العدالة المجالية و التنمية المستدامة

عرض بعنوان: العدالة المجالية و التنمية المستدامة PDF

العدالة المجالية و التنمية المستدامة PDF

مقدمة :
تشكل العدالة المجالية اليوم أحد أبرز مؤشرات التنمية المستدامة ، باعتبارها أولوية ومطلبا واجب الاستحضار في صياغة وتنفيذ مختلف السياسات العمومية، وذلك ليس فقط استجابة للالتزامات الملقاة على عاتق الدول والحكومات بموجب خطة التنمية المستدامة 1، ولكن باعتبار التنمية حقا من حقوق الإنسان المكفولة من أجل مواجهة تحديات العصر2. وقد حظي مفهوم العدالة الاجتماعية والمجالية خلال السنوات الأخيرة بقدر كبير من الأهمية باعتباره مطلبا شعبيا ودوليا وقد عرف الفيلسوف الأمريكي جون رولز John Rawls، الذي صاغ نظرية العدالة التوزيعية كفلسفة أخلاقية ونظرية سياسية في كتابه "نظرية سياسية"، العدالة الاجتماعية على أنها تمتع كل فرد في مجتمع ما في الحصول على الفرص المتاحة اللفئات المميزة، ويرى في هذا الصدد أن الوثيقة الدستورية يجب أن تتأسس على قيمتين متلازمتين تداول السلطة والثروة.
وبالنسبة لمفهوم التنمية المستدامة فهو يعكس التطور الحاصل في مفهوم التنمية من جهة ومن جهة ثانية الظواهر التي عرفها العالم منذ أواخر القرن الماضي والتي تمثلت أساسا في ازدياد الكوارث الطبيعية وثقب في طبقة الأوزون وهذه الظواهر مردها التدهور الكبير الذي لحق بالإطار البيئي في كوكب الأرض، فالتنمية المستدامة أقدم من مؤتمر قمة الأرض لسنة 1992 فهذا المفهوم برز أول مرة خلال مؤتمر استوكهولم (مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية والذي ناقش لأول مرة القضايا البيئية وعلاقتها بواقع الفقر وغياب التنمية في العالم 4، وابتداء من 1990 وقع تحديد هذا المفهوم بشكل دقيق وواضح حيث تضمنت وثيقة الأرض أو مؤتمر ريو في ريوديجانيرو عام 1992 سبعة وعشرون مبدأ تدعو إلى ضرورة تحقيق العدالة الحالية واللاحقة في توزيع الموارد الطبيعية ضمانا لاستمرار وتواصل عملية التنمية بين الأجيال المختلفة وأن لا تقتصر على فترة محددة 5، واعتبرتها الأمم المتحدة على أنها التنمية التي تفي بالاحتياجات الحاضرة دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على الوفاء باحتياجاتها، وتم تعريفها في تقرير بروند طلاند Brundtaland على أنها التنمية التي تستجيب لحاجيات الحاضر دون تعريض للخطر قدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجياتها أيضا، ولتطبيق هذا المفهوم تطبيقا سليما وجب التركيز على مبدأين اثنين ، مبدأ العدالة في توزيع الموارد الطبيعية ومبدأ استعمال تقنيات نظيفة تتحكم في إنتاج النفايات واستعمال الملوثات.
وقد شكلت العدالة المجالية أحد التحديات الملحة أمام تحقيق التنمية الاقتصادية بالمغرب باعتبارها مدخلا أساسيا لإحقاق العدالة الاجتماعية ويمكن تعريفها على أنها التوزيع المتوازن والمتكافئ للتقسيم الترابي والاستثمار والاستفادة المتوازنة مما يختزن البلد من ثروات طبيعية وطاقات بشرية 8 . 
فقد ساهم التشخيص الاقتصادي والاجتماعي التي كشفت عنه وتكشف عنه بشكل متكرر، التقارير الوطنية والدولية بشأن التفاوتات المجالية بالمغرب وأثارها على مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية خصوصا تقرير الخمسينية, في إطلاق صفارة الإنذار بشكل مبكر، بغاية إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب. 9
فعلى مدار العقدين الأخيرين انخرط المغرب في عملية التنمية الاقتصادية والإصلاحات الاجتماعية ومحاولة التوفيق بين متطلبات تحرير الاقتصاد والانفتاح على الأسواق العالمية من جهة وضرورة تحقيق التنمية البشرية والمستدامة من جهة أخرى، فقد ثم اتخاذ خيارات الاقتصاد السياسي هذه من أجل تفاعل أفضل بين محددات تشكيل الثروة مع تلك المتعلقة بالتنمية البشرية وضمان التوزيع العادل لثمار النمو من الناحية الاجتماعية أو المجالية 10.
وسواء تعلق الأمر بانضمام المغرب لإعلان الألفية أو بالتزاماته بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015-2030 التي صادقت عليها الأمم المتحدة خلال دورتها السبعين المنعقدة بتاريخ 25 شتنبر 2015 ، خصوصا على مستوى المحورين 5 و10( القضاء على الفقر والحد من أوجه عدم المساواة) التي تكرس الحد من الفوارق بمختلف أشكالها فقد وضع المغرب عدة برامج واستراتيجيات الري الحد من انتر و رفاه اجتماعي وتجاوز التفاوتات المجالية وتعتبر بعض هذه الأوراش ذات طابع خاص ومحدد من حيث أنها تستهدف شريحة معينة في حين أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والجهوية المتقدمة تعد أوراش مهمة ومتعددة الأهداف والأبعاد. 11 
فالرهان التنموي اليوم أصبح قائما أيضا وبالأساس على المؤسسة الجهوية، باعتبارها الوحيدة القادرة على خلق التوازن المجالي والمساهمة في الإقلاع الاقتصادي العام من جهة، ومن جهة ثانية محاربة الفوارق بين الجهات وإحداث تنمية متوازنة فيما بينها. 12
إن موضوع العدالة المجالية اليوم يحظى بالأولوية القصوى في سياق البحث عن نموذج تنموي قوي كفيل بالحد من الفوارق الاجتماعية والتباينات المجالية ، ومن هنا تبرز أهمية الموضوع نظرا لراهنيته ولكونه موضوع أني يتطلب العمل الجاد والمسؤول.
انطلاقا مما سبق يتبين أن موضوع العدالة المجالية في علاقته بالتنمية المستدامة يثير إشكالية أساسية تتمثل فيما يلي: 
إلى أي حد استطاع المغرب من خلال التدابير والسياسيات التي اعتمدها الحد من التفاوكات المجالية وتحقيق التنمية المستدامة ؟ وما مدى نجاعة وفعالية هذه التدابير وكيف يساهم ورش الجهوية المتقدمة في محاربة الفوارق المجالية بين الجهات وتحقيق تنمية متوازنة بينها ؟
إن الإقتراب من الموضوع ومحاولة الإحاطة بأهم جوانبه يقتضي الاعتماد على المنهج الوصفي والتحليلي. 
وللإجابة عن الإشكاليات أعلاه إرتأيمنا تقسيم الموضوع وفق التصميم التالي:

المبحث الأول: العدالة المجالية كمدخل لبناء النموذج التنموي المغربي
المبحث الثاني: تشخيص واقع العدالة المجالية في علاقتها بالتنمية المستدامة بالمغرب
_______________________
لائحة المراجع :

+ الكتب:
- عبد العزيز أشرقي ، الجماعات الترابية الآفاق المستقبلية وتحديات التنمية المستدامة ، الجهات العملات والأقاليم، الجماعات المحلية، طبعة 2016، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
- محسن عوض، الدليل العربي، حقوق الانسان والتنمية، المنظمة العربية لحقوق الانسان بالتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان وبرنامج الأمم المتحدة في إطار المشروع الإقليمي حول حقوق الانسان والتنمية البشرية)، الطبعة الأولى 2005.
- ممدوح سالم، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المنظمة العربية لحقوق الإنسان، الطبعة الأولى 2003.
النصوص التشريعية 
- نص الدستورل 28ر %14 (فاتح يوليوز 11 صادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1423 يوليوز 2011) جريدة رسمية عدد 59 . 64 بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليوز2011). 
- ظهير شريف رقم 1.14.09 صادر في 4 جمادى الأولى 1435 (6 مارس 2014) بتنفيذ القانون إطار رقم 9.12 و بمثابة میثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة جريدة رسمية عدد 6240 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1435, 20 مارس 2014.
. ظهير شريف رقم 1.15.83 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015)، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111. 14 المتعلق بالجهات.
- مرسوم رقم 2.17.667 بتاريخ 20 نونبر 2017 بتحديد معايير توزيع مداخيل صندوق التضامن بين الجهات.

+ الأطروحات و الرسائل:
- أحمد الدحماني، التنمية المحلية بالمغرب بين توجهات دستور 2011 ومتطلبات الحكامة الجيدة ، دراسة حالة ، أطروحة لنيل الدكتوراه ة في القانون العام، جامعة سيدي 
- محمد بن عبد الله ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية - فاس۔ ، السنة الجامعية 2018-2019.
- عبد العزيز النويطي، الحق في التنمية ، محاولة للمساهمة في نظرية مندمجة لحقوق الانسان، أطروحة لنيل دكتورة الدولة في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة سيدي حمد بن عبد الله ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية . فاس۔ ، السنة الجامعية 1995/1996.
جميلة مرابط ، التعاون في مجالات التنمية بين المغرب وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة سيدي حمد بن عبد الله ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية . فاس۔ ، السنة الجامعية 2007-2018.
- عبد الرحيم بويحياوي ، آليات تفعيل التنمية الجهوية ، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام، جامعة سيدي حمد بن عبد الله ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، السنة الجامعية 2016-2017.

+ التقارير:
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية، تنمية للجميع،2016 .
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية، التنمية في كل عمل، 2015.
- التقرير الموضوعاتي للمجلس الأعلى للحسابات، حول: مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، 2030-2015 ، يناير 2019.
- تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المقاربة النيابية للنموذج التنموي الجديد للمملكة، سنة 2019.
-تقري المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي، الفوارق الاجتماعية والمجالية، سنة 2017 التقرير التركيبي ، للأشغال الملتقى البرلماني للجهات ، 6 يونيو 2016.
- تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، التوزيع المجالي للاستثمار العمومي في أفق الجهوية المتقدمة، و دزر المراكز الجهوية للإستثمار في إعداد وبلورة المخططات التنموية على الصعيد الجهوي وتعزيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال على الصعيد الجهوي وتعزيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال على صعيد الجهة، سنة 2015.
- التقرير الوطني حول التدابير الأولية المتخذة من أجل تنزيل أهداف التنمية المستدامة ، المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة نيويورك 19 يوليوز 2016.
- تقرير حول الجهوية المتقدمة، الكتاب الأول، التصور العام، اللجنة الاستشارية اللجهوية، المملكة المغربية 2011.
- الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة المملكة المغربية، الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة في إطار الفصل 101 من الدستور)، عرض الدكتور سعيد العثماني رئيس الحكومة، الاثنين 7 رمضان 1440 الموافق ل 13 ماي 2019.
- المنتدى البرلماني الدولي الثالث للعدالة الاجتماعية ، تحت شعار "رهانات العدالة الاجتماعية والمجالية ومقومات النموذج التنموي الجديد" ، الإطار الاسترشادي لإعادة بناء النموذج التنموي المغرب الغد من مدخل العدالة الإجتماعية و المجالية
البرلمان، مجلس المستشارين، الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من أجل تنمية بشرية قوامها العدالة الاجتماعية ، منشورات مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية بدعم من مؤسسة كونراد ایدناور .

+ التقارير باللغة الفرنسية:
- Rapport national 2019 ,Population et Développement au 
- Maroc ,vinq cinq ans après la conférence du Caire de 1994, Royaume du Maroc, Octobre 2019

+ الوثائق: 
- المملكة المغربية، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تقديم  في المرحلة الثالثة 2019

+ المقالات:
- حافظي سعاد دور المنظمات غير الحكومية في تحقيق التنمية " منشورات مجلة القانون الدولي والتنمية، العدد 05 _2016
- کریم لحرش: " دور الجهوية المتقدمة في تحقيق الحكامة الترابية نحو تصور جديد لحكامة ديموقراطية للشأن الجهوي بالمغرب"، منشورات سلسلة اللامركزية والإدارة الترابية، العدد 19، الطبعة الثانية 2012.
- الشريف العبودي، إدارة القرب آلية للتضامن الترابي، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، أشغال الندوة المغاربية المنظمة يومي 24 و25 نونبر 2005 بالرباط تحت عنوان إدارة القرب المفهوم والانعكاسات، الطبعة الأولى 2006.
- عبد الله شاهین، "التدبير الجهوي الحديث آلية التفعيل ومناهج تطبيق _"، مجلة منازعات الأعمال، العدد 45 ،2019

+ المواقع الالكترونية: 
https : / / m . alyaoum24 . com / 1145309 . html
www . alekt . com
https : / / m . hespress . com / writes / 383704 . html
www .ma Page oil com
www . hespress . com / opinionshtmk
https : / / www . marocdroit . com
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -