القوة الثبوتية للمحررات الثابتة التاريخ

مقال بعنوان: القوة الثبوتية للمحررات الثابتة التاريخ

القوة الثبوتية للمحررات الثابتة التاريخ

مقدمة : 
يعتبر االتوثيق أحد الدعمات الأساسية في مجال التصرفات العقارية ويشكل الركيزة الأساسية في إثبات المعاملات العقارية ،حيث به تظبط الحقوق وتصان من الضياع والنسيان ،وقد عرفت الساحة التشريعة مؤخرا مستجدات وتطورات ملحوظة على مستوى التشريعات المرتبطة بتوثيق التصرفات العقارية حيث حظيت بإهتمام من طرف المشرع سواء على مستوى المهن المتداخلة في ميدان التوثيق ،أو على مستوى إصدار تشريعات جديدة تروم إلى تضييق اللجوء إلى المحررات العرفية.
فالمواضيع المتعلقة بالإثبات ،من المواضيع الكلاسيكية بإعتبارها نالت حظا وافرا من كتابات الفقه وتكونت بخصوصها تراكمات قضائية تحولت مع الوقت إلى قواعد قانونية وبعضها الأخر مازال عبارة عن إجتهادات قضائية تسعى إلى سد الفراغ أو توضيح الغموض أو حتى تغيير النص الذي يقبل أكثر من تأويل.
غير أن موضوع الإثبات يفرض نفسه كموضوع للدراسة من خلال مجموعة من المنطلقات أولها حداثة الوسائل والتقنيات المتعامل بها والتي تبعث مجموعة من التساؤلات والإشكالات للمناقشة ،والأصل أن الإتباث هو إيجاد دليل على قيام تصرف قانوني أو واقعة مادية بين المكلف بالإثبات وخصمه.
فإلى جانب وسائل الإثبات المعتمدة كاليمين وشهادة الشهود والإقرار والخبرة ،سنخصص هذه الدراسة للمحررات الثابتة التاريخ والتي لم تحظى بتعريف من قبل المشرع على إعتبار أن مسألة التعريف من عمل الفقه حيث عرفها بأنها "الورقة العرفيةهي التي تصدر من ذوي الشأن بوصفهم أشخاصا ماديين ويوقع عليها أحدهم لأن تكون دليلا كتابيا " وما يشترط في الورقة العرفية المعدة للغثبات هو الكتابة والتوقيع .
فهذه المحررات تكتسب عند توفرها على كافة الشروط القانونية حجية على ماضمن فيها في موتجهة الأطراف وكذا في مواجهة الغير بمجرد تصحيح الإمضاءات لدى مصلحة الظبط التي يعمل فيها المحامي.
إن مسألة توثيق التصرفات العقارية بالمغرب مرت عبر عدة محطات تشريعية عبر فيها المشرع عن تدرجه في تعميم رسمية المحررات المتبثة للتصرفات العقارية ،لكن يبقى القانون 08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية أهم محطة تشريغية حاول المشرع من خلالها جمع شتات القواعد القانونية المطبقة على العقارات وتوحيدها بالمغرب وتعزيز مكانة التوثيق في مجال العقار خاصة من خلال المادة 4 من مدونة الحقوق العينية والتي تعد من الأحكام الامة لتوثيق التصرفات العقارية.
يكتسي موضوع المحررات الثابتة التاريخ أهمية بالغة لما يحققه من إستقرار للمعاملات العقارية بين المتعاملين بالنظر للأهمية التي تكتسيها حجية المحررات حيث بمجرد التوقيع عليها من الأطراف وكذا المحامي والمصادقة عليها من طرف رئيس مصلحة كتابة الظبط يكتسب حجية في مواجهة الأطراف وكذا الاغيار .
أما من الناحية العملية فالمحرر الثابت التاريخ يكتسي أهمية كبرى نظرا لما يتمتع به سير للمساطر والإجراءات وقلة التكاليف التي تتقل كاهل المتعاقد وذالك عكس الورقة العرفية.
وعلى هذا الاساس يتمحور الإشكال التالي:
إلى أي حد إستطاع المشرع المغربي بإقراره للمحررات الثابتة التاريخ إثبات المعاملات العقارية في ظل وضعية يتقدم فيها الواقع على القانون ؟
بناء على ماسبق وجوابا عن الإشكال المطروح سنحاول معالجة هذا الموضوع من خلال التصميم التالي: 

المطلب الأول :دور المحررات الثابتة التاريخ في الإثبات
المطلب الثاني :حدود القوة الثبوتية للمحررات الثابتة التاريخ 


المطلب الأول : دور المحررات الثابتة التاريخ في الإثبات 

نص الفصل 424 من ق.ل.ع على أن "الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه ،يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419 و420 من ق.ل.ع عدا ما يتعلق التاريخ " حيث يترتب على المحررات الصادرة عن المحامي وفق ما يقتضيه القانون مجموعة من الأثار أهمها الإحتجاج بمضمونها والتاريخ المضمن فيها في مواجهة الأطراف وخلفائهم (الفقرة الأولى ) وكذا الأغيار(الفقرة التانية ) .

الفقرة الأولى :حجية المحرر الثابت التاريخ في مواجهة الأطراف وخلفائهم 

فإن المحرر الثابت التاريخ يأخد حكم المحررات العرفية مادام هذه الأخيرة يسري عليها ما يسري على المحررات الرسمية متى إعترف المتمسك بها ضده.
أولا : حجية المحرر الثابت التاريخ في مواجهة الأطراف 
إن إكتساب المحرر الثابت التاريخ لحجيته القانونية في مواجه المتعاقدين يتوقف على إقرارهم الصريح بما يتضمنه من توقيعات وبيانات من خلال المصادقة والإشهاد عليها أمام السلطات المحلية وطالما أن الأمر ،فإنه لا يجوز إثبات ما يخالف دليلا كتابيا إلا بدليل كتابي ،وذلك ما يتعلق الامر بالغش حيث يتم الإستعانة بجميع وسائل الإثبات الممكنة.
حيث في كلتا الحالتين تعتبر الوثيقة الرسمية لايجوز الطعن فيها إلا بالزور لكن هذا الأمر لا يطال التاريخ وهو ما أكده المجلس الأعلى سابقا رقم 138 بتاريخ 22 أبريل 1977 ، وقد طرح سؤال حول كيف يمكن اعتبار الورقة العرفية في حكم المعترف بها قانونا؟
تصدى المشرع لهذا الإشكال فأوجد له حلا سدا لكل تأويل خاطئ أو غير صحيح، حيث جاء في الفصل 231 "يجب على من لا يريد الإعتراف بالورقة العرفية التي يحتج بها عليه أن ينكر صراحة خطه أو توقيعه، فأن لم يفعل اعتبرت الورقة معترف بها " ،وعليه فإذا وجد نزاع معروض على القضاء وجب على من في مصلحته تنحية الورقة أن بنكر توقيعه أو خطه وإلا اعتبرت في حكم المعترف بها مما يجعلها تكتسي نفس القوة الإتباتية للمحرر الرسمي، بمعنى أنه يمكن رد ما فيها إلا عن طريق الزور، ويسري نفس الحكم في حالة اعتراف البائع ، ولربما يذخل التوقيع المصادق عليه أيضا في خانة ما وصفه المشرع المغربي في خانة المعترف بها قانونا مادام أنه لا يمكن إنكاره إنما ينبغي إتباع مسطرة الطعن بزورية شهادة الموظف العمومي .
ثانيا : حجية المحرر الثابت التاريخ في مواجهة الخلفاء 
طالما أن المحرر العرفي حجته على صاحبه متى إعترف به فإن ذات الحجة تنصرف إلى خلفه مالم يصرح بأنه لا يعرف خط او توقيع من تلقى الحق منه طبقا للفصل 431 من ق.ل.ع دون شرط تعزيز قوله باليمين .
من خلال الاستناد إلى الفصلين 424 و 425 من ق. ل. ع يتضح أن المشرع المغربي نظم حجية تاريخ الورقة العرفية من خلال قاعدة ذات شطرين، أحدهما يفيد أن تاريخ الورقة العرفية حجة بين المتعاقدين، وثانيهما أن هذا التاريخ لا يكون حجة على الغير، إلا إذا كان ثابتا،وبذلك فحجية المحرر العرفي إزاء المتعاقدين من حيث تاريخه تتحدد بما هو مضمن بالعقد ،وهو ما أشار إليه الفصل 425 من ق. ل. ع " الأوراق العرفية دليل على تاريخها بين المتعاقدين... " وبذلك لا يجوز إثبات ما يخالف التاريخ الموجود في المحرر إلا عن طريق الكتابة عملا بمقتضيات الفصلين 22 و 444 من ق. ل. ع، ونفس الأمر يسري حتى على ورثة المستهلك وخلفه الخاص حينما يعمل كل باسم مدينه. 

الفقرة الثانية : حجية المحرر الثابت التاريخ في مواجهة الدائنين والأغيار 

إذا صدرت هذه المحررات وفق الشكل والمضمون المحدد قانونا فإنها تصبح لها قوة ثبوتية في مواجهة الكافة .
أولا : حجية المحرر الثابت التاريخ في مواجهة الدائنين 
رغم أن الدائن في هذا المقام لا يعتبر لا خلفا خاصا أو عاما إلا أنه يتأتر بطريقة غير مباشرة بشتى التصرفات التي يبرمها مدينه والتي تأثر على ضمتن الممنوح إليه بقوة القانون ،الفصل 1241 من ق.ل.ع الذي نص على أنه "أموال المدين ضمتن عام لدائنيه وينتزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل واحد منهم مالم توجد بينهم أسباب قانونية للأولوية "كما لو قام ببيع إحدى عقاراته بمقتضى محرر ثابت التاريخ.
الأمر الذي يخول للدائن إمكانية الحجز على أموال مدينه ضمانا لحقه في ذلك من جميع وسائل الإثبات في إقامة الدليل على وجود حقه ولو كان من ضمنها محرر عرفي، انطلاقا من التاريخ المضمن فيه.
فأهمية تنصيص المشرع على تبوث تاريخ المحرر الصادر عن المحامي القبول للترافع تظهر في كونه يحمي الأغيار من العلاقة التعاقدية من كل تحايل في التاريخ من شأنه أن يحرم أحد المتعاقدين من حقوقه، ذلك أن المصادقة على إمضاءات الأطراف والتعريف بإمضاء المحامي يجعل من التاريخ ثابتا ويضفي عليه طابع الرسمية مما لا يمكن معه الطعن إلا بالزور.
ثانيا : حجية المحرر الثابت التاريخ في مواجهة الأغيار 
يشمل الغير في هذا المقام كل شخص ما عدا المتعاقدين وخلفائهم والدائنين ومن تم الذين يحتج بتاريخ الورقة المحررة من قبل المحامي.
ومن تم فإنه لا يحتج بتاريخ الورقة في مواجهة الأغيار إلا إذا كان ثابتا طبقا للفصل 425 من ق.ل.ع وعلة ذلك تتجلى في حماية الغير من تواطئ في تقديم التاريخ أو تأخيره ، ولأجل ذلك يعمل الأطراف عادة على تصديق إمضاءاتهم في أقرب وقت لأجل ثبوت التاريخ وإنصراف أثار العقد تجاه الأغيار .
إن إضافة المشرع لمسته التحسينية التي طالت المحرر العرفي في إطار المادة 4 من م. ح . ع .تمثلت في بعض الشكليات والإجراءات التي تتكامل فيما بينها للرفع من حجية المحرر الصادر عن المحامي تشجيعا لمستهلك العقار لاعتماد المحام المقبول للترافع أمام محكمة النقض كمحرر لعقوده، ومن بين المقتضيات القانونية نحد تنصيص المشرع على مسألة ثبوت التاريخ كشرط من المحرر الصادر عن المحامي، كما نجد أنه اتبع تنصيص على توقيع العقد من أطرافه والتأشير عليه ونفس الأمر بالنسبة لمحرر العقد، باستلزام تصحيح إمضاءات الأطراف لدى السلطات المحلية المختصة والتعريف بإمضاء المحامي لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية المختصة .

المطلب الثاني: حدود القوة الثبوتية للمحررات الثابتة التاريخ 

سنتطرق من خلال هذا المطلب إلى بعض مظاهر قصور المحررات الثابتة التاريخ فيما يخص (الفقرة الأولى) ثم إشكالات التي يثيرها المحرر الثابت التاريخ من حيث الإثبات (الفقرة ثانية) بالإضافة إلى طرق الطعن فيه (الفقرة الثالتة).

الفقرة الأولى : بعض مظاهر قصور المحررات الثابتة التاريخ 

إن الإتجاه الذي يتخده المشرع في مجال المعاملات العقارية والتصرفات الواردة عليها ،عكس العديد من التشريعات المقارنة ،هو إتجاه مرن نوعا ما ، ذلك أنه لم يضع أي قيد على نوعية العقود والوثائق الممكن إعتمادها كوسيلة للإثبات كإشتراط الكتابة ودونما إشتراط لزومها على توقيع من لدن الموثقين مختصين ،على الرغم من أهمية وخطورة التصرفات التي ترد على العقارات بوجه عام، والمحفظة منها بوجه خاص ذلك أن الفصل 489 من ق.ل.ع ينص بصريح العبارة على أنه "إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عينية عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن يجري المبيع كتابتا في محرر ثابت التاريخ لا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون"
وفي هذا الإطار نجد أن المحافظ العقاري في ظل التشريع المغربي ، يكون لزاما عليه قبول جميع العقود والمحررات المنشئة أو الناقلة للحقوق العينية سواء ورد في العقد المحرر في شكل رسمي أو في شكل عرفي .
وإذا كان هناك عوامل عدة قد أسهمت في إنتشار العقود والمحررات العرفية بشكل كبير ومهول كسهولة إبرامها في وقت وجيز وضعف تكلفتها المادية إذ ما يتطلبه الكاتب العمومي أو المحامي من مقابل مادي هو قليل جدا مقابل ما يتطلبه تحريرها من قبل الموثق العصري أو العدلي ، فإنه من الناحية العملية غالبا ما يتولد في الساحة العقارية عقود ذات صياغة ناقصة يشوبها الخلط والالتباس وتنقصها الدقة اللزمة ،مما ينتج عنه أثار سلبية سواء بالنسبة لحقوق الأطراف ،أو بالنسبة للنظام العقاري بشكل عام.

الفقرة الثانية : الإشكالات التي يثيرها المحرر الثابت التاريخ من حيث الإثبات 

المشرع المغربي لم يمنع ثوتيق المعاملات العقارية الواردة على العقار بصفة عامة والعقار المحفظ بصفة خاصة ،من تضمينها في محررات وعقود عرفية ،فكل ما هو مطلوب أن تأتي مكتوبة وموقع عليها بتوقيع مصادق عليه ،كما يؤكد ذلك الفصل 73 من القانون 07-14 الخاص بالتحفيظ العقاري.
وإذا كان المشرع المغربي لا يشترط ضرورة توثيق المحررات في شكل رسمي أي من طرف موثق أو عدل عكس الدول التي تأخد بنظام الشهر العيني كألمانيا وسويسرا ،فإنه يترتب على هذا الوضع القانوني بالمغرب عدة سلبيات يطبع إجمالا التعامل بالعقود العرفية في المعاملات العقارية التي تتضمنها ويمكن إيراد أهم هذه السلبيات:
- أن اللجوء إلى تحرير العقود العرفية يسفر في حالات كثيرة عن نتائج كارثية قد يضيع معها حق الملكية ، بإعتبارها تبقى عقود ناقصة ويعتريها الغموض والإبهام ويطالها النقص في الدقة.
- أن تصحيح التوقيعات في المحررات العرفية ينصب على التوقيع على غير ولا ينصرف إلى مضمون العقد، لأن التصديق لا يعد كافيا لذاته فهو لا يؤكد صحة الإلتزام الثابت في الورقة.
- للمحررات العرفية قوة نسبية فقط في الإثبات ، وبالتالي فإنها كثيرا ما تواجه بالإدعاء بالتزوير.
- أن عدم تسجيل المحرر الثابت التاريخ ، إما لعدم تحديد الهوية مثلا أو عدم المصادقة على التوقيع ، إذ يجعل أثار العقد العرفي غير سارية لا في مواجهة المتعاقدين ،ولا في مواجهة الغير.
- التعامل بالعقود العرفية في الميدان العقاري ينعكس سلبا على التحصيل الضريبي، إذ هذا النوع من العقود أصبح يعد ملاذا أمنا لتهرب المتعاملين به من أداء مستحقات الضريبة مما يفوت على الخزينة العامة للدولة موارد جد هامة.
- الجانب المتعلق بهوية الأطراف وأهليتهم : بإعتبار المتعاقدين يشكلان طرفي العلاقة التعاقدية فالتعريف بهما يعد إلزاميا تجنبا لأي لبس أو تشابه في الأسماء ، هذا ما دفع المشرع بإلزام العدل والموثق بإبراز البيانات اللازمة تحديدا لهوية الأطراف و أهليتهم بخلاف ما ليه الحال بالمحررات العرفية مما جعلها تعاني في بعض الأحيان من نقص في هذا المضمار ،لكون محرري هذه الأخيرة لا يعيرونها الإهتمام اللازم لكونهم يدرجون ألقابهم التي تخاف تمام أسمائهم الواردة في بطاقتهم الوطنية ودفاتر حالتهم المدنية.
أما بخصوص الأهلية فإن محرري العقد في بعض الأحيان يغفل إدراج تاريخ إزدياد المتعاقدين، مما يؤدي إلى وجود محررات عرفية موقعة من طرف القاصريين ، كما يمكن إغفال المهنة ومحل الإقامة والجنسية إما بسبب النسيان أو التعمد لإعفاء المتعاقد من بعض التراخيص التي يكون ملزم بالحصول عليها لإبرام بعض الإتفاقيات.

الفقرة الثالتة : طرق الطعن في المحرر التابث التاريخ 

إن المحرر الثابت التاريخ يطعن فيه بالزور وإنكار الخط والإمضاء أو بصمة الأصبع فدعوى التزوير يلجأ إليها في المحررات الرسمية والعرفية أما الأنكار فلا يرد إلا على المحررات غير الرسمية 419 و 431 من ق. ل. ع وتبعا لذلك سوف نتناول دعوى التزوير (أولا) ثم دعوى الإنكار (ثانيا)
أولا : دعوى التزوير في المحررات العرفية
التزوير هو تغيير الحقيقة والتزوير قد لا يحتاج إلى دعوى، وقد تحتاج فيه إقامتها فإما أن يدعي من يحتج عليه بالمحرر أنه مزورا وإما أن تقتنع المحكمة نفسها بأن المحرر مزور دون أن يدعي أحد أمامها ذلك والحالتان معا تناولتهما المواد من 49 إلى 59 والفصول من 89 إلى 102 من قانون م. م. ومجمل إجراءات الحالة الأولى ،وهي ما إذا كانت هناك دعوة تزوير أن الذي يدعي تزوير المحرر هو الذي يتحمل الإثبات وليس المتمسك بالمحرر ، ويشترط لقبول دعوى الزور ثلات شروط هي:
1-أن يتم الإدعاء بأن المحرر مزورا.
2-أن يتم الإدعاء بالزور في دعوى أصلية قائمة .
3-أن يكون الإدعاء في الزور منتجا للنزاع .
وفي هذا الإطار جاءت محكمة النقض في قرا لها : " أنه لا يكفي لعدم حجية الورقة العرفية المشهود على صحة التوقيع الوارد فيها مجرد إنكار الشخص توقيعه، بل يتوجب عليه الطعن فيها بالزور لإثبات ما يعاكس إشهاد الموظف العمومي المكلف بتصحيح الإمضاء بأن التوقيع الذي تحمله الورقة صادر عن الشخص المنسوب إليه ومنجز بيده "
وجود اختلاف ظاهر بين الإمضاء والمصحح وتوقيع آخر لنفس الشخص ليس دليلا على زورية الأول، إذ أنه من المحتمل تغيير الشخص لتوقيعه عن قصد بغاية التدليس أو الغش 
ثانيا: دعوى الإنكار في المحررات العرفية 
الورقة العرفية عموما تتكون من عنصرين:
العنصر الأول يتمثل في المضمون الذي قد يكون مكتوبا بخط يد الملتزم أو بخط غيره، كما قد يكون مكتوبا بغير خط اليد.
العنصر الثاني المتمثل في التوقيع وهو الشكل الغير الإعتيادي الذي يضعه الملتزم بنفسه أو من يقوم مقامه أسفل الورقة العرفية كدلالة منه على نسبة المضمون إليه.
ويعتبر كل من إنكار الخط وعدم معرفة الخط طعنان يتحدان في موضوعهما وهو الخط إلا أنهما يختلفان في صفة الطاعن ،ذلك أن إنكار الخط يثار من قبل ورثته وخلفائه طبقا للفقرة الثانية من الفصل 431 من ق. ل. ع ومن ثم فهذا الطعن لا يستلزم توكيل في حالة إتارثه.
وتبعا لما سبق إذا أنكر من احتج عليه بمحرر عرفي خطه أو إمضاءه أو ختمه وبصمة أصبعه أو خلف وارته أو خلفه على أنه يعلم بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع لمورثه كما سبق وكان المحرر منتجا في النزاع وتبين للمحكمة صحة الورقة أو تزويرها حكمت بما تبين لها من الصحة أو عدمه، دون أن تأمر بالتحقيق فالمحكمة غير ملزمة بالتحقيق ،بل لها السلطة التقديرية الكاملة في إجراء التحقيق من عدمه.
فإذا لم تكف مستندات الدعوى لتكوين عقيدة المحكمة في شأن الخط أو الإمضاء أو بصمة الأصبع ولا في شأن تزوير ما ذكر امرت حينئذ بالتحقيق وهذا الفصل 89 من م. م وعبء الخطوط يقع على المتمسك بالمحرر لا على الذي ينكره بينما يقع عبء إثبات التزوير على مدعيه وهو الفرق بين الإدعاء بالتزوير والإنكار.

خاتمة : 
وخلاصة القول أن المشرع المغربي أحسن صنعا عندما حصر الجهات التي تحرر المحررات الرسمية من طرف الموثقين والعدول،والمحررات الثابتة التاريخ من طرف المحاميين المقبلون للترافع أمام محكمة النقض أما المحاميين الغير المقبولين للترافع أمام محكمة النقض وباقي المهن القانونية الأخرى والمنظمة والتي يصرح قانونها بحق توثيق التصرفات فعليهم انتظار القرار المشترك لوزير العدل ووزير الفلاحة والوزير المنتذب لدى وزارة الإسكان والتعمير المحدد للائحة المهن القانونية المقبولة لتوثيق التصرفات العقارية.
ومنه يمكن القول أن إيجاد مؤسسة توثيقية قادرة على منح المحررات الثابتة التاريخ قوتها الثبوتية يكمن في منح أشخاص لهم كفاءة عالية ،مهمة تحرير المعاملات العقارية وهذا ما تم تأكيده من خلال المادة 4 من مدونة الحقوق العينية .
لكن ما يعاب على المادة 4 من نفس القانون بعدما وقفنا على مجموعة من المقتضيات أنه هناك مجموعة من الإشكالات المثارة من خلال هده المادة من بينها ما يرتبط بموضوعنا من حيث الحجية في الإثبات فهي لا ترقى إلى الحجية الرسمية التي تكون قاطعة في الإثبات بمجرد التوقيع عليها، بينما المحرر الثابت التاريخ فحجيته تبقى نسبية في الإثبات حيث يطعن فيها بجميع طرق الطعن.

إقتراحات وتوصيات : 
- تعديل المادة 4 من م.ح.ع لتحديد المفهوم الدقيق للمحرر الثابت التاريخ على غرار المحرر الرسمي وذلك سدا لباب التأويلات التي ستؤدي إلى إبقاء تضارب الآراء بخصوص هذه الطبيعة.
- إصدار مرسوم تطبيقي لمدونة الحقوق العينية لا سيما فيما يتعلق بالمادة 4 منها ، لتحديد العقود التي يحررها المحامي بدقة ،وكذا بيان إلتزامه و واجباته بشأن هذه العقود وتلقيها ، حماية للأطراف.
- العمل على تعديل الفصل 489 من ق.ل.ع لجعله قادرا على استيعاب المفاهيم والتقنيات الحديثة لتحرير العقود ،وسد باب التأويلات التي تثار بهذا الخصوص.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -