التعرض الاستثنائي على ضوء قانون التحفيظ العقاري المعدل

عرض بعنوان: التعرض الاستثنائي على ضوء قانون التحفيظ العقاري المعدل PDF

التعرض الاستثنائي على ضوء قانون التحفيظ العقاري المعدل PDF

مقدمة :
بصدور الظهير الشريف رقم 1.11.177 بتاريخ 22 نونبر 2011 بتنفيذ القانون رقم 14.07 المغير والمتمم بمقتضاه الظهير الشريف الصادر في 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري ، يكون المشرع المغربي قد اعتبر أن هناك مقتضيات قانونية صادرة منذ قرن تتطلب الملاءمة والتحيين .
وعلى هذا الأساس تقدمت الوزارة المكلفة بقطاع الفلاحة بمشروع قانون يرمي على الخصوص إلى التخفيف من التعقيدات المسطرية، الإدارية منها أو القضائية ولا سيما ما تعلق منها بمسطرة التعرضات .
وقد جاءت المادة 45 من المشروع قانون في صيغتها الأولى على الشكل التالي :
" يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية بعد انصرام الأجل المحدد في المادة 35 من هذا القانون : 
1- بقرار من المحافظ على الملكية العقارية ، ما دام لم يتخذ قرارا بتأسيس الرسم العقاري أو لم يقم بإحالة الملف إلى المحكمة في حالة وجود تعرضات؛ 
2- بأمر من رئيس المحكمة المعروض عليها ملف مطلب التحفيظ، بناء على طلب من الراغب في التعرض الاستثنائي .
يبث الرئيس في هذا الطلب طبقا للمسطرة المنصوص عليها في المادة 148 وما يليها من قانون المسطرة المدنية . وفي هذا الحالة ، يرجع الملف إلى المحافظ لتسجيل التعرض . يجب أن يستند طلب التعرض الاستثنائي على : 
1. سبب جدي منع المتعرض من التدخل خلال الأجل القانوني ؛ 
2. مستندات ووثائق يظهر منها أن ادعاءات المتعرض مبررة بما فيه الكفاية؛ في حالة وجودها".
وهكذا نلاحظ أن المسودة الأولية التي وضعتها الحكومة كانت ترمي منذ البداية إلى إخراج النيابة العامة من قضايا التعرضات، مخالفة بذلك أحكام الفصل 29 من ظهير التحفيظ الذي كان يخول وكيل الملك إمكانية قبول التعرض الاستثنائي بعد توجيه المحافظ على الأملاك العقارية الملف إلى كتابة الضبط ، حيث يبقى من صلاحية وكيل الملك قبول هذا التعرض مادام الملف مدرجا بجلسات المحكمة الابتدائية المختصة .
وبناء عيه قضت المحكمة الإدارية بأكادير بأن الأصل أن أجال التعرض يبتدي من يوم تقديم مطلب التحفيظ وينتهي بعد انصرام شهرين من نشر إعلان التحديد بالجريدة الرسمية ، وأن فتح آجال جديدة للتعرض ما هو إلا استثناء من الأصل . وأن الاستثناء هو حصر لبعض الحالات النادرة ولا يجوز التوسع فيه ولا القياس عليه والتي أعطى فيها الفصل 29 من ظهير 2 غشت 1913 لوكيل الملك وحده الصلاحية في فتح آجال جديدة للتعرض إذا كان الملف معروضا على أنظار المحكمة الابتدائية ، وذلك لتمكين المتعرض الذي يثبت الأسباب التي حالت دون تعرضه على مطلب التحفيظ داخل الآجال المحددة في الفصل 27 من نفس الظهير.
وهو في هذا الاختصاص غير مقيد بأجل محدد أو حتى بأسباب قانونية جدية ، وإنما ذلك ما يدخل في إطار سلطته التقديرية .وكل ما كان ملزما به هو إصدار قرار معلل بقبول التعرض وضم نسخته للملف المفتوح بالمحكمة ، وتوجيه أخرى إلى المحافظ على الأملاك العقارية المختص ، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية .
وهكذا مثلا في أحد قرارات النيابة العامة بفتح أجل جديد للتعرض علل وكيل الملك قراره "بأن سلطة مؤسسة وكيل الملك المنصوص عليها في الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري ليس من شأنها تأسيس حق أو المساس بأخر ، وإنما هي بوابة الإثبات و الحق امام قضاء الموضوع الذي تبقى له كلمة الفصل في تأكيد هذا الحق أو استبعاده، اعتمادا على ما يرصه الصراف امامه من وثائق ومستندات الإثبات حقوقهم ، وأن المحكمة وحدها مؤهلة لدراسة هذه الوثائق وتقدير قيمتها القانونية وقوتها الاثباتية . 
وحيث إن المشرع وهو ينيط بمؤسسة وكيل الملك إمكانية فتح أجال جديدة للتعرض على مطلب التحفيظ، فقد راعى في ذلك الحالات الاستثنائية التي قد يتعذر فيها على الأطراف ممارسة الحق في التعرض رعيا لأوضاع وظروف خاصة كما هو الشأن في الطلب موضوع هذا القرار ، والذي ثبت من خلاله أن الطالب لم ينتقل إليه مشتراه إلا بعد انتهاء أجل التعرضات أمام السيد المحافظ وإحالة ما تم تقديمه من تعرضات إلى المحكمة بقصد النظر فيها ، وأن عدم مبادرة سلفه لمباشرة الحق في التعرض لا يمكن أن تقوم مانعا بينه وبين الاستفادة من هذا الحق ، كما أن عدم تحوزه بالعقار وعدم مجاورته له إبان جریان مسطرة التحفيظ يمكن معه تصور عدم علمه بوجود مسطرة جارية للتحفيظ، والقول بالتالي بوجود ظرف استثنائي حال دون تمكينه من تسجيل تعرضه على مطلب التحفيظ أمام السيد المحافظ . مما يتعين معه التصريح بقبول الطلب الرامي إلى فتح أجل جديد للتعرض."
ويكون هذا القرار غير قابل للطعن أمام المحكمة الإدارية، وهذا ما قضت به المحكمة الإدارية بالرباط حيث عللت حكمها بأن القرار المطعون فيه ، الصادر عن السيد وكيل الملك، القاضي بفتح أجل للتعرض موضوع النزاع ، لا يتخذ والحال ما ذكر إلا بعد ما تضع المحكمة الابتدائية المختصة يدها على النزاع، حسبما يستفاد من المقطع الأخير من الفصل 29 من قانون التحفيظ العقاري، فإن هذه الأخيرة هي الجهة القضائية الطبيعية التي تختص بالنظر في مدى قبوله من عدمه ، ما دام الملف معروضا عليها ، لذا يتعين التصريح بعدم الاختصاص النوعي للبث في الطلب. 2
غير أنه أثناء المناقشة التي تمت سواء داخل قبة البرلمان أو خارجه ، استقر الأمر على الصيغة التالية : " بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية ، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق ، شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية .
يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية ، بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل ، وبالعقود والوثائق المدعمة لترضه ، كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبتاحصوله على المساعدة القضائية.
يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي"
إن الدارس لهذا الفصل يلاحظ أن المشرع كان على اتصال مباشر بالانتقادات التي كانت تقدم ضد مقتضيات الفصل 29 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه . والتي كانت تسير نحو التخفيف من سلطات المحافظ على الأملاك العقارية في مجال تسيير مسطرة التحفيظ، غير أنه عوض الاستجابة لمواقف الفقه قوي من صلاحيات المحافظ ، في الوقت الذي قزم دور القضاء وذلك أولا باستبعاد دور النيابة العامة في قبول التعرضات الاستثنائية ، وثانيا من خلال عدم الأخذ بما تضمنه المشروع قانون كما أعدته الحكومة في صيغته الأولى التي كانت تخول رئيس المحكمة قبول هذا النوع من التعرضات بناء على أمر قضائي يصدره طبقا للفصل 148 من قانون المسطرة المدنية كما رأينا سابقا .
والجدير بالتنبيه أن التعرض الاستثنائي كثيرا ما كان يثير مشاكل قانونية على الصعيد العملي، مما كان يؤدي بالمحافظين العقاريين إلى البحث عن الفتاوى القانونية إما لدى السلطة الرئاسية أو لدى الأمانة العامة للحكومة .
وهكذا في مجال مدى إمكانية قبول التعرض الاستثنائي على مطلب التحفيظ يوجد داخل منطقة الضم ، فقد أفتي المحافظ العام ، مدير المحافظة على الملاك العقارية بأنه مادام أن إيداع مطلب التحفيظ تم بعد المصادقة على عمليات الضم ، فإنه هب و يخضع لإجراءات وسطمقيم تحفيظ العادية بما فيها النشر، وبالتالي يمكن قبول التعرض ؟
وقد اعتبر المحافظ العام هذا النوع من التعرضات تعرضا عاديا وإن قدم خارج الأجل القانوني العادي.
وفي حالة أخرى تتعلق بمدى إمكانية قبول التعرض الاستثنائي بعد مرحلة التقاضي، وجه الأمين العام للحكومة كتابا تحت عدد 2289 بتاريخ 15نونبر 1979 إلى الوزير الأول ووزير العدل متسائلا هل من المتأتي قبول التعرض على مطلب التحفيظ من لدن المحافظ العقاري بعد صدور حكم نهائي وإعادة الملف من طرف المحكمة إلى المحافظة العقارية ؟ فكان جواب وزارة العدل بأنه " يظهر من المقتضيات القانونية المتعلقة بهذا الموضوع أنه لا يجوز قبول التعرض بعد انصرام أجل الشهرين المحدد له في الفصل 27 من الظهير الشريف المؤرخ في 9 رمضان 314% (12 غشة 2013)  التحفيظ العقاري إلا في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى من الفصل 29 من نفس القانون ، فأحرى في الحالة التي يكون فيها التعرض قد بت فيه قضائيا وامتنع على المحكمة أن تعيد النظر فيه تطبيقا لمبدأ حجية الشيء المقضي به "
وعليه لدراسة الفصل 29 المعدل من قانون التحفيظ العقاري ،نرى من الفائدة التعرض بتفصيل للجهة المختصة بقبول التعرض الاستثنائي ، ثم ما هي شروط قبول هذا التعرض ، ثم ما مدى قابلية قرارات المحافظ الصادرة في هذا الشأن إلى المراقبة القضائية،وذلك من خلال ثلاثة مطالب .

المطلب الأول : الجهة المختصة بقبول التعرض االستثنائي 
المطلب الثاني : شروط قبول التعرض االستثنائي 
المطلب الثالث : مدى قابلية قرارات المحافظ الصادرة في مجال التعرض الإستثنائي إلى المراقبة القضائية 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -