بطلان عقد مبرم من طرف موظف عمومي دون ترخيص
القرار 1330
الصادر بتاريخ 2 دجنبر 2009
في الملف عدد 1326 /2008/1/5
بطلان – عقد مبرم من طرف موظف عمومي دون ترخيص
بحكم أن من تعاقد مع مقاولة الشغل له صفة موظف عمومي، وهو بهذه الصفة يمنع عليه قانونا ممارسة أي نشاط مهني آخر يدر عليه مدخولا، ولا يمكن له تجاوز هذا المنع إلا بعد حصوله على ترخيص من الجهة الادارية المختصة، وهو مالم يتأت له مما يعتبر معه عقد الشغل باطلا، والباطل لا ينتج أي أثر قانوني.
الأســاس القانونـي:
ممنوع على كل موظف أن يمارس بصفة مهنية أي نشاط يدر عليه مدخولا، ولا يمكن مخالفة هذا المنع إلا بموجب استثنائي وبموجب مقرر يتخذه لكل حالة على حدة الوزير الذي ينتمي إليه الموظف المعني بالأمر، بعد موافقة رئيس الوزارة، ويبقى هذا المقرر المتخذ بصفة مؤقتة قابلا للالغاء لصالح الادارة. ( الفصل 15/1 من قانون الوظيفة العمومية ).
بإسم جلالة الملك
حيث يستفاد من مستندات الملف، ومن القرار المطعون فيه أن المطلوب تقدم بمقال عرض فيه أنه شرع في العمل مع الطالبة منذ 01-05-1985 وأنه تعرض للطرد بتاريخ 27/10/1995 والتمس الحكم له بتعويضات فقضت المحكمة الابتدائية بأداء المدعى عليها لفائدة المدعي التعويضات التالية: 26.900 درهم عن الإشعار، و 90.155،76 درهم عن الإعفاء، و 261.545،70 درهم عن الطرد التعسفي، و 24.000 درهم عن العطلة السنوية، ومبلغ 26.025،56 درهم عن أجرة أكتوبر 1995 ورفض الباقي، فاستأنفه المطلوب وبعد إتمام الإجراءات أصدرت محكمة الاستئناف قرارها الغيابي القاضي بتأييد الحكم المستأنف مع تعديله برفع التعويض عن الإعفاء إلى 83.400،87 درهم ورفع تعويض الطرد التعسفي إلى مبلغ 523.097،40 درهم، كما استأنفت الطالبة الحكم الابتدائي، كما أن هذه الأخيرة طعنت في القرار الاستئنافي الغيابي، فأصدرت محكمة الاستئناف قرارها القاضي بقبول الاستئناف والتعرض شكلا وفي الموضوع بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به، وهو القرار المطعون فيه بالنقض.
في شأن الفرع الول من الويسيلة الثالثة المستدل بها للنقض:
تعيب الطاعنة على القرار خرق القانون باعتبار أن القرار المطعون فيه صرف النظر عن جوهر النزاع أي الفصل في مسألة الطرد التعسفي من عدمه، مما يعني صراحة على أنه تبنى تعليلات القرار الاستئنافي الصادر بتاريخ 26/06/2000 الذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي مع تعديله برفع التعويضين عن الإعفاء والطرد واعتبر واقعة الطرد التعسفي للمطلوب ثابتة في حق الطالبة مستبعدا في هذا الإطار جميع أوجه دفاع الطاعنة القانونية خصوصا ما تعلق منها بخرق قانون الوظيفة العمومية، وبما أن رقابة المجلس تنصب على مدى تطبيق واحترام القانون من طرف المحاكم، فإن الطالبة تعرض على المجلس النزاع لينظر في العيوب المتعلقة بخرق القانون الداخلي (الجوهر)، وعليه فإنه بالاطلاع على القرار موضوع الطعن أو القرار الاستئنافي المتعرض ضده أو حتى الحكم الابتدائي يتضح أنها خرقت قانون الوظيفة العمومية (الفصلان 15 و 16 من ظهير 24-02-1958) على اعتبار أن المطلوب كان يقدم خدماته لفائدة الطالبة ويشغل في نفس الوقت منصب أستاذ جامعي بكلية الحقوق بالدار البيضاء، وبالتالي كان من المفروض أن يخضع لقانون الوظيفة العمومية الذي يمنع على كل موظف عمومي ممارسة نشاط موازي يدر عليه أرباحا إلا إذا سمح له بصفة استئنائية بواسطة ترخيص من الوزارة الوصية، وبناء عليه فإن دمجه بين نشاطه لدى الطالبة والذي كان يمارسه بصفة غير منتظمة في حدود إمكانياته الجامعية ووظيفته كأستاذ جامعي يشكل عملا غير قانوني وبالتالي فإن طبيعة العقد أو العلاقة التي كانت تربطه بالطاعنة كيفما كان نوعها تعتبر باطلة لانتفاء شرط جوهري لصحته ( الترخيص من الوزارة الوصية) طبقا للمادة 306 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن: » الالتزام الباطل بقوة القانون لا يمكن أن ينتج اي أثر إلا باسترداد ما دفع بغير حق تنفيذا له ».
ومن تم يكون ما فعله المطلوب مخالفا لمقتضيات قانونية آمرة ومن النظام العام، مما يجعل عقد العمل الذي يزعم أنه أبرمه مع الطالبة باطلا بقوة القانون حتى على فرض قيامه وهذا ما سار عليه الاجتهاد القضائي للمجلس الأعلى في عدة قراراته من بينها قرار رقم 368 صادر بتاريخح 21/04/1999 في الملف الاجتماعي عدد 490/4/1/1999، والذي جاء فيه على أن » الجمع بين أستاذ جامعي وعمل لدى مؤسسات أخرى لا يسمح به إلا بصفة استثنائية بعد أن يرخص به للمعني بالأمر بصفة صريحة من طرف الوزير الذي ينتمي إليه وإلا كان عقد العمل باطلا ». ( منشور بالتقرير السنوي للمجلس الأعلى سنة 1998 )، الأمر الذي يستوجب نقض القرار.
حيث تبين صحة ما عابته الطاعنة على القرار المطعون فيه، ذلك أنه من الثابت من مذكرة الطالبة المدلى بها أمام محكمة الموضوع أنها تمسكت بكون العقد الرابط بينها وبين المطلوب باطلا على اعتبار أن هذا الأخير يعمل أستاذا بكلية الحقوق بالدار البيضاء وبحكم أنه موظف فإن قانون الوظيفة العمومية الصادر بتاريخ 24/02/1958 ومن خلال الفصلين 15 و 16 يفرض عليه قبل مزاولة أي نشاط موازي يدر عليه دخلا الحصول على ترخيص من قبل الوزير الذي ينتمي إليه تحت طائلة اعتبار عقد العمل الموازي له باطلا، إلا أن المحكمة المطعون في قراها ردت على هذا الدفع بأنه : » كان على المشغلة ان تطالب الأجير بالحصول على موافقة وزارة التربية الوطنية أو يجعله شرطا لصحة العقد وأنه لا يمكن أن تتغاضى عن ذلك لمصلحتها وإثارته بعد مضي خمس سنوات … »، مع أن العقد الذي لا يتوفر فيه الترخيص المذكور يعتبر باطلا، والباطل لا ينتج أثرا أو القرار وقد بت على النحو المذكور فقد خرق مقتضيات الفصلين 15-16 من قانون الوظيفة العمومية الصادر بتاريخ 24/02/1958 مما يعرضه للنقض والابطال.
لهــذه الأسبــــــاب
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه.