دور الشرطة والجمارك في حماية الملكية الفكرية

 عرض بعنوان: دور الشرطة والجمارك في حماية الملكية الفكرية PDF

دور الشرطة والجمارك في حماية الملكية الفكرية PDF

مقدمة :
تعد حقوق الملكية الفكرية حقوقا ترد على شيء غير مادي أو غير محسوس . وهذه الحقوق ترتبط ارتباطا وثيقا بالإنتاج الذهني الذي اعتبره الموسيقار الشهير لودفيج فان بيتهوفن حقا مقدسا وقال عنه « إن جاز لي أن أبيع عضوا من جسمي جاز لي أن أبيع أفكاري». وقد عرفت المنظمة العالمية للملكية الفكرية في أحد المنشورات الصادرة عنهاة، الملكية الفكرية بأنها "ما يبدعه فكر الانسان، أي الاختراعات والمصنفات الأدبية والفنية والرموز والأسماء والصور المستعملة في التجارة"، وهي تنقسم إلى فئتين: الملكية الصناعية وتشمل المبتكرات الجديدة والشارات المميزة، و المصنفات الأدبية والأدبية التي تشمل الروايات وقصائد الشعر والأفلام والرسوم واللوحات الزيتية والصور الشمسية والمنحوتات والتصاميم الهندسية وفناي الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وحقوق هيئات الإذاعة.

وحري بالبيان، أن ثروات الأمم لم تعد تقاس بما تمتلكه من الموارد الأولية أو المنتجات الصناعية فحسب وإنما أصبحت تتمثل أيضا فيما يبدعه أبناؤها من أفكار مبتكرة ورؤى جديدة.
وقد تنبه العالم المعاصر وخاصة في الآونة الأخيرة إلى أهمية الناتج الفكري الذي كان له أثره المباشر على القدرات التي نقلت الإنسانية من مراحلها البدائية إلى مرحلة الحضارة والتمدن التي تعيشها الآن. ولهذا فإن الحق الفكري حق يتربع بدون منازع عرش كل الحقوق، ويحتل مركزا بارزا ضمن حقوق الملكية، حيث يتم من خلال هذا الحق إرساء الأسس لجميع صور التقدم.

وتزداد الأهمية التي توليها الدول حاليا لمجال الملكية الفكرية انطلاقا من الدور الذي يلعبه في تنشيط دواليب الاقتصاد العالمي وما يحققه من مداخيل مالية هامة. كما ظهرت أهمية موضوع الملكية الفكرية من خلال الاهتمام الذي أصبح يولى له من طرف علماء الاقتصاد والسياسة والاجتماع والتربية والقانون.

وعلى غرار باقي الحقوق الأخرى، فإن حقوق الملكية الفكرية تسمح للمبدع أو المبتكر أو الفنان بالاستفادة من عمله، واستثماره، والاستئثار بالتمتع به، غير أنه لم يعد خافيا على أحد، حجم الأضرار التي تلحق بأصحاب الحقوق نتيجة استفحال ظاهرة التزييف والتقليد والقرصنة ، والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة، إذ يعمل المزيفون والمقلدون على تزييف أفضل النماذج والرسوم الصناعية والعلامات للاستفادة تجاريا من انتشارها في المجتمعات، كما يتصيد قراصنة النشر أكثر الكتب والفنون إبداعا وانتشارا ، فيعيدون طبعها وتوزيعها دون رقيب أو حسيب، مما ينجم عنه حرمان المبدعين والمبتكرين من استثمار جهودهم والاستمرار في تطويرها وتنميتها، فتشيع ثقافة استباحة الحقوق عوض ثقافة حمايتها، وهو ما قد يؤدي إلى أوخم العواقب على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والتراث الثقافي، ذلك أن الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية هي جريمة لا تقل شناعة عن باقي الجرائم الأخرى التي تستنفر لها المجهودات، وتتعاضد فيها أجهزة الدولة المختلفة للتصدي لاستفحالها بل إن ضرر الاستهانة بهذه الاعتداءات قد يكون أفدح، باعتباره يشكل تهديدا مباشرا للحضارة الإنسانية.

وتجدر الإشارة أن المشرع المغربي قد منح سلطات واسعة للتدخل في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية والمتمثلة في كل من الهيئات المشرفة على حقوق الملكية الفكرية وهي (المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية والمكتب المغربي لحقوق المؤلفين) وكذا الهيئة القضائية المتمثلة في كل من المحكمة التجارية والمحكمة الابتدائية. كما أوكل في ظل القانون رقم 17-97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية" (المعدل بمقتضى القانون رقم 05-531 وكذا القانون رقم 623-13) والقانون رقم 2-00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة» (المعدل بمقتضى القانون رقم 834-05 وكذا القانون رقم 979-12 لجهاز الجمارك مهمة حماية الحقوق الملكية الفكرية من الاعتداء عليها، حيث خول لإدارة الجمارك والضرائب الغير المباشرة سلطة واسعة من أجل الحفاظ على استقرار مصالح أصحاب الحقوق من أي انتهاك قد يلحق بهم. غير أنه أغفل جهازا مهما يلعب دورا أساسيا في مكافحة جميع الجرائم من بينها حقوق الملكية الفكرية والمتمثل في التثبت من وقوع الجرائم وضبط مرتكبيها، ألا وهو جهاز الشرطة وخاصة إذا أحيل ملف هذه الجرائم على النيابة العامة سواء بناء على شكوى من الطرف المتضرر أو تلقائيا.

وعليه فإن الإشكالية المطروحة التي يمكن معالجتها من خلال هذا الموضوع هي أين تكمن تجليات هذا الدور الموكول إلى كل من الشرطة والجمارك في حماية حقوق الملكية الفكرية من الاعتداء عليها ؟
وللإجابة على الإشكالية المحورية سنحاول تقسيم موضوعنا إلى مبحثين اثنين:

المبحث الأول: دور الشرطة في حماية حقوق الملكية الفكرية
المبحث الثاني: دور الجمارك في حماية حقوق الملكية الفكرية

---------------------------
المصدر :

ذ.محمد محبوبي، مظاهر حماية حقوق الملكية الفكية في ضوء التشريع المغربي
ذ.محمد محبوبي، النطام القانوني للعلامات في ضوء التشريع المغربي المتعلق بالملكية الصناعية و الإتفاقيات الدولية، الطبعة الثانية 2011، دار أبي رقراق للطباعة و النشر.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -