العنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية

رسالة بعنوان: العنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها على ضوء القانون 09-09 PDF

العنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها على ضوء القانون 09-09 PDF

مقدمة :
لما كانت الجريمة نابعة من المجتمع وتتطور بتطوره، ولما كانت الألعاب الرياضية مرتبطة بالإنسان فانه كان لزاما أن تظهر مجموعة من الأفعال التي تشكل جرائم مرتبطة بالتظاهرات الرياضية. هذه الأخيرة أصبحت في الآونة الأخيرة تأرق بال كل المهتمين بالشأن الرياض ي وتبعا لذلك تكرس الاهتمام لدى جل التشريعات ومنها التشريع المغربي من اجل تأطير و تسييج هذه الأفعال حتى يمكن تجنبها في إطار سياسة جنائية متعددة الأبعاد يختلط فيها البعد الزجري بالبعد الوقائي.
فلا يوجد بلد أو مجتمع في هذا العالم لم يتأثر بالعنف وقضاياه بحيث أصبح مشكلة عالمية تهدد حياة الشعوب وأمنها ، وبسبب انتشاره الواسع أصبح البعض ينظر إليه على أنه حقيقة إنسانية لايمكن توقیما والأكثر من ذلك أن العنف يعد موضوعا ذا حساسية عالية يجد كثيرا من الناس صعوبة في مواجهته لأن الخوض فيه يمس قضايا معقدة ذات علاقة بالثقافة وال أيديولوجي.
لقد أصبح العنف في الملاعب الرياضية في الوقت المعاصر من الظواهر الجديرة بالدراسة والفهم لأن معظم الدول أصبحت تعاني منه سواء الغربية أو العربية ،وذلك بسبب ما يصاحبه من أعمال التخريب والتدمير والقتل حتى أصبح من المشاكل الرئيسية التي تواجهها الرياضة في هذا الوقت أو العصر، لأن مشاهدة الأنشطة الرياضية لازالت تعرف إقبالا كبيرا من الجمهور مما يؤدي أحيانا إلى التعصب والعنف ، مما يضر بالوضع الأمني بوجه عام.
ولاشك أن أعمال العنف تعد من أبشع صور الإضرار بأمن المجتمع واستقراره ، ناهيك على أنها تفقد الأنشطة الرياضية قيمتها وقيمها الرائعة وخصائصها الممتعة، ثم أن التصرفات غير المسؤولة للتعبير عن حالات الفرح التي قادت البعض إلى حوادث مروعة ووفيات متكررة تندرج في سياق مظاهر الشغب المقيتة وصورها المرفوضة.
يندرج المغرب ضمن الدول التي تهدد أمنها واستقرارها ظاهرة الشغب والعنف في الملاعب ، خاصة مباريات كرة القدم وخصوصا المحور الرابط بين الدار البيضاء والرباط خصوصا في ظل ظهور ما يعرف بالإلتراث والتي زادت من حدة الشغب نظرا للعقلية التي تقوم عليها ، وإن كان لها بعض الإيجابيات من خلال ما تصنعه من فرجة في المدرجات.
فأمام تزايد هذه الظاهرة ، حاول المغرب مواجهتها بشكل جدي و على جميع الأصعدة ، وذلك من خلال القيام بحملات تحسيسية وسط المشجعين لتوعيتهم بخطورة هذه الآفة وعواقبها الوخيمة عليهم وعلى المجتمع ككل، هذا من جهة ، أما من جهة ثانية تم الاعتماد على مقاربة امنية اكثر صارمة في التعامل معها ، ويظهر ذلك في إحداث فرقة أمنية متخصصة في محاربة شغب وعنف الملاعب وتامين المنشآت الرياضية ، من جهة ثالثة عمل المشرع المغربي وبعد مجموعة من الأحداث الدامية على إخراج القانون 09-09 والذي عدل وتمم مجموعة القانون الجنائي والذي يضم الفصول من 308-1 إلى 308-19 هذا القانون الذي كان الهدف منه ردع المشاغبين من خلال تجريم مجموعة من الأفعال.
هذا ويمكن تعريف العنف لغة عنف بضم العين في اللغة العربية من جدر عنف عنف بفتح العين وهو خوف الأمر وقلة الرفق به ، وهو عنيف إذا لم يكن رفيقا في أمره ، وفي الحديث الشريف (إن الله يعطي الرفق مالا يعطي على العنف)
وعنف به وعليه وعنافة ، اتخذ بشدة وقسوة ، ولامه وعيره.اعتنف الأمر أخده بعنف وأثاره ولم يكن على علم ودراية به ، واعنف الطعام والأرض كرههما .
وفي الاصطلاح ، هو كل فعل ظاهر أو مستتر ، مباشر أو غير مباشر أو غير مباشر، مادي أو معنوي ، موجه لإلحاق الأذى بالذات أو الآخر أو الجماعة .أو الاعتداء على ملكية احد، وهذا الفعل مخالف للقانون و يعرض مرتكبيه للوقوع تحت طائلة القانون التطبيق العقوبية عليه.
وفي تعريف آخر هو السلوك غير السوي نظرا للقوة المستخدمة فيه والتي تنشر المخاوف والإضرار وتترك آثارا مؤلما على الأفراد في النواحي الاجتماعية والاقتصادية التي يصعب علاجها في وقت قصير ، ومن ثم فانه يدمر امن وأمان أفراد المجتمع ، باعتباره سلوكا إجراميا يتسم بالوحشية نحو الأفراد والأشياء من خلال التخريب والضرب والقتل.
أما الملاعب الرياضية في الأماكن التي تمارس فيها الأنشطة الرياضية بكافة أشكالها ومسمياتها والتي تبني الجسم و العقل وتنمية القوي والمواهب والتي فيها يجد الفرد متنفسا لبناء الجسم والترويح عن النفس.
أما التظاهرات الرياضية: فهي مجموعة من الألعاب الرياضية التي تحتضنها دولة ما بصفة رسمية سواء ضمت مشاركين محليين أو دوليين ، الهدف منها هو تحقيق نتيجة معينة عبر التنافس بين كافة المشاركين ، وكذلك فرصة للترويج عن النفس لدى المتفرجين.
أما العنف في التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها فيقص بها الأعمال العدوانية والتصرفات الغير اللائقة واللامعمول بها سواء وقعت هذه الأعمال داخل الملعب أو خارجه أو أثناء مباريات رياضية أو بمناسبتها.|
وهناك من عرفه بأنه تلك الأقوال والكتابات والأفعال التي تسبق أو ترافق أو تتبع أو تنتج عن لقاء رياضي أو منافسة رياضية، إضافة إلى العنف المادي المعبر عنه بالأفعال المادية التي ترتكب في الظروف وتستهدف المس بسلامة الأشخاص والاعتداء على الممتلكات العمومية والخاصة، و إزعاج الراحة العمومية وعرقلة حركة المرور، وهو كذلك الاستخدام الغير القانوني للقوة بمختلف أنواعها في المجال الرياضي، سواء صدر من أو المتفرجين أو غيرهم من الإداريين والمسؤولين عن الرياضة.

1- أممية الموضوع
يكتسي موضوع العنف أثناء التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها أهمية قصوى على المستوى القانوني أو الواقعي:
- فعلى المستوى القانوني يحتل الموضوع مكانة مهمة لدى الفرقاء القانونيين نظرا لتداخل النصوص المؤطرة و المسيجة للعنف  الرياضي بصفة عامة وهو ما يطرح مجموعة من الإشكالات وخصوصا المرتبطة منها بتكييف الأفعال الإجرامية المنطوية تحت العنف الرياضي، أو على مستوى كثرة الإحالة على النصوص القانونية.
- على المستوى الواقعي: يكتسي الموضوع أهمية لا تقل عن الأهمية النظرية القانونية ، إذ أن الواقع العلمي افرز أن الأفعال المنطوية تحت العنف الرياضي ترتكب في أغلبها من قبل الأحداث، الشيء الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول الإجراءات الجنائية المتبعة في هذه الحالة.
- على المستوى اللوجستیکی والبشري يلاحظ أن موضوع العنف الرياضي أصبح يؤرق بال الأوساط الرياضية خصوصا فيما يتعلق بالبنيات التحتية الغير المهيئة لاستقبال كثرة الجماهير ووسائل المراقبة الاحترازية والتحسيسية.
- كما أن الموضوع يحتلا أهمية بارزة إذا انتقلنا من العنف اللفظي الذي ينتج الذي ينتج عن أضرار معنوية إلى العنف المادي الذي يتعدى الأضرار المعنوية إلى أضرار مادية تلحق بجسم الإنسان وممتلكاته، بل يتعدى الأمر ذلك إلى إتلاف وتخريب الممتلكات العامة للدولة، الشيء الذي يفرض على الدولة التدخل من أجل فرض سياسة جنائية استباقية تعتمد على استراتيجية أمنية متعددة الأبعاد سواء على المستوى البعيد او القريب يدخل فيها الأمني بالحسيس و القانوني بهدف تطويق ظاهرة العنف في التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، وبتعبير آخر لابد من التصدي لمكافحة عنف الملاعب الرياضية الذي أصبح يؤدي بحياة الأشخاص من ضرب وجرح واعتداء قد يتحول إلى القتل، فلا بد من محاربة ومكافحة هذا الوباء الذي أصبح ينخر أوصال المجتمع.
لابد من الوقوف على الإختلالات التي يعاني منهل الرياضي من سوء التنظيم من أجل تحسين جودته وكذلك من اجل وضع فضاء يستحق المشاهدة من الكل خاصة وأن المغرب مقبل على تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى.

2-اشكال البحث
أصبحت ظاهرة العنف والشغب الرياضي واسعة الانتشار رغم أنها ليست حديثة في المجال الرياضي ، ولكن الجديد فيها هو تعدد مظاهر العنف والشغب وتغير طبيعته حيث أصبحت تتجاوز حدود الملاعب الرياضية ، فالكثير من الجماهير صاروا | يحتفلون بعد الفوز بطرق غير حضارية عن طريق الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة، كل هذا جعل الملاعب الرياضية أو بالأحرى الرياضية ككل لا تخلو من ظاهرة خطيرة تفشت بسرعة وأصبحت تحكم قبضتها على الرياضة في أغلب الأماكن وهذا لربما راجع إلى عدة أسباب ومتغيرات تولد العنف لا سواء كان مادي أو معنوي .
فرغم الجهود المبذولة من طرف المملكة المغربية لمحاربة هذه الظاهرة إلا أنها تزداد بشكل مستمر يهد الأمن العام والرياضة رغم إصدار القانون 09-09 ورغم الجهود المبذولة مما يدفعنا التساؤل التالي:
- أين يكمن الخلل في مواجهة ظاهرة شغب الملاعب ؟
فمن هذا السؤال المطروح في الإشكال تتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة التالية: 
- هل القانون 09 / 09 قادر على الحد من جنوح المشاغبين؟ وهل لم يكن القانون الجنائي بنصوصه التقليدية قادر على ذلك؟ - هل راعت هذه النصوص خصوصية هذه الظاهرة في ظل أن جانب من المشاغبين داخل أو خارج الملعب يكونون قاصرين مع غلبة الهاجس العقابي على القانون 09 / 09 ؟

3-دوافع اختيار الموضوع
این اختيار هذا الموضوع لم يكن وليد الصدفة بل جاء جراء ما يحدث في الساحة الرياضية في الساحة الرياضية وما يعيشه الشباب في الميدان الرياضي من عنف وشغب سواء كان مادي أو معنوي وكذلك الواقع الذي تتخبط فيه الرياضة وما أصبحت تعرفه من ضرب أو جرح و تخریب وفي بعض الأحيان الموت ، و أمام عجز الوسائل القانونية و الردعية عن توفير الحماية اللازمة ، فيمكن أن نلخص الدوافع الكامنة وراء اختيار هذا الموضوع بالضبط في سببين:

أسباب موضوعية
الوقوف على السياسة التجريمية والعقابية التي نهجها المشرع المغربي في محاربة شغب وعنف الملاعب من خلال إبراز مكامن القوة والضعف
الأسباب وراء تزايد عنف و شغب الملاعب مع وجود الآليات لمحاربته. 

أسباب ذاتية الرغبة في البحث في موضوع العنف عامة وعنف الملاعب الرياضية خاصة.
الرغبة في الغوص إلى أعماق هذه الظاهرة نظرا لأنه موضوع البحث. 

4- الصعوبات والمعيقات
كأي باحث قانوني فقد واجهتني مجموعة من الصعوبات والمعيقات في البحث في هذا الموضوع على الشكل التالي ندوة المراجع التي تناولت هذا الموضوع في الشق الجنائي نظرا لحداثته. تعدد الأفعال المجرمة في في القانون رقم 09 / 09 المتعلق في العنف المرتكب في التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها واستعمال مصطلحات فضفاضة كالمكان العام لم يحدد المقصود به كداك من الصعوبات كثرة الإحالة من المشرع القانون الجنائي سواء بصفة صريحة أو بصفة ضمنية ، إضافة إلى الإحالة على قوانين أخرى بصفة ضمنية ، كالإحالة على قانون 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة وخاصة الفصل 68 منه، من خلال تجريم المضاربة في أسعار التذاكر ،كما أحال بصفة ضمنية على قانون الصحافة والنشر من اجل تعريف السب والقذف والابتزاز والنصب.

5- المنهج المتبع
في محاولة منا لبسط الإشكال الذي يثيره الموضوع ارتأينا الاعتماد على المنهجين التحليلي والنقدي.
فالمنهج التحليلي يفيدنا في الوقوف على النصوص القانونية المؤطرة للعنف المرتكب أثناء التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها ، بهدف مقارنتن الما هو معمول به على مستوى العمل القضائي .
أما النقدي فيفيدنا في استجلاء مكامن القوة والضعف سواء في النصوص القانونية أو الإستراتيجية التي تتهجها الدولة بهدف الحد من هذه الظاهرة. 

6- خطة البحث
سنعالج هذ البحث من خلال التصميم الاتي: 

الفصل الأول : القواعد العامة لظاهرة العنف في الملاعب الرياضية
الفصل الثاني: القواعد الخاصة لظاهرة العنف في الملاعب الرياضية
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -