دور قانون المنافسة في حماية المنافسة ومنع الاحتكار

عرض بعنوان: دور قانون المنافسة في حماية المنافسة ومنع الاحتكار في ظل الاقتصاد غير مهيكل PDF

عرض بعنوان: دور قانون المنافسة في حماية المنافسة ومنع الاحتكار في ظل الاقتصاد غير مهيكل PDF


مقدمة :
تعتبر المنافسة ظاهرة انسانية وهي المحفز الأساسي للإبداع والابتكار والمجال الاقتصادي يعتبر من بين أهم المعاملات الانسانية التي تعرف المنافسة. ولذلك فالقانون هو أهم ضابط ومقنن لعملية المنافسة. والحرية الاقتصادية. حيث تكتسي المنافسة أهمية كبيرة باعتبارها تحدد التوازن بين العرض والطلب وتجعل تحديد الأسعار يقترب من هامش تكلفة الانتاج وهذه المنافسة ترتكز على الوسيلة والهدف ولتحقيق هذا الأخير يعتمد كل فاعل اقتصادي على وسيلة معينة من قبيل مختلف الشارات والعلامات والأسماء التجارية وغيرها من أجل جلب الجمهور نحو منتوجه.
ويعتبر مبدأ حرية المنافسة المؤطر الأساسي لجميع المجالات في ظل الأنظمة الاقتصادية الحرة فهو وقود اقتصاد السوق حيث أنه دافع التجار والحرفيين الى تطوير وتحسين منتجاتهم وخدماتهم وعرضها بالثمن المناسب. ومن تم تسمح بقيام قانون العرض والطلب الذي يخلق بدوره التوازن بين الانتاج والاستهلاك. مما يؤدي الى تقدم وازدهار الاقتصاد ككل.
وما يدل على اصرار المغرب على سياسة الانفتاح وبالتالي دخول عالم المنافسة، هو انخراطه في المنظمة العالمية للتجارة وعدة اتفاقيات تندرج في اطار ارساء منطقة للتبادل الحر مع كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول العربية والافريقية. هذا الى جانب ترسانته القانونية في مجال المنافسة التي توجت بصدور قانون 06.99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة سنة 2002، الذي تم تغييره وتتميمه بالقانونين 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة بتاريخ 30 يونيو 2014. والقانون 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة.
كما أنه تم الارتقاء بمبدأ حرية المنافسة الى مصاف المبادئ الدستورية من خلال الفصل 15 من دستور 1996. الذي تم التأكيد عليه في الفصل 35 من دستور 2011.
ان أهمية دراسة موضوع حرية المنافسة تتجلى في أن المنافسة الحرة بمثابة المرآة التي تعكس ازدهار وتطور النشاط الاقتصادي والحفاظ على استقراره وانتظامه، كذلك هناك ضوابط ينبغي احترامها وحدود لا يمكن تجاوزها خصوصا وأن فكرة المنافسة التامة أو الكاملة التي نظر اليها رواد المدرسة اليبرالية ظلت مجرد حلم لم يتحقق على أرض الواقع.
من خلال ما سبق يتبين لنا على أنه يمكننا أن نتبنى الاشكالية التالية:
الى أي حد توفق قانون المنافسة في حماية المنافسة ومنع الاحتكار في ظل الاقتصاد غير مهيكل.

تقودنا هذه الاشكالية الى اعتماد التصميم أسفله :
• المبحث الأول : تدخل قانون المنافسة في حماية المنافسة في ظل الاقتصاد غير المهيكل.
• المبحث الثاني : دور قانون المنافسة في منع الاحتكار في ظل الاقتصاد غير المهيكل.

المبحث الأول : تدخل قانون المنافسة في حماية المنافسة في ظل الاقتصاد غير المهيكل. 

يستلزم لتحقيق المنافسة الخضوع لمجموعة من الإلتزامات التي يفرضها قانون المنافسة و التي سطرها داخل النصوص التنظيمية كما هو الشأن بالنسبة للإقتصاد غير المهيكل (مطلب الأول ) و ذلك من خلال مجموعة من الآليات الحمائية للمنافسة في ظل الاقتصاد غير المهيكل (مطلب الثاني).

المطلب الأول : مفهوم الإقتصاد غير المهيكل.

إن ظاهرة الاقتصاد غير المهيكل او القطاع غير المهيكل عرفت إزدهارا كبيرا في العقدين الأخيرين من القرن الماضي نظرا لتطور الحياة بشكل عام و ظهور حاجة مجموعة من الأشخاص ألى تأمين وسائل عيشهم من خلال الإقتصاد السري. بل أن الأمر لا يقف عند هده التحولات أذ أصبحت هذه الظاهرة تنتشر في الشركات الصغرى و المتوسطة التي تقوم بالعمل في الخفاء من شراء بضائع و معدات و آليات.
هذا وقد أعطيت مجموعة من التعاريف له ذه الظاهرة هناك من إعتبرها جزء من الاقتصاد السري و هناك من اعتبرها بالاقتصاد الموازي و غير رسمي و الأسود أو غير مهيكل و منظم.
كما تحدد المندوبية السامية للتخطيط الإقتصاد غير المهيكل بالقياس إلى معيار التوفر على المحاسبة حيث يدخل ضمن هـ ذا القطاع جميع الوحدات التي لا تتوفر على نظام محاسبة بالمعنى المعتمد لدى الشركات و الدي لا تتوافق مع النظم المحاسباتي الجاري به العمل في المغرب مند 1994.
إن مفهوم القطاع غير المهيكل يحيل على مجال تتداخل فيه الحدود بين قطاع غير مهيكل و قطاع مهيكل بدلا من القطيعة هناك استمرارية إذا تحدثنا مثلا عن عدم احترام قوانين ( عدم تسديد الاشتراكات الإجتماعية أو الضرائب) من أجل تحديد اللامهيكل . يمكن أن نجد هدا المعيار أيضا في القطاع المهيكل فلاهيكلة توجد بدرجات متفاوتة في كل مقاولة و في كل مجال.
يعتبر الإقتصاد غير المهيكل كنقيض للإقتصاد المنظم إذ تحول إلى ما أصبح يطلق عليه الاقتصاد السري الذي يمكن أن يقوم على أنشطة مشروعة أو غير مشروعة مما يطرح دلك أزمة على مستوى السياسة اللاقتصادية للدولة التي تعاني من عجز على مستوى ميزانياتها نتيجة عدم تضريب هـ ذا القطاع الشيء الذي يبين انفتاح الارادة السياسية للدولة في عدم توسيع الوعاء الضريبي ليشمل القطاع غير المهيكل.
فرغم الإصلاحات الجبائية المتعاقبة التي شهدها المغرب مند سنة 1957 لازال هناك قطاع تحرم منه الخزينة العامة الا و هو القطاع غير المهيكل. لكن نرى في الغالب ان القطاع غير المهيكل يشكل وسيلة للعيش لعدة عائلات خاصة أن المغرب كدولة نامية يوجد بيه كثير من الأشخاص الدين يعيشون في ظل هـذا الاقتصاد بل احيانا يشكل مصدر رزقهم و الدي يعكس ه ذا الواقع هو تفشي ظاهرة البطالة و الهشاشة خاصتا في المدن الكبرى.
إن الأشطة غير المهيكلة هي نتيجة لعدة عوامل تتفاعل فيما بينها فهي تنتج عن ضعف حيوية القطاع الفلاحي و الهجرة القروية- الحضرية والتحولات المتسارعة للتمدن و أزمة الشغل النظامي ووضعية سوق الشغل والصعوبات التي تواجه الدولة في تنظيم النشاط الاقتصادي وظبطه و السياسات الإقتصادية المطبقة و تزايد مساحة الفقر و التقلبات الخارجية و السياسات الاقتصادية الداخلية المعتمدة لمواجهتها.
و تأسيسا على ما سبق فإن الإستراتيجيات والسياسات المتبعة من طرف السلطات العمومية لا تعير إهتماما خاصا لمصير القطاع غير المهيكل رغم أنه يساهم بحصة هامة في الناتج الداخلي الخام وفي إيجاد مناصب الشغل و في تخفيف من تداعيات الأزمات اللاقتصادية و المجتمعية.
فمكانة القطاع غير المهيكل لا تزال غير واضحة بل ومهمشة من قبل المتدخلين العموميين بل ماتزال النظرة المتناقضة نفسها للقطاع غير المهيكل عموما فهو في جهة أخرى مرغوبا فيه بالنظر إلى أنه يوفر الكثير من مناصب الشغل و يساهم بالتالي بالتخفيف من تداعيات الأزمات ولعل هدا ما يفسر أن السلطات العمومية ترى فيه موردا إضافيا لتنمية موارد الخزينة و لامتصاص جزئ مهم من الساكنة النشيطة خاصة في الوسط الحضري من هنا سعيها الى ادماجه في الاستراتيجية الاقتصادية عبر إتخاد اجراءات لفائدته جبائية و محاسباتية و محاولة أجرئة هذا الاقتصاد غير المهيكل.
كما أن المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب سبق وأعلنت سنة 2016 في بحث وطني خاص بالقطاع غير المهيكل الى أن الأمر يتعلق بحوالي مليونين و 400 ألف مغربية ومغربي يشتغلون في القطاع غير المهيكل. هذا الرقم الذي أعلن عنه المندوب السامي للتخطيط يستثني قطاع الفلاحة ملفتا الى أن 223 ألف رب عمل في القطاع غير المهيكل شغلوا 420 ألف أجير كما أعلن الاتحاد العام لمقاولات المغرب. أن الاقتصاد الغير مهيكل يضيع على الدولة مداخيل جبائية تقدر ب 34 مليار درهم.

المطلب الثاني : الأليات الحمائية للمنافسة في ظل الاقتصاد غير المهيكل.

من بين طرق حماية المنافسة من الممارسات المنافية للمنافسة في ظل الاقتصاد غير مهيكل نجد التأطير القانوني من خلال المادة الأولى من قانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة في الفقرة الأولى حيث نص على أن جميع الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين سواء أكانوا متوفرين أم غير متوفرين على مقر أو مؤسسات بالمغرب بمجرد ما يكون غرض عملياتهم أو تصرفاتهم المنافسة في السوق المغربية أو في جزء منهم من هذه السوق أو يمكن أن يترتب عليها أثر على هذه المنافسة.
وكما جاء في الفقرة الثانية من نفس المادة على أن جميع أعمال الانتاج والتوزيع والخدمات بما فيها تلك التي تقوم بها أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام عندما تتصرف كفاعلين اقتصاديين وليس أثناء ممارستها لصلاحيات السلطة العامة أو مهام المرفق العام.
ومن خلال المقتضيات التي نصت عليها المادة أعلاه فان الاقتصاد غير قد تحدث عنه النص حين طبقه على الأشخاص الغير متوفرين على مقر أو مؤسسات بالمغرب أي أنهم لا يتوفرون على مكان أو محل محدد لممارسة نشاطهم والمتمثلون في الباعة المتجولون ويقصد بهذا الأخير كل شخص يتجول بعربة ذات محرك و مجرورة باليد أو على دراجة عادية أو نارية أو يحمل بضاعة بيده أو يعرضها على الأصرفة العمومية.
فالبائع المتجول يمارس نشاطا في الغالب خارج خاص بحيث يظل يتنقل من مكان الى أخر. وكذلك بعض المحلات في الأحياء الشعبية التي لا تتوفر على سند قانوني لأنشطتها التجارية والغير خاضعة لرقابة النظام الجبائي. ولا تحمل أي تسمية تبين نوع نشاطها والذي يكون لهم أثر على المنافسة داخل السوق المغربية والذي يتمثل في شراء وبيع مجموعة من السلع أو الخدمات غير الخاضعة للتأشير الجمركي وغير المطبقة عليها الضريبة على القيمة المضافة مما يجعل أثمنة هذه السلع منخفضة بالمقارنة مع أثمنة نفس السلع والخدمات في الاقتصاد المنظم أو المهيكل الخاضع للضرائب والرسوم الجمركية عند استرادهم. وهنا يتبين لنا الأثر السلبي لهذا القطاع الغير المهيكل على المنافسة نتيجة الفوارق الكبيرة في الأثمنة.
من بين طرق حماية المنافسة من الممارسات المنافية أولا الدور الذي يلعبه مجلس المنافسة في هذا الشأن فطبقا لقانون رقم 20/13 المتعلق بمجلس المنافسة فانه يقوم بمنع كل الممارسات التي من شأنها المساس بحركية السوق وحسب المادة 4 من القانون المذكور يمكن للمجلس اتخاذ المبادرة للإدلاء برأي حول كل مسألة متعلقة بالمنافسة وينشر الرأي المذكور بالجريدة الرسمية ليطلع عليه العموم ويمكن للمجلس كذلك توجيه توصيات الى الادارة لتفعيل التدابير اللازمة لتحسين السير التنافسي للأسواق.
وبالنسبة لحماية المنافسة في ظل الاقتصاد غير المهيكل فان المادة 5 من قانون 20/13 تنص على أنه يجوز للمجلس كذلك أن يتولى برأيه في كل مسألة مبدئية تتعلق بالمنافسة بطلب من مجالس الجماعات الترابية أو غرف التجارة والصناعة والخدمات أو غرف الفلاحة أو غرف الصناعة التقليدية أو غرف الصيد البحري أو المنظمات النقابية والمهنية أو هيأت التقنيين القطاعيين أو جمعيات المستهلكين المعترف لها بصفة المنفعة العامة في حدود المصالح التي تتكفل بها.
وتتجلى الخدمات السابقة الذكر في الاقتصاد غير المهيكل في السوق السوداء لصرف العملة الأجنبية ونجد أيضا المنتوجات والبضائع المهربة والتي تكون بخسة الثمن وتؤثر على التنافسية بالنسبة للاقتصاد المهيكل أو المنظم مما يجعل هذا الأخير يلتجا لمجلس المنافسة.
ونجد أيضا دور أجهزة المنافسة القطاعية في حماية المنافسة وذلك بتدخل الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات في ضبط قواعد المنافسة وحمايتها من القطاع غير المهيكل الذي يشتغل في المواصلات بطريقة سرية. حيث نجد أن المشرع خول للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات مهمة السهر على احترام المنافسة المشروعة في قطاع المواصلات والبث في النزاعات المتعلقة بها ولاسيما تلك المتعلقة باحترام قانون حرية الأسعار والمنافسة.
كما تنظر الوكالة في الوقائع التي من شأنها أن تشكل مخالفات لأحكام قانون حرية الأسعار والمنافسة. وتصدر قرارات في هذا الشأن ويتم نشرها في الجرائد المخول لها نشر الاعلانات القانونية هذه القرارات تأمر فيها الوكالة المعنيين بوضع حد للممارسات المخلة بقواعد المنافسة داخل أجل معين.

المبحث الثاني: دور قانون المنافسة في منع الاحتكار في ظل الاقتصاد غير المهيكل.

يقوم قانون المنافسة بحماية المنافسة من الأعمال الاحتكارية في ظل الاقتصاد مهيكل كما تقوم الدولة بدور لا يستهان به في محاربة أوجه الأعمال الاحتكارية التي يفرزها الاقتصاد غير المهيكل (المطلب الأول) وتجاوز بعض انعكاساته (المطلب الثاني).

المطلب الأول : أوجه ومظاهر الاقتصاد غير المهيكل.

يعد الاحتكار من أهم وأخطر الممارسات المقيدة لحريتي التجارة والمنافسة، والاحتكار هو في حالة كان السوق عبارة عن شركة واحدة فقط تؤمن منتوج أو خدمة أو منتوجات أو خدمات إلى جميع المستهلكين، بمعنى آخر هذه الشركة تكون مسيطرة على كامل السوق، كما تعد الخشية من التوصل إليه من خلال الممارسات المتعددة هي الباعث وراء خطر تلك الممارسات ولمواجهة هذه الممارسات ينبغي أولا تحديد أوجه ومحددات الاحتكار.
ويحدد الاحتكار نوعية السلعة المعروضة فى السوق فلا يوجد غيرها فيه، مثل خدمات شركة الاتصالات في فترة الامتياز، كذلك حجم السوق بحيث أن السوق لا يحتمل أكثر من منتج واحد، كما يكون الاحتكار بسبب الحاجة الملحة إلى مقومات المشروع الضخمة مثل رأس المال والفنيون والمواد الخام وهذا غالبا ما يكون في المصانع الكبيرة مثل الحديد والصلب.
وهذا لا يمنع أحيانا من وجود اقتصادا مهيكلا ظاهريا ليشمل تحت ظله نوع من الاحتكار غير المهيكل كأن تكون شركة مقننة تعمل تحت ظلها شركة أو شركات غير مهيكلة (اقتصاد غير مهيكل مختبئ في اقتصاد مهيكل)، وكذلك نجد من بعض مظاهر الاحتكار ما يسمى بالادخار السري وهو يعني حبس المنتوجات أو السلع وإخفائها لمدة معينة من أجل بيعها بعد انقطاعها وندرتها في السوق بالأثمنة التي يرضاها المدخر ويعتبر من الأعمال غير مشروعة في الأصل مما يؤثر ويخل بمبادئ المنافسة المشروعة، كما نجد في بعض الأحيان تجارا غير مهيكلين يقومون بعملية الادخار السري لبعض المنتوجات سواء كان تحصيلها بطرق قانونية أو غير
قانونية.
فكما يوجد الادخار السري في الاقتصاد المهيكل نجده في المقابل أيضا في الاقتصاد غير المهيكل أو غير الرسمي ويشمل مختلف أنواع السلع والمنتوجات كالألبسة، المواد الغذائية الاستهلاكية التي تدخل بطرق غير قانونية.
ويقصد أيضا بالاقتصاد غير المهيكل التجار والباعة المتجولون الذين لا يصرحون بمداخيلهم وليس هناك ضرائب تفرض عليهم، وهذا يعود بعدم المنفعة على الدولة حيث لا تستفيد الدولة من هذا النوع من التجارة مع أنه يمثل نسبة كبيرة جدا من اقتصاد الدولة كما توجد شركات تحصل مداخيل كبيرة لكنها لا تصرح بمستخدميها.
وكوجه اخر للاقتصاد غير المهيكل أو غير الرسمي نجد تجارة الأرصفة التي تساهم فيها البطالة، ظاهرة التمدن والذين بدورهم يمكن استغلالهم من طرف تجار مقننين أو مهيكلين.
نجد أيضا نوعا آخر من التجارة التي أصبحت تعرف تزايدا مهما في الآونة الأخيرة وهي التجارة عبر مواقع التواصل أو الأنترنيت مما لا يلزم البائع دفع ضرائب أو تصريح بالدخل.

المطلب الثاني : انعكاسات الاقتصاد غير المهيكل.

يخلف الاقتصاد غير المهيكل مجموعة من انعكاسات التي يمكن أن تكون انعكاسات سلبية أو ايجابية على اعتبار أن هناك مجموعة من العوامل التي خلفت لنا هذا النوع من الاقتصاد هروبا من التحملات الضريبية والإجراءات الجاري بها العمل التي تعد في الأصل معقدة وتضمن لنا المنافسة الشريفة في حال تطبيقها والامتثال لها، إذن فهو ينعكس أساسا على المجتمع برمته بما فيه المستهلك وانعكاساته على المهنيين والتجار فيما بينهم نظرا لانتشار الباعة المتجولين وله انعكاسات أيضا على السياسة والاقتصاد والدولة.
1. انعكاسات على المستهلك : له انعكاسات ايجابية وسلبية،
بالنسبة للايجابية فهي تتجلى في كون أن الأغلبية الساحقة تعاني من انخفاض القدرة الشرائية وأثمنة هاته الأعمال سواء صناعة النسيج أو منتوجات معينة مما يجعل من المهنيين هنا غير خاضعين الى الضرائب مما يجعل استهلاك هذه الأشياء بسهولة وأثمنة زهيدة عكس الاقتصاد مهيكل وتنعكس سلبا على اعتبار أنها تكون غير مراقبة من قبل الجهات المختصة أي تكون عديمة الجودة خاصة إذا كانت منتوجات تستهلك للأكل تكون مضرة بالصحة جراء عدم خضوعها للرقابة من قبل الجهات المختصة برقابة صحية وأيضا هناك بعض أدوات استعمال التي تشكل خطرا على المواطن يتم مدوالتها في أسواق غير منظمة وأيضا يتمثل هذا التأثير في عدم احترام قواعد النظافة (شروط سلامة الأغذية) علاوة على تأثيره عن جودة العمل حيث تسود الهشاشة وعدم الاستقرار ونقص الامتيازات الاجتماعية وضعف متوسط الأجور.
2. انعكاساته على المهنيين والتجار فيما بينهم :
يسعى قانون المنافسة إلى محاربة الأعمال الاحتكارية التي تقع على عاتق المنافسين والمهنيين يقوم بتنظيم المنافسة حتى يكون هناك احترام لضوابط المشروعة ولا يحتكر منافس للمتنافس الأخر خاصة أصبح اليوم انتشارا كبيرا لمظاهر اقتصاد غير مهيكل جراء الهروب من الضرائب والإجراءات التي تكلف الوقت والمال وهذا ما ينعكس سلبا على مبادئ المنافسة خاصة المهنيين الذين ينتمون إلى "الاقتصاد المنظم" وأيضا يأثر على "تنافسية المقاولات" وأيضا على التجار ومع ارتفاع تجارة الرصيف وهنا تنهدم الشفافية والمصداقية بين التجار والمهنيين.
3. انعكاساته على السياسية : بالنسبة لانعكاساته على السياسة يمكن أن نقول أنه نظرا للارتفاع الديمغرافي للسكان وارتفاع نسبة البطالة خاصة في فئات الشباب وبالأخص الحاصلين على شواهد عليا ونظرا لعدم توفرهم على فرص الشغل مما يجعل أوضاع السياسة أكثر تقلبا وتوترا وغليان مما قد يدفع إلى نشوب احتجاجات وتدهورا في البلاد وعدم طمأنينتها هنا تجد الدولة نفسها مجبرة على تغفل ولو بنسبة قليلة لممارسة مثل هذه الأعمال ولو بصفة مؤقتة، إذن هنا هذا النوع من الاقتصاد له وظيفة سياسية بقدر ما له وظيفة اقتصادية سواء في قطاع الفلاحة وغيره من القطاعات إذن فهو يشتغل كآلية اجتماعية وقائية.
4. انعكاساته على الاقتصاد والدولة : يمكن القول أن معظم الدراسات الحديثة أظهرت أن الاقتصاد غير مهيكل يمثل نسبة كبيرة من الناتج الخام دون احتساب القطاع الأولي (الفلاحة) وكما أظهرت تأثيره على تنافسية المقاولات وأيضا يمثل نسبة معينة من واردات القطاع المهيكل.
ويؤثر بشكل متفاوت على مختلف القطاعات الاقتصادية، هذا وأغلبية الانتاجات للاقتصاد غير المهيكل موجودة بقطاع النسيج والألبسة التي تغزو السوق وتحتكر منافسة والتنافسية للقطاع المهيكل هذا وبالإضافة الى الصناعة الغذائية وغيرها... وحسب الدراسات أيضا نجد أن الاقتصاد غير المهيكل يوفر فرص الشغل واليد العاملة ويبقى ذلك مزودا كبيرا لسوق الشغل.
أما عن تأثيرات هذا الاقتصاد على الدولة فإنه يؤدي إلى خصاص في العائدات بالنسبة إلى الدولة (خصاص في مداخيل الضرائب وفي الاشتراكات الاجتماعية) كما يؤدي إلى خصاص في عائدات المقاولات المغربية (فارق كبير في التنافسية والسعر من خلال عدم دفع الضرائب والرسوم بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة خاصة وأن معظم الشركات غير المهيكلة لا تصرح بعدد العاملين عندها مما يجعل الدولة غير مستفيدة منها هذا ما ينعكس سلبا على ميزانية الدولة وعلى المجتمع برمته هذا وإذا نزلنا الى أرض الواقع نجد أن هذه الظاهرة هي الأكثر انتشارا في المغرب هذا راجع الى عدة اعتبارات إذ أن كل اقتصاد مهيكل ليس بمهيكل.

خاتمة :
يمكننا القول أن قانون المنافسة جاء بالأساس لحماية المنافسة من الاحتكار ومن الأفعال المقيدة لحرية المنافسة داخل الاقتصاد المهيكل وأيضا من الاحتكارات التي يفرزها الاقتصاد غير مهيكل وتأثيراته السلبية خاصة وأن الدولة تحاول ولو بنسبة قليلة محاربة هذه الظاهرة لما تنعكس سلبا على المردودية للدولة سواء على المتنافسين منهم المهنيين والتجار غيرهم.
وكما نلاحظ أن هناك فراغ قانوني بالنسبة للاقتصاد غير المهيكل إذ أن المشرع لم يتكلم صراحة على هذا النوع من الاقتصاد إذ أشار فقط إلى الأعمال تعد منافية لقواعد المنافسة الشريفة ورتب عليها جزاءات وكذلك قوانين التي تعيد إدماج هذا النوع من الاقتصاد، إلا أن الدولة تحاول القيام ببعض التدابير لمواكبة القطاع غير المهيكل كأن تقوم بتعزيز جاذبية القطاع المهيكل من خلال تقليص الفجوة التنافسية الضريبية بين القطاعين المهيكل وغير المهيكل وتبسيط الضريبة علـى القيمة المضافة حتى لا يتم اللجوء بكثرة إلى الاقتصاد غير المهيكل وتبسيط مساطر وإجراءات وتحسيس المستهلكين بأضرار الاقتصاد غير المهيكل نظرا لانعكاساته السلبية، هذا ويمكننا القول أن قانون المنافسة لا يرتب آثار جنائية بقدر ما يرتب آثار تنظيمية للمنافسة أي أنه ينظم لا يعاقب هنا يجعلنا نتسائل هل كل اقتصاد مهيكل يعد بمهيكل فعليا؟.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -