمت للوفاء في آخر يوم من السنة أقيم محضر الاحتجاج في هذا اليوم (م 197 م ت ).

3ـ بيانات الاحتجــا ج
أوجبت المادة 209 و 210 من م ت أن يثبت الحامل للكمبيالة رفض أو امتناع المسحوب عليه عن القبول أو الوفاء في محرر رسمي يعده مأمور كتابة ضبط المحكمة ، ويقام هذا المحضر في موطن الشخص الملزم بالوفاء، أو في آخر موطن معروف له، وفي موطن الشخص الذي قبل الكمبيالة على وجه التدخل، على أن يجمع الكل في محضر أو محرر واحد (م 209 م ت)، يطلق عليه محضر احتجاج “عدم القبول” أو “عدم الوفاء” بحسب الحالات.

هذا ويجب أن يتضمن محرر الاحتجاج البيانات المنصوص عليها في م 210 م ت التي توجب النسخ الحرفي للكمبيالة من تظهيرات وقبول والإخطار أو الإنذار بوفاء قيمة الكمبيالة، وأسباب رفض القبول أو الوفاء، مع الإشارة إلى الشخص الملزم بالوفاء تحت طائلة بطلان هذا الاحتجاج.

ثانيا : الإعلام
أوجب القانون على الحامل بعد قيامه بالاحتجاج أن يوجه إعلاما بعدم الوفاء أو عدم القبول إلى من ظهر له الكمبيالة داخل ستة أيام العمل التي تلي يوم إقامة الاحتجاج، أو يوم تقديم الكمبيالة للوفاء أو القبول إذا كانت الكمبيالة تتضمن شرط “الرجوع بلا مصاريف”، خاصة أنهم مهددون بأخطار المقاضاة والرجوع والفوائد والمصاريف، إذ الإعلام يتيح الفرصة لمن يريد أن يبادر بالوفاء درءا للأخطار السابقة أو خطر المساس بسمعتهم أو مركزهم(م 199 م ت).

ويجب على كل مظهر تلقى الإعلام أن يعلم بدوره داخل أجل 3 أيام العمل الموالية ليوم تلقيه الإعلام من ظهر له الكمبيالة، وهكذا تتابع عمليات الإعلام هاته حتى تصل إلى الساحب، ويوجه الإعلام ذاته إلى الضامنين الاحتياطيين والقابلين بالتدخل ضمن نفس الأجل .

ولم يضع المشرع شكلا محددا أو طريقة خاصة لتوجيه الإعلام، بل ترك أمره حرا،إلا أنه يتوجب على من وجهه إثباته.

هذا وحدد المشرع المغربي جزاء قانونيا عن الإخلال بتوجيه الإعلام ذلك أنه لا يترتب على من لم يوجه الإعلام داخل الأجل المشار إليه أعلاه سقوط حقه في الرجوع الصرفي ، وإنما يكون مسؤولا عند الاقتضاء ويتحمل تعويض الضرر الذي تسبب فيه بإهماله دون أن يتجاوز التعويض مبلغ الكمبيالة ( الفقرة الأخيرة من م 199).

الفقرة الثالثة : آثـــار الاحتجـــاج
ينتج الاحتجاج آثار قانونية هامة تختلف حسبما إذا قام الحامل بالاحتجاج (أولا) من عدمه (ثانيا).

أولا : قيام الحامل بالاحتجاج
تترتب عدة نتائج وآثار عند قيام الحامل بالاحتجا ج يمكن إيجازها في الآتي :
ـ حق الحامل في ممارسة دعوى الرجوع:
بعد استيفاء الحامل للإجراءات السابقة، يحق له أن يستعمل حقه في الرجوع على كافة الملتزمين، ويمكن للحامل أن يوجه الدعوى ضد جميع الضامنين على وجه التضامن فرادى أو جماعة دون أن يكون ملزما بإتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم أو مراعاة ترتيب
معين ، ولا تمنع الدعوى المقامة على أحدهم من إقامتها اتجاه الآخرين ولو كانوا لاحقين لمن أقيمت عليه الدعوى (م 201 م ت) .
ـ حق الحامل في إجراء حجز تحفظي على أموال الضامنين:
يستطيع الحامل ممارسة حجز تحفظي على أموال المدينين اتجاهه من ساحبين ومظهرين وضامنين وغيرهم من الموقعين طبقا للمادة 208 من م ت.

ويشمل الحجز ا لتحفظي جميع أموال المدينين سواء كانت أموالا منقولة أم عقارية.

ثانيا : عدم قيام الحامل بالاحتجاج
إذا كان المشرع قد أعطى الحق لحامل الكمبيالة في الرجوع على المسحوب عليه لاستيفاء مبلغ الكمبيالة أو متابعة كافة الموقعين، فإن حق الحامل في الرجوع على هؤلاء يمكن أن يسقط ذلك أن الحامل الذي يتقاعس عن القيام بالاحتجاج بعدم القبول أو الوفاء يصبح حاملا مهملا ، وعموما يمكن القول أن الحامل المهمل هو ذلك الحامل الذي تسقط عنه الحماية الصرفية التي خصه بها القانون الصرفي لعدم سلوكه وإتباعه للإجراءات المتطلبة قانونا.

وبذلك يفقد الحامل حقه في الرجوع ولم يعد بمقدوره متابعة الموقعين على الكمبيالة وهذا ما أوضحته المادة 206 من م ت : " يسقط حق الحامل بالرجوع على المظهرين والساحب وبقية الملتزمين باستثناء القابل...."

وبذلك تختلف وضعية الحامل المهمل حسب العلاقات التي تربطه بالآخرين.

1ـ علاقة الحامل المهمل بالساحب :
تنص الفقرة الثالثة من المادة 206 على أنه" : لكن السقوط لا يسري مفعوله تجاه الساحب إلا إذا أثبت وجود مقابل الوفاء بتاريخ الاستحقاق. وفي هذه الحالة لا يبقى للحامل حق المطالبة إلا ضد المسحوب عليه".
وبذلك فعلاقة الحامل المهمل بالساحب تختلف بحسب هل قدم هذا الأخير مقابل الوفاء أم لا عند تاريخ الاستحقاق.
فالساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء يبقى هو المدين الأصلي و يبقى متحملا بالالتزام الصرفي أي بالوفاء، لأنه لم يقدم شيئا يمكن أن يعادل خطأ أو إهمال الحامل ، مما يبرر رجوع الحامل المهمل على الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء ،لأن إهمال هذا الأخير أفظع وأخطر من إهمال الحامل، وذلك لتقاعسه عن تقديم مقابل الوفاء الذي يك ون سبب رفض المسحوب عليه للأداء، زيادة على ذلك فإنه أدخل الكمبيالة للتداول دون قيمة حقيقية لانعدام مقابل الوفاء ويقع عبء إثبات وجود مقابل الوفاء على الساحب .

و بالمقابل لا يستطيع الحامل المهمل الر جوع على الساحب الذي قدم مقابل الوفاء لأنه يكون هنا في مركز الضامن الذي قدم مقابل ما أخذ، ومن حقه التمسك بالسقوط في مواجهة الحامل المهمل.

2ـ علاقة الحامل المهمل بالمظهرين :
يسقط حق الحامل المهمل في الرجوع على المظهرين طبقا للفقرة الأولى من المادة 206 من م ت ، لكن إذا تعلق الأمر بمظهر سبق له أن أعفى الحامل من إقامة الاحتجاج فإن سقوط حق الحامل في الرجوع على بقية الملتزمين لا يفقده حقة في الرجوع الصرفي على الملتزم الذي أعفاه من الاحتجاج، فهو لا يعتبر حاملا مهملا اتجاه هذا الأخير.

3ـ علاقة الحامل المهمل بالمسحوب عليه القابل :
إذا كان حق الحامل المهمل يسقط في الرجوع تجاه المظهرين والساحب الذي قدم مقابل الوفاء والضامنين الاحتياطيين والقابلين بالتدخل (م 180 فق 7)،فإنه يبقى للحامل المهمل الحق في الرجوع الصرفي مع ذلك على المسحوب عليه القابل، سواء تلقى أو لم يتلق مقابل الوفاء، وسواء كان الحامل مهمل أو غير مهمل لأن المسحوب عليه بقبوله يتحمل بالالتزام بصفته المدين الأصلي للكمبيالة ولا تبرأ ذمته تجاه الحامل إلا بالوفاء في تاريخ الاستحقاق أو بالتقادم. (م 206).

وللتذكير لا يملك الحامل أن يرجع على المسحوب عليه غير القابل إن كان هذا الأخير لم يتلق مقابل الوفاء لأنه لم يلتزم نحوه بشيء وغير مدين له بشيء.

---------------------------
المصدر :
د.أحمد أنور ناجي، محاضرة بعنوان - الوفاء بالورقة التجارية، جامعة محمد بن عبد الله بفاش، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية - فاس - ظهر المهراز.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -