عرض بعنوان: مقارنة بين الأحكام الأساسية لحماية المستهلك في كل من القانون المغربي و الفرنسي PDF
تقديم :
إن مصادر الالتزام تتمثل، طبقا للمادة الأولى من قانون الالتزامات والعقود المغربي المولود يوم 12 غشت 1913، في العقد (الإرادة المزدوجة للأفراد والإرادة المنفردة (إرادة الطرف الواحد كما في الوصايا والهبات والعمل الغير المشروع أو ما يسمى بالمسؤولية التقصيرية)، والإثراء بلا سبب (أشباه العقود والقانون، ومعلوم أن القانون ينقسم إلى عدة أنواع منها العقد المدني المعبر عنه باللغة الفرنسية (le contrat civil) الذي هو عبارة عن اتفاق بين شخصين أو أكثر بهدف إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه، وإذا كان القانون السالف الذكر، قد جاء بعقد تقليدي قائم على افتراض التساوي بين طرفيه، ومحله عقارات أو منقولات، فان القانون رقم 31 . 08 الصادر يوم 18 فبراير 2011، قد خلق عقدا جديدا هو عقد الاستهلاك الذي محله منتوجات أو سلع أو خدمات، ويربط بين متعاقدين غير متكافئين من نوع خاص احدهما قويا يملك الكفاءة القانونية والفنية والاقتصادية، يتمثل في المورد الذي هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري خاضع للقانون الخاص حتى و إن كان مفوضا له تسيير مرفق عام طبقا للفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون رقم 31 . 08 الذي رای النور في 18 فبراير 2011 المتعلق بتحديد التدابير الرامية إلى حماية المستهلك، والآخر ضعيفا يفتقر للكفاءة المذكورة ويكمن في هذا الأخير (أي المستهلك) الذي هو كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته الغير المهنية منتوجات أو سلع أو خدمات معدة لاستعمالاته الشخصية أو العائلية طبقا للفقرة الثانية من نفس المادة من القانون المذكور، ولقد برز هذا الوضع الجديد حاليا عندما أصبحت العلاقات العقدية، في الآونة الأخيرة، لا تقتصر على أطراف من نفس المستوى، بل أصبحنا أمام تعاقدات يختل فيها عنصر التوازن بسبب الجهل أو انعدام الخبرة لدى احد طرفي العقد الاستهلاكي والذي أصبح يعرف بالمستهلك أو الزبون السلبي لاقتصار دوره على استهلاك السلعة أو المنتوج الو الخدمة محل العقد المذكور،
ونتيجة التعامل هذا المستهلك من موقع ضعف، ومن اجل حمايته من طغيان الطرف القوي (المهني) الذي يعمل من اجل فرض سيطرته ونفوذه عليه إلى استغلال عدة آليات قانونية ، منها استغلال بعض المبادئ التقليدية التي تحكم نظرية العقد كمبدأ سلطان الإرادة المنصوص عليه في الفصل 230 من ق.ل.ع المقابل للمادة 1134 من القانون المدني الفرنسي والمادة 242 من المجلة التونسية والذي تنتج عنه نتیجتان هما أن العقد شريعة المتعاقدين، وإن إلغاء هذا العقد لا يجوز إلا برضا المتعاقدين معا أو بنص في القانون وذلك كله دون خرق المنظومة التقليدية لعيوب التراضي، استخدام الشرط الجزائي التعسفي وتعمد الغموض في العقد وإدراج البنود المخففة أو المعفية من تحمل المسؤولية والضمان في صلب هذا العقد، مما يجعل هذا المستهلك في نهاية المطاف أمام خيارين لا ثالث لهما إما رفض التعاقد أو قبول هذا التعاقد بشرط الطرف القوي على مضض، لذا فإن هذا المستهلك حظي بحماية من لدن معظم القوانين الوضعية المدنية المعاصرة ومن ضمنها التشريع المدني المغربي الذي بادر شأنه في ذلك شأن القانون المدن الفرنسي إلى وضع المبادئ الأساسية الحماية المستهلك وهو ما پشمی الحماية القانونية، تنحيه عنها في المبحث الأول، إلى جانب الحماية القضائية نعالجها في المبحث الثاني.