بيع العقار في طور الانجاز ودوره في التخفيف من أزمة السكن

رسالة بعنوان: بيع العقار في طور الانجاز ودوره في التخفيف من أزمة السكن  PDF

بيع العقار في طور الانجاز ودوره في التخفيف من أزمة السكن PDF

مقدمة :
إن حق الإنسان في السكن من أهم الحقوق التي لا تقل أهمية عن حقه في المأكل والملبس والشغل، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش دون مسكن يأويه كما أنه لا يكون مواطنا فاعلا ومنتجا إلا إذا وجد المكان الذي يجد فيه راحته، وهكذا نجد مختلف المعاهدات والاتفاقيات الدولية قد إهتمت بهذا الحق وأصدرت بشأنه عدة توصيات تقضي باتخاذه كأحد الأولويات في البرامج والسياسات الاجتماعية لكل دولة.
والاهتمام العالمي بالحق في السكن بشكل خاص بدأ مع تكليف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأسيس برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية سنة 1978 والذي يوجد مقره في نيروبي عاصمة كينيا تحت شعار "مأوی ملائم للجميع" تلته إصدار الإستراتيجية العالمية اللمأوى و التی ظلت تقدم منحا و جوائز تشجيعية للجهات التي تطرح حلولا مبتكرة وعملية لمشاكل السكن، وفي عام 2001 أطلق برنامج الأمم المتحدة للحق في السكن. كما تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للسكن في أول يوم اثنين من كل شهر أكتوبر من كل سنة.
وهناك مجموعة من الدول التي تعتبر أن الحق في السكن من بين الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإنسان باعتباره فردا في المجتمع، حيث إرتقت بهذا الحق إلى مصاف الحقوق الدستورية ورصدت من أجل النهوض به إمكانيات مادية وبشرية مهمة، والمغرب كغيره من الدول قد إهتم بهذا الحق إذ اعتبره حقا دستوريا وذلك في دستور  2011.
لكنه بالرغم من المجهودات المبذولة من طرف الدولة في ميدان الإسكان فإن القطاع مازال يعاني من العديد من المشاكل، سببها الأساسي النمو الديموغرافي السريع والهجرة القروية، وما صاحب ذلك من نمو دور الصفيح وارتباك في ميدان سياسة البناء والتعمير وكذا ارتفاع ثمن الأراضي ومواد البناء، حيث تمخض عن ذلك أزمة سكنية وكان من الطبيعي في ظل هذه الأزمة أن يصبح الطلب على السكن أكثر من العرض. 
ونظرا لأهمية لأهمية تملك المسكن في حياة الفرد باعتباره من الأولويات التي يسعى إلى تحقيقها لضمان الإستقرار، كان لزاما على الدولة التدخل من أجل القضاء على أزمة السكن أو التخفيف منها، حيث عبأت إمكانيات بشرية ومالية ومؤسساتية هامة ، فکرست كل قدراتها لخدمة هذا الهدف سواء على المستوى الواقعي بنهجها العديد من البرامج والمخططات التنموية في قطاع الإسكان بالمغرب أو على المستوى التشريعي بسنها القواعد القانونية التي من شأنها أن تساير وتواكب التحولات التي يعرفها المغرب في هذا القطاع كالقوانين العقارية الجديدة، والتي كان من أبرزها القانون رقم 44 . 00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز، وهذا النوع الخاص من
اصة مجلة الأملاك، العدد السابع السنة 2010، البيوع الذي أفرزته الممارسة التعاقدية بالمغرب وأعطت له أسماء مختلفة كالبيع المؤقت والوعد بالبيع.
ويعتبر بيع العقار في طور الإنجاز نتاجا لمحاولة كل من يرغب في السكن أن يؤمن نفسه من مزاحمة الآخرين الراغبين مثله في السكن، وان يحصل على أولوية على غيره من المتزاحمین فنشأت ظاهرة بيع المباني وهي في مرحلة التشييد أي تحت الإنشاء أو اهیل و و هو في مرحلة المشروع  وقيد البحث والتفكير . 
وسيساهم هذا النوع من البيوع في التخفيف من أزمة السكن وذلك بتوفيره للمشتري سكنا بثمن مناسب يدفعه على شكل أقساط دورية تتلاءم مع وضعيته المالية، حيث أن المشتري لا يستطيع أن يدفع الثمن كاملا دفعة واحدة كما يصعب عليه أن يقتني عقارا ويقوم ببنائه بنفسه، وفي المقابل فإن هذه التقنية توفر للمنعش العقاري - البائع - تمويل مشروعه خارج نطاق القرض والرهون وبالتالي فإن هذا النوع من البيوع يعمل على تحقيق مصلحة البائع والمشتري على حد سواء. أما عن أسباب صدور القانون 44 . 00 فإنها ترجع بالأساس إلى رغبة المشرع في تطهير مجال بيع العقار في طور الانجاز الذي كان يعرف إختلالات كثيرة في ظل غياب التنظيم التشريعي الحازم، وذلك بسبب تأخر المشتري في أداء الأقساط أو تأخر البائع في إنهاء الأشغال مما يؤدي إلى تعطيل المشروع أو عدم تنفيذه أصلا وكذا يرجع ذلك إلى إستغلال هذه الظاهرة من طرف بعض المنعشين العقارين ذوي الضمائر المنعدمة من أجل تحقيق ثراء فاحش على حساب فئة عريضة من المجتمع عملت على توفير مبالغ لسنين طويلة من أجل الحصول على مسكن.
وقد جاء القانون 44.00 بهدف ضمان حقوق المتعاملين في إطاره، وكذا لخلق مناخ سليم وملائم بعيدا عن مظاهر النصب والاحتيال التي كانت تعرفه هذا النوع من المعاملات العقارية، نتيجة ارتفاع الطلب على السكن إضافة إلى توفير قدر من الحماية المشتري هذا النوع من العقار.
لكنه رغم تدخل البشر عل ى تنظيم هذا النوع من البيوع الملائم لظروف المجتمع الحالي، فإنه لم يحقق النتائج المتوخاة منه في إنعاش قطاع الإسكان والتسريع من وتيرة إنتاج الوحدات السكنية للتخفيف من أزمة الإسكان ويرجع ذلك إلى مجموعة من الإكراهات والعراقيل التي تحد من فعاليته وهو ما أدى إلى مراجعته وإصلاحه بمشروع قانون آخر هو 12-107.
وتكتسي دراسة هذا الموضوع أهمية بالغة يمكن ملامستها من عدة جوانب. 
أولا: على المستوى الاجتماعي 
تظهر الأهمية الاجتماعية لبيع العقار في طور الإنجاز ودوره في حل أزمة السكن، فيما يلعبه السكن من دور فعال في استقرار الفرد داخل المجتمع خاصة وأن قطاع الإسكان يعرف طفرة وتمركز الساكنة بالمجال الحضري، وما أنتجه ذلك من ظهور مدن الصفيح وكثرة تنوع القضايا العقارية المعروضة على المحاكم، وكذا يكمن فيما يعكسه بيع العقار في طور الإنجاز من أمال وتطلعات مختلف الفئات الاجتماعية وخاصة ذات الدخل المحدود في الحصول على محل للسكني.
ثانيا: على المستوى الاقتصادي
تظهر أهمية المهضوي في توفير ، إمكانية إقتناء عقار في متناول جميع الشرائح الاجتماعية من جهة، ومن جهة أخرى فيما يوفره للمنعشين العقارين من تمويلات إضافية تمكنهم من توسيع نشاطهم في مجال البناء وإنتاج السكن، وما لهذه التقنية من دور للحيلولة دون إرتفاع تكلفة هذا الأخير لأنها تقي المنعشين العقارين من القروض والتمويلات البنكية، ومن ثم إستفادة المشتري من هذه التكلفة المخفضة بحيث يحصل على مسكن بثمن مناسب، كما أن الوضع الحمائي لبيع العقار في طور الإنجاز من شأنه أن يشجع الإقبال على هذا النوع من العقار ، مما يؤدي إلى إنعاش القطاع العقاري وتنمية وتشجيع الاستثمار فيه ومنه إنعاش الاقتصاد الوطني عموما.
ثالثا: على المستوى الواقعي
تعتبر القاعدة القانونية اجتماعية بطبعها ووليدة الحاجة وما تتطلبه الوقائع المحيطة من تأطير وتنظيم وحماية، وبالتالي فإن صدور القانون المنظم لبيع العقار في طور الإنجاز ضمن قانون الإلتزامات والعقود جاء إستجابة للمحيط المعيشي، وذلك من أجل بلورة حلول للإشكالات العالقة التي أنتجتها الممارسة العملية في ميدان بيع العقار في طور الإنجاز، وذلك من أجل تحسين تدبير الثروة العقارية في مجال توفير السكن.
رابعا: على المستوى القانوني
تتجلى الأهمية القانونية للموضوع في كون القانون 44.00 جاء إستجابة الطموحات الدولة في تسريع وتيرة التنمية، عن طريق تأطير الثروة العقارية بقواعد قانونية متماشية مع التحولات التي أفرزها عالم اليوم بما يوفر ذلك من أمن قانوني يضمن استقرار المجتمع حيث أن هذا القانون أوجد ضمانات وآليات حمائية لإبرام العقود المرتبطة ببيع العقار في طور امتحان هذا من أجل تطهير مجال هذه المعاملات رغبة في تشجيع الاستثمار في ميدان العقار لما له من دور في حل أزمة السكن وخلق التنمية المستدامة.
أما في ما يخص دواعي أو أسباب إختيار الموضوع فتتمثل أساسا في رغبة الوقوف على مستوى الواقع العملي لهذا النوع من البيوع، خاصة وأن مقتني هذا النوع من العقارات يصطدم بعدة مخاطر سواء أثناء إبرام العقد أو بعد التسليم، هذا بالإضافة إلى كون هذا الموضوع يعد من أهم المواضيع التي تسترعي اهتمام العديد من الباحثين وتدفعهم للبحث والتنقيب عن حلول للمشاكل التي يطرحها.
وهكذا فإن موضوع بيع العقار في طور الإنجاز ودوره في حل أزمة السكن يثير العديد من الإشكالات، والتي تتمثل أساسا في مدى نجاح هذا القانون في توفير الضمانات القانونية لطرفي العلاقة التعاقدية لهذا الصنف من البيوع ومدى فعاليتها في حمايتهما؟ وإلى أي مدى ساهم بيع العقار في طور الإنجاز في التخفيف من أزمة السكن من حيث الواقع؟ وما هي مختلف الإكراهات والعراقيل التي تواجه فعالية القانون 00 . 44 في التخفيف من أزمة السكن؟
وللإجابة على هذه الإشكاليات وللإحاطة بجوانب الموضوع، فإن الخطة المعتمدة في دراسة هذا الأخير تقتضي الوقوف على الأحكام المنظمة لبيع العقار في طور الإنجاز على ضوء النصوص القانونية المنظمة له، والإستعانة بالأراء الفقهية التي تناولته بالدراسة والتحليل، وكذا الإستشهاد بالأحكام والقرارات الصادرة في هذا الموضوع، مع محاولة تسليط الضوء على دوره في التخفيف من أزمة السكن وإبراز العراقيل التي تحد من ذلك، واعتمدت في هذا مقاربة المناهج تتمثل في المنهج التحليلي الوصفي والمنهج الإستقرائي والاستنباطي تم المنهج النقدي وتأسيسا على ذلك سأقسم هذا البحت إلى فصلين:

الفصل الأول: التنظيم القانوني لبيع العقار في طور الإنجاز 
الفصل الثاني: دور القانون 44.00 في التخفيف من أزمة السكن والعراقيل التي يصطدم بها
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -