الرؤية الدستورية الجديدة لفصل السلط

عرض بعنوان: فصل السلط (الرؤية الدستورية الجديدة) PDF

فصل السلط الرؤية الدستورية الجديدة PDF

مقدمة :
يشكل مبدأ الفصل بين السلط "le principe de la separation des pouvoirs "مبدأ من مبادئ الديمقراطية الليبيرالية وأحد ضماناتها. 
فهو يعني عدم جمع السلط في يد واحدة، حيث لا يمكن للجهة التي تتولى التشريع في الدولة أن تكون هي نفسها المسؤولة عن التنفيذ ويرجع إليها كذلك الفصل في المنازعات.
ساهمت أفكار جون لوك و مونتسكيو المتولدة في القرنين 17 و18 في بلورة مبدأ الفصل بين السلط كأساس للعلاقات بينها. فكان جون لوك (1632-1704) أول من وضع أسس النظرية الكلاسيكية لمبدأ الفصل بين السلطات في كتابه: "مقال حول الحكومة المدنية " الصادر في 1960، حيث ميز بين ثلاث سلط في الدولة: سلطة تشريعية تصدر القوانين وسلطة تنفيذية تسهر على تنفيذها وسلطة اتحادية تشرف على العلاقات الدولية وخاصة سلطة إعلان الحرب إبرام المعاهدات وإقامة علاقات دبلوماسيق مع التأكيد على ضرورة الفصل بين السلطتين التشريعية والتفاية تحتفظ المجتمع السلطة تونسية التي يمارسها البرلمان، في حين يعهد بالسلطة التنفيذية والسلطة الاتحادية إلى الدولة ممثلة في الملك. 
ثم جاء بعده مونتيسكيو الذي صاغ هذا المبدأ بطريقة جديدة في كتابه "روح القوانين" الصادر في 1748، بتمييزه بين ثلاث سلط منفصلة: سلطة تشريعية تسن القوانين، وسلطة تنفيذية تطبقها بكيفية عامة، وسلطة قضائية أحلها محل السلطة الاتحادية عند جون لوك، تطبق القوانين بكيفية خاصة. 2 
ثم انتقل بعد تحديده للسلطات الثلاث لتوزيعها توزيعا يضمن فصلها وعدم جمعها في يد شخص أو جهاز واحد، لأن هذا الجمع يؤدي إلى الاستبداد في حين يؤدي الفصل بين السلط إلى حكم الحرية والاعتدال لأن السلطة توقف السلطة.
نجم عن اختلاف الدول في تأويل مبدأ فصل السلط بصفة صارمة أو مرنة تنوع في أشكال الأنظمة الليبيرالية، فإلى جانب النظام البرلماني القائم على الفصل المرن بين السلط والذي نشأ في كنفه مبدأ فصل السلط، ظهر النظام الرئاسي القائم على فصل صارم بين السلط، كما أن بعض الأنظمة أقرت خضوع السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية ضمن حكم صار يعرف بنظام الجمعية. 4 
اكتسب هذا المبدأ الصبغة العالمية لارتباطه بحقوق الإنسان، بالدستور وبالنظام الديمقراطي، حيث نصت المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والمواطن الصادر بتاريخ 26 غشت 1789 على أن كل مجتمع لا يضمن الحقوق ولا يفصل بين السلط لا دستور له. 
ورخص القانون الدستوري ل 3يونيو 1958 للحكومة بوضع مشروع دستور شريطة احترام خمس مبادئ أساسية، يقع ضمنها مباشرة بعد مبدأ الاقتراع العام، مبدأ الفصل بين السلطة وهو أيضا مبدأ دستوري كرسته الدساتير عبر العالم.
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أول من ضمنت مبدأ فصل السلط في دستورها لعام 1787، وقد تبنت خيار الفصل الصارم بين السلط الذي يقوم على المعيار الوظيفي وقوامه استقلال السلطات عن بعضها البعض وتخصص كل واحدة في وظيفتها وعدم وجود تعاون أو وسائل ضغط متبادلة بينها. 
أما فرنسا فتبنت تأويلا أكثر مرونة لمبدأ فصل السلط، يقوم على المعيار العضوي وعماده توازن السلط وتعاونهما. 6
ويلاحظ من خلال الدساتير التي عرفها المغرب، أنها أكدت جميعها على مبدأ فصل السلط، لكن ضمن نسق متحكم فيه، علما أن الحالة الكاشفة والمعبرة عن أزمة فصل السلطات، تتمثل في عدم تنصيص دساتیر، 1962و 1970و 1972و 1992 و 1996 ، على أن القضاء سلطة إلى جانب السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية، وهو ما اعتبر بمثابة تبعية القضاء للسلطة التنفيذية، و هذا ما تدارکه دستور 2011، معلنا بذلك وبصفة رسمية على دسترة مبدأ الفصل بين السلطات، ليشمل جميع السلطات الدستورية، باستثناء الملك الذي له مكانة خاصة في النظام الدستوري والسياسي المغربي لأسباب تاريخية ودينية. 
فنص المشرع الدستوري في الفصل الأول على: "يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وغلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة".
وكرس هذا المبدأ في أحكام أخرى من الدستور، في الفصل 70 الذي ينص على أن البرلمان يمارس السلطة التشريعية، والفصل 89 الذي ينص على أن الحكومة تمارس السلطة التنفيذية، وتأطير العلاقات بين السلط في الباب السادس، الفصول (95-106)، مع إفراد الباب السابع للسلطة القضائية الفصول (107-128).
إن أهمية مبدأ الفصل بين السلط تكمن في كونه يعتبر ضمانا ضد الاستبداد ووسيلة التحقيق الحريات الفردية، فلا يتصور قيام نظام ديمقراطي بدونه. 
الأمر الذي يجرنا لطرح إشكالية ما مدى تطبيق هذا المبدأ في النظام السياسي المغربي؟ تتفرع عن هذه الإشكالية الأسئلة الأتية:
- كيف تتداخل اختصاصات السلط وكيف يتم توازنها وتعاونها ؟
- ما مدى استقلالية السلطة القضائية ؟
للإقتراب من الموضوع ووفقا لمنهج يزاوج بين الوصف والتحليل سنقسمة إلى محورین:

المحور الأول: العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
المحور الثاني: استقلال السلطة القضائية
-------------------------------
لائحة المراجع :

النصوص القانونية : 
- الظهير الشريف رقم 82-11-1 الصادر في 14 من رجب 1432 (17 يونيو 2011) يعرض وينفذ وينشر بالجريدة الرسمية ، عقب ظهيرنا الشريف هذا ، نص الدستور. 

الكتب بالعربية : 
- محمد معتصم، مختصر النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات الدستورية، منشورات إيزيس، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، أكتوبر، 1992. 
- نورة كريديس، النزاع الإداري منهجية ووثائق، مجمع الأطرش للكتاب المختص، الطبعة الأولى، تونس، 2015. 
- أمحمد مالكي، الدستور وتنظيم السلط، منشورات الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان، من أجل الديمقراطية، يناير 2014. 

الكتب بالفرنسية: 
- Louis Favoreu, etal, Droit constitutionnel, Tome 2, 19° 2dition, Dalloz, 2017.
- Michel Troper, l'évolution de la notion de séparation des pouvoirs, in l'héritage politique de la révolution française, Francis Hamond & Jacques Lelièvre, presses universitaires de lille.

المجلات و المقالات:
- أحمد الطريبش، الضمانات الدستورية والقانونية لاستقلال السلطة القضائية، المجلةالمغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 147، 2019.
- کریم لحرش، الدستور الجديد للمملكة المغربية شرح وتحليل، سلسلة العمل التشريعي والاجتهادات القضائية، العدد 3، 2012. 

المواقع الالكترونية : 
- عبد النور الفائز، تأملات حول فصل السلط في الدستور المغربي الجديد ل 2011 - الجزء الأول، مقال منشور على /https : / / www . marocdroit . com
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -