بحث بعنوان: أحكام التعدد بين مدونة الأسرة والعمل القضائي PDF
مقدمة:
لقد اعتنى الإسلام بنظام الزواج، وربطه بغایات و أهداف تحفظه من الخروج عن المنهج الإسلامي، فلما كان الأصل في بناء الأسرة هو الزواج بواحدة إلا أنه -الاسلام - حرص على إباحة التعدد لما فيه من مصالح اجتماعية واقتصادية، وربطه
بمجموعة من الضوابط والقيود التي تعصم مستعمله من التعسف، حيث اشترط على الراغب فيه العدل والقدرة على الإنفاق مصداقا لقوله عز وجل: "وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك ... والمقصود بتعدد الزوجات في اللغة الكثرة وهو من العدد أي مازاد عن الواحد لأن الواحد لايتعدد، أما اصطلاحا فهو أن يجمع الرجل الواحد في عصمته أكثر من امرأة واحدة لكن من غير أن يتجاوز الحد المسموح به شرعا وهو أربع نسوة.2
وهكذا، فقد شرع التعدد استجابة لحاجات اجتماعية وفطرية، وبلوغا لمقاصد شرعية تطهر المجتمع من الرذيلة، وتشجعه على التكافل والتعاون ، خاصة وأن الإسلام وكما هو معلوم لايسمح بإنشاء علاقات خارج مؤسسة الزواج تحصينا لهذه الأمة، وإعفافا
الها، بل يؤكد أن كل علاقة خارجها هي علاقة مرفوضة بتاتا.
ولاشك أن الحكمة من إباحة التعدد تكمن في تحقق مجموعة من المصالح التي تعود بالنفع على كل من الزوج والزوجة والمجتمع، بحيث إن فيه رفع للحرج والمشقة عن كل من الزوج والزوجة كلما استجدت أسباب طارئة وقاهرة على الزوجين إذ تجعل من التعدد مخرجا ومصلحة ليها وفي هذه الأسية 2
- الحالة التي تكون فيها الزوجة عاقرا و تكون لزوجها رغبة في النسل، لذا فالزواج من امرأة أخرى فيه حماية للمرأة الأولى كما فيه مصلحة للزوج. - الحالة التي تصاب فيها الزوجة بمرض مزمن يقعدها عن واجباتها الزوجية، فالتعدد في هذه الحالة أكرم من نبذ الزوجة المقعدة.
- الحالة التي يكون فيها للزوج قوة جنسية جامحة قد تجعل من الزوجة الواحدة غير قادرة على تحملها.
ذلك أنه في حالة تحقق إحدى هذه الأسباب أو غيرها يكون التعدد استثناء مباح للرجل بهدف المحافظة على عفافه وتحصيل الذرية ولتفادي انغماسه في الرذيلة.
ونظام التعدد كما جاءت به الشريعة الإسلامية انقسمت بشأنه مواقف التشريعات العربية إلى ثلاث مواقف متباينة، فمنها من تبنت نظام التعدد بدون قيد أو شرط كما هو الشأن بالنسبة لأغلب قوانين دول الخليج العربي سواء منها السعودي أو اليمن او وویني او الامارات و منهم من منعته و عاقبت عليه كما هو الشأن للتشريع التونسي بحيث ينص الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية على:
"1- تعدد الزوجات ممنوع.
2- كل من تزوج وهو في حالة الزوجية وقبل فك عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن لمدة عام وبخطية قدرها مئتان وأربعون ألف فرنك ( 240 . 000 فرنك) أو بإحدى هاتين العقوبتين ولو أن الزواج لم يبرم وفقا للقانون.
3- ويعاقب بنفس العقوبات كل من كان متزوجا على خلاف الصيغ الواردة بالقانون عدد 3 لسنة 1957 والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية.
4- يعاقب بنفس العقوبات الزوج الذي يتعهد بإبرام عقد زواج مع شخص مستهدف للعقوبات المقرر بالفقرمين السابقتين.
وهناك من التشريعات التي تبنت نظام التعدد لكن مع تقييده بشروط وهذا الموقف الأخير هو المتخد من طرف التشريع المغربي.
أحكام التعدد بين مدونة الأسرة والعمل القضائي ، فإذا كان المشرع المغربي قد عالج موضوع تعدد الزوجات في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة في الفصل 20 بشكل محتشم جدا حيث كان ينص على :
2- كل من تزوج وهو في حالة الزوجية وقبل فك عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن لمدة عام وبخطية قدرها مئتان وأربعون ألف فرنك ( 240 . 000 فرنك) أو بإحدى هاتين العقوبتين ولو أن الزواج لم يبرم وفقا للقانون.
3- ويعاقب بنفس العقوبات كل من كان متزوجا على خلاف الصيغ الواردة بالقانون عدد 3 لسنة 1957 والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية.
4- يعاقب بنفس العقوبات الزوج الذي يتعهد بإبرام عقد زواج مع شخص مستهدف للعقوبات المقرر بالفقرمين السابقتين.
وهناك من التشريعات التي تبنت نظام التعدد لكن مع تقييده بشروط وهذا الموقف الأخير هو المتخد من طرف التشريع المغربي.
أحكام التعدد بين مدونة الأسرة والعمل القضائي ، فإذا كان المشرع المغربي قد عالج موضوع تعدد الزوجات في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة في الفصل 20 بشكل محتشم جدا حيث كان ينص على :
1- إذا خيف عدم العدل بين الزوجات لم يجز التعدد.
2- للمتزوج عليها إذا لم تكن اشترطت الخيار أن ترفع أمرها للقاضي لينظر في الضرر الحاصل لها ولا يعقد على المرأة الثانية إلا بعد اطلاعها على أن مريد الزواج منها متزوج بغيرها". وكذا التعديلات اللاحقة التي أتت سنة 1993 والتي لم تأت بجديد يذكر سوى أنها أعطت الحق للمرأة في إمكانية اشتراط عدم التزوج عليها كما جاء في الفصل 31 من قانون الأحوال الشخصية الملغي :
2- للمتزوج عليها إذا لم تكن اشترطت الخيار أن ترفع أمرها للقاضي لينظر في الضرر الحاصل لها ولا يعقد على المرأة الثانية إلا بعد اطلاعها على أن مريد الزواج منها متزوج بغيرها". وكذا التعديلات اللاحقة التي أتت سنة 1993 والتي لم تأت بجديد يذكر سوى أنها أعطت الحق للمرأة في إمكانية اشتراط عدم التزوج عليها كما جاء في الفصل 31 من قانون الأحوال الشخصية الملغي :
"للمرأة الحق في أن تشترط في عقد النكاح أن لا يتزوج عليها زوجها وأنه إذا لم يف الزوج يبقى للزوجة حق طلب فسخ النكاح".
غير أن مدونة الأسرة مخدت ووقفا أكثر، جورة وندم وقت موضوع التعدد وإجراءاته والقيود الواردة عليه ضمن الباب الثاني من القسم الثالث من الكتاب الأول المتعلق بالزواج الذي خصصه المشرع للموانع المؤقتة، وبالضبط في المواد من 40 إلى 46 من مدونة الأسرة، وهي التي سنخوض في تحليلها من خلال خطة البحث الآتية بعده.
ولعل المستجدات التي كرستها مدونة الأسرة في هذا الموضوع تبين التوجه الواضح للمشرع في اتجاه منع التعدد كأصل، وإن كان استثنى هذا الأصل بوجود حالات يمكن القول عنها أنها تتحقق في أضيق الحدود كما في حالة وجود مبرر موضوعي استثنائي، وذلك حينما يكون التعدد هو السياج الذي سيحمي الأسرة من التصدع والضياع. ولاشك أن مسألة تعدد الزوجات من المواضيع التي لايزال يكتنفها الكثير من الغموض والتي تتطلب بدل المزيد من الجهد والبحث خاصة على مستوى تطبيق النصوص القانونية المنظمة له.
ومن هنا تبرز أهمية الموضوع مادامت نصوصه القانونية لاتسعف في تطبيقه بشكل سليم على أرض الواقع من جهة، ومادات نصوصه لاتزال تضم بين طياتها العديد من الثغرات التي يستغلها ذوو النيات السيئة بشكل سلبي من جهة أخرى ، ولعل خير دليل على ذلك هو التوجهات المتباينة المحاكم المملكة وتضارب أحكامها، وإن كنا قد واجهنا صعوبة في التطرق لجميع التوجهات المتباينة لمحاكم المملكة في إطار هذا الموضوع.
لذلك فإننا سنحاول معالجة موضوع التعدد من خلال الإجابة على الإشكالية التالية:
غير أن مدونة الأسرة مخدت ووقفا أكثر، جورة وندم وقت موضوع التعدد وإجراءاته والقيود الواردة عليه ضمن الباب الثاني من القسم الثالث من الكتاب الأول المتعلق بالزواج الذي خصصه المشرع للموانع المؤقتة، وبالضبط في المواد من 40 إلى 46 من مدونة الأسرة، وهي التي سنخوض في تحليلها من خلال خطة البحث الآتية بعده.
ولعل المستجدات التي كرستها مدونة الأسرة في هذا الموضوع تبين التوجه الواضح للمشرع في اتجاه منع التعدد كأصل، وإن كان استثنى هذا الأصل بوجود حالات يمكن القول عنها أنها تتحقق في أضيق الحدود كما في حالة وجود مبرر موضوعي استثنائي، وذلك حينما يكون التعدد هو السياج الذي سيحمي الأسرة من التصدع والضياع. ولاشك أن مسألة تعدد الزوجات من المواضيع التي لايزال يكتنفها الكثير من الغموض والتي تتطلب بدل المزيد من الجهد والبحث خاصة على مستوى تطبيق النصوص القانونية المنظمة له.
ومن هنا تبرز أهمية الموضوع مادامت نصوصه القانونية لاتسعف في تطبيقه بشكل سليم على أرض الواقع من جهة، ومادات نصوصه لاتزال تضم بين طياتها العديد من الثغرات التي يستغلها ذوو النيات السيئة بشكل سلبي من جهة أخرى ، ولعل خير دليل على ذلك هو التوجهات المتباينة المحاكم المملكة وتضارب أحكامها، وإن كنا قد واجهنا صعوبة في التطرق لجميع التوجهات المتباينة لمحاكم المملكة في إطار هذا الموضوع.
لذلك فإننا سنحاول معالجة موضوع التعدد من خلال الإجابة على الإشكالية التالية:
"كيف تعامل القضاء مع أحكام التعدد المدرجة في مدونة الأسرة ؟ "
الفصل الأول: القواعد التشريعية المنظمة للتعدد
الفصل الثاني: الإشكالات العملية المرتبطة بالتعدد
الفصل الثاني: الإشكالات العملية المرتبطة بالتعدد