تقديم الأجير لأعذار شرعية بالتغيب عن العمل يجعل الطرد تعسفيا

التغيب عن العمل لأسباب مشروعة لا يعتبر مغادرة تلقائية ويجعل الطرد تعسفيا رغم سلوك المشغل للمساطر القانونية المعمول بها


التغيب عن العمل لأسباب مشروعة لا يعتبر مغادرة تلقائية ويجعل الطرد تعسفيا رغم سلوك المشغل للمساطر القانونية المعمول بها PDF

قرار محكمة النقض عدد 290
الصادر بتاريخ ... فبراير 2012
في الملف الاجتماعي عدد ..../5/1/2010
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، ومن القرار المطعون فيه أن المطلوب تقدم بمقال عرض فيه أنه كان يشتغل مع الطالبة منذ 14/06/2001، وانه تعرض للطرد من عمله بتاريخ نونبر 2006، والتمس الحكم له بتعويضات فقضت المحكمة الابتدائية بأداء المدعى عليها لفائدة المدعي التعويضات التالية: عن الأجرة: 28.000 دهـ، وعن العطلة 17.769،23 دهـ، وتسليمه شهادة العمل ورفض باقي الطلبات، فستأنفه المطلوب، وبعد الاجراءات قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلبات التعويض عن الاخطار والفصل والضرر والمكافآت السنوية، والحكم من جديد بأداء المدعى عليها للمدعي التعويضات التالية: عن الإخطار: 84.000 دهـ، عن الفصل: 91.478،40 دهـ، عن الضرر: 252.000 دهـ، عن المكافآت السنوية: 14.916،80 دهـ وبتأييد في الباقي، وهو القرار المطعون فيه بالنقض والمشار إلى مراجعه أعلاه.
في شأن الوسيلتين الأولى والثانية المعتمدتين في النقض:
حيث تعيب الطاعنة على القرار المطعون فيه بالنقض نقص التعليل الموازي لانعدامه وعدم الارتكاز على أساس قانوني سليم، باعتبار أن المحكمة المصدرة له سكتت عن الإنذار بالرغم من أنه هو الذي يثبت أن الطالبة قد طالبت المدعي بالالتحاق بعمله لكن دون جدوى، وأنه من المعلوم أن عدم الالتحاق بالعمل يعتبر مغادرة تلقائية، وأن تغيب الأجير عن العمل بدون مبرر ودون إشعار مشغلته يعتبر مبررا للفصل متى أنذر للرجوع إلى العمل ولم يثبت أنه التحق بعمله أو أنه عرض نفسه على مشغلته، كما أن تغيبه عن عمله وبدون سبب مشروع وسبب يعود إليه يعتبر خطأ يخول الفصل وبدون تعويض، وهو ما تنص عليه المادة 39 من مدونة الشغل، إلا أن محكمة الاستئناف استبعدت الإنذار متمسكة بالشواهد الطبية المدلى بها بالرغم من أنه لم يثبت أنه التحق بعمله أو انه عرض نفسه على مشغلته، وأن عدم الالتحاق بالعمل رغم الرسالة الإنذارية يجعل الفصل مبررا قانونا كما هو واضح من خلال القرار الصادر عن المجلس الأعلى عدد 417 بتاريخ 24/04/1983 في الملف الاجتماعي عدد 95762/82 والذي جاء فيه:
» لكن حيث إن الطالب أنذر للالتحاق للعمل بموجب رسالة الانذار وجهت إليه من طرف المشغلة بتاريخ 18/10/1976 مع الاشعار بالاستلام دون الادلاء بما يثبت أنه التحق بهذا العمل او عرض نفسه على المشغلة للعمل أو أنه له عذرا شرعيا يسمح له بالتغيب، مما يجعل الفصل الذي تعرض له الطالب مبررا قانونا وبالتالي يكون القرار المطعون فيه معللا تعليلا كافيا ومرتكزا على أساس قانوني ولم يخرق بذلك مقتضيات الفصل 345 من ق.م.م، الأمر الذي يجعل هذه الوسيلة غير مؤسسة قانونا، لذلك يجب ردها وعدم اعتبارها« .
وهكذا يتضح أن محكمة الاستئناف قد خرقت خرقا سافرا مقتضيات الفصل 39 من مدونة الشغل التي تؤكد الطرد في حالة التغيب عن العمل بدون مبرر، كما خرقت الوقائع وتبنت تعليلا فاسدا موازيا لانعدامه، مما يعرض قرارها للنقض.
كما تعيب على القرار خرق حقوق الدفاع وانعدام الأساس القانوني، باعتبار أنه من الثابت أن محكمة الاستئناف قد اعتمدت في إصدار قرارها على الشواهد الطبية التي قدمت للطالبة خارج الأجل القانوني، بالإضافة إلى أنها أجرت البحث واستمعت إلى الشهود في غيبة المستأنف، وأن محكمة الاستئناف بإجراء البحث وحرمان الطالبة من المواجهة مع المستأنف ومواجهته بالشهود تكون قد خرقت خرقا سافرا حقوق الدفاع وحرمت الطالبة من إثبات المغادرة التلقائية للمطلوب، وأن ما يؤكد عدم جدية ادعاءات المستأنف هو عدم حضوره لجلسات البحث التي عقدتها المحكمة رغم تأخيرها لأكثر من مرة، وأن المحكمة بإجرائها البحث في غيبة المستأنف تكون قد عرضت قرارها للنقض.
لكن من جهة أولى: وكما جاء في تعليل القرارالمطعون فيه، فإنه لئن كانت الطالبة قد فصلت المطلوب عن عمله بسبب تغيبه عن العمل منذ 04/11/2006، كما هو ثابت من رسالة الطرد الموجهة له والمؤرخة في 13/11/2006، ورسالة الإنذار المؤرخة في 09/11/2006 والموجهة له، فإنه من الثابت من وثائق الملف أن المطلوب قد بعث بثلاث شواهد طبية بواسطة الفاكس لتبرير تغيبه مدة آخرها 15 يوما ابتداء من 04/11/2006 ومدتا الشهادتين الباقيتين تتعلقان بالفترة السابقة، ودون أن تنازع الطالبة في توصلها بها، مما يكون تغيب المطلوب مبررا بسبب المرض، ويبقى الطرد الذي تعرض له تعسفيا، خاصة وأنه كان ابان فترة مرضه ولا يمثل ذلك خرقا لمقتضيات المادة 39 من مدونة الشغل ولا تحريفا للوقائع، وهو ما انتهى إليه القرار المطعون فيه وعن صواب.
ومن جهة ثانية: فإن ما أثير حول كون جلسة البحث أجريت في غيبة المستأنفة (المطلوب) وأن ذلك لم يمكن الطالبة من مواجهته لإثبات المغادرة، فإنه مادامت المحكمة المطعون في قرارها قد استمعت إلى شهود الطالبة للتأكد من مغادرة المطلوب لعمله، فإن إجراء البحث في غيبة المطلوب لا يعتبر ضروريا، ولا يمثل ذلك خرقا لحقوق الدفاع، خاصة وأن الأمر يتعلق بتغيب بسبب المرض وليس بمغادرة تلقائية، وهذا ما دفع المحكمة المطعون في قرارها إلى التركيز في تعليلها على واقعة التغيب الذي اعتبرته مبررا بسبب المرض، ودون ان تتعرض لما راج في جلسة البحث الذي لم يكن لازما، مما كان معه القرار معللا بما فيه الكفاية ويبقى ما بالوسيلتين لا سند له.

لهــذه الأسبــــــاب
قضت محكمة النقض برفض الطلب.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -