تصفية الشركات التجارية في التشريع المغربي

عرض بعنوان: تصفية الشركات التجارية في التشريع المغربي PDF

تصفية الشركات التجارية في التشريع المغربي PDF

مقدمة :
إن الأشخاص عموما مهما طالت حياتهم، فلا بد لها من الانقضاء في يوم من الأيام، فالشخص الطبيعي تنقضي حياته بوفاته، والشخص المعنوي تنقضي حياته بانقضاء شخصيته الاعتبارية، غير أن حياة الاشخاص الطبيعيين تبقى قصيرة مقارنة بحياة الاشخاص الاعتباريين. 
لذلك فالشركة جعلت لتدوم طويلا، فهي تدوم لمدة أطول من تلك التي يستمر فيها العقد، كما أنها تتمتع بحياة أطول من تلك التي يعمرها الأشخاص الطبيعيون، فالشيخوخة لا تقلص من قوتها، بل تمكنها من تكوين سمعة تجارية جيدة وأصول مهمة ،فالمؤسسون الأوائل للشركة يمكن أن يتوفوا أو يفضلوا الانسحاب من الشركة ،لكن هذه الأخيرة يمكنها الاستمرار بدونهم، إلا أن الشركة تنقضي بانتهاء شخصيتها المعنوية وذلك عبر حلها، حيث تنفك الروابط الموجودة بين المشاركين وتتلاشى الشخصية الاعتبارية شيئا فشيئا إلى أن تختفي[1][2]، فالشخصية الاعتبارية للشركة تبدأ في الاضمحلال بمجرد حلها ودخولها مرحلة التصفية فهذه الأخيرة هي التي تشكل موضوع بحثنا، فالتصفية يقصد بها "مجموع العمليات و الإجراءات التي تروم حصر موجودات الشركة وتحقيق أموالها من أجل أداء ديونها وقسمة عائد التصفية فيما بين الشركاء"[3][4]، كما تعرف أيضا بأنها "مجموع الأعمال و الإجراءات التي تتخذ لإنهاء الآثار التي خلفتها الشركة في الواقع، وذلك من ناحية لإنهاء أعمال الشركة التجارية، ومن ناحية ثانية لاستيفاء حقوقها وسداد ديونها، وحصر موجوداتها بقصد تحديد صافي أموالها، فإذا كان هناك فائض وزع على الشركاء بطريق القسمة"[5]، وحل الشركة يترتب عنه وجوبا تصفيتها كقاعدة عامة، غير أن هذه القاعدة يرد عليها استثناءان، الأول في حالة الدمج fusion، حيث يترتب عن هذا الدمج الحل la dissolution وليس التصفية la liquidation ، والثاني في حالة اجتماع جميع أنصبة أو أسهم الشركة بيد شركة أخرى، فهذا التجميع يؤدي إلى حل الشركة فقط ولا يؤدي إلى تصفيتها.[6]
والتصفية لم تظهر في شكلها المعاصر إلا في القرن السادس عشر، ولم ينظمها القانون الروماني، إذ كان الشركاء يتركون أنصبتهم في حالة شيوع عند انحلال الشركة، ويعتبرونها كملكية مشتركة بينهم حتى تصفية حساباتهم فيما بينهم ومع الغير، وبالرجوع للمشرع المغربي نجده نظم المقتضيات العامة لتصفية الشركات بمقتضى ظهير 12 غشت 1913 بمثابة قانون الالتزامات والعقود، ليتم بعد ذلك تنظيم المقتضيات الخاصة بتصفية شركات المساهمة بمقتضى القانون رقم 17.95 الصادر بتاريخ 30 غشت 1996 [7]، ثم ليتم بعد ذلك تنظيم المقتضيات الخاصة بتصفية باقي أنواع الشركات (شركة التوصية بالأسهم أو الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة) وذلك بمقتضى القانون رقم 05.96، الصادر بتاريخ 13 فبراير 1997.[8] 
وتكمن أهمية التصفية في الدور الكبير الذي تلعبه في تسوية العلاقات بين الشركة والأغيار عبر أداء الخصوم، وكذا تسوية العلاقة بين الشركاء عن طريق قسمة عائد موجودات الشركة فيما بينهم كل حسب حصته، وذلك بعد أداء الخصوم. فالعمليات التي يتم القيام بها في مرحلة التصفية تكون من الأهمية بمكان لكونها تمكن الشركة من تجاوز آخر أطوار حياتها إن على مستوى علاقاتها مع الأغيار أو على مستوى علاقات الشركاء فيما بينهم، أيضا تعتبر عملية التصفية بمثابة تمديد لعمر الشركة من أجل إعطائها الفرصة للقيام بالعمليات اللازمة والضرورية خلال هذه المرحلة الأخيرة من حياتها. 
لكن الإشكال الذي يثار هو أنه بمجرد حل الشركة لتوافر سبب من الأسباب المؤدية إلى هذا الحل، فإن أيادي مسيريها وممثليها تغل عن القيام بأي تصرف، حيث تصبح تصرفات هؤلاء باطلة بقوة القانون، والحال أن الشركة تكون في حاجة ماسة لإجراء مجموعة من التصرفات الضرورية للقيام بالتصفية، فما هي الأسباب الم ؤدية إلى التصفية ؟ وما هي المكنات التي وفرها المشرع المغربي للشركة وللمصفي لممارسة التصرفات اللازمة لإنجاح التصفية؟ ثم ما هي الآثار المترتبة عنها ؟
ولملامسة الإجابة عن جوانب الإشكالية المطروحة تناول البحث دوافع التصفية واجراءاتها (المبحث الأول) كما تطرق إلى آثار التصفية في (المبحث الثاني).
---------------------------
لائحة المراجع :

- علال فالي، الشركات التجارية، الجزء الاول، المقتضيات العامة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، طبعة 2016. 
- فؤاد معلال، شرح القانون التجاري الجديد، الجزء الثاني الشركات التجارية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الخامسة 2016 . 
- عبدالرحيم شميعة، الشركات التجارية في ضوء آخر التعديلات، مطبعة سجلماسة ،مكناس، طبعة 2017، 
- عزالدين بنستي، الشركات في القانون المغاربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، طبعة الأولى 2014. 
- أحمد شكري السباعي الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي الجزء الثاني، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2009. 
- هيوا إبراهيم الحيدري شركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة ـ دراسة مقارنة ـ منشورات الحلبي الحقوقية. 

لائحة المارجع بالفرنسية : 
- Yves Guyon, Droit des Affaires, Tome 1, Droit commercial général et 
sociétés, Economica, Pris, 12ème Edition 2003 
- Paul Didier et Philipe Didier ,Droit commercial, Tome2, les sociétés 
commerciales, Economica, Edition 2011
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -