الغابة و التنمية المستدامة

مقال بعنوان: الغابة و التنمية المستدامة 

الغابة و التنمية المستدامة

مقدمة :
لقد شكّل الإنسان المحور الأساسي للتنمية المستدامة، حيث تتضمن تنمية بشرية قائمة على تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والرفاه الاجتماعي .حيث أشار تقرير اللجنة العالمية للتنمية والبيئة "برونتلاند" إلى أن "التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر من دون النيل من قدرة الأجيال القادمة على تلبية إحتياجاتها." فالتنمية تعمل على تجديد الموارد والثروات وإعادة التصنيع بشكل يضمن بيئة نظيفة وصالحة لحياة الأجيال الحاضرة والقادمة[1].
إن التنمية المستدامة تتعامل مع النشاطات الاقتصادية التي ترمي للنمو من جهة ومع إجراءات المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية من جهة أخرى. من هنا يمكن القول أن للطبيعة دور رئيس في سلوك الإنسان وتنمية ذوقه وثقافته، كما تساهم في التوازن
النفسي والجسدي، وفي تجنيب الإصابة بعدة أمراض، فالغابة هي الرئة التي تتنفس منها المدينة ويعرف الجميع كيف تمنح الهواء النقي وتقلل من التلوث ومضاره التي تلحق الإنسان والحيوان والطبيعة جميعا.
وتعرف الغابة على أنها تجمع كبير من الأشجار الخضراء التي قد تمتد لآلاف الكيلومترات المربعة، وتعد الرئة الطبيعية للأرض، فهي تمثل أحد أهم الموارد الطبيعية المتجددة والمساعدة في المحافظة على التنوع الحيوي والبيئي، وقد اعتمد الإنسان مند بداية حياته على ما تنتجه الثروة الغابوية مستف يدا مما تقدمه الغابات من ثمار وأوراق ووقود.
وبمرور الزمن تطورت هذه الاستفادة بفضل القفزات الحضارية والنقلات النوعية في مجالات العلوم المختلفة، فاكتشف الإنسان في الغابة مزايا وفوائد لم يكن يعرفها من قبل، وذلك كمساهمتها في الحفاظ على خصوبة التربة؛ ووقف زحف الصحراء؛ وتثبيت الكثبان الرملية؛ ومنع زحفها على الأراضي الزراعية؛ إلى جانب تلبيتها لحاجات إنسانية أخرى كالترويح عن النفس والتنزه وتلطيف الجو وغيرها.
والإدارة المستدامة للغابة هي رعاية واستعمال الموارد الحرجية[2] وأراضي الغابات بأسلوب ومعدل يحافظ من خلاله على تنوعها البيولوجي وإنتاجيتها ومقدرتها على التجدد وإمكانيتها على توفير الوظائف البيئية، والاقتصادية والاجتماعية على الصعيد المحلي والوطني والعالمي، والذي لا يسبب ضررا لنظم بيئية أخرى حاضرا ومستقبلا[3].
واضح مما س بق ، أن هناك تلازم وثيق بين الغابة والتنمية المستدامة، والأكيد أن للغابة مواردها أهمية كبرى في ضمان الت نمية المستدامة، بل إنها تشكل جزء لا بديل عنه لتحقيقها، إذا ما تم استغلال المجال الغابوي إدارته بشكل أفضل[4].
إن الارتباط الوثيق بين البيئة والتنمية أدى إلى ظهور مفهوم التنمية المستدامة[5]. ففي سنة 1980، أصدر الاتحاد الدولي لصون الطبيعة وشركاؤه) برنامج الأمم المتحدة للبيئة والصندوق العالمي للحياة البرية (، وثيقة سميت الإستراتيجية العالمية لصون الطبيعة. وقد تضمنت بدايات لفكرة التنمية المستدامة، بمعنى التنمية التي تحافظ على العمليات البيئية العاملة في نظم الإنتاج المتجدد، أي التي تهيئ للنظم البيئية وأهمها الغابات والتي تحافظ على ثراء الأنواع وثراء التنوع الوراثي في كل نوع[6]. وفي سنة 1987، تم بموجب تقرير اللجنة الدولية للبيئة والتنمية "مستقبلنا المشترك"، دمج الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في تعريف واحد. وأشار التقرير ألا يكون الهم الأول تعظيم الإنتاج إلى أقصى حد، إنما يكون صون القدرة على الإنتاج في المدى الزمني الممتد[7].
وتتجلى أهمية الموضوع في الدور المحوري الذي تمتاز به الغابة في تنمية جم يع مناحي الحياة، الأمر الذي يتطلب الاهتمام أكثر بهذا الموروث الطبيعي عن طريق الحفاظ عنه والامتناع عن كل ما يلحق به الأضرار، دون إغفال دور الثقافة البيئية في هذا الإطار .
وعليه، فالإشكالية التي يمكن طرحها تتمثل في مدى مساهمة المجال الغابوي في تحقيق التنمية على جميع مستوياتها.
وللإحاطة بهذه الإشكالية إرتأينا تقسيمها إلى قسمين: 

أولا: الدور الإيكولوجي والثقافي للغابة
ثانيا: الدور الاقتصادي والاجتماعي للغابة والمخاطر المهددة لها


أولا: الدور الإيكولوجي والثقافي للغابة 

سنتطرق في هذا الإطار لكل من الدور الإيكولوجي والدور الثقافي للغابة.
1- الدور الإيكولوجي للغابة 
من بين أهم الأدوار الإيكولوجية للغابة ما يلي:
أ- تنقية الجو ومحاربة الانحباس الحراري
إن مساحة هكتار واحد من الغابة تمتص سنويا من 5 إلى 10 طن من ثاني أكسيد الكربون السام وتطلق من 10 إلى 20 طن من الأكسجين الضروري للحياة. إضافة إلى ذلك فإن الغابة، إذا كانت في وضعية متوازنة، تعمل على التقليل من التبخر وما يتبع ذلك من تلطيف للمناخ والزيادة من رطوبة التربة وخصوبتها. كما تخفف من حدة التهاطل المطري المركز وما لذلك من آثار إيجابية على تنظيم الجريان المائي السطحي والباطني، الذي يحد من تبديد التربة ومن انزلاقها خاصة بالسفوح الجبلية والمنحدرات) تؤدي التعرية المائية إلى فقدان سنوي للتربة يقدر ب 20 طن في الهكتار بجبال الريف و5 إلى 10 طن بالأطلس المتوسط والأطلس الكبير( ،ومن ثم الحماية من الفيضانات التي تحدث خسائر بالبنيات التحية والمباني وغيرها، و انجراف التربة والرمال وعدة مواد صلبة و التي تترسب بالأودية وخاصة بالسدود التي تتعرض للتوحل.
فضلا عن كون الغابة تشكل موطنا لمجموعات من النباتات والوحيش من بينها جزء هام مستوطن بالمغرب. كما تحد من سرعة الرياح وبذلك تحد من ترمل الأراضي الفلاحية والتجمعات الحضرية[8].
فمن أهم المبررات الأساسية لتطوير الغابة المغربية وحمايتها من التدهور ما يلي:
التراكم المتزايد للغازات السامة بالجو وخصوصا غاز ثاني أكسيد الكربون، إذ مع بداية القرن الحالي أصبح الجو المحيط بالكرة الأرضية يستقبل سنويا حوالي 30 مليار طن من هذا الغاز مسجلا بذلك زيادة بأربعة أضعاف عما كان عليه في أواسط القرن المنصرم.
مما أدى إلى الارتفاع التدريجي في معدلات حرارة الجو نتيجة الانحباس الحراري، فالأبحاث المناخية تفيد بأن الاستمرار في تراكم الانبعاث الغازي في الجو وفق هذا الإيقاع، نتيجة إصرار عدد من الدول الصناعية الكبرى على عدم تخفيض مستوياتها المرتفعة من هذه الانبعاثات، سيؤدي في نهاية الألفية الثالثة إلى زيادة في حرارة الجو يمكن أن تصل إلى 5 درجات مئوية.
مما يعني تهديدا صريحا للحياة فوق سطح الأرض[9] .
احتداد آثار التغيرات المناخية السلبية على صعيد المعمور، ومن أبرز هذه الآثار: تواتر أكثر للحالات الطبيعية المتطرفة كاتساع دائرة الجفاف زمنيا ومجاليا، ثم التهاطل المطري العنيف والمركز الذي يؤدي إلى فيضانات فجائية، ومخاطر بيئية مختلفة... وبالتالي تدهور الموارد الطبيعية بمختلف أنواعها وما يتبع ذلك من نقص في المياه وفي إنتاج الغذاء وتفشي الأمراض، ثم احتداد الهجرة من الأرياف إلى المدن... وهي مشاكل تزداد حدتها عند البلدان الفقيرة.
الانتشار المتزايد لمختلف أنواع التلوث عبر أرجاء المعمور لأن التلوث بطبيعة الحال يتحرك دون اعتبار للحدود الترابية، وذلك تحت تأثير حركية المكونات الطبيعية كالتيارات الهوائية والمائية وحركات المد والجزر، ثم كذلك تحت تأثير عولمة الاقتصاد وتبادل السلع والمنافع على نطاق دولي واسع، علما بأن عمليات محاربة التلوث سواء منه المحلي أو المستورد أضحت مكلفة جدا. ولذلك فإن أفضل خطة لتجنب، ولو جزئيا، عواقب التلوث المتجول بشتى أصنافه خاصة بالنسبة للبلدان النامية ومن ضمنها المغرب، هي نهج الأسلوب الوقائي بدل أسلوب العلاج الذي لا ينسجم مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهذه البلدان، خاصة وأن معظمها يرزح تحت ضغط تزايد النفقات العمومية بفعل تنامي الحاجيات الضرورية للسكان في تزامن مع ثقل الأزمة الاقتصادية العالمية وغيرها.. ومن البديهي أن الغطاء الغابوي بما في ذلك الأحزمة الخضراء والمنتزهات حول وداخل المدن وخاصة الصناعية، يظل من أقوى المرشحين للمساهمة في هذا الد ور الوقائي[10].
ب- محاربة التصحر
للغابات تأثير واضح في المناخ والحقيقة يوجد مناخ خاص داخل الغابات فهو أكثر اعتدالا من الناحية الحرارية وأكثر رطوبة وأشد انتظاما من مناخ المناطق الخالية من الغابات وتخفف الغابة من حدة الرياح وتساهم في رفع قيمة الرطوبة الجوية بشكل محسوس. وبذلك فهي تعتبر وسيلة فعالة لتفادي خطر التصحر، لذلك نجد أحزمة خضراء تفصل بين الصحراء والأراضي المجاورة لها، وهذا أمر مما لا شك فيه يوقف زحف الرمال .
والتصحر يعبر عن مراحل تده ور معينة في منطقة ما بالمقارنة مع حالتها الطبيعية أو الطاقة الكامنة بها، وأن التطور الزمني لهذه الظاهرة عبر مراحلها المختلفة يرتبط بمكونات البيئة الحيوية والمناخية والأرضية.
وقد عرفت الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر سنة 1994 التصحر بكونه هو تدهور الأرض في المناطق الجافة وشبه الجافة وتحت الرطبة، وينتج عن عدة عوامل منها تغيرات المناخ ونشاط الإنسان.
و قد عقد المؤتمر في نيروبي -عاصمة كينيا- في الفترة الممتدة من 29 غشت إلى 9 سبتمبر1977 و بدت كلمة التصحر كبديل لمصطلحات سابقة )زحف الصحراء (، فكرة زحف الصحراء تعني أن الصحراء تزحف عابرة حدودها الطبيعية لتشمل مناطق أقل جفافا كالأحراش، و حشائش السافانا في النطاقات الجنوبية للصحراء الإغريقية الكبرى.
وضع مصطلح التصحر تصورا مختلفا هو أن الأرض المنتجة خارج الحدود الطبيعية للصحراء تتدهور و تفقد قدرتها على الإنتاج – المحاصيل الزراعية، كلأ المراعي، الغابات، و كل الغطاء النباتي- و تتحول إلى ما يشبه الصحراء شحيحة الإنتاج، أي أن التصحر يصيب أراضي منتجة في الناطق الجافة و شبه الجافة: أراضي زراعات مطرية أو مروية أو أراضي مراع- ، و يكون التدهور في الأول بقعا متباعدة، ما تزال تكبر و تصبح كالرقع المتنامية حتى تتلاقى و تندمج و يتشكل منها نطاقا قاحلا يضاعف إلى صحاري المناطق المناخية إذ تصبح أشبه بها.
مراحل التصحر:
يمكن تلخيص مراحل التصحر فيما يلي:
- تصحر أولي خفيف: يبدأ بظهور بوادر التدهور البيئي الموضعي ممثلا في تغيير كمي ونوعي تراجعي لمكونات الغطاء النباتي والتربة.
- تصحر متوسط: يمثل مرحلة معتدلة من التدهور البيئي ينعكس في انخفاض التغطية النباتية، وتغير في التركيب النباتي، وانحرافات خفيفة للتربة، وتعريتها بسبب الرياح والمياه أو ازدياد ملوحة التربة، ونقص في الإنتاج النباتي يصل إلى حوالي 25% من طاقتها، ويجب أن ينظر لهذه المرحلة بأنها حرجة، ويجب أن يبدأ فيها تطبيق طرق مكافحة التصحر بطريقة فعالة واقتصادية لان التأخير في ذلك يعطي فرصة كبيرة للعوامل المناخية لزيادة معدلات التدهور[11].
- تصحر شديد: تتميز هذه المرحلة بنقص واضح في نسبة النباتات المفيدة، و تحل محلها نباتات أقل قيمة أو ضارة تسيطر على الب يئة، و ازدياد معدل انجراف التربة، و تعريتها و نقص كبير في إنتاجيتها 50 في الم ئة ( ) و ازدياد في الملوحة إلى درجة لا يمكن استمرار زراعتها مما يهيئ فرصة كبيرة لمضاعفة تأثيراتها السيئة على الغطاء النباتي و التربة، و يعتبر استصلاح الأراضي في هذه المرحلة عملية ممكنة و لكنها ستكون بطيئة و تكاليفها عالية.
- تصحر شديد جدا: وهي المرحلة القصوى للتدهور حيث تصبح الأرض جرداء وتنعدم قدرتها الإنتاجية، لان الأرض نفسها تكون قد تحولت إلى كثبان رملية أو حواف أو
مناطق صخرية عارية أو ملاحات، و من الصعب في هذه المرحلة استصلاحها إلا بتكلفة عالية جدا وفي مساحات محدودة.
ويربط الكثيرون بين ظاهرة التصحر وظروف المناخ الجاف بالرغم من أن عملية التصحر تحدث أيضا في المناخ الرطب، ولكنها أكثر وضوحا في المناطق الجافة وشبه الجافة، وبخاصة المناطق المحيطة بالصحراء وشبه الصحراوية، و التي تتراوح بها كمية الأمطار السنوية فيها ما بين100 وأكثر من1000 ملم[12].
إن ظاهرة التصحر ليست جديدة في العالم، فقد عرفت الحضارات المختلفة هذه الظاهرة م نذ القدم، ولكن الشيء الجديد والملفت للانتباه هو السرعة التي أصبحت تنتشر بها حاليا.
2- الدور الثقافي للغابة 
نتيجة لما للغابة من أهمية في الحياة الإنسانية فإن دورها لم يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي والاجتماعي بل تعداه الى أبعد من ذلك ليشمل حتى الطابع الثقافي.
وهذا ما أصبح يعرف اليوم بالثقافة البيئية التي برزت نتيجة لغياب الوعي الفردي والجماعي في التعامل مع البيئة كوسط طبيعي تحيا فيه الكائنات بما فيها الإنسان كمحتضن له، يوفر له الصحة البيولوجية والتوازن النفسي والتوافق مع محيطه، هذه الثقافة غائبة لدى أغلب مواطنينا وربما يتحجج البعض أنها مغيبة حتى من أطراف بإمكانها أن تفعل الكثير من أجل حماية البيئة والمحافظة عليها[13]. 
فقد أولى الإنسان العاقل مند غابر العصور الأولى قدسية للشجرة، لأن حضارته وثقافته انطلقت من خلالها فكانت مصدر قوته ودفئه وظله، ومنها كان سلاحه وبيته ووسيلة تنقله ومحراثه وهي المنطلق لاكتشافاته الحديثة[14].
إن الغابة مصدر للأخشاب والمواد الأخرى التي تلعب دورا هاما في الحياة المعاصرة، علما بأن للغابات فوائد كثيرة نذكر منها:
الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية الطبيعية، حماية التربة من الانجراف، التحسين من قدرة الأرض على استيعاب مياه الأمطار، تثبيت العناصر الغذائية في التربة، تنقية الهواء ،وكذا القيمة الترفيهية والسياحية [15].
وجاء في بيان للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم الدولي للغابات الذي صادف 21مارس من سنة 2015 أن حماية الغابة من مختلف أشكال التدهور يعتبر عنصرا أساسيا للتمتع بالحق في بيئة سليمة و بالتالي، فالدولة تعتبر المسؤولة عما آلت إليه أوضاع الغابات في بلادنا[16].
فالدور الثقافي للغابة له آثار إيجابية متعددة نذكر منها:
أ‌- المساهمة في تطوير العلوم
فأمام التطور العلمي الحاصل اليوم أصبحت الغابة تشكل مختبرا للتجارب العلمية الكيميائية والبيولوجية الجينية وتطعيم الحيوانات والنباتات...، إذ أصبحت الغابة أو ما يعرف بالمحميات، مختبرا وآلية أساسية في التجارب العلمية، وكذا المحافظة على النظام الإيكولوجي للغابة وحماية الحيوانات المهددة بالانقراض.
وتضطلع المحميات بدور مهم من حيث تطوير الوسائل العلمية، والمعدات التي تساعد الباحثين على أداء مهام الحماية والمراقبة، والرصد البيئي لمتابعة سلامة الموارد.
وعلى المستوى الوطني عملت المندوبية السامية للمياه والغابات على وضع برنامج للبحث العلمي داخل الغابات المغربية لرصد تطور غطائها النباتي وثروتها الحيوانية، وذلك للمحافظة على ما يزخر به بلدنا من تنوع بيولوجي، وكذلك العمل المتواصل والدؤوب لتطوير الغابات التي لا تعتبر فقط ثروة طبيعية بل ثروة ثقافية أيضا.
ب‌- المساهمة في تطوير الفنون
تعتبر الغابة مصدر إلهام لجميع الفنون ومصدر إبداع الروح، حيث أن العديد من اللوحات الفنية عبر العالم هي تجسيد للبيئة الطبيعية التي تعتبر الغابة أحد عناصرها.
وهكذا، إن كان الفن هو تجسيد للواقع الذي يعيش فيه الفنان وبيئته، أو تعبير عما يخالجه من شعور، فإن كل هذا مصدره البيئة التي يعيش فيها الفنان.
والبيئة سواء ببعدها الواسع أو الضيق فهي لا تخلو من الأبعاد الثلاثة: البعد الاجتماعي، البعد الاقتصادي، البعد الثقافي والبعد الطبيعي أي البيئة الطبيعية.
وإذا كانت الغابة تعتبر أهم صور البيئة الطبيعية فهي تؤثر لا محال في عمل الفنان وإبداعاته الفنية، سواء كان العمل يتجسد في النحت أو الرسم أو الشعر أو الكتابة وغيرها.

ثانيا: الدور الاقتصادي والاجتماعي للغابة والمخاطر المهددة لها 

تمتاز الغابة بدور مهم في تحقيق التنمية المستدامة سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الاجتماعي. لهذا ارتأينا أن نتناول في هذا الصدد، الدور الاقتصادي والاجتماعي للغابة، ثم بعد ذلك سنتطرق للمخاطر المهددة للغابة باعتبارها قيمة اقتصادية واجتماعية.
1- الدور الاقتصادي والاجتماعي للغابة 
تعتبر الغابات رئة الأرض الحقيقية التي تتنفس بها، وهي أحد أهم المصادر الطبيعية المتجددة التي تقوم بدورها الحيوي على أكمل وجه، في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الضارة الأخرى من الجو وٕاطلاق الأكسجين النقي[17].
ومن ثم أصبحت العناية بالغطاء الغابوي وصيانته تعني المحافظة على الحياة، إذ تشغل الأشجار والنباتات الموقع المركزي ضمن دورة المادة والطاقة في الطبيعة. والغابة بالنسبة للمغرب ليست مجرد موروث طبيعي يتعين صيانته، بل هي أيضا ثروة ثمينة تساهم بشكل فعال في تلبية العديد من متطلبات الحاضر وكسب رهانات المستقبل. ولذلك يجب تقويتها وتطويرها واستثمارها بطرق عقلانية، لصالح التوازنات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية خدمة للتنمية الوطنية المستدامة[18].
فالغابة لها أهمية اقتصادية ثمينة إذ تعتبر مزود رئيسي ليس فقط بالأخشاب ولكن أيضا بالغذاء و يتجلى في الأعشاب المستعملة لصناعة الأدوية والعطور، وهي مجال مناسب لتربية النحل وللاستثمار في السياحة البيئية.. ومن ثم دورها في خلق فرص للشغل وفي تحقيق مداخيل لصالح فئة مهمة من السكان ولصالح الجماعات المحلية، فضلا عن كون الغابات مصدرا أساسيا للكلأ، إذ تستهلك قطعان الماشية المترددة على الغابات بالمغرب حوالي 1.5 مليار وحدة علفية في السنة (تقريبا 17% من حاجيات القطيع الوطني). فالغابة تقدم للأشخاص مجموعة من الخدمات: 
❖ الخشب بأنواعه: خشب الصناعة (الأثاث، كساء الأرض، الجدران، الصناديق ،البركات، أعمدة الهاتف والكهرباء، الأخشاب التجارية) عوارض السكك الحديدية، دعامات المناجم وورش الإسمنت المسلح معامل الورق ألواح الفيبر، أحطاب الوقيد.
❖ الفلين من لحاء الشجر.
❖ الراتنج المستخدم في صناعة الدهانات والأدوية من الصنوبريات.
❖ الفطريات التي تحضر منها الأطباق الشهية لغذاء الإنسان
❖ الثمار كالقطب والكستناء والبندق واللوز والصنوبر الثمري وال خرنوب.
❖ الصيد البري) كالخنازير وحيوانات الفراء والأرانب وطيور الحجل، والبط والإوز وغيره.
❖ الأزهار النادرة التي تنبت بشكل طبيعي والأعشاب الطبيعية.
كما أن الغابة أيضا تعتبر من المصانع الطبيعية الضخمة التي تقوم بواسطتها عملية البناء الضوئي بتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيماوية عن طريق امتصاص غاز ثنائي أكسيد الكربون(co2) واطلاق غاز الأوكسجين(o2). ولا أحد يجهل أهمية الأوكسجين للإنسان والحيوان وهذا ما يفسر لنا مدى ارتباط الحياة الإنسانية بوجود الغابات الطبيعية وبسلامتها[19]. 
وهكذا، فالدور الاقتصادي والاجتماعي للغابة يتجلى في توفيرها لـ 10 ملايين يوم عمل في السنة. لدى فالعناية بالغطاء الغابوي وصيانته، تعني المحافظة على الحياة، إذ تشغل الأشجار والنباتات الموقع المركزي ضمن دورة المادة والطاقة في الطبيعة.
والغابة بالنسبة للمغرب ليست مجرد موروث طبيعي يتعين صيانته، بل هي أيضا ثروة ثمينة تساهم بشكل فعال في تلبية العديد من متطلبات الحاضر وكسب رهانات المستقبل، ولذلك يجب تقويتها وتطويرها واستثمارها بطرق عقلانية لصالح التوازنات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية خدمة للتنمية الوطنية المستدامة[20].
ونتيجة لما تلعبه الغابة من دور هام في حياة الإنسان سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجب الحرص على:
- ضرورة نشر ثقافة المحافظة على البيئة البشرية والطبيعية، بحيث تعي البشرية جمعاء خطورة التلوث البيئي على الإنسان والماء والأرض.
- ضرورة إحترام القوانين والسنن التي سنها ﷲ في الكون لأن محاولة محوها أو تحريفها يضر بالبيئة الطبيعية وبعيش الإنسان.
- الإكثار من حملات التشجير التي لا تحتاج إلى السقي لتكون مصدات طبيعية للهواء المشبع بالتلوث البيئي خاصة أن هناك أنواع من الأشجار لها قدرة امتصاص المياه الجوفية الموجودة في باطن التربة [21].
إضافة لما سبق، نجد أن للغابة دور ترفيهي أيضا لكون المغاربة مولعون بالغابة ويترددون عليها بكثرة حيث تتخذ كمنتزهات للراحة والاستجمام، ولممارسة بعض الأنشطة الرياضية، وللمساعدة على معالجة بعض الأمراض التي تصيب الإنسان وخاصة أمراض الجهاز التنفسي والجهاز العصبي. كما تشكل الغابة فضاء يلجأ إليه سكان الحواضر للترفيه عن النفس
وللتخلص من الضوضاء وحياة الازدحام بالمدن ولو لمدة وجيزة.
وللإشارة، نجد أن الإستراتيجية الجديدة للمياه والغابات تعتمد على نموذج تدبير مندمج، ومستدام ومنتج للثروة، يهدف إلى جعل الغابة فضاء للتنمية، وضمان تدبير مستدام للموارد الغابوية، واعتماد مقاربة تشاركية تشرك المستعملين، وتعزيز القدرات الإنتاجية للغابات والمحافظة على الموروث الغابوي. وترتكز الإستراتيجية الجديدة على أربعة محاور:
مقاربة تشاركية :
تهدف الإستراتيجية إلى خلق نموذج جديد بمقاربة تشاركية يكون السكان أول شريك في تدبيره، ويهم بالخصوص إحداث أكثر من 200 منظمة محلية لتنمية الغابات، وإنشاء شبكة جديدة للتنشيط الترابي تضم أكثر من 500 منشط، وإحداث هيئة جهوية للغابات، والتنسيق مع الفاعلين المحليين في تدبير شؤون الغابة، من خلال المجلس الجماعي للغابات، وتعزيز مصداقية المجلس الإقليمي للغابات.
الاستثمار الخاص :
العمل على تدبير وتطوير الفضاءات الغابوية، حسب مؤهلاتها، عبر عدة برامج، أهمها تشجيع الاستثمار الخاص على مساحة 120 ألف هكتار، وتهيئة وتثمين شبكة المنتزهات الوطنية العشرة، ومحاربة التصحر.
المهن الغابوية :تطوير وتحديث المهن الغابوية عبر رقمنتها، ويشمل برامج تهم إنشاء مشاتل غابوية حديثة بمواصفات عصرية بشراكة مع القطاع الخاص، بما يضمن الحفاظ على الخاصية الوراثية للغابات، وإفساح المجال للقطاع الخاص لإن تاج شتلات الأشجار الغابوية.
الإصلاح المؤسساتي :
إعادة هيكلة التنظيم المؤسساتي عبر إحداث وكالتين لتدبير الملك الغابوي، وتدبير المنتزهات الوطنية، وتأهيل الموارد البشرية وإنشاء قطب للتكوين والبحث.
وتسعى الإستراتيجية إلى رفع التحديات التي تواجه الغابة المغربية وتأهيلها لجعل القطاع أكثر تنافسية وعصرنة، تقوم على مصالحة المغاربة بمختلف شرائحهم، مع المجال الغابوي ،انطلاقا من خمسة توجهات تهدف إلى جعل الغابات مجالا للتنمية، وضمان التدبير المستدام للثروة الغابوية، واعتماد مقاربة تشاركية مع المستعملين، وتقوية القدرات الإنتاجية للغابات ، وحماية التراث الطبيعي.
فبالرغم من أن للغابة أهمية قصوى في التنمية المستدامة، وتشكل جزءا مهما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي إلا أنها مهددة بمجموعة من المخاطر، وجب من أجل تلافي هذه المخاطر احترام مجموعة من الشروط من أجل إنقاذ الغابة من أي تدهور، وهذا ما سنتطرق إليه فيما يلي:
2- المخاطر المهددة للغابة 
تعددت العوامل المساهمة في تدهور الغابات، فمنها ما هو راجع لعوامل بيئية ومنها ما هو راجع لعوامل مناخية ومنها كذلك ما هو راجع إلى عوامل بشرية: كالقطع العشوائي للأشجار، الحرائق، الرعي الجائر، الآفات والأمراض، المقالع العشوائية، التوسع العمراني والنزوح ،التوسع الزراعي على حساب الغابات، النقص في الوعي البيئي، التغيرات المناخية، الحروب ،الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك عدم احترام القانون. مما أدى إلى تراجع غطاء الغابات بشكل أصبحت تغطي مساحة إجمالية تقل بكثير عن المساحة التي كانت تغطيها في زمن بغير بعيد.
وبالنسبة لأسباب التصحر، فتفيد التقارير بأن النمو السكاني يحتل المرتبة الأولى ويليه الري الزائد ثم الأساليب القديمة في الزراعة واستعمال الأسمدة والمبيدات الكيميائية والتملح والتوسع الصناعي.
وعليه، يمكن تلخيص العوامل الأساسية التي تؤدي إلى تراجع الغطاء الغابوي في ما يلي:
- الضغط الرعوي الذي يعيق التجديد الطبيعي لمختلف أصناف النباتات والأشجار؛
- الاجتثاث العشوائي من قبل السكان المحليين من أجل تلبية حاجياتهم المختلفة؛
- القطع المفرط من لدن أصحاب الصفقات التجارية، وفي هذا السياق تلجأ بعض الجماعات المحلية إلى الضغط على الغابة للحصول على الموارد المالية دون الحرص على التشجير لضمان استمرار هذه الموارد؛
- الحرائق وانتشار الأمراض والطفيليات التي تتزايد حدتها تحت تأثير الجفاف سوء التقدير الكبير للشجرة من طرف المستفيدين منها نتيجة قلة الوعي بدورها كحليف للإنسان في معركته المتواصلة من أجل توفير الغذاء وفي معركته ضد التلوث وضد التوتر العصبي الذي يميز الحياة العامة خاصة بالمدن الكبيرة التي ترتفع فيها الكثافات السكانية.
ولإنقاذ الغابة المغربية من التدهور والاندثار التدريجي فمن الضروري القيام ببعض الحلول منها:
- التحديد الكامل للملك الغابوي وتحيين التشريعات المتعلقة بتنظيم وتدبير واستغلال هذا القطاع؛
- تنظيم حملات للتحسيس بأهمية الشجرة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية، تشارك فيها م ختلف الأطراف المستفيدة من الغابة؛
- تنظيم أوراش كبرى للتشجير بمختلف المناطق بما في ذلك المناطق المحاذية للمدن وخاصة الصناعية، يجند لها ما يكفي من الطاقات المادية والبشرية، مع ضرورة إشراك السكان المحليين في هذه العمليات لتضمن لها نسبة من النجاح؛
- بلورة خطة مندمجة لتهيئة وتنمية المساحات الغابوية تراعي في نفس الوقت حماية توازن البيئة الغابوية وأيضا توازن مستوى عيش السكان الذين يعيشون بمحيط وبداخل الغابة حتى لا يضطرون للاعتداء على مواردها.

الخاتمة :
إن المجال الغابوي بالمغرب مكون أساسي ضمن مكونات توازن التراب الوطني، لكن مستقبله مهدد بمزيد من التدهور، إذا لم يعالج بمنظور جديد يأخذ في الاعتبار كل معطيات الواقع الاجتماعي والاقتصادي والبعد السياسي والثقافي لهذا المجال معتبرا الغابة عاملا أساسيا في التنمية المستدامة محليا وجهويا ووطنيا.
إن البلد الذي لا تعطى فيه العناية الكاملة للشجرة، ويتعرض غطاؤه الغابوي إلى التراجع والاندثار، فإنه لا يعرض فقط أمنه الغذائي واقتصادياته لمختلف المخاطر، ولكنه يعرضه أيضا للجفاف بكل أنواعه بما في ذلك من جفاف النفوس والعقول.
ولهذا يتوجب على الدولة إتخاد الإجراءات والقرارات التالية لحماية وصون الغابات:
• الحرص على تطبيق التشريعات الدولية والمحلية الملزمة والرامية إلى حماية الغابات؛
• اتخاذ الإجراءات الرامية إلى حفظ الأنواع النباتية المهددة بالإنقراض والموجودة في الغابات؛
• منع كافة الأعمال التي تلحق الضرر بالغابات مثل الرعي، الإحتطاب، إقام ة المخيمات، رمي النفايات وإشعال النار داخل الغابة..…؛
• نقل كافة المشاريع الصناعية الملوثة والقريبة من مناطق الغابات إلى مناطق بعيدة عنها بهدف حماية الغابات من كافة أشكال التلوث الناتج عن تلك المصانع؛
• وضع حراسة منظمة ومتنقلة في مناطق الغابات تردع كل شخص يلحق الضرر بالغابة عبر تعزيز دور الأمن الغابوي؛
• القيام بعمليات الإستزراع من جديد للمناطق المتضررة من الغابة بأشجار جديدة من نفس النوع؛
• نشر الوعي الثقافي بين أفراد المجتمع والذي من خلاله يبين أهمية وفوائد الغابات لصحة الإنسان والبيئة وذلك في كافة وسائل الإعلام. 
---------------------------
الهوامش :
[1] الياس أبو جودة: التنمية المستدامة وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ،العدد 78 - تشرين الأول 2011 .
[2] يقصد بالمواد الحرجية منتجات غير خشبية صالحة للأكل أو كنباتات طبية أو مكملات غذائية أو نباتات للزينة كالزهور وغيرها
[3] محمد سليمان عبيدو، مقال منشور بمجلة جامعة دمشق للعلوم والزراعة، سنة 2000، المجلد 12، ص 13.
[4] جوز يه غراز يانو داسيلفاال :أبعد من الأشجار :الغابات عنصرا أساسي للتنمية المستدامة لكاتبه :المدير العام لنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاوا ) مقال منشور بالموقع الإلكتروني"الحياة " بتاريخ 07 سبتمبر 2015.
[5] دوجلاس موسشيت، "مبادئ التنمية المستدامة، " ترجمة بهاء شاهين، الدار الدولية للإستثمارات الثقافية، القاهرة، 2000، ص .17.
[6] Report IUCN“ ,The International Union for Conservation of Nature ,”Washington D.C, 1980, p. 14-20 .
[7] تقرير منظّمة الصحة العالمية، العمل معاً من أجل الصحة، جنيف، 2006، ص:8-10
[8] مقال تحت عنوان "الغابة المغربية -الوضعية والآفاق-"، منشور بموقع إلكتروني: www.bayanealyaoume.press.ma، ص 1.
[9] علي زین العابدین، تلوث البیئة ثمن للمدینة، المكتبة الأكادیمیة، القاھرة، 1991 ، ص62.
[10] عبد الرجیم حومي،إشكالیة تطور القطاع الغابوي:الواقع، الحلول و الأفاق.2014،ص 20.
[11] .http://www.zira3a.net/articles/forests.html تحت الرابط http://www.zira3a.net مقال منشور بموقع:
[12] رابطة الفكر والإیداع بولایة الوادي الجزائر، الثقافة البیئیة... لبعد الغائب، 2011 ، ص52.
[13] رابطة الفكر والإیداع بولایة الوادي الجزائر، الثقافة البیئیة... لبعد الغائب، 2011 ، ص52 .
[14] رابطة الفكر والإیداع بولایة الوادي الجزائر، مرجع سابق، ص54.
[15] علي زین العابدین ،م.س ، ص60 وما بعدھا.
[16] بیان الجمعیة المغربیة للحقوق الإنسان بمناسبة الیوم الدولي للغابات 21 مارس 2015.
[17] http:www.wiraa.net مقال منشور بموقع
[18] أحمد الجلاد، التنمیة والبیئة في مصر، الھیئة المصریة العامة للكتاب، القاھرة، 2001 ص92.
[19] .http://www.zira3a.net/articles/forests.html مقال منشور بموقع http://www.zira3a.net :تحت الرابط
[20] مقال تحت عنوان "الغابة المغربية -الوضعية والآفاق-"، م.س، ص 2.
[21] بیان المنظمة العالمیة لزراعة والتغذیة بمناسبة الیوم الدولي للغابات الذي یصادف 21 مارس من كل سنة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -