المسؤولية الإدارية بدون خطأ

 عرض بعنوان: المسؤولية الإدارية بدون خطأ PDF

المسؤولية الإدارية بدون خطأ PDF

مقدمة :
إن موضوع مسؤولية الإدارة بدون خطأ يعد في الوقت الحالي من أدق الموضوعات في المسؤولية الإدارية ، حيث لا زال هذا الموضوع غير واضح المعالم فهو يدور في حدود السلطة التقديرية للقاضي وبعض التشريعات الجزئية والضئيلة في نطاق التوفيق بين تحقيق فكرة الصالج العام من جهة وبين مقتضيات حماية حقوق الأفراد وحرياتهم من جهة أخرى ، وغموض هذا الموضوع يعود إلى حداثته وجدته، خاصة وأن القضاء الفرنسي والذي أسهم بدور كبير في إنشاء وخلق هذه النوع من المسؤولية لم يكن في بداية الأمر يعلن بشكل صريح، وهو بصدد الحكم والقضاء في قضية المسؤولية الإدارية بدون خطأ، ولم يكن صراحة يعلن تبنيه لهذه الفكرة واعتناقها كأساس لما يقضي به.
فبعلن أخذت فكرة الخطأ تضعف شيئا فشيئا، حتى كادت تختفي في بعض الحالات فقد تطورت فكرة الخطأ الشخصي المستوجب للمسؤولية والعقاب، إلى فكرة الخطأ المفترض فرضا قابلا لإثبات العكس، إلى الخطأ المفترض فرضا لا يقبل إثبات العكس، ثم الخطأ المجهول في بعض الأحوال، ثم نشأت وظهرت عند هذه النقطة نظرية المخاطر أو تحمل التبعية، وسار القضاء العادي مع الفقه في مجال تطور الخطأ، وقد وقف هذا القضاء عند الخطأ المفترض، ولم يساير الفقه في تطور أساس المسؤولية
التقصيرية، ورفض تطبيق نظرية المخاطر.
أما فقه القانون الخاص فقد أنشأ وخلق هذه النظرية استجابة للتطور الذي يحصل في هذا الموضوع مستندا في ذلك إلى سببين، سبب علمي نظري، وهو ما قالت به المدرسة الوضعية الإيطالية بزعامة العلامة "فيري" من وجوب الاعتماد والتعديل والتركيز على الجانب الموضوعي في المسؤولية بوجه عام، لا على الجانب الذاتي فيها حتى في شخص الجاني نفسه، فإن ميدان تطبيقها الخصب هو القانون المدني.
وبخصوص السبب العملي الواقعي، فهو ازدياد مخاطر العمل زيادة كبيرة تجعل من العسير على المضرور - في أغلب الأحيان - أن يثبت الخطأ في جانب من تسبب في إحداث الضرر الذي لحق به، حتى يستطيع الرجوع عليه قضائيا بالتعويض، فقد كان لتطور الحياة الحديثة بصفة عامة والتطور الذي أصاب جانب الحياة الاقتصادية بصفة خاصة منذ القرن التاسع عشر أثر كبير في تطور المسؤولية التقصيرية بوجه عام من المسؤولية الشخصية إلى مسؤولية موضوعية، وأساسها القانوني بوجه أخص .
إن القضالإداري هو الذي بعث في هذه النظرية، الروح والحياة القوية من جديد، فله الفضل في إرساء قواعدها و تثبيت مبادئها في المسؤولية الإدارية التقصيرية. خاصة القضاء الإداري الفرنسي صانع و مطور هذه النظرية. الأمر الذي أدى بالمشرع الفرنسي إلى إصدار مجموعة من التشريعات تنص على قيام المسؤولية الإدارية على أساس المخاطر، ومثال ذلك القانون الصادر عام 1898 الذي يقضي و يقيم المسؤولية على أساس المخاطر أو تحمل التبعية . وقانون 1919 وتشريع عام 1921 اللذان يقضيان و يوجبان مسؤولية الدولة إزاء ضحايا الحرب والمصانع الحربية (مصانع الذخيرة الحية) مخاطر الدفاع الوطني.... غير أن النصوص التشريعية التي تدل على اعتناق المشرع الفرنسي وتبنيه لنظرية المخاطر كأساس قانوني لمسؤولية الإدارة العامة دون خطأ، تعتبر محدودة النطاق وقصيرة المدى، هذا ما ذهب إلى تقريره القضاء الإداري، الذي توسع بشكل كبير في تطبيق هذه النظرية، الأمر الذي أدى ببعض الفقهاء إلى بيان و إبداء تخوفهم من طغيان هذه النظرية كأساس للمسؤولية على حساب ركن الخطأ، الأمر الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى تبديد أموال الخزينة العامة، فمجلس الدولة الفرنسي لم يتقيد بتلك الحالات التي أشارت إليها القوانين المذكورة، بل قرر المسؤولية ومنح التعويض على أساس المخاطر، كلما اتضح له أن القواعد العامة في المسؤولية على أساس الخطأ تتنافى بشكل ظاهر مع قواعد العدالة.

الإشكالية :
ما هي الأحكام والمبادئ العامة التي تحكم نظرية مسؤولية الدولة بدون خطأ ؟
وما هي الآثار المترتبة عن تطبيق هذا النوع من المسؤولية ؟
هذا ما سنحاول مناقشته في هذا العرض من خلال المبحثين التاليين:

المبحث الأول : مبادئ مسؤولية الدولة بدون خطا
المبحث الثاني: نطاق تطبيق نظرية المسؤولية بدون خطأ وآثارها

---------------------------
لائحة المراجع :

- احمد بوعشيق ، المرافق العامة الكبرى ، دار النشر المغربية بالدار البيضاء ، الطبعة الخامسة 2000
- إدريس قاسمي وخالد الصيد - المحاكم الإدارية ص 90 أشار إليه كريم الاحرش - القضاء الإداري
- ثورية لعيوني ، القضاء الإداري ورقابته على اعمال الإدارة ، دراسة مقارنة، طبعة 2005 ، وجدة ،
- رمضان محمد بطيخ ، مسؤولية الدولة دون خطا ، الإلغاء والتعويض في القرار الإداري ، المنظمة العربية للتنمية لإدارية ، أكتوبر 2009،
- مليكة الصروخ ، القانون لإداري ، دراسة مقارنة ، التنظيم الإداري ، النشاط الإداري ، أسلوب الإدارة وامتيازتا ، رقابة القضاء على اعمال الإدارة ، الطبعة الثانية "مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ، دار القلم للنشر ، 2011
- محمد الاعرج ، القانون الإداري المغريي ، REMALD، عدد 74 مكرر ، الجزء الثاني ، الطبعة الثالثة ، 2011 ص 256.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -