التراتبية المعيارية في القانون المغربي

 عرض بعنوان: التراتبية المعيارية في القانون المغربي PDF

التراتبية المعيارية في القانون المغربي PDF

مقدمة :
إن بناء دولة الحق والقانون يقوم على أساس احترام نظام التراتبية القانونية عبر تدرج القواعد القانونية مع إلزامية احترام حقوق الإنسان سواء افراد او جماعات او حقوق فئوية والطفل والمرأة... لتصل إلى ما يصطلح اليه بدولة الحق والمؤسسات والمساواة بين المواطنين، ثم إن مبدأ التراتبية المعيارية الذي ينبني على سمو النص الدستوري يشكل إحدى مقومات دولة القانون التي تعتبر أساس مبدا حماية حقوق وحريات الفرد ضد تعسف السلطة التي كانت سابقا لا تضع نفسها تحت طائلة القانون إلا برغبة منها ومتى وكيفما شاءت، وهو واقع أبعد من كونه امتثال للسلطة العليا للقانون.
والدستور باعتباره أسمى القواعد القانونية في التنظيم القانوني للدولة، طرح مجموعة من التبعات والنتائج، كان من أولى هذه النتائج ما يعرف بمبدأ تدرج القوانين، ويقصد بهذا المبدأ "تمتع بعض القواعد القانونية بقوة إلزامية أعلى مما تتمتع به القواعد القانونية الأخرى التي تليها في المرتبة، وبالتالي يجب على كل سلطة عامة عند قيامها بإنشاء القواعد القانونية، أن تراعي أحكام القواعد القانونية ، حيث لا يجوز للقاعدة الأدنى مرتبة تعديل أو إلغاء القاعدة القانونية الأعلى مرتبة وإلا كانت مخالفة للمشروعية، فإذا تعرضت بعض هذه القواعد فيما بينها، فإنه يمكن تغليب القاعدة القانونية الأعلى مرتبة"، وبالتالي أضحى من اللازم الحديث عن الرقابة على الدستورية تطبيقا لمبدأ سمو الدستور وخضوع هذه القواعد القانونية لهذه القاعدة العليا. 2
ولن يتحقق هذا فعلا إلا عن طريق - مبدأ تدرج القواعد القانونية - والذي يرجع الفضل في ابتداعه الى العلامة النمساوي "هانس کیلسون"، ويمكن تعريف مبدأ تراتبية القاعدة القانونية أو ما يسمى أيضا بالهرم التشريعي بأنها ترتيب القواعد القانونية أو الأدوات التشريعية من الأعلى إلى الأدنى وفقا لقوتها والجهة المنوط بها إصدارها مع ضرورة الالتزام - عند التطبيق - بهذا الترتيب 3 ولقد أجمع الفقهاء أن هذا المبدأ هو أحد مقومات دولة القانون، حيث لا يمكن تصور نظامها القانوني بدون التدرج الذي يظهر في سمو بعض القواعد القانونية على البعض، وبالتالي فإن وجود مبدأ تدرج القواعد القانونية يعتبر أحد أهم مقومات دولة القانون وفي هذا الإطار تكون صلاحيات أجهزة الدولة محددة بدقة، والقواعد التي تحكمها لا تعتبر مشروعة إذا لم تحترم القواعد التي تعلوها، و من هذا الأساس يكون مبدأ المشروعية على عمومه بمثابة التطبيق المبدأ تدرج القواعد القانونية ومن ثم لا بد من بیان نوع من التطبيق العملي لذلك الميدة، لاسيما مراعاة لأهم الاعتبارات و المتمثلة في دستورية القوانين، وقد سبق القول أن دولة القانون تقوم على تدرج قانوني يستوجب احترام القاعدة الأدنى للقاعدة الأعلى.4
وفقا لتصور "هانس كلسن" لا يتشكل النظام القانوني من قواعد قانونية موضوعة في مرتبة واحدة كما أنها لا تمثل في ذاتها قيمة قانونية ، وإنما تحصل على هذه القيمة بدخولها في علاقة مع مجموعة أخرى من القواعد أعلي عنها في المرتبة ، و هكذا حتى تصل إلى أعلى مجموعة من القواعد في النظام القانوني وهي مجموعة القواعد الدستورية او الدستور، بهذا يرى " هانس کلسن " أن النظام القانوني يكون في مجمله شکلا هرميا واحدا في الدولة، حيث لا يمكن تصور نظامها القانوني بدون التدرج الذي يظهر في سمو بعض القواعد القانونية على البعض الآخر وهو ما يستلزم بالضرورة خضوع القاعدة الأدنى للقاعدة الأعلى شكلا وموضوعا، فأما خضوعها شكلا فبصدورها من السلطة التي حددتها القاعدة الأسمى وبالإجراءات التي بينتها ، أما خضوعها موضوعا فبأن تكون منسجمة في مضمونها مع مضمون القاعدة الأعلى ترتيبا.5
تكمن أهمية مبدأ التراتبية للقواعد القانونية والتشريعات الوطنية في معرفة مرتبة ودرجة كل القوانين وكذا المعاهدات الدولية وترتيبها فيما بينها وكذا معرفة موقعها ضمن التشريعات الدولية الوطنية المختلفة وتندرج ضمن هذه التراتبية دستورية وقانونية كثيرة من أهمها مبدأ سمو الدستور ومبدأ احترام التشريع ذي الدرجة الأدنى للتشريع ذي الدرجة الأعلى مبدأ التراتبية له تشعبات عدة في فروع القانون المختلفة مثل القضاء الإداري والقانون الدستوري ومبادئ القانون إضافة إلى القانون الدولي العام. 6
وبالتالي الحديث عن التراتبية المعيارية داخل التنظيم القانوني المغربي، يقتضي منا ذكر مكوناتها ومدى تدرجها (الدستور، القوانين التنظيمية، القوانين العادية، الأنظمة الداخلية، النصوص التنظيمية...) بالإضافة إلى الحديث عن مكانة الاتفاقيات الدولية والعرف في هذه التراتبية، ثم الحديث عن معايير مبدأ تدرج القوانين وكذا معيارية احترام هذا التدرج من خلال اجتهادات المجلس الدستوري المغربي، أو بمعنى آخر مدى احترام الشرعية القانونية والدستورية لهذا التدرج.
وبالتالي ماهي مكونات هند التراتبية المعيارية بالمغرب وطبيعة التدرج الذي تتخذه ؟ وهل استطاع القضاء الدستوري المغربي أن يضمن احترام تدري القواعد القانونية من خلال اجتهاداته ؟
وللإجابة على هذه الإشكالية اعتمدنا منهج يقوم على التحليل: 
حيث نعتمد على المنهج التحليلي لتحليل النصوص القانونية والمبادئ، واستخلاص النتائج المتعلقة بمبدأ تدرج القواعد القانونية، بالإضافة الى تحليل بعض قرارات المجلس الدستوري المغربي.
من خلال كل ما سبق سوف نعتمد التقسيم التالي: 

المبحث الأول: مبدأ التراتبية المعيارية في المغرب 
المبحث الثاني: معايير مبدأ تدرج القوانين ودور القضاء الدستوري في حماية هذا المبدأ

---------------------------
لائحة المراجع :

النصوص القانونية :
- ظهير شريف رقم 1. 11 .91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور 

الكتب:
- يوسف الفاسي الفهري، القانون الدستوري. : سلسلة الوثائق القانونية المغربية و الأمانة العامة للحكومة ، دليل صياغة النصوص القانونية المغربية ، حقوق النشر محفوظة الطبعة الأولى 2015. 
- طارق فتح الله خضر ، القضاء الإداري ، دار أبو المجد للطباعة الهرم الم يذكر دار النشر2004-2005.
- نجوم غانم هديب الحجري، السلطة التقديرية في القرار الإداري ، دراسة مقارنة ، دار النشر المركز العربي للنشر ، طبعة 2019. 
- يحيى الحلوي، الوجيز في القرار الإداري، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 2015. و نجوم غانم هديب الحجري، السلطة التقديرية في القرار الإداري ، دراسة مقارنة ، دار النشر المركز العربي للنشر ، طبعة 2019. 
- ادريس الفاخوري ،توسيع مجال التشريع في دستور 2011 .
- عبد الغني بسيوني عبد الله، النظم السياسية والقانون الدستوري، مطبعة الدار الجامعية. 

القرارات:
- قرار المجلس الدستوري رقم 786 بتاريخ 02 مارس 2010، "...ان القوانين التنظيمية تعد منبثقة عن الدستور ومكملة له وتغدو أحكامها بعد تصريح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور امتدادا له" : م. د. قرار رقم 14-943 م.د صادر في 27 من رمضان 1435 ' 25 يوليو 2014)، ج.ر. عدد 6280 بتاريخ 10شوال 1435 (7 أغسطس 2014)، ص. 6314.
- قرار 95-52 صادر في فاتح شعبان 1415 (3 يناير 1995)، ج.ر. عدد 4291 بتاريخ 23 شعبان 1415 (25 يناير 1995)، ص. 196. و م.د، قرار رقم 2000-382 صادر في هذي الحجة 1420 (15 مارس 2000)، ج. ر. عدد 4786 بتاريخ 8 محرم 1421 (13 أبريل 2000)، ص. 661. 

الأطروحات والرسائل:
: بشیر لبانجي، ويوسف دحماني، مبدأ تدرج القواعد القانونية وآثاره على الوظيفة القضائية، رسالة نيل شهادة الماستر، جامعة العقيد أكلي محند اولحاج - البويرة- كلية الحقوق والعلوم السياسية، سنة 2016. 
- زكرياء ورمشي، القوانين التنظيمية على ضوء دستور 2011، رسالة ماستر في الدراسات الدستورية والسياسية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2017/2016 . 

المجلات والمقالات:
- محمد فقيهي، الاتجاهات الكبرى للاجتهاد القضائي للمحكمة الدستورية في منازعات الحقوق والحريات الأساسية، ندوة دولية حول الاتجاهات الكبرى للاجتهاد القضائي للمحكمة الدستورية في منازعات الحقوق والحريات الأساسية، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس. 
- صليحة بوعكاكة، العرف الدستوري ونظام البيعة بالمغرب، مجلة دعوة الحق، عدد خاص بعيد العرش، عدد 422، سنة 2017. 

المواقع الالكترونية:
- محمد نويري، الكتلة الدستورية بالمغرب: مقاربة دستورية قضائية، مقال منشور ب الموقع الالكتروني:marocdroit.com 
- عبد الحكيم قيود سمو الاتفاقيات الدولية على التشريع الوطني ومحدودية تفعيل القضاء لها مقال منشور على موقع جامعة القانونية المغربية. و مریم ابليل، ورقة تقنية حول تراتبية القواعد القانونية بالمغرب، مقال منشور بموقع 
https : / / meryemblial . blogspot . com / 2018 / 10 / blog - post . html تاريخ الزيارة 2020/05/25 .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -