وسائل الأداء و الإئتمان في القانون المغربي

عرض بعنوان: وسائل الأداء و الإئتمان في القانون المغربي  PDF

وسائل الأداء و الإئتمان في القانون المغربي  PDF

مقدمة :
سنتحدث في هذه المحاضرة عن الوظيفة الثانية التي تقوم بها الأبناك عن منح الائتمان ووضع وسائل الأداء رهن تصرف العملاء أو القيام بتدبيرها، لن نعيد ما ورد في المطبوع لكننا سنكتفي بإيراد التوضيحات التالية التي نراها مهمة:

أولا: لا يجب فصل عملية الائتمان عن عملية تلقي الأموال، من زاوية أن الائتمان لايجد مصدره في الواقع إلا من آليات تلقي الأموال الممنوحة للأبناك، إذ كما هو معلوم فالبنك لا يعتمد فقط على رأسماله في توفير السيولة المالية لمنح الائتمان، وإنما أيضا على الأموال التي يتلقاها من الجمهور سيما عبر آلية "إيداع الأموال " أو عن طريق توظيف الرصيد الدائن للحسابات الجارية الذي يمكن أن يتأتى للبنك بدوره بآية وسيلة من وسائل تلقي الأموال من الجمهور.

ماذا تعني هذه العلاقة الجدلية القائمة بين فعل "التلقي "وفعل "الائتمان" ؟ تعني أنه كلما قلت السيولة المالية المتأتية من فعل الإيداع أو ما يقوم مقامها كلما قلت حركية الائتمان الممنوحة من طرف البنوك، بما في ذلك الائتمان الذي يتم خلقه من لاشيء.

ثانيا: حينما نقول بأن البنك يمكن أن يخلق ائتمان من لاشيء، فلا يجب اختلاق تعارض بين هذا القول، وتصريح المشرع في المادة 3 من القانون رقم 12.103 من أن عملية "الائتمان" لا تكون إلا بعوض، فالأمرين مختلفين تماما.
أن يخلق البنك الائتمان من لا شيء هو الوجه المقابل لتوزيع البنك الائتمان الذي حصل عليه، ويعني أنه قد يمنح الائتمان من دون أن يخرج سيولة مالية من يديه ليدي عمليه، مانحا فقط الثقة والمركز المالي.

أن تكون عمليه الائتمان بعوض تعني بكل بساطة أن البنك لا يمكن أن يمنح ائتمانه على وجه التبرع، فهو ف كل الحالات والأحوال يتلقى فضلا عن واجب استرداد الائتمان الممنوح، عمولة أو فائدة عن منحه، ولا نضيف جديدا بهذا الخصوص فالبنك ف المحصلة النهائية مجرد تاجر يضارب بالمال والائتمان من أجل تحقيق الربح.

وهنا لا يجب الخلط بين "الفائدة "وبين "العمولة "، صحيح كلاهما يشكل عنصر المقابل "الذي يتلقاه البنك نظير منح ائتمانه، فالفائدة هي المقابل التي يتلقاه البنك نظير استفادة العميل من مبلغ القرض الممنوح له في حين أن العمولة هي مقابل الخدمة التي تقدم لفائدة هذا العميل والتي قد لا تكون بالضرورة مالا.

ثالثا: من بين عمليات الائتمان التي تمارسها مؤسسات الائتمان والتي ورد ذكرها في المادة 3 من القانون رقم 12.103، والتي تحتاج لبعض التوضيح، بمراعاة أننا خصصنا مباحث خاصة لبعض عمليات الائتمان الأخرى كالكفالة البنكية وخطاب الضمان، نذكر العمليات المتعلقة بالائتمان الايجاري، وبالإيجار التي يكون فيها للمستأجر خيار شراء العين المؤجرة والعمليات المعتبرة ف حكمها.

هذين الصنف من أصناف عمليات الائتمان ورد تعريفه بشقيه، أي الوارد على المنقول أو العقار، في المادة الثالثة من القانون رقم 12.103 وبالتالي فإننا نحيل عليما، نكتفي في هذا الإطار بإبداء الملاحظات التالية:

1 - سواء هم هذا الائتمان المنقول أو العقار، فإنه ستلاحظون أن المادة 431 من مدونة التجارة سبق لها أن أحالت بخصوص تعريف الائتمان الإيجاري على المادة 8 من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 6 يوليو 1993 المتعلق بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها، ولأن هذا الظهير ألغى سابقا، وحاليا حل محله القانون 12.103 المنظم لمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبر في حكمها، فإن تعريف الائتمان الإيجاري يكون وفقا لما ورد النص عليه في المادة من هذا القانون.

يجب لفت النظر أن الصورة الأولى والثانية للائتمان الإيجاري المتعلقة بإيجار المنقولات وإيجار العقارات ( الفقرتين الأولى والثانية من المادة 4 من القانون رقم 12 .103 ) يمكن أن نتصور أن تخضع لقانون حماية المستهلك غير أن الصورة الثالثة للائتمان الإيجاري أي عمليات إيجار الأصول التجارية أو أحد عناصرها المعنوية التي تمكن المستأجر كيفما كان تكييف تلك العمليات، من أن يتملك الأصل التجاري أو أحد عناصره المعنوية في تاريخ يحدده مع المالك مقابل ثمن متفق عليه يراعي ف تحديد جزء منه على الأقل المبالغ المدفوعة على سبيل الإيجار لا يبدو أنه يمكن أن تخضع لقانون حماية المستهلك، وبالتالي فالمستأجر بالنسبة للصورة الثانية لا يمكنه آن يستفيد من المقتضيات الحمائية لهذا القانون على اعتبار أن تعريف المستهلك الوارد في المادة 2 من القانون رقم 31-08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك لا ينطبق عليه، لا ينطبق على المستأجر ف هذه الصورة ( على سبيل الاستئناس والمقارنة أنظر: قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 12/05/29 تحت عدد 12/2896 في الملف عدد 4/2012/920 منشور بمجلة الحاكم المغربية عدد 152 ص: 109 وما يليها )
- سواء تعلق الأمر بعقد الائتمان الإيجاري المتعلق بمنقول أو بعقار فإنها تخضع لعملية الشهر إعمالا لصريح المادة 436 من مدونة التجارة التي تنص على ما يلي " تخضع عمليات الائتمان الإيجاري لشهر يمكن من التعرف على الأطراف وعلى الأموال موضوع تلك العمليات "وبالتالي، فانه لا يمكن لعقد الائتمان الإيجاري أن يرتب أي أثر ف مواجهة الغير ما لم يكن هذا الغير مشعرا بوجود هذا العقد، أو ما لم يكن مشهرا بالسجل التجاري (على سبيل الاستئناس أنظر : قرار محكمة النقض بتاريخ 11/12/13 تحت عدد 5420 في الملف عدد منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 142 ص: 112).

رابعا: حينما نتحدث عن منح مؤسسات الائتمان، للائتمان، يطرح التساؤل: هل تملك مؤسسات الائتمان كامل الحرية في منح الائتمان ؟ بمراعاة ما سيتم إيضاحه ف المحاضرة المقبلة ( انظر لمحاضرة الرابعة)، فإن الأبناك لا تمنح الائتمان بشكل عشوائي، وإنما هي مقيدة في ذلك بتوجيهات البنك المركزي ممثلا ف بنك المغرب وهنا لازم التوضيح أن بنك المغرب يقوم بدور هام في توجيه سياسة الائتمان والإشراف على تنفيذها، وذلك لكي يظل الائتمان على المستوى المطلوب دون إفراط آو تفريط.

وبوضيح ذلك يكمن، أنه قد يترتب على سخاء البنوك في الإقراض أو الاستثمار زيادة في عرض وسائل الدفع مما يؤثر على القوة الشرائية للنقود وعلى مستوى النشاط الاقتصادي في الدولة، فيتدخل البنك المركزي ممثلا في بنك المغرب بوسائل متعددة للتقليل من حجم الائتمان وكمية النقود السائلة المعروضة بقصد المحافظة على القدر المعقول من ثبات القوة الشرائية للنقود، ورد الائتمان إلى حجمه الطبيعي أو المناسب.

وقد يحدث على العكس من ذلك آن يقل الائتمان أو تحدث أزمات نقدية فيتدخل بنك المغرب للتخفيف من الضائقة وتوسيع إطار الائتمان، بحيث يجوز لبنك المغرب في حالة مثلا نشوب اضطراب مالي أو طارئ آخر يؤثر ف ثبات حالة الائتمان أن يدعو إلى مواجهة احتياجات ضرورية ف السوق المالية أن يقدم للبنوك قروضا استثنائية، إذ من المعلوم أن بنك المغرب يملك منح هذه القروض مقابل ضمانات وفقا للمستخلص من المادة 22 من القانون رقم 40.17 بمثابة النظام الأساسي لبنك المغرب.

ولا تقتصر رقابة بنك المغرب على الائتمان على التأثير ف كميته فقط وإنما تمتد لتشمل رقابة كيفية على نوعيته كذلك بما يتفق وتحقيق السياسة العامة للدولة، وهده الرقابة يمارسها بنك المغرب عبر مجموعة من الأليات التي أتاحها المشرع لفائدته ومن بينها، توجيه الائتمان من خلال ضبط نسبة الفائدة " بما يكفل مقابلة الحاجيات الحقيقية لمختلف نواحي النشاط الاقتصادي في الدولة، وهو المسلك الذي انتهجه بنك المغرب مؤخرا لمواجهة أي مظاهر للانكماش أو الركود الاقتصادي الناتجة عن جائحة "كورونا "حينما عمد إلى تخفيض نسبة الفائدة.

خامسا: في المطبوع الموجود رهن إشارتكم وتحديدا في الصفحة 23 قلنا بأن من بين الالتزامات التي تتحمل بها المؤسسات البنكية هو وضع وسائل الأداء رهن إشارة زبنائها، واختصرنا الحديث بشآن هذه الوسائل، ما يجب لفت الانتباه إليه بهذا الخصوص آن التقارير الصادرة على والي بنك المغرب بهذا الخصوص تحيل على وسائل الأداء الأكثر تداولا وتحصرها ف: الشيك، والتحويل البنكي، والبطائق البنكية.

أولا: الشيك: الشيك هو وثيقة مكتوبة على شكل حوالة يسمح لساحبه بأن يسحب لصالحه أو لصالح شخص آخر، كلا أو بعضا من الأموال الموجودة في دائنية حسابه لدى المسحوب عليه يعتبر الشيك أيضا أداة للأداء.

التحويل: التحويل عملية تتمثل، بالنسبة لصاحب الحساب المسمى الأمر، في تقديم طلب إلى بنكه بتحويل أموال من حسابه الخاص نحو حساب آخر. وفي المغرب، يعرف التحويل بموجب المادة 519 من مدونة التجارة باعتباره "عملية بنكية يتم بمقتضاها إنقاص حساب المودع، بناء على أمره الكتابي، بقدر مبلغ معين يقيد ف حساب آخر "وبالتالي يسمح التحويل بما يلي:
القيام بعمليات لتحويل الأموال بين شخصين مختلفين لديهما حسابان في المؤسسة البنكية ذاتها أو لدى مؤسستين بنكيتين مختلفتين.

القيام بعمليات لتحويل الأموال بين حسابات مختلفة مفتوحة باسم نفس الشخص لدى المؤسسة البنكية ذاتها أو لدى مؤسستين بنكيتين مختلفتين، ويصح الأمر بالتحويل سواء تعلق بمبالغ تم تقييدها بحساب الأمر أو بمبالغ يجب تقييدها به، داخل أجل سبق الاتفاق عليه مع المؤسسة البنكية (المادة 520 من مدونة التجارة) ويصبح المستفيد من التحويل مالكا للمبلغ الذي يتعين نقله من وقت خصمه من طرف المؤسسة البنكية من حساب الأمر (المادة 521 من مدونة التجارة). ويجوز التراجع عن الأمر بالتحويل إلى ذلك الحين.

البطاقة البنكية: تعد البطاقة البنكية وسيلة للأداء على شكل بطاقة بلاستيكية مزودة بشريحة مغناطيسية أو رقاقة إلكترونية تسمح إما بالأداء عن المشتريات والخدمات، لدى الممونين الذين يتوفرون على "جهاز للأداء الإلكتروني" يمكنه قراءة معطيات البطاقة أو عن طريق جهاز للتوزيع الآلي أو سحب النقود من الشباك الآلي أو الأداء عبر شبكة الانترنيت، الخ...

وعموما ففي المغرب تخضع البطاقات البنكية لأحكام: مدونة التجارة (من المادة 329 إلى 333) الاتفاقيات الموقعة بين المؤسسات البنكية (المؤسسات المصدرة) والزبائن (أصحاب وسائل الأداء) والاتفاقيات الموقعة بين نظام الأداء والتجار المنخرطين. وتوجد عدة آنواع من البطاقات:

بطاقة الأداء: كل بطاقة بنكية صادرة عن مؤسسة ائتمان كما ورد تعريفها في المادة الأولى من القانون 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، تسمح لصاحبها بسحب وتحويل الأموال.

بطاقة الإئتمان: كل بطاقة تمنح صاحبها مهلة لتسديد الأموال المدفوعة أو المسحوبة.
بطاقة السحب: كل بطاقة بنكية صادرة عن مؤسسة للائتمان تسمح لصاحبها بشكل حصري بسحب الأموال.

وبمحاذاة هذا النوعين من البطائق هناك بطائق آخرى، كما هو الحال بالنسبة للبطاقة المحدودة الاستعمال: وهي كل بطاقة صادرة عن مؤسسة غير بنكية تستعمل فقط في بعض نقاط البيع. وغالبا ما تكون مرفقة بخط ائتمان وبطاقة حافظة النقود: وهي تحمل أيضا اسم بطاقة المحفظة الإلكترونية وهي بطاقة مسبوقة الدفع تقبل الأوامر بالخصم والائتمان (قابلة للشحن).

---------------------------
المصدر:
- نجيب الأعرج: محاضرة في مادة القانون البنكي، جامعة محمد بن عبد الله بفاش، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية - فاس - ظهر المهراز.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -