الإدارة الإلكترونية ومبادئ الحكامة الجيدة

مقال بعنوان: الإدارة الإلكترونية ومبادئ الحكامة الجيدة 

مقال بعنوان: الإدارة الإلكترونية ومبادئ الحكامة الجيدة PDF

مقدمة 
أصبح العالم قرية صغيرة، وذلك بفضل التقدم التكنولوجي الذي طال تقنية المعلومات والاتصالات إذ لم يعرف تاريخ البشرية ما شهدته الألفية الثالثة من ثورة هائلة في المجالات العلمية والتقنية. 

وكنتيجة للتطور التكنولوجي الذي تنامى في ظل الثورة المعلوماتية، شهد العالم بروز مفاهيم جديدة بدء بمفهوم نظم المعلومات الإدارية مرورا بمفهوم التجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية والحكومة الإلكترونية وانتهاء بالمفهوم الأعم وهو الإدارة الإلكترونية، وتعتبر هذه الأخيرة فرعا معرفيا حديثا، يدخل ضمن مواضيع العلوم الإدارية وهي لا تشكل بديلا عن الإدارة التقليدية بقدر ما هي نمط جديد في الإدارة وامتداد لتطور الفكر الإداري.... نتيجة لتحالف هذا الأخير مع تكنولوجيا المعلومات والاتصال. 

ولقد اهتمت العديد من الحكومات بإدخال البعد التكنولوجي في برامج الإصلاح الإداري بها من خلال إدخال تكنولوجيا المعلومات في إدارتها واستخدام الحاسوب في كافة عملياتها الإدارية خاصة مع ظهور شبكة الأنترنيت في التسعينات من القرن المنصرم حيث اعتمد الانترنيت كوسيلة من وسائل الإدارة الإلكترونية في توفير الخدمات عن بعد ففي فرنسا، انخرطت الحكومة الفرنسية في ورش الإدارة الإلكترونية منذ سنة 1997 وذلك من خلال برنامج العمل الحكومي من أجل مجتمع المعلومات PAGSU ويتعلق الأمر بوضع تكنولوجيا المعلومات في خدمة تحديث المرافق العامة وتحسين فعالية النشاط الإداري للدولة والجماعات المحلية في إطار علاقتها مع المرتفقين، ذلك أن تعزيز التواصل الإلكتروني بين 

مصالح إدارات الدولة فيما بينها وبين المرفق العام والمرتفقين، وبين الجماعات المحلية والفاعلين المحليين يشكل الية من الاليات الأساسية لإصلاح الدولة؟ 

أما المغرب فبعد دخول شبكة الانترنيت لأول مرة في 1995 فقد وعى بأهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التوجه نحو مجتمع المعرفة والمعلومات فكانت الإرهاصات الأولى للإدارة الإلكترونية في المغرب على غرار التجربة الفرنسية بسنة 1997، ففي هذا التاريخ تأسست اللجنة الاستراتيجية لتكنولوجيا المعلومات التي كانت هدفها الأساسي هو العمل في المجالات المتعلقة بتنمية مجتمع المعرفة عبر تعميم استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال لمصلحة جميع الأطراف الفاعلة في المجامع: المواطنين والمقاولات والإدارات وذلك في أفق: 
• تنمية وتعزيز شروط الحكامة الجيدة. 
• تحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن 
• تسهيل ولوج الجميع إلى المعرفة. 

وقد قامت هذه اللجنة بتأسيس 5 مجموعات عمل لتحقيق الأهداف السالف ذكرها وقد أسندت مهمة تنمية الإدارة الإلكترونية إلى المجموعة الثالثة المسماة ب "اللجنة الوطنية للإدارة الإلكترونية" وفي هذا جاءت الرسالة الملكية السامية التي تم عرضها ضمن فعاليات المناظرة الوطنية التي نظمتها كتابة الدولة المكلفة بالبريد في عام 2011 تحت عنوان الاستراتيجية الوطنية لإدماج المغرب في مجتمع المعرفة والإعلام حيث أحذ الملك محمد السادس على أنه: "سيظل إصلاح الإدارات العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بلادنا إذ يتعين أن نوفر لأجهزتنا الإدارية ما يلزم من أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها الانترنيت، لتمكينها من الانخراط في الشبكة العالمية وتقديم خدمات أكثر جودة لمتطلبات الأفراد والمقاولات". 

وفي سنة 2002 عرف المغرب المناظرة الوطنية الأولى حول الاصلاح الإداري، هذه المناظرة التي جعلت من تنمية استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالإدارة من الركائز الأساسية للإصلاح الإداري في المغرب. 

ومنذ هذا التاريخ شهد المغرب العديد من مشاريع وبرامج الإدارة الإلكترونية في مختلف الإدارات العمومية فمنهاه من أنجز ومنها ما يزال في طور التنفيذ، مما يحمل على القول بأن برنامج الإدارة الإلكترونية في المغرب لم يتبلور بعد شكله النهائي. 

وبناء على هذا التأسيس، يبدو أن موضوع الإدارة الإلكترونية يطرح إشكالية رئيسية إذن إلى أي مدى شكلت الإدارة الالكترونية الية محورية في ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة؟ 

ومن هذه الاشكالية يجب طرح بعض تساؤلات إذن ما المقصود بالإدارة الالكترونية؟ وأي دور للإدارة الإلكترونية في تكريس مبادئ الحكامة الجيدة؟ 

الإشكالية 
إلى أي مدى شكلت الإدارة الإلكترونية آلية محورية في ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة ويتفرع عن هدا السؤال المركزي أسئلة فرعية يمكن أجمالها في الاتي ما مفهوم الإدارة الإلكترونية. 
كيف يستر تطبيق الإدارة الإلكترونية في تكريس مبادئ الحكامة الجيدة؟ 

وهكذا سيتم معالجة هذا الموضوع وفق التصميم التالي: 
المبحث الأول: الإدارة الإلكترونية 
المبحث الثاني: دور الادارة الالكترونية في تكريس مبادئ الحكامة الجيدة 

المبحث الأول: الإدارة الإلكترونية 

قبل التطرق إلى بعض التطبيقات العملية للإدارة الإلكترونية في المغرب والتي سنخصص لها مبحثا مستقلا، يبدو من المفيد التطرق إلى بعض جوانبها النظرية سواء من خلال مقاربة مفهوم الإدارة الإلكترونية (المطلب الأول) أو من خلال السعي نحو تبيان أهم مقوماتها ووظائفها. 

المطلب الأول: ماهية الإدارة الالكترونية 

لتحديد مفهوم الإدارة الإلكترونية يبدو من اللازم التطرق إلى تعريفها (الفقرة الأولى) وخصائصها وأبعادها (الفقرة الثانية). 

الفقرة الأولى: تعريف الإدارة الإلكترونية 


قبل التطرق إلى مختلف التعريفات التي يمكن إعطائها للإدارة الالكترونية تجدر الإشارة إلى الأشكال المتعلق بوجود العديد من التسميات التي يمكن أن تستخدم للدلالة على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال خلال مزاولة النشاط الإداري ك: الحكومة الالكترونية، الحكومة الرقمية، الحكومة الذكية والإدارة الالكترونية.... إلخ ولعل التعدد في التسميات راجع إلى أن مصطلح الإدارة الالكترونية مشتق بالأساس من المصطلح الانجليزي government-e والذي يعني حكومة الكترونية بحيث أن ترجمته تمت بشكل جامد وحرفي إلى اللغة العربية ودون مراعاة لمعناه الحقيقي وما يراد به في لغته الأصلية "فمصطلح الحكومة يرتبط بشكل أساسي بالقانون الدستوري للدلالة على السلطة التي تتولى ممارسة الحكم في الدولة، أما مصطلح e-government فليس المقصود به ممارسة الحكم بطريقة الكترونية أنما هو توظيف شبكة الانترنيت لتقديم المعلومات والخدمات الحكومية للمواطنين وبذلك يرى أحد الباحثين؟ أن أفضل تسمية يمكن أن تستخدم للدلالة على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال خدمة للجمهور هي "الإدارة الإلكترونية" باعتبارها مفهوما أعم ويشمل الخدمات الالكترونية التي يقدمها المرفق العامة والقطاع الخاص على حد سواء. 

ولكن بما أننا نكتفي في دراستنا هذه على الخدمات الالكترونية التي تقدمها الهيئات الإدارية الخاضعة للقانون العام فإننا نقترح تسمية الإدارة العامة الإلكترونية. 

ومن هنا فالتعريفات التي يمكن إعطائها للإدارة العامة الإلكترونية متعددة فقد عرفتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية oced ب "استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولاسيما الانترنيت من أجل تحسين إدارة المرافق العامة"؟ كما يعرفها البعض؟ بأنها توظيف لتكنولوجيا المعلومات والاتصال لتحديث العمل الحكومي بالإضافة إلى جعل العمل الحكومي أكثر كفاءة وأكثر شفافية ويتجه نحو تحقيق احتياجات المواطن "وفي تعريف الدكتور عبد الفتاح بيومي حجازي تعني الإدارة الالكترونية "تحول المصالح الحكومية وجهات القطاع الخاص نحو قضاء وظائفها ومهامها فيما يتعلق بخدمة الجمهور أو فيما بينها. وبعضها البعض بطريقة إلكترونية عن طريق تسخير تقنية المعلومات ووسائل الاتصالات الحديثة في أداء هذه المهام"، وفي نفس السياق تذهب لجنة ماركيز الدولي في تعريفها للإدارة الالكترونية بأنها: تطبيق التكنولوجيا الرقمية لتحديث وتغيير وظائف الإدارة بقصد تحسين فعاليتها ونتائجها وكذلك جودة الخدمات المقدمة. 

وانطلاقا مما سبق يمكن أن نعرف الإدارة الإلكترونية بأنها استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال وخاصة الانترنيت والبرامج المعلوماتية من طرف الإدارات والمؤسسات العمومية وحتى الجماعات المحلية، بهدف تطوير أدائها الداخلي وتقديم خدمات ذات جودة عالية للمستفيدين سواء كانوا أشخاصا عامة أو ذاتية ومن هنا فللإدارة الإلكترونية مجموعة من الخصائص والأبعاد فما هي؟ 

أولا: خصائص الإدارة الالكترونية 
انطلاقا من التعريفات التي تم تقديمها للإدارة الالكترونية يتبين أنها تتسم بمجوعة من الخصائص الأساسية فهي: 

• إدارة بلا ورق: حيث أنها تعتمد على الحاسب الالي بشكل أساسي ولا تعتمد على الأوراق إلا بشكل ثانوي وتكميلي مثال ذلك توفر الإدارة على الأرشيف الالكتروني والبريد والمفكرات الالكترونية ونظم تطبيقات المتابعة الالية.... إلخ. 

• إدارة بلا مكان: بحيث أنها تعتمد على وسائل الاتصال الحديثة كالأنترنيت فالمسؤول الإداري يستطيع أن يتخذ القرار وهو في أي مكان في العالم ولا يرتبط اتخاذه للقرار بالضرورة من خلال وجوده في المقر المادي للمرفق العام، مما يضفي مرونة عالية بحيث يمكن للمدير مثلا تتبع نشاط إدارته والتدخل لحل المشاكل الطارئة عن بعد واتخاذ القرارات المناسبة ولو في بيته. 

• إدارة بلا زمان: بحيث أن الإدارة الالكترونية لا تلتزم بالضرورة بأوقات العمل الرسمية بحيث يمكن للموظف العمومي أن يتخذ قرارا في خارج أوقات العمل لمواجهة بعض المستجدات الطارئة، فبفضل الإدارة الإلكترونية العالم أصبح بإمكانية أن يعمل في الزمن الحقيقي 24 ساعة باليوم، وفي ذلك مراعاة لمصلحة المواطنين. 

• إدارة بلا تنظيمات جامدة: فبفضل الادارة الإلكترونية صار بإمكاننا الحديث عن تنظيمات ذكية تتسم بالمرونة وقابلة لأن تواكب جميع التغييرات الطارئة وذلك خلافا للإدارة التقليدية التي تتسم بالجمود والروتينية والبطء. 

ثانيا: إبعاد الإدارة الالكترونية 
إن كانت للإدارة الالكترونية مجموعة من الخصائص التي تميزها عن الإدارة التقليدية فإن الإدارة الالكترونية باعتبارها مشروعا يستهدف الإصلاح الإداري للدولة لها مجموعة من المستويات والأبعاد: 

• مستوى الادارة نفسها intra administrative فنجد في هذا النموذج جميع الأبعاد المتعلقة بتطوير أداء الإدارة الداخلي من قبيل أنظمة المعلومات ونظام الشبكات الداخلي....الخ، وذلك إحلال الالة محل الإنسان لتبسيط النشاط الإداري وتنمية فعالية الادارة 

• مستوى العلاقة بين الهيئات الادارية وinteradministrative فهذا البعد يتعلق بمختلف علاقات التعاون بين الهيئات الإدارية، من خلال استخدام الالكترونية كأساس لتسيير هذا التعاون كاقتسام الخبرات والأعمال بينها من هذا البعد هو تحديث المصالح الداخلية للقطاع العام وإعطاء هذه المصالح القيمة المضافة التي يتطلبها تدخل من الهيئات الإدارية لدراسة نفس الملفات. 

• مستوى علاقة الادارة بالمواطن: حيث في هذا الإطار نتحدث عن نزع الصفة المادية عن المبادلات فيما بينها من خلال إنشاء مواقع الالكترونية تابعة للإدارة من أجل توفير معلومات إدارية للمواطن، تبسيط المساطر الإدارية وتعزيز الشفافية وبالتالي تخفيض النزاعات التي تطرأ بين المواطن والإدارة...الخ 

• مستوى علاقة الادارة بالمقاولة: نجد في هذا الإطار نفس نوعية الخدمات والأهداف الموجهة للمواطن، مع إضافة إمكانية استخدام الإدارة الالكترونية من أجل تسيير ولوج المقاولة إلى الطلبيات العمومية ومن تم إشراكها في تحقيق التنمية" 

هكذا وبعد أن تم التطرق إلى مفهوم الإدارة الالكترونية يطرح التساؤل حول أهميتها متعددة الجوانب وكذا مختلف المقومات اللازمة لضمان حسن تفعيلها. 

المطلب الثاني: مقومات وأهمية الإدارة الالكترونية 

تكتسي الإدارة الالكترونية في يومنا هذا أهمية بالغة تتمظهر في العديد من الجوانب (الفقرة الثانية) غير أن تحقيها لوظيفتها في النسق الإداري المغربي بمنطق الفعالية يستلزم توفرها على مجموعة من المقومات اللازمة (الفقرة الأولى) 

الفقرة الأولى: مقومات الادارة الالكترونية 

تتجلى في العديد من الأسس القانونية والمادية والبشرية أهمها: 

• الاطار التشريعي الناظم لها: ذلك أن الحديث عن الإدارة الالكترونية لا يستقيم دون توفر الدولة على مجموعة من التشريعات التي تنظم مختلف العمليات المرتبطة بالإدارة الالكترونية، كالتوقيع الالكتروني والإقرار الالكتروني والتصديق الالكتروني والتبادل الالكتروني واليات حماية الإدارة الالكترونية من الجرائم المعلوماتية....الخ فهذه الاليات تستلزم تدخل المشرع لتوفير الإطار القانوني المنظم لها لكي يتم النشاط الإداري الالكتروني في إطار قواعد المشروعية 

• الموارد البشرية المؤهلة: فالموظف العمومي في إطار الإدارة الالكترونية تكون له خصوصيات معينة تميزه عن الموظف في الإدارة التقليدية، ذلك أن ثورة المعلومات والاتصال والتوسع في استخدام الحاسب الالي فرض على الموظف أ، يتوفر على حد أدنى من المعرفة في مجال المعلوميات لكي يكون فاعلا في منظومة الإدارة الالكترونية، وبالإضافة إلى الموظف العادي المتخصص في القانون أو الطب أو الهندسة... فإن الإدارة الالكترونية تستوجب التوفر على موظفين متخصصين في مجال المعلوميات، فهناك فئة المبرمجين الذين يختصون بوضع برامج المعلوماتية التي تسير نشاط الحاسب الالي في مجال عمل الإدارة الالكترونية، وهناك موظفي الشبكات وهؤلاء مختصين بصيانة شبكات الحاسب الالي وإصلاح الأعطال الخاصة بهذه الشبكات الالكترونية التي تعتمد عليها الإدارة الالكترونية، وضمن موظفي الشبكات، هناك فئة تختص بتأمين وحماية نظم ضد محاولات السرقة والإتلاف والتدمير. ومن أجل التوفر على الموارد البشرية المؤهلة السالفة الذكر يتعين القيام ببرامج التكوين المستمر للموظفين في مجال المعلوميات كإجراء بعدي وأيضا القيام بتعميم دراسة مادة المعلوميات في المدارس والجامعات كإجراء قبلي باعتبار أن طالب اليوم هو موظف الغد.

• المجتمع المعلوماتي: تعتبر قدرة المجتمع على التفاعل مع الثورة المعلوماتية ومدى قدرته على استخدامها بشكل سليم شرط أساسي لنجاح مشروع الإدارة الالكترونية، فالأمر يرتبط بمجموعة من المؤشرات منها: درجة تأهيل المواطن القادر على استخدام الحاسب الالي، مدى الثقة التي يعطيها المواطن لتنفيذ أعماله من خلال الحاسب، حجم التكلفة التي المتوقع أن يدفعها المواطن في مقابل الحصول على الخدمة الالكترونية ثم درجة توفر الأفراد على حسابات آلية...الخ ويزداد المشكل تفاقما عندما تتوفر دولة ما على نسبة مرتفعة من الأهمية بين أفراد شعبها، فالحديث هنا عن الإدارة الالكترونية والمجتمع الالكتروني يبدو ضربا من الترف فكيف يعقل أن تسعى الدولة على محاربة الأمية الالكترونية في حين أنه لم يتم القضاء بعد على الأمية الورقية..؟؟ 

• التوفر على بنية تحتية معلوماتية: إذ لا يمكن تصور قيام نظام الإدارة الالكترونية بدون هذه البنية التحتية لازمة ويدخل هذا الأمر في إطار توفير الوسائل المادية اللازمة لاشتغال الإدارة الالكترونية باعتبارها شرطا أساسيا في قيام التواصل بين الإدارة الالكترونية وبين المرتفقين، وتدور أهم القضايا المرتبطة بهذا العنصر حول النقط التالية: درجة توفر قنوات الاتصال كالحواسيب والهواتف وشبكات الاتصال والأقمار الصناعية القادرة على نقل البيانات بشكل متبادل بين الحكومة والمواطن، درجة آمان هذه الوسائل والقدرة على تأمين المعلومات بها وحمايتها من الاختراق، التكلفة المادية المرتبطة بإنشاء قواعد البيانات وشبكات الاتصال...الخ 

وهكذا بعد الحديث عن مختلف مقومات الإدارة الالكترونية، فأين تتجلى أهميتها؟؟ 

الفقرة الثانية: أهمية الإدارة الإلكترونية 

يمكننا مقاربة أهمية الإدارة الالكترونية من خلال المستويات الإدارية (أولا) والاقتصادية (ثانيا). 

أولا: الأهمية الادارية 
من بين الأهداف الأساسية للإدارة الالكترونية تحسين الأداء الإداري ويتجلى ذلك من خلال: 

• إعادة النظر في العلاقات الهرمية بين الهياكل الادارية وذلك عبر إعادة انتشار الكفاءات والرفع من درجة التنسيق الأفقي والعمودي بين مخلف الوحدات الإدارية وذلك من خلال وضع أبناك للمعلومات الخاصة والمشتركة فيما بينها لتبادل المعلومات بشكل طليق وسليم دون إتباع للإجراءات والمساطر، فالفعالية والقدرة المعالجتية والتخزينية وكذا السرعة التواصلية والمرونة التي تطبع الإدارة الالكترونية سهلت إمكانية تجاوز المركزية والتركيز 

• تحسين عملية صنع القرار، ذلك أ، الإدارة الالكترونية تعتمد على وجود قاعدة بيانات ومعلومات تساعد المديرين على التخطيط واتخاذ القرارات الصائبة وبالتالي فإن أهمية الإدارة الالكترونية تقاس بأهمية المعلومات، والتي تؤدي دورا فاعلا ومؤثرا في صنع القرار على المستوى الوطني والمحلي. 

• الحد من التعقيدات الادارية، فلإدارة الالكترونية أحدثت تغييرات جذرية على مستوى المساطر والإجراءات وذلك بتحويلها إلى عملية تقنية ومختزلة لا تحتاج إلى كثير من الجهد والوقت، وذلك من خلال توفير الخدمة للجمهور بشكل مستمر، عبر حصوله على الخدمة عن طريق شبكة الانترنيت دون الحاجة إلى الذهاب إلى مقر المرفق العام، خاصة وأن هذه الإمكانية غير مقيدة بزمان أو مكان. فالإدارة الالكترونية إذن تقضي على البيروقراطية في النظام الإداري وتحقق درجة كبيرة من مرونة المساطر كما تعمل على تسهيل الأعباء على أفراد المجتمع وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعجزون بصفة كلية عن الالتحاق بالمقر الإداري للحصول على الشواهد الإدارية 

• تخليق الحياة العامة: إن الإدارة الالكترونية باعتبارها تقوم على أساس نزع الصفة المادية عن المساطر والحد من التدخل البشري فيها، فإنها تقوم بذلك بدور أساسي في الحد من الفساد الإداري المتمثل في الرشوة والمحسوبية والزبونية والوساطة...الخ وبالتالي فإنها تقوم بإعادة بناء الثقة بين المواطن وبين الإدارة وإقامة علاقة جديدة بينهما قوامها المساواة والشفافية...الخ 

• بناء دولة المشاركة: بحيث يمكن أن تساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تسهيل مشاركة المواطنين في العملية السياسية وتعزيز الانفتاح والمساءلة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفرد على جعل صوته مسموعا في النقاش العمومي كما أهنها يمكن أن يستخدم لتشجيع المواطنين للتفكير بطريقة بناءة على الأسئلة المصلحة العامة... إذن فالإدارة الالكترونية باعتمادها على الانترنيت يمكن أن تكون عاملا أساسيا في انفتاح النظام السياسي وتعزيز مفهوم الدولة الخدماتية بدل الدولة السلطوية. 

والحكامة التشاركية في تدبير الشأن العام وإن كانت تكتسي أهمية على المستوى الوطني فإنها تكتسي كذلك أهمية قصوى على المستوى المحلي إذ أنها وسيلة لإشراك الأفراد وفعاليات المجتمع المدني في اتخاذ القرار المحلي وبالتالي النهوض بالديمقراطية المحلية ففي دولة البرازيل مثلا ساهم تطور الانترنيت في ظهور "الميزانية التشاركية على الخط" أما في استونيا فقد ظهرت جمعيات 

للمشاركة الالكترونية... فبتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال لم تعد المشاركة اليوم نوعا من الكمالية أو شعارا للدعاية بل هي أداة للتخطيط والتدبير التنموي ووسيلة للانخراط والإدماج لتحسين أداء القرارات وتدبير فعال للموارد والحاجيات والملائمة بالتالي بين الوسائل والنتائج بشكل عقلاي. 

ثانيا: الأهمية الاقتصادية 
تضطلع الإدارة الالكترونية بدور بارز في تحويل وتغيير أنماط الأداء الاقتصادي في المال والأعمال والتجارة والاستثمار من الشكل التقليدي إلى الشكل الفوري وهذا ما أدى إلى بروز مصطلح اقتصاد المعرفة الذي يساعد على زيادة اندماج اقتصاد الدولة في الاقتصاد العالمي. وزيادة فرص التجارة العالمية والوصول للأسواق العالمية والقطاعات السوقية التي كان من الصعب الوصول إليها في الماضي ومع استمرار المعرفي والذي يمكن أن يشمل الاقتصاد بالكامل ليكون اقتصادا معرفيا تكنولوجيا يعتمد أساسا على المعرفة والتكنولوجيا في كل تعاملاته انطلاقا من التجارة الالكترونية وهذه الأخيرة وباعتبارها أحد أبرز أنماط الإدارة الالكترونية تعتبر وسيلة حديثة للممارسات التجارية الدولية وأحد مقومات العولمة التي تعكس مدى التطور الذي وصل إليه العالم المتقدم. 

إذن يمكن فهم الأهمية الاقتصادية للإدارة الالكترونية من حيث أحد أنماطها إلا وهو التجارة الالكترونية وذلك سواء على مستوى الإنتاج أو التسويق. 

• فبالنسبة للانتاج تعمل التجارة الالكترونية على رفع من مستوى الكفاءة الإنتاجية وذلك من خلال أنها تعمل على خلق أماكن افتراضية تقلص بعد المسافات وتقلص الوقت مما يؤدي إلى تخفيض التكاليف كما أنها تمكن الشركات من الإنتاج حسب الطلب وفقا للدراسات والتوقعات علاوة على الزيادة في القدرة التنافسية كونها تفسح المجال للمشروعات المتوسطة والصغيرة للوصول للأسواق العالمية وبالتالي الرفع من الإنتاجية 

• أما بالنسبة للتسويق فتعمل التجارة الالكترونية على تسهيل إمكانية التسويق عبر العالم بتكلفة محددة وخلق مرونة سوقية مختلف التغيرات الإنتاجية ويرى البعض بأن التجارة الالكترونية تحمل إمكانيات ضخمة لنفاد الدول النامية إلى أسواق التصدير من خلال إنشاء مواقع للشركات على الانترنيت وهكذا وارتباطا بموضوع التسويق نجد أنه في بعض الدول المتقدمة أصبح استعمال الانترنيت وسيلة هامة للتواصل مع العالم الخارجي ليس فقط للمراسلات الإدارية اليومية بل كأداة فعالة لجلب الاستثمارات والرساميل الدولية37، والأمر لا يتعلق بالدولة فقط إنما أيضا 

المبحث الثاني: دور الادارة الالكترونية في تكريس مبادئ الحكامة الجيدة 
المطلب الأول: ماهية الحكامة الجيدة 


الحكامة الجيدة أو حسن التدبير أو القيادية الجيدة هي مصطلحات تستخدم للتعبير عن نفس المفهوم، والذي يعني حسب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بأنه نوع جديد من العلاقات والشراكات المؤسسية، التي تتمحور حولها مصالح الجماعات والأفراد وممارسة الواجبات والحقوق المختلفة وفض النزاعات المختلفة وتشجيع التشارك بين الجميع والمساهمة وحسن التنظيم وتوزيع المسؤوليات وصقل القدرات ودعم عمليات التواصل داخليا وخارجيا، ويشمل مفهوم الحكامة الجيدة عدة عناصر كالشفافية والتزويد بالمعلومات والمساهمين والحقوق والواجبات ومسؤوليات المسيرين. 

الفقرة الأولى: مفهوم الحكامة الجيدة 

يعتبر مفهوم الحكامة الجيدة من أقوى المفاهيم التي جاء بها الدستور الجديد الفلسفة العامة التي أسسها من أجل إحداث التغيير المنشود والحد من الفساد وسوء التدبير الذي تعاني منه مؤسسات الدولة والمجتمع. وعليه. فقد خصص الدستور الجديد للحكامة الجيدة بابا كاملا الباب الثاني عشر من 17 فصلا (الفصول 154 - 171). ينقسم إلى شقين. يتعلق الأول بمبادئ عامة والثاني بتحديد المؤسسات والهيئات العاملة على تفعيل هذه المبادئ. 

فيما يتعلق بالمبادئ العامة يمكن التمييز فيها بين مبادئ تنظيمية. ومبادئ سلوكية. وأخرى محاسبية. وفي إطار تحديد وتقنين هذه المبادئ العامة للحكامة. يؤكد الفصل 157 أن ميثاقا للمرافق العمومية سيحدد (مستقبلا) قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجماعات الترابية والأجهزة العمومية. 

أما فيما يخص المبادئ التنظيمية. والتي تهتم بتنظيم المرافق العمومية ينص الفصل 154 على أنها تنظم على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات. كما يؤكد الفصل 159 أن الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة تكون مستقلة. وتستفيد من دعم أجهزة الدولة. ويمكن للقانون أن يحدث عند الضرورة هيئات أخرى للضبط والحكامة. 

وفيما يتعلق بالمبادئ السلوكية. والتي تهتم بتقنين ممارسة المسؤولية وأسس العلاقة مع المرتفقين. يؤكد الفصل 154 على أن المرافق العمومية تخضع لمعايير الجودة والشفافية، وتخضع في تسيير ها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور. 

وينص الفصل 155 على أن أعوان المرافق العمومية يمارسون وظائفهم وفقا لمبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة. وفي علاقتها بمرتفقيها. يؤكد الفصل 156 أن المرافق العمومية تتلقى ملاحظات مرتفقيها، واقتراحاتهم وتظلماتهم وتؤمن تتبعها. 

وفيما يخص أخيرا المبادئ المحاسبية. يؤكد الفصل 154 على أن المرافق العمومية تخضع للمحاسبة والمسؤولية. والفصل 156 على أنها تقدم الحساب عن تدبير ها للأموال العمومية، طبقا للقوانين الجاري بها العمل، وتخضع في هذا الشأن للمراقبة والتقييم. كما ينص الفصل 158 على أن كل شخص يمارس مسؤولية عمومية، منتخبا كان أو معينا، يجب أن يقدم طبقا للكيفيات المحددة في القانون تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه لمهامه وخلال ممارستها وعند انتهائها. 

الفقرة الثالثة: التطور التاريخي للحكامة الجيدة 

ان مصطلح «الحكامة» مرتبط بمصطلح «الحكومة «كسلطة عمومية وهرم مهيكل على شكل بنيات مؤسساتية. وبإضافة كلمة «جيدة «لمصطلح «الحكامة» أصبحت الحكومة مجرد فاعل في صنع القرار عوض احتكاره، فاعل له مسؤولية محورية في خلق الالتقائية وتقوية فعل كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين ومكونات المجتمع المدني. إن التداول الفعلي لمصطلح «الحكامة» ابتدأ في أواخر القرن 19 حيث واكب الانتقال من الاعتماد على الفلاحة إلى الصناعة (ظهور المقاولة الصناعية)، وتم طرحه رسميا في الخمسينات من القرن الماضي من طرف البنك الدولي موازاة مع طرح إشكالية ربط تأهيل الإدارة الحكومية بالنمو الاقتصادي وضرورة تحقيق العدالة والمساواة بين أفراد المجتمعات. 

وتطور المصطلح في التسعينات بعدما تم التركيز على الأبعاد الديمقراطية في الحكم، وضرورة تدعيم المشاركة السياسية، وتفعيل دور المجتمع المدني، في أفق ربط أسلوب تدبير شؤون الدولة والمجتمع بدرجة رخاء هذا الأخير. لقد تطور المفهوم نتيجة ثلاث عوامل أساسية أولها التطور الذي عرفته طبيعة ودور الحكومة، وثانيها التطور الأكاديمي والعلمي والتكنولوجي، وثالثها ضرورة استحضار العامل الخارجي في عملية صنع السياسات العمومية. إنه تحول تجاوز وضع مركزة التدبير الحكومي بيد بيروقراط ليحل محله الرواد، وبذلك تحول دور الدولة من دور منفذ إلى دور الموجه والمنشط .فبعدما كانت الحكامة مرادفة للتعاون بين مختلف مصادر السلطة في القرون الوسطى (الكنيسة، النبلاء، التجار، الفلاحون الكبار،...)، سيتم استعمالها فيما بعد من طرف البنك الدولي لتدل على أسلوب ممارسة القوة في إدارة مختلف الموارد من أجل الرفع من مستوى التنمية وضمان توزيع سلطوي ناجع للقيم. 

ولهذه الاعتبارات، لا يمكن للحكامة أن تكون جيدة إلا بتحقيق نسق من المؤسسات الرسمية والمجتمعية يكون مهيكلا على شكل شبكة من علاقات الضبط والتعاون والمساءلة المستمرة، هيكلة تمكنه من التعبير عن حاجيات الناس تعبيرا سليما، ومن الوصول إلى مستوى الاستعمال الأقصى للموارد البشرية والمالية والوسائل التقنية، وإلى درجة عليا في استعمال الاليات الضرورية لتقويم وتقييم مختلف السياسات وتصحيحها. 

إن الحكامة الجيدة لا يمكن لها أن تستقيم وتترسخ في منطق الفعل العمومي إلا عندما تتضاعف المجهودات وتتقوى الإرادات والاستعدادات لتوفير المقومات الضرورية الأساسية لإقامة الدولة الديمقراطية النافعة. إنها المرحلة التي ستتمكن من خلالها الدولة (المؤسسات والسلط) والمجتمع (منظمات المجتمع المدني) من التصدي بشكل دائم لسوء استعمال السلطة والنفوذ، أي الوصول إلى مرحلة تمارس فيها السلطة السياسية والاقتصادية والإدارية بمنطق يضمن إدارة مختلف الموارد بنجاعة وشفافية وفعالية. الحكامة الجيدة إذن هي نظام تدبيري متكامل يرفع من مردودية الفاعل إلى أقصاها ويسائله سياسيا وإداريا عن حصيلة منطق تدبيره وإدارته للموارد العامة. 

كما أكد الباحثون أنه كلما زادت حدة التعقيد والتنوع والدينامية وتعددت الترابطات والروابط داخل مؤسسة أو منظمة ما، كلما ازدادت الحاجة إلى تفعيل حكامة تمكن من الرفع من القدرة على خلق وتدبير شبكات تنظيمية ناجعة للفاعلين. وكلما كان التدبير محكما كلما سهلت عملية تحقيق النجاعة، والدقة، والمرونة في الاستجابة للحاجيات، والشفافية، وإنضاج التوافقات الايجابية، والإنصاف،...إلخ. بعبارة أخرى، بتفعيل الحكامة الجيدة تتخذ القرارات الجيدة في إطار المسؤولية المشتركة للفاعلين، ويتم تحقيق الأهداف المشتركة، ونيل رضا وثقة المواطنين. 

وعليه، يتضح أن الوصول إلى مستوى الحكامة الجيدة ليس بالأمر الهين لأنه يتطلب أولا الإرادة والاستعداد، وثانيا القدرة على إبداع الميكانيزمات الناجعة، وثالثا توفير الموارد التي تستجيب لطموحات رفع التحديات من أجل تحقيق الرهانات والتي نجد على رأسها تحقيق نجاعة التدبير الذاتي للمجتمع (تدبير التنمية بالشكل الذي يحقق جودة الحياة). كما ثبت عبر التجارب أن الوصول إلى هذا المستوى من النجاعة والمردودية في المجتمع ليس بالأمر السهل، بل يبقى مرهونا إلى حد بعيد بمدى التوفر على منظمات ومنظومات اجتماعية وسياسية واقتصادية مهيكلة بالشكل الذي يضمن اتفاق الفاعلين الاستراتيجيين على إمكانية اتخاذ قرارات بشكل جماعي، وعلى حل مشاكلهم من خلال منظومة من القواعد والمساطر المتوافق بشأنها 

المطلب الثاني: دور الإدارة الإلكترونية في ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة "وزارة العدل نموذجا"

في إطار الجهود المبذولة من طرف وزارة العدل الرامية إلى إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصال تم إعداد عدة مشاريع في هذا الميدان كانت لها انعكاسات مباشرة على المواطن والمقاولة. كما أن تنفيذ هذه المشاريع حقق الرغبة القائمة لدى وزارة العدل للانفتاح على المتقاضين وعلى شركائها المتعددين ومنهم المهنيون والمهتمون بالقانون والمراكز التجارية الجهوية بهدف الحرص على أداء خدمة في إطار الشفافية. ولإدراك هذه الغاية تم تثبت خدمات الكترونية بالمحاكم النموذجية وتعميمها تدريجيا على مختلف المحاكم، وقد تمت المواقع التي وقع عليها الاختيار في المحكمة التجارية بالدار البيضاء والمحكمة الابتدائية بأنفا. 

تتمثل أهم الخدمات الإلكترونية التي تم الشروع في العمل بها فيما يلي : 

- تتبع الملفات القضائية بكتابة ضبط المحكمة. 
- تتبع تنفيذ الأحكام الصادرة ضد شركات التأمين. 
- النظام المتعدد القنوات للاستشارة ونشر المعلومات. 


أ‌- تتبع الملفات القضائية بكتابة ضبط المحكمة : 
تتولى كتابة الضبط تسيير الملفات وتصريف القضايا طيلة مسارها أمام المحكمة ابتداء من فتح الملف وتلقي طلبات المتقاضين، مرورا بتعيين المقرر وتاريخ أول جلسة وانتهاء بالنطق بالحكم النهائي إن الخدمات المقدمة عن طريق الإنترنيت تمكن كل متقاض أو دفاعه من معرفة مال قضية ومتابعة جميع مراحل الدعوى من خلال الولوج إلى المعطيات، والاطلاع على كل المعلومات المتعلقة بالأطراف ومواعيد الجلسات وأطوار النزاع، كما تسمح هذه الخدمات من الاطلاع على جدول الجلسات. 

وفي إطار المجهودات المبذولة من طرف وزارة العدل على مستوى تحديث طرق وآليات تصريف القضايا بالمحاكم ثم القيام بما يلي: 

1- تزويد مجموعة من المؤسسات القضائية بالتجهيزات المعلوماتية، حيث بلغ عدد أجهزة الحاسوب المتوفرة بالمحاكم حوالي 5000 حاسوب. 

2- تعميم الولوج إلى شبكة الإنترنيت بالنسبة لمجموع مصالح الإدارة المركزية ومجموع المحاكم التجارية والمحكمة الابتدائية بأنفا والشروع في إحداث شبكة الإنترنيت من أجل تعميم المعلومات داخل الإدارة المركزية، وتسهيل إمكانية الحصول عليها، وتحقيق السرعة والفعالية في تدبير الشأن القضائي. 

ب‌- تتبع تنفيذ الأحكام الصادرة ضد شركات التأمين: 
بما أن عدد كبير من شركات التأمين يوجد مقرها الاجتماعي ضمن الدائرة القضائية بأنفا، فإن مصلحة تنفيذ الأحكام القضائية بهذه المحكمة تتوصل بمجموعة كبيرة من الإنبات القضائية من مختلف محاكم المملكة بهدف تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهة شركات التأمين وتمكن الخدمات والمعلومات المقدمة في هذا الإطار عن طريق الإنترنيت، كل متقاض ودفاعه من معرفة مال ملف التنفيذ وكذلك المبلغ المؤدى من طرف شركة التنفيذ في حالة التنفيذ. 

ج- الاطلاع على السجل التجاري: 
يعتبر السجل التجاري بمثابة الحالة المدنية للأشخاص الاعتباريين والذاتيين ويتكون من : 
- سجلات محلية ممسوكة من طرف رؤساء كتابة الضبط. 
- سجلات مركزية ممسوكة من طرف المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية. 

وتمكن الخدمات المقدمة عبر الإنترنيت المتقاضين ودفاعهم من الاطلاع على مضمون التقييدات المضمنة بالسجلات التجارية، والمتعلقة بالأشخاص الذاتيين والمعنويين كما تيسر هذه الخدمات إمكانية الاطلاع على النموذج 7 وطبعه أيضا (وهو النوذج ج سابقا) وهو نموذج يجمع كل التسجيلات المقيدة بالسجل التحليلي، وتهدف هذه الخدمة إلى إحداث مناخ الشفافية في المجال الاقتصادي. 

هذا وتجب الإشارة إلى أنه تم في إطار مواكبة وزارة العدل عمل العمل المراكز الجهوية للاستثمار، تحديث معالجة إجراءات السجل التجاري من خلال الخدمات التالية : 

1- إدخال المعلوميات لمصالح السجل التجاري في أفق الربط المعلوماتي بين المراكز الجهوية للاستثمار والمحاكم لمعالجة ملفات إنشاء المقاولات في أسرع وقت ممكن. 
2- إحداث بروتوكولات للتواصل وتبادل المعلومات بين مصالح السجل التجاري وبين المراكز الجهوية للاستثمار، وكذا مع المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية. 
3- يجري الإعداد لحوسبة سجلات السجل التجاري التي لا زالت تمسك لحد الآن يدويا. 
4- تم الشروع الفعلي في عملية الربط بين المصالح التجارية والمراكز الجهوية للاستثمار وقد بوشر إنجاز تطبيقات معلوماتية لتقديم عدة خدمات للمواطنين من طرف المحاكم التجارية بواسطة الأنترنيت، وهي خدمات تتعلق بالأنظمة القانونية للسجل التجاري، وبتقديم معلومات حول السجل التجاري والوثائق المطلوبة، وبوضع دليل يخص جمي مصالح المحكمة التجارية ودليل يهم مساعدي القضاء على جانب مجموعة من الاحصائيات الهامة، وذلك إلى جانب الخدمات التي تقدمها وزارة العدل عبر الإدارة المركزية. 

د- النظام المتعدد القنوات للاستشارة ونشر المعلومات: 
يمثل مشروع العدالة الإلكترونية المتعدد القنوات نظاما مؤلفا يسمح بولوج الخدمات المقدمة من طرف وزارة العدل وهو يدخل في إطار تأهيل الإدارة المغربية لتصبح إدارة قريبة من المواطنين تنخرط في نظام يقوم على التواصل والشفافية وتوزيع العمل عبر استغلال الإمكانيات التي تخولها التقنيات الحديثة للاعلام والاتصال. 

وفي إطار دمقرطة الولوج غلة المعلومة قررت الوزارة وضع نظام لبث واستشارة المعلومات عبر نظام متعدد القنوات ليضاف إلى الخدمات المقدمة عبر الإنترنيت ويمكن هذا النظام من الاطلاع على المعطيات المتعلقة بالملفات القضائية وملفات التنفيذ وكذا السجل التجاري. 
وتتعدد قنوات الاستشارة على الشكل التالي: 
Web - SMS - E-Mail - Fax - interactif vocal Serveur 

إن وضع هذا النظام يجسد إرادة الوزارة في دمقرطة الولوج إلى المعلومة. ذلك أن خدمات يهم SMS الإنترنيت توجه لجمهور لا يتجاوز 800.000 مستعملا فقط في حين أن استعمال 8.000.000 مستفيدا 

ان السياسة المتبعة في مجال استعمال تكنولوجيا المعلومات و الاتصال بالإدارة العمومية تعتمد بالأساس على علاقة الشراكة التي يجب إن تطورها الإدارة فيما بينها و مع الجماعات المحلية و المؤسسات المهنية. إضافة إلى التطفل الحكومي بتطوير و تنمية هدا الاستعمال في مجال التسيير الإداري في إطار إحداث هيئة تعني خصوصا بهده التنمية. 

خلق هيئة تهتم بتنمية استعمال تكنولوجيا المعلومات و الاتصال. 
تتعهد هده الهيئة المحدثة بالمعاونة في الإسراع بتحقيق التنمية الإدارية من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات و الاتصال المناسبة. 
جمع ومعالجة وتقييم المعطيات الاحصائية و التقنية لجميع الإدارات وخاصة بقطاع إعلاميات التسيير الإداري لاستخلاص تقارير المتابعة. 
تنظيم وتتبع أنشطة البحث المتعلقة بمجال استعمال تكنولوجيا المعلومات في التسيير الإداري وكذا مسايرة ركب التكنولوجيا. 
السهر على ملائمة النظم المتواجدة بالإدارات العمومية مع المعايير التقنية الموحدة و اقتراح نضم مرجعية مشتركة. 
تحديد معايير و ضوابط و نضم و آليات الاتصال الواجب اعتمادها بين القطاعات الحكومية في مجال معلومات التسيير الإداري. 
مساعدة الإدارات على وضع برامج التحديث الإداري المرتبط باستعمال تكنولوجيا المعلومات. 
تصميم و انجاز النظم و التطبيقات المعلوماتية الأفقية و إعداد قواعد معطيات. 
القيام بطلب من الإدارة المعنية بتصور شامل أو المشاريع التقنية الخاصة بها. 
إعداد بوابة الإدارة العمومية و السهر على تحيينها و تفعيل خدماتها. 
جرد و دراسة الخدمات الممكن تغطيتها بواسطة تكنولوجيا المعلومات و كدا التقنيات الأزمة لها. 
إعداد و تنظيم دورات تكوينية حول المواضيع المتعلقة باستعمال تكنولوجيا المعلومات. 

خلاصة القول إن هده الهيئة لمن شانها إن تعطى نفسا قويا نحو تنمية مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال واستخدامها بشكل فعال و بالتالي الدخول نحو مجتمع إعلامي قوي على غرار تجارب بعض الدول المتقدمة في هدا المجال. إلا إن هدا الأمر لن يتأتى إلا بتوفير أرضية مناسبة تشتغل فيه هده الهيئة لتحقيق أهدافها السالفة الذكر. 

انطلاقا من التطور الذي تعرفه تكنولوجيا المعلومات و الاتصال و تأثيرها على المرافق العمومية ونظرا لهدف إعادة تأهيل الإدارة وسعيا لتحقيق الأهداف التالية: 
- تسهيل استعمال اللغة العربية عبر تكنولوجيا المعلومات و الاتصال 
- تعزيز القدرات التكنولوجية للتدبير الإداري و الموارد البشرية في ميدان الإصلاح الإداري 
- تقليص الفوارق الترابية في استعمال تكنولوجيا الإعلام و التواصل بين الإدارات 

خاتمة 
وهكذا يمكن القول بأن التكنولوجيا الحديثة ستمكن من تجديد عمل الادارت العمومية ودعم مسار الحكامة الجيدة ودمقرطة الادارة العمومية والمحلية، وكذا تحقيق التنمية وتوفير الخدمات الجيدة للمواطنين وتسهيل الاجراءات والمساطر الادارية من حيث الزمن والجودة الخدماتية، وكذا التجاوب مع انتظارات وحاجيات الساكنة المعنية 

بالإضافة إلى أن التجربة التي عرفتها الإدارة الإلكترونية بالمغرب مكنتها من الإسراع في العديد من الملفات في ظرفية قياسية "المحاكم الرقمية" نموذجا، وهذا سيساعد على تجاوز البيروقراطية والقطع مع الإدارة التقليدية بعدما سيتم الانتقال من مرحلة التعامل الورقي الى مرحلة التعامل الالكتروني، غير أن لبلوغ هذا الهدف فإنه يبقى هاجس التخطيط الاستراتيجي ووضع السياسات العمومية ، أحد الأسس المركزية لضبط آفاق الإدارة الإلكترونية وفق مقاربة عمومية تروم تكريس مبادئ الحكامة الجيدة ومبادئ التدبير الإداري والقيادة، وذلك باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال والتواصل في مجال التدبير والإدارة 
----------------------
قائمة المراجع 
المراجع باللغة العربية 
الكتب و المحاضرات 
أحمد حضراني: محاضرات تكميلية في الادارة المحلية مطبعة الوراقة سجلماسة. محاضرات ألقيت على طلبة القانون العام سنة 2011 
خالد الغازي :"الصفقات العمومية" محاضرات ألقيت على طلبة القانون العام الفصل السادس السنة الجامعية ()1()2 /2011 
عبد الله بن راجح البقمي . "مبادىء الادارة والتوجه نحو ادارة الأعمال الحكومية ". بدون ذكر الطبعة ولا المطبعة 
عبد الفتاح بيومي حجازي الحكومة الالكترونية ونظامها القانوني. شركة جلال للطباعة. الطبعة الأولى 2004 
كريم لحرش : الحكامة المحلية بالمغرب. طوب بريس الرباط . الطبعة الأولى 2009 
مليكة الصروخ:" الصفقات العمومية في المغرب الأشغال التوريدات والخدمات " مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى 2009 
المجلات و الندوات 
محسن الندوي ."أهمية الادارة الالكترونية في عصر العولمة" مجلة شؤون استراتيجية مطبعة الخليج العربي تطوان العدد 4 نوفمبر يناير 2011 
المناظرة الوطنية الأولى حول الاصلاح الاداري بالمغرب" الادارة المغربية وتحديات 2010 " مطبعة اليت سلا 2002 
النصوص القانونية 
قانون رقم 05.53 بمثابة القانون المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.07.129 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 55 84 بتاريخ 6 ديسمبر 2007 
المدونة العامة للضرائب 2010 
مرسوم رقم 388-06-2 صادر في 16 من محرم 5 (1428 فبراير 2007) بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها. الجريدة الرسمية رقم 5518 الصادرة يوم الخميس l9 أبريل 2007 
مقرر للوزير الأول رقم 7-71-03 صادر في سبتمبر 2007 يتعلق ببوابة صفقات الدولة. منشور بالجريدة الرسمية رقم 5565 
المواقع الالكترونية 
F58&?m=10 www.mmsp.gov.ma/Ar/decline.aspx//: http 
www.service-public.ma//: http 
www.watiqa.ma 
www.hespress.com 
المراجع باللغة الفرنسية 
•citoyenne lectroniqueé administration une Pour» thierry Carcenac 
2001 avril. franqaise documentation la « débat au contributions 
reforme . _2008 2005_ e-gouvernment national Programme le sur Rapport 
remald ,etrangéres experience des lumiére la å Maroc au administrative 
2008 edition premiere 
Principales impératif un : lectroniqueé L'administration ,OCDE 
/2004www.oecd.org/publications Paris OCDE Edition .onclusions. 
brief/index-fr.htm Pol/ 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -