عنصر الأجر طبيعته وإشكالية إثباته

عرض بعنوان: طبيعة الأجر في القانون المغربي وإشكالية إثباته PDF

عرض بعنوان: طبيعة الأجر في القانون المغربي وإشكالية إثباته PDF

مقدمة:
يعتبر الأجر عنصر من عناصر عقد الشغل الضرورية والذي بدونه لا يمكن الحديث عن عقد الشغل، ونظرا لأهمية هذا العنصر فإن جل قوانين الشغل المعاصرة اهتمت به وكذلك بوسائل حمايته، بل وقبل ظهور القوانين الوضعية، فإنه ورد في الشريعة الإسلامية الغراء ما يفيد أهمية الأجر فلقد جاء في حديث الرسول (ص) "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" [1] هذا وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الأجر عرف تطورا، بحيث أنه كان يخضع لمقتضيات القانون المدني وللمبدأ التعاقدي تم خضوعه لقانون العرض والطلب قبل الوعي بأهميته كعنصر مهم في السياسة الاجتماعية، وتحقيق السلم الاجتماعي مع العلم أن الأجر في مفهومه الحالي ومبدأ الحد الأدنى للأجر يعتبر من بين مكتسبات الطبقة العاملة الذي حققته بعد مخاض عسير ونضالات طويلة.
كما يحظى في نظر الأجير بأهمية قصوى، لما له من دور معيشي واقتصادي لا تستقيم حياة الأجير بدونه، لذا فقد كان لابد من إقرار حماية تشريعية صارمة تستجيب لحاجة هذا الأخير الملحة للحصول على أجر قار يكفل له ولأسرته العيش الكريم، كما أن الأجر من الموضوعات الأساسية في الحياة المهنية والاجتماعية للأجير، ومن تم يشكل مجالا خصبا للنزاعات والمطالب النقابية، كما يمثل الأجر إحدى المعايير المهمة التي تعتمد لقياس مستوى تطور تشريع الشغل، وطابعه الاجتماعي.
وتتجلى أهمية الأجر كذلك من خلال اعتماده من طرف القضاء كعنصر مساعد يمكن من تيسير عملية تكييف عقود الشغل، على أساس أن الأجر هو مقابل للعمل، فلا أجر بدون عمل، وهذا ما يجعل العمل المجاني أو التطوعي لا يخضع لأحكام قانون الشغل[2].
هذا كله جعل المشرع المغربي يهتم بالأجر وبحمايته ويخصص له جزء مهم من النصوص القانونية في مدونة الشغل بحيث نظم حماية الأجر من كل ما يمكن أن يؤثر عليه سواء من ناحية المشغل أو الأغيار في المواد من 345 إلى 395 من مدونة الشغل3.
أهمية الموضوع:
تتجلى أهمية الموضوع في الدور الذي يلعبه الأجر في حياة الأجير حيث يشكل الوسيلة لإشباع الاحتياجات المختلفة له، سواء كانت احتياجات أساسية لمعيشته استقرار حياته الأسرية، أو لشعوره بالأمان أو الاندماج في العلاقات الاجتماعية، أو باعتباره الوسيلة المناسبة للشعور بالتقدير من قبل المقاولة التي يعمل بها أو كوسيلة يقيس بها تقديره واحترامه لذاته. ونظرا لأهمية الأجر من الناحية القانونية الذي يعتبر أحد عناصر عقد الشغل والأساس الذي تقوم عليه هذه العلاقة.
المنهج المعتمد:
قد حاولنا في هذا العرض الاستناد على المنهج الوصفي والتحليلي حتى نتمكن من خلاله مناقشة النصوص القانونية ذات الصلة بالموضوع وتحليل مضمونها.
الإشكالية:
فمن خلال دراستنا لهذا الموضوع سنحاول قدر الإمكان تسليط الضوء على طبيعة الأجر وإشكالية إثباته، من خلال طرح الإشكالات التالية:
–إلى أي حد استطاع المشرع الاجتماعي تأطير الطبيعة القانونية للأجر؟
–ما هي الوسائل القانونية لإثبات الأجر؟
وللإجابة على هذه الإشكاليات ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين وذلك على الشكل التالي:

المبحث الأول: الطبيعة القانونية للأجر
المبحث الثاني: إشكاليات إثبات الأجر

المبحث الأول: طبيعة للأجر ومكوناته

سوف نعالج في هذا المبحث ماهية الأجر وطبيعته (المطلب الأول)،ثم نتطرق إلى مكونات الأجر في (المطلب الثاني)

المطلب الأول: ماهية الأجر وطبيعته القانونية.

يعد الأجر عنصرا مهما من عناصر عقد الشغل، إذ لا يمكن تصور عقد شغل بدون الحصول على أجر وبانعدام هذا الأخير يجعل العقد يفقد صفته كعقد شغل لنصبح أمام عقد تبرع، كما يعد المصدر الرئيسي الذي يسعى الأجير من وراءه تحقيق وضعية اجتماعية مستقرة وتلبية حاجياته الضرورية

الفقرة الأولى: تعريف الأجر

يحظى عنصر الأجر في إطار علاقة الشغل أهمية بالغة، فإن المشرع المغربي لم يعطي تعريفا قانونيا للأجر في إطار مدونة الشغل، وبهذا يمكن إعطاء تعريفا للأجر بكونه ما يؤديه المشغل للأجير نظير القيام بالعمل فقط، وإنما هو كل ما يدخل في الذمة المالية للأجير نظير قيامه بالعمل وبمناسبته، سواء أداه المشغل شخصيا أو أداه غيره من المتعاملين من المحل الذي يشتغل فيه، وذلك أيا كان نوعه، وطبيعة عقد الشغل وكما يمكن تعريفه بكونه ذلك المقابل الذي يؤديه المشغل للأجير بمناسبة الشغل الذي ينجزه هذا الأخير لفائدته[3].

الفقرة الثانية: طبيعة الأجر

لقد انعكس التطور التاريخي الذي عرفته علاقات الشغل على الطبيعة القانونية للأجر، كموضوع أساسي من مواضيعها، وعلى النظرة التي كان المحللون القانونيون والاقتصاديون ينظرون إليه بها، والتي تختلف انطلاقا من الزاوية التي ينظر إليه منها، فرجال القانون، وانطلاقا من تحليلهم القانوني يعطونه طبيعة قانونية صرفة، ورجال الاقتصاد يحللونه من زاوية اقتصادية، في حين أن تطور علاقات الشغل وتطور مفهوم الأجر نفسه، وما صار يقوم به من دور في حياة الأجير، وحياة أسرته أعطاه طبيعة اجتماعية إلى جانب طبيعته الاقتصادية.
أولا: الطبيعة القانونية للأجر:
يعتبر الأجر من الناحية القانونية عنصر من العناصر المكونة لعقد الشغل، فبدونه لا نكون إزاء عقد شغل، وهو ما يكرسه الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه بأن" إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين نظير أجر يلتزم هذا الآخر بدفعه له."
وهكذا لا يتصور من الناحية القانونية وجود عقد شغل إلا إذا كان هناك أجر مؤدى للأجير الملتزم بأداء عمل، فقد الشغل من عقود المعاوضة، والنص صريح في قانون الالتزامات والعقود أو في مدونة الشغل من خلال نص المادة 6 على ضرورة حصول الأجير على أجر نظير عمله، لذلك فتخلف عنصر الأجر لا يجعل من العقد المبرم بين الطرفين عقد شغل، وإنما عقد تبرع أو عقد خدمة مجانية [4].
و إذا كان الأجر من الناحية القانونية عنصرا من عناصر عقد الشغل فإن هذا لا يعني أن الطرفين يجب أن يتفقا في صلبه عليه، أو على طبيعته، فالعقد يعتبر موجودا ولو لم يتفق الطرفان صراحة عليه وعلى طبيعته، ما دام يمكن من الظروف إستخلاص نيتهما في التعاقد على عمل تابع مأجور، وما دام العقد يتضمن ما من شأنه تحديده.
وعلى أية حال، فإنه إذا لم يحدد الاتفاق على أجر الخدمات أو العمل، فإن المحكمة هيمن تتولى تحديده وفق العرف، فإذا وجدت تعريفه أو أسعارا محددة افترضت في المتعاقدين أنهما ارتضياها.
ثانيا: الطبيعة الاقتصادية للأجر:
ظل الفكر الرأسمالي الفردي إبان المراحل الأولى لتطور الثورة الصناعية، ينظر إلى قوة العمل بوصفها سلعة تعرض في السوق كباقي السلع المادية الأخرى، وينظر إلى الأجر باعتباره الثمن الذي يتحدد على ضوء العرض والطلب لهذه السلعة المعروضة في سوق الشغل.
وقد ترتب على هذه النظرة مساوئ متعددة للطبقة العاملة، نظرا لاختلال ميزان القوة بين عنصري الإنتاج: العمل ورأس المال، حيث انخفضت الأجور بشكل كبير مع ما صاحب ذلك، من أوضاع اقتصادية واجتماعية مزرية للطبقة العاملة، مما دفع التشريعات المقارنة إلى التدخل حماية للدور المعيشي للأجر، مما تغيرت معه، تلك النظرة، إلى كل من العمل والأجر، فالأول لم يعد ينظر إليه كسلعة، وإنما صار ينظر إليه باعتباره جزءا من شخصية القائم به، وبالتالي يجب ألا يعامل معاملة السلعة المادية والثاني أصبح ينظر إليه انطلاقا من غايته، والتي تتمثل في تأمين وسائل العيش للأجير، ولأسرته، مما كرس وظيفته المعيشية.
والحقيقة أنه، ورغم هذا التغيير في نظرة الأجر، وإلى دوره الاقتصادي، فإن رجال الاقتصاد ما زالوا حينما يبحثون في الأجور كمقابل للعمل، لا ينضبطون لها إلا من زاوية أنها من سعر التكلفة، المحدد من ضمن عناصر أخرى للسعر النهائي للمنتج، فلا يبحثونه لا من الزاوية القانونية باعتباره عنصرا من عناصر عقد الشغل، ولا من الزاوية الاجتماعية باعتباره الوسيلة التي تمكن من تلبية حاجيات الأجير وحاجيات أسرته، وإنما فقط كعنصر من العناصر الداخلة كما قلنا في سعر التكلفة.
ثالثا: الطبيعة الاجتماعية للأجر:
إذا كان الأجر عنصرا من عناصر عقد الشغل، يشكل أهم التزام يقع على عاتق المشغل، فإن له أهمية بالغة بالنسبة للأجير، لأنه يعتمد عليه بكيفية تكاد تكون كلية في إشباع حاجات أسرته، من أجل ذلك لم يعد من الممكن الوقوف عند مجرد النظرة إلى هذا الأجر كمقابل للعمل، وإنما صارت التشريعات المقارنة تحرص على أن يضطلع بوظيفته الاجتماعية، المتمثلة في سد حاجيات الأجير وأسرته باعتباره مورده الأساسي إن لم يكن الوحيد لضمان حد أدنى من الحياة الكريمة، لذلك أصبح اليوم يقال إن للأجر وظيفة اجتماعية معيشية، وهذا التصور الجديد للأجر ولوظيفته هو الذي يبرر منح الأجير جملة من التعويضات العائلية والأداءات بصرف النظر عن تقديمه لأي عمل لفائدة المشغل، وذلك من قبيل التعويضات العائلية وغيرها[5].

المطلب الثاني: مكونات الأجر

إن الأجر الذي يتقاضاه الأجير عن العمل الذي يقوم به، إما أن يكون أجرا نقديا أو أجرا عينيا.
-الأجر النقدي: وهو مبلغ من النقود يؤدى بالعملة المغربية أيا كان نوع المؤسسة، أو طبيعة المهنة المؤداة.
-الأجر العيني: عبارة عن فوائد عينية في المهن والمقاولات التي يجري العرف فيها بذلك، إلا أنه اليوم لم يعد شائعا كون الأجر عينيا بكيفية مطلقة، بل يغلب أنه إذا وجد أجر عيني أن يكون إضافيا إلى جانب الأجر الأساسي النقدي، ويكون ذلك لبعض الطوائف من الأجراء كالبحارة والذين يحصلون على جزء من الأجر عينا، (الأكل، الإيواء) وكأجراء المطاعم والفنادق والمقاهي والبوابين والحراس وأجراء المؤسسات المنجمية الذين يحصلون على المسكن كأجر عيني.
ويمكن تقسيم الأجر الى الأجر الأساسي في (الفقرة الأولى) وملحقات الأجر في (الفقرة الثانية.)

الفقرة الأولى: الأجر الأساسي

يقصد بالأجر الأساسي مبلغ الأجر الذي يدفعه المشغل للأجير مقابل العمل الذي يقوم به، ويكون بطريقة منتظمة – أي إما باليوم أو الأسبوع أو بالشهر -، ويحدد بناء على الاتفاق المشترك بين الأجير والمشغل على ألا ينقص عن الحد الأدنى القانوني المحدد للأجر، وعند عدم الاتفاق على تحديده تتولى المحكمة تحديده طبقا لما نص عليه الفصل 733 من ق.ل.ع، بحيث يجب أن يكون أجر الأساس متناسبا مع العمل الذي يقوم به الأجير ولا يرتبط بإرّادة المشغل، ويتغير زيادة ونقصانا تبعا لطبيعة العمل الذي يقوم به الأجير، ويؤدى هذا الأجر في أغلب الحالات نقدا بالعملة التي جرى فيها العرف بذلك، والسند التشريعي المبرر لمشروعية الحصول على أجر عيني هو ما نصت عليه المادة 362 من مدونة الشغل [6] وإن كنا نلاحظ في الوقت المعاصر أن الأجر العيني أصبح في الغالب مجرد أجر إضافي إلى جانب الأجر الأساس النقدي8.
ومن الحالات التي اعتمد فيها المشرع المعيار المذكور هي حالة بوابي العمارات، حيث اعتبر مسكن البواب جزءا من أجرته، كما اعتبر أنه يجب احتساب المنافع العينية الممنوحة للبوابين في تقدير مبلغ الأجرة، بشرط ألا تعتبر وحدها بمثابة أجرة، بل أكثر من ذلك فإن الجزء العيني من الأجرة الذي يشكل على الخصوص القيمة الكرائية لمسكن البواب فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتجاوز نسبة 33% من أجرته الإجمالية، ولحماية البواب ضد التعسف الذي قد يتعرض له في تقدير قيمة السكن فقد اعتمد المشرع القيمة المرجعية الكرائية التي تحددها مصلحة الضرائب الحضرية [7].

الفقرة الثانية: ملحقات الأجر

كثيرا ما يمنح الأجراء امتيازات إضافية للأجر الأساسي، وتظهر أهمية هذه الإمتيازات من خلال معرفة مدى اعتبارها ضمن الأجر عند احتساب بعض الأداءات والتعويضات.
أولا العمولة:
وهي ما يحصل عليه عادة الوسطاء والممثلون التجاريون من نسبة مئوية من قيمة التوصيات والصفقات التي يتوسطون فيها، أو يعقدونها لحساب من يمثلونهم من المشغلين، سواء حققت هذه الصفقات أرباحا، وترتفع قيمة العمولة باتساع شبكة العملاء والزبناء.
وقد تكون العمولة هي الأجر الوحيد الذي يتقاضاه الأجير، وقد تضاف إلى أجر ثابت، وفق ما تنص عليه المادة 354 من مدونة الشغل " إذا كان الأجير الذي يتقاضى أجره كله أو بعضه على أساس النسبة المئوية في الأرباح، أو العمولة، أو المردودية، أو القطعة، احتسبت له علاوة الأقدمية على أساس معدل الأجر الصافي الذي حصل عليه خلال الأشهر الثلاثة السابقة لتاريخ استحقاقه لهذه العلاوة."
وكذلك ما ينص عليه الفصل 370 من ق.ل.ع[8]، من اعتبار العمولة أجرا سواء كانت تمنح للأجير لوحدها، أو تضاف إلى أجر ثابت، كما أن الفقرة الثانية من المادة 363 من مدونة الشغل[9]، تنص على وجوب أداء العمولات المستحقة للوكلاء المتجولين، والممثلين والوسطاء في التجارة والصناعة، مرة كل ثلاثة اشهر على الأقل، كما أن العمولة تخضع للتقادم المنصوص عليه في المادة 395 من مدونة الشغل [10].
ثانيا: المكافأة
يقصد بالمكافأة ما يعطيه المشغل لأجرائه زيادة على الأجر في مناسبة من المناسبات، كالزواج مثلا أو الأعياد أو بمناسبة نهاية السنة أو ما يعرف بمكافأة الشهر الثالث عشر.
والمشغل لا يكون ملزما بأداء المكافأة لأنها خاضعة لسلطته التقديرية التقديرية ّ، وبالتالي لا تعتبر جزءا من الأجر ولا تلحق به، ولكن قد تنتفي سلطة المشغل التقديرية إذا كانت هذه المكافأة مقررة بموجب عقد شغل فردي، أو في اتفاقية جماعية، أو في النظام الداخلي، أو مما جرى به العرف في مهنة من المهن، بحيث تصبح التزاما على عاتق المشغل.
وعلى العموم فإن على الأجير الذي يدعي بأن للمكافأة صفة الأجر عليه إثبات ذلك أمام القضاء.
ثالثا: المنحة
فهي مبلغ نقدي يمنح للأجير ليس لمناسبة خاصة، بل على أساس صفات وقدرات خاصة بكل أجير كأقدميته أو مؤهلاته الفنية أو إخلاصه أو مواظبته، أو محافظته على أدوات العمل أو حسن استعمالها. وبالتالي فإن المنحة لا تمنح إلا لأجير واحد أو لأجرائه بالذات.
والاصل في المنحة أنها تبرعية واختيارية، ولا تعتبر جزءا من الأجر، إلا إذا تم النص عليها في عقد الشغل الفردي أو في اتفاقية جماعية أو النظام الداخلي أو ما جرى به العرف.
رابعا الحلوان:
وتعرف كذلك بالإكراميات وهو ما يحصل عليه الأجير مناولة من الزبائن مقابل خدمة يقدمها لهم في بعض المؤسسات كالفنادق والمطاعم ومختلف المؤسسات التجارية التي تتعامل مع الجمهور مباشرة. وفي بعض الحالات يتم اقتطاعها بصفة إلزامية بعد الإشارة إليها في الفاتورة.
وحسب المادة 377 من مدونة الشغل[11] توزع الإكراميات (الحلوان) على جميع الأجراء كل شهر، ولا يجوز للمشغل الاستفادة بأي شكل، حتى وإن كان يقتطعها مباشرة من الزبناء [12]. وإذا كان مقدار الحلوان دون الحد الأدنى كان على المشغل دفع القسط المتبقي ليصل الحد الأدنى القانوني للأجر[13].
رابعا: المشاركة في الأرباح
ويقصد بها إعطاء الأجراء زيادة على أجورهم، قدرا من الربح الذي تحققه المؤسسة في صورة نسبة مئوية تشجيعا لهم من المشغل على عملهم الجيد، أو قصد الإسراع في العم4ل أو الزيادة فيه أو إتقانه.
وهذا ما يجعل السؤال يطرح حول اعتبار الأجراء بمثابة شركاء للمشغل؟
الفصل 983 من ق.ل.ع أجاب عن هذا السؤال حيث جاء فيه "الاشتراك في الأرباح يمنح المستخدمين ولمن يمثلون شخصا ّأو شركة، في مقابل خدماتهم كليا أو جزئيا لا يكفي وحده ليخولهم صفة الشركاء، ما لم يقم دليل آخر بالعقد على الشركة."
بالإضافة إلى ذلك فإن صفة الشركاء تنتفي بالنسبة للأجراء، لأنهم لا يتحملون خسائر الشركة، كما تنعدم بالنسبة للشركاء علاقة التبعية، لأن هذه الأخيرة هي من أهم خصائص عقد الشغل أو علاقة الشغل [14].
وإذا كان المشرع من خلال المادة 354 من مدونة الشغل [15]نص على إمكانية حصول الأجير على أجره كله من خلال نسبة مئوية من الأرباح، إلإ أن حدوث خسارة للمؤسسة أو المقاولة سيحرم الأجير من دخله وبالتالي سيؤثر على حياته المعيشية، فلا بد أن تكون المشاركة في الأرباح مضافة إلى أجر ثابت وليست صورة من صوره.

المبحث الثاني: إشكاليات إثبات الأجر

تعد مسألة إيجاد حلول لمشاكل إثبات الأجر من طرف المشغل من اختصاص المشرع، والذي جاء بمقتضيات مهمة من خلال وسائل إثبات الأجر(المطلب الأول) عن طريق تمكين الأجير من وثائق مهمة لتفادي إنكار العلاقة الشغلية ثم معالجة مختلف الإشكاليات التي يمكن أن يطرحها أداء الأجر(المطلب الثاني)

المطلب الأول: وسائل إثبات الأجر

لضمان أداء الأجر قررت مدونة الشغل قواعد خاصة مخالفة أحيانا للقواعد المدنية خاصة على مستوى الّإثبات ووسائله.
فإذا كان المشغل – كمدين بالأجر – يلتزم بإثبات حصول أدائه، فإن هناك وسائل خاصة بمجال علاقات الشغل تسهل عملية الإثبات على الطرفين معا، ويندرج بعضها في إطار الالتزامات القانونية الملقاة على عاتق المشغل كبطاقة الأداء ودفتر الأداء كوسيلتين لإثبات الأداء في الظروف العادية (الفقرة الأولى)، هذا فضلا عن ما يعرف ب "توصيل تصفية كل حساب " الذي يسعى المشغل للحصول عليه من جانب الأجير عند انتهاء علاقة الشغل، إضافة إلى شهادة العمل كوسيلة لإثبات أداء الأجر في حالة إنهاء النشاط المهني (الفقرة الأولى.)

الفقرة الأولى: إثبات الأداء في الظروف العادية

لتحديد إثبات أداء الأجر في الظروف العادية ينبغي التمييز بين وسيلتين: الأولى تتعلق بورقة الأداء، والثانية بدفتر الأداء.
أولا: ورقة الأداء
هي عبارة عن ورقة مكتوبة يسلمها المشغل للأجير تفيد الوفاء بالأجر[16] طبقا لما نصت عليه المادة 370 من مدونة الشغل "يجب على كل مشغل، أن يسلم أجراءه عند أداء أجورهم، وثيقة إثبات تسمى "ورقة الأداء " وأن يضمنها وجوبا البيانات التي تحددها السلطة الحكومية المكلفة بالشغل ". وبطاقة الأداء هي عبارة عن محرر كتابي يسلم للأجير وتضمن فيه أجرته، إذ يمكن أن يتم بورق عادي أو في غلاف، وهو معفى من التنبر ويسلم من المشغل بمناسبة كل أداء للأجر (ولو تم خارج المواعيد العادية) إلى كل الأشخاص المستخدمين في المهن الصناعية أو التجارية أو الفلاحية أو في قطاع الخدمات. وبمعنى آخر فإن هذه البطاقة لا تسلم للمستخدمين لدى الدولة أو الجماعات العمومية.
وقد أبان المشرع بأنه يجب أن تتضمن ورقة الأداء عدة بيانات، وذلك من منطلق الفقرة الأولى من المادة 370 من مدونة الشغل. وكذا قرار وزير التشغيل والتكوين المهني رقم 346.05 الصادر في 9 فبراير 2005 بتحديد البيانات التي يجب أن تتظمنها ورقة الأداء[17]، بحيث نص هذا الأخير على أنه يجب أن تتضمن ورقة الأداء ما يلي:
• اسم المقاولة ومقرها الاجتماعي، أو الاسم الشخصي للمشغل، ومقر عمله ومهنته وعنوانه، وكذا رقم الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
• الاسم الشخصي والعائلي للأجير ورقم تسجيله بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
• الصنف المهني
• تاريخ التشغيل
• مدة الشغل المدفوعة لأجر مع بيان ساعات المؤدى أجرها بالسعر العادي
• الساعات الاضافية عند الاقتضاء ونسبة الزيادة المطبقة وكذا عدد الساعات التي تطابق الأجر المؤدى
• عدد أيام الشغل للأجر المطابقة للّأجر المدفوع
• نوعية ومبلغ مختلف العلاوات المضافة إلى الأجر الأساسي
• قيمة المنافع العينية عند الاقتضاء
• مبلغ الأجر الإجمالي للأجير
• نوعية مبلغ مختلف الاقتطاعات
• مبلغ الأجر الصافي
• تاريخ تسليم ورقة الأداء
• تضمين ورقة الأداء كل البيانات المتعلق بالعناصر المكونة للأجر الصافي عند احتساب الأجر على أساس القطعة.
هذه البيانات وردت كحد أدنى من الواجب مراعاته من طرف المشغل، إذ لا شيء يمنع المشغل من ذكر بريده الإلكتروني مثلا[18].
ولا يعتبر تنازلا من الأجير عن حقه في الأجر وتوابعه القبول الصادر منه لورقة الأداء المتظمنة للوفاء بالأجر دون احتجاج أو تحفظ، يسري هذا الحكم ولو ذكر الأجير في ذيل الوثيقة عبارة قرئ وصودق متبوعة بإمضائه.
وفيما يتعلق بدور ورقة الأداء، فهي تعتبر صورة صادقة لأجر الأجير، ويجب ألا تحمل أي بيان يتعارض مع الطابع الحمائي للأجير، كالاقتطاع من الأجر المتعلق بممارسة حق الاضراب أو صيغة أخرى محايدة كالاقتطاع بسبب الغياب؟
ومن الناحية العملية، تعد ورقة الأداء ضرورية للأجير لإثبات شغله ومستوى موارده
عند اقتناء سكن، إلا أن تسليم ورقة الأداء ليس لها قيمة إبرائية، إذ في حالة وجود نزاع يكون المشغل ملزما بإثبات الأداء للأجير.
إذن، فورقة الأداء تخول لمفتش الشغل بدوره في مراقبة الأجور ومختلف المنافع التي يستحقها الأجير[19].
ثانيا: دفتر الحساب
فبالإضافة إلى ورقة الأداء التي تسلم للأجير يجب على كل مشغل، أو من ينوب عنه أن يمسك في كل مؤسسة أو جزء منها، أو في كل ورشة، دفترا يسمى "دفتر الأداء " تحدد السلطة الحكومية المكلفة بالشغل، تسجل فبه جميع البيانات الواردة في ورقة الأداء.
ويمكن بطلب من المشغل الاستعاضة عن دفتر الأداء، باعتماد أساليب المحاسبة الميكانوغرافية أو المعلوماتية [20] أو أية وسيلة أخرى من وسائل المراقبة تحظى بقبول العون المكلف بتفتيش الشغل وتعوض دفتر الأداء.
ويجب على المشغل الاحتفاظ بدفتر الأداء مدة لا تقل عن سنتين من تاريخ إقفاله، كما يجب عليه الاحتفاظ بمستندات المحاسبة الميكانوغرافية والمعلوماتية أو بوسائل المراقبة الأخرى التي تقوم مقام دفتر الأداء، مدة لا تقل عن سنتين من تاريخ اعتماد تلك المستندات أو الوسائل.
ويجب وضع دفتر الأداء أو المستندات الأخرى التي تحل محله رهن إشارة الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل، ومفتشي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذين يمكنهم طلب الاطلاع عليها في أي وقت والرجوع الى قرار وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية والتضامن المتعلق بتحديد نموذج دفتر الأداء[21]. وأن هذا الدفتر يجب أن يشتمل على صفحات مرقمة ومؤرخة ومرتبة وخالية من كل بياض أو فراغ أو تشطيب ومؤشر عليها من طرف العون المكلف بتفتيش الشغل، مع مراعاة مقتضيات المادة 372 من المدونة.
وبذلك فإن دفتر الأداء يتوفر على قوة اثبات لصالح الأجير، الذي يلجأ إليه كبداية حجة كتابية نابعة عن المشغل، أو قرينة بسيطة تفرز بأنه اشتغل في صنف معين من الأجراء وفي فترة معينة، وبالطبع مع إمكانية إدلاء أحد طرفي عقد الشغل بالحجة المعاكسة، لإبراز تمديد عقد الشغل مثلا من طرف الأجير أو إثباته دورية الشهر، باعتبارها أكثر امتياز 24.

الفقرة الثانية: إثبات أداء الأجر في حالة إنهاء الشغل

عند انتهاء عقد الشغل يتعين على المشغل أن يسلم للأجير شهادة العمل (أولا) كما أنه يبقى من حقه أن يطالب من الأجير أن يسلمه توصيلا بتصفية كل الحسابات (ثانيا.)
أولا: شهادة الشغل
تعتبر شهادة العمل من الوثائق التي يلتزم المشغل بتسليمها إلى الأجير عند انتهاء عقد الشغل، وذلك تحت طائلة أداء تعويض [22]، داخل أجل أقصاه ثمانية أيام.
ويجب أن يقتصر في شهادة الشغل، على ذكر تاريخ التحاق الأجير بالمقاولة وتاريخ مغادرته لها، ومناصب الشغل التي اشتغلها، غير أنه يمكن باتفاق الطرفين تضمين شهادة الشغل بيانات تتعلق بالمؤهلات المهنية للأجير، وبما أسدى من خدمات.
تعفى شهادة الشغل من رسوم التسجيل ولو اشتملت على بيانات أخرى غير تلك الواردة في الفقرة الثانية أعلاه.
ويشمل الإعفاء من الشهادة التي تتضمن عبارة "حر من كل التزام " أو أي صياغة أخرى تثبت إنهاء عقد الشغل بصفة طبيعية.
وشهادة الشغل تسلم للأجير دون أي اعتبار، سواء لمدة الشغل التي تكون قصيرة جدا أو لخطأ الأجير... وتهيأ منذ نهاية أجل الإخطار لوضعها رهن إشارة الأجير، وتتزامن مع توصيل تصفية كل حساب [23].
ولا بد من تضمين شهادة الشغل البيانات التالية:
• اسم المشغل وعنوانه والمقر الاجتماعي للمقاولة
• اسم وعنوان الأجير.
وإذا كان من المقبول الإشادة بخصال الأجير وفعاليته في الشغل، بالرغم من تعارض ذلك مع فصله من منصبه، إلا أن الاجتهاد القضائي يمنع على المشغل الاشارة إلى وجود أي شرط في شهلدة الشغل لا يكون في مصلحة الأجير. وحتى ولو كان الأجر اتخذ مبادرة إنهاء عقد الشغل باستقالته، فإنه من حقه أن يطالب بشهادة العمل متضمنة للأجرة التي كان يتقاضاها من مشغله.
ثانيا: توصيل تصفية كل حساب
التوصيل عن تصفية كل حساب هو التوصيل الذي يسلمه الأجير للمشغل عند انهاء العقد لأي سبب كان، وذلك قصد تصفية كل الأداءات تجاهه. ويعتبر باطلا كل إبراء أو صلح، طبقا للفصل 1098 من ق.ل.ع[24]، يتنازل فيه الأجير عن أي أداء وجب لفائدته بفعل تنفيذ العقد أو بفعل إنهائه. ويجب تحت طائلة البطلان أن تتضمن توصيل تصفية كل حساب، البيانات التالية:
• المبلغ المدفوع بكامله قصد التصفية النهائية للحساب، مع بيان مفصل للأداءات.
• أجل سقوط الحق المحدد في ستين يوما، مكتوبا بخط واضح تسهل قراءته.
• الإشارة إلى كون التوصيل محررا في نظيرين يسلم أحدهما للأجير.
كما يجب أن يكون توقيع الأجير على التوصيل مسبوقا بعبارة " قرأت ووافقت، " وإذا كان الأجير أميا وقع التوصيل بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل في إطار الصلح المنصوص عليه في المادة 532 من مدونة الشغل.
وقد مكن المشرع الأجير من التراجع عن هذا التوصيل خلال الستين يوما التالية لتوقيعه، إلا أنه يجب إثبات التراجع عن التوصيل إما بإبلاغ المشغل بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أو رفع دعوى لدى المحكمة، ولا يعتد بالوسيلة المثبتة للتراجع إلا إذا حدد فيها الأجير مختلف الحقوق التي مازال متمسكا بها [25]. ولا يعتد بالتوصيل الذي وقع التراجع عنه بصفة قانونية أو الذي لا يمكن أن يسري عليه أجل السقوط ّإلا باعتباره مجرد توصيل بالمبالغ المبينة فيه.
ويعتبر الصلح طبقا للفصل 1098 من قانون الالتزامات والعقود مجرد وثيقة بالمبالغ المبينة فيها. ويعفى من التعويضات التي يتقاضاها الأجير عن الفصل بموجب صلح أو حكم قضائي، من الضريبة عن الدخل وواجبات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ورسوم التسجيل[26].

المطلب الثاني: إشكالية الأجر وتوابعه في حالة توقف عقد الشغل وانتهائه

لتطرق إلى إشكالية الأجر وتوابعه في حالة توقف عقد الشغل وانتهائه وما يعتريه من غموض، وهذا ما يتطلب منا التمييز بين إشكالية الأجر وتوابعه في حالة توقف عقد الشغل (الفقرة الأولى) وإشكالية الأجر وتوابعه في حالة إنهاء عقد الشغل (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: إشكالية الأجر وتوابعه في حالة توقف عقد الشغل

لمعالجة هذه الإشكالية يجب أولا تعريف توقف عقد الشغل إذ يمكن تعريفه بتعليق سريانه بسبب طارئ يعود بعد زوال هذا السبب إلى ترتيب اثاره وذلك تفاديا لفسخه.
وتتعدد أسباب توقف عقد الشغل فمنها ما يعود إلى الأجير ومنها ما يرجع للمشغل، ومنها ما يخرج عن إرادتهما معا30.
وبالرجوع الى المادة 32 من مدونة الشغل فقد جاءت بالعديد من الحالات التي يتوقف اثناءها عقد الشغل وسنحاول ان نقتصر فقط على حالتين الأولى حالة الإضراب والحالة الثانية حمل المرأة الأجيرة.31
أولا: أثر الإضراب على الأجر وتوابعه
بالرجوع إلى الدستور المغربي لسنة 2011 فقد اكد على حق الإضراب بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 29 الذي جاء فيه " حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمه شروط وكيفيات ممارسته " [27]
وبالرجوع كذلك إلى المادة الثانية من مشروع القانون التنظيمي المتعلق بشروط وإجراءات ممارسة حق الإضراب فقد جاء فيها " الإضراب هو توقف جماعي ومدبر عن الشغل من اجل الدفاع عن مطالب مهنية."
وباعتبار الأجر هو مقابل العمل وطالما أن العمل لم يتم الوفاء به، فإنه يكون في نظر الفقه من حق المشغل منع الأجر عن أجيره المضرب بل ويحق له كذلك حرمانه من توابعه شرط أن يكون الحرمان من توابع الأجر نسبيا، أي يتناسب مع مدة التوقف عن الشغل بحيث تكون هذه الأخيرة هي المعيار في تحديد نسبة المبالغ التي تقطع من توابع الأجر.
هذا ولقد برر بعض الفقه الحرمان من الأجر الذي يتعرض له المضربون بكونه نتيجة مباشرة لتوقف عقد الشغل، إذ الإضراب بحسب قيمته وموضوعه يوقف بشكل مشروع الالتزام بأداء الشغل، ويترتب عن ذلك باعتبار عقد الشغل عقدا ملزما للجانبين عدم الأداء الملازم للأجر.[28]
وهذا ما اكده القضاء المغربي في احد قرارات المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) حيث جاء في قرار ".. إن الحكم قد خرق مقتضيات الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود حينما قضى على الطاعنة بأدائها للمطلوب اجره عن مدة التوقف عن العمل لأن الأجرة حسب الفصل المذكور لا تكون إلا في مقابل العمل... وما دام ليس هناك عمل فلا موجب لأداء الأجر" [29]
هذا الاختلاف الفقهي حول مسألة استحقاق الأجير المضرب للأجر يعزى إلى غياب أي نص قانوني يشير إلى ذلك، وبالرجوع كذلك إلى مشروع القانون التنظيمي لم يتطرق إلى هذه المسألة. مما يعني أجور المضربين بعيدة عن أية حماية قانونية أثناء فترة الإضراب.[30]
ثانيا: اثر الأمومة على الأجر
من مستجدات مدونة الشغل السماح للمرأة النفساء بعدم استئناف عملها بعد مضي 5 اسابيع على الوضع أو 14 اسبوع عند الاقتضاء لأجل تربية مولودها شرط ان تشعر مشغلها في اجل اقصاه خمسة عشر يوما من انتهاء إجازة الأمومة. وفي هذه الحالة فإن فترة توقف العقد لا تتجاوز تسعين يوما، كما يمكن للأم الأجيرة باتفاق مع المشغل الاستفادة من عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة سنة لتربية مولودها.[31]
والملاحظ أن الإجازة المقررة للأجيرة الأم بعيدة عن الحماية نظرا لغياب النص على أجرها أثناء هذه العطلة مما يعد ثغرة في مدونة الشغل.
وبالرجوع إلى الفصل 37 من قانون الضمان الاجتماعي نلاحظ ان في التعويضات اليومية عن الولادة لم يشترط المشرع الاستمرارية في الاشتراك بل فقط قضاء اربعة وخمسين يوما متصلة أو غير متصلة خلال العشرة اشهر. [32]
وبهذا تكون الأجيرة الأم لها الحق في التمتع بتعويضات يومية ابتداء من تاريخ التوقف عن العمل.

الفقرة الثانية: إشكالية الأجر وتوابعه في حالة إنهاء عقد الشغل

نظرا لأهمية إنهاء عقد الشغل فقد أصدرت في هذا الصدد مجموعة من الاتفاقيات الدولية ونذكر على سبيل المثال اتفاقية 1966 التي أصدرت من طرف منظمة العمل العربية حيث جاء في المادة 28 منها انه " يحدد تشريع كل دولة الحالات التي تجيز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل وكذا الحالات التي تجيز للعامل ان يطلب إعفاؤه من الخدمة."
وبشكل عام فإن إنهاء عقد الشغل يؤثر بشكل كبير على الأجر وتوابعه. إلا ان الأثار تختلف عما إذا كان انهاء عقد الشغل مبررا (اولا)، او إذا كان غير مبرر (ثانيا)
أولا: أثار الإنهاء المبرر على الأجر وتوابعه
لم يتطرق المشرع المغربي في مدونة الشغل إلى تعريف لإنهاء عقد الشغل، وبهذا يفتح المجال للفقه من اجل تعريفه وعلى العموم يمكن تعريف إنهاء عقد الشغل بأنه " انفصام العلاقة العقدية التي يرتبها هذا العقد لكل من طرفيه او عليه ". والملاحظ كذلك ان المشرع المغربي لم يستعمل مصطلح واحدا للتعبير عن حالة إنهاء عقد الشغل، حيث انه بالرجوع الى الفصل 754 من قانون الإلتزامات والعقود نلاحظ انه استعمل المشرع مصطلح الفسخ للدلالة على الإنهاء العقد بالإرادة المنفردة لأحد الطرفين [33].
وبالرجوع كذلك الى مدونة الشغل نجدها تستعمل مصطلحي الإنهاء والفصل وذلك يتضح من خلال المادة 33 والمادة 25 من مدونة الشغل.
وبهذا فانه على العموم يمكن القول بان الإنهاء يكون مبررا متى استمد مشروعيته من احد الأسباب التي تؤدي إلى انهاء عقد الشغل سواء من قبل الأجير أو من قبل المشغل فبالرجوع الى إلى الفصل 393 من قانون الالتزامات والعقود فقد نص على أنه "تنقضي الالتزامات التعاقدية إذا ارتضى المتعاقدان عقب إبرام العقد، التحلل منها وذلك في الحالات التي يجوز فيها الفسخ بمقتضى القانون ".وبهذا يكون الإنهاء مبررا لآنه استمد مشروعيته من احد الأسباب العامة والتي هي اتفاق الطرفين.
وإذا رجعنا الى المواد من 33 إلى 40 والمادة 66 من مدونة الشغل نجد ان هناك مجموعة من الأسباب التي تؤدي الى انتهاء عقد الشغل على مستوى القواعد الخاصة. لذلك فان المادة 35 من مدونة الشغل تنص على انه " يمنع فصل الأجير دون مبررا مقبولا إلا إذا كان المبرر مرتبطا بكفاءته او بسلوكه في نطاق الفقرة الأخيرة من المادة 37 والمادة 39 او تحتمه ضرورة سير المقاولة في نطاق المادتين 66 و67 اعلاه".
وانطلاقا من المادة أعلاه نستخلص أنه توجد ثلاثة أسباب يمكن للمشغل تبنيها لفصل اجيره من العمل وهما الأولى هي المرتبطة بالكفاءة المهنية، والثانية بارتكاب خطا جسيم، والثالثة المرتبطة بالأسباب التكنولوجية والهيكلية والاقتصادية.
ومن هنا يطرح التساؤل عما إذا كان الإنهاء المبرر يحرم الأجير من التعويض، هناك اراء فقهية متضاربة في هذا الموضوع، وسنذهب مع الرأي القائل بان الإنهاء المبرر لعقد الشغل لا يحرم الأجير من التعويض عن اجل الإخطار وعن الفصل.
في ما يخص التعويض عن اجل الإخطار فقد نص المشرع المغربي في المادة 51 من مدونة الشغل على انه " يترتب عن إنهاء عقد الشغل غير محدد المدة، دون إعطاء أجل الإخطار او قبل انصرام مدته، اداء الطرف المسؤول عن الإنهاء تعويضا عن الإخطار للطرف الأخر..."
انطلاقا من المادة اعلاه يتضح ان استحقاق التعويض عن اجل الإخطار يتطلب توفر ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يتعلق الأمر بعقد شغل غير محدد المدة
الشرط الثاني: عدم إخطار الأجير مسبقا بالانتهاء
الشرط الثالث: عدم ارتكاب الأجير لأي خطأ جسيم
أما في ما يخص التعويض عن الفصل فانه يثبت للأجير الذي انهى عقد عمله غير محدد المدة بعد قضاء ستة أشهر من العمل داخل نفس المقاولة، وذلك حسب المادة 52 من مدونة الشغل التي جاء فيها " يستحق الأجير المرتبط بعقد شغل غير محدد المدة، تعويضا عند فصله، بعد قضائه ستة اشهر من الشغل داخل نفس المقاولة، بصرف النظر عن الطريقة التي يتقاضى بها أجره، وعن دورية أدائه ".
إذن فإن استحقاق الأجير المفصول من عمله التعويض عن الفصل متوقف على عدة شروط:
الشرط الأول: ان يكون الأجير مرتبط بعقد شغل غير محدد المدة
الشرط الثاني: ان يكون الفصل صادرا عن المشغل
الشرط الثالث: عدم ارتكاب الاجير لخطا جسيم، لأن هذا الأخير يحرمه من الاستفادة من التعويض بموجب المادة 61 من مدونة الشغل الذي جاء فيها " يمكن فصل الأجير من الشغل، دون مراعاة اجل الإخطار، ودون تعويض عن الفصل، ولا تعويض عن الضرر، عند ارتكابه خطا جسيما".
وهذا ما اكده المجلس الأعلى في احد قراراته التي جاء فيها " يبرر ارتكاب الخطأ الجسيم فسخ عقد الشغل وطرد الأجير فورا دون سابق إعلام ومن غير أي حق في التعويض "[34]. الشرط الرابع: ان يكون الفصل نهائيا.
الشرط الخامس: ان يشتغل الأجير لمدة ستة اشهر من العمل الفعلي بالمؤسسة.
وبالرجوع إلى المادة 54 من مدونة الشغل فإنه يدخل ضمن مدة العمل الفعلي ما يلي "
-فترات العطلة السنوية المؤدي عنها
-فترات استراحة النوافس المنصوص عليها في المادتين 153 و154 ادناه، وفترة توقف عقد الشغل المنصوص عليها في المادة 156 ادناه؛
-مدة عجز الأجير عن الشغل عجزا مؤقتا، بسبب حادثة شغل، او مرض مهني؛
-مدة توقف عقد الشغل، ولاسيما اثناء التغيب المأذون به، او بسبب المرض غير الناتج عن حادثة الشغل او المرض المهني، او بسبب إغلاق المقاولة مؤقتا بموجب قرار إداري، او بفعل قوة قاهرة."
اما فيما يخص تقدير التعويض فقد جعله المشرع المغربي بموجب المادة 33 من مدونة الشغل يقدر على اساس معدل الأجور المتقاضاة خلال الأسابيع الاثنين والخمسين السابقة لتاريخ الإنهاء. [35]
ثانيا: آثار الإنهاء غير المبرر على الأجر وتوابعه
إن قانون الشغل جاء ليقرر مجموعة من المقتضيات الحمائية لفائدة الأجراء الذين يتعرضون للفصل التعسفي ومن تم يصبحون في وضعية العاطلين عن العمل. ومن تم نتساءل عن مصير التعويضات المستحقة للأجراء بعد إنهاء عقود عملهم بصفة تعسفية. ولذلك سنحاول الاقتصار فقط على التطرق الى التعويض عن الضرر( 0) تم التعويض عن فقدان الشغل( 4).
1- التعويض عن الضرر
في ما يخص التعويض عن الضرر فبالرجوع إلى المادة 41 والمادة 59 من مدونة الشغل، نلاحظ بأن الأجير لا يستحق التعويض إلا إذا لحقه ضرر من جراء فقدانه لعمله وقد ذهب الفقه على انه غير صحيح لأن الأجير يستحق التعويض عن الضرر ولو لم يلحق به ضرر.[36]
وكذلك فان الحصول على التعويض لا يكون فيه الأجير ملزما بإثبات الضرر الذي لحق به، اعتبارا لكون المشغل هو الذي يقع عليه إثبات ذلك طبقا للمادة 55 من مدونة الشغل الذي جاء فيه " يقع على عاتق المشغل عبئ الإثبات عندما يدعي مغادرة الأجير لشغله."
وهذا ما اكدته المحكمة الابتدائية بالناظور[37] بحكمها الذي جاء فيه " حيث كما كان الأصل بمقتضى المادة 63 من مدونة الشغل ان رب العمل هو المكلف بإثبات وجود مبرر مقبول لفصل الأجير من العمل، وهو مالم يقم به هذا الأخير، فإن فسخ المدعى عليها لعقد الشغل الرابط بينهما وبين المدعية غير مبرر ومشوب بطابع التعسف، وان الضرر الذي ناب المدعية ثابت من جراء فقدانها لعملها ومورد رزقها ويقتضي تعويضا عن ذلك." وعموما فكلما كان الفصل تعسفيا إلا وكان الضرر ثابتا ومفترضا بقوة القانون[38].
وكذلك يشترط لاستحقاق التعويض عن الضرر إضافة الى تحقق صفة التعسف في الفصل، عدم الإرجاع الى العمل، فالمادة 41 من مدونة الشغل تنص على انه " في حالة تعذر اي اتفاق بواسطة الصلح التمهيدي، يحق للأجير رفع دعوى امام المحكمة المختصة التي لها ان تحكم، في حالة ثبوت فصل الأجير تعسفيا، إما بإرجاع الأجير إلى شغله او حصوله على تعويض عن الضرر..."
وبهذا يمكن القول ان الأجراء المفصولين تعسفيا لا يمكنهم الحصول على التعويضين معا اي الجمع بين التعويض العيني والنقدي.
2- التعويض عن فقدان الشغل
إن التعويض عن فقدان الشغل يعتبر حديثا لأن مدونة الشغل تطرقت الى هذا النوع من التعويض وذلك في الفقرة الأخيرة من المادة 53 التي جاء فيها " ويحق للأجير ان يستفيد ايضا، وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، في التعويض عن فقدان الشغل لأسباب اقتصادية او تكنولوجية او هيكلية."
وفي غياب تنظيم دقيق لهذا النوع من التنظيم، فقد ثار خلاف حول من يستحق هذا التعويض وانقسم الفقه الى اتجاهين، الاتجاه الأول ذهب الى ان التعويض عن فقدان الشغل خاص فقط بمن فصل من عمله لأسباب اقتصادية او هيكلية، والاتجاه الثاني ذهب الى ان التعويض مستحق سواء كان الفصل ناتجا عن اسباب مرتبطة بسير المقاولة ولو لم يكن تعسفيا، او في حالة الفصل التعسفي أيا كان سببه. [39]
وأمام هذا التضارب الفقهي فقد حسم المشرع في ذلك من خلال القانون رقم 03.14[40]، وقام بتحديد شروط استحقاق التعويض وكذلك كيفية حسابه والهيئات الساهرة على ذلك.
أ- شروط استحقاق التعويض عن فقدان الشغل
بالرجوع الى الفصل 46 مكرر من قانون 03.14 فقد حدد مجموعة من الشروط وهي كتالي:
- ان يكون الأجير فقد عمله بصفة لا إرادية
- ان يثبت الأجير توفره على فترة تأمين بنظام الضمان الاجتماعي لا تقل عن 780 يوما خلال السنوات الثلاثة السابقة لتاريخ فقدان الشغل، منها 260 يوما خلال الاثني عشر شهرا السابقة لهذا التاريخ، ولا تدخل في احتساب هذه المدة الأيام المسجلة برسم التأمين الاختياري.
- ان يكون مسجلا كطالب للشغل لدى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات
- ان يكون قادرا على العمل
وهناك شرط ايضا في نفس الفصل مكرر ثلاث مرات يتعلق بضرورة تقديم الأجير طلب التعويض عن فقدان الشغل لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي داخل اجل 60 يوما من تاريخ فقدان الشغل، مالم تكن هناك قوة قاهرة تحول دون تقديم هذا الطلب.
ب- كيفية حساب التعويض عن فقدان الشغل والهيئة الساهرة على صرفه
فيما يخص كيفية حساب التعويض عن فقدان الشغل فإنه إذا توفرت الشروط السابقة الذكر أعلاه في الأجير الذي فقد شغله فإنه يحصل على تعويض وذلك حسب الفصل 46 مكرر مرتين من قانون 03.14 الذي جاء فيه " يمنح التعويض عن فقدان الشغل لمدة 6 اشهر تبتدئ من اليوم الموالي لتاريخ فقدان الشغل.
يمكن للمؤمن له ان يستفيد من جديد من التعويض المذكور إذا استوفى الشروط المنصوص عليها في الفصل 46 مكرر"
أما عن الهيئة المكلفة بصرفه فتتمثل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وهذا رهين بمساهمة مالية للأجير والمشغل.
إذ تحدد نسبة الاشتراك بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتسديد النفقات المتعلقة بالتعويضات القصيرة الأمد بنسبة 1.57% من اجرة الأجير الإجمالية الشهرية موزعة كالتالي:
-57,0 برسم التعويض عن فقدان الشغل منها 38,0% يتحملها المشغل و19,0% يتحملها العامل الأجير.
-1% برسم التعويضات الأخرى القصيرة الأمد، منها 67,0% يتحملها المشغل و33,0% يتحملها الأجير.

خاتمة
وختاما فإننا حاولنا في هذا العرض الإحاطة بقدر الإمكان ملامسة مختلف الإشكالات التي تعترض الأجر سواء ما يخص طبيعته وكذلك إثباته.
وقد حاولنا كذلك الإحاطة باشكالية الأجر وتوابعه في حالة توقف عقد الشغل وفي حالة إنتهائه. وبهذا عموما فإن نزاعات الشغل المترتبة عن الأجر موضوع معقد وشائك جدا، نظرا لارتباطه بعلاقات انسانية وبالابعاد الإقتصادية والاجتماعية المتعلقة به.
فرغم وجود عدة نصوص قانونية منظمة، والطابع الأمر الذي تتصف به هذه النصوص فإن اهم مشكل يعترض هذه النصوص هو عدم تطبيقها وتفعيلها على ارض الواقع إذ نجد دائما فراغ بين النص القانوني وبين تمثيلاته في الواقع.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -