تنظيم ومهام المجلس الوطني لحقوق الإنسان

مقال بعنوان: تنظيم وصلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان 

تنظيم وصلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان PDF

مقدمة
تبنى المغرب منذ التسعينات توجه الانخراط في الآليات الأممية لحقوق الإنسان وذلك بإحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سنة 1990 بمقتضى ظهير ملكي [1]. ليساهم في عملية الانتقال الديمقراطي الذي عرفه المغرب خاصة في مجال تسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان[2]. والذي تمخض عن هيئة الإنصاف والمصالحة، كلحظة حقوقية كبرى أسست للمسار الحقوقي بعد أن توجت بقرارات وتوصيات شملت جبر الضرر الفردي والجماعي، وهي تجربة رائدة تدخل ضمن التجارب المحدودة في العالم التي أسست للمصالحة، فتوج هدا المسلسل الحقوقي بانتقال [3] المغرب من آلية استشارية إلى آلية وطنية دستورية تعددية ومستقلة، مهمتها النظر في جميع القضايا المتعلقة بالنهوض بحقوق الإنسان ببلادنا، هدا الارتقاء بالمجلس جاء استجابة لطلبات وفعاليات المجتمع المدني التي لطالما طالبت بهيئة مستقلة عن السلطات ونادت بإدخال إصلاحات سياسية وديمقراطية واجتماعية في اطار ملكية برلمانية.
ويدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ضمن 100 مؤسسة وطنية في العالم "صنف الالف" أي من أكثر الآليات الأممية مصداقية ونزاهة وإنتاجية ومردودية وهذا التصنيف تقوم به لجنة التنسيق الدولية المعروفة اختصارا ب "clc" وهي هيئة دولية، ضمن الآليات الأممية المهتمة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في العالم، التي تطرحها مبادئ باريس الشهيرة في هدا المجال والتي تعتبر مرجعا هاما في مجال حقوق الإنسان ليس على المستوى الوطني وإنما الدولي، حيث حددت الاختصاصات والمسؤوليات المنوطة بهذا النوع من المؤسسات وطرق تشكيلها التي تضمن لها الاستقلالية والتعددية والفعالية[4].
والمجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، تم إنشائه سنة 2011 بدل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي أنشئ سنة 1990، إذ يتولى المجلس إعداد تقارير سنوية حول وضعية حقوق الإنسان ويعرضها أمام البرلمان بغرفتيه كما يقوم، بإعداد تقارير موضوعاتي بشأن قضايا مرتبطة بالإنسان، علاوة على الزيارات التي يقوم بها إلى مختلف أماكن الحرمان من الحرية .في مختلف جهات المملكة عبر لجانه الجهوية التي تبلغ ثلاثة عشر لجنة تتبع وضعية حقوق الإنسان في ربع المملكة.
كما يمكن له إجراء تدخلات استباقية كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التوتر التي قد تفضي إلى انتهاك حق من حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية.
وتجدر الإشارة إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو المؤسسة الوطنية المعتمدة في الدرجة الأولى من طرف لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان منذ سنة 2002 وهو ما يعكس امتثال المؤسسة لمبادئ باريس الناظمة لهدا النوع من المؤسسات التي اعتمدت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1993 .والملاحظ أن المغرب قام بإنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في سنة 1990 مع جلالة الملك المغفور لها الحسن الثاني. لتستمر المملكة في نفس النهج في دستور 2011
ولقد تمت إعادة تنظيم المجلس بواسطة ظهير شريف من قبيل جلالة الملك محمد السادس، بتنفيذ القانون رقم 15، 76 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس سنة 2018
وحسب المادة 3 من هذا القانون يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان شخصا اعتبارية من أشخاص القانون العام ويتمتع بهذه الصفة بكامل الأهلية القانونية وبالاستقلال الإداري والمالي، وتسري عليه أحكام هدا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه طبقا لدستور .والمبادئ التي تنظم المؤسسات الوطنية النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها وصونها، خاصة مبادئ باريس ومبادئ بلغراد حول العلاقة بين المؤسسات الوطنية والبرلمانات. وللمجلس آليات وطنية ولجان جهوية لحقوق الإنسان تساعده في ممارسة صلاحياته.
فما هي تأثيرات مبادئ باريس على المجلس الوطني لحقوق الإنسان؟
وكيف ثم تنظيم هذا المجلس على أسس الرقي بيه إلى مؤسسة دستورية؟
وماهي اهم أنشطته وصلاحياتها وكيف يتم التعامل مع تقاريره؟
من أجل الإجابة على هده التساؤلات ولضرورة منهجية وجب علينا تقسيم الموضوع إلى شقين.

المبحث الأولى: تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان على ضوء مبادئ باريس
المبحث الثاني: صلاحيات وأنشطة المجلس الوطنية لحقوق الإنسان


المبحث الأولى: تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأثر مبادئ باريس على ذلك

تعتبر مبادئ باريس الشهيرة لسنة 1993 المرجعية الأساسية للدول التي ترغب في إنشاء مؤسسة وطنية تهتم بحقوق الإنسان داخل إقليمها .لأنها تحدد طرق العمل والهيكلة الضرورية لتلك المؤسسة من اجل القيام بعملها في احسن صورة، وهدا ما قام بيها المشرع المغربي أثناء إعداد القانون رقم 76.15 المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

المطلب الأولى: أثر مبادئ باريس على المجلس الوطني لحقوق الإنسان

تنظم مبادئ باريس المعاير المرتبطة بالمؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وقد تبلورت هده المبادئ أثناء اجتماع دولي عقد بباريس سنة 1991 وتمت المصادقة على نتائجه بالإجماع سنة 1992 من طرف لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ولقد رافقت وثيقة مبادئ باريس بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في دجنبر 1993 تأكيدا على أهميتها وفعالية دورها في تفعيل وتدعيم مبادئ حقوق الإنسان على الصعيد الوطني والدولي.
لدى تحديد هذه المبادئ مسؤوليات واختصاصات هذا النوع من المؤسسات وطريقة تكوينها لضمان استقلالها، وأهم ما جاءت به هذه المبادئ النص على شرط[5] التعددية الفكرية والسياسية لمكونات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والتابع للأمم المتحدة بداء من الأسس القانوني لإنشاء هده المؤسسات والتي ينبغي أن تستند على الدستور .مرورا إلى القانون التنظيمي أو العادي الذي يتولى تدقيق جميع الإجراءات المرتبطة بتركيبة المؤسسة وانتهاء باختصاصات هده الأخيرة، وطرق تكوينها والشروط الواجب توفرها في الأعضاء، ومصادر التمويل وتختص المؤسسة الوطنية بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وتكون لها ولاية واسعة قدر الإمكان ويتم التنصيص عليها صراحة في النصوص التشريعية والدستورية التي تحدد شكلها ونطاق اختصاصها.
وبخصوص المسؤوليات المنوطة بالمؤسسة فتتمثل في إصدار توصيات وتقديم فتاوى ومقترحات، انطلاقا من هده المبادئ منح الظهير الجديد 1.18.17 صلاحيات واسعة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي صلاحيات تمتد إلى رصد ومراقبة وتتبع أوضاع حقوق الإنسان فوق التراب الوطني والقيام بالتحقيقات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان .إضافة إلى استباق الأحداث عبر القيام بدور الوسيط لتجنب حالات التوتر التي يمكن أن تنتج عنها انتهاكات تمس حقوق الإنسان، وهدا أمر سابق من نوعه مما يوضح الإرادة الحقيقية للمغرب لبدل مجهودات حديثة في مجال حقوق الإنسان
أما فيما يخص ضمانات التشكيل والاستقلالية والتعددية الواجب توفرها في المؤسسة فينبغي حسب مبادئ باريس أن يتضمن انتخاب الأعضاء أو تعينهم شرط التعددية والتمثيلية لمختلف القوى الاجتماعية المهتمة بحقوق الإنسان، وتعزيزها بسلطات تسمح بإقامة تعاون فعال مع الجهات التالية.
• المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان والنقابات والهيئات الاجتماعية والمهنية المعنية مثل الأطباء الصحافيين.
• البرلمان
كما يجب أن تمتلك الهياكل الأساسية المناسبة لحسن سير أنشطتها وبصفة خاصة الأموال الكافية لذلك والغرض من هذه الأموال هو تزويدها بموظفين ومقرات خاصة بها من أجل ضمان استقلاليتها عن الحكومة، لأن خضوعها لمراقبة مالية سيحد من فعاليتها.
ولها الحق في الحصول على أية معلومة أو وثيقة لأزمة لتقديم الحالات التي تدخل في نطاق اختصاصها. وهذه الصلاحية مخولة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حيث أصبح بإمكانه التطرق[6] والتصدي لكل ما يمس بحقوق الإنسان دون الاحتياج إلى أدن سلطة أعلى، كما كان عليه الأمر سابقا مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، كما يمكن توسيع نطاق عمل المؤسسات الوطنية مع المنظمات غير، حكومية التي تكرس نفسها لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة العنصرية وحماية المجموعات الضعيفة بصفة خاصة "الأطفال العمال اللاجئين..."

المطلب الثاني : تأليف المجلس الوطني لحقوق الإنسان

• يتألف المجلس الوطني لحقوق الإنسان من الرئيس الذي يعين وفق ظهير شريف علاوة على الأمين العام
• ورؤساء اللجان الجهوية لحقوق الإنسان المحدثة لدى المجلس بصفتهم أعضاء بحكم القانون
• سبعة وعشرون عضوا يختارون من بين الشخصيات التي تتوفر على المؤهلات والشروط المنصوص عليها في القانون 76.15 وفق المادة 37 منه وهم يتوزعون حسب الفئات كما يلي تسعة أعضاء يعينهم جلالة الملك
خمسة منهم من الشخصيات المشهود لها بالخبرة العالية والعطاء المتميز وطنيا ودوليا في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها أربعة أعضاء يعنون كما يلي
* عضوان يقترحهما الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بعد استشارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية والجمعيات المدنية للقضاة *عضوان يقترحهما المجلس العلمي الأعلى، ثمانية أعضاء يعينهم رئيس الحكومة كما يلي :
* أربعة منهم من بين الخبراء المغاربة في مجال حقوق الإنسان وذلك بعد استشارة رئيس المجلس
* أربعة منهم باقتراح من الهيئات التمثيلية لكل من أساتذة التعليم العالي والصحفيين الأطباء والمحامين
* ثمانية أعضاء يعينهم مناصفة رئيسيا مجلسي البرلمان بعد استشارة الغرف والمجموعات البرلمانية، يقترحون من قبل الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الفاعلة والمشهود لها بالعمل الجاد في مجال حقوق الإنسان، والمشهود لها بالعمل الجاد في مجال حقوق الإنسان. خاصة العاملة في ميادين الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وحقوق المرأة والطفل والشباب والأشخاص في وضعية إعاقة وحقوق المستهلك.
* عضوان يمثلان المؤسستين التاليتين
- مؤسسة الوسيط
- مجلس الجالية المغربية بالخارج
من خلال جرد تشكيلة المجلس الوطنية لحقوق الإنسان يلاحظ، أن هناك تعددية فكرية واجتماعية.
علاوة على المناقصة والتنوع الثقافي واللغوي والتمثيلية الجهوية، كما يجب على أعضاء المجلس التجرد والنزاهة والتشبث بحقوق الإنسان ومبادئها، والتمتع بحقوقهم المدنية والسياسية. لدى تدوم مدة انتداب رئيس المجلس وأعضاؤها ومنسقي الآليات الوطنية ورؤساء اللجان الجهوية وأعضاؤها في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ولا ينبغي أن تكون لي أعضاء المجلس عضوية في الحكومة أو البرلمان بمجلسيه أو أي مؤسسة دستورية أخرى المحدد في الفصول 170/165 من الدستور، كما يحدد لنا القانون[7]الحالة التي تنتهي فيها العضوية في المجلس، وتحدد نفس المادة الإجراءات الواجب اتخاذها[8]
ويضمن القانون لرئيس المجلس وأعضاؤه كافة الضمانات الضرورية التي تكفل حمايتهم وتضمن استقلاليتهم أثناء مزاولتهم لمهامهم، كما انهم ملزمون بواجب التحفظ على مداولات المجلس واجتماعات سائر أجهزته علاوة على المعلومات ذات الطابع الشخصي التي يطلعون عليها أثناء مزولتهم لمهامهم، كما نجد ميثاق الأخلاقيات الذي يصادق عليه بقرار الجمعية العامة، إذ يتضمن المبادئ والقيم والقواعد التي يجب على كل عضو من أعضاؤه وأعضاء اللجان الجهوية والآليات الوطنية المحدثة لديه، التقيد بها أثناء ممارستهم لمهامهم مع مراعاة أحكام هذا القانون وحكام النظام الداخلي للمجلس، ومسطرة وضع الميثاق المنصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس.

المطلب الثالث: اللجان الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان

تناول الباب الرابع من القانون 76.15 اللجان الجهوية لحقوق الإنسان في المواد 44/46. من هذا القانون، وتمارس هده الجان صلاحيات المجلس على مستوى النفوذ الترابي لكل جهة ويتم تعين رؤساء اللجان الجهوية بظهير شريف باقتراح من رئيس المجلس بعدا استشارة الجمعية العامة للمجلس من بين الشخصيات التي تتوفر فيها المؤهلات والشروط المنصوص عليها في المادة 17.
ويتم تعين أعضاء اللجان الجهوية من لدن المجلس باقتراح من رئيس المجلس بناء على الترشيحات التي يرفعها رئيس اللجنة الجهوية إليه، إذ لابد أن يتوفر أعضاء اللجان الجهوية على المؤهلات والشروط المنصوص عليها في المادة 37 أم بخصوص كيفيات تأليف اللجان الجهوية توجد في النظام الداخلي للمجلس وعدد أعضائها وتنظيمها وكيفيات سيرها.

المطلب الرابع : أجهزة المجلس الوطني لحقوق الإنسان

الى جانب الرئيس والأمين العام للمجلس هناك عدة أجهزة تسهر على عمل هذا المجلس وهي:
الجمعية العامة
وتتألف من جميع أعضاء المجلس ولها الاختصاصات التالية:
1. دراسة مشروع وبرنامج العمل السنوي لأنشطة المجلس وأنشطة آلياته والمصادقة عليه
2. المصادقة على النظام الداخلي للمجلس الذي يعرضه رئيس المجلس عليه وكذا المصادقة على النظام الأساسي للموارد البشرية للمجلس باتفاق مع السلطة الحكومية المكلفة والمالية
3. المصادقة على مشاريع التقارير السنوية لأنشطة المجلس والتقارير الموضوعاتية المنصوص عليها في المادة 35 من هذا القانون إضافة إلى دراسة التوصيات والاقتراحات ونتائج أشغال الآليات الوطنية واللجان الجهوية للمجلس والمصادقة عليها.
مكتب المجلس
يتألف هذا المجلس من رئيس المجلس بصفته رئيسا والأمين العام ومنسقي الآليات الوطنية ورؤساء اللجان الدائمة وعند الاقتضاء رؤساء اللجان الجهوية لحقوق الإنسان المعنية، ويمكن استدعاء أي شخص سيشكل إضافة في اجتماعات مكتب المجلس ويجتمع المجلس بكيفية منظمة وكلما اقتضت الضرورة بدعوة من رئيسيه ويعمل مكتب المجلس على إعداد وتنفيذ القرارات التي تتخذها الجمعية العامة في إعداد جدول أعمالها وزيادة على تنسيق عمل أجهزة المجلس وآلياته الوطنية ولجانه الجهوية، كما يمارس المهام المفوضة له من قبيل الجمعية العامة في نطاق اختصاصاتها، ويعتبر الأمين العام للمجلس الكتابة الدائمة للمكتب ويسهر على محاضره والوثائق المتعلقة به.
الجان الدائمة
تهتم هذه اللجان الدائمة بإنجاز الدراسات والأعمال التي يحلها مكتب المجلس عليها طبقا لمداولات الجمعية العامة، وتحدد هده الجان وفق القانون الداخلي للمجلس الذي يحدد عددها وأسماؤها واختصاصاتها ومجال استغلالها وتنظيم عملها.
وهناك سلط وصلاحيات يقوم بها الرئيس لإدارة المجلس وتسير شؤونه تحددها المادة 51 من القانون 76.15 وهي:
1. وضع جدول أعمال الجمعية العامة للمجلس ويدعو إلى انعقادها ويرأس اجتماعاتها ويسهر على تنفيذ قراراتها
2. للمصادقة عليها
3. يعين الموارد البشرية الضرورية لقيام المجلس بصلاحياته طبقا لي أحكام النظام الأساسي
4. يوقع على اتفاقيات الشراكة والتعاون التي تكون الآليات الوطنية طرفا فيها مع السلطات الحكومية وكذا الهيئات العامة والخاصة الوطنية والأجنبية والمنظمات الدولية
5. يعتبر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني لحقوق الإنسان ويمثل الآليات الوطنية إزاء الدولة وأمام القضاء وكل هيئة عامة وخاصة ووطنية أو أجنبية.
ويجوز لرئيس تفويض اختصاصاته للأمين العام أو أي عضو من أعضاء مكتب المجلس، في حالة وجود عائق أمام رئيس المجلس يعين جلالة الملك أحد أعضاء المجلس ليتولى مهمة التسيير المؤقت[9] للمجلس الوطني لحقوق الإنسان[10].

المبحث الثاني : صلاحيات وطرق اشتغال المجلس الوطني لحقوق الإنسان

عرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان عدة إصلاحات ذات أهمية كبيرة سواء على مستوى تكوينه وتركيبته أو على مستوى صلاحياته واختصاصاته. كما لعبت مبادئ باريس دورا هاما في هدا المجال، للاستلهام منها والاستئناس بها من طرف الدول. ولقد كان لها تأثير واضح على الشكل النهائي الذي ظهر به المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

المطلب الأول: صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الانسان

بالعودة إلى القانون 76.15 فان هناك عدة تعديلات جديدة سواء على المستوى صلاحيات المجلس أو على مستوى مجالات تدخله ليكون قادرا على معالجة قضايا حقوق الإنسان وتحقيق الرقابة في حالات انتهاكها حيث حرص الظهير على جعل المجلس الوطني لحقوق الإنسان آلية ووطنية لنهوض بتلك الحقوق والحريات وحمايتها وكذا العمل على جعلها متناسقة مع المعابر الدولية والمعاهدات والبروتوكولات الاختيارية او المكملة التي صادقت عليها المملكة او انضمت إليه، وحسب القانون
76.15 فأنا صلاحيات المجلس تنقسم إلى صلاحيات في مجال الحماية والنهوض بحقوق الإنسان.

1. صلاحيات في مجال حماية حقوق الانسان
يمارس المجلس صلاحيات بكل استقلالية في جميع القضايا المتصلة بحماية واحترام الإنسان والحريات[11]، ويسهر من أجل ذلك على رصد ومراقبة وتتبع أوضاع حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والجهوي وكما يبدي رأيه في كل قضية يعرضها عليه جلالة الملك.
كما للمجلس مهام حمائية تتجلى في رصد انتهاكات حقوق الإنسان في سائر جهات المملكة[12]، كما يجوز للمجلس إجراء التحقيقات والتحريات للأزمة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. وإنجاز تقارير تتضمن خلاصات ما قام به وتوجها هذه التقارير إلى الجهات المختصة مشفوعة بتوصياته، كما يخبر الأطراف المعنية بالانتهاك موضوع التحقيق أو التحري ويقدم لها التوضيحات للازمة بشأن ذلك.
ويمكن للسلطات العمومية أن تتمسك بالسر المهني عندما يتعلق الأمر بالدفاع الوطني أو الأمن العام لدواعي خطيرة، وان تعترض على إجراء تحريات وتحقيقات المجلس ودالك بقرار مكتوب، وفي حالة وجود عرقلة لممارسة المجلس لمهامه من قبيل إدارة أو موظف أو أي شخص آخر في خدمة الإدارة دون مراعاة لمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل موضوع التقرير للمجلس يحال إلى السلطات المعنية قصد اتخاذ التدابير الضرورية، وإحاطة المجلس علما بذلك.
كما ينظر المجلس في جميع حالات انتهاك حقوق الإنسان إما تلقائيا أو بناء على شكاية ممن يعنيهم الأمر أو بتوكيل منهم، إذ تتم دراسة الشكايات ومعالجتها وتتبع مسارها وأخبار المعنيين بالأمر .كما أن السلطات والهيئات وكافة الجهات المعنية بموضوع الشكاية المحالة إليها من قبل المجلس إخباره بجميع التدابير التي اتخذتها في موضوع الشكاية التي عرضت عليها داخل اجل تسعين يوما ويمكن تقليص المدة إلى ستين يوما إدا أثرت حالة الاستعجال دلك من طرف المجلس .
ويجوز للمجلس أن ينظم جلسات استماع يدعو إليها الأطراف المعنية بموضوع الشكاية وكذا الشهود والخبراء وكل شخص تكون شهادته مفيدة، ويلزم الإدارات والهيئات العامة والخاصة المعينة تقديم التقارير او بيانات او معلومات حول الشكايات التي يتولى النظر فيها او القضايا التي يتصدى لها تلقائيا. وبموجب المادة التاسعة من القانون 76.15 يصدر توصيات بشأن الشكايات المحالة إليه إلى الجهات المعنية بموضوع الشكاية ويقوم بمتابعة هذه التوصيات، كما يمكن أن يحل النتائج التي توصل إليها إلى النيابة العامة المختصة إذا تعلق الأمر بأفعال مجرمة قانونا، وفي حالة تبين أن الشكاية لا تدخل في اختصاصه يقوم بإحالتها إلى السلطة أو الهيئة المختصة في موضوع الشكاية ويخبر صاحب الشكاية بذلك، علاوة على دلك يقوم المجلس في إطار تتبع الشكايات المعروضة عليه بإخبار المعنين بها وتوجيههم وإرشادهم واتخاذ كافة التدابير للازمة من أجل مساعدتهم في حدود الاختصاص، اذ تحدد مسطرة تلقي الشكايات بموجب نظامه الداخلي، فضلا على إمكانية التدخل بكيفية عاجلة كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التوتر قد تفضي إلى وقوع انتهاك حق من حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية وذلك عبر الوساطة بتنسيق مع السلطات المعنية، علاوة على زيارة أماكن الاعتقال والمؤسسات السجنية ومراقبة أحوال السجناء ومعاملتهم وكذا مراكز حماية الطفولة وإعادة الإدماج ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والمؤسسات الاستشفائية الخاصة بمعالجة الأمراض العقلية والنفسية وأماكن الاحتفاظ بالأجانب في وضعية غير قانونية، ولا يمكن إلى السلطات المعنية بإدارة هذه المؤسسات الاعتراض على الزيارات المذكورة، إلى في حالة تعلق الأمر بالدفاع الوطني أو الأمن العام وتقدم تعليل مكتوب لرئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان.
الآليات الوطنية المحدثة لدى المجلس لتعزيز حماية حقوق الانسان
من أجل تعزيز حماية حقوق الإنسان يقوم المجلس بكل مهمة تهدف إلى الوقاية من التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو للإنسانية او المهينة كما يقوم من أجل تحقيق نفس الغاية النظر في الشكايات المتعلقة بحالات انتهاك حقوق الطفل وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، من أجل ذلك يحدث لدى المجلس وفي إطار مهامه الحمائية لحقوق الإنسان الآليات الوطنية والتي تعتبر من مستجدات القانون 76.15 لسنة 2018.
الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب
الآلية الوطنية لتظلم الأطفال ضحايا انتهاك حقوق الطفل
الآلية الوطنية الخاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة
• الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب
تهتم هده الآلية الوطنية بدراسة وضعية وواقع معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم من خلال القيام بزيارات منظمة لمختلف الأماكن التي يوجد فيها أشخاص يكونوا محرومين من حريتهم بهدف تعزيز حمايتهم من التعذيب، علاوة على تقديم توصيات وتقديم كل مقترح أو ملاحظة بشأن التشريعات الجاري بها العمل او بشأن مشاريع او مقترحات القوانين ذات الصلة بالوقاية [13] من التعذيب، وهناك علاقة بين هده الآلية واللجنة الفرعية لمنع التعذيب المحدثة بموجب البروتوكول الاختياري واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو للإنسانية او المهينة على أساس التعاون والتشاور والمساعدة المتبادلة عن طريق رئيس المجلس متى طلب منه ذلك.
كما يجب على السلطات العمومية المكلفة بإدارة أماكن الحرمان من الحرية تمكين أعضاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب من المعلومات التي يريد في أي وقت طلب منها ذلك منها المعلومات المتعلقة بعدد أماكن الحرمان ومواقعها وعدد الأشخاص الموجودين في هذه الأماكن وظروف احتجازهم
- إجراء مقابلات خاصة مع الأشخاص المحرومين من حريتهم
وتبقى المعلومات المدل بها لدى هده الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب سرية ولا يجوز نشر أي معطيات ذات طابع شخصي دون الموافقة الصريحة للشخص المعني بتلك المعطيات او نائبه الشرعي تحت طائلة تطبيق العقوبات المنصوص عليها في الفصل 646 من القانون الجنائي، لا يعاقب أي شخص كان بسب القيام بتبليغ الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب باي معلومات صحيحة كانت أم غير صحيحة إلى إذا قام بنشرها باي وسيلة كانت.
ويتمتع منسق الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وأعضاؤها بالحماية الضرورية أثناء ممارسة المهام الموكلة إليهم من أي تدخل أو ضغط قد يتعرضون له، ولهذا لا يمكن اعتقالهم ولا التحقيق معهم ولا متابعتهم بسب الآراء والتصرفات الصادر عنهم، إذ يحدد لنا القانون الداخلي للمجلس كيفية حماية ونشر المعطيات المحصلة من قبل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، مع مراعاة الأحكام التشريعية المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية.
• الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل
تتلقى الشكايات إما مباشرة من قبل الأطفال ضحايا الانتهاك أو نائبهم الشرعي او من قبيل الغير، وتقوم بالتحريات المتعلقة بالشكايات المتوصل بها ودراستها ومعالجتها والبث فيها وتنظيم جلسات استماع ودعوة الأطراف المعنية بموضوع الانتهاك أو الشكاية وكذا الشهود والخبراء وكل شخص ترى فائدة من الاستماع إليه،
إذ يمكن لهذه الآلية أن تتصدى تلقائيا لأي حالة من حالات خرق او انتهاك حقوق الطفل التي تبلغ الى علمها.
• الآلية الوطنية الخاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة
مع مراعاة الاختصاصات المخولة للسلطات المعنية تقوم الآلية الوطنية الخاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمهام التالية يمكن تلخيصها في، تلقي الشكايات المقدامة مباشرة من قبل الأشخاص في وضعية إعاقة ضحايا الانتهاك أو من لدن من ينوب عنهم أو من قبل الغير عند انتهاك حق من حقوقهم والبث فيها، إضافة إلى تنظيم جلسات استماع ودعوة الأطراف المعنية بموضوع الانتهاك [14] كما يمكن إلى الآلية التصدي تلقائيا لحالات خرق او انتهاك حق من حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة التي تصل إلى علمها شرطة إخبار الشخص المعني وعدم اعتراضه على تدخل هده الآلية الوطنية .أما في حالة وقوع خرق او انتهاك فعلي لحق من حقوق الشخص في وضعية إعاقة إلحاق به ضرار جسيما تعين على رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان تبليغ السلطات القضائية المختصة وإمدادها بجميع المعلومات والمعطيات والوثائق المتوفرة لدى الآلية الوطنية الخاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة حول هذه الحالة بهذا تكون هده الآلية تساهم في تعزيز اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري ورصد تنفيذها.
عموما فإن هذه الآليات الثلاث تعتبر من مستجدات القانون 76.15، وتقوم بإحالة توصياتها واقتراحاتها وخلاصات إشغالها فورا إلى رئيس المجلس الذي يقوم بإحالته إلى المجلس قصد التداول في شأنها، كما تتولى هذه الآليات وتحت سلطة رئيس تدبير علاقات التعاون والشراكة مع الإدارات والهيئات العامة والخاصة الوطنية والأجنبية.
كما يقوم كل منسق من منسقي الآليات الوطنية بوضع تقريرا سنويا عن حصيلة أنشطتها تدرج كاملتنا ضمن التقرير السنوي للمجلس.
وتجدر الإشارة إلى أن كل آلية تضم أعضاء يتم اختيارهم من بين أعضاء المجلس باقتراح من رئيسيه ويصادق على اختيارهم من قبل الجمعية العامة للمجلس داخل اجل ثلاثة أشهر من تاريخ تنصيب أعضاء المجلس .كما يسهر على تنسيق أشغال كل آلية من الآليات منسق ينتخبه أعضاؤها من بينهم، ويحدد النظام الداخلي للمجلس عدد أعضاء كل آلية من الآليات الوطنية وكيفيات اختيارهم والمصادقة على ذلك وقواعد تنظيم وتسير الآلية المذكورة ومسطرة انتخاب منسقها وتحديد مسطرة تلقي الشكايات من قبل كل آلية وطنية ودراستها ومعالجتها والبث فيها بموجب النظام الداخلي للمجلس

2. صلاحيات المجلس في مجال النهوض بحقوق الإنسان
تتجلى صلاحيات المجلس في مجال النهوض بحقوق الإنسان في دراسة مدى ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاهدات الدولية [15] المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة او انضمت إليها وفي ضوء الملاحظات الختامية والتوصيات الصادرة عن أجهزة الأمم المتحدة لا سيما منها الآليات المعاهدات والتوصيات التي قبلتها المملكة المغربية.
يقترح المجلس كل توصية يراها مناسبة في هذا الشأن ويوجهها رئيس المجلس إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين والسلطات الحكومية المختصة، كما يعطي المجلس رأيه بمبادرة منه أو بطلب من الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان بخصوص مشاريع ومقترحات القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان خاصة في مجال ملاءمتها مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة في أجل لا يتعدى شهرين وتقلص هذه المدة إذا دعت الضرورة إلى شهر .كما يقدم المجلس إلى غرفتي البرلمان المساعدة والمشورة في مجال تقيم السياسات العمومية المرتبطة بحقوق الإنسان، ويعمل المجلس كذلك على تشجيع المملكة إلى الانضمام إلى المعاهدات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، علاوة على مساهمة المجلس في إعداد التقارير التي تقدمها إلى أجهزة المعاهدات والمؤسسات الدولية والإقليمية الأخرى المختصة طبقا الالتزامات الدولية للملكة .فضلا عن تشجيع كافة القطاعات الحكومية والسلطات العمومية المعنية على تنفيذ الملاحظات الختامية والتوصيات الصادرة عن الأجهزة المتعلقة بحقوق الإنسان خاصة أجهزة المعاهدات، إضافة إلى المشاورات والتعاون مع كافة الهيئات المعنية بحقوق الإنسان خاصة مجلسي البرلمان والسلطات الحكومية والهيئات القضائية، كما يسعى بكل الوسائل المتاحة إلى تسير وتشجيع علاقات التعاون والشراكة في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها ما بين السلطات العمومية المعنية والجمعيات والمنظمات الدولية المختصة.
تجدر الإشارة إلى إن المجلس يؤهل للقيام بالملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات [16]، إلى جانب تقديم الدعم للمؤسسات التربية والتكوين والبحث العلمي في مجال إعداد البرامج المتعلقة بتدريس حقوق الإنسان ويرفع المجلس تقريرا إلى جلالة الملك سنويا عن حالة حقوق الإنسان بالمملكة وعند الاقتضاء تقارير خاصة وموضوعاتية، وتوجها نسخة من التقرير إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين كما ينشرها المجلس كي يطلع عليها العموم طبقا إلى أحكام الفصل 120 من الدستور، الى جانب تقرير عن أعماله مرة واحدة في السنة على الأقل يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان .وتنشر التقارير بالجريدة الرسمية.

المطلب الثاني: أنشطة وتقارير المجلس الوطني لحقوق الانسان

يقوم المجلس الوطني لحقوق الإنسان بعدة أنشطة وذلك انطلاقا من الصلاحيات الجديدة التي جاء به القانون 76.15 أصبحت تدخل ضمن اختصاصاته وهي اختصاصات يمارسها المجلس بشكل مباشر على الصعيد الوطني وبشكل غير مباشر عبر لجانه الجهوية التابعة له الى جانب المراصد التي إنشائها على المستوى الوطني معتمدا على مقاربة تشاركية وبالاعتماد على عدة من الفاعلين الجمعويين والباحثين في مجال حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية بتنسيق مع السلطات العمومية و الجمعيات المهتمة بالحقل الحقوقي .وبالنظر إلى أهمية هذا الجانب سيتم التركيز أولا على الأنشطة وتانيا تقارير هذا المجلس:

أولا: أنشطة المجلس الوطنية لحقوق الانسان
حرص المجلس في نطاق صلاحياته على التعاون الوثيق والشراكة مع منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة له المختصة بحماية حقوق الإنسان، كما ساهم المجلس في أحداث شبكات التواصل والحوار بين الخبراء من ذوي الإسهامات الوزارية في مجالات حقوق الإنسان قصد الإسهام في تعزيز الحوار بين الثقافات وذلك عن طريق الزيارات الوفود الدولية للمغرب واطلاعها على وضعية حقوق الإنسان وفي هدا السياق تم استقبال رؤساء اللجان الجهوية لحقوق الإنسان بجهة العيون السمارة سنة 2012 بمقر لجنة للعيون السمارة السيد خون ماندير المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وقد أمضى المقرر الأممي يومين في العيون والتقى ممثلين عن السلطة المحلية وممثلي جمعيات المجتمع المدني واستمع لملاحظتهم، كما كانت مناسبة الى التقاءه بالسيد إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني آنذاك والذي أعطاه فكرة عن صلاحيات المجلس.
قد أدلى السيد خوان ماندير يوم السبت 22 شتنبر 2012 تصريح خلال الندوة الصحفية بعد نهاية الزيارة وقال انه تمكن من الوصول بدون عائق يذكر الى مراكز الاعتقال وأجرى لقاءات مع المعتقلين دون عراقيل وفي خصوصية تامة ووضح أن الاستعدادات كانت واضحة لي استقباله في كل تحركاته وان التحضيرات التي أجريت على الأماكن التي زارها لم تسمح له برؤية الأشياء بكل تلقائيا[17]، كما أكد أن ثقافة حقوق الإنسان بدأت تظهر بالمغرب وان هناك قبولا من طرف السلطات لهذه الثقافة .وقد أثنى على الجهود التي يقوم بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية
وللمجلس عدة أنشطة تمس حقوق المرأة والدليل على دلك تنظيم المجلس مناظرة وطنية لمأسسة مبدأ المناصفة ومحاربة أشكال التميز ضد المرأة بشراكة مع وكالة الأمم المتحدة للمرأة يومي 21 و 22 يونيو 2012،

ثانيا :تقارير المجلس الوطني لحقوق الانسان
في إطار اختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان المخولة إليه وفق الظهير الملكي رقم 1.11.19 الصادر سنة 2011 وفي إطار المهمة الشاملة المخولة للمجلس وهي رصد او ضاع حقوق الإنسان واحترامها ومراقبتها وتتبعها وإبداء رأيه وملاحظاته وتوصياته بشأن جميع القضايا المتعلقة بحماية واحترام حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية للمواطنين والنهوض بها.
ومن هذا السياق وبمناسبة مرور عشرون سنة على مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والبرتوكولات الاختياريان الملحقان بها وعلى العديد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية من قبيل الاتفاقين رقم 182/138 المتعلقين بتشغيل الأطفال، قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوم 20ماي سنة 2013 تقريرا موضوعاتي حول مراكز حماية الطفولة تحت عنوان الأطفال في مركز حماية الطفولة في خطر الذي يهدف إلى تحليل واقع الأطفال المودعين في هذه المراكز بهدف تقيم مبادئ ملائمة كيفيات إيداع الأطفال والتكفل بهم مع المعايير الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل وأقدام المجلس على زيارة 17 مركز لحماية الطفولة وإجراء مقابلات ولقاءات مع الفعلين العمومية محليا ومركزيا والجمعويين والأطفال والعائلات.
وأبرز التقرير التقدم الحاصل على المستوى التشريعي في مجال حقوق الطفل واعتمد صلاحيات تشريعية من أجل ملائمة التشريع الوطني مع مقتضيات القانون الدولي في المجال خاصة القانون الجنائي وقانون رقم 14.05 المتعلق بمؤسسات الحماية الاجتماعية وقانون الحالة المدنية قانون الكفالة.
كما استخلص التقرير اختلالات التنفيذ الفعلي للقوانين بسب نقص الوسائل والقدرات والإشراف مما يؤدي إلى إيداع الأطفال في المؤسسات بكثرة، إذ دعي المجلس في هذا الصدد إلى احترام قواعد الأمم المتحدة في إدارة شؤون الأحداث لسنة 1990 المتمثلة في مجموعة من الآليات المتعلقة بحماية الأحداث في حالة تجريدهم من الحرية .التي دعت من خلالها قضاء الأحداث في العالم ان يحترموا حقوق الأحداث وسلامتهم وعدم تجريدهم من حريتهم، علاوة على تسليط الضوء على عدة إكراهات واختلالات التي تجعل من جميع مراحل مسار عملية إيداع الأطفال في مراكز حماية الطفولة غير متلائمة مع معايير اتفاقية حقوق الطفل والمبادئ التوجيهية لعدالة الأحداث من بنية تحتية وإشراف وتأطير. وظروف العيش وأمن وسلامة الطفل البدنية وإشراكه في مسار المحاكمة
تتجلى هذه الاختلالات في إيداع الأطفال بدون تصنيف قائم على السن أو سبب الإيداع "الأطفال في وضعية صعبة أو في نزاع مع القانون"، علاوة على مشكل سلامة الأطفال دون السن 12 وكذلك الأطفال في وضعية إعاقة وعدم أخذ ضرورة قرب المركز من محل سكنى الأطفال بعين الاعتبار، وعدم خضوع المراكز للمعاير الدولية المعتمدة في مجال الاستقبال والتكفل بالأطفال فضلا عن عدم خضوعها لمراقبة منتظمة من طرف الإدارة الوصية، إلى جانب اختلالات أخرى من قبيل تعرض الأطفال المودعين الى عقوبات بدنية والشتم الإهانة وعدم احترام حق الأطفال في اللجوء إلى آليات التظلم طبقا للمعاير الدولية المعمول بها، وعدم تفعيل عملية تتبع الأطفال خلال مرحلة ما بعد مغادرتهم للمراكز وهو ما يمس بحق الطفل في إعادة الإدماج الاجتماعي كما سجل التقرير غياب سياسة أسرية لي الدعم النفسي والاجتماعي، ولقد جاء هدا التقرير بعد زيارات وحوارات ولقاءات استغرقت مدة إنجازه أربعة أشهر من سنة 2013 وخرج بعدة توصيات عامة موجهة للحكومة وأخرى موجهة لكل من وزارة العدل والحريات ووزارة الشباب والرياضة بمثابة القطاع الوصي على مراكز حماية الطفولة وأخرى ذات طابع استعجالي.
عموما فلقد خلص التقرير إلى غياب سياسة شاملة لعدالة الأحداث وضعف القدرات المؤسساتية وعدم وضوح الأدوار والمسؤوليات وسبل التنسيق بين مختلف القطاعات إضافة إلى نقص الموارد المالية والبشرية تشكل عوامل تعيق الحماية والتكفل المناسبين مع التشريعات ذات الصلة مع حقوق الطفل، مع غياب التكوين المناسب للعاملين المتدخلين لدى الأطفال اي الطاقم التربوي [18]، كما أوصى بضرورة الرعاية الصحية لهؤلاء الأطفال، وقام المجلس بمناظرة وطنية حول مراكز حماية الطفولة بغرض وضع سياسة عامة وشاملة منسجمة تعتمد تدابير بديلة للحرمان من بالحرية والإيداع في المؤسسات التي يبلغ عددها سنة 2013 إلى عشرون مركزا بطاقة استيعابية تقدر 2075 سريرا.

المطلب الثالث: طرق عمل المجلس

يعين رئيس المجلس والأمين العام للمجلس بظهير شريف، ويقترح الأمين العام للمجلس لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، يساعد الرئيس في مهامه ويسهر على الإدارة. والعمل على تنفيد قرارات المجلس وخططه وبرامجه، ام بخصوص الجمعية العامة تقوم باجتماعاتها في ثلاثة دوارات عادية على الأكثر في السنة كما يمكن القيام باجتماعات استثنائية بطلب من جلالة الملك وعند الاقتضاء من طرف الحكومة او مجلسي البرلمان او بمبادرة من رئيس المجلس، تنفيذ دورات الجمعية العامة ما لا يقل عن ثلثي أعضاؤها في حالة عدم اكتمال النصاب يوجه الرئيس دعوة ثانية لعقد اجتماع موالي بعد مرور خمسة عشر يوم يكون الاجتماع قانونيا مهما كان عدد الأعضاء الحاضرين، يمكن أن يحضر ممثلا السلطات العمومية او هيئات عامة او خاصة وكل شخص هناك فائدة في حضوره بدعوة من رئيس للمشاركة في أشغال أجهزته وألياته الوطنية.
عموما فهناك نظام داخلي للمجلس يحدد قواعد تنظيمه وكيفيات سيره علاوة على التدابير التي يجب اتخاذها في شأن الحضور المنتظم الى أعضاء المجلس في أشغال جميع أجهزته وينشر في الجريدة الرسمية 18، اما ما يخص التدبير الإداري والمالي للمجلس يختص بها الرئيس كما يمكن له التفويض إلى الأمين العام للمجلس والتوقيع على جميع الوثائق والقرارات ذات الصبغة الادارية والمالية. وتعد ميزانية المجلس من قبيل الرئيس باتفاق مع السلطة الحكومية المكلفة بالمالية تشمل الموارد والنفقات، إذ تسجل الاعتمادات المالية المرصودة للمجلس في الميزانية العامة للدولة تحت فصل يحمل عنوان المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يعتبر رئيس المجلس أمر بقبض مداخيل وصرف النفقات، ويخضع تنفيذ ميزانية المجلس الى رقابة المجلس الأعلى للحسابات من أجل ضمن حسن سيره كل سنة على لجنة الافتحاص وتتألف من ثلاثة خبراء مختصين في مجال المحاسبة والتدبير المالي.
وتجدر بنا الإشارة إلى ان عضوية المجلس ولجانه الجهوية تطوعية غير أن تصرف للأعضاء تعويضات عن حضور اجتماعات المجلس وعن المهام التي تناط بهم وعن تنقلاتهم تحدد بموجب مرسوم مقادير التعويض وكيفيات احتسابها لفائدة أعضاء المجلس وأجهزته ولجانه والجهوية ولا يستفيد من التعويضات ممثلو المؤسسات والهيئات المحددة في الفقرة رقم أربعة من المادة 36 ماعد تعويضات التنقل والإقامة لفائدة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ويستعين المجلس من أجل ممارسة صلاحياته على موظفين حسب النظام الداخلي للمجلس.

الخاتمة
أحدث المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعبيرا عن التزام المملكة المغربية بحماية حقوق مواطنيها وحرياتهم وباحترام التزاماتها الدولية فيما يخص حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، علاوة على تكريس دولة الحق والقانون ويساهم في عملية الانتقال الديمقراطي الذي شهدها المغرب في مجال تسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إذ لا يمكن إلى أ ين كان تجاهل الإنجازات المحققة في مجال الحقوق والحريات بفضل وجود قرار سياسي وإرادة ملكية وتجربة مدنية وميدانية غنية مكنت المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالسير في هذا المسار إلى أبعد نقطة، بعد الانتقال من آلية استشارية إلى آلية وطنية دستورية مستقلة، على جميع الهيئات العامة والخاصة بموجب الدستور، وبهذا يدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ضمن الآليات الأممية الأكثر مصداقية وإنتاجا ومردودية.
بهذا الثقل القانوني والتنظيمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه وآلياته يبقى أمامه تحدي كبير هو ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان لكل المواطنين المغاربة كيف ما كان مستواهم التعليمة والثقافي.
-------------------------------
هوامش:
[1] صفحة 760/756
[2] الظهير الشريف رقم 1-19-11 الصادر 20 أبريل سنة 1990 المتعلق بإنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الانسان منشور بالجريدة الرسمية عدد 4044/2ماي
[3] رسالة لنيل الماستر في القانون العام, تحت عنوان تجربة المجلس الوطني لحقوق الانسان الحصيلة و الآفاق, الطالب الحسن الوالي سنة 2014/2013 جامعة محمد الخامس بالرباط كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية إكمال
[4] Nations unies. hunan reghts .fconpilatationof international l instruments vol.(part.1 et 2) rdv 2003
[5] أنظار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 48/134 بتاريخ 1993/12/20
[6] رسالة لنيل دبلوم الماستر تحت عنوان "وضعية حقوق الإنسان من خلال تقارير وأنشطة المجلس الوطنية لحقوق الانسان "فاطمة الزهراء الحسناوي سنة 2013/2015 جامعة محمد الخامس بالرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية إكدال
[7] القانون رقم 76.15 المنظم للمجلس الوطني لحقوق الانسان الصادرة سنة 2018
[8] انظر المادة 37 من القانون 76.15
[9] المادة 4 من نفس القانون
[10] المادة 31 من القانون رقم 76.15
[11] المادة اربعة من القانون 76.15
[12] المادة الخامسة من نفس القانون
[13] المادة 13 من نفس القانون
[14] المادة التاسعة عشر من نفس القانون
[15] المادة 24 من نفس القانون
[16] المادة 33 من القانون 76.15
[17] http./hespress.com1politique/63067.html
[18] رسالة لنيل الماستر في القانون العام .تجربة المجلس الوطني لحقوق الانسان الحصيلة و الآفاق. الحسن الوالي سنة 2014/2013 جامعة محمد الخامس بالرباط كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال
المواد 52/56 من نفس القانون

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -