التعويض الاتفاقي في التشريع المغربي

عرض بعنوان: التعويض الاتفاقي في التشريع المغربي PDF

عرض بعنوان: التعويض الاتفاقي في التشريع المغربي PDF

مقدمة
إذا كان الأصل في الالتزام أن ينفد عينا انطلاقا من كون الغاية من نشأته هي الحصول على أثره، فإن هذا الأصل قد لا يتحقق بسبب عدم تنفيد الالتزام أو التأخر في تنفيذه، الشيء الذي يترتب عنه ضرر للمتعاقد ، و حينها يصبح المدين بالالتزام مسؤولا و ملزما اتجاه الدائن متى توافرت باقي أركان المسؤولية المدنية، و ذلك بتعويض هذا الأخير عما أصابه من ضرر، والأصل في تقدير التعويض أنه يتم عن طريق القضاء عملا بأحكام الفقرة الأولى من الفصل 264 من ق ل ع التي جاء فيها على أن: " الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية و ما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام.

وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة، التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطا المدين أو تدليسه".

غير أن المشرع المغربي، أدخل تعديلا على الفصل المشار إليه أعلاه، مكن بموجبه لأطراف العلاقة التعاقدية أن يتفقا مقدما على مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه، أو تأخر في الوفاء به، وذلك بموجب القانون رقم 27.95 الذي دخل حيز التنفيذ بمقتضى ظهير 11 غشت 1995، حيث نظم بذلك هذه المؤسسة التي تعرف بالتعويض الإتفاقى أو الشرط الجزائي، واضعا بذلك حدا للاختلاف الفقهي و القضائي بخصوص حدود سلطة القاضي في تعديله.

و لقد ظهر التعويض الإتفاقي لأول مرة في القانون الروماني إلا أنه كان ينظر إليه كجزاء و ليس كتعويض يستهدف جبر الضرر، و كذلك نجده في الفقه الإسلامي لأنه ليس فيه ما يخل بما وضعه الشارع الحكيم، كما نظمه المشرع الفرنسي سواء في القانون الفرنسي القديم او في مدونة نابليون، كذلك الشأن بالنسبة للتشريع المصري و غيره من التشريعات المقارنة.

و أما على مستوى التشريع المغربي، فلم يشهد هذه المؤسسة كما سبق بيان ذلك إلا بموجب التعديل الذي شمل أحكام الفصل 264 من ق ل ع بموجب القانون رقم 27.95 المذكور أعلاه، حيث اضاف إليه ثلاث فقرات جاء فيها على أنه:" يجوز للمتعاقدين بأن يتفقا على التعويض عن الأضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء بالالتزام الأصلي كليا أو جزئيا، أو التأخير في تنفيذه.

يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه، أو الرفع من قيمته إذا كان زهيدا، و لها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي.
يقع باطلا كل شرط يخالف ذلك"

و لقد أتى الفقه بتعريفات مختلفة للتعويض الاتفاقي نذكر من بينها ما جاء به الدكتور إدريس فتاحي " هو الاتفاق الذي يقدر فيه المتعاقدان مسبقا التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه أو إذا تأخر في تنفيذه، فهو إذا اتفاق على مبلغ محدد جزافا نظير الإخلال بالالتزامات، يدفعه المدين في الأحوال المشار إليها".

و يكتسي موضوع التعويض الإتفاقي الذي نحن بصدد دراسته أهمية بالغة خصوصا و أن هذه المؤسسة كثيرة الاستعمال في المعاملات المالية، و على الدور الذي تلعبه هذه المؤسسة في تنفيذ العقود، و ذلك من خلال المساهمة في إعادة الثقة للقوة التنفيذية للعقود، وبالتالي دفع عجلة النمو الاقتصادي الى الامام، و ذلك للتخفيف على القضاء من حدة الملفات المعروضة عليه، وبغية من المشرع في تمكين الأطراف من حل نزاعاتهم بطرق وديه، بحيث لا يلجأ إلى القضاء إلا في حالة نشوب نزاعات جدية بخصوص تنفيذ الالتزام من عدمه، حيث لا يخفى على أحد الأوضاع الصعبة التي يمر بها الجهاز القضائي المغربي نتيجة لكثرة القضايا الرائجة أمامه، علما أن هذه الوسيلة اي التعويض الاتفاقى من شأنها ضمان التنفيذ الصحيح و السريع لتعاقدات الأطراف، و تؤمن لهم الحصول على التعويض العادل في حالة الإخلال بالعقد في أسرع وقت ممكن بعيدا عن ردهات المحاكم.

لكن يبقى السؤال المطروح هل استطاع المشرع المغربي بموجب التعديل المذكور سالفا أن يحقق الغاية المرجوة منه، وذلك بتمكين الأطراف من تحديد التعويض الأنسب للأضرار اللاحقة بالدائن، تطبيقا لمبدأ حرية التعاقد، أم أنه حاول الحد من هذا المبدا من خلال تمكين القضاء من استرجاع صلاحيته في تقدير هذا التعويض التي سلبت منه بموجب نفس التعديل.

و تتفرع عن هذه الاشكالية مجموعة من التساؤلات:
ما المقصود بالتعويض الاتفاقي؟ و ماهي أهدافه و أهم خصائصه؟
و ماهي شروط استحقاقه؟ و مدى ارتباطه بالنظام العام؟
و مدى إمكانية القاضي في تعديل التعويض الاتفاقي؟

للإجابة على هذه الأسئلة اعتمدنا على منهج تحليلي و مقارن، و سنعالج موضوعنا من خلال التقسيم التالى:

المبحث الأول : الأحكام العامة للتعويض الاتفاق.
المطلب الأول : ماهية التعويض الاتفاقي
الفقرة الأولى : مفهوم التعويض الاتفاقي
الفقرة الثانية: خصائص التعويض الاتفاقي
أولا: خاصية الاتفاقيه
ثانيا: خاصية التبعية.
الفقرة الثالثة: تمييز التعويض الاتفاقي عن بعض الأوضاع القانونية المشابهة له.
أولا: تمييز التعويض الاتفاقي عن الغرامة التهديديه
ثانيا : تمييز التعويض الاتفاقي عن العربون
ثالثا: تمييز التعويض الاتفاقي عن الغرامة.
رابعا: تمييز التعويض الاتفاقي عن عقد الصلح.
المطلب الثاني: وظائف التعويض الإتفاقي و مدى ارتباطه بالنظام العام
الفقرة الأولى: وظائف التعويض الإتفاقي.
أولا: الوظيفة التهديديه.
ثانيا: الوظيفة التعويضية للتعويض الاتفاقي
الفقرة الثانية: مدى ارتباط تعديل التعويض الاتفاقى بالنظام العام
المبحث الثاني: شروط استحقاق التعويض الإتفاقي و حدود تدخل القضاء في مراجعته
المطلب الأول: شروط استحقاق التعويض الإتفاقي.
الفقرة الأولى: الخطأ و الضرر.
أولا: الخطا العقدي
ثانيا: الضرر
الفقرة الثانية: العلاقة السببية وإعذار المدين.
أولا: العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر
ثانيا: إنذار المدين
المطلب الثاني: حدود تدخل القضاء في مراجعة التعويض الإتفاقي
الفقرة الأولى: سلطة القاضي في تخفيض التعويض الاتفاقي.
أولا: تخفيض التعويض الاتفاقي في حالة المبالغة فيه.
ثانيا: تخفيض التعويض الاتفاقي في حالة التنفيذ الجزئي للالتزام الأصلى.
الفقرة الثانية: سلطة القاضي في الزيادة في التعويض الاتفاقي.
أولا: الزيادة في التعويض الاتفاقي فى حالة ما إذا كانت قيمته زهيدة.
ثانيا: الزيادة في التعويض الاتفاقي في حالة التدليس و الخطأ الجسيم

-----------------------------
لائحة المراجع
1/ الكتب
محمد الكشبور،" نظام التعاقد و نظريتا القوة القاهرة و الظروف الطارئة" الطبعة، الاولى 1993.
- العربي مياد،" عقود الاذعان- دراسة مقارنة" الطبعة الاولى 2004.
- ادريس العبدلاوي: شرح القانون المدني"النظرية العامة للالتزام"-نظرية العقد-، الطبعة الأولى 1996.
عبد الرزاق أيوب ، سلطة القاضي في تعديل التعويض الاتفاقي (دراسة مقارنة)، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ، الطبعة الأولى 2003.
ادريس فتاحي ،" الاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية العقدية في القانون المغربي والمقارن"، مطبعة الأمنية الرباط 2004.
الرزاق أحمد عبد السنهور: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد الجزء 2.
عبد القادر العرعاري- النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المغربي-الجزء الأول مصادر الالتزامات، طبعة 1995.
عبد الرحمان الشرقاوي " القانون المدني- مصادر الالتزام" الجزء الأول، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة 2017.
2/ الرسائل و الاطروحات
طارق محمد مطلق أبو ليلى ، "التعويض الاتفاقي في القانون المدني - دراسة مقارنة-" رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون بجامعة النجاح الوطنية-كلية الدراسات العليا- نابلس- فلسطين 2007.
أحمد سيم فريز نصرة "الشرط العدل للمسؤولية العقدية في القانون المدنى المصري"، أطروحة لنيل الدكتوراه نوقشت بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح في فلسطين، سنة 2006.
3/ المجلات
- أحمد أدريوش،"الاجتهاد القضائي المغربي في ميدان الالتزامات و العقود"، سلسلة المعارف القانونية،العدد الرابع 1997.
محمد بالفقير " حدود سلطة القاضي في تعديل التعويض الاتفاقى" مقال أشغال الملتقى الدولي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش ونادي قضاة المغرب، يوم 15-14 يونيو 2013، تكريما للدكتور المختار
4/ بيبيوغرافيا
- تقدير التعويض في المسؤولية المدنية: مقال منشور في الموقع الإلكتروني منتديات الشروق، www.montada.echorokonline.com.
عرض حول دور القاضي في تحقيق التوازن العقدي سنة 2016-2015، منشور بالمكتبة الإلكتر ونبة bibliojustice.
سلطة القاضي في تعديل العقد: مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص القانون الخاص الشامل، من إعداد الطالبتين صاغي زينة و مقري نسيمة تحت إشراف الأستاذ عثماني بلال، جامعة عبد الرحمان ميرة- بجاية. كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم القانون الخاص، السنة الجامعية 2Ol4-2Ol3.بموقع الكلية،
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -