الجريمة المستحيلة في القانون المغربي

عرض بعنوان: الجريمة المستحيلة في القانون المغربي PDF

عرض بعنوان: الجريمة المستحيلة في القانون المغربي PDF

مقدمة:
شكلت الجريمة عر العصور، وما زالت هاجسا يؤرق مختلف المجتمعات، نظرا لما ترتبه من خطر كبير على حياة الأفراد والجماعات، وإتيانها من أي إنسان كان يعتبر انتهاكا لحرمة المجتمع وأمن الدولة والأفراد، لذا اولتها الشرائع السماوية والأرضية اهتماما بالغا.

تناولها المشرع ناصا على كل ما يحيط بها من معاني ومقدمات وشروع تحضير، فلم يترك شيئا إلا وألم به، وصولا إلى تبيان الحق فيها وإزالة الغموض لكي يتسنى للقاضي فهمها من كل جوانبها و الكشف عن الحكم الصحيح الملائم لها.

و من المؤكد أن الجريمة تبدأ كفكرة تخامر الجاي حيث تدور بداخله، لينتقل إلى مرحلة التداول والثروي بين الإقدام أو الإحجام عن ارتكابها، وبعد حسم موقفه يبدأ في التصميم و العزم و التحضير لها، ثم يصل للمرحلة الأخيرة وهي التنفيذ، فإذا تحققت النتيجة كنا أمام جريمة تامة، أما إذا لم تتحقق كنا أمام محاولة سواء في صورة الجريمة الموقوفة، أو الخائبة و أو الجريمة المستحيلة؛ وهذه الأخيرة هي الجريمة التي يستنفذ فيها الجاني كل نشاطه في سبيل بلوغ النتيجة المعاقب عليها قاونا، ومع ذلك لا يتحقق هذا الأثر، لكونه غير ممكن الوقوع في الظروف التي باشر فيها الجاني نشاطه الإجرامي.

وهذه الاستحالة أثارت جدلا فقهيا حول ما إذا كانت من صور الشروع المعاقب عليه، أم أن استحالة التنفيذ تمنع المشرع من التدخل لفرض العقاب عليها، وانقسموا فى ذلك إلى مذهبين، هذا الاختلاف أرخى بضلاله على موقف التشريعات وكذا القضاء، مما يفرض علينا الوقوف قدر المستطاع على بعض جوالب هذه الجريمة وما تثيره من نقاش سيما فيما يخص معايير التميز بينها وبعض الصور المشابهة لها ثم إلى أنواعها وموقف الفقه وبعض التشريعات منها.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجريمة تم ذكرها في القران الكريم قال تعالى ( وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ (78) قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) إلا أنه لم يتم إيلائها الاهتمام إلا منذ واقعة الإبن الذي يدعى _laurant_ أراد أن يقتل أبيه فأعد لذلك بندقية جاهزة ومحشوة بالرصاص واسندها على الجدار في الوقت الذي كان فيه أبيه خارج المنزل، وعند عودته رأى الأب البندقية فراوده الشك حول نية إبنه، تناول البندقية وأفرغها من العتاد وأعادها إلى مكانها، ولما أحس الإبن بعودة الأب أخذ البندقية وصوبها نحوه وضغط علي الزناد لكن الرصاص لم ينطلق، رجع الأب لإقامة الدعوى لدى محكمة agent فقضت له وأدانت إبنه بالشروع في القتل.

ويطرح هذا الموضوع أهمية خاصة سواء على المستوى النظري أو العملي حيث تتجلى هذه الأهمية على المستوى الأول في إيلائها الفقه أهمية خاصة بالنظر إلى المشاكل التي تطرحها وتناولها من طرف معظم التشريعات بنصوص صريحة، أما على المستوى الثاني فتتجلى في الصعوبات التي يواجهها القضاء بمناسبة الفصل في قضايا من هذا القبيل.

ومن هنا يمكن طرح الإشكالية التالية إلى أي حد يمكن القول أن المشرع المغربي قد استطاع حسم المشاكل التي تثيرها الجريمة المستحيلة ؟

للإجابة على الإشكالية أعلاه سنتولى تقسيم الموضوع إلى مبحثين على الشكل التالي:

المبحث الأولى : تمييز الجريمة المستحيلة عن المفاهيم المشابهة لها وأنواعها
المبحث الثاني : منظور كل من الفقه والتشريع من العقاب على الجريمة المستحيلة


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -