نظام الأراضي السلالية في التشريع المغربي

عرض بعنوان: نظام الأراضي السلالية في التشريع المغربي PDF

نظام الأراضي السلالية في التشريع المغربي PDF

مقدمة :
يتميز النظام العقاري المغربي عن غيره من الأنظمة المقارنة بالتنوع والتعدد، إذ بالإضافة إلى الأملاك الخاصة أو الفردية، نجد أنواعا أخرى يمكن إجمالها في خمس:
/ أملاك الدولة العامة؛ / أملاك الدولة الخاصة؛ / أراضي الأحباس؛ / أراضي الجيش؛ أراضي الجموع أو ما يسمى بالأراضي السلالية أو الجماعية.
وتكون أراضي الجماعات السلالية بقايا نظام عقاري يرجع إلى ما قبل الإسلام، إذ أن هذا النظام هو أصل الملكية الآن، وحق الملكية هذا تطور عبر التاريخ وتطور معه حق الملكية الجماعية لينسجم مع المناخ الحالي، ذلك أن العمة كانت في الأصل صاحبة الملكية ثم انتقل هذا الحق إلى القبيلة التي ينتمي إليها الفرد، وقد كانت الأرض تستغل بكيفية جماعية من طرف أفراد القبيلة، إما مؤقتا أو بصفة نهائية تمشيا مع ظروف الأمن وطبيعة الاقتصاد المغلق، ونظام الأراضي السلالية كان متمركزا عند القبائل الرحل باعتباره يتلاءم وظروف عيشهم، وباعتبار التصرف الجماعي كان يخضع لظروف البيئة والمناخ والعرف والعادات القبلية.
وكان النظام السائد بين القبائل يقضي بإبقاء الأراضي الرعوية مشتركة بين أفراد القبيلة، في حين تتم قسمة الأراضي الحراثية على حسب الخيمة أو العائلة، وقد نتج عن ذلك قیام تصرف مؤقت من طرف أصحاب الخيام وأرباب العائلات.
ومما تنبغي الإشارة إليه، أن الأراضي السلالية تناولها الظهير المنظم لها (ظهير 27 أبريل 1919) تحت تسميات مختلفة ففي فصله الأول تحدث عنها تحت اسم القبائل، وفصائل القبائل وغيرهم من العشائر الأصلية، بينما وسمها الفصل الثاني بالجماعات الأصلية، أما الفصلان الرابع عشر والسادس عشر فأطلقا عليها تباعا اسم " الجماعات الأهلية" واسم " العشائر الأصلية.
وقد عرف الأستاذ مأمون الكزبري الجماعات الأصلية في كتابه " التحفيظ العقاري" بأنها " القبائل أو فصائل القبائل وغيرها من العشائر الأصلية، والتي تنتفع بالأملاك الجماعية طبقا للأعراف التي اعتادت عليها منذ القديم استعمالا واستغلالا"1.
لكن ما هو التعريف الذي يمكن أن نعطيه للأراضي الجماعية أو السلالية ؟
لقد اختلف الباحثون في ريفالهم لهذا النوع من الأراضي، واختصارا نورد التعريفين التاليين:
- عرفها الدكتور محمد خيري بأنها : " أراضي ترجع في ملكيتها إلى جماعات سلالية في شكل قبائل أو دواوير أو عشائر قد تربط بينهم روابط عائلية أو روابط عرقية واجتماعية ودينية وحقوق الأفراد فيها غير متميزة عن حقوق الجماعة".2
وعرفها الأستاذ عبد الكريم بالزاع بأنها : " أراضي تملكها جماعات قبلية إما في شكل دواوير أو قبائل أو عائلات أصبحت حقوق الفرد فيها غير متميزة في حقوق الجماعات ، أي أن الحقوق فيها مشاعة وتسند رئاسة تسييرها لمجموع رؤساء العائلات المشكلة للجماعات القبلية في إطار يطلق عليه مجلس الجماعة".3
وقبل وضع ظهير 27 أبريل 1919 بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها، أصدرت السلطة الحامية منذ 1912/11/01 وإلى غاية 1918/05/27 منشورين وظهيرين وقرارين وزيريين للحفاظ على هذه الأراضي، ولما استوطن المعمرون سهول المغرب ودرسوا تربة أراضيه، فكروا في سن نظام جماعي يسهل عليهم عملية شراء هذه الأراضي باعتبارها تشغل حيزا هاما من أراضي الغرب الخصبة، فعمدوا إلى تجميع النصوص السالفة الذكر في ظهير واحد هو ظهير 27 أبريل 1919 الذي يعتبر بدابة وناق للأراضي الجموعه الذي لم يكن الهدف منه حمايتها بقدر ما كان تسهيل استغلالها من طرف رعايا الدولة الحامية.
ولم تقف سلطة الحماية عند هذا الحد، بل عمدت إلى إدخال عدة تعديلات على الظهير المذكور تصب في صالح المعمرين ليستفيدوا من خيرات هذا البلد.
وهكذا توالت التعديلات بدءا بظهير 1924/02/18 وإلى غاية إصدار ظهير 1951/04/16 المتعلق بالمناجم والذي أعطى فصله الثاني عشر الحق للجماعات في استخلاص التعويض عن استخراج المعدن.
وبعد حصول المغرب على استقلاله، تتابعت التعديلات المنصبة على الظهير المذكور، ومن آخر الظهائر المعدلة، نذكر ظهير 1973
/ 03 / 02 الذي نص على استرجاع ملكية الأراضي الفلاحية التي في ملك الأشخاص الذاتيين الأجانب أو الأشخاص المعنويين، هذا فضلا عن مجموعة من المناشير والرسائل الدورية لوزيري الداخلية والعدل، إما فردية أو مشتركة.
والأراضي السلالية غير خاضعة للتفويت ولا للحجز ولا للتقادم، ولا تجرى بشأنها القسمة البتية، وإنما تكون محلا لقسمة انتفاع، كما يمكن استغلالها بطريقتين حددهما الفصل السادس من الظهير كالآتي :
 - عن طريق إبرام عقود الاشتراك الفلاحي بالمراضاة وموافقة الوصي عليها
- عن طريق أكرية لا تتجاوز مدتها ثلاث سنوات
هذا ويتوزع الاختصاص بشان البت في المنازعات التي تثور بشأنها بين المحاكم وبين جماعة النواب ومجلس الوصاية، علما أنها تخضع في تدبيرها للجماعات السلالية ذاتها وكذا للنواب أو المندوبين الذين تختارهم لهذه الغاية، وكذا المجلس الوصاية الذي يترأسه وزير الداخلية.
وبعدما مر على ظهير 27 ابريل 1919 قرن كامل، وأبانت التجربة أن هذه الأراضي لم تستغل بالشكل العقلاني الملائم، على الرغم من شساعتها، مما جعلها مرتعا خصبا لكثرة المنازعات، عوض أن تكون محورا للتنمية المستدامة على الصعيد القروي، دعا جلالة الملك حفظه الله في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان يوم الجمعة 2018/10/12 إلى تعزيز وتسهيل الولوج للعقار، وجعله أكثر انفتاحا على المستثمرين، سواء منهم الأشخاص أو المقاولات، موضحا سدده الله ونصره " أن تعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية قصد إنجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي، لا يمكن إلا أن تشكل رافعة قوية لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي وخاصة لذوي الحقوق، وهو ما يمكن من تعبئة، على الأقل، مليون هكتار إضافية من هذه الأراضي" وأضاف جلالته : " على غرار ما يتم بخصوص تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، فإنه أصبح من الضروري إيجاد الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية لفائدة ذوي الحقوق".
إرادة جلالة الملك إذن ماضية نحو حسن تدبير واستغلال واستثمار الأراضي السلالية، بما يعود بالنفع على ذوي الحقوق والكرة الآن في مرمى السلطة التشريعية لتعديل ظهير 1919 أو إعادة صياغته بما يتلاءم و هذه الثروة الوطنية، التي قال الناطق الرسمي باسم الحكومة في بلاغه يوم 16 فبراير 2013 أن مساحتها تناهز 15 مليون هكتار، أي ما يقارب %17 من مجموع الأراضي الفلاحية بالمغرب.
وفي خضم هذا العرض المتواضع، سنحاول الإجابة عن التساؤل المحوري التالي:
هل الطريقة التي تم بها تدبير الأراضي السلالية منذ سن ظهير 27 أبريل 1919 إلى يوم الناس هذا، كانت عامل إثراء وتجويد لهذا الوعاء العقاري المهم، أم أنها بالعكس أدت إلى ضعف إسهامه في التنمية القروية والوقوف في وجه تحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي لذوي الحقوق فيها ؟
ولمقاربة العرض، ارتأينا تناوله من خلال مبحثين:

المبحث الأول: موقع الأراضي السلالية في النظام العقاري المغربي
المبحث الثاني: التنظيم القانوني للأراضي السلالية وحمايتها

---------------------------
لائحة المراجع :

- د: العربي محمد میاد ، العمل القضائي في نوازل الأراضي السلالية، مطبعة المعارف الجديدة / الرباط ، الطبعة الأولى
- د: حياة البجدايني، وضعية أراضي الجموع بين متطلبات القانونية ورهانات التنمية "طبيعة النظام القانوني لأراضي الجوع وتقييمه" الجزء الأول ، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة 2017 
- د: حياة البجدايني، وضعية أراضي الجموع بين متطلبات القانونية ورهانات التنمية "إكراهات وأفاق تدبير أراضي الجموع التثمين والاستثمار" الجزء الثاني، مطبعة المعارف الجديدة / الرباط، الطبعة 2017 
- دليل الأراضي الجماعية قسم الأراضي الجماعية وزارة الداخلية الكتابة العامة مديرية الشؤون القروية 
- عبد الرحمان الشرقاوي: قانون العقود المسماة، الكتاب الثاني: العقود الواردة على المنفعة- عقد الكراء: التنظيم القانوني لعقد
الكراء وفق المبادئ العامة - الأكرية الخاصة أو العلاقات الكرانية الخاصة، الطبعة الأولى 2013. مطبعة الأمنية الرباط 
- عبد الوهاب رافع: أراضي الجموع بين الوصاية والتنظيم، مرجع سابق ص: 48 
- و الدليل العملي في تدبير أراضي الجموع ومطبعة دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط , الطبعة الثانية منقحة - محمود شوراق. 
- ابن يونس الدحمان : " الإطار القانوني المنظم الأراضي الجموع الرصيد العقاري , التدبير والتسير" مقال منشور بمجلة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -