منازعات تحصيل الغرامات الجمركية

مقال بعنوان: المنازعات المتعلقة بتحصيل الغرامات الجمركية في التشريع المغربي

مقال بعنوان: المنازعات المتعلقة بتحصيل الغرامات الجمركية في التشريع المغربي PDF

مقدمة:
إن المنازعات في المادة الجمركية هي عبارة عن مجموع النزاعات الناشئة عن خرق التشريعات والتنظيمات الجمركية والضرائب الغير المباشرة وكذا قانون الصرف وغيرهم من التشريعات والتنظيمات التي تعتبر إدارة الجمارك هي المكلف بتطبيقها.
هذه النزاعات المأخوذة والمدرجة في القانون الجنائي أو القانون المدني قادرة أن تعرض أمام المحاكم، فلا شك أن المنازعات المتعلقة بالغرامات الجمركية هي منازعات إدارية، تتميز بسمات تختلف عن غيرها من المنازعات العادية سواء من حيث أطرافه، أو موضوعها أو الجهة القضائية المختصة بالنظر فيها، أو القانون الذي يفصل فيها([1]).
فالمنازعة الإدارية كما عرفها الدكتور حسن بسيوني "هي الوسيلة القانونية التي يكلفها المشرع للأشخاص الذاتيين أو المعنويين لحماية حقوقهم في مواجهة الإدارة عن طريق القضاء"([2]).
أما المنازعة الضريبية وهي بالضرورة منازعة إدارية، فتعني الحالة القانونية الناشئة عن جو خلاف بين الملزم والإدارة بتحديد وعاء الضريبة أو تحصيلها وتعني من جهة أخرى المسطرة الإدارية والقضائية المقررة قانونا لتسوية هذا الخلاف([3]).
فالمنازعة في مفهومها الضيق تعني ذلك الخلاف بين الإدارة الضريبية من جهة، والملزم من جهة أخرى، بحيث يدفع كل طرف بموقف متعارض مع موقف الطرف الآخر على جهاز قضائي يفصل بينهما بإصدار حكم تنفيذي وملزم([4]).
ويمكن حصر النزاع من الناحية الموضوعية إلى صنفين من المنازعات: هما النزعات في الوعاء والنزاعات في التحصيل، وبين طرفين، اإدارة الجمارك في شخص مديرها حينما يتعلق بالوعاء ، والخازن العام حينما يتعلق الامر بالتحصيل، إما من ناحية مراحل هذا النزاع فتتوزع بين مرحلتين المرحلة الأولى وهي إدارية، يتم البث خلالها في المنازعة من طرف هيئات إدارية، والمرحلة القضائية التي تعتبر المرحلة الحاسمة في حل الخلاف القائم.فالمنازعات المتعلقة بالتحصيل على وجه الخصوص كان يعهد بها إلى القضاء العادي لكن بعد إنشاء المحاكم الإدارية بمقتضى القانون رقم 90-41 اسند المشرع مهمة الفصل في المنازعات إلى المحاكم الإدارية مع الاحتفاظ للمحاكم العادية بالاختصاص المتعلق بمنح الترخيص حينما يتعلق الأمر بإجراءات التحصيل القضائية([5]).
والمشرع المغربي بإنشائه للمحاكم الإدارية([6])، وإسناد مهمة الفصل في الطعون المتعلقة بتحصيل الديون العمومية على وجه الخصوص لهذه المحاكم، كان يرمي من وراء ذلك وضع أسس لقضاء ذي تكوين جبائي في القضايا الخاصة بالجمرك وتحصيل الديون المستحقة للخزينة، كما كان يهدف إلى توفر الحماية القضائية اللازمة للمتقاضين. وهكذا يمكن اعتبار موضوع دور القضاء في منازعات التحصيل كجزء من الموضوع العام المتعلق بدور القضاء في إرساء دعائم دولة الحق والقانون من خلال ممارسة الرقابة، مادام الفرد يحتاج إلى حماية باعتبارها الطرف الضعيف.فالقضاء هو ملجأ الأفراد وضمان حقوقهم من اعتداء الإدارة وهو الضامن الأكبر لسيادة القانون.
وخلال هذا المقال سوف نتناول المنازعات الزجرية والمدنية من حيث المسؤولية والدعوى ومن حيث مبدأ التضامن والضمان (المبحث الأول) تم مجالات أخرى للمنازعة متعلقة بالإجراءات والشكليات وفي قانونية هذه الاجراءات ومدى استحقاق الغرامة وحدود هذه الرقابة الإدارية للقضاء الإداري وبعض الإشكاليات المرتبطة بالإكراه البدني (المبحث الثاني).

المبحث الأول: المنازعات الزجرية والمدنية المرتبطة بتحصيل الغرامة الجمركية

تهدف المنازعات الزجرية إلى زجر وقمع الجريمة ومعاقبة مرتكبيها وذلك بإنزال العقوبات عليهم بواسطة جهاز القضاء، وتطبق على هذه المنازعات نفس القواعد الإجرائية التي يطبقها القضاء على باقي النزاعات المعروفة عليه، أما المنازعات المدنية فتتمثل في مجموع المنازعات المتعلقة بتطبيق الإدارة التي لا تنص مقتضايتها على عقوبات زجرية ويتعلق الأمر بمنازعات تحصيل ديون الدولة والمنازعات المرتبطة بها.
ولدراسة هذا المبحث ارتأينا تقسيمه إلى مطلبين، حيث ستعالج (المطلب الأول) للمنازعات الزجرية (المطلب الثاني) للمنازعات المدنية.

المطلب الأول: المنازعات الزجرية في تحصيل الغرامات الجمركية 

إن المشرع في إطار مدونة الجمارك جاء بقواعد خاصة ومتميزة عن تلك المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي على اعتماده على معيار نوع العقوبة للتفرقة بين الجنح والمخالفات.
وعليه ستولى معالجة هذا المطلب من خلال فرعين حيث ستخصص (الفرع الأول) من حيث المسؤولية تم (الفرع التاني) من حيث الدعوى

الفرع الأول: من حيث المسؤولية

المسؤولية في القانون الجمركي من المقتضيات الواردة في القانون، على اعتبار إن مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة تحيل في كثير من الأحكام على مجموعة القانون الجنائي وكذلك القانون المدني، غير أن المسؤولية في الميدان الجمركي تنفرد ببعض الخصوصيات التي تميزها عن تلك الواردة في القانون العام وتندرج هذه المسؤولية في المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية([7]).
أولا: المسؤولية الجنائية
يمكن القول إن القانون الجمركي قد جاء بمجموعة من القواعد في مجال المسؤولية الجنائية حيث تقوم بمجرد الإهمال كما تحت على ذلك المادة 223 من مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة لكون القانون الجمركي قانون حمائي([8])، حيث أن حماية السياسة الجمركية تتطلب ضمانة تشريعية تهدف إلى ردع كل مخالف لها سواء من قريب أو من بعيد كذلك فيما يتعلق بسن تقرير مبدأ المسؤولية عن أفعال الغير، حيث إن اكبر ميدان تطبق فيه المسؤولية الجنائية عن فعل الغير على الجرائم الاقتصادية واعتبر المشرع الجمركي أن المخالفات الجمركية تتحقق بمجرد ارتكابها بصفة مادية([9]).
غير أنه بإلقاء نظرة على فصول المتعلقة بالمسؤولية الجنائية قد يمتد إلى أشخاص شركاء أو متواطئين أو فاعلين معنويين أو أشخاص ساعدوا بأعمالهم في ارتكاب الغش.فقد خرجت مدونة الجمارك عن القواعد العامة الواردة في مجموعة القانون الجنائي واعتبرت المجنون مسؤول جنائيا بالرغم من إعفاء.من العقوبة الحبسية مع العلم انه غير مسؤول من الناحية الجنائية حسب ما ورد في المادة 134 من القانون الجنائي([10]).
وقد نص المشرع في المادة 227 من القانون الجمركي على المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية..حيث إن إدارة الجمارك تقيم الدعوى مباشرة ضد الشخص المعنوي(المقاولة) نظرا لملائمته وقدرته المالية التي تستطيع وحدها أن تغطي الغرامات المحكوم بها من طرف القضاء([11]).
كما تقوم المسؤولية الجنائية أيضا في حق أشخاص على أساس الإهمال الصادر منهم وهم الذين حددتهم المادة 223 من مدونة الجمارك الأشخاص الموجودون في حوزتهم البضائع المرتكب الغش بشأنها وناقلوها.
ž رؤساء البواخر والسفن والمراكب وقواد الطائرات فيما يخص الجنح أو المخالفات الجمركية الصحيحة الملاحقة في بياناتهم([12]).
ثانيا المسؤولية المدنية
إن المسؤولية بالنسبة لمخالفي القانون الجمركي تثيرها الإدارة الجمركية من أجل تنصيب نفسها كمطالبة بالحق المدني والتعويضات التي قد تنجم عن الأضرار اللاحقة بها. ونظرا لخصوصية القانون الجمركية تلجا إدارة الجمارك للمطالبة بالتعويض رغم عدم حصول أي ضرر بل وحتى في حالة انتفاءعنصر الخطأ.
ومن خلال تمعننا في المادة 229 من مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة نستنتج أن المشرع كان أكثر حيطة أثناء تقريره للمسؤولية عن فعل الغير.
كما نجد أن المادة 231 من القانون الجمركي اعتبرت أن جميع الأشخاص المحكوم عليهم من اجل ارتكابهم الغش يلزمون على وجه التضامن بالمبالغ والغرامات.
وفي الأخير نجد أن الخصوصيات التي أتى بها المشرع في مجال المسؤولية المدنية ترجع إلى الرغبة الملحة لإدارة الجمارك في استخلاص اكبر قدر ممكن من مستحاقاتها وفي حالة عدم استخلاص هذه المستحقات المالية تلجا إدارة الجمارك إلى تحريك الدعوى العمومية([13]).

الفرع الثاني: من حيث الدعوى

القاعدة العامة أن النيابة العامة هي صاحبة المبادرة في تحريك الدعوى العمومية وتمثل حق المجتمع، لكن هذه القاعدة ترد عليها بعض الاستثناءات التي تستلزمها المصلحة العامة، حيث نجد أن مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة هي التي لها صلاحية تحريك الدعوى العمومية وان دور النيابة العامة يبقى استثنائيا ذلك أن المشرع إعطائها صلاحية تحريك الدعوى العمومية في الجنح الجمركة، أما فيما يخص المخالفات فلا يمكن تحريك الدعوى العمومية إلا بمبادرة من الوزير المكلف بالمالية أو مدير الإدارة أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك.
ويمكن للإدارة الجمركية إثارة المتابعة عن طريق تقديم طلب أو عن طريق الاستدعاء المباشر في الحالة التي يكون فيها إثبات الجريمة غير قابل للنقاش، وفي حالة التلبس تخضع المتابعة لنفس الإجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية وهو ما أكده المجلس الأعلى في...له بتاريخ24 يناير 2001 ومما جاء فيه" حيث إن المشرع لئن أعطى الحق لإدارة الجمارك للمتابعة كما أعطى ذلك للنيابة العامة، فان تلك المتابعة تخضع لنفس الإجراءات..المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية([14]).

المطلب الثاني: المنازعات المدنية في تحصيل الغرامات الجمركية 

يبدو الطابع المدني للغرامة الجمركية خلال مرحلة تنفيذ الحكم الصادر بشأنها من عدة جوانب أهمها مبدأ التضامن في أدائها كلما تعلق الأمر بعدة مرتكبين للمخالفة أو الجنحة الجمركية ومبدأ الضمان هذا المطلب سوف تقوم بمعالجته عبر فرعين سوف تخص (الفرع الأول) لمبدأ التضامن(الفرع الثاني) لمبدأ الضمان.

الفرع الأول: مبدأ التضامن

ينص الفصل 221 من م ج على أن "الشركاء والمتواطئين في ارتكاب جنحة أو مخالفة جمركية تضيف عليهم وفق شروط الحق العام نفس العقوبات والمنطبقة على مرتكبين الرئيسيين للجنحة أو المخالفة الجمركية، ويمكن أن تطبق عليهم التدابير الاحتياطية المنصوص عليها في الفصل 220.
كما تطيق عدة عقوبات والتدابير الاحتياطية على الأشخاص الذاتيين أو المعنويين الذين لهم مصلحة في الغش([15]).
فالتضامن هو عبارة عن احد الوسائل التي تتمكن من خلالها الإدارة الجمركية تحصيل ديونها، وبذلك فإن جميع الأشخاص المحكوم عليهم من اجل ارتكابهم نفس الغش أو من اجل جنح أو مخالفات جمركية ملزمون على وجه التضامن بأداء الغرامات.
وإذا كان لهذه الوسيلة أهمية باعتبارها وسيلة ضامنة لتحصيل الغرامات، فإن القاضي الإداري أحاطها بعناية فائقة في ذلك قضت المحكمة الإدارية بفاس "بأن المدعية مؤسسة البنك الشعبي كفلت شركة "لينا نسيج التي استصدرت كمية من القطن في إطار نظام القبول المؤقت المنصوص فيه الفصل 135 من مدونة الجمارك كما أن المدة القصوى للاحتفاظ بالبضائع المستوردة في ظل هذا النظام قصد تحويلها آو صياغتها آو تكملة منعها هي سنتان من تاريخ تسجيل تصريح التعهد القبول المؤقت.وان إلزام الكفيل في إطار هذا النظام لا يحدد بمدة زمنية معينة ولكن بالتسوية القانونية للبضائع المستوردة في إطاره.
وبما أن المدين بالتضامن ينزل منزلة المدين الأصلي طبقا للفصل 230 من مدونة الجمارك والفصلين 1133 و 166 من ق ل ع تبقى المدنية مدينة بالتضامن مع المتعهدة.
وعليه فإن حضر القاضي الإداري في أحكام التضامن في القانون الجمركي وبالرغم من أنها شبيهة بالواردة في.. والتي كانت حكرا على المحاكم العادية، والتي كانت تنظر في مدى مشروعيتها من عدمها، فإن القاضي الإداري المغربي برهن على حمايته الواضحة لحقوق الإدارة الجمركية من خلال الأحكام الصادرة عنه([16]).

الفرع الثاني: مبدأ الضمان

ينص الفصل 230 من ق م ج انه "يلزم الكفالة بقدر ما يلزم الملتزمون الرئيسيون بأداء الرسوم والمكوس والعقوبات المالية".
غير انه فيما يتعلق بالأنظمة الاقتصادية الخاصة بالجمارك فإن الكفالات الممنوحة من طرف الأبناك وشركات التامين يمكن أن تشمل كلا آو جزءا من الرسوم والمكوس الموقوفة في حدود المبالغ المكفولة وتبقى على عاتق الملزم الرئيسي فوائد التأخير مجموع المبالغ المستحقة وكذا العقوبات المالية المحتملة.
فالظاهر من النص أن الغرامة الجمركية يمكن أدائها من طرف أي ضامن للمخالف بمقتضى اتفاق سابق لاقتراف المخالفة آو الجنحة الجمركية أو بعد ذلك. كما أن الكفيل أو المتعمد آو الضامن يمكن أن تكون شخصا طبيعيا. ويمكن أن يكون شخصا اعتباريا كشركات التامين والأبناك.

المبحث الثاني: منازعات متعلقة بقانونية الإجراءات ومدى استحقاق الغرامة الجمركية

بالإضافة إلى المنازعات الزجرية والمدنية هناك منازعات مرتبطة بقانونية الإجراءات الشكلية لتحصيل الدين الجمركي وكذلك المنازعة في الدين المطالب به، كما أن هناك منازعات أخرى مرتبطة بمدى الاستحقاق الغرامات الجمركية والإشكالات التي تطرحها أمام جهة القضاء الإداري والقضاء العادي.هذا المبحث الذي بين أيدينا سوف تقوم بتقسيمه إلى مطلبين (مطلب الأول) الإجراءات المتخذة لتحصيل الغرامة الجمركية (المطلب الثاني) منازعات في مدى استحقاق الغرامة الجمركية والإشكالات المرتبطة بها.

المطلب الأول: الإجراءات المتخذة لتحصيل الغرامة الجمركية

هناك مجالات أخرى لمنازعة المدين والإدارة وهي منازعات في قانونية الإجراءات والمنازعة في الدين سوف نقوم بتحليلها عبر فرعين (الفرع الأول) الإجراءات والشكليات (الفرع الثاني) المنازعة في الدين.

الفرع الأول: إجراءات وشكليات تحصيل الغرامة الجمركية 

كما سبقت الإشارة إلى ذلك ألزم المشرع القابض المكلف بتحصيل الديون الجمركية بالتقيد بمجموعة من الشكليات الخاصة وعدم التقيد بها يتيح الفرصة لكل([17]) من المدين أو المحجوز على أمواله التعرض على عدم احترامها كما لو تعلق الأمر بعدم احترام الآجال القانونية أو الدفع بعدم صحة الإنذار لتبليغه قبل مضي30 يوما ابتداء من تاريخ الاستحقاق أو مباشرة الحجز دون أن يكون مسبوقا بإنذار أو اتخاذ إجراء بدون استصدار ترخيص مسبق من الجهة المعينة([18]).
وكل هذه المنازعات تهدف إلى شيء واحد هو إبطال عمل معين من أعمال المتابعة وكنتيجة لهذا الخرق وهذه المنازعة يتم إلغاء هذا الإجراء مما يؤدي إلى إلغاء الإجراءات اللاحقة له إما الإجراءات السابقة فهي تبقى سارية المفعول متى كانت صحيحة وقانونية. وتجدر الإشارة إلي انه ما من شيء يمنع الإدارة من إعادة أو تصحيح الإجراء الملغى داخل الأجل القانوني وفق الشكل والآجال القانوني وهذا وقد يدعي المدين بان الإدارة الجمركية لها حق لما في استخلاص الدين الذي تطالب به لأنه قد انقضى بأحد الأسباب القانونية التي ينقص بها الحق كالتقادم أو سبق الأداء جزئيا أو كليا([19]).
كما أن هناك منازعات متعلقة بمراجعة التصريحات المقدمة من طرف الإدارة والذي يشكل بيانا مفصلا عن البضائع المصدرة أو المستوردة لهذا يأتي دور الإدارة الجمركية للقيام بعملية المراقبة لهذه التصريحات داخل أجل تسعين يوما يقررا وزير المالية وهو المبدأ الذي خلصت إليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء وعند تأكد الإدارة الجمركية من أن التصريحات المقدمة قد استوفت جميع المتطلبات تقوم بتسجيل التصريحات على أساس انه مقبول. وللإدارة مع مراعاة الأحكام التشريعية والتنظيمية من أجل تقويم هذه الوضعية وبدلك أقرت المحكمة الإدارية بمشروعية هذه الإجراءات([20]).
كما أن هناك منازعات متعلقة بمراجعة التصريحات المقدمة من طرف الإدارة والذي يشكل بيانا مفصلا عن البضائع المصدرة أو المستوردة لهذا يأتي دور الإدارة الجمركية للقيام بعملية المراقبة لهذه التصريحات داخل اجل تسعين يوما تقريرا وزير المالية، وهو المبدأ الذي خلصت إليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء([21]). وعند تأكد الإدارة الجمركية من أن التصريحات المقدمة قد استوفت جميع المتطلبات تقوم بتسجيل التصريحات على أساس انه مقبول وللإدارة مع مراعاة أحكام التشريعية والتنظيمية اتخاذ الإجراءات الضرورية بمشروعية هذه الإجراءات.

الفرع الثاني: المنازعة في الدين

هناك إمكانية المنازعة في الدين المطالب به على أساس أداءات سبق القيام بها مرتبطة بنفس الدين فقط أم تدخل فيها حتى الادعاءات التي لا علاقة لها بالدين المطالب به والتي تكون قد دفعت بغير حق وكذا الديون التي تنشا لفائدة المدين على الخزينة؟
جرى العمل في هذا الإطار على عدم قبول رفض المدين أداء ما عليه من دين بحجة ديونه على الدولة، وهو ما كرس العمل القضائي في قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى"2046 بتاريخ 19/11/1998. بالإضافة إلى هذا يمكن أن تثار منازعة أخرى من قبل المدين في حالة ما إذا قام القابض الجمركي بمتابعته بشان دين سقط الحق في استخلاصه فيعد المدين أو أي شخص آخر لا مصلحة في ذلك إلى إثارة هذا التقادم، للتخلص من الدين وتوابعه من الفوائد التأخير وفوائد المتابعات ، أما إذا لم يتمسك المدين بالتقادم وقام بأداء الدين أثناء هذه المدة يكون قد وفى بالتزام مستحق إن الأداء ولا يستطيع استرداده بدعوى دين انقضى بالتقادم([22]).

المطلب الثاني: منازعات حول مدى استحقاق الغرامة وحدود الرقابة

يترتب عن ذلك أن المخالف لقانون الجمرك أن يناقش في مدى استحقاق الغرامات أمام القضاء العادي أو الزجري وقبل صدور حكم نهائي أو أمام القضاء الإداري عندما يتعلق الأمر بإجراء من إجراءات التحصيل. وسوف نناقش هذا المطلب من خلال فرعين (الفرع الأول) في مدى استحقاق الغرامة (الفرع الثاني) حدود رقابة.القاضي الإداري على ذلك.

الفرع الأول: مدى استحقاق الغرامة الجمركية

في ظل تنازع ثنائي من جهة القضاء الزجري والقضاء الإداري قد اهتدى الاجتهاد القضائي على ضوء تنصيصات القانون. إلى وضع معايير كفيلة برفع اللبس وتحديد الجهة المختصة، مع استئثار القضاء الزجري بنصيب أوفر من هذه المنازعات والتي سوف تقوم بمناقشتها أمام القضاء العادي والقضاء الإداري.
أولا: أمام القضاء العادي
إن البداهة القانونية في دائرة هذا النقاش انعقد الاختصاص للقضاء الزجري في الحكم بالغرامات والإدانات النقدية، والتي تصدر في نطاق الدعوى المدنية التابعة للدعوى العمومية، حيث يأتي الحكم على إدانة الشخص المرتكب للجريمة الجمركية..
فالمخالف لقانون الجمرك من حقه أن يناقش استحقاق الغرامات أمام القضاء الزجري قبل صدور حكم نهائي، وله أن يستنفذ حق الطعن بالنقض أو التماس إعادة النظر في الحالة الموجهة أمام جهة القضاء الزجري([23]).
وتأسيسا على ما تقدم فغن الغرامات الجمركية من اختصاص القضاء الزجري..يرد عليها استثنائيين لا نكاد نجد لهما أثر في التطييقات إلا في حالات نادرة حيث توقع غدارة الجمارك هذه الغرامات وفي نطاق التنفيذ المباشر دون لزوم مراجعة القضاء ومن غير وجوب حصول موافقة المخاطب بالغرامات عليها، وذلك وفق الحالتين التاليتين:
ž الغرامات الموقعة على المعشرين بمناسبة مساءلتهم بين اخلالاتهم المهنية، حيث نص الفصل 70 من مدونة الجمارك على انه، علاوة على السجن المؤقت أو النهائي لرخصة التعشير، يمكن لوزير المالية أو مدير إدارة الجمارك توقيع غرامة مالية حدها الأدنى 2000 درهم وحدها الأقصى 100.000 ويتم إصدار هذه الغرامة بقرار إداري دون مراجعة القضاء([24]).
ž الغرامة المستحقة عن اعتراض شخص معين لمزاولة إدارة الجمارك لمهامها، وفي هذا المعنى نص الفصل 301 من مدونة الجمارك إن كل مخالف لمقتضى الفصل 42 من مدونة الجمارك يتم إكراهه عن طريق فرض غرامة تهديدية قدرها الأقصى 100 درهم عن كل يوم تأخير تحتسب بعد 48 ساعة من واقعة الاعتراض على مزاولة المهام إلى غاية يوم زوال فعل الاعتراض.
ثانيا: أمام القضاء الإداري
لا يملك حق إثارة مدى استحقاق الغرامة أمام القضاء الإداري، غاية في الأمر انه له فقط حق المنازعة في إجراءات التحصيل أمامه بناء على أسباب لا تتطرق إلى استحقاق الدين أو استكثاره بناء على اعتبارات متعلقة بإلغاء السند التنفيذي المؤسس للغرامة بنقض الحكم أو القرار النهائي، حيث يعاني القاضي الإداري، في مثل هذه الحالة، واستنادا إلى قرار جنحي بالنقض، عدم قانونية تدابير تنفيذ غرامة جمركية لعلة النقض، بمثابة السند القانوني، دون أن jملك جهة القضاء الإداري حق الخوض في استحقاق الغرامة.
هناك أيضا اعتبارات أخرى مرتبطة بانقضاء الدين لسبقية الأداء أو لحصول التقادم المسقط وهي دعوى لا تنصب على عدم استحقاق الدين لحظة نشوءه وقناعة سنده التنفيذي. كما تحت مدونة التحصيل على مجموعة من الآجال يتعين احترامها في مساطر التحصيل الجبري المواد 41 و43 و44، وهي آجال تشكل ضمانات قانونية للمدين في إطار حرص المشرع على الموازنة بين الفعالية والضمان في مادة التحصيل([25]).

الفرع الثاني: حدود رقابة القاضي الإداري في مجال منازعات تحصيل الغرامات الجمركية 

إن القاضي الإداري يبقى له اختصاص في مدى مشروعية استخلاص الديون وتحصيلها وتبقى المحكمة الإدارية هي المختصة للبث في مشروعية ذلك عن طريق الأمر بتحصيلها واسترجاع المبلغ المطالب به. وحيث انه أمام هذا المعطى يبقى استبعاده والتصريح بانعقاد الاختصاص النوعي لهذه المحكمة للبث في الطلب مع إحالة الملف إلى مكتب القاضي المقرر. لمواصلة باقي الإجراءات، وإذا كانت مسطرة التحصيل الديون العمومية على اعتبار أن هذه الغرامات بمثابة ديون عمومية في المادة الثامنة، فإنه لا خلاف أن المحاكم الإدارية أصبحت مختصة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون([26]).
وكذلك يراقب القاضي الإداري ويقوم بمراجعة التصريحات المودعة قبل الأوان والتي تكون محل نزاع في الإدارة الجمركية والمتعامل الاقتصادي([27]).
كما يلعب القاضي الإداري دورا عاما في مراقبة الآجل القانوني للتقادم.

خاتمة :
لقد حاولنا خلال هذا المقال الوقوف على أهم المنازعات المتعلقة بتحصيل الغرامات الجمركية، هذه المنازعات التي تهدف إلى زجر المخالفات الجمركية وقمع مرتكبيها وتتمثل في مجموع النزاعات الناشئة عن تطبيق الإدارة للقوانين، وقد قمنا بالوقوف على المنازعات الزجرية والمدنية نظر للطابع المزدوج التي تتمتع به الغرامة الجمركية([28])، ثم أدرجنا بعض المنازعات المتعلقة بالإجراءات والشكليات والتي غيابها يؤدي إلى الطعن في ذلك ثم وقفنا على حدود الرقابة، أي رقابة القاضي الإداري فيما يخص هذه المنازعات المتعلقة بالغرامات والذي أعطى للمواطنين الفعالية والوسيلة القانونية والسريعة للدفاع عن حقوق المواطنين وإن كانت رقابة القاضي الإداري لا تتجاوز حدود التحصيل فقط دون المنازعات التي ظلت غائبة في كثير من الأحيان.
------------------------------------
هوامش:
[1] تقرير التدريب المجرى بمصلحة المنازعات بالمديرية الجهوية للجمارك بالدار البيضاء: تقرير من إنجاز بن مزيان زهير تحت إشراف الأستاذ إومناص الحسين 2003-2004.
[2] أنظر المادة الثامنة من القانون90.41 المنشئ للمحاكم الإدارية.
[3] حسن بسيوني"دور القضاء في المنازعة الإدارية لم تتم الإشارة.إلى دار النشر ص1988ص18.
[4] Lucien mechel et pierre dultrane »science et techniques Fixales pufthenis
[5] مولاي ادريس الحلابي الكتاني مسطرة التقاضي الإدارية-الجزء الأول- منتشورات المجلة م.ل.م ت ع سلسلة مواضيع الساعة "12 سنة 1997 ص38.
[6] إنشاء المحاكم الإدارية كانت للمحاكم العادية الولاية العامة في جميع النزاعات الضريبية سواء كانت في الوعاء أو التحصيل.
[7] WW didien : le droit pénal des affaires, édition Dallaz 1996,p215
[8] عبد الوهاب عافلاني مرجع سابق ص51.
[9] أكري أحميد والمسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم الاقتصادية.
[10] مقال منشور في مجلة القضاء والقانون العدد 138 فبراير 1998 ص 105.
[11] المادة 228 من مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة.
[12] تحت المادة 227 من مدونة الجمارك على انه عندما ترتكب جنحة أو مخالفة جمركية من طرف احدهم العامل باسم والحساب الشخص المعنوي يمكنه بصرف النظر عن المتابعات المجرات ضدهم أن يتابع الشخص المعنوي نفسه وان تفرض عليه العقوبات المالية.
[13] حميد الوالي مرجع سابق ص 96.
[14] قرار أورده عبد الوهاب عفلاني مرجع سابق ص 196.
[15] الفصل 230 من المدونة الجمركية.
[16] حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 107 بتاريخ 15 ماي 1986.
[17] Instruction relative au Recouvrement des créances publique Mai 2001 P 210
[18] عبد الرحمان ابليلا محمد مرزاق، النظام القانوني للمنازعات الجبائية للمغرب، ص 1، مطبعة الأمنية الرباط ص: 183.
[19] عبد الرحمان ابليلا ورحيم الطول، تحصيل الضرائب م س ص 110.
[20] حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حكم رقم 159 بتاريخ 17 مارس 2003 عبد الله ولاد مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة مع اجتهاد القضاء المغربي والمقارن الطبعة الأولى 2005 ص 23: الفقرة الأولى من الفصل 77 من المدونة الجمركية.
[21] حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عدد 159 بتاريخ 17 مارس 2003 تمت الإشارة إليها.
[22] عبد العزيز اليونسي، تقام إجراءات التحصيل ديون العمومية المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية –سلسلة مواضيع الساعة، عدد 31، سنة 2001 ص 85-86.
[23] 61 نص الفصل 279 من مدونة الجمارك على الأفعال الخارقة للقوانين والأنظمة الجمركية تقبل التصنيف إلى جنح جمركية ومخالفات جمركية.
[24] M.Rozeen Gren « pour suite et sanction en droit pénal douanier » thé se de dectorat en droit privé spésialité droit pénal (Arreté du 25 avril 2002), Sauternne le 16 novembre 2011 université.Assas.p189 et Suivi.
[25] دعوة التعرض على إجراءات التحصيل بموجب المادة 119من مدونة تحصيل الديون العمومية.
[26] حكم المحكمة الإدارية بوجدة رقم 204 الملف 80/2006 ش ت بتاريخ 02 رجب 1427 الموافق 28 يوليوز 2006.
[27] الظهير الشريف رقم.100.175 الصادر في 28 محرم 1421 الموافق 3 ماي بتنفيذ القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية الجريدة الرسمية عدد 4800 بتاريخ 28 صفر 1421 الموافق فاتح يونيو 2000 ص 1256
[28] محمد النجاري مرجع سابق ص 63.100.175.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -