مقال بعنوان: الفن و الطبيعة

الفن و الطبيعة

مقدمة :
الطّبيعة هي ذلك العالم الطّبيعي، أو المادي الذي يحيط بنا، والذي يتراوح ما بين ما هو دون الذّرة إلى الكون الواسع، ولا يشمل هذا التعّريف ما ينتج عن النشّاط البشري في الكون، بل ما يوجد بشكل طبيعي مثل: الكائنات الحيةّ بأنواعها، والمواد غير الحيةّ مثل، الصّخور والموارد الطبيعيةّ، والقوانين الطبيعيةّ التي تحكم الكون، والأنظمة البيئيةّ التي تتكوّن منها الأرض، والظّواهر الطبيعيةّ، والمكونات الجيولوجيةّ، والمناظر الطبيعيةّ وغيرها.[١] تمّ اشتقاق كلمة الطّبيعة (بالإنجليزية: Nature) من الكلمة اللاتينية "natura" والتي تعني الأصل، أو التصّرّف الفطري، وتعُد كلمة natura الترّجمة اللاتينّية للكلمة اليونانيةّ (φύσις) والتي ترتبط بالخصائص الجوهريةّ التي تقوم النّباتات، والحيوانات والمكونات الأخرى في العالم بتطويرها من تلقاء نفسها، ودون تدخّل من البشر[1].
وتتضمن البيئة الطبيعية المظاهر الخاصة بالحياة البرية المختلفة التي تضم الجبال ،والأنهار، والحيوانات، والنباتات، والشواطئ، والحجارة، مما جعله مفهوماً شاملاً وجامعاً لتلك الأشياء التي توجد في الطبيعة دون تدخل الإنسان.
أما الفن فهو رؤية تعبر عن حياة الإنسان وما يتعلق بها من أدوات وأنماط مختلفة ، فمنها التعبير الشكلي والصوتي والحركي . يرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بحياة الفرض اليومية ، والفن ولد مع الإنسان منذ القدم ، وأصبح مع الزمن حالة جمالية مدروسة كما نراه اليوم .
فالفن إجمالا هو تعبير عن الجمال المثالي بعمل فني يهدف لتحسين الذوق بمختلف التعابير الفنية وهو آلية لتقوية الحب بين الطبيعة والإنسان وبين الإنسان وأخيه الإنسان . وتشكل الطبيعة عاملا مؤثرا في الفنون ، كما أن هذه الأخيرة تؤثر بدورها في البيئة الطبيعية وذلك عن طريق التحسيس ونشر الوعي للمحافظة على البيئة .
وانطلاقا من هذا التأثير المتبادل تظهر أهمية الموضوع ومكانته باعتبر الفن الية مهمهة فيالتعارف بين الأمم وتبادل المعرفة وباعتبار القيم الجمالية والفنية يرممان الروح ، خيث يساعدنا الغذاء الروحي على الحفاظ على جملية عالمنا ، ومن مطلق أن الطبيعة معيارا أساسيا في تمييز الفنون .
وتعتبر الطبيعة مؤثرا فاعلا في إبداعات الشعوب ، فماهي إذن أبرز تجليات هذه العلاقة المتبادلة بين الطبيعة والفن ، وماهي سبل نشر الوعي والتحسيس بأهمية الحفاظ على الطبيعة باعتبارها الغذاء الروحي للإنسان ومصدر إلهام للفن .
كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها من خلال اعتماد التصميم التالي :


أولا : العلاقة المتبادلة بين الفن والطبيعة .
ثانيا : إسهام الفن في الحفاظ على البيئة الطبيعية .



أولا : العلاقة المتبادلة بين الفن والطبيعة

أ- الطبيعة لوحة فنية كبيرة
الطبيعة عالم من الدهشة والجمال، بل هي كون من الأسرار التي أودعها ﷲ سبحانه وتعالى في جميع مخلوقاته التي تحتضنها الطبيعة، فهي بمثابة صندوق واسع تختبئ فيه جميع مكونات الطبيعة من نباتات وحيوانات وجبال وسهول وطيور وعواصف وغير ذلك كثير ،فالطبيعة منحة ﷲ لمخلوقاته، وهي أمانة في عنق الإنسان لان كل ما فيها مسخر له ولخدمته، فان مسها تلوث أو خلل ما، فان الخلل في الغالب سببه الإنسان المستهتر بهذه الطبيعة. التأمل في الطبيعة يمنح شعورا بالراحة والسكينة والأمان، ففطرة الإنسان تتعلم في أحضانها، لهذا تعلمه الحياة على أصولها، وتعطيه دروسا في كيفية التعامل مع الأحداث ،وتعلمه إصلاح نفسه كما تعلمه القوة والضعف في الوقت نفسه.
فالطبيعة فسحة مليئة بالأمل والتفاؤل والحياة، وفي نفس الوقت مليئة بالوحشة التي تسكن في كثير من مكوناتها، ولا غرابة أبدا من أنها تثور أحيانا وتهدا أحيانا أخرى، ولهذا تعد الطبيعة اكبر ملهم للإنسان[2] في العديد من المجالات من ضمنها الفن حيث اقترن فن الرسم مع بداية ظهور الإنسان على الكرة الأرضية وقد أظهرت الأبحاث أن الإنسان القديم الذي اتخذ الكهوف و المغارات مسكنا له قد مارس فن الرسم على جدران تلك الكهوف والمغارات وسمي هذا النوع من الفنون فن المتعرجات حيث كان إنسان ذلك الزمان يتخيل أشكال الحيوانات التي كانت سائدة في وقته كحيوان البيزون والخيول وتتجسد أشكالها على تعرجات صخور الكهف والمغارة ومن خلال انعكاسات ضوء الشعلة التي كان يستخدمها آنذاك ولم تقتصر رسوماته على الخطوط فقط بل دأب على تلوينها بما يبتكره من مواد بديلة كدم الحيوانات التي يذبحها وأوراق الأشجار وبقايا الرماد وبعض أتربة الأحجار الملونة كما تظهره تلك الرسومات المدهشة الموجودة لحد الآن على جدران ومغارات في شمال فرنسا والتي مضى عليها آلاف السنين قبل الميلاد ومنذ عصر إنسان الكهوف.
لقد شغلت مسالة العلاقة بين الفن والطبيعة عقوله المهتمين بالجمال فكانت أبرز النظرياتالتي تجسدت فيها نوعيه العلاقة الحميمية والصميمية بين الفن والطبيعة متمثلة في نظريه المحاكاة وأن الفن في جوهره محاكاة للطبيعة ، وما يهمنا في هذه الفقرة هو دراسة صفة الجمال في كل من الطبيعة والفن من حيث القيمة وطريقه تجسدها في هذين المجالين وماهية الفروق بينهما فهم هذه الأمور يعني وضع تحديد الدقيق لمفهوم الجمال بالتالي إلى المساهمة في إدراك الإشكالية الإبداعية ووضع التصور الأمثل لفهمها وحل تداخلاتها الجمال الطبيعي كما يقول كنت هو الشيء الذي تتوفر له صفة الجمال أما الجمال الفني فهو التقديم الجميل للشيء ونلحظ في هذا الكلام بوادر لتوفر الشرط الأولي للفن بوصفه تعريفا للتجربة وفي هذا الأمر لا تشترط القيمة في التجربة لكي يتحقق شرط الفن بل أن التقديم الجميل للشيء يضمن إطلاق صفة فن على هذا العمل حين تتحقق شروط النوع ولا يعني التقديم الفني أن الشيء غير ذي قيمه أو غير حاو لها وإنما هذا التقديم الفني الجميل يتيح لنا ضمن الأعمال الفنية كتقدير أولي.
وتفهم الصلة بين حالة الشيء الموضوع بوصفه أولا شيئا طبيعيا ثم شيئا فنيا يعيننا على فهم ماهية الجمال في الفن أن أفضل إدراك بمعنى الفن يتم كما يرى أرسطو إلى ما طورنا بالطبيعة فما كان قبيحا مؤديا في الطبيعة قد يصبح سارا وجميلا وممتعا في الفن وذلك بفعل عنصر المحاكاة الجميلة التي تستهوي الإنسان فيسره أن يرى صور الحيوانات أو مما يؤدي نضعها كالجيف فيما لو كانت محكمه التصوير.
ولا يعني وجود الشيء الجميل في الطبيعة حين يتناول كموضوع لعمل فني انه سيضمن الجمال لذلك الفني لان المرآة الجميلة في الطبيعة قد يكون تصويرها في الفن قبيحا إذا لم يكن ذلك التقديم حسب قواعد الفن فلكل من الجمال في الفن وفي الطبيعة حقيقته التي تميزه عن الآخر أن مفهوم الجمال من الممكن أن يشمل الأشياء الطبيعية والفنية فكل فن جميل وليس كل جميل فنا. لكننا قد نجد عند النظرة الفلسفية المتعمقة أن عكس هذه المقولة صحيح أيضا فيظهر لنا بشكل أكثر لمعانا أن كل جميل فنا وليس كل فن جميل فنا لكن قد نجد عند النظرة الفلسفية المتعمقة أن عكس هذه المقولة صحيح أيضا فيظهر لنا بشكل أكثر لمعاناأن كل جميل فن وليس كل فن جميل.
وعلى الرغم من تحقق صفة الحسيه في كلا الجمالين الطبيعي والفني إلا أن الأول يفتقر إلى الوجود الذاتي والآخر يفتقر إلى الوجود الموضوعي.
ولقد دأب الباحثون على التمييز بين الجمال الطبيعي والجمال الفني وقاموا بتعليم أحكامهم تلك بأسباب عديدة وكانت معظم الآراء تشير إلى تفضيل القيمة الاستطيقية للفن على الطبيعة ولكننا سنرى أن لا مجال لعمل المقارنة التفضيلية بين الاثنين لأنهما ليس من النوع نفسه فالفرق بينهما ليس فرقا في الدرجة بل في النوع.
ويعرض "جيروم سنولينز" في كتابه النطق الفني الحجج المؤيدة لتفوق القيمة الجمالية للفن على جمالية الطبيعة فيذكر عده أسباب لهذا التوجه منها الفن نشاط إبداعي يقوم به البشر على حين الطبيعة حسب تعريفها ليست كذلك و هذا ما يؤكد الثقل الاجتماعي للفن ثبات الأعمال الفنية وبقاؤها، وسهولة محاكاتها وعمل نسخ منها،أي توفر عنصر المشاركة فيها وفي مجال التذوق الاستطيقي فان الفن أعظم قيمة من تذوق الطبيعة بفعل توفر الإطار في العمل الفني وانعدامه في الطبيعة، ولا تنكر قيمه الإطار في تنظيم التجربة ولم اطرحها مما يسري في إغناء عمليه التذوق ثم إننا في مجال الفن يمكننا استبعاد الشوائب والعناصر الزائدة وهذا مما لا نستطيع في المنظر الطبيعي حين نتأمله في الطبيعة ثم إن العديد
من المناظر الطبيعية الخلابة لا يتسنى للجميع فرصة مشاهدتها وعلى الأقل تلك اللحظات التي يقتنصها الفنان يجسده خياله في عمله الفني حين تكون تلك اللحظات الطبيعية متغيره وغير قابلة للمشاركة فيها كما هي الحال في معظم الأعمال الفنية...
ولا يخفى الأثر الذي ينشا عن نوع التوجه في التعامل مع الأثر الطبيعي أو الفني في تحديد القيمة الاستاطقية لهما عند المتذوق. فنحن على وجه العموم، نفتقد إلى الاهتمام النفسي السليم في تعاملنا مع الطبيعة لان القدر الأكبر من اتصالنا بموضوعات الطبيعة هو اتصال عملي مما يؤدي إلى صرف انتباهنا الاستطيقي عنها، حيث أن توفر هذا الاتجاه النفسي يؤدي، كشرط ،إلى إدراك القيمة الجمالية في المناظر الطبيعية والخروج من تأملنا لها بأبدعالنتائج، هذا ما نلحظه عند المتصوف الذي يستطيع أن يرى عالما كاملا في ذرة من الرمال[3].
ب: الطبيعة مسرح كبير
عادة ما يكون دور مهم في تقييم التجربة الجمالية والفكرية في زمن ما، السبب في ذلك أن المسرحي يكون أشبه بالمفكر الإيديولوجي والفيلسوف، فما ووصل له العالم، ورأي المسرحي فيه يظهر في شكل ممارسة تفكك أو تعلي من قيمة أي سياسات ثقافية مفروضة تنتظر الفرد والمجتمع[4].
ولما كان تقييم التجربة الجمالية والفكرية يظهر في شكل ربط بين البيئة الشخصية للأفراد في عصر ما وهياكل الطبيعة في صيرورة المجتمع والعالم في الآن ذاته، فان المسرحي هنا بوصفه صاحب مجال خطابي ناطق انعكاسا فاعلا للسياسة والفلسفة والمجمع وتعقيداته الاقتصادية والطبقية.
فالطبيعة تثير المسرحي فيلتقط منها جمالها وتناسقها محاولا أن يكشف مكوناتها الجمالية ،ويواصل المسرحي رحلة الكشف فيتبين أن هناك عالما آخر غير العالم الذي تكون من مفردات الطبيعة، فهذه الأخيرة ما هي إلا مسرح كبير تلعب عليه الكائنات أدوارا شتى صممت بمهارة حبكت بدقة وذكاء[5].
إن الطبيعة هي شكل من أشكال البعد الحقيقي الجذري للطبيعة وعلاقة الإنسان معها ،ونشأت هذا الإنسان على التطبع بما يحيطه من عالم الطبيعة بعيدا عن المؤثرات في خصوصية الإنسان الطبيعي من سلوكياته وعاداته وتقاليد المجتمع الذي ترعرع فيه والتي يجد من خلال هذه الطبيعة أصالة في تطبعه على ما تعود عليه من العادات والتقاليد والحياة الاجتماعية والمكيفة وفق الأجواء الطبيعية وجغرافيتها والتأقلم معها ،فإتباع المذهبالطبيعي تأثروا بالأجواء الطبيعية ووجدوا من خلالها تنفيسا وتطهيرا لذاتهم وقت ما تخلو الأجواء المناسبة للتمتع بأجوائها الجمالية المتناسقة والمتبعثرة، وما يلحقها من تأثيرات التضاريس والمتفقة مع هندسة الطبيعة في كينونتها، من خصوصية توصيف الإجرام السماوية من النجوم والقمر والشمس والفصول الأربعة وخصوصية كل منهم وتأثيراتهم الطبيعية وفق العوامل التي تساعد على وجودها الطبيعي ،فأتباع المذهب الطبيعي يفضلون نقل ما هو طبيعي في قصصهم ورواياتهم ونصوصهم المسرحية كما هي في الواقع الطبيعي ومن دون المساس بطبيعة كينونتها، وبعيدا على التصوير الفوتوغرافي والخاضع للرتوش الفنية، ويفضلون نقل الطبيعة بواقعيتها وتوصيف شخوص رواياتهم ونصوصهم المسرحية بطبيعة كل منهم بعيدا عن المستجدات الثقافية والتطور الاجتماعي وتصوير إيقاعات تحركاتهم الطبيعية ومن دون تغيير في كينونة أي شخصية يجسدونها في نصوصهم المسرحية ،إضافة إلى هذا هم يفضلون نقل المناظر المسرحية كما هي في الواقع الطبيعي والتعامل مع هذا المنظر الطبيعي بخلق علاقة طبيعية بشيء من الواقعية الطبيعية وبعيدة عن الزخرفة والتصاميم والتي لا تمت للطبيعة بأية صلة حياتية ،إضافة إلى ذلك فهم يفضلون التصرف الطبيعي فوق خشبة المسرح مع عدم مراعاة الحركات الممسرحة والوقفات للممثلين حتى لو أدى ذلك إلى الوقوف وظهرهم إلى الجمهور، يفضل اصحاب المذهب الطبيعي خلق علاقة طبيعية وتصرفات طبيعية ناتجة من الحالة الطبيعية للإنسان، وكثيرا ما يتعرض الممثلين في المدرسة الطبيعية لمواقف محرجة في بعض المشاهد، وبهذا يؤمنون بأنهم لا ينقلون على خشبة المسرح إلا الصفات الحقيقية للطبيعة البشرية ومن خلال عواملها التي تؤثر على خصوصية تغيير بعض المكونات الطبيعية للإنسان وتعمل على تغيرها الطبيعي وتحولها إلى أشكال طبيعية جديدة يستمتع من خلالها أصحاب المدرسة الطبيعية لهذا التغيير الطبيعي6.

ثانيا : اسهام الفن في البيئة الطبيعية

باعتبار البيئة فضاء رحبا للتربية الفنية فالفن أيضا يلعب دورا كبيرا في نشر الوعي البيئي باعتباره قيمة مضافة للبيئة.
أ - الفن قيمة مضافة في الطبيعة:
إن مراجعة الإنجاز التشكيلي عبر تاريخه الطويل يرينا بما لا يدع مجالا للشك أن الفنون التشكيلية تناولت البيئة التي ينتمي إليها الفنان بأساليب وأشكال مختلفة .
ومن أبرز المراحل التاريخية التي ازدهر فيها الفن ووصل أوجه هي مرحلة عصر النهضة، فإذا نظرنا من زاوية الفن نجد أن مفهوم عصر النهضة يتمثل في تطوير الفنون وانطلاق الفنان ذي الشخصية الخالقة نحو واقعية جديدة في تصوير الطبيعة وما تحتويه من عناصر وأشكال تتصدرها الشخصية الإنسانية .
وقد تميزت النهضة الفنية بعدة خصائص منها تأثر الرسامين والنحاتين بالفن اإلغريقي وجعل الإنسان محورا لأعمالهم وكذلك الاهتمام بالطبيعة كموضوع للوحة، وقد تطورت في هذا العصر تقنيات فن الرسم كالاعتماد على الزيوت النباتية وقد شملت النهضة الفنية أيضا الفن المعماري الذي أبدع فنانوه في بناء وزخرفة القصور والكنائس.
ومن بين أبرز نماذج التعبير الفني خالل عصر النهضة نجد:
- فن الرسم:
يعرف الرسم بأنه ذلك التعبير عن الأشياء بالخط وقد يكون الرسم إعدادا لعمل آخر كما قد يكون غاية في حد ذاته.
فالرسم هو عبارة عن وسيلةتستخدم للتعبير عن الأفكار والمشاعر، يتم ذلك عن طريق خلق صورة ّ ثنائية الأبعاد باستخدام اللغة البصرية، ويمكن التعبير عن هذه اللغة بعدة طرق وأشكال مختلفة، وخطوط و ألوان،التي ينتج عنها أحجام، وضوء وحركة على سطح مس تٍو، يتم دمج هذه العناصر بطريقة معبرة ،لإنتاج ظواهر حقيقية، أو خارقة للطبيعة، أو لإظهار علاقات مرئية مجردة، يستخدم الرسام في إنتاج هذهالأعمال الزيت، والأكريليك، والألوان المائية، والحبر، وغيرها من الألوان المائية، بالإضافة الى أسلوبه الخاص، واختيار شك ٍلٍ معين، مثل: الجدارية أو اللوحة ،أز أي مجموعة متنوعة من الأشكال الحديثة ،لينتج بها صورًة مرئيةً فريدة ومختلفة ُ 7.
كما أن فن الرسم يعتبر ترجمة للإحساس والإدراك البصري بالخط واللون، أو التعبير عن موضوع أو فكرة بواسطة وسائل التنفيذ اللونية بأنواعها وتركيباتها المختلفة التي تنمي الذوق الجمالي .
ويعد ليوناردو دافينتشي من أشهر فناني النهضة الإيطاليين على الإطلاق وقد اشتهر كرسام ونحات ومعماري وعالم.
- فن النحت:
هو عبارة عن فن يعمل على تجشيد الأفكار على شكل مجسمات ثلاثية الأبعاد ، كما أنها تشمل الصنفين الحيوان والانسان ، هذا إضافة إلى إمكانية استخدام الجبص والشمع من أجل تشكيل المجسمات.
ومنذ قديم الزمان كان الناس يحترفون هذا الفن ، وكان ممن يحترفون هذا الفن هم أصحاب الذوق الرفيع العالي ، كما أن أصحاب فن النحت كانوا يستعملون طريقة اللمس والحركة من أجل الوصول إلى الشكل النهائي.
حيث كان فن النحت في عصر النهضة فنا واحدا مقسما إلى مدارس مختلفة تتنوع كلها في إطار ضخم هو الطراز الأوربي في الفنون التشكيلية والذي يوجد منها أنها دائما تعبر عن فكرة أو موضوع بالألوان على مساحة ذات بعدين يحرص فيها الفنان على الاقتراب من الطبيعة.
وتجدر الإشارة إلى أن التماثيل والمنحوتات الفنية كرمز من رموز الحضارات القديمة والحديثة تعتبر تعبيرا موجها عن قيم فنية وجمالية تساهم في تأثيت بعض فضاءات البيئة الطبيعية ومن تم يمكن اعتبارها كقيمة مضافة .
ويعد تمثال الحرية بنيويورك وتمثال المسيح بريو دي جانيرو وتمثال أبو الهول بالجيزة بمصر وتمثال حورية البحر الصغيرة بالدانمارك من بين أشهر وأعظم التماثيل في العالم[6].
ب - نشر الوعي بأهمية الفن :
يشكل الفن بأنواعه وسيلة فعالة لمعالجة العديد من القضايا من بينها القضايا البيئية ،و دلك من خلال تفسير الطبيعة بواسطة انتاج اعمال فنية تخبرنا عن الطبيعة و عملياتها أو عن المشاكل البيئية التي نواجهها .
فالفن من هدا المنظور يحاول نشر الوعي بين الناس و نشر ثقافة البيئة ، من خاللها يساهم الفنان من جانبه في معالجة المشاكل التي تعرفها البيئة و الطبيعة ، و بدلك فالبيئة الطبيعية شكلت و لازالت أحد أهم موضوعات الفن بشتى أنواعه[7] ، الأمر الدي دفع بالعديد الى الجزم بأن الفنان هو مجرد وسيط بين الطبيعة و البشر و يعيد انتاجها و نقلها من خلال نظرته الجمالية .
و من هنا تتضح الرؤية بشأن قضية توظيف الفن في الدفاع عن البيئة الطبيعية في حقل النضال البيئي.
و لعل أبرز الفنون التي تسعى جاهدة الى تجسيد قضايا البيئة و محاولة نشر وعي بيئي هو الفن التشكيلي ، الدي يحاول تجسيد الأخطار المحدقة بالطبيعة في العالم ، كالاحتباس الحراري و الجفاف و غيرها من القضايا البيئية الراهنة ،اد يمكن للفنان التشكيلي المحافظة على البيئة ، و بالتالي لفت انتباه الناس اليها بطريقته الخاصة و دون أن يتخد منها موضوعا أو أن يمارس نضالا بيئيا مباشرا ،حيث يختار بعض الفنانين المواد الخام لرسوماتهم و منحوتاتهم من الطبيعة نفسها ، بعيدا عن المواد الخام لرسوماتهم و منحوتاتهم من الطبيعة نفسها ، بعيدا عن المواد المصنعة و الألوان و النباتات ، و الحصى و الأخشاب من باطن الأرض و الزيوت من قشور جدور الأشجار و من شتلات الزهور البرية .
و هكذا كان يلفها ، ليصنعوا منها تحفا فنية .
و في هدا الصدد لا بد التطرق الى أحد أنواع الفنون الدي ظهر بفعل العديد من الأسباب التي لها عالقة كبيرة بالقضايا البيئية .
و نقصد هنا الفن البيئي ، هدا الأخير الدي يشكل جزءا من الفن التشكيلي ، و الذي يعتبر أحد الفنون التي استلهمت الإرث الحضاري للبيئة في إعادة الصياغة الجمالية بقالب فني جمالي بانفرادية تامة لهدا الفن و دلك بتحويل المهل الى قيمة بصرية ، و ال شك أن هدا العمل البيئي نتاج فئة مهتمة بالجمال المرتبط بالفن بأشكاله ، مما يعني أن العمل البيئي هو عمل فني بكل المقاييس .
و هدا الفن أي الفن البيئي هو دو رسالة تعبيرية تهدف الى تغيير الدائقة البصرية لدى الجمهور و إرضائه في نفس الوقت ، و كذلك تغيير عاداته و سلوكياته من خلال توجيه رسالة فنية تربوية جمالية تحمل طابعا فكريا في قالب فكريا في قالب فني تشكيلي محبب الى النفس يحفز المتلقي و ينمي قدراته ، و ادا ما نحينا الأدوات المستخدمة في الفن البيئي جانبا و التي يفترض فيها ديمومة طويلة الأمد للمنجز الفنيحتى تنحاز الطبيعة لمعطيات دلك المنجز ، فهو في النهاية يأتي ليعالج خلال اعترى الساحات و المناطق العامة وواجهات المباني بإضافة لمسات جمالية تشبع رغبات الجماهير في الفن البيئي و احياء التراث و عقد صلح مع المشاكل البيئية التي قد تأتي بفعل الانسان أو بفعل قوى الطبيعة . فالهدف من هدا الفن هو الاقناع بأن كل شيء يرمى من الممكن أن يشكل عمال فنيا ادا أعيد تدويره بشكل فني [8]، و بالتالي تنمية القدرات الإبداعية لدى الافراد و توجيههم نحو سبل المحافظة على البيئة و ترشيد استخدام مواردها .
لدلك فالفن البيئي يسعى من خلال مناصروه الى تجديد و احياء علاقة الانسان بالطبيعة بتقديم أفكار في أعمال فنية للتعايش مع بيئته و محاولة عالج و استعادة البيئة المتضررة و صيانة النظم البيئية بطريقة فنية ، و بالتالي فهدا الفن يشكل موجة بعد سيادة النفيات بشكل بات يمثل خطرا مستفحلا في المجتمعات بفعل السياسات الراسمالية الصناعية ، فكان الاتجاه نحو استغلال تلك النفايات في شكل مجسمات بيئية و أعمال جمالية عكست بشكل جدي اهتمام الفنان بالمناخي الجمالية حفاظا على خلق بيئة نظيفة و إيجاد وعي فني.

خاتمة :
في ختام يمكن القول ، لقد اتضح لنل جليا من خلال دراستنا لهذا الموضوع أن الطبيعة ليست فقط إطارا بسيطا وإنما هي قطب دافع جادب باستمرار في العلاقة المتبادلة بين الفن والطبيعة ، فالطبيعة والفن يرممان الروح والطبيعة عامل مؤثر بشكل أو باخر في نوعية الفنون في اتجاهاتها ومدارسها وكذا خصائصها.
وحيث أن الفن يعتبر أداة للتعبير عن هموم المجتمع واهتماماته وصلة وصل بين الإنسان وبيئته الطبيعية ، فهي مصدر إلهام الذي يتمعن فيه الفنان ويغذي منه أفكاره ، ومن هنا يجب النهوض بتنمية االذوق لدى أفراد المجتمع خاصة الأطفال باعتبارهم مستقبلا للفن والحفاظ كذلك على التوازن البيئي .
---------------------------
الهوامش :
[1] - الموقع الإلكتروني www.mawdoo3.com
[2] - الموقع الإلكتروني www.mawdoo3.com
[3] https://www.alnaked-aliraqi.net/article/29840.php -
[4] - الطبيعة في القرن 19 (من تاريخ الدلراما الحديثة والمعاصرة)، الحوار المتمدن، عدد 3696 ، منشور على الموقع www.ahewar.org
[5] - الطبيعة الواقعية والرمزية نشأتها وتدرجها في النصوص المسرحية ، نشر بتاريخ 29 سبتمبر ، منشور على الموقع. 17h اطلع عليه بتاريخ 31/3/2020 على الساعة ، www.panoramanews.net
[6] - ملف حول التعبير الفني في عصر النهضة الأوروبية للسنة 2 إعدادي ، مأخوذة من موقع . www.baht.com
[7] مقال منشور في مجلة الأبحاث الإقتصادية ، عدد 06 ، لسنة 2012 ، ص 16 .
[8] زكرياء إبراهيم ، مشكلة الفن ، الجزء الثالث ، مكتبة مصر ، ص 19 .

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -