عرض بعنوان: حدود احترام المغرب للمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان و المساواة PDF
مقدمة :
حقوق الإنسان هي المبادئ الأخلاقية أو المعايير الاجتماعية التي تصف نموذجأ للسلوك البشري الذي يفهم عموما بأنه مجموعة من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المس بها وهي مستحقة وأصيلة لكل شخص لمجرد كونها أو كونه إنسان، فهي ملازمة لهم بغض النظر عن هويتهم أو مكان وجودهم أو لغتهم أو ديانتهم أو أصلهم العرقي أو أي وضع آخر. وحمايتها منظمة كحقوق قانونية في إطار القوانين المحلية والدولية. وهي كلية وتنطبق في كل مكان وفي كل وقت ومتساوية لكل الناس، وتتطلب التماهي والتشاعر وسيادة القانون وتفرض على المرء احترام الحقوق الإنسانية للأخرين.
ولا يجوز ولا ينبغي أن تنتزع إلا نتيجة لإجراءات قانونية واجه نصين الحقوق ووفقا لظروف محددة، فمثلا، قد تشتمل حقوق الإنسان على التحرر من الحبس والتعذيب والإعدام.
وهي تقر لجميع أفراد الأسرة البشرية قيمة وكرامة أصيلة فيهم. وبإقرار هذه الحريات فإن المرء يستطيع أن يتمتع بالأمن والأمان، ويصبح قادرة على اتخاذ القرارات التي تنظم حياته. فالاعتراف بالكرامة المتأصلة لدى الأسرة البشرية وبحقوقها المتساوية الثابتة يعتبر ركيزة أساسية للحرية والعدل وتحقيق السلام في العالم.1
وإن ازدراء وإغفال حقوق الإنسان أو التغاضي عنها لهو أمر يفضي إلى كوارث ضد الإنسانية، وأعمالا همجية، أذت وخلفت جروحا وشروخا عميقة في الضمير الإنساني. ولهذا فإنه من الضروري والواجب أن يتولى القانون والتشريعات الدولية والوطنية، حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم، ولكي لا يشهد العالم والإنسانية مزيدا من الكوارث ضد حقوق الإنسان و الضمير الإنساني جميعا.
تكفل القوانين وتضمن الأنظمة التشريعية في معظم بلاد العالم صيانة حقوق الإنسان، وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الأنظمة لا تكون دائما فعالة، وتعجز معظمها عن إقرار بعض حقوق الإنسان، إلا أن المعايير العالمية تضمن إقرار هذه الحقوق عندما تعجز الحكومات عن حمايتها، فمنظمة الأمم المتحدة التي تعمل للمحافظة على الأمن والسلام الدوليين قد سنت معظم القوانين الدولية التي تقر حقوق الإنسان وتكفل صيانتها، ويذكر أن كافة دول العالم المستقلة تقريبا لها مقاعد بالأمم المتحدة، وأيضا تقوم الأمم المتحدة وبعض المنظمات الأخرى بالكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم، وتعمل على وقف هذه الانتهاكات.
ومن الوسائل التي ساعدت على نشر الوعي بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم هي العولمة والتي تعني ببساطة تواصل المجتمعات البشرية ببعضها البعض من خلال تفاعل الثقافات والتجار ووسائل الإعلام كالصحف و الإنترنت والتلفاز.
وتعرف حقوق الإنسان بأنها عبارة عن مجموعة من الحقوق المتجذرة في جميع البشر، وذلك بغض النظر عن الجنسية، أو الجنس، أو الدين، أو الأصل العرقي أو الوطني، أو اللغة، أو اللون، أو أي وضع آخر، إذ يحق للإنسان الحصول على هذه الحقوق دون تفرقة أو تمييز، وجميعها تكون مترابطة وغير قابلة للتجزئة، ويمكن التعبير عن حقوق الإنسان عن طريق القوانين الدولية، والمعاهدات، والمبادئ العامة، ويثبت القانون الدولي لحقوق الإنسان التزامات وواجبات معينة على الحكومات، وذلك حتى تلزمها بالعمل بطرق معينة، أو الامتناع عن أداء أفعال معينة من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان، والحريات الأساسية الخاصة بالأفراد والجماعات.
لا يمكن القول إن هناك لحظة زمنية معينة بدأت عندها الأصول الأولى لفكرة حقوق الإنسان. وأغلب الظن أن هذه الأصول إنما تعود إلى الوقت الذي بدأ فيه الناس يعيشون حياة مشتركة.
فالفكرة قديمة قدم الحياة وقد عني المفكرون والفلاسفة على مر العصور بالتنظير لحقوق الإنسان والمطالبة بصونها، والواقع أن الفرد كان يخضع للجماعة في كل شيء بلا حدود أو قيود إلى أن سادت الفكرة بضرورة عدم إطلاق يد الدولة بالتدخل في شؤون الأفراد. فاليونانيون في مآثرهم الشهيرة تناولوا حق الإنسان في الحياة وفي حرية التعبير والمساواة أمام السلطة وغير ذلك من الحقوق الطبيعية التي عدها مفكروهم اللبنة الأساسية في بناء المجتمع السياسي.
كذلك اهتم بوذا والفلسفة الهندية بالأخطار المحدقة بالحريات الأساسية للإنسان جراء العنف والفاقة والاستغلال ونقض العهود. وتضمن قانون «مانو» الذي ذاع صيته في العام الألف قبل الميلاد عددا من المبادئ الهادفة لصيانة الإنسان من هذه الأخطار. ووقفت الفلسفة الصينية وقلة طرية مالموجات الإنسان تجاه أخيه الإنسان بما يكفل حقوقه الأساسية في الحياة والسعادة وحرية التعبير عن الذات. وينسب إلى كونفوشيوس القول الشهير: «الإنسان لا يتعلم المدنية إلا عندما يطعم ويكسى بشكل لائق».
وأكدت المسيحية كرامة الإنسان والمساواة بين الجميع بوصفهم عيال الله في الإنجيل. أما الإسلام، فقد ذكرت حقوق الإنسان في القرآن والحديث النبوي. 2
وتكمن أهمية الموضوع في مدى فعالية الحماية الوطنية لحقوق الإنسان موضوع ذات صبغة سياسية اجتماعية قانونية وحقوقية بامتياز.
فمن خلال ما سبق ذن:
ما فعالية الحماية القانونية لحقوق الإنسان من خلال الممارسة الاتفاقية المغربية وكذلك التشريع الوطني ؟ ومامدی مجاعة المؤسسات الدستورية الكلاسيكية في حماية حقوق الانسان وكذلك من خلال الهيئات الوطنية المستحدثة ؟ وهذا ما سوف نحاول الإجابة عليه وفق التصميم التالي:
المبحث الأول: فعالية الحماية القانونية لحقوق الإنسان بالمغرب ورهاناتهاالمبحث الثاني: فعالية الحماية القانونية لحقوق الإنسان من خلال الممارسة الإتفاقية المغربية
---------------------------
لائحة المراجع:
- دستور المملكة المغربية 2011
- الضهير الملكي رقم 1.07.08
- الضهير الشريف رقم 1.11.25 الصادر في 12 من ربيع الاخر1432.
- مجلة بوابة القصر الكبير هيئة المناصفة و محاربة كل أشكال التمييز.
- باسيل يوسف، حماية حقوق الانسان، المؤتمر الثامن عشر لاتحاد المحامين العرب، المغرب، 1993، صفحة 30.
- عبد اللطيف الهلالي: "القضاء الإداري وحماية الحقوق والحريات الأساسية "مجلة المحاكم المغربية، عدد مزدوج 133-134 يناير مارس 2012 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،ص 107.
- فدوى ابنعيسى، أطروحة لنيل الدكتوراه، مدى فعالية الحماية الوطنية لحقوق الإنسان بالمغرب، كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الإجتماعية مكناس 2017، ص 157-158
- حسن طارق: "الدستور والديمقراطية، قراءة في التوترات المهيكلة لوثيقة 2011"، منشورات سلسة الحوار العمومي، الطبعة الأولى 2013، مطبعة طوب بريس الرباط، عبد الحميد فودة حقوق الإنسان بين النضم القانونية الوضعية والتشريعية دار الفكر الجماعي 2006.