التواصل التشريعي في المغرب

مقال بعنوان: التواصل التشريعي بالمغرب

مقال بعنوان: التواصل التشريعي بالمغرب PDF

مقدمة 
إن دور التواصل يظهر بوضوح في كل مظاهر النشاط الإنساني، ويبرز في كافة مستوياته الخاصة والعامة، الفردية والجماعية، ومن بين أهم هذه المستويات تلك المرتبطة بالتنظيمات الاجتماعية أو المجتمعية أو المؤسسات.
و هكذا يرتبط التواصل ارتباطا وثيقا وجوهريا بمختلف هذه المظاهر الإنسانية، وهذا الارتباط شكل المنطق الأساس لظهور فروع عديدة لعلم التواصل، ومن بين هده الفروع نجد التواصل السياسي، التواصل التشريعي وغيرهم.
و هناك علاقة جوهرية بين العملية التواصلية والعملية السياسية، فإذا كان عالم السياسة يقوم على القوة، فإن رغبات من يمتلكون القوة لابد أن تنتقل إلى من يتوقعون أنهم سيستجيبون لها، وإذا كان عالم السياسة يقوم على المشاركة، فإن ذلك يعني إيجاد القنوات التي تنقل مصالح المواطنين ومطالبهم إلى صانعي القرار.
و يرى الفقيه سيدني كروس ودنيس ديفيس أن النظام السياسي يتكون من ثلاث أنواع من العمليات، وهي عمليات تتعلق بالجماهير، وعمليات تتعلق بالنخبة، وعمليات مشتركة بين الجماهير والنخبة.
و يعتبر لاسويل أن المجتمع يشبه الهرم حيث يوجد الحكام وهم الصفوة في قمة هذا الهرم، وجماهير الشعب في القاعدة، بينما يوجد الخبراء والمتخصصون في الوسط بين الرأس والقاعدة، وتجري عمليات التواصل على أساس أن لكل أمة نظاما سياسيا معينا يتكون من الصفوة وهم مسئولون على إصدار القرار والإشراف على مقدرات الدولة، ومواردها الاقتصادية والبشرية.
و بدون شك أن التواصل السياسي لا يجد مقامه إلا في مجتمع ديمقراطي يتيح هامشا واسعا للتعددية السياسية وفصل السلط، حيث لا يمكن تصور الديمقراطية إلا في وجود سلطة يستطيع المواطن من خلالها التعبير والمشاركة في الحياة السياسية.
وتلعب السلطة التشريعية دور الوسيط بين الحكام والمحكومين، باعتبار البرلمان هو ممثل الشعب، والمعبر عن انشغالاته سواء عن طريق الرقابة التي يمارسها على السلطة التنفيذية، وإيصال هموم ومشاكل الشعب للمسئولين، كما تمارس السلطة التشريعية نوعا آخر من التواصل الكتابي عن طريق تشريع القوانين التي تنظم الحياة اليومية للمواطنين في جميع المجالات.
و لقد اتسمت تشريعات فترة الحماية بالتشدد والصرامة، وتسخير القوانين بما يخدم مصالح المستعمر، وقد ورث المغرب عن عهد الحماية تشريعا مزدوجا وإدارة مزدوجة هذه العناصر تركت بصماتها على نظام التواصل في المغرب، من خلال تأثيرها على مكوناته التنظيمية الرسمية، وغير الرسمية في مختلف القطاعات، وعلى الأسس القانونية والتشريعية المختلفة وعلى المفاهيم، فقد ظلت التشريعات الفرنسية متحكمة في مجمل العلاقات داخل المجتمع المغربي، كما أن التواصل التشريعي ظل محكوما باتجاه واحد من القمة إلى القاعدة.
وبدون معالجة الثغرات في نظام التواصل التشريعي، لا يستطيع المغرب أن يتقدم على مستوى جميع المجالات، فالجانب التشريعي، والتكويني، يمثل أهم قواعد التواصل الوطني، ويتجسد في مختلف النصوص القانونية التي تشكل بنية الوحدات التنظيمية أو التشريعية المتعلقة بجميع المجالات، ومن هنا تظهر أهمية التواصل التشريعي، إذن فما هي الخصائص التي تميز هذا النوع من التواصل؟ وما هي المعيقات التي تحول دون نجاحه؟ وإلى أي حد استطاع هذا النوع من التواصل تحقيق أهدافه؟
لمحاولة معالجة هذه الإشكالية، سنتناول في المبحث الأول خصائص التواصل التشريعي، في حين سنتناول في المبحث الثاني معيقات التواصل التشريعي.

المبحث الأول: خصائص التواصل التشريعي

يتميز التواصل التشريعي بمجموعة من الخصائص، التي تميزه عن باقي أنوع التواصل.

المطلب الأول: التواصل عن طريق صياغة النصوص التشريعية

إن قواعد صياغة النصوص التشريعية والمبادئ التي تحكمها، تميزها عن قواعد تحرير الوثائق، فصياغة النصوص التشريعية لا يستطيع تحريرها إلا من كان قادرا على التشريع، لأن التشريع صناعة وليس كل قانوني يستطيع أن يكون قادرا على التشريع.
فالوظيفة التشريعية تقوم بوضع القواعد العامة التي يسير على هداها الناس في حياتهم والتواصل القانوني يتم بإصدار قوانين، وبالتالي فتحرير النصوص التشريعية ليس مسالة إحداث مصطلحات أو عبارات بل هو مسألة تفكير وتعبير بكل ما يلزم التأمل، فله قواعد علمية من الواجب مراعاتها.
وحتى يحقق التواصل التشريعي أهدافه، لابد على من يتولى إعدادها وصياغتها أن يكون أعرف الناس بالغرض المقصود، وأن يأخذ بعين الاعتبار الأسس التي يتضمنها الدستور، كما يتعين على محرر القانون إتباع أقوال الفقهاء وأحكام القضاء.
إن ما يميز صياغة النصوص التشريعية هو إبراز النص في عدد قليل من الكلمات الواضحة، فالنص كثيرا مالا يخاطب فردا معينا وإنما يخاطب أشخاصا، فيجب على المحرر أن يتجنب التكرار وكلمات وجمل زائدة عن المعنى، وأن يتوفر في النص عنصر القوة
والصدق والسهولة والبساطة، لكي يفهم الشخص العادي المقصود منه.
فالمحرر القانوني لكي يتواصل كتابة، ينبغي أن تتوفر فيه مهارات قانونية، فالكتابة بأشكالها، سواء كتابة المراسلات والمخاطبات البسيطة إلى كتابة وصياغة الوثائق القانونية المعقدة هي جزء لا يتجزأ من الطبيعة المهنية القانونية، والقانوني المحترف عليه مراعاة ما يلي:
- إتقان مهارات الأسلوب الكتابي الرفيع، إضافة إلى الجوانب الفنية في المواضيع المختلفة.
- إتقان القواعد اللغوية الأساسية نحوياً وإملائياً، لأن اللغة أهم أساس من أسس التواصل.
- مهارات صياغة النصوص القانونية.
إلا أن المشرع في غالب الأحيان يضطر لاستخدام اللغة القانونية المتخصصة التي لا تفهم، وبالتالي غموض النصوص القانونية التي تحتمل أكثر من تفسير مما يؤدي إلى إثارة اللبس، فالنصوص التشريعية في غالب الأحيان كثيرة ومعقدة وصعبة الفهم والتفسير.
إن التشريع السليم في المضمون وفي الصياغة عامل هام جدا في تكوين رابطة ولاء وثقة وتعاون بين المواطنين، لذلك من الضروري على الأشخاص الواضعين للنصوص القانونية التوفر على الكفاءة القانونية والتشريعية واللغوية، وذلك بإشراك المتخصصين الأساتذة في القانون والتشريع، وغيرها من المجالات التي تساهم في عملية صياغة النصوص القانونية حتى يحقق التواصل التشريعي أهدافه.

المطلب الثاني: التواصل عن طريق تمثيل المواطن

يعتبر البرلماني وسيط بين المواطن والسلطة، فكثيرا ما يطرح السؤال التالي حول مفهوم النائب البرلماني لدى الناخب والمواطن، هل أن الناخب يريد من النائب أن يكون مشرعا ونائبا للأمة، أو نائبا للمواطنين بالدائرة الانتخابية يدافع عن مصالحهم الخاصة؟
فمن النادر أن يجد الناخب نفسه أمام مواطن ناخب يتساءل عن مشروع قانون، أو يبحث عن الغلاف المالي المخصص في ميزانية وزارة من الوزارات، أو يفكر في دفع النائب إلى استعمال مبادرته التشريعية في موضوع يتعلق بمجموع المواطنين، بل إن اتصال الناخب بالنائب لا يتم في اكتر الأحيان إلا لقضاء حاجة شخصية، ومما يؤكد ذلك، أن للنائب مكانة لدى السلطات الجهوية والمحلية وكذا المصالح المركزية، فالعديد من المواطنين يرون أن النائب البرلماني هو المدافع عن ضعفاء الحال من عمال وفلاحين، عجزة وعاطلين فهو المقصود لتحسين وضعية مواطن محتاج، وهو المخاطب بخصوص الدراسة والمنحة الدراسية... لكن الموضوع الذي يشغل بال الجميع هو التشغيل.
ذلك أن جل الاتصالات ترمي إلى توفير الشغل، وبما أن عمل النائب ومقدرته ضعيفة الجدوى، بسبب أن كل السلطات عاجزة عن الاستجابة لكل الطلبات، أو على الأقل لنسبة كبيرة منها، فان النائب يجد نفسه مباشرة وجها لوجه مع المواطن، عاجزا عن تلبية رغباته ولو البسيطة منها نظرا لفقدان الإمكانيات الضرورية.
وبما أنه لا يملك الإمكانيات والوسائل التي تمكنه من الاستجابة لطلبات المواطنين فان مجرد اللقاءات التواصلية ربما تصبح مضرة للنائب، إذا لم يوظفها في التعرف على مشاكل الناس وحاجياتهم ذلك لان هذه المهمة هي عملية سياسية باعتبارها امتدادا للحملة الانتخابية، والعكس أن ذلك قد يعرض النائب أو النواب المنتمين لنفس الهيئة إلى النقد، وكثيرا ما يقال أن الناخب لا يلتقي مع النائب، إلا بمناسبة الحملة الانتخابية.
إن التاريخ علمنا أن مهمة النائب لا تنحصر في تلقي الرسائل من طرف الناخبين، دون أن يكلف نفسه حتى عناء الرد عليها، والاكتفاء بالحضور الشكلي لجلسات المجلس وأشغال اللجان، إننا نتصور وندرك بسهولة أن المواطن يرغب في التحلل من ضغوط الماضي، ويبحث عن المساعدة والحماية لدى ممثله على الصعيد الوطني، فمن المدهش أن نعاين اليوم انه على الرغم من الدمقرطة المتصاعدة للمؤسسات، ومضاعفة إمكانيات الطعون القضائية لفائدة المواطن ضد تعسف الإدارة، ووجود نقابات وجمعيات للدفاع عن المصالح المختلفة، فان عادة وتيار اللجوء إلى الالتماس والتوسل الفردي لدى النائب البرلماني، يزداد قوة، وهذا التوسل يلزم النائب البرلماني بتلقي سيل من الرسائل، دون أن ننسى التزامه بالمداومة والحضور إلى دائرته الانتخابية أسبوعيا أو شهريا، قصد استقبال الناخبين الراغبين في أن يعرضوا عليه مشاكلهم.
إن تدخلات النائب بناء على هذه الطلبات المتعددة، قد تكون رسالة إلى المصلحة الإدارية المختصة أو الى الوزير الذي يعنيه الأمر، وقد تكون مسعى شخصي لدى تلك الجهات، كما تكون سؤالا كتابيا يتلقى عنه جوابا إجباريا من طرف الوزير المعني داخل أجل عشرون يوما الذي يحدده الدستور، وقد تكون سؤالا شفويا في الجلسة العمومية يجيب عنه الوزير أمام كاميرات التلفزة وأمواج الإذاعة.
فإذا كانت الأسباب التي تدفع المواطن إلى اللجوء إلى النائب البرلماني والى تدخله متعددة ومتنوعة، ففي كل الأحوال يكون رجاءه مماثلا، فهو ينتظر من النائب البرلماني أن يشرح ويفسر ويعجل ويطمئن، أن يشرح بمعنى أن يوضح للمواطن في مواجهة الإدارة القرارات التي اتخذت ضده من طرف هذه الأخيرة، كما يوضح للإدارة ملاحظات المواطن، أن يعجل بمعنى أن يكون تدخله بسرعة وفي غالب الأحيان دراسة ملف المواطن، أن يطمئن بمعنى أن المواطن حينما يهتم به نائبه البرلماني، فانه يشعر اتجاه إدارة لا تعرف الحالات الخاصة، بأنه تحرر من عقدة كونه كان مجهولا وضعيفا أمامها.

المبحث الثاني: معيقات التواصل التشريعي

إن التواصل التشريعي في المغرب، تشوبه العديد من المعيقات التي تجعله لا يؤدي أهدافه بالشكل الصحيح.

المطلب الأول: المعيقات المتعلقة بالسلطة التشريعية

رغم التحول الذي عرفه المغرب على المستوى التشريعي، وذلك من حيث تنظيمه للعمليات التواصلية داخل المجتمع المغربي، بين أفراده ووحداته أو خارجه، فإن الازدواجية الثقافية والفكرية، مازالت حاضرة بكل ثقلها على المستويات العليا التي من اختصاصاتها اتخاذ القرارات.
كما أن البناء الهيكلي أو التنظيمي لمجمل الإدارات مازال على حاله، ومازال يعكس العلاقات السلطوية المخزنية، والعلاقات الصراعية المصلحية داخل هذه التنظيمات، وإن مجمل التشريعات في مجال حرية التعبير عن الرأي تتسم بكثير من التشدد والصرامة فيما يتعلق بحرية التنظيم أو التجمع أو المظاهرات.
إن الجانب التشريع يمثل أهم قواعد نظام التواصل الوطني، ويتجسد في مختلف النصوص القانونية التي تشكل بنية الوحدات التنظيمية، أو التشريعية، المتعلقة بالحريات الأساسية في المجتمع، وإنه عبر هذه القواعد وضمن إطارها يعبر المجتمع عن حاجاته الملحة للتواصل، ويعكس كل تصوراته من خلال البناء القانوني لمختلف علاقات التواصل بين مكونات نظام التواصل الوطني.
غير انه يعرف مجموعة من المعيقات منها:
ـ عدم وجود قانون واضح ودقيق؛
ـ نقص وضعف في مستوى تكوين الأطر البرلمانية المغربية، إضافة إلى انه لا مجال للمشاركة واتخاذ المبادرة إلا على سبيل الاستثناء؛
ـ غياب مدونة تشمل كل ما يمس حق " الإعلام والاتصال" وحق التواصل وحق الإطلاع على المعلومات عند الاقتضاء؛
ـ عدم استجابة الوحدات الإدارية بالإدلاء، أو تقديم المعلومات كلما طلب منها ذلك؛
ـ تقلص دائرة التواصل لما فيه مصلحة الوطن والمواطن؛
ـ وضعف دور البرلمان في تمثيل المجتمع ومد جسور التعاون بينهم؛
ـ غياب الحوار والتواصل الذي يمنح الاستفادة من الخبرات الوطنية؛
ـ ضعف تفعيل الشراكة بين المجتمع المحلي وأعضاء البرلمان؛
لكن نجاح عملية التواصل التشريعي، هي مسؤولية يتحملها ممثلي الأمة والمواطنين.

المطلب الأول: المعيقات المتعلقة بالرأي العام

يمثل الرأي العام العنصر المستهدف في العملية التواصلية لممثلي الأمة، وفق إستراتيجيات متعددة، تسعى إلى كسب دعمه وتأييده بشكل دائم ومستمر.
و يمكن تعريفه بأنه موقف جماعة من الناس تجاه قضية معينة، سلبا أو إيجابا، كانتخاب رئيس دولة، أو مجلس استشاري، أو تجاه مشكلة ما، كالفقر والاستبداد، أو الموقف من نصوص قانونية.
فالرأي العام هو رأي مجموعة من الأفراد، إما سلبيا، أو إيجابيا، يعبر عن قضايا اجتماعية، سياسية، اقتصادية، دينية...
وهكذا فالمظاهر الإيجابية للرأي العام، هي تلك التي ينخرط فيها بكامله من أجل نصرة قضية ما والدفاع عنها، سواء عن طريق الندوات أو الاجتماعات أو المظاهرات أو برقيات التأييد.
أما المظاهر السلبية للرأي العام فتتمثل أهم تجلياتها في المقاطعة، كتعبير عن عدم الرضي وسخط الجماهير بخصوص قضية معينة، كمقاطعة الانتخابات مثلا التي تعبر عنها الفئات الناخبة لموقفها اتجاه الأحزاب السياسية، والعمل البرلماني عموما، لعدم ثقتها فيه، أو في جدوى المشاركة السياسية ككل.
و فيما يخص أسباب ظهور الرأي العام السلبي من الممارسة السياسية المغربية، فيمكن تحديدها في أربعة عناصر:
1 ـ الدونية: تعتقد فئة من الناس أن العمل السياسي صعب، نظرا لتعقيداته الفكرية، وتطلبه معرفة الأمور وخلفياتها.
2ـ الخوف: طبعت التجربة المغربية بالخوف من الممارسة السياسية، لأن كل فرد أراد الدخول في التجربة السياسية فإنه يخاطر بحياته وحياة عائلته، وهو ما ولد رقابة ذاتية للمواطنين للبقاء بعيدا عن شؤون السياسة.
3ـ الإحباط : طغيان قناعة اللاجدوى من دخول غمار المنافسة، والمطالبة السياسية بتحسين الأوضاع، وهي نتيجة الانهزامية واليأس، وخيبة الأمل من الممارسة السياسية.
4ـ الترفع: وهي أن فئة عريضة من المواطنين ينظرون للسياسة أنها مجال قذر، ومجال للكذب ومخالفة الوعد ونقضه بامتياز.
و يلعب قياس الرأي العام أهمية قصوى في الحياة الديمقراطية، فهي تسمح بتقدير توجهات المواطنين الذين يشكلون مصدر السلطة، وتبرز أهمية قياس الرأي العام بحدة خلال الحملات الانتخابية، بل إنها تدفع عددا من السياسيين إلى تغيير أساليبهم، وبرامجهم تبعا لنتائج استطلاع الرأي.
فأهمية الرأي العام لا تتجلى فقط في التلقي للمعلومات والنصوص التشريعية وضرورة فهمها، واحترام القانون وتطبيقه بالشكل الصحيح.
بل تفوق ذلك في المساهمة في خلق النصوص التشريعية، ففي الدول المتقدمة أصبح الرأي العام يساهم من خلال أنشطته المتعددة، في دفع البرلمان إلى تشريع قوانين جديدة تجاري التطور الذي عرفته هذه الدول.
عكس المغرب حيث تتميز العلاقة بين البرلمان والرأي العام بفقدان الثقة، ذلك أن فقدان الثقة في البرلمان عموما، والبرلمان المغربي على الخصوص أصبح أمرا شائعا، ولا يمكن الاستغراب إذا كانت الصورة التي يكونها المواطن المغربي عن البرلمان رهينة بحصيلة عمل هذا الأخير خصوصا على المستوى التشريعي، الذي لا يعبر عن خصوصيات المجتمع المغربي، وإنما يتم اقتباسه من التشريعات الفرنسية.
فمن الثابت أن حضور البرلمان كمؤسسة وكمفهوم واختيار إستراتيجي بالمغرب أصبح مؤكدا بالنص وبالممارسة اليومية، ومع ذلك هناك غياب للمؤسسة على المستوى الدور الذي تقوم به، ومدى فعالية حصيلة ذلك الدور.

خاتمة
نخلص مما سبق أن التواصل الإداري يكاد يشبه التواصل التشريعي، أو التواصل القانوني، ما دامت الإدارة العمومية تتواصل أساسا بما هو رسمي ومكتوب، وتشتغل انطلاقا من نصوص قانونية تنظم كيفية أدائها لمهامها وتدبير أمورها.
فخصوصيات التواصل الإداري أو التشريعي تجعله يختلف عن التواصل العادي، ويتميز عنه بكيفية واضحة، فإذا كان هذا التواصل الأخير(أي العادي)، الذي يتم، مثلا، بين شخصين يتبادلان أفكارا أو آراء في جو من الثقة المتبادلة، يخلق لهما مجالات لتحديد آرائهما في كل وقت، فإن التواصل الإداري أو التشريعي يتميز عن غيره بمجموعة من الأمور يمكن تلخيصها فيما يلي:
1ـ كونه ذو طبيعة حرفية؛
2ـ كون المرسل فيه يكون مجهولا ومتعددا، بالرغم من إقدام المسؤول على إصدار القرار على توقيعه، هذا بطبيعة الحال في النصوص التشريعية ذات الصبغة العامة؛
3ـ كون المرسل إليه مجهولا ومتعددا؛
4ـ يعد التواصل مطبوعا بالرسمية وطول المسافة التي تربطه بالمتلقين؛
5ـ كونه يتمدد في الزمن؛
6ـ ويتميز بعنصر قانون اللغة المكتوبة التي يلجئ إليها هذا التواصل؛
7ـ ويتميز عن غيره بكونه يسعى إلى توظيف لغة خاصة به، فهو ذو لغة متخصصة؛
8ـ ويتميز كذلك بكون الأفعال اللغوية التي ينتجها ذات طبيعة خاصة ومختلفة.
و من هنا يظهر التشابه الكبير بين التواصل التشريعي والتواصل الإداري، في حين يتميز التواصل التشريعي عن باقي أنواع التواصل الغير رسمية.


لائحة المراجع
ـ د.عبد العزيز شرف "نماذج الاتصال" الدار المصرية اللبنانية.
ـ د.محمد مرزوق "التواصل الإداري" الطبعة الأولى 2011.
ـ د. الحبيب الدقاق "العمل التشريعي للبرلمان، أية حكامة"، طبعة دجنبر2009
ـ ذ. معاد الملياني "التواصل السياسي" بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة.
ـ د. بوعلام السنوسي "تقنيات التحرير الإداري بالإدارة العمومية والقطاع الخاص".
ـ ذ.أنماس طه "دور النظام التواصلي في تحقيق إدارة فعالة ومنتجة" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة.
ـ د. الحبيب الدقاق " العمل التشريعي للبرلمان" أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق.



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -