حقوق الإنسان في النظام الشبه الرئاسي

 عرض بعنوان: حقوق الإنسان في النظام الشبه الرئاسي (فرنسا نموذجا) PDF

حقوق الإنسان في النظام الشبه الرئاسي (فرنسا نموذجا) PDF

مقدمة :
النظام شبه الرئاسي أو النصف رئاسي هو نظام خليط بين النظام الرئاسي و البرلماني ، يكون فيه رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء شريكان في تسيير شؤون الدولة ، و يختلف توزيع هذه السلطات بين رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء من بلد إلى أخر ، ويختلف هذا النظام عن النظام البرلماني في أن رئيس الجمهورية يتم انتخابه من طرف الشعب بالاقتراع العام المباشر ، و يختلف عن النظام الرئاسي في أن رئيس الوزراء مسؤول أمام البرلمان و يستطيع البرلمان محاسبته و عزله 1، و يعتبر النظام الفرنسي النموذج الرائد الذي استطاع ترسيخ النظام شبه الرئاسي ، ومن النظم العريقة في العالم بسبب التجارب الغنية التي مر بها هذا النظام عبر تاريخه الطويل و الأثر الذي تركه على الكثير من النظم السياسية لدول أخرى حيث استفادت دول كثيرة من هذه التجربة الغنية في رسم معالم نظامها السياسي.
وهذا هو السر في أن الدستور الفرنسي لم يكن جامدا ، و إنما كان متطورا و لعل فرنسا ، و هي من أوائل الدول التي تمتعت بحكم دستوري نيابي ، كانت من أكثر الدول تغييرا للدستور ، و تغييرا للجمهورية حتى وصل عددها حتى الآن إلى خمس جمهوريات ، فقد أعلن ميثاق حقوق الإنسان في سنة 1789 و بمثابة دستور ، و لكن على أساسه وضع دستور 1791 ووضع الميته في همته، و این دستور جمهورية في سنة 1848 ، و كان أيضا لميثاق حقوق انسان رهنی مونا السور وم كان دستور 1875 وقد زاد أجهزة الدولة و المؤسسات الدستورية تنظيما ، و جاء دستور 1946 ممتازا بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية التي حققها الشعب نتيجة للتطور الاقتصادي و النقابي العمالي ، و نتيجة لمحاولة بناء الدولة بعد الحرب بناء جديدا تتلافي فيه الأخطاء الأساسية التي أدت إلى هزيمة 1940 . ثم جاء دستور سنة 1958 ، و التعديلات التي أدخلت عليه في 7 نوفمبر 19622 .
وفي إطار الحديث عن حقوق الإنسان في النظام الفرنسي لن ننسى الإشارة إلى دور الأفكار و الفلسفات في تطور هذا النظام و التي كان لرواد فلسفة التنوير " فولتيلرمونتسكيو-روسو" الدور الأكبر في وضع الأسس و تحريض المواطنين للحصول على حقوقهم و حرياتهم ، و حقوق الإنسان في فرنسا لا يمكن الحديث عنها دون الإشارة إلى إعلان حقوق الإنسان والمواطن: " هو الإعلان الذي أصدرته الجمعية التأسيسية الوطنية في 26 أغسطس 1789 ، يعتبر الإعلان من وثائق الثورة الفرنسية الأساسية و تعرف فيها الحقوق الفردية و الجماعية للأمة و الإعلان جاء متأثر بفكر التنوير و نظريات العقد
الاجتماعي و الحقوق الطبيعية التي قال بها الفلاسفة، و هو يشكل الخطوة الأولى لصياغة الدستور، رغم أن الإعلان جدد حقوق البشر دون استثناء و ليس حقوق المواطنين الفرنسيين فقط ، و إن لمبادئ هذا الإعلان مكانة دستورية في القانون الفرنسي الحالي. 3
و هنا يمكن تعريف حقوق الإنسان، حيث يعرفها "رينيه كاسان" وهو أحد واضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنها : " فرع خاص من الفروع الاجتماعية يختص بدراسة العلاقات بين الناس استنادا إلى كرامة الإنسان وتحديد الحقوق والرخص الضرورية لازدهار شخصية كل كائن إنساني"، في حين يرى الفرنسي " إيف ماديو" : بأنها دراسة الحقوق الشخصية المعترف بها وطنيا و دوليا و التي في ظل حضارة معينة تضمن الجمع بين تأكيد الكرامة الإنسانية و حمايتها من جهة و المحافظة على النظام العام من جهة ، أما الفقيه الهنغاري "أيمرزابو" : فيذهب إلى أن حقوق الإنسان تشكل مزيجا من القانون الدستوري و الدولي مهمتها الدفاع بصورة مباشرة و منظمة عن حقوق الشخص الإنساني ضد الانحرافات السلطة الواقعة في أجهزة الدولة، وأن تنمو بصورة متوازنة معها الشروط الإنسانية للحياة و التنمية المتعددة الأبعاد للشخصية الإنسانية.
و تتجلى أهمية دراسة حقوق الإنسان في النظام الفرنسي في كونها تمخضت عن تاريخ طويل من الأحداث و الخيارات التي قام بها الشعب الفرنسي بمرور الوقت، فقد تشكلت من قبل النضال من أجل الديمقراطية المتمثلة في الحرية و المساواة و الإخاء. و تتمسك فرنسا أيضا بشدة بمبدأ العلمانية، فهو الإطار الذي تعين وفقا للقانون 9 ديسمبر 1905 القائم على الفصل بين الكنائس و الدولة.
و بالتالي، فإذا كانت فرنسا قد نجحت في أن تكون نموذج أم للنظام الشبه الرئاسي، و نموذجية في مجال تدبير الخلاف السياسي و ممارسة السلطة السياسية، فهل يمكن أن تكون نموذجية في مجال حماية حقوق الإنسان و ضمان ممارستها ؟ و للإجابة على هذا الطرح الإشكالي سنعتمد على المنهج التاريخي لرصد تطور بعض الحقوق في الدستور الفرنسي، و على المنهج القانوني المؤسساتي لتحديد الحقوق و الحريات التي ينص عليها الدستور الفرنسي . و ذلك من خلال التقسيم التالي :

المبحث الأول: التحولات الحقوقية لدستور 1958 و السلطة القضائية في فرنسا و حماية الحقوق و الحريات 
المبحث الثاني: الوضعية الحقوقية للأقليات الأثنية في فرنسا

---------------------------
لائحة المراجع :

القوانين
- مادة 61 من الدستور الفرنسي 1958 مع أخر التعديلات لسنة 2008 . 
- المادة 71-1 من الباب الحادي عشر من دستور 1958 مع أخر تعديلاته لسنة 2008 .
- المادة 66 من دستور 1958 مع أخر التعديلات لسنة 2008 دستور فرنسا الصادر عام 1958 شاملا تعديلاته لغاية عام 2008 ، 

الكتب
- عبد الكريم غلاب ، دفاع عن الديمقراطية ، سلسلة الجهاد الأكبر رقم 2 ، نشر و توزیع دار الفكر المغربي ، عبد طنجة، سنة 1966 
- کریستیان ري سوجور ، وضع القاضي في التنظيم القضائي الفرنسي " الاستقلالية و المسؤولية " ، السنة 2005 ،.

تقارير
- تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حول الوضعية الحقوقية في فرنسا.
- تقرير آلية استعراض الدوري الشامل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم ، التي قام بها في فرنسا خلال 5-16 أيار / مايو 2008

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -