التأمين على المسؤولية المدنية في القانون المغربي

عرض بعنوان: التأمين على المسؤولية المدنية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية في المغرب PDF

عرض بعنوان: التامين على المسؤولية المدنية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية في المغرب PDF

مقدمة
يعتبر نظام التأمين على المسؤولية المدنية من أبرز الأنظمة التي عرفت تطوارت على مر العقود، مواكبة بذلك التقدم المتواصل لأنماط العيش بالمجتمعات.
ويعد التأمين على المسؤولية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية أحد أهم ما أفرزه تطور التشريعات، إذ أن للثورة الصناعية التي عرفها العالم منذ أواخر القرن الثامن عشر دور جوهري في هذا التطور، وذلك ارجع لاختراع الآلة واجتياحها لحياة الإنسان، إلا أنه وبسبب عدم التوفر على وسائل السلامة الكافية وعدم شعور العمال بحجم المخاطر التي قد تنجم عنها، ونظرا للظروف القاسية للشغل، كانت هذه الفئة عرضة للعديد من حوادث الشغل والأمراض المهنية.
هذه الظروف ساهمت في بروز اجتهادات قضائية وتوجهات فقهية، نادت بإعادة النظر في أسس المسؤولية على حوادث الشغل والأمراض المهنية، وهو ما تأتى من خلال الدور الكبير الذي لعبته في تغيير معالم هذه المسؤولية وإخراجها من كنف القانون المدني إلى قانون متخصص يراعي خصوصية العلاقات التي تنظمها.
كل هذه العوامل دفعت مختلف التشريعات إلى إصدار قوانين تنظم التعويض على المسؤولية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية، إيلاء منها أهمية قصوى للطرف المضرور، وذلك عن طريق توفير الحماية اللازمة له لتمكينه من الحصول على تعويض عادل وفق مسطرة تكفل حقوقه.
و برصد التطور التاريخي لهذا النظام بالمغرب، نجد أن المشرع كان يركن في البداية إلى القواعد العامة للمسؤولية المدنية المنصوص عليها في ظهير الالتزامات والعقود، ليصدر بعد ذلك ظهير 25 يونيو 1927 كأول تشريع ينظم التعويض عن حوادث الشغل، والذي صمد 36 سنة قبل أن يعدل بظهير 6 فبراير 1963، الذي بموجبه أدخل المشرع المغربي تعديلات مهمة كانت بمثابة قفزة تشريعية نوعية ساهمت بشكل كبير في تجديد قواعد هذه المسؤولية، واختتمت هذه الإصلاحات بإصدار القانون رقم 18.12 لسنة 2015 لتدعيم الطابع الحمائي لفئة المصابين وذوي حقوقهم.
ومن هنا تبرز أهمية هذا الموضوع، في كونه نظاما قانونيا متميزا يضم قواعد خاصة واستثنائية تهم شريحة هامة من المجتمع، وتنعكس بطريقة مباشرة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية على اعتبار أنها تتعلق بالمقاولة كأحد أهم دعائم التنمية بالبلد، ناهيكم عن الد ور المهم الذي يلعبه في إحلال السلم والأمن الاجتماعيين.
ومن تم يثار الاشكال حول مدى قدرة المشرع المغربي على توفير الحماية القانونية للأجير المصاب بحادثة شغل أو مرض مهني من جهة، وعلى خلق توازن بين مصالح مختلف أطراف العلاقات القانونية، والتي تجمع طرفي العقد - المؤمن والمؤمن له صاحب العمل-، كما تجمع المؤمن بالمصاب والغير المسؤول عن الحادث من جهة ثانية.
وللإجابة عن هذه الإشكالية وتناول الموضوع بالدراسة والتحليل من الناحية العلمية والعملية ارتأينا اعتماد المنهج التاريخي والاستنباطي والتحليلي مع توظيف آلية النقد والتحليل والوقوف على التطبيقات العملية لهذا النوع من التأمينات وأهم الاشكالات الواقعية الناجمة عنها.
ومن هذا المنطلق ارتأينا اعتماد تصميم حاولنا فيه الجمع بين الشقين النظري والعملي للموضوع، ونظرا لضرورة الاحاطة بمختلف الاشكالات التي يثيرها الموضوع فرض علينا اعتماد التقسيم الثلاثي أحيانا خاصة في المبحث الثاني الذي ينظم الآثار على اعتبار اعتماد التقسيم الثنائي كان سيخل إما بالتوازن الشكلي للموضوع أو التخلي عن معلومات غاية في الأهمية، ولهذا اعتمدنا التصميم التالي: 

المبحث الأول: أحكام التأمين عن المسؤولية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية
المبحث الثاني: آثار عقد التأمين عن المسؤولية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية 

المبحث الأول: أحكام التأمين عن المسؤولية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية 

أدت الثورة الصناعية التي عرفها العالم منذ أواخر القرن الثامن عشر إلى تطور قواعد المسؤولية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، فتدخل الآلة فرض إعادة النظر في أركان المسؤولية التقليدية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، وذلك لإعادة التوازن بين أطراف العلاقة وكفالة حق المصابين في الحصول على التعويض، وأثناء هذه السيرورة التاريخية وتدعيما للتوجه الحمائي الذي سارت عليه مختلف التشريعات، قامت هذه الأخيرة بتوسيع نطاق المستفيدين من نظام التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية وكذا من الوقائع الخاضعة لها ( المطلب الأول)، ونتيجة لهذا التطور ظهر نظام التأمين كآلية قانونية واجتماعية حمائية جديدة، حملت في طياتها مجموعة من الخصائص والعناصر والآليات القانونية الحديثة لكفالة التعويض للمصابين، وأصبحت مقاولات التأمين تحل محل أرباب العمل المؤمن لهم في أداء التعويضات، وبقي المشغلون غير الخاضعون لنظام التأمين ملزمون أيضا بمجموعة من الأداءات الواجبة قانونا ( المطلب الثاني ). 

المطلب الأول : تطور المسؤولية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية طبيعتها ونطاقها 

عرفت أحكام المسؤولية عن ح.ش وأ.م تطورا مضطردا بعد قصور قواعد القانون المدني على توفير الحماية اللازمة للمصابين، ولهذا ظهر تصور آخر جديد ذو قواعد ذات طبيعة مستقلة وخصائص متميزة هذا من جهة ( الفقرة الأولى )، ومن جهة ثانية وسعيا من المشرع المغربي لتكريس قواعد شمولية لهذه المسؤولية قام بتوسيع نطاقها سواء من حيث الأشخاص أو الوقائع ( الفقرة الثانية.)

الفقرة الأولى: تطور وطبيعة المسؤولية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية 

تعتبر المسؤولية جزاء عن الإخلال بالتزام يقع على الفرد في إطار علاقاته الاجتماعية، وهذا الالتزام يكون إما أدبيا أو قانونيا. 
وما يهمنا في هذا المقام هو المسؤولية القانونية التي تترتب عادة عن الإخلال بالتزام ينظمه القانون ويحميه بقوته، فجزاؤها مادي تتكفل به السلطة العامة كمبدأ عام داخل المجتمع بواسطة الجبر والقهر[1]. 
و المسؤولية المدنية كونها أحد أهم أنواع المسؤولية القانونية تنقسم بدورها الى نوعين، المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية[2]. 
و قد خضعت المسؤولية عن ح.ش.و أ.م لقواعد المسؤولية التقصيرية في بدايتها، فبالرجوع للمراحل الأولى لظهور هذه المسؤولية نجد أنها كانت تخضع للفصول 1382 و1383 من ق.م.ف[3]، والتي كانت تستوجب ضرورة توفر الأركان الثلاثة للمسؤولية وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية، وهكذا كان القضاء الفرنسي يخضع مسؤولية المشغل لمقتضيات الفصلين السابقين واللذان يؤسسان المسؤولية التقصيرية على الخطأ الشخصي واجب الإثبات من قبل الأجير المتضرر إذا ما أراد الحصول على التعويض [4]، إلا أن الصعوبة التي كان يجدها المصاب لإثبات ذلك الخطأ عند صدوره أو في حالة عدم صدور أي خطأ عن المشغل حال دون تمكين العديد من المصابين من حقهم في التعويض[5]، وهذا الوضع حتى وإن كان مقبولا في السنوات الأولى بعد وضع مدونة نابليون نظرا لندرة هذه الحوادث إلا أن الأمر قد تغير كثيرا في أواسط ق 19 بعد بروز الثورة الصناعية[6] ودخول الآلة إلى المصانع مما جعل حوادث الشغل في تزايد مستمر، وهذا ما أسفر عن الظلم والحيف والجمود الذي تتسم به قواعد م.ت المبنية على الخطأ الواجب الإثبات في مواجهة المصابين الضعفاء في ظل هذه التطورات، حيث يصعب عمليا على أجير بسيط بترت يده واسطة آلة إثبات الخطأ من جانب المشغل، وأحيانا قد لا يعرف حتى سبب الحادث وقد يكون نتيجة قوة قاهرة كانفجار خزان وقود مثلا، ففي كل هذه الأحوال لا يمكن أن يعتبر المشغل مخطئا أو مهملا وبالتالي مسؤولا طبقا لقواعد م.ت. 
و في محاولة لتلطيف هذه القواعد قام بعض الفقهاء بتفسير قواعد القانون المدني تفسيرا من شأنه توسيع مسؤولية المشغل بما يكفل تمكين المصابين من الحصول على التعويض العادل عن إصابتهم أو أمراضهم، فظهرت نظرية المسؤولية العقدية ومسؤولية حارس الشيء[7]، إلا أن النظرية الأولى بنيت على أساس وجود علاقة بين المشغل والمصاب والتي يحكمها العقد المنظم لآثارها والذي يتضمن التزاما أساسيا وهو ضمان سلامة الأجير أثناء أداء وظيفته، ولكن بالرجوع لقواعد م.ع نجد أنها لا تسعف لأنها تعوض على الضرر المباشر المتوقع فقط[8]، ومن غير المستساغ قبول الأجير وفاته كأثر من آثار العقد عند إبرامه، وقد رفض القضاء الفرنسي الأخذ بنظرية م.ع عن ح.ش وأ.م مستندا في ذلك إلى مناط تفسير العقد وهو نية الأطراف التي لم تنصرف إلى شيء من ذلك[9]. 
ثم ظهرت بعد ذلك نظرية حراسة الشيء وبعد تردد طويل قام القضاء الفرنسي مدعما بالفقه بتأسيس المسؤولية عن ح.ش وأ.م على أساس الفقرة الأولى من الفصل 1384 من ق.م.ف[10]، فأولها بكيفية تحتمل معها قرينة على مسؤولية صاحب الآلة وهو المشغل وذلك حماية للمصابين الذين أرهقهم إثبات الخطأ. 
و تمثل ذلك في اعتبار المسؤولية عن حراسة الأشياء مبنية على الخطأ المفترض في جانب الحارس ويعتبر القرار الصادر بتاريخ 16 يونيو 1896 أول قرار أصل لهذه الفكرة[11]، ولكن على الرغم من محاسن هذا التوجه إلا أنه لقي أيضا انتقادات نظرا للسلبيات التي كان ينطوي عليها، حيث إن القرار رغم تأسيسه لهذه المسؤولية على الخطأ المفترض إلا أنه جعله ذو قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس، وهذا ما فتح الباب أمام المشغلين لدفع المسؤولية بسهولة كون الأخطاء لم تكن صادرت عنهم أساسا، إضافة إلى أن الأمر هنا يتعلق فقط بالحالة التي تحدث بها الآلة الضرر، أما إذا كان غيرها فيتم الرجوع للقواعد العامة ل م.ت وإلا كانت النتيجة عدم قبول الدعوى [12]. 
لم يأل الفكر القانوني التقدمي جهدا في البحث عن أساس آخر غير مفهوم الخطأ الذي تقوم عليه مسؤولية رب العمل بشكل يسمح بتغطية الأضرار التي ولدها التطور الكبير لأدوات الانتاج والصناعة. 
فكان أن برزت الاجتهادات الفقهية والقضائية خلال النصف الأخير من القرن التاسع عشر بصورة غير مسبوقة والتي انتهت بإقرار مسؤولية رب العمل على أساس فكرة تحمل التبعة[13]. 
إن الخصوصية التي طبعت طبيعة المسؤولية عن ح.ش وأ.م جعلت التشريعات المختلفة تتبنى توجها جديدا في تأصيلها حيث صدر قانون 6 يوليوز 1884 بألمانيا والذي يعد أول قانون يضمن الأخطار المهنية التي يتعرض لها المصابون في إطار الشغل، وكان هذا القانون تجسيدا للنظرية المبتدعة من لدن الفقه الألماني وهي نظرية تحمل التبعة، والتي تنبني على أساس جديد يلاءم روح العصر الذي نعيش فيه وهو ما يسمى ب " الخطر المستحدث" أو "تحمل التبعة" ومؤدى هذا الأساس انه مادام الإنسان يستفيد من نشاطه الاقتصادي فعليه تبعة ما يحدثه لغيره من أضرار بغير حاجة للبحث عما إذا كان هناك خطأ في جانبه أم لا، ويعتبر مجرد وقوع الضرر كافيا لقيام المسؤولية ضد المشغل لأنها مسؤولية موضوعية لا تتطلب وجود الخطأ، فالقاعدة في هذه النظرية هي أن الغرم بالغنم[14]. 
وهكذا قام المشرع الفرنسي أيضا بإصدار قانون 9 أبريل 1898 الذي كان يحكم بداية حوادث الشغل التي تصيب العمال في المجال الصناعي وحده، وقد عرف هذا القانون توسعا منقطع النظير سواء من حيث الوقائع أو من حيث المهن أو من حيث الأشخاص الخاضعين لقواعده المتميزة[15]. 
ويعتبر قانون 9 ابريل 1898 المصدر الأساسي لظهير 25 يونيو 1927 المغربي. 
فالمسؤولية عن ح.ش وأ.م بالمغرب وطيلة الفترة السابقة لتوقيع معاهدة الحماية كانت النزاعات بشأنها قليلة وحوادث الشغل شبه منعدمة، وكان الأمين والمحتسب يمارسان دورهما التربوي والأخلاقي والتعليمي للصناع والعمال في الفصل في النزاعات المعروضة، ولم يكن أرباب العمل يتحملون أية مسؤولية عن الحوادث والأضرار التي تصيب العمال داخل أماكن الشغل، بل كانت عادات التآزر والتضامن التي تربى عليها المغاربة هي التي تسعف الأجير المصاب وتوفر له نوعا من الأمان والتعويض إلى حين استرجاع عافيته[16]. 
وفي نهاية القرن 19 وبداية ق 20 كان الاقتصاد المغربي يعتمد على الفلاحة بشكل كبير، وتؤطر علاقات الشغل بعض الأعراف المحلية ومبادئ الفقه الإسلامي. 
و لكن بعد الحماية ودخول الأجانب إلى المغرب واستثمار رؤوس الأموال في القطاعين الفلاحي والصناعي، وفي ظل غياب النصوص القانونية التي تنظم علاقة الطرفين لاسيما حماية الاجراء من أخطار الشغل، تدخل المشرع ليضع أحكاما خاصة لحوادث الشغل وذلك في الفصول من 741 الى 752 من ق.ل.ع مع العلم أن الفقرة الأخيرة من 749 تحيل على قواعد المسؤولية التقصيرية بالفصول 77 و78 وما يليها والتي تشترط صدور الخطأ الواجب الاثبات، ولكن هذا الاتجاه الذي أخذ به المشرع يجافي العدالة خاصة في نطاق حوادث الشغل ولهذا عمل القضاء أنداك على نهج مخالف واعتمد في تفسيره للفصول 749 و750 من ق.ل.ع تفسيرا يجعل مسؤولية المشغل عن ح.ش مسؤولية مفترضة استنادا الى مقتضيات الفصل 88 من ق.ل.ع الخاص بمسؤولية حارس الشيء[17]. 
و تعرض هذا التوجه لنفس الانتقادات التي وجهت للقانون المدني الفرنسي من قبل، لأن هذه القواعد تظل قاصرة على حماية المصابين في ظل التطورات الصناعية، وفي خضم هذه الأوضاع صدر ظهير 25 يونيو 1927 الخاص بحوادث الشغل والذي عرف مجموعة من التعديلات المتوالية[18] وتتصف هذه المسؤولية بسمتان أساسيتان تحددان طبيعتها، فتعتبر بداية مسؤولية بدون خطأ فالمشغل يسأل عن الأضرار التي قد تصيب أجراءه بفعل الشغل أو بسببه دون الحاجة لإثبات الخطأ من جانبه، ولم يعد بإمكانه التملص من المسؤولية ولا إثبات أن الضرر سببه قوة قاهرة أو حادث فجائي أو أي سبب أجنبي، أو أنه اتخذ كافة الاحتياطات اللازمة والضرورية لمنع الضرر. 
ونضيف كذلك في إطار تحديد طبيعة هذه المسؤولية أن التعويض عنها يكون جزئيا فقط عكس القواعد العامة ذات التعويض الكلي والشامل للضرر[19]، وهذا ما يفرضه المنطق فإذا كان التعويض عن الخطأ في إطار القواعد العامة كاملا فمبرر ذلك أن الدائن المصاب يلتزم بإثبات العناصر الثلاث للمسؤولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، أما في إطار المسؤولية عن ح.ش وأ.م فالضرر لا ينجم عن خطأ المشغل وإنما قد ينجم عن خطأ الأجير نفسه لعدم امتثاله لأوامر مشغله، وقد لا يراعي تدابير السلامة الواجبة أثناء القيام بعمله مما يترتب عنه حصول ضرر له[20]، وبهذا يكون التعويض عن ح.ش وأ.م ذو معايير خاصة. 
ويعد تأصيل المسؤولية عن ح.ش وأ.م المرحلة الأولى التي تسمح بفهم السياق التاريخي لهذه الأخيرة وطبيعتها القانونية، ولكن التساؤل المطروح الآن يدور حول نطاق المسؤولية عن ح.ش وأ.م في ظل القانون 18.12 وظهير 1943 الخاص بالأمراض المهنية كما تم تعديله وتتميمه.

الفقرة الثانية: نطاق المسؤولية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية من حيث الوقائع 

إن القانون المنظم لحوادث الشغل والأمراض المهنية بما يشمل عليه من قواعد خاصة واستثنائية يعد نصا قانونيا خاصا بفئة معينة من الأشخاص[21]، ووقائع محددة على سبيل الحصر، وهي كالتالي: 
حادثة شغل: 
بقي المشرع المغربي وفيا لمبدئه في عدم إفراد تعريف خاص لحاثة شغل كما كان عليه الحال في الظهير القديم ل 1963، ولكن نجد بعض الفقه عرفها على أنها " كل حادثة تصيب الأجير داخل أماكن الشغل أو خارجها وخلال زمان الشغل أو خارجه متى كان سببها عائدا للشغل "[22] والقضاء المقارن كان له دور كبير في تحديد عناصر حادثة الشغل حيث نجد أن محكمة النقض البلجيكية عرفتها على أنها "تلك الحادثة الناتجة عن إصابة مفاجئة وغير عادية تحدثها قوة خارجية "[23] وبمقارنة هذه التعاريف مع مقتضيات المادة 3 من ق 18.12 نلاحظ أن المشرع اكتفى بوضع معايير إذا ما توفرت تتصف الواقعة بأنها حادثة شغل، وهذه المعايير هي الضرر والتبعية وسنفصلها كما يلي: 
معيار الضرر: 
أفرد المشرع المغربي لهذا المعيار تعريفا في الفقرة الثانية من المادة 3 على أنه " يقصد بالضرر في مفهوم هذا القانون كل إصابة جسدية أو نفسية تسببت فيها حادثة الشغل وأسفرت عن عجز جزئي أو كلي، مؤقت أو دائم للمستفيد من أحكامه" وباستقراء هذه المادة نلاحظ أن الجديد الذي أتى به المشرع هو الضرر النفسي، وحسنا فعل المشرع إذ كثيرا ما كان يتعرض المصابون بأمراض نفسية جراء حوادث الشغل وأيضا الأمراض المهنية، ولكن القانون القديم لم يكن يسعف للتعويض عن هذه الأضرار [24]، خاصة أنها لم تكن محل اهتمام المشغلين على الرغم من آثارها النفسية القوية على المصابين أنداك في ظل الأخطار الكثيرة والضغط في العمل والضعف المادي وقلة المناصب كل هذه الأسباب كانت تؤثر على العمال الذين كانوا يعانون في صمت. 
و لكن هذا المستجد على الرغم من كونه أكثر حماية للمصابين، إلا أنه لم يواكب بعض المستجدات على مستوى إقرار تعويضات أخرى خاصة بالضرر النفسي، اللهم إلا إذا كان سيعوض في إطار التعويض عن العجز المؤقت والدائم، وهذا ما سيفرض إعادة النظر في تعريف هذين الأخيرين[25][26]، خاصة وأن التعويض عن هذا الضرر في إطار القواعد العامة مستعبد وفق المادة 1 من القانون 18.12، هذا ما يجعل النص التنظيمي المتعلق بتحديد نسب العجز حاسما في المسألة ليأخذ بعين الاعتبار هذا الضرر وإلا فسيظل حبيس المادة 3 من القانون 18.12 ولن يكون سوى إضافة نظرية لا يتم تنزيلها للواقع العملي[27]. 
معيار التبعية: 
جاء هذا التنصيص على هذا المعيار في المادة 3 "سواء كان أجيرا أو يعمل بأية صفة تبعية "... 
للحد من الاطلاق الذي كان بالفصل 3 من ظهير 1963 الذي كان يضفي صبغة حادثة شغل على "التي يتعرض لها من جراء الشغل أو كذا القيام به الاجير أو أي شخص يعمل بأي صفة كانت لحساب مؤاجر واحد أو عدة مؤاجرين.." هذا النص اتسم بركاكة في الأسلوب وإطلاق في المعنى خلف وهما يحيل على أن كل من أنجز عملا للغير وتعرض لحادث إثر ذلك العمل يستفيد من هذه المقتضيات، إلا أن النص الحالي يحسم الأمر وذلك توافقا مع توجه محكمة النقض المغربية التي تعتبر معيار التبعية حاسما في الأخذ بحوادث الشغل والأمراض المهنية ونذكر على سبيل الاستشهاد قرارا لمحكمة النقض جاء فيه ما يلي " عقد المقاولة يتميز بالاستقلال التام في العمل ولا يخضع لأي رقابة أو توجيه ومن تم فإن ما يحدث نتيجة العمل يعد المقاول مسؤولا عنه وحده دون غيره، فالهالك بمقتضى العقد الذي أبرمه مع المطلوبة التزم فيه بتفكيك سقف بناية قديمة على ملكيتها، وكان يمارس عمله باستقلال تام وليس فيه علاقة تبعية مما يجعله مسؤولا عن الحادثة التي أودت بحياته من جراء عمله ولا تتحمل المطلوبة أية مسؤولية" [28]. 
ونشير أخيرا أن المادة 3 جعلت مرض المصاب وإثبات كونه السبب المباشر في وقوع الحادثة من طرفة المشغل أو المؤمن يعد سببا معفيا من المسؤولية وهذا ما أكده القضاء في عدة مواقف نذكر منها نازلة تتلخص وقائعها في ما يلي :" ولما كان المشغل قد تمسك أمام قضاة الموضوع بكون المصاب في النازلة كان مصابا بمرض القلب وداء السكري وهو ما ثبت طبيا وأكده التشريح الطبي الذي أفاد بوجود التهاب رئوي وترهل في القلب... فإن الضحية كان بذلك عرضة سهلة للأمراض وهو ما ينزع عن الحادثة صبغة حادثة شغل"[29][30]، ونورد قرارا معاكسا للسابق حين لم يبرر المشغل أو مؤمنه أن المصاب كان عرضة سهلة للأمراض حيث جاء في قرار حديث لمحكمة النقض ما يلي " والثابت من وثائق الملف... أن موروث الطالبين أحس بعياء وهو يقوم بعمله بورش بالمركب الكيماوي الجرف الأصفر اتجه على إثره الى عيادة الورش وقدمت له بعض الفحوصات من طرف الممرض، لكن بعد مرور بعض الوقت لفظ أنفاسه، ومن تم فإن الحادثة تعتبر حادثة شغل ولو كانت ناتجة عن نوبة قلبية حسب تقرير الطبيب الشرعي ما دامت أن هذه النوبة لم يعرف سببها، علما أن المشغل والمؤمن لم يثبت أي منهما بأن المصاب بالحادثة عرضة سهلة للأمراض" [31]. 
حادثة طريق: 
كان من أهم نتائج الثورة الصناعية انتشار واسع لوسائل النقل الحديثة، وكانت الفئة النشيطة والمساهمين في دورة الإنتاج أكثر الناس عرضة للحوادث أثناء أداء مهامهم، هذا ما جعل المشرع ينتبه لذلك ويعتبر حادثة الطريق بمثابة حادثة شغل حسب الفصل 6 من ظهير 1963، والقضاء كان بدوره يعمل على توسيع نطاق حادثة الطريق لتشملها حماية هذا القانون[32]. 
والمشرع في المادة 4 من القانون 18.12 لم يعرف حادثة الطريق بل اكتفى بتحديد مجالها المكاني بصيغة أكثر تركيزا من الفصل – من ظهير 1963، حيث حدد أربع نقاط انطلاق ووصول خلال مسافة الذهاب والإياب التي تعتبر خلالها الحادثة بمثابة حادثة شغل، وسنفصل في هذه الأماكن كما يلي: 
بين محل الشغل ومحل الإقامة الرئيسي للمستفيد من أحكام هذا القانون: ومحل الشغل إما يكون ثابتا كمقر شركة أو مصنع، أو غير ثابت كحال الوسطاء التجاريين الذين ينتقلون من مكان لآخر تنفيذا لتعليمات المشغل، ومحل الإقامة الرئيسي هو ما نص عليه الفصل 520 من ق.م.م الذي اعتبره هو " المحل الذي يوجد به الشخص فعلا في وقت معين" واستنادا الى هذا التعريف يمكن القول أنه المكان الذي يتواجد به المستفيد بشكل مستمر واعتيادي. 
بين محل الشغل ومحل الاقامة الثانوي أو أي مكان يتوجه إليه بصفة اعتيادية ونلاحظ أنه حذف عبارة "لأسباب عائلية" وذلك لتوسيع نطاق الأمكنة التي قد تكون مثلا قاعة رياضة أو غيرها، وكل هذا يندرج في إطار حماية هذا الشخص وعموما تظل هذه المسألة من مسائل الواقع التي يختص بها قضاة الموضوع دون خضوع لرقابة محكمة النقض. 
محل الشغل والمحل الذي يتناول به طعامه بصفة اعتيادية وبين هذا الاخير ومحل اقامته. 
و أضاف الفصل أن كل انقطاع أو انحراف للأجير أو المستخدم عن مساره المعتاد ولسبب لا تبرره الحاجيات الأساسية للحياة العادية أو تلك المرتبطة بمزاولة النشاط المهني للمصاب لا تعد الحادثة في إطاره بمثابة حادثة شغل، والملاحظ أن المشرع لم يحدد مفهوم الانحراف والانقطاع ولكن يبدو من مفهوم المخالفة لهذا النص أن الانحراف من أجل قضاء الحاجيات الأساسية للحياة العادية كأداء الصلاة مثلا، أو تغيير الطريق لتفادي ظروف الطقس غير العادية، أو لقضاء حاجات لها علاقة بالشغل كشراء أداة من أدوات العمل لا تفقد المصاب الحق في التعويض. 
تبقى مسألة أخرى تتعلق بوقت التنقل والتي اعتبر الفقه أن التواجد بالأماكن المنصوص عليها قانونا غير كافي بل يجب أن تقع الحادثة في الوقت العادي للتنقل أي أثناء الفترة الزمنية الكافية للتوجه إلى مقر سكناه، بالاعتماد على الظروف المحيطة بالواقعة، كطول المسافة أو كثافة السير في أوقات معينة أو ظروف المناخ والحالة النفسية للمصاب، كلها عوامل تدخل في مسائل الواقع التي تختص المحكمة بالنظر فيها[33]. 
وفي اعتقادنا من الناحية المنطقية وعلى الرغم من عدم تطرق المشرع لعنصر المدة، فمن العدل أيضا عدم التوسع في المدد لدرجة تضر بالمشغل وتخل بالتوازن المرغوب به في الأصل من تقرير هذه المقتضيات الحمائية، ومن البديهي أن وصول المستفيد الى مقره يقطع كل علاقة بينه وبين المشغل. 
من حيث الاثبات: 
و يطرح إثبات حادثة الطريق صعوبة على المصاب في حادثة الطريق، ولهذا كرس القضاء نظرية إسناد الضرر كلما وقعت الحادثة خلال الوقت العادي للتنقل وفي الأماكن المحددة في المادة 4، شريطة التقيد بالظروف المنصوص عليها وأسسها القضاء في أول قرار له جاء فيه ما يلي: "إن العامل المصاب في حادثة طريق يتمتع بقرينة اسناد الضرر للحادثة وعلى صاحب العمل أن يثبت وقوع الانحراف او الانقطاع في الطريق"[34]. 
وعلى عكس ما سبق فإذا ما تخلفت الأضرار ولم تتضح معالمها إلا بعد مدة، فعلى العامل المصاب أن يثبت بنفسه شروط حادثة الطريق وهذا لعدم توفر قرينة الإصابة في مكان ووقت التنقل، مما يفرض منطقيا سحب مكنة إسناد الضرر عن المصاب وإلقاء عبء الإثبات عليه وهو ما نؤيده بدورنا. 
الأساس المعتمد لتمديد أحكام حادثة الشغل على حادثة الطريق: 
اختلف الفقه في تحديد الأساس الذي اعتمده المشرع لتمديد أحكام حادثة الشغل لحادثة الطريق ويمكن التمييز بين اتجاهين بارزين هما: 
ظهر الاتجاه الأول يعتمد على أساس علاقة التبعية حيث يعتبر أن سلطه التوجيه والإشراف والرقابة التي يتمتع بها المشغل تتجاوز نطاق أماكن الشغل لتنتقل إلى أي أماكن تواجد المصاب أثناء تنقله من محل الشغل وأثناء عودته مما يبرر حمايته عند إصابته[35]، لكن هذا التوجه تم انتقاده على أساس انه مبني على مجرد الافتراض ومخالفا للحقيقة والواقع الذي لا يكون فيه أية تبعية للمشغل خارج العمل، هذا ما دفع توجها أخر لتبني أساس جديد وهو الإرادة الصريحة للمشرع والتي تعتبر تجسيدا للطابع الحمائي للفئة العمالية وحماية لمصالحها [36]. 
وفي اعتقادنا لابد من التمييز بين أمرين اثنين للتمييز بين حادثة شغل وحادثة الطريق، فمعيار التبعية بدوره ينقسم الى قسمين اثنين التبعية الفعلية والتبعية القانونية، فبالنسبة لحادثة الشغل فهي تتوفر على التبعية الفعلية والقانونية اللتان تشتملان على سلطة الإشراف والرقابة والتوجيه أثناء أداء العمل، ولكن حادثة الطريق تحتوي على تبعية قانونية فقط مصدرها العقد المبرم بينهما، والقضاء أكد ذلك في عدة قرارات على أن حادثة الطريق التي لا تحتوي على تبعية لا يمكن اعتبارها حادثة شغل وجاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي " لا يمكن اعتبار الحادثة حادثة شغل إلا إذا توفرت عناصر قيام عقد الشغل وبالأساس عنصر التبعية"[37] وجاء في قرار آخر " يرجع مناط اعتبار حادثة الطريق بمثابة حادثة شغل لمدى وجود أو انعدام علاقة التبعية حين وقوع الحادث"[38]، وبهذا تكون الحادثان معا مشمولتان بعنصر التبعية إلا أن درجة كل منهما تختلف عن الأخرى. 
أهمية التمييز بين حادثة الشغل وحادثة الطريق: 
وتجدر الإشارة إلي أهمية التمييز بين الحادثتين، فالمصاب في إطار حادثة الشغل يكون له الحق في إقامة دعوى واحدة في مواجهة مشغله للحصول على تعويض جزئي.
أما في إطار حادثة طريق يكون له الحق في إقامة دعويين،
الاولى في مواجهة المشغل باعتباره مسؤولا عن تعويض حوادث الطريق المستكملة للشروط القانونية بالمادة 4 من ق 18.12، ويحصل فيها المصاب على تعويض جزئي للضرر الذي لحق به.
الثانية في مواجهة الغير المسؤول عن الضرر لمطالبته بتكملة التعويض الجزئي وهو ما يسمى بالإيراد التكميلي، لكي يجبر جميع عناصر الضرر وذلك استنادا للقواعد العامة للمسؤولية المدنية التي تخوله هذا الحق.
و تجدر الاشارة الى مسألة غاية في الأهمية تتعلق بالحق في الخيار الذي لم يكن يتمتع به المصاب في ظل الفصل 174 من ظهير 1963 الذي كان يحد من حق المصاب في الرجوع للدعوى المدنية التابعة قبل البث في دعوى الشغل، ولكن الان بعد حذف هذا النص أصبح للمصاب الحق في رفع أي من الدعويين شاء أولا، وكرس القضاء هذا التوجه في أحد قراراته الذي جاء فيه مايلي : " حيث دفعت المؤمنة بكون الحادثة تكتسي صبغة حادثة شغل والتمست إيقاف البث الى حين انتهاء مسطرتها أو تقادمها.
لكن حيث تبين للمحكمة أن الحادثة موضوع النازلة وقعت بتاريخ 2015/02/17 في ظل القانون الجديد المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل رقم 18.12 والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 22 يناير 2015.
و حيث إنه بالرجوع الى القانون أعلاه وخاصة المادة 160 في الفقرة الثانية تبين منها أنه يجب على المحكمة إذا ثبت لديها عدم وجود مسطرة الصلح المشار إليها أعلاه، وإذا ثبت لديها عدم وجود دعوى مقامة طبقا لأحكام نفس القانون، أن تبث في دعوى المسؤولية طبقا لأحكام القانون العامة.
وحيث إنه بخلو الملف مما يفيد وجود مسطرة الصلح أو وجود دعوى مقامة وفقا للمشار إليه أعلاه، فان المحكمة تبقى ملزمة بالبث في الملف وفق أحكام القانون العام، مما تكون معه الوسيلة على غير أساس ويتعين ردها "[39].
المرض المهني:
يعتبر وضع تعريف متكامل لظاهرة متعددة الأسباب ومتنوعة الأوجه والأعراض كالأمراض أمرا صعبا، ولهذا نلاحظ أن المشرع لم يقم بتعريف المرض المهني في النصوص التشريعية ولكن، ولكن أشار في الفصل 2 من ظهير 31 ماي 1943[40][41] بشأن الأمراض المهنية إلى بعض حالات المرض المهني وجاء فيه ما يلي " تعتبر كالأمراض المهنية حسب نص ظهيرنا الشريف هذا كل العلل المؤلمة والأمراض المتسببة عن الجراثيم التعفنية وكذلك الأمراض المبينة في قرار وزير الشغل والشؤون الاجتماعية المتخذة بعد استشارة وزير الصحة العمومية والعائلة، ويشمل هذا القرار جداول يبين فيها بدقة ووضوح ما يلي :
1) مظاهر أمراض التسميم الحادة أو المزمنة التي تتجلى في العمال المعرضين عادة لعوامل مواد سامة بسبب انجاز اشغال تتطلب ممارسة أو استخدام عناصر سامة وقد أشير في القرار على سبيل الارشاد الى أهم تلك العناصر.
2) الامراض المتسببة عن الجراثيم التعفنية والتي تداهم من يشتغل عادة بالأعمال المدونة في الجداول المشار اليها أعلاه.
3) الامراض الناتجة عن الوسط الذي يوجد فيه العامل أو عن الوضعيات التي يلزمه اتخاذها لإنجاز شغل من الأشغال المبينة بنفس الجداول المذكورة.
4) وتتضمن هاته الجداول زيادة على ذلك الآجال التي يبقى المؤاجر خلالها مسؤولا ضمن حدود الشروط المنصوص عليها في الفصل الثالث الاتي بعده."
وعرفه بعض الفقه بأنه " كل مرض يصاب به الأجير الذي يشتغل في مهن معينة وكل تسمم يلحقه بسبب نوعية المواد المستعملة فيها"[42].
و لكي يكتسي المرض صبغة المهنية لابد من توافر ثلاثة شروط وهي:
1- أن يصاب بمرض اعتبره القانون مهنيا[43]
و ترجع مسألة إثبات أن المرض مهني أم لا لأهل الاختصاص، لأنها مسألة فنية تعتمد فيها شهادات طبية ويكون ذلك بفحص يعهد به الى 3 أطباء متخصصين مهمتهم إبراز طبيعة المرض ومدى اعتباره مهنيا وذلك حسب الفصل 11 من قرار 20 ماي 1967.
أن يشتغل المصاب بانتظام في العمل المسبب للمرض المهني، ويجب على المصاب إثبات أنه اشتغل بانتظام في المجال الذي من الممكن أن يتسبب له في هذا المرض، وهذا الامر منطقي لقيام علاقة السببية بين المرض المهني والعمل واستخلاصه يخضع للسلطة التقديرية مع تعليل جدي للقرار، إضافة إلى أن المشرع وضع مددا تقديرية لاندلاع كل مرض وتكون هذه المسألة من اختصاص الطبيب الذي يحدد المدة الكافية لذلك.
رفع الدعوى خلال قيام مسؤولية المشغل رجوعا للفصل 3 من ظهير 1943 نجده يحدد نقطة بدء احتساب هذه الآجال، ونوجز ما جاء في الفصل على أنها تبتدئ من تاريخ انقطاع المصاب عن الاحتكاك بالمواد السامة أو المسببة للمرض ومحيطه إلى حين انتهاء الأجل المحدد قانونا لبقاء مسؤولية المشغل قائمة لكل مرض على حدة.
و جاء في الفصل 3 مكرر مرتين بظهير 1943 والمضاف بظهير 18 ماي 1957 لتحديد المسؤولية الملقاة على عاتق المشغلين في حالة تعددهم وتحمل كل منهم جزءا من المسؤولية ويمكن إجمال ما جاء به الفصل في ما يلي:
إن ممارسة الأجير لشغله لدى أكثر من مشغل يزاول نفس النشاط وإصابته بمرض مهني مستوف للشروط القانونية يؤدي الى تحميل المؤاجرين مجتمعين مسؤولية التعويض عن المرض المهني.
فرض المشرع المغربي على المؤاجر الاخير مسؤولية صرف التعويضات المستحقة للأجير كاملة مع ضمان حق المشغل في الرجوع على باقي المشغلين كل في حدود مسؤوليته.
إذا سبق للأجير المصاب بالمرض المهني بالمغرب ان اشتغل عند مؤسسة تستعمل نفس المواد خارج المغرب، فالفصل الثالث مكرر أربع مرات لم يجعل المشغل المسؤول بالغرب مكلفا بأداء أقساط مسؤولية المشغل الموجود بالخارج إلا إذا كانت هناك اتفاقية ثنائية أو دولية تسهل هذا الأمر في إطار التعامل بالمثل في القانون الدولي الخاص.
تمييز المرض المهني عن حادثة الشغل:
سبق أن عرفنا حادثة الشغل على أنها كل فعل ضار ومفاجئ وماس بجسم الأجير بشكل عنيف وسبب خارجي[44]، ونلاحظ من خلال عناصر هذا التعريف أن الفرق بينها وبين المرض المهني الذي يصاب به المصاب بشكل بطيء ودون عنف وتستمر أعراضه داخل جسم المصاب لمدة قد تطول أو تقصر، إلى أن يظهر في شكل علة مزمنة مما يجعله يفتقد لعنصر الفجائية والبغتة الذي تتسم به حادثة الشغل والذي يعد الخيط الفاصل بينهما، إلا أنه أحيانا قد تتداخل حادثة شغل ومرض مهني ينتج بعدها وهنا إذا ما تم تعويض المصاب في إطار حادثة شغل فلا يمكن تعويضه مرة أخرى استنادا للمرض المهني وذلك لعدم إمكانية تعويضه مرتين عن نفس الضرر.
و يعتبر هذا التطور الذي عرفته قواعد المسؤولية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في ظل التطور الصناعي والانتاجي بشكل عام ونطاقها الذي أصبح في توسع مستمر من أهم أسباب ظهور التأمين عن ح.ش وأ.م، فعلى الرغم من التجديد المستمر لفكرة المسؤولية المدنية وأساسها القانوني،فإن قصورها الواضح عن تقديم الحماية الكافية للضحايا أو لذوي حقوقهم من بعدهم، قد جعل ظهور التأمين على المسؤولية أمرا حتميا لا مفر منه[45].
ومن هذا المنطلق نتساءل عن دور التأمين في توفير الحماية الكافية للمصابين، وعن أهم الأسس التي ينبني عليها هذه النظام.

المطلب الثاني : ماهية عقد التأمين عن حوادث الشغل والامراض المهنية وإلزاميته 

إن المشرع المغربي منذ إصداره لظهير 25 يونيو 1927 مرورا بتعديل ظهير 6 فبراير 1963 وتتويجا بإصلاحات وتعديلات قانون 12-18 سنة 2015، حاول ترسيخ الحماية الاجتماعية للمصاب أو ذوي حقوقه إثر حادث شغل أو مرض مهني، وذلك عن طريق إقرار وإرساء ضمانة استيفاء واستخلاص مستحقاته المترتبة بعض تحقق الخطر الحادث أو المرض المهني وذلك عبر آلية التأمين الإجباري الموكول لشركات ومقاولات التأمين في إطار منظومة التأمين التجاري، بل ألزم المشغل إبرام عقد التأمين تحت طائلة تعرضه للعقوبة المالية أو الحبسية المنصوص عليها قانونا. 
ولملامسة أهمية وإلزامية التأمين في هذا الإطار سنتطرق لمفهوم عقد التأمين (الفقرة الأولى)، و لخصوصياته في مجال الشغل والأمراض المهنية (الفقرة الثانية). 

الفقرة الأولى: مفهوم عقد التأمين 

يقتضي تناول مفهوم عقد التأمين، تع ريفه هذا العقد (أولا) ثم التعرض لخصائصه (ثانيا). 
أولا : تعريف عقد التأمين 
عرف المشرع المغربي عقد التأمين من خلال مدونة التأمينات[46]، وذلك من خلال المادة الأولى بأنه " اتفاق بين المؤمن والمكتتب من أجل تغطية خطر ما، ويحدد هذا الاتفاق التزامات متبادلة." ويلاحظ على هذا التعريف أنه جد مقتضبا ولا يتضمن على العناصر الأساسية لعقد التأمين كنطاق الخطر موضوع التأمين، كما أن التعريف تحدث عن التزامات متبادلة دون أن يشير إليها. 
وقد عرف المشرع المصري عقد التأمين من خلال المادة 747 من التقنين المدني المصري بأنه " عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه، مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد وذلك في نظير قسط أو أي دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن." وقد استوفى المشرع المصري من خلال هذا التعريف العناصر الأساسية لعقد التأمين [47]، فهو عقد يبرم بين المؤمن والمؤمن له وقد يوجد إلى جانب المؤمن له شخص آخر يتقاضى مبلغ التأمين وهو المستفيد كما أن التعريف تطرق للخطر بالإضافة للالتزامات الأساسية لطرفي العقد وهي دفع الإيرادات أو مقابل الالتزام بتأمين مقابل الالتزام عن تغطية الأضرار المتوقع أو في موضوعنا هنا،فإن التأمين على المسؤولية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية يكون تأمين على الأضرار التي قد تتعرض لها الذمة المالية للمؤمن له حيث يلتزم بتعويض المتضرر فتحل شركة التأمين محله. 
ثانيا - خصائص عقد التأمين 
التأمين عقد شكلي 
إذا كان الأصل في العقود أن تكون رضائية، إلا أن المشرع المغربي في تنظيمه لعقد التأمين قد استلزم أن يكون العقد شكليا، والشكلية فيه للانعقاد وليس للإثبات[48]، ويتعين أن يحرر عقد التأمين المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية بحروف بارزة وفي حالة وقوع أي تعديل على العقد فيجب أن يثبت كتابة بواسطة ملحق مكتوب وموقع من الأطراف. 
فالشكلية في عقد التأمين المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية المنظم بقانون 18.12 تعتبر ركنا من أركان العقد. 
عقد رضائي 
إذ لا ينعقد عقد التأمين إلا بإيجاب وقبول أطرافه وتطابق الإيجاب والقبول. 
عقد ملزم للجانبين 
يرتب عقد التأمين التزامات متقابلة بين أطرافه إذ أن إلتزام المؤمن له بدفع أقساط التأمين يقابله التزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين، إذا وقع حادث شغل أو مرض مهني. 
و إذا كان التزام المؤمن له التزام محقق يتجلى في دفع مقابل التأمين فإن التزام المؤمن محتمل بتحقق وقوع الضرر المتمثل في حادث الشغل أو المرض المهني. 
عقد احتمالي 
يعتبر عقد التأمين من العقود الاحتمالية حيث لا يعرف طرفيه المقدار الذي يعطونه أو الذي سيأخذونه فالمؤمن لا يعلم ما إذا كان حادث الشغل سيقع ولا يعلم عدد الضحايا كما لا يعلم الأمراض المهنية التي قد تقع، غير أن عقد التأمين عقد فني بامتياز حيث أن المؤمن يملك من المعرفة الفنية والخبرة ما يمكنه من دراسة العقد وتحديد موقفه منه، فالمؤمن يعلم نسبة حدوث الحوادث في أشغال البناء والفلاحة والصناعة الكيمائية وعلى هذا الأساس يقدر التزامه والتزامات المؤمن له. 
زمني 
يعتبر الزمن عنصر جوهري في عقد التأمين[49]، إذ يلتزم المؤمن لمدة معينة، ويحتمل بعض الأخطار موضوع عقد التأمين إلى نهاية التاريخ المحدد في العقد، ويلتزم المؤمن له بأداء الأقساط خلال تلك المدة، كما يمكن أن يكون مقابل التأمين دفعة واحدة متناسبة متزامنة مع الزمن المحدد في العقد. 
عقد إذعان 
إن عقد التأمين عقد إذعان بامتياز مما يجعل المؤمن له يتعسف في شروطه مادام أن الطرف الآخر يجد نفسه ملزما في الدخول في عقد التأمين، وعلى هذا الأساس فقد تدخل المشرع للحد من التعسف الذي قد يقع من المؤمن، وأصبحت عقود التأمين من العقود التوجيهية، وقد جاء في المادة 2 من القانون 18.12 " ويتم التعويض عن الأضرار المذكورة، طبق الشروط والكيفيات والمساطر المنصوص عليها في هذا القانون..."، وبالتالي أصبح كل شرط مخالف كما أن المادة 2 من نفس القانون نصت على " يعتبر باطلا كل اتفاق مخالف لأحكام هذا القانون التي تعتبر من النظام العام". 
ويلاحظ أن النصوص المنظمة لعقد التأمين تتميز بطابعها الآمر والذي لا يمكن مخالفتها،وهي بالتالي تضفي نوع من التوازن في العلاقة التعاقدية. 
عقد التأمين ذو طبيعة ازدواجية 
يحتمل عقد التأمين وصفين، الأول بكونه عقد مدني، والثاني تجاري، ويكتسب الصفة التجارية من خلال شكل الشركة التجارية التي تقوم بنشاط التأمين بالأقساط الثابتة كنشاط تجاري على سبيل الاعتياد والاحتراف، وكذلك على شكل شركة مساهمة باعتبارها شركة تجارية.[50] 
أما التأمين التعاقدي الذي تقوم به شركة التأمين التعاقدية فهو تأمين دو طبيعة مدنية بحكم المادة 6 من مدونة التجارة، وكذلك من خلال المادة 173 من مدونة التأمين التي جعلته قائما على التعاون وليس الربح والمضاربة. 
التأمين من عقود حسن النية 
إن القاعدة المنصوص عليها في المادة 231 من ظهير الالتزامات والعقود تفيد تنفيذ العقود بحسن نية. 
وغير أن عبارة حسن النية لها معنى خاص في عقد التأمين هذا ما دفع بعض الفقه إلى تمييزه عن مبدأ حسن النية المعروف وأطلق عليه تسمية " منتهى حسن النية " [51]، والمقصود بحسن النية النزاهة والشفافية والثقة المتبادلة بين الطرفين، مما يؤدي إلى سلامة العقد [52]. 
وقد نصت المادة 20 من مدونة التأمين على إلزامية أن يقدم المؤمن له كافة المعلومات التي تمكن المؤمن من تحديد الأخطار التي سيؤمنها. 
ولأهمية حسن النية في عقود التأمين فقد رتب المشرع جزاء عند الإخلال بها من خلال المادة 
30 يتمثل في إسقاط الضمان متى كان التصريح كاذبا وكان هناك كتمان مؤثر. 
ثالثا: عناصر عقد التأمين 
عقد التأمين يتكون من أربعة عناصر وهي الخطر ثم قسط التأمين ثم الحادث، وأخيرا عنصر المصلحة. 
1. الخطـر 
يعتبر الخطر العنصر الجوهري في عقد التأمين حيث بناء عليه تم تحديد مقابل التأمين ومبلغ الضمان الذي يدفعه المؤمن له، وقد عرف الفقه الخطر بأنه حادث غير محقق لا يتوقف على إرادة أي طرف في عقد التأمين وبصفة خاصة إرادة المؤمن له [53]. 
ومن خلال هذا التعريف، فإن الخطر في عقد التأمين يجب أن يتوفر على ثلاث مقومات أساسية وهي أن يكون غير محقق الوقوع، وأن يكون غير متعلق بمحض إرادة أحد طرفي العقد وأن يكون مشروعا غير مخالف للنظام العام. 
الخطر غير محقق الوقوع 
يقوم التأمين على أساس الاحتمال وهذا يعني أن يكون الخطر المؤمن منه محتملا غير حتمي ولا مستحيل الوقوع، أي لا يعرف عند وقت التعاقد ما إذا كان سيتحقق أم لا. 
وعلى هذا الأساس نصت المادة 50 من مدونة التأمين " يعتبر باطلا إن كان الشيء المؤمن عليه قد أتلف وقت اكتتاب العقد أو لم يعد معرضا للأخطار". 
ومن صور ذلك في التأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية أن يتم تأمين على أساس أن المؤمن له ينشط في صناعة مواد بلاستيكية تحتوي على مواد كميائية خطيرة ثم تبين أن المؤمن له يقتصر عمله على تجميع تلك المواد دون تصنيعها، ففي هذه الحالة يعتبر عقد التأمين باطلا ويكون المؤمن مطالبا بإعادة أقساط التأمين للمعني.[54] 
كما يمكن للمؤمن له استرجاع أقساط التأمين في حالة توقف الخطر كتوقف المؤسسة عن القيام بنشاطها المعتاد وذلك وفق ما جاء في المادة 46 من مدونة التأمين. 
أن يكون الخطأ غير متعلق بإرادة أحد طرفي العقد 
إن عقد التأمين عقد احتمالي، وإذا كان الخطر متعلق بإرادة أحد أطراف العقد ينتفي عنصر الاحتمال ويصبح الخطر متوقعا. 
وعلى هذا الأساس تدخل المشرع من خلال المادة 17 من مدونة التأمين ولم يحمل المؤمن أي مسؤولية في حالة كان الخطأ نتيجة خطأ متعمد أو تدليسي لأنه يمس بعنصر الاحتمال في عقد التأمين. 
وقد جعل المشرع هذا النص من النظام العام أي لا يمكن الاتفاق على مخالفته، حيث يكو ن الحادث محقق الوقوع، وهذا ما يتعارض وطبيعة عقد التأمين. 
وقد وضع المشرع استثناء على المادة 17 من خلال المادة 18 حيث جعل الأخطار العمدية تكون قابلة للتأمين إذا كانت نتيجة لتصرف الأشخاص الذين يكون المؤمن له مسؤولا عنهم أي في حالة التبعية. 
وقد أحال المشرع من خلال المادة 17 على المادة 85 من ظهير الالتزامات والعقود، وهو الأمر الذي اقتبسه المشرع المغربي من المشرع الفرنسي من خلال المادة L-1211 من مدونة التأمين الفرنسية. 
- مشروعية الخطر 
يجب أن يكون الخطر موضوع التأمين مشروعا، فالخطأ العمدي يكون غير مشروعا، كما يجب أن لا يكون غير مشروعا كأعمال التهريب والقمار والمخدرات، كما لا يصح التأمين عن المسؤولية الجنائية.[55] 
قسط التأمين 
يعتبر الفقه قسط التأمين الركن الثاني في عقد التأمين نظرا لأهميته القصوى[56]، والقسط هو المبلغ المالي المستحق على مكتتب عقد التأمين مقابل ضمانات يمنحها المؤمن [57]. 
ويتكون القسط من عنصرين هما: 
الحـادث 
يعتبر الحادث من العناصر الأساسية لعقد التأمين، وعند وقوع الحادث يتعين على المؤمن له القيام بعدة إجراءات وذلك تحت طائلة سقوط حقه، ويلتزم المؤمن له بأداء مقابل التأمين وهذا ما سنتفضل فيه من خلال المحاور التالية. 
المصلحة 
يشكل عنصر المصلحة الفيصل ما بين عقد التأمين وعمليات الحظ والمقامرة، فالتأمين يقع على مصلحة المؤمن له وليس على الشيء المؤمن عليه، وبالتالي فمحل التأمين الحقيقي هو مصلحة المؤمن له [58]، وقد جاء في المادة 40 من مدونة التأمين "... يمكن التأمين على كل مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في عدم وقوع خطر ". وهذا النص يطابق المادة L121.6 من مدونة التأمين الفرنسية.

الفقرة الثانية: خصوصيات التأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية 

نظم المشرع المغربي موضوع التأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في المواد 29 إلى 59 من القانون 18.12 حيث تطرق من خلالها لإجبارية التأمين، إحلال المقاولة المؤمنة محل المشغل المؤمن له في الأداء إضافة إلى التزامات المشغل غير المؤمن له وحلول صندوق الضمان محل المدينين في الأداء، وهي النقط التي سنحاول التطرق إليها فيما يأتي: 
أولا: إجبارية التأمين 
أوجب المشرع المغربي من خلال المادة 29 من القانون 18.12 على المشغلين الخاضعين للظهير الشريف بمثابة قانون الصادر بتاريخ 27/07/1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي (كما تم تغييره وتتميمه)، أن يبرموا لزوما لدى مقاولات التأمين المرخص لها بذلك عقد تأمين يضمن المصاريف والتعويضات المنصوص عليها في القانون 18.12. 
وتتمثل الأسباب الداعية إلى التنصيص عن إجبارية هذا النوع من التأمين في أن أغلب المشغلين لا يتوفرون على تغطية كاملة وشاملة لأداء التعويضات مما يستلزم إبرامهم لعقود التأمين تضمن حقوق الأجراء وذوي حقوقهم. 
وعلاوة على إجبارية التأمين فقد أكد المشرع في المادة 31 من القانون 18.12 على أنه لا يجوز لمؤمن المؤاجر أن يحتج بسقوط الحق اتجاه المصاب او ذوي حقوقه مهما كان السبب، بما في ذلك حالة تقصير المشغل المؤمن له في التزاماته كعدم أداء أقساط التأمين أو جزء منها أو عدم كفاية المعلومات التي صرح بها المؤمن له للمؤمن[59]. 
وقد أقر المشرع بمقتضى المادة 184 من القانون 18.12 جزاء للمشغل الذي يمتنع عن إبرام عقد التأمين اذ يعاقب بغرامة مالية من 50.000 درهم إلى 100.000 درهم، علاوة على العقوبة الحبسية في حالة العود. 
ثانيا : إحلال المقاولة المؤمنة محل المشغل المؤمن له في الأداء 
خصص المشرع المغربي لموضوع إحلال المؤمن محل المؤمن له في أداء التعويضات المواد34 إلى 36 من القانون 18.12، ويعد مبدأ إحلال المؤمن محل المؤمن له من بين خصوصيات التأمين بصفة عامة والتأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية خاصة، حيث تحل المقاولة المؤمنة بقوة القانون محل المشغل في أداء جميع المصاريف والتعويضات والإيرادات المنصوص عليها في هذا القانون. 
وتجدر الإشارة إلى أم المادة 2 من القانون 18.12 قد اعتبر مقتضيات الظهير من النظام العام، وأن كل اتفاقية مخالفة لهذا القانون تعد باطلة بحكم القانون وخاصة تلك المتعلقة بالاقتطاع من أجور العمال قصد التأمين قصد التخفيف عن التكاليف التي يتحملها المشغل. 
وبذلك فإنه لا يحق للمشغل أن يبرم اتفاقية أو صلحا مع الأجير من شأنها الإنقاص من مبالغ التعويضات المستحقة قانونا[60]. 
وقد اشترط المشرع على المصاب أو ذوي حقوقه أو المشغل المؤمن له في حالة عدم التوصل إلى الصلح، أن يبادر إلى إدخال المقاولة المؤمنة للمشغل لزوما في دعوى المطالبة بالتعويضات المقامة أمام المحكمة الابتدائية، وذلك بموجب مقال إدخال الغير في الدعوى يتضمن الشكليات المنصوص عليها في القانون. 
ومما يجب التأكيد عليه أنه في حالة إدخال المؤمن في الدعوى، فإنه يجب على المحكمة التي تنظر في الدعوى بعد البت في التعويضات أن تنص في الحكم أو القرار على إحلال المؤمن محل المؤمن له في الأداء. 
ثالثا : التزامات المشغل غير المؤمن له ضمان الأداء 
إذا كان مبدأ إجبارية التأمين يستلزم من المشغل إبرام عقد تأمين مع مقاولة للتأمين قصد تغطية المصاريف والتعويضات التي يمكن الحكم بها للمصاب أو ذوي حقوقه، فإنه أحيانا قد لا يتقيد بما ذكر مما قد يؤثر على حقوق الضحايا. 
وفي هذا الإطار ألزم المشرع كل شغل غير مؤمن له –باستثناء الدولة- بأن يؤدي للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين الرأسمال اللازم لتأسيس الإيراد داخل أجل 60 يوما الموالية لتاريخ صدور الأمر بالصلح أو الحكم بمنح الإيراد للمصاب أو ذوي حقوقه58. 
علاوة على التنصيص على صندوق الضمان كمؤسسة تلتزم بضمان أداء التعويضات عن العجز الدائم عن العمل أو عن الحوادث المترتبة عنها الوفاة وذلك في حالة عدم قيام المشغلون المدينون أو مقاولات التأمين عند حلول الأجل بأداء التعويضات اليومية أو المبالغ الاحتياطية الواجب خصمها من الإيراد وكذا الإيرادات المفروضة إثر حادثة شغل إضافة إلى بيع المصاريف المترتبة عن ذلك[61]. 
ويحق طبقا للمادة 56 من القانون 18.12 لصندوق الضمان أن يقيم دعوى قضائية على المشغلين المدينين الذين حل محلهم في أداء المبالغ المالية المشار غليها أعلاه، مع الفوائد القانونية المترتبة عن ذلك. 

المبحـث الثـانـي: آثار عقد التأمين عن المسؤولية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية 

إن أهم مظهر من مظاهر الحماية الاجتماعية ضد الأضرار التي تصيب الأجير أو ذوي حقوقه، تتبلور في تكريس ضمانة تغطيته بالتأمين حال استحقاق المستفيد من التعويض المترتب عن حادث شغل أو مرض مهني، ولتفعيل هاته الضمانة فإن المشرع المغربي من خلال القانون رقم 12-18 قد حافظ على روح وفلسفة ظهير 06/02/1963 في العديد من الأحكام منها التأمين التجاري كآلية أساسية إلى جانب صندوق ضمان حوادث الشغل كآلية قانونية لتغطية حوادث الشغل عند انعدام التأمين وعسر المشغل، إضافة إلى عدم تنظيمه للأمراض المهنية والاكتفاء بالإحالة إلى ظهير 31/05/1943 الذي لم يتم تعديله لحد الآن. 
فهل يا ترى توفق المشرع المغربي في توفير الحماية القانونية من خلال استيفاء المصاب أو ذوي حقوقه للتعويض المترتب عن حادث شغل أو مرض مهني من ذمة المؤمن؟ وكيف استطاع التوفيق في سن إلزامية الإجراءات المسطرية سواء الإدارية أو القضائية في هذا الصدد، وهل توفق في الممازجة ما بين حقوق الضحية أو ذوي حقوقه من جهة، وبين حقوق المشغل المؤمن له ومؤمنته من جهة ثانية؟ وكيف استطاع تحقيق التوازن العقدي ما بين المؤمن والضحية واتجاه الغير المسؤول عن الحادث؟ 
للإجابة عن هاته الإشكاليات ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى ثلاث مطالب كاستثناء عن القاعدة الثنائية وذلك نظرا لاختلاف طبيعة كل أثر ناجم عن عقد التامين ما بين طرفيه المؤمن والمؤمن له من جهة (مطلب أول) وأثره أيضا بالنسبة للمصاب أو ذوي حقوقه (مطلب ثاني) بالإضافة إلى أثره في دعوى الحلول بالنسبة للمؤمن اتجاه الغير المسؤول عن الحادث (مطلب ثالث)

المطلب الأول: التزامات طرفي عقد التأمين 

تنص المادة الأولى من مدونة التأمينات المغربية على أن عقد التأمين هو ذلك الاتفاق بين المؤمن والمكتتب من أجل تغطية خطر ما، ويحدد هذا الاتفاق التزاماتهما المتبادلة. 
وبذلك فعقد التأمين يعتبر من العقود الملزمة لجانبين إذ يخول لكل من المؤمن والمؤمن له حقوقا والتزامات في مواجهة الطرف الآخر. 
وقد نظم المشرع المغربي التزامات طرفي عقد التأمين في المواد من 17 إلى 35 من مدونة التأمينات، وسنحاول التطرق إليها كما يلي:

الفقرة الأولى : التزامات المؤمن له 

المؤمن له هو ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يرتكز التأمين عليه أو على مصالحه. 
وباستقراء المواد المشار إليها أعلاه يتضح بأن التزامات المؤمن له تنقسم أساسا إلى نوعين،التزامات عند إبرام العقد (أولا) ثم التزامات أخرى تظهر بعد إبرام العقد (ثانيا). 
أولا : التزامات المؤمن له عند إبرام العقد 
و تتمثل هذه الالتزامات إجمالا في الالتزام بإحاطة المؤمن بكافة بيانات وظروف الخطر والالتزام بدفع قسط التأمين. 
1- الالتزام بإحاطة المؤمن بكافة بيانات وظروف الخطر : 
يعد من بين الالتزامات الأساسية التي تقع على عاتق المؤمن له، حيث يكون المؤمن له ملزما بأن يحدد الخطر ويصفه من حيث ماهيته والعناصر المؤثرة في قدره ومدى جسامته بكل دقة وصرامة وذلك حتى يجعل المؤمن على علم بنوع الخطر الذي سيغطيه. 
وقد نص المشرع المغربي على هذا الالتزام في المادة 20 من مدونة التأمينات حيث ألزم المؤمن له بأن يصرح عند إبرام العقد بكل الظروف المعروفة لديه والتي من شأنها أن تمكن المؤمن من تقدير الأخطار التي يتحملها. 
وتكمن أهمية التصريح ببيانات الخطر كذلك في مدى قبول المؤمن لفكرة التأمين من عدمه،وكذا تمكين المؤمن من وضع تصوراته عن مقدار القسط ومبلغ التأمين ومدى احتمال وقوع الخطر. ويرى بعض الفقه أن أساس الالتزام بالتصريح بالخطر يتمثل في مبدأ حسن النية الذي يجبأن يتحلى به المؤمن له في علاقته بالمؤمن، وذلك بالإفضاء له بكافة البيانات المحيطة بالخطر المطلوب تأمينه[62]. 
ومن بين أهم البيانات التي يتعين التصريح بها للمؤمن في إطار حوادث الشغل والأمراض المهنية، نذكر مثلا طبيعة المهنة والأشغال التي تزاولها المقاولة وكذا نوعية الآلات والمواد المستعملة وعدد الأجراء وطبيعة عملهم وظروف العمل، ومقدار الأجور والرواتب المختلفة المقدمة للعمال،علاوة على ظروف إدلاء المؤمن له للمؤمن بالبيانات المتعلقة بوضعيته المالية ومدى قدرته على دفع أقساط التأمين. 
وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن المشرع لم يحدد طريقة تقديم البيانات المذكورة، إذ يمكن أن يكون التصريح تلقائيا كما يمكن أن يكون عبر الجواب عن أسئلة مكتوبة. 
وتختلف البيانات التي يلتزم المؤمن له بتمكين المؤمن منها بين بيانات موضوعية منصبة أساسا على الأشياء أو الأشخاص أو نوعية العربات، وأخرى شخصية مرتبطة أساس بشخص المؤمن له والتي من شأنها أن تدفع المؤمن إلى الاطمئنان لشخص المؤمن له.[63][64] 
2- الالتزام بدفع قسط التأمين 
قسط التأمين هو المقابل المالي الذي يلتزم المؤمن له بدفعه للمؤمن من أجل تغطية هذا الأخير للخطر المؤمن له، ويتم احتساب القسط بالاستناد إلى مبدأ تناسب القسط مع الخطر، لذلك فكل تغيير يطرا عن الخطر بالزيادة أو النقصان يتبعه تغيير مبلغ القسط في نفس الاتجاه62. 
وقد تطرق المشرع المغربي لهذا الالتزام في المادة 20 من مدونة التأمينات إلى جانب باقي الالتزامات الأخرى الملقاة على عاتق المؤمن له. 
وعادة ما يكون الوفاء بالقسط الأول عند إبرام العقد، كما أن القسط قد يكون سنويا يدفع في بداية كل سنة، ويمكن في هذه الحالة الأخيرة للمؤمن له استرداد أقساط التأمين التي لم يعد فيها التأمين قائما وذلك متى انتهى عند التأمين لسبب من الأسباب قبل انقضاء السنة. 
وقد نصت المادة 21 من مدونة التأمينات الجديدة على أن قسط التأمين يؤدى بموطن المؤمن أو الوكيل الذي عينه لهذا الغرض ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، كما أن الأصل أن يكون الوفاء بقسط التأمين نقدا، غير أنه يمكن أن يكون بأية وسيلة أخرى يقبلها المؤمن، ويعتبر حيازة المؤمن له لشهادة التأمين وسيلة لإثبات الوفاء بالقسط. 
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع قد قصر أداء الأقساط على صاحب العمل وحده استنادا لفكرة أن الأخطار التي تحدث بمناسبة العمل تعد جزء من تكاليف الإنتاج، لذلك يقع باطلا كل اتفاق عن تحميل العامل نصيب صاحب العمل في أقساط التأمين[65]. 
وبالرجوع للمادة 21 من مدونة التأمينات يتضح بأنه في كافة التأمينات غير التأمين على الحياة فإذا امتنع المؤمن له عن دفع قسط التأمين أو تأخر في دفعة في الموعد المحدد، فقد نص المشرع على مجموعة من الإجراءات والجزاءات الخاصة بعقد التأمين ابتداء من توجيه إنذار إلى المؤمن له بالأداء، وبعد مضي مدة عشرين يوما دون أداء يحق للمؤمن توقيف الضمان، وبعد انقضاء مدة عشرة أيام من تاريخ توقيف الضمان أصبح من حق المؤمن إما فسخ العقد أو المطالبة القضائية بتنفيذه.
ثانيا : التزامات المؤمن له بعد إبرام العقد 
وتتجلى هذه الالتزامات في الالتزام بالتصريح بالظروف المستجدة وإشعار المؤمن بتحقق الخطر. 
1- الالتزام بالتصريح بالظروف المستجدة 
يعتبر هذا الالتزام من بين أهم الالتزامات التي يتحملها المؤمن له، وتتجلى أهميته في أنه قد 
تستنجد ظروف معينة بعد إبرام العقد من شأنها أن تؤدي إلى اشتداد الخطر أو الزيادة في نسبة احتمال حدوثه أثناء سريان العقد. 
وذلك فالمؤمن له ملزم بالتصريح بتفاقم الخطر طبقا للمادة 20 من مدونة التأمينات، وعلة ذلك أن تحديد قسط التأمين تتحكم فيه متغيرات معينة، كالمتغيرات المتعلقة بالأجور التي تدفعها المقاولة المؤمنة لها، أو عدد الأجراء أو تغيير في الظروف التي يمارس فيه العمل وكذا الأدوات والآلات المستعملة. 
والسبب وراء التزام المؤمن له بالتصريح بالظروف المستجدة هو أنه ينتج عنها تفاقم الخطر مما من شأنه أن يجعل التزام المؤمن أشد عبئا وقد لا يقبل المؤمن بتغطية ذلك الخطر لو كانت تلك الظروف موجودة أثناء التعاقد. 
ويختلف موقف المؤمن بشأن التصريحات المتعلقة بالظروف المستجدة، فقد يقرر الإبقاء على العقد الأصلي دون زيادة الأقساط أو الزيادة في الأقساط، أو فسخ العقد نتيجة لرفض المؤمن له القسط المقترح من طرف المؤمن. 
وبخصوص جزاء الإخلال بالتصريح بالخطر أو تفاقمه، فقد ميز المشرع بين حالة وقوع ذلك بحسن نية وحالة سوء النية، ففي حالة حسن النية وهي التي يكون فيها عدم التصريح ناتج عن الإهمال في إعطاء البيانات أو الاعتقاد بعدم أهميتها مثلا، فإنه يحق للمؤمن إلزام المؤمن له بأن يؤدي الجزء من القسط الذي تم إغفاله أو أداء تعويض للمؤمن، ولا يمكن للمؤمن المطالبة بفسخ العقد، كما أن التأمين يبقى ساريا ومغطيا للخطر. 
أما في حالة سوء النية فقد أقر المشرع جزاءات صارمة إذا ما ثبت أن عدم التصريح كان سبب تدليس المؤمن له أو غشه، فإنه يحق للمؤمن مطالبة صاحب العمل بدفع القسط الواجب أداؤه وفقا للخطر الحقيقي إضافة إلى التعويض مع إمكانية رجوع المؤمن على المؤمن له بكافة المبالغ أو التعويضات التي يكون قد أداها للضحايا خلال تلك الفترة بأثر رجعي. 
2- إشعار المؤمن بتحقق الخطر 
بمقتضى هذا الالتزام فإنه يتعين على المؤمن له أن يخبر المؤمن في أسرع وقت بوقوع الحادث الذي تحقق به الخطر المؤمن منه، فوفقا للمادة 20 من مدون التأمينات ألزم المشرع المؤمن له بأن يشعر المؤمن بكل حادث من شأنه أن يؤدي إلى إثارة ضمان المؤمن. 
وبذلك فبمجرد علم المؤمن له بوقوع حادث فعليه أن يخبر المؤمن بذلك بمقتضى إشعار يهدف من خلاله إلى إثارة انتباه المؤمن بأنه قد أصبح ملزما بتنفيذ التزامه الأساسي على مستوى أداء مبلغ التأمين، وذلك قصد تمكينه من اتخاذ التدابير الضرورية للمحافظة على حقوقه. 
وحفاظا على مصالح المؤمن له لم يشترط المشرع شكلا خاصا للإشعار بوقوع الخطر، كما أن المادة 20 من المدونة قد ألزمت المؤمن له بإعلام المؤمن بمجرد علمه بوقوع الحادث، وعلى أبعد تقدير خلال الخمسة أيام الموالية لوقوعه، وتتجلى حماية المؤمن له في هذا الإطار في أن المش رع قد أجاز تمديد أجل 5 أيام المذكور باتفاق الطرفين دون إمكانية تخفيضه. 
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع لم ينص على جزاء خاص في حالة إخلال المؤمن له بالتزامه بإعلام المؤمن بتحقق الخطر، لذلك يرى بعض الفقه بأن القواعد العامة هي المنطبقة في هذه الحالة وخاصة مقتضيات المسؤولية العقدية[66]. 
غير أن وأما غياب جزاء قانوني خاص منصوص عليه في مدونة التأمينات فإن مؤسسات التأمين غالبا ما تلجأ إلى تضمين عقد التأمين شرطا بسقوط حق المؤمن له في مبلغ التأمين في حالة عدم إشعاره للمؤمن بوقوع الحادث الذي من شأنه إثارة الضمان في حقه، وبذلك يترتب عن سقوط حق المؤمن له في مبلغ التأمين حرمانه من التغطية في حالة تحقق الخطر المؤمن منه.[67] 

الفقرة الثانية : التزامات المؤمن 

سنحاول التركيز في هذه الفقرة على الالتزام الأساسي الملقى على المؤمن والمتمثل في أداء مبلغ التأمين (أولا) ثم التزامه بأداء الإيراد تبعا للتغييرات الطارئة عليه (ثاني)، كما ارتأينا أن نتطرق للأجر المعتمد في احتساب الإيراد نظرا للإشكالات العملية التي كان يثيرها هذا الموضوع (ثالثا) ثم نختم هذه الفقرة بإعطاء فكرة حول الغرامة الإجبارية باعتبارها ذلك الجزاء المقرر في حالة الإخلال بأداء التعويض (اربعا.) 
أولا : التزام المؤمن بتعويض المصاب أو ذوي حقوقه 
نص المشرع المغربي عن هذا الالتزام في المادة 19 من مدونة التأمينات حيث اعتبر أنه في حالة تحقق الخطر المضمون أو عند حلول أجل العقد يجب على المؤمن داخل الأجل المتفق عليه تسديد التعويض أو المبلغ المتفق عليه حسب عقد التأمين. 
وانطلاقا من المادة أعلاه فإن المؤمن يلتزم في حالة تحقق الخطر المؤمن عنه بأن يؤدي التعويض المحكوم به لفائدة المصاب أو ذوي حقوقه متى تعلق الأمر بحادثة شغل أو مرض مهني، فما هي إذن التعويضات المستحقة قانون للمصاب أو ذوي حقوقه في هذا الإطار؟ 
باستقراء مقتضيات القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية نجده ينص على نوعين من التعويضات وهي: 
1- التعويضات الواجب منحها للمصاب وتتمثل فيما يلي: 
–المصاريف الطبية وتوابعها : 
نص عليها المشرع في المادة 37 وتشمل خاصة مصاريف التشخيص والعلاج ونقل المصاب إلى مقر محل إقامته الاعتيادي وكذا مصاريف الجنازة في حالة الوفاة[68]. 
–التعويض اليومي عن العجز المؤقت : 
وهو تعويض يستحقه العامل بشكل يومي، إذ يحل محل الأجر الذي يحرم منه طيلة مدة عجزه عن العمل وقد نص المشرع على هذا التعويض في المادة 61 من القانون 18.[69]12. 
–الإيراد المؤدى للمصاب في حالة العجز الدائم : 
نص المشرع المغربي عن هذا النوع من التعويض في المواد 80 إلى 86 من القانون 18.12، وهو تعويض مقرر لفائدة الضحية المصاب بعجز جزئي دائم. 
وقد يتحول هذا الإيراد إلى رأسمال إذا كان الانخفاض الكلي اللاحق بالقدرة المهنية للمصاب على إثر حادثة واحدة يقل عن 10% وكان المصاب بالغا سن الرشد القانوني[70]، أما إذا كان المصاب قاصرا فإن التعويض المستحق له يقدم في شكل إيراد إلى حين بلوغه سن الرشد حيث يتحول آنذاك إلى رأسمال[71]. 
أما في حالة الحكم للمصاب بتعويض في شكل إيراد فإنه تتم مراعاة مقتضيات المادة 82 من القانون 18.12 المنظم لكيفية احتساب مبلغ الإيراد استنادا لنسبة العجز. 
وتجدر الإشارة إلى أن الفرق بين الرأسمال والإيراد هو أن الأول يقدم في شكل دفعة واحدة في حين أن الثاني يدفع في شكل أقساط دورية أربع مرات في السنة. 
ومن الملاحظ أيضا أنه أحيانا يكون المصاب قد سبق أن تعرض لحادثة شغل خلفت له نسبة عجز معينة، حيث يتعين أثناء احتساب التعويض في حالة وقوع حادثة لاحقة تخفيض مبلغ التعويض المستحق له طبقا لقاعدة بلطزار. 
ونشير في الأخير إلى أنه لا يحق للمشغل أن يفرض على الأجير المصاب ابرام صلح مقابل تعويضات مجحفة ولا تتناسب مع حجم الأضرار اللاحقة به، وسند ذلك أن الفصل 1100 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أنه "لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام أو بالحقوق الشخصية الأخرى." كما أن محكمة النقض قد كرست هذه القاعدة في احدى قراراتها عندما اعتبرت أن "الصلح المعتد به في نزاعات حوادث الشغل والأمراض المهنية هو الذي يتم وفق مقتضيات ظهير 6 فبراير 1963، ويقع الإشهاد عليه من طرف قاضي الصلح، أما تنازل المصاب عن مستحقاته عن حادثة شغل مقابل حصوله على تعويضات مجحفة في حقه- هي أقل مما يقرره القانون المذكور- لا يعتد به، والقرار المطعون فيه الذي اعتبره صلحا منهيا للنزاع، يكون قد خرق مقتضيات لها صبغة النظام العام، لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها".[72] 
كما أنه ومن خلال الواقع العملي يثار إشكال آخر يتعلق بالحالة التي يطالب فيها المصاب بتعويضات تقل عن الحد الأدنى المقرر قانونا، هل تقتصر المحكمة على ما طلب منها طبقا للفصل 3 من قانون المسطرة المدنية، أم أنه يحق لها الحكم بأكثر مما طلب منها؟ 
جوابا على هذا الإشكال نعتقد بأن المحكمة في هذا الإطار غير مقيدة بمقتضيات الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية على أساس أن مقتضيات الظهير المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية لها صبغة عمومية وتتعلق بالنظام العام وبذلك يحق تبعا لذلك للمحكمة تجاوز المبلغ المطلوب والحكم للضحية المصاب بالتعويض الأدنى المنصوص عليه قانونا. 
2- التعويضات الواجب منحها لذوي الحقوق : 
تتمثل هذه التعويضات فيما يلي: 
–إيراد الزوج المتوفى عنه[73]. 
–إيراد لليتامى[74]. 
–إيراد الأصول والكافلين73. 
ثانيا : التزام المؤمن بأداء الإيراد تبعا للتغييرات الطارئة عليه 
باستقراء المواد من 145 إلى 151 من القانون 18.12 فإن المؤمن ملزم كذلك بأداء مبلغ الإيراد المتغير إما بالزيادة أو النقصان، وذلك بالرفع منه أو المطالبة بتخفيضه. 
وإذا كان رفع الإيراد مرتبط بتدهور أو تفاقم الحالة الصحية للضحية، فإنه بالمقابل فإن تحسن الحالة الصحية للضحية يخول للمؤمن الحق في المطالبة بإعادة النظر في مبلغ الإيراد. 
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع قد استلزم في هذا الإطار سلوك مسطرة الصلح في حالة المطالبة بمراجعة الإيراد طبقا لما تنص عليه المادة 145 من القانون 18.12. 
ثالثا : الأجر المعتمد في احتساب الإيراد وجزاء عدم أداء المؤمن للتعويض 1- الأجر المعتمد في احتساب الإيراد 
بالرجوع لمقتضيات ظهير 6 فبراير 1963 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل يتبين بأن الأجرة المعتمدة في احتساب الإيراد هي الأجرة السنوية للمصاب سنة قبل وقوع الحادثة[75]. 
غير أن الإشكال العملي الذي كان يطرح في إطار الظهير المذكور بخصوص الأجرة السنوية المعتمدة في احتساب التعويض كان يتعلق بمعيار تحديد الأجرة السنوية في الحالة التي يشتغل فيها المصاب لفترة تقل عن سنة قبل وقوع الحادثة، حيث اعتبرت محكمة النقض أنه في حالة عجز المصاب عن إثبات المرتب الفعلي الإجمالي المنفذ عن كامل المدة المتطلبة، فإن المحكمة بدل أن تعتمد الحد الأدنى للأجور لاحتساب الأجر السنوي بإمكانها في حال إثبات المصاب تقاضيه مبلغا 73 أنظر المادتين 103 و104 من القانون 18.12. 
يفوقه، أن تستخرج حسابيا مقابل أجر شهر واحد وضربه في عدد أشهر السنة لبلوغ أجر الإثني عشر شهرا الواجب التطبيق " [76]. 
هذا التوجه القضائي أقره المشرع المغربي في إطار القانون 18.12 حيث أصبح يأخذ بما يسمى بمتوسط الأجر والذي يجب ألا يقل عن الحد الأدنى القانوني للأجر الجاري به العمل[77]. 
2- جزاء عدم أداء المؤمن للتعويض 
إذا كان أهم التزام ملقى على عاتق المؤمن هو أداء التعويض، فإن كل تأخير غير مبرر في أداء التعويض اليومي والإيراد في وقتها المحدد قانونا يترتب عنه حق الدائن في المطالبة بغرامة إجبارية تختلف نسبتها حسب الأحوال[78]. 
وقد تناول المشرع تنظيم الغرامة الإجبارية في القانون 18.12 في المادتين 78 المنظم للغرامة الإجبارية المتعلقة بالتأخير في أداء التعويض اليومي والتعويض المقرر في المادة [79]63، وفي المادة 116 من نفس القانون فقد تطرق المشرع للغرامة الإجبارية المتعلقة بكل تأخير غير مبرر في أداء الإيراد[80]. 
ومن الملاحظ من خلال مقارنة المادتين أعلاه أن المشرع قد اشترط في الحالة الأخيرة المتعلقة بالمادة 116 تحرير محضر امتناع عن التنفيذ من طرف السلطة القضائية المختصة، ويتم ذلك أمام المحكمة الابتدائية حيث تبت بصفة نهائية مهما كان المبلغ ولو لم يكن محددا. 
ويبقى الهدف من تشريع الغرامة التهديدية هو الضغط على المدين لأداء مستحقات الأجير المصاب أو ذوي حقوقه داخل أجل محدد بالنظر إلى كون تلك المستحقات تعد ذات طابع عيشي بالنسبة لمستحقيها[81]. 
ويلقى عبء إثبات أداء التعويضات اليومية أو الإيرادات على عاتق المؤمن الذي يتعين عليه الإدلاء بما يفيد أدائها أو تبرير امتناعه أو تأخره في الأداء.[82] 

المطلب الثاني : اثار عقد التامين بالنسبة للمصاب من جراء حادثة شغل او مرض مهني 

إذا كانت العقود المبرمة بين المتعاقدين تخضع بصفة عامة لقاعدة نسبية العقد وعدم انصراف آثاره الى غير المتعاقدين فان هذه القاعدة تجد استثناء لها بالنسبة لعقود التامين ومن بينها عقد التامين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية الذي استجوبته طبيعة العلاقة التعاقدية بين الطرفين وطبيعة المسؤولية والخطر المؤمن عنه وضمان الحماية لمصالح الغير التي ستتضرر في حالة الابقاء على مبدأ نسبية العقود. 
وعلى هذا الأساس يمكن للمصاب من جراء حادثة شغل او مرض مهني او ذوي حقوقه الذين ينشأ لهم حق مباشر على التعويض الاستفادة من عقد التامين المبرم بين المشغل والمؤمن واقامة دعوى مباشرة في مواجهة هذا الأخير لمطالبته بأداء التعويضات المذكورة لفائدتهم مباشرة بدل المشغل المتعاقد معه. 
ان دراسة اثار عقد التامين بالنسبة للمصاب من جراء حادثة شغل او مرض مهني تمر عبر دراسة التعويضات المستحقة للمصاب في اطار قانون 18- 12 (الفقرة الأولى) والدعوى المباشرة من حيث نشأتها واساسها القانوني وشروط ممارستها (الفقرة الثانية). 

الفقرة الأولى: التعويضات المستحقة للمصاب في اطار قانون 12- 18 

ان اهم اثر يترتب عن عقد التامين يتجسد في حصول المصاب على التعويض المخول له قانونا سواء في مواجهة المشغل شخصيا حالة عدم توفره على عقد التامين او في مواجهة شركة التامين اذا كان المشغل يؤمن عن اجرائه وذلك عبر رفع دعوى مباشرة وسلوك اجراءات خاصة تنتهي بحصول المصاب على التعويضات المستحقة له اما في اطار حبي في حالة نجاح مسطرة الصلح 
(أولا) او عن طريق القضاء في حالة فشل محاولة الصلح ( ثانيا).
اولا : المرحلة الادارية ومسطرة الصلح التمهيدي 
اعتبارا للأهمية التي يحظى بها العمال والدور الفعال الذي يقومون به في مجال التنمية الاقتصادية فان المشرع المغربي خص هذه الفئة بتشريعات خاصة ومنحهم امتيازات عديدة كإعفائهم من الرسوم القضائية في حالة ولوجهم للقضاء للحصول على حقوقهم ووضع لهم مساطر خاصة في التقاضي. 
ومن ضمن المساطر والتشريعات التي اهتمت بالعمال التشريع الخاص بحوادث الشغل 
والامراض المهنية وعلى الخصوص ظهير6/2/1963 الذي عدل ونسخ بمقتضى قانون 18.12 وتضمن مقتضيات جديدة كإلزامية الصلح التمهيدي في حالة وقوع حادثة شغل او مرض مهني[83] على خلاف ما كان عليه الأمر بظهير 6/2/1963. 
ما هو اذن الصلح التمهيدي وفق قانون 12-18؟ 
يقصد بالصلح التمهيدي الاتفاق المبرم بين المصاب بالحادث او المرض المهني او ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة للمشغل من اجل تمكينهم من الاستفادة من المصاريف والتعويضات المنصوص عليها في المادة 37 من هذا القانون وتلك المنصوص عليها في القسم الرابع من هذاالقانون. 
نظم المشرع المغربي بمقتضى ظهير 6/2/1963 الاجراءات التي تسبق دعوى التعويض عن حادثة شغل من خلال الفصول 14 الى 28 من ظهير 6/2/1963 واجراءات التعويض عن المرض المهني في الفصل 6 من ظهير 31/5/1943 المعدل بظهير 18/10/1945 وظهير 6/10/1947 وظهير 29/9/1952 وظهير 18/5/1953. 
أما قانون 18.12 ومن خلال الفصل 132 المذكور اعلاه فقد نص على الزامية مسطرة الصلح خارج مراقبة القضاء بالنسبة للمشغل المؤمن على المسؤولية بحيث ألزمت المصاب بحادثة الشغل او ذوي حقوقه بتتبع مسطرة الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل وذلك قبل اللجوء الى الاجراءات القضائية وتقديم دعوى التعويض ولعل هدف المشرع من خلال النص على الزامية مسطرة الصلح بالنسبة لحوادث الشغل هو التخفيف من قضايا حوادث الشغل التي تعرض على المحاكم. 
ولعل أهم المميزات التي جاء بها قانون 12-18 فيما يتعلق بمسطرة الصلح ما نصت عليه المادة 133 التي اعتبرت الاتفاق المبرم بين المصاب وشركة التامين نهائيا وغير قابل للطعن ما عدا اذا كانت التعويضات الممنوحة للمصاب او لذوي حقوقه او مبلغها اقل مما هو مستحق طبق قانون 12 -18. 
كما ان المشرع المغربي نص من خلال المادة 152 من قانون 18.12 على امكانية تقديم طلب تعديل محضر الصلح من قبل المصاب مباشرة الى مؤسسة التامين داخل الشهر الموالي لأداء المصاريف والتعويضات وجعل حق الطعن بيد المشغل او مؤمنه والمصاب وذوي حقوقه والسلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل83. 
فإذا كان ألزم المشرع المصاب بسلوك مسطرة الصلح بالنسبة لحوادث الشغل فان السؤال يبقى مطروحا بالنسبة للأمراض المهنية وما اذا كانت المسطرة الادارية تقتضي التصريح بالمرض المهني وفق الشكليات المنصوص عليها في الفصول من 6 الى 9 من ظهير 31/5/1943؟ فهل الإخلال بهذه المسطرة الادارية والتوجه مباشرة الى القضاء للمطالبة بالتعويض بجعل الطلب معيبا ويترتب عنه التصريح بعدم القبول؟ 
الاجابة عن هذا السؤال تؤدي بنا الى استحضار التوجه القضائي آنذاك من خلال بعض القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا.) 
فبعدما كرس القضاء من خلال قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 4721 بتاريخ 18/6/2002 وكذا قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 19/110/1991 توجها متمثلا في التصريح بعدم قبول الدعوى اذا لم يسلك المصاب المسطرة الادارية المشار اليها في المواد من 6 الى 9 من ظهير 31/5/1943 لكنه تراجع عن هذا التوجه واعتبر ان عدم سلوك المصاب للمسطرة الادارية وتقديمه للدعوى مباشرة امام المحكمة لا يعيب الدعوى ولا يجوز الحكم بعدم قبولها. 
بعدما تحدثنا عن مسطرة الصلح بالنسبة لحوادث الشغل والأمراض المهنية ومدى الزاميتها والطعن في محضر الصلح فان فشل هذه المرحلة يخول للمصاب اللجوء الى القضاء للمطالبة بحقوقه فما هي المسطرة المتبعة لحصول المصاب على التعويض عن حادثة شغل او المرض المهني الذي تعرض له. 
ثانيا : المرحلة القضائية 
بعد استيفاء المرحلة الإدارية وفشل محاولة الصلح بين المصاب او ذوي حقوقه يتم الانتقال الى المرحلة القضائية ويقدم طلب التعويض عن الضرر الذي خلفته حادثة الشغل او المرض المهني للمصاب أمام المحكمة المختصة طبق مقتضيات قانو ن12-18 ووفق مسطرة خاصة وقواعد المسطرة المدنية. 
وفي هذا الإطار سوف نحاول أن تتحدث بشكل مختصر عن المرحلة القضائية على أساس أن موضوع العرض لا يسمح بالتوسع في الدراسة والتحليل والتمحيص والانتقاء وبيان مزايا وعيوب المشرع والاجتهادات القضائية الصادرة في هذه المادة. 
فعلى خلاف ما كان معمولا به بظهير 6/2/1963 وإمكانية إحالة التصريح بحادثة شغل على المحكمة من طرف السلطة المحلية فان قانون 12-18 لم يعد ينظم هذه الوسيلة وان تقديم الدعوى امام المحكمة يتم برفع مقال التعويض مباشرة امام المحكمة وفق مقتضيات قانون المسطرة المدنية. 
و قبل الحديث عن التعويضات المستحقة للمصاب في اطار قانون 12-18 لا بد من الإشارة إلى العناصر اللازمة لأجل ذلك واهمها الأجر السنوي للسنة السابقة لوقوع الحادثة ونسبة العجز الدائم التي تحدد من طرف خبير تعينه المحكمة لهذ الغاية. 
الأجر السنوي: 
نصت عليه المادة 65 من ق 12-18 على الأجرة المعتبرة في تقدير التعويض اليومي ومكوناتها ويتعين اثباته من طرف المصاب تحت طائلة اعتماد الحد الأدنى للأجر[84]. 
ان المحكمة عند احتساب التعويض عن حادثة شغل او مرض مهني لا يجب أن تعتمد الأجرة السنوية اقل من الحد الأدنى للأجر وهذا ما كرسه قرار محكمة النقض عدد 30 الصادر ب 10/2/1986 ملف اجتماعي عدد 6045/84 [85]. 
نسبة العجز الدائم:
فإنها تحدد من طرف خبير مختص في الأعراض التي يعاني منها المصاب ويتم تعيينه من طرف المحكمة بمقتضى حكم تمهيدي وغالبا ما تؤدى اتعابه من طرف شركة التامين اذا طالبت بإجراء خبرة طبية على المصاب اما اذا طلبها المصاب فان اتعاب الخبير تحدد في اطار المساعدة القضائية اعتبار لوضعية المصاب ولكون المشرع متعه بالمساعدة القضائية. 
بالنسبة للتعويض عن العجز المؤقت: 
نظمه المشرع المغربي من خلال المواد من 60 إلى 79 من ق 12-18 القسم الرابع فالمشغل وحده من يتحمل أداء اجر اليوم الأول للحادثة كاملا للمصاب لأنه يعتبر يوم عمل للمشغل ولا يندرج ضمن عقد التأمين 
وأن المشرع نص على أداء التعويضات اليومية طيلة مدة العجز المؤقت إلى غاية الشفاء أو الوفاة دون تمييز بين يوم العمل وأيام الراحة الأسبوعية وأيام العطل الرسمية أو الأعياد. 
ونصت المادة 4 من ق 12-18 على حالات ينتهي فيها حقه في التعويض اليومي 
وهو ما يفيد أن المحكمة عند احتساب التعويض عن حادثة شغل او مرض مهني لا يجب أن تعتمد الأجرة السنوية اقل من الحد الأدنى للأجر. 
التعويض عن العجز الدائم: 
التعويض عن العجز الدائم في اطار قانون 12-18 اما ان يتخذ شكل رأسمال اجمالي او ايراد عمري سنوي يؤدى خلال ثلاثة اشهر من كل سنة. 
ومعيار التمييز بين الايراد في شكل رأسمال والايراد العمري السنوي هو نسبة العجز التي يحصل عليها المصاب والتي تحددها الخبرة الطبية في اقل من 10% يكون في شكل ايراد سنوي[86]. 
3- التعويض في حالة الوفاة: 
هذا النوع من التعويض تم النص عليه بقانون 12-18 فصل 87 الى 103 وهو مقرر لفائدة لذوي حقوق المصاب في حالة وفاته جراء حادثة شغل وهم الزوج اليتامى الاصول والكافلون وقد عرفت المواد المنظمة للإيراد في حالة الوفاة بعض التعديلات كالرفع من نسبة الايراد للزوج المتوفى 
عنه هذه باختصار الملاحظات حول التعويض في اطار قانون 12-18 وللمزيد من الايضاح حول التعويضات التي يخولها قانون 18-12 وكيفية احتسابها[87]. 

الفقرة الثانية : الدعوى المباشرة 

ان التطورات التي عرفها العالم سيما في المجال الصناعي وظهور ثورة صناعية ادى الى بروز علاقات قانونية لم تستوعبها المبادئ والتشريعات القانونية القائمة انداك ومن ضمنها الحوادث التي يتعرض لها العمال وبروز فكرة التامين عن هذه الحوادث مما ادى بالفقه القانوني والقضاء والتشريع الى ابتكار اليات قانونية قادرة على تنظيم هذه العلاقات من خلال نصوص تشريعية واجتهادات قضائية. ومن بينها اعطاء المصاب حقا مباشرا على مبلغ التعويض او قيمة التامين يمكنه من مطالبة المؤمن مباشرة بهذا المبلغ دون ان تمر بذمة مدينه المؤمن له هذه الذمة التي يمكن الحجز عليها او افلاس صاحبها فتضيع حقوق المصاب لذا كان من العدل ان ينفرد المصاب بالتعويض المقرر له بموجب هذا الضمان دون غيره[88] فكيف نشأت الدعوى المباشرة وما هو اساسها القانوني ؟ (اولا) وما هي شروطها (ثانيا) واثارها (ثالثا) وهذا ما سنتناوله من خلال ما يلي: 
اولا : نشأة الدعوى المباشرة واساسها القانوني 
بعدما كان يصعب على المصاب تقديم دعوى مباشرة في مواجهة مؤمن المشغل المسؤول عن الضرر اللاحق به من جراء حادثة شغل او مرض مهني اصبح بإمكانه ذلك بسبب تظافر جهود القضاء والفقه عبر عدة مراحل وهذا ما سنبسطه من خلال ما يلي: 
1- نشأة الدعوى المباشرة 
ان نشأة الدعوى المباشرة مرت عبر عدة مراحل واختلف هذه النشأة باختلاف التشريعات السائدة انداك وبالخصوص الأوربية وبالتالي فإننا سنقتصر على نشأة الدعوى في فرنسا وفي المغرب. 
اذا كان المشرع المغربي من خلال المادة 62 من مدونة التأمينات قد أعطى للمصاب او ذوي حقوقه حقا خاصا على مبلغ التعويض فانه لم يبين طبيعة هذه الدعوى التي يمكن للمصاب ان يقيمها ضد المؤمن للحصول على التعويض المستحق له طبق قانون 12-18 ومن خلال هذه الدعوى اصبح المصاب في اطار التأمين على المسؤولية ضد حوادث الشغل والامراض المهنية يستفيد من العقد المبرم بين المؤمن المشغل المؤمن له ويثبت له حق مباشر على التعويض واعتبارا لكون المشرع خول للمصاب او ذوي حقوقه فانه قد ثار جدال فقهي كبير حول اساس الدعوى المباشرة وطرحت عدة نظريات لتبريرها منها فكرة حوالة الدين والاشتراط لمصلحة الغير وحق الامتياز والانابة القانونية وعقد التامين والقانون[89]. 
نشأت الدعوى المباشرة بفرنسا من خلال تعديل الفصل 16 من قانون 9/4/1898 الذي سمح القضاء الفرنسي بإعطاء العامل دعوى مباشرة ضد المؤمن وهي الدعوى التي ستمكن العامل من الحصول على قرار يحتج به على المشغل استنادا لعقد التامين وبذلك أصبحت الدعوى المباشرة قائمة بفرنسا ومعمولا بها. 
أما بالنسبة للمشرع المغربي فانه اعتمد نفس نهج المشرع الفرنسي من خلال الفصل 234 من ظهير 6/2/1963 الا انه قبل ذلك قرر للمضرور حقه في الدعوى المباشرة ضد مؤمن المسؤولية[90] من خلال الفصل 53 من قرار 1934. 
والملاحظ ان المقتضيات المذكورة تتعلق بالنظام العام ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها كما ان مقتضيات المادة 62 من مدونة التأمينات التي اعطت للمصاب او ذوي حقوقه حقا خاصا على مبلغ التعويضات دون ان يبين طبيعة هذه الدعوى ومن خلال هذه الدعوى اصبح المصاب في اطار التأمين على المسؤولية ضد الحوادث الشغل والامراض المهنية يستفيد من العقد المبرم بين المؤمن والمشغل المؤمن له. 
فبعدما تحدثنا عن نشأة الدعوى المباشرة فما هو إذن الأساس القانوني لها؟
2- الاساس القانوني للدعوى المباشرة 
لقد ظهرت عدة نظريات بخصوص الاساس القانوني للدعوى المباشرة ونشير الى اهمها وهي: 
نظرية الاشتراط لمصلحة الغير: يقصد بالغير هنا العامل الذي اشترط لمصلحته ويعد دائنا مباشرا للواعد الذي يعتبر هو المؤمن. فصاحب العمل يؤمن ضد الحوادث التي تترتب عليها مسؤوليته وشركة التامين لا تقبل تامينه ضد هذه الأخطار الا بالقدر الذي يكون عماله انفسهم مضمونين بهذا التامين فالتامين المشترط للعمال يعد شرطا للتامين الذي يشترطه صاحب العمل لنفسه. وعيب هذه النظرية انها لا تقدم اية ضمانات للعامل المصاب الذي كان مهددا باحتمال موجهته لصاحب عمل معسر ومن جهة ثانية مواجهته لاحتجاج المؤمن عليه بشروط السقوط. 
ويرى بعض الفقه[91] انه بالنسبة للتشريع المغربي سيما الفصل 234 من ظهير 6/2/1963 المعدل بقانون 12-18 فانه لا يمكن للدعوى المباشرة ان تكون تطبيقا لنظرية الاشتراط لمصلحة الغير لأن المشرع حصن حق المصاب بمجموعة من الضمانات من بينها عدم جواز احتجاج المؤمن على المصاب او ذوي حقوقه بسقوط حق صاحب العمل المؤمن له في الضمان الفصل 341 الظهير المذكور والفصل 16 من الشروط النموذجية وهو ما يفتقده المستفيد في الاشتراط لمصلحة الغير الذي يواجه بكافة الاستثناءات المحتج بها على المشترط حسب الفصل 11 من قرار 1934. 
نظرية ادارة الاعمال: 
وهي اولى النظريات التي اسست لدعوى العامل المباشرة ضد المؤمن حيث كان صاحب العمل عند تأمينه لعماله يتصرف بصفته مدير للأعمال وكان الدائن هو العامل المؤمن له فصاحب العمل كان يبرم التامين لفائدة عماله لكن هذه النظرية عرفت انتقادات عديدة من بينها انه من غير الصحيح القول بان صاحب العمل يهدف فقط الى تحقيق مصالحه عماله او مصالحه الشخصية بل يهدف الى تحقيقهما معا فمن جهة يحقق مصالحه الشخصية بالتامين ضد نتائج مسؤوليته الشخصية ومن جهة يحقق مصالح عماله فشركة التامين لا ترغب في اية علاقة مع العامل بل تفضل ابرام التامين مع صاحب العمل وهذا ما ادى الى استبعاد هذه النظرية. 
نظرية الامتياز: 
تقوم على اساس ثبوت الامتياز للدائن على حق مدينه في ذمة مدين المدين. الا انه لا يمكن تبرير الدعوى المباشرة بحق الامتياز لان هذا الحق يتضمن فكرة الأفضلية على الدائنين الأخرين في حين ان المصاب لا يتمتع فقط بحق الأفضلية على مبلغ التامين بل ان هذا المبلغ من حقها وحدها. 
نظرية العدالة: 
تبنى هذه النظرية بعض الفقه ومنهم الأستاذ سعد واصف الذي ذهب الى ان فكرة العدالة تعتبر السند القانوني للدعوى المباشرة والذي يحقق اهداف التامين ويوازي بين الذمم فحسب رايه ليس من العدل ان تحول القواعد العامة في القانون بين المضرور وبين الوصول الى التعويض وهو نفس الاتجاه الذي تبناه الاستاذ محمد على عرفة وكذلك الأستاذة لطيفة قبيش[92] اذ ذهبت الى ان الاعتراف بهذه الدعوى للمصاب يستند ببساطة شديدة الى قواعد العدل والانصاف التي كانت وستظل مسيطرة على الضمير القانوني للمشرع في كل مرة يتدخل فيها لتنظيم مسالة بغرض الرفع من مستوى الحماية والضمانات المقررة لحقوق الضحايا فالأساس اذن هو منطق العدالة الذي يجب ان يسخر لخدمة هؤلاء الضحايا كطرف ضعيف في مواجهة اصحاب العمل وشركات التامين 
ثانيا : شروط ممارسة الدعوى المباشرة 
ان إقامة الدعوى المباشرة تتوقف على مجموعة من الشروط لابد من توفرها حتى تكون مقبولة أمام المحكمة، ويشترط فيمن يقيمها ان يتوفر على الصفة في الادعاء، كما يتعين إثبات مسؤولية المتسبب في الحادث وقيام التامين، وان تكون الجهة التي رفعت إليها مختصة للبث فيها. 
1- الصفة في الادعاء 
تتسم ممارسة الدعوى المباشرة من طرف كل من له الحق في الرجوع بدعوى المسؤولية على المؤمن له المسؤول وان المدعي في هذه الدعوى قد يكون العامل المصاب بسبب تعرضه لحادثة سير أو مرض مهني أو ذوي حقوقه في حالة وفاته متأثرا بجروحه. 
وتقام أيضا من جانب كل من يحل قانونا محل العامل المصاب ويتعلق الأمر هنا بمؤمن الضرر الذي يكون قد أدى للعامل المصاب التعويض عما لحقه من ضرر، ويحل محله في الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر ومن بين الاغيار الذين يحق لهم تقديم الدعوى المباشرة ويسمون بالأغيار المؤديين حسب تعبير القانون الفرنسي المتعلق بحوادث السير المعروف بقانون بدانتير[93] وهؤلاء هم الجهات التي تقوم بأداء صوائر ذات طبيعة تعويضية للمضرور الذي يكون تابعا لها وذلك بسبب حادثة يتسبب فيها الغير ومن بين الجهات نذكر الدولة بالنسبة للمؤاجرين والمؤاجر بالنسبة للأجراء والتعاضديات بالنسبة للمنخرطين فيها وصناديق الضمان الاجتماعي وصناديق التقاعد. 
فعندما يكون لهؤلاء سند قانوني يعطيهم الحق في استرجاع ما صرفوه بسبب حادثة تسبب فيها الغير يمكنهم مقاضاة مؤمن هذا الغير عن طريق الدعوى المباشرة في إطار مؤسسة الحلول. 
2 : اثبات المسؤولية والتامين في الدعوى المباشرة 
يخضع اثبات المسؤولية والتامين في الدعوى المباشرة للقواعد العامة للأثبات وعلى المدعي ان يثبت الضرر وعلاقته بمسؤولية صاحب العمل ووجود التامين وهذا ما سنحاول دراسته من خلال الحديث عن إثبات مسؤولية المؤمن له واثبات وجود التامين. 
أ - اثبات مسؤولية المؤمن له: 
ان المسؤولية التي يجب قيامها هي مسؤولية صاحب العمل المؤمن له وهذه المسؤولية كما سبق بيانه عند دراسة المسؤولية بالمبحث الأول من هذا العرض تعتبر مسؤولية بدون خطأ وبالتالي فان المصاب غير ملزم بإثباتها وإنما يجب عليه اثبات الضرر الذي لحقه من جراء الحادثة او المرض المهني الذي تعرض له. 
بالنسبة لحوادث الشغل والامراض المهنية فان مسؤولية المؤمن له لا تطرح اشكالات كبيرة بالنسبة للمصاب خصوصا عند وقوع الحادثة او المرض المهني بمقر العمل على عكس الحالة التي تقع فيها الحادثة خارج مقر العمل حيث يتعين البحث عن مدى توفر الشروط المنصوص عليها في المادة 4 من قانون 12-18 وهي وقوع الحادثة خلال مسافة الذهاب والاياب بين مقر العمل ومقر السكن وفي ظرف زمني محدد وغالبا ما ينجز محضر الضابطة القضائية في مثل هذه الحوادث ويكون حجة اثبات قوية يستنتج منها مدى نوفر الشروط الواردة في المادة 4 المشار اليها اعلاه والتي بمجرد ثبوتها يقوم ضمان المؤمن. 
فمن خلال مقتضيات المادة الخامسة من ملحق الشروط النموذجية العامة لعقد التامين حوادث الشغل والامراض المهنية لسنة 2005 يتولى المؤمن ضمان المسؤولية المدنية للمؤمن له دون المسؤولية الجنائية التي تستثنى من تغطية التامين لأنها مسؤولية شخصية يتحمل نتائجها المؤمن له وحده وتقوم على فكرة الردع. 
ب- اثبات وجود عقد التامين: 
بالإضافة الى اثبات مسؤولية المؤمن له يجب على المضرور ان يقيم الدليل على ان الضرر الذي لحق به هو ضرر مؤمن عنه اي اثبات عقد التامين بمعنى اخر اثبات التزام المؤمن قبل المؤمن له لكن من الناحية العملية لا يعقل ان يتم تكليف المصاب بإثبات التامين لسبب بسيط هو ان عقد التامين يربط بين المشغل والمؤمن ولا يكون المصاب طرف فيه وبالتالي يصعب عليه ان يتوفر على نسخة منه لكن ما يحدث عادة أن المصاب يقاضي المشغل الذي غالبا ما يدل بعقد التامين ويطالب من خلال المؤمن محله في اداء اية تعويضات قد تصدر في مواجهته وان عدم توفره على عقد التامين او انتهاء مدة التامين سيؤدي بشركة التامين الى الدفع بانعدام التامين واخراجها من الدعوى وهذا ما جاء بقرار لمحكمة النقض الذي ذهبت من خلاله الى انه في غياب اي اثبات من طرف المشغلة وفق احكام الفصل 399 من ق ل ع فان تأييد الحكم الابتدائي القاضي من خلال الطاعنة في الاداء محل المشغلة يعتبر خرقا للمقتضى القانوني المستدل به ويعرض القرار للنقض فيما قضى به من حلول[94]. 
بعد الاشارة الى اثبات التامين ننتقل الى دراسة الاختصاص ومن هي الجهة المختصة بالنظر في الدعوى المباشرة. 
3 : الجهة المختصة للنظر في الدعوى المباشرة 
ان الاختصاص بالنسبة للمصاب مصدره القانون وينحصر في الاختصاص المكاني والاختصاص النوعي ولتحديدهما نرجع الى القواعد العامة مع الاستثناءات الواردة عليها 
الاختصاص النوعي 
لا يمكن تصور دعوى المصاب من جراء حادثة شغل او مرض مهني الا في إطار القواعد المدنية ولو حدث ان اصيب بالحادثة جراء فعل جرمي وبثث المحكمة الزجرية في القضية لاختصاصها الزجري لكن دعوى المصاب المباشرة لا يمكن اقامتها ضد المؤمن طبق لمقتضيات الفصول من 79 و85 و85 مكرر من ق ل ع الذي حدد على سبيل الحصر المسؤولين عن الحقوق المدنية وليس من ضمنهم المؤمن 
ان حكم الدعوى المباشرة لا يخول للمصاب الرجوع بهذه الدعوى على المؤمن امام المحكمة الزجرية لأن المؤمن المسؤول مدنيا لا تترتب مسؤوليته بسبب المخالفات التي يسال عنها المؤمن له المتهم بل بسبب اثار العقد الذي يكون خارجا عن اختصاص القضاء الجنائي[95]. 
الاختصاص المحلي 
ان المحكمة المختصة للنظر في الدعوى المباشرة استنادا للمادة 28 من ق م م الفقرة 16 اشارت الى انه في دعاوى التامين وجميع الدعاوى المتعلقة بتحديد واداء التعويضات المستحقة تكون المحكمة المختصة محليا هي محكمة موطن أو محل اقامة المؤمن له أو محكمة المحل الذي وقعت فيه الحادثة الا ان المشرع المغربي نص بالمادة 29 من ق م م على ان المحكمة المختصة في حالة وقوع الحادثة خارج المغرب فان المحكمة المختصة في دعاوى حوادث الشغل هي محكمة محل اقامة الضحية او ذوي حقوقه عند الاقتضاء. 
ثالثا: آثار الدعوى المباشرة 
اذا وقع الحادث المؤمن ضده وتعرض العامل للإصابة ترتبت له ثلاثة حقوق وهي : 
- حقه في التعويض ازاء المؤمن له. 
حق صاحب العمل المؤمن له ازاء المؤمن في مبلغ التامين الذي سيعوض به المصاب وهذا الحق يجد مصدره في عقد التامين. 
حق المصاب ازاء المؤمن على مبلغ التامين وهو حق يجد مصدره في القانون[96]. 
فاذا كان للمصاب دعوى مباشرة اتجاه المؤمن فان المنطق يقتضي الا يكون له اكثر من الحقوق التي تكون للمؤمن له ونتيجة لذلك اذا كان للمؤمن ان يحتج بدفوع معينة على المؤمن له فان له ان يحتج بها اتجاه المصاب لكن هناك تقييد لهذه القاعدة في اطار التامين عن المسؤولية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية اذ ان هناك من الدفوع التي لا يمكن الاحتجاج بها على المصاب او ذوي حقوقه في الوقت الذي يكون فيه الحق بالدفع بها في مواجهة المؤمن له. 
من خلال هذه الفقرة سوف نتطرق الى تعريف الدفع وانواع الدفوع التي يمكن الاحتجاج بها على المصاب والتي لا يمكن الاحتجاج بها عليه. 
يذهب جانب من الفقه[97] الى ان الدفوع بمعناه العام هي مجموع الوسائل التي يجوز للخصم ان يستعين بها ليجيب على دعوى خصمه وذلك اما بالطعن في اجراءاتها واما من خلال نفي سلطة الخصم في استعمال دعواه امام القضاء واما من خلال مواجهة اصل الحق المدعى به. فما هي اذن الدفوع التي يمكن الاحتجاج بها على المصاب او غير القابلة للاحتجاج بها عليه وهذا ما سنتطرق اليه في شقين وهما الدفوع التي يمكن الاحتجاج بها على المصاب، والدفوع غير القابلة للاحتجاج بها على المصاب. 
1 - الدفوع التي يمكن الاحتجاج بها على المصاب وهي كالتالي: 
ان الدفوع التي يمكن الاحتجاج بها على المصاب تتمثل في اربع دفوع وهي: الدفع بانعدام التامين، الدفع بالاستبعاد من التامين، الدفع بالتقادم ثم الدفع بالوفاء. 
الدفع بانعدام التامين 
ان اول نقطة تبحث فيها شركة التامين عند تقديم دعوى التعويض في مواجهتا هو تأكدها من قيام التامين من عدمه وفي حالة وجود عقد التامين تنتقل للبحث عن حالات انعدام الضمان او سقوطه، فالدفع بانعدام التامين من الدفوع التي يمكن ان يواجه بها المصاب ايضا كما ان اثبات التزام المؤمن بالضمان ثبت بواسطة عقد تامين طبق مقتضيات الفصل 399 من ق ل ع. 
لكن اذا كان دفع شركة التامين بانعدام التامين له مبرره في حالة عدم وجود عقد تامين بينها وبين المشغل مثلا او من يدعي انه مؤمن لدى مؤمن معين فان فسخ عقد التامين الذي يقوم صحيحا تم يتم فسخه بعد ذلك لا ينبغي ان يؤدي الى حرمان المصاب من التعويض بسبب تصرف سلبي لطرفي العقد، وبالتالي يجب على المؤمن ان يدفع التعويض للمصاب تم يعود بعد ذلك على المؤمن له. 
الدفع بالاستبعاد من التامين 
ويتحقق في الحالة التي يوجد فيها عقد تامين بين المؤمن والمشغل لكن يتضمن نوعا من التامين دون الآخر كمثال حالة تامين المشغل عن الحافلة عن مسؤوليته المدنية دون حوادث الشغل والأمراض المهنية بالنسبة للسائق الذي يعمل لديه. 
فاذا جاز للمؤمن الدفع بالاستبعاد من التامين فان هذا الدفع لا يثار الا اذا تم التنصيص عليه في العقد وهو ما كرسه القرار الصادر عن محكمة النقض تحت عدد 776 بتاريخ 27/6/1995[98]. 
الدفع بالتقادم 
الدفع بالتقادم من الدفوع التي يمكن الاحتجاج بها على المصاب ويترتب عليها رفض طلبه الرامي الى تعويضه عن حادثة شغل او مرض مهني تعرض لأحدهما لكن الاشكال الذي يثار هو بشان القانون الذي تخضع له الدعوى المباشرة هل هو قانون الالتزامات والعقود اي القواعد العامة ام مدونة التأمينات المشرع المغربي نص من خلال الفصل 25 من القرار الوزيري لسنة 1934 الذي جعله محددا في سنتين فقط وهذا ما نصت عليه ايضا المادة 36 من مدونة التأمينات[99]. 
وهناك من يخضع التقادم في خمس سنوات اذ لا يمكن تصور تقادم دعوى المصاب ضد المؤمن قبل تقادم دعواه ضد المؤمن له. 
لكن في ارينا فان التقادم في دعوى التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية يجب ان يخضع للقواعد العامة سيما ان المشرع المغربي حددها بمقتضى نص خاص وهو قانون 18-12 من خلال الفصل 180 منه اما بالنسبة للتقادم المنصوص عليه بالمادة 36 من مدونة التأمينات فانها تتعلق بأداء اقساط التامين والعلاقة الرابطة بين المؤمن والمؤمن له دون الحالة المرتبطة بالتعويض عن حوادث الشغل التي لا يتصور اخضاعها للتقادم طبق المادة 36 المذكورة وتحديده في سنتين لأن ذلك سيخالف ما نص عليه المشرع من خلال الفصل 180 من قانون 18-12 الواجب التطبيق. 
2 - الدفوع غير القابلة للاحتجاج بها على المصاب 
يمكن اجمالها في الدفع بسقوط الحق والدفع بعدم كفاية التامين والدفع بالصلح او الاعتراف بالمسؤولية من جانب المؤمن له والدفع بالتصالح. 
حيث اننا سنقتصر في هذا العرض على دراسة اهم هذه الدفوع وهو الدفع بسقوط الحق في التامين. 
د- الدفع بسقوط الحق في التامين 
نص المشرع المغربي على سقوط الحق في الفقرة 26 من الفصل الأول من مدونة التأمينات وعرفه بانه حالة لا تعدم التامين ولا يزول الا حق التعويض بالنسبة لحادث معين على اثر اخلال المؤمن له بإحدى التزاماته. 
ان الدفع بالسقوط حق مخول للمؤمن في مواجهة المؤمن له من جراء اخلال هذا الأخير بأحد شروط عقد التامين والتي تكون في الغالب اخطار المؤمن له للمؤمن بوقوع الحادثة. ويترتب عن هذا الاخلال حق المؤمن بالرجوع على المؤمن له لأداء ما اداه المؤمن للمصاب بسبب الحادث او الخطر المؤمن عليه. 
ان شرط السقوط يجب الاشارة اليه بعقد التامين حتى يعتد به والا اعتبر باطلا. كما ان المشرع المغربي نص على عدم مواجهة المصاب بالدفع بسقوط الضمان طبق الفصل 31 من قانون 12-18 [100]. 
لقد ثار نقاش فقهي حول الحالة التي لم يقم فيها المؤمن له بإخطار المؤمن بوقوع الخطر المؤمن ضده وما اذا كان عدم قيام المؤمن بهذا الاخطار داخل الأجل القانوني قد تم بسوء نية او بحسن نية فالاتجاه الأول هو الذي قال به الدكتور السنهوري عبد الرازق واعتبر ان الشرط يسري في حق المؤمن له سيء النية والمؤمن حسن النية وسواء اصاب المؤمن ضرر من هذا الاخلال ام لا اما الاتجاه الثاني فقال به الأستاذ اغريس معتبرا انه لا يمكن لجزاء السقوط ان يلحق الا المؤمن له سيء النية. لكن وفي جميع الحالات فان سقوط الحق لا يؤثر على وجود العقد وصحته فالعقد يبقى ساريا ومنتجا لآثاره كما ان المؤمن له يكون ملزما بأداء الأقساط التامين المستحقة ويكون المؤمن ملزم بالضمان بشان الحوادث الأخرى التي تقع ويصرح بشأنها المؤمن له ولا يسقط الا تلك التي لم يشعر المؤمن بوقوعها. 

المطلب الثالث: رجوع المؤمن على الغير المسؤول عن الحادثة أو المرض المهني

إن الحديث عن رجوع المؤمن على الغير المسؤول عن الحادثة لا يخرج عن إمكانية تفعيل حق الحلول باعتباره تقنية قانونية تمكن المؤمن من استرداد ما دفعه المستفيد من عقد التأمين بمناسبة تغطيته لأضرار حادث الشغل أو المرض المهني، وذلك في مواجهة الغير المسؤول عن الضرر. 
هذا وقد عرف إقرار حق المؤمن في الحلول محل المؤمن له في مواجهة الغير المتسبب في الحادث باسترداد ما دفعه بمناسبة تفعيل عقد التأمين نقاشا فقهيا في طبيعته وأساسه القانوني امتد أثره على مستوى القضاء والتشريع الوطني أو المقارن، فهل توفق المشرع المغربي من خلال إقراره بتحقيق الحلول التوفيقية بين مصالح المؤمن والمشغل المؤمن له وكيف استطاع القضاء تنزيل وتفعيل هذا الحق على أرض الواقع ؟ 
لملامسة هاته الإشكالية سنحاول تناول هذا المطلب من خلال التطرق أولا لماهية الحلول أو دعوى الرجوع للمؤمنة محل المشغل المؤمن له، مع تحديد نطاقه وشروطه أولا، وثانيا سنتناول الآثار المترتبة عن هذا الحلول.

الفقرة الأولى: ماهية الحلول وشروطه: 

لدراسة ماهية الحلول في المادة الاجتماعية بمناسبة تنفيذ مقتضيات عقد التأمين عن حادث الشغل أو المرض المهني يقتضي منا الأمر التطرق أولا إلى مفهومه ومفهوم الغير المسؤول، وثانيا إلى الأساس القانوني لرجوع المؤمن على الغير المسؤول عن الحادث أو المرض المهني. 
أولا: مفهـوم الحلـول والغير المسـؤول عن الحـادث: 
لاستيعاب رجوع المؤمن على الغير المسؤول عن الحادث في إطار ممارسته لحقه في الحلول، يقتضي منا الأمر تناول مفهوم الحلول، وتحديد الغير المسؤول عن الحادث. 
1- مفهوم الحلول: 
إن المشرع المغربي كباقي معظم التشريعات المقارنة لم يحدد تعريفا للحلول، بل تناوله كآلية قانونية 
للوفاء تسمح للغير الذي وفى بالدين أن يمارس لفائدته حقوق الدائن الذي حصر على الوفاء، 
وذلك اتجاه الغير المدين بنفس الدين، ويتجلى ذلك من خلال الفصل 211 من ق.ل.ع وما يليه، حيث بموجب هذا الفصل فإن الحلول قد يكون بمقتضى القانون أو بمقتضى الاتفاق، وهذا ما كرسته المادة 47 من مدونة التأمينات في فقرتها الأولى حينما نصت على أنه " يحل المؤمن الذي دفع تعويض التأمين محل المؤمن له في حقوقه ودعاويه ضد الأغيار الذين تسببوا بفعلهم في الضرر الناجم عنه ضمان المؤمن أو ذلك في حدود مبلغ هذا التعويض"... 
وبالتالي فإن حق الحلول هذا ينشأ لفائدة مؤمن المشغل مباشرة بعد تحقق الخطر المؤمن ضده والمتمثل في إصابة العامل بحادث بسبب الغير، وذلك لمطالبته باسترجاع ما أداه للمصاب ولذوي حقوقه من تعويضات جزافية في إطار مقتضيات القانون رقم 12-18. 
وعليه فإن المستفيد من التعويض المقضي بالضمان سواء المصاب أو ذوي حقوقه إذا ما استوفى حقه كاملا من مؤمن مشغله، فإن إمكانية حصوله على تعويض ثاني عن نفس الضرر في مواجهة الغير المسؤول عن الحادث في إطار دعوى الحق العام أو أحكام المسؤولية المدنية تبقى غير ذي موضوع لأنه لا يحق له التعويض عن نفس الضرر مرتين، مرة من مؤمن مشغله وأخرى من الغير المسؤول، وبالتالي فإن المؤمن يحل محله في هذا الرجوع بحكم القانون([101]). 
هذا فإن حق الحلول الذي يمارسه مؤمن المشغل في إطار دعوى الرجوع على الغير المسؤول عن الحادث أو المرض المهني هي إمكانية مخولة قانونا دون المؤمن له، أو المستفيد. 
2- مفهوم الغيـر: 
يقصد بالغير سواء في إطار مقتضيات ظهير 6/2/1963 المعدل والملغى بمقتضى القانون رقم 12-18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل هو الطرف الأجنبي المتسبب في الحادث أو المرض المهني، والذي لا تربطه أي رابطة قانونية مع طرفي عقد التأمين ضد حوادث الشغل أو الأمراض المهنية وهما المؤمن والمؤمن له والأجير موضوع التعاقد، وبالتالي من هو الغير في حادث الشغل أو المرض المهني، والغير في حادث الطريق! وهل استطاع المشرع المغربي إقرار الحماية اللازمة للأجير والمؤمن في هذا الصدد؟ 
لتوضيح مفهوم الغير في هذا الإطار سنحاول تحديده من خلال التمييز بين الغير في حادث الشغل والغير في حادثة الطريق. 
أ‌- الغير في حادثة الشغل أو المرض المهني: 
يقصد بالغير في حادثة شغل كل شخص أجنبي عن المؤسسة التي يعمل بها المصاب يصبح إذا ما تسبب لهذا الأخير في حادثة شغل – سواء داخل مقر عمله أو خارجه – غير أنه يمكن للمصاب مطالبته بتعويض كلي عن الضرر طبقا للقواعد العامة للمسؤولية، كما يمكن لمؤمن مشغله الحق في الرجوع على هذا الغير لاسترداد ما أداه للمصاب من تعويض جافيز([102]). 
وإذا ما كان يبدو تحديد مفهوم الغير من خلال هذا التعريف يبدو أمرا بديهيا إلا أنه في بعض الحالات تثار بعض الصعوبات في تحديد الغير المتسبب في الحادث خاصة في المشاريع الكبرى حينما تندمج مؤسستين للعمل أو عدة مؤسسات لإنجاز عمل ما لفائدة مؤسسة أخرى، فهل يمكن اعتبار تعرض عامل إحدى المؤسسات لحادث شغل، بسبب خطأ رفيق له في العمل تابع لمشغل أو مؤسسة أخرى في نفس التكتل غيرا؟ 
هل يمكن أيضا اعتبار إصابة أحد العمال بمرض مهني نتيجة استعمال إحدى المؤسسات المنضوية في إطار هذا التكتل لمواد كيماوية ترتب عنها مرض مزمن؟ 
وقد اعتبر بعض الفقه ([103]) أنه لا يجوز اعتبار عمال مؤسستين مجتمعتين في ورشة واحدة أغيارا، بل يجب أن يظلوا مجرد تابعين لمؤسسة واحدة ولو بكيفية مؤقتة في انتظار انتهاء المشروع المشترك. هذا وقد أثارت الحالة التي يتعرض فيها الأجير لحادث شغل وهو معار لمشغل آخر، فهناك راي يذهب إلى عدم إمكانية مطالبة هذا الأخير أي صاحب العمل المستفيد بمقتضى القواعد العامة للمسؤولية لأن أمامه دعوى المسؤولية الجزافية التي يمكن أن يقيمها على مشغله. 
أما الراي الآخر فيرى أن حماية العامل المصاب وحفاظا على مصالح وحقوق المؤمن، فإن الأمر يقتضي إضفاء وصف الغير على صاحب العمل المستفيد ومنح المصاب حق الرجوع عليه طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية وذلك حتى يتمكن من الحصول على تعويض كامل وشامل لكل الضرر. 
وفي نظرنا فإن هذا الراي الأخير راي موضوعي وعادل لأن صاحب العمل المستعير، وقياسا على أحكام الإعارة يكون مسؤولا على موضوع الإعارة سواء كان شيئا بذاته أو انتفاعا من خدمة أجراء المشغل المعسر حيث يتوجب عليه ترميم الضرر في حال إحداثه بخطئه أو خطأ تابعيه استنادا إلى قاعدة " العزم بالغنم."، بل إن إقرار مسؤوليته عن إحداث الضرر للأجير المعار له هو في حد ذاته خدمة للمؤمن، حيث على أساس ثبوت مسؤوليته يمكنه من ممارسة دعوى الرجوع عليه لاسترداد ما أداه بموجب تغطيته لأخطار التأمين ضد حادث الشغل أو المرض المهني لفائدة المشغل المعير المؤمن له. 
ب- الغير في حادثة طريق: 
يقصد بالغير في حادثة طريق كل شخص أجنبي تسبب في وقوع الحادث الذي أصاب الأجير خلال توجه هذا الأخير إلى العمل ذهابا وإيابا طبقا لأحكام المادة 4 من قانو ن 12/18[104]. 
إلا أنه في بعض الحالات تنعدم صفة الغير بالنسبة للعامل الذي تسبب لحادث طريق لزميل له، خلال مسافة الذهاب أو الإياب حسب المبسط أعلاه وهما معا تحت تبعية مشغلهما، أما والحالة التي يكون فيها أحدهما في عطالة أو غير خاضع لتبعية مشغله، فإنه يعتبر غيرا بالنسبة للأجير المصاب الخاضع لتبعية مشغله، وبالتالي يعتبر غيرا، وتبعا لذلك يحق لهذا الأخير مطالبته بتعويض تكميلي وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية، وعلى هذا أساس ذلك يحق للمشغل أو مؤمنه الرجوع عليه 
باسترجاع التعويض الجزافي المؤدى للمصاب، هذا وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 174 من ظهير1963/02/06 الملغى والذي كان ينص على إيقاف البت في دعوى الحق العام المباشر في إطار القضاء الجنحي أو القضاء المدني وذلك إلى حين انتهاء مسطرة الشغل أو تقادمها فإنه بمقتضى المادة 160 من القانون 12-18 والتي نسخته، أصبحت تعطي الخيار مباشرة بين اللجوء إلى مسطرة الشغل أو مسطرة الحق العام وذلك من خلال نصه على ما يلي" : يجب أن تقام دعوى المسؤولية داخل أجل الخمس سنوات الموالية لتاريخ وقوع الحادثة، ويمكن للمحكمة المرفوعة إليها الدعوى، إذا ثبت لديها عدم وجود مسطرة الصلح المشار إليها في الباب الأول من القسم الخامس من هذا القانون أو ثبت لديها عدم وجود دعوى مقامة طبقا لأحكام هذا القانون، أن تبت في دعوى المسؤولية وفقا لأحكام القانون العام" [105]. 
ثانيا: الأساس القانوني لرجوع المؤمن على الغير المسؤول : 
إن تحديد الأساس القانوني لحق حلول المؤمن على الغير المسؤول عن حادث شغل أو مرض مهني عرف تطورا مضطردا بين مؤيد معارض قبل وبعد إقراره تشريعيا، وللإحاطة بهاته الآراء يمكن تلخيص ذلك كالآتـي: 
الاتجاه الأول: 
ذهب في البداية إلى أن المؤمن يستطيع الرجوع على الغير المسؤول بدعوى شخصية استنادا إلى قواعد المسؤولية، أي مطالبة الغير الذي تسبب في وقوع الخطر وما نتج عن ذلك من ضرر للمؤمن له يتمثل في التزامه بالوفاء بمبلغ التأمين. 
وقد علل أصحاب هذا الراي موقفهم بأن الخطر المضمون بمقتضى عقد التأمين عندما يتحقق بسبب خطأ الغير، فإن ذلك يسبب ضرار حالا ومباشرا للمؤمن، من حقه المطالبة به عن طريق دعوى المسؤولية المخولة لكل من تضرر بفعل الغير. 
هذا الراي لم يعمر طويلا وعرف خلخلة من حيث إيجاد مسوغ قانوني لمساءلة الغير المسؤول عن دفع رأسمال لا علاقة له بالضرر الذي تسبب فيه، خاصة عند ظهور التأمينات على الأشخاص، حيث يتم تحديد الرأسمال موضوع التأمين بشكل جزافي، وعلى أساس ذلك فقد رفض القضاء الفرنسي ومنذ سنة 1914 أي دعوى لرجوع المؤمن على الغير المسؤول مصرحا بعدم إصابته بأي ضرر، لأن استحقاق الرأسمال المؤمن عليه بسبب فعل الغير أمر حتمي ناتج عن خطأ متوقع ومقدر ومقبول من الأطراف المتعاقدة[106]. 
هذا وفي سبيل التفكير في إيجاد مبرر قانوني لتقنية الحلول تمكن المؤمن من الحلول محل المؤمن له لمقاضاة الغير المسؤول حتى يستطيع تحقيقي توازنه المالي وكي لا يثر ي الغير المسؤول عن الخطر أو الضرر على حسابه بزغ راي مخالف. 
الاتجاه الثاني: 
فمن خلال الإشكاليات التي برزت من خلال تبني الراي الأول خاصة وأن القضاء الفرنسي والفقه أجمعا على رفض تمتيع المؤمن بحق الحلول القانوني المنصوص عليه في الفصل 1251.3 من القانون المدني الفرنسي والذي يقابله الفصل 215 من ق.ل.ع، لأن الحلول القانوني مخصص للذي يفي بدين غيره، والمؤمن عندما يدفع مبلغ التأمين فإنه لا يفي بدين الغير المسؤول وإنما يفي بدينه هو، هذا الدين الذي يترتب من عقد التأمين والذي يختلف تماما عن التزام الغير اتجاه الضحية[107]. 
بل الأكثر من ذلك، فإن قضاء محكمة النقض الفرنسية في إحدى قراراتها رفض دعوى شركة التأمين المقامة على أساس المسؤولية التقصيرية طبقا للفصل 1382 من القانون المدني لاستيفاء عنصر الضرر، وأقر أيضا في قرار آخر أن إعطاء المؤمن حق الرجوع على الغير المسؤول معناه منحه حقا مجانيا وهو ما يتنافى والخاصية الاحتمالية لعقد التأمين التي يتم في إطارها تغطية الضرر المحتمل الوقوع مسبقا من خلال الأقساط التي يحصل عليها المؤمن، فالخطأ المرتكب من الغير لا يعدل ولا يضر في شيء توقعات شركات التأمين([108]). 
هذا وللتلطيف من حدة هذا الراي، ابتدعت شركات التأمين شرطا يخولها وحدها الحق في الرجوع على الغير المسؤول، وهو ما يطلق عليه شرط الحلول، وهو في واقع الأمر حوالة المؤمن له لحقه الاحتمالي للشركة، وهذا التطور ظهرت أولى جدوره من خلال التأمين البحري، رغم عدم وجود أي نص قانوني يسمح بذلك استنادا إلى العادات المستقرة في التجارة البحرية. 
لذا، فإن تضمين المؤمن في عقد التأمين شرطا يسمح له بالحلول أي الرجوع على الغير المتسبب في الحادث فهو في حد ذاته وعدا بالحلول، فتم اعتباره قضائيا " حوالة حقوق محتملة متوقفة على شرط وقوع الحادثة بسبب خطأ الغير"[109]. 
هذا وبغض النظر عن الآراء الفقهية القيمة التي يتبناها العديد من الفقهاء كالأستاذ آمال جلال ومحمد كشبور في إطار تأسيسهم القانوني لطبيعة حلول المؤمن محل المؤمن له في الرجوع على الغير المسؤول وما صاحب ذلك من الاجتهادات القضائية كرست بمبرر أو بآخر أحقية المؤمن القانوني للشغل على الغير المسؤول عن الحادث واعتبرت ذلك بمثابة دعوى شخصية تستهدف استرجاع مبالغ الإيرادات والمصاريف التي أداها الضحية نيابة عن المشغل في نطاق حادثة شغل[110]. 
فإن المشرع المغربي إضافة إلى تنظيمه لحق الحلول بصفة عامة في الفصل 211 من ق.ل.ع، فإنه بمـوجب المادة 159 من ق.12-18 والذي نسخ الفصل 173 من ظهير 6/2/1963 أكد على ما يلي: 
"إن الدعوى على الغير المسؤول يمكن أن يقيمها المؤاجر أو مؤمنه لتمكينهما من المطالبة بحقوقهما الخاصة." 
وهذا الأمر كرسته أيضا المادة 47 من مدونة التأمينات الجديدة في فقرتها الأولى على أنـه " يحل المؤمن الذي دفع تعويض التأمين محل المؤمن له في حقوقه ودعاويه ضد الأغيار 
ثالثا - شروط الحلول والاستثناءات والقيود الواردة عليه في دعوى الرجوع على الغير المسؤول عن الحادث: 
لتفعيل حق حلول المؤمن محل مشغله المؤمن له في مواجهة الغير المسؤول عن الخطأ المتسبب للضرر لاسترداد ما أداه لفائدة الأجير المصاب فإن الأمر يقتضي منه مباشرة دعوى الرجوع على هذا الغير في إطار القواعد العامة للمسؤولية وذلك بعد استيفائه لعدة ضوابط وشروط منها الأداء الفعلي للتعويض أولا، وثانيا قيام ضمان المؤمن وثبوت مسؤولية الغير المسؤول وعدم تجاوز مبلغ التأمين كقيد استثنائي. 
وسنتناول هاته الشروط باختصار كالآتـي: 
الشرط الأول: التسوية الفعلية لمبلغ التأمين 
ويقصد بها أداء شركة التأمين مبلغ التعويض المستحق للمصاب أو ذويه المترتب له عن حادث شغل أو مرض مهني تفعيلا لمقتضيات عقد التأمين الرابط إياها والمؤمن له مشغل الأجير المصاب. والأداء في مادة حوادث الشغل والأمراض المهنية تتم بالدفع النقدي عن طريق التصالح سواء خلال المرحلة الإدارية أو القضائية قبل صدور الحكم وأيضا يتم بعد تنفيذ الحكم الابتدائي وتحديد التعويضات المستحقة والمشمول عادة بالنفاذ المعجل بقوة القانون[111]. 
و إذا كان أداء التعويض من طرف المؤمن لفائدة المستفيد (الأجير أو ذويه) نيابة عن المؤمن له (المشغل) بعد تحقق الخطر لا يثير أي لبس إذا تعلق الأمر بحادث شغل أو مرض مهني تحت مسؤولية مشغل واحد فإن الأشكال يطرح ويطفو في حال تسبب حادث الشغل أو المرض المهني من طرف عدة مشغليين ففي هاته الحالة وكما يرى أغلب الفقه وما دأب عليه الاجتهاد القضائي([112]) أنه يحق للمؤمن قبل الحكم عليه بالتعويض المستحق للمستفيد بسبب الحادث أو المرض المهني والمطالبة بإدخال باقي الفاعلين أو المشغليين المتسببين بدورهم في الضرر اللاحق بالمصاب ومؤمنيهم وسندهم في ذلك أن المؤمن وهو يدير الدعوى القائمة على المؤمن له بناء على شرط مضمن في بوليصة التأمين يطالب بإدخال الغير المتسبب في الحادث في الضمان باعتباره أيضا وكيلا يقوم مقام المشغل المؤمن له في الدفاع عن حقوقه ومصالحه. 
وقد يثار أحيانا التساؤل حول نشوء حق الرجوع أو الحلول بالنسبة لمؤمن المشغل هل هو حق سابق للأداء؟ أم متزامن معه؟ فنعتقد أن أحكام التأمين وأعراف وعادات التأمين التجاري إلى جانب أحكام الفصل 212 من ق.ل.ع والتي تلزم أن يصبح الحلول صراحة في نفس الوقت الذي يحصل فيه الاداء أ وجدت محتوى قانوني مخالف لهذا الأساس معناه أن الحلول ينتج من بوليصة التأمين نفسها بمعنى وجوده مصاحب للأداء. 
الشرط الثاني: وجود دعوى مسؤولية لصالح المؤمن له تجاه الغير المسؤول 
بغض النظر عن التحقق هذا الشرط فإن بعض الفقه ([113]) أنكر حق رجوع المؤمنة على الغير المسؤول المتسبب في الحادث بدعوى أن التعويض يستند إلى تحقق الخطأ وشركة التأمين وهي بصدد الوفاء بالضمان نيابة عن المؤمن له إنما تلتزم بأداء ما استجمعته من أقساط لمواجهة التعويضات المتوقعة وبالتالي فإنها تفي بما التزمت به. 
إلا أن التوجه الفقهي العام ومعه القضاء يقرون هذا الحق للمؤمن في الحالة التي يكون بمقدور المشغل المؤمن له مقاضاة الغير المسؤول عن تحقق الضرر المترتب عن الضمان لفائدة الضحية أو المستفيد عن ذوي حقوقه وذلك طبقا لقواعد المسؤولية المدنية والتي عادة تكون في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية بحكم أن الحادث أو المرض المهني واقعتين ماديتين تندرجان ضمن الأفعال الشبه الجرمية بل قد يكون أحيانا حادث الشغل ناتج عن فعل جرمي لتعرض الاجير لاعتداء إجرامي من طرف الغير وهو بصدد أداء عمله. 
الشرط الثالث: قيام الضمان 
إضافة إلى إلزامية توافر الشرطين المشار إليهما أعلاه فإن قيام الضمان بدوره شرط جوهري لتفعيل المؤمنة حق الرجوع على الغير المسؤول عن تحقق الخطر الموجب للضمان لفائدة المصاب بسبب حادث شغل أو مرض مهني ومفاد هذا الشرط هو أن يكون الضمان قائما وقت وقوع الخطر والأداء معا تنفيذا لشروط ونشوء عقد التأمين بمعنى أن مؤمن المشغل إذا أدى التأمين للأجير المصاب أو ذوي حقوقه رغم تقادم حقه في المطالبة بالتعويض أو سقوط الضمان أو وجود مستحقات للتأمين أو كان العقد متوقفا عند وقوع الحادثة التي إستلزمت الاداء أو كان العقد باطلا، فإن المؤمن لا يكون له الحق في الحلول محل المؤمن له في حقوقه ودعاويه وكل أداء يتم يعتبر أداء بغير مقابل ولدواعي إنسانية( [114]). 
إذا كانت هاته الشروط إلزامية وأساسية بالنسبة للمؤمن لمباشرة دعوى الرجوع على الغير المسؤول عن الحادث، فإنه هناك قيود واستثناءات ترد على حق الحلول تتمثل فيما يلي: 
استحالة الحلول بفعل المؤمن له: 
إن أهم التزام في مجال العقود أصبحت تقره التشريعات الحديثة سواء قبل إبرام العقد أو بعده وخلال مرحلة تنفيذه يتمثل في الالتزام والتقيد بالتصرف بحسن نية إلا أن الطبيعة الإنسانية وإن كانت مجهولة على الخير فإنها قد تنطبع بغير ذلك كالإثراء على حساب الغير وبحرمانه من حقوقه وجعل تواطئ المؤمن له والمستفيد أحيانا مع الغير المتسبب في الحادث أو المرض المهني بالتنازل لفائدة هذا الغير عن عدم مقاضاته بالصلح سواء بمقابل أو بدون مقابل فإن الأمر ينتج عنه استحالة مباشرة مؤمن المشغل هذا الغير بدعوى الرجوع وبالتالي يكون قد حرم مؤمنه من الرجوع بدعوى الحلول على الغير في استيفاء ما أداه لفائدة الضحية أو المستفيد من التأمين. 
إلا أن تصرف المستفيد المؤمن له بالتصالح أو التنازل لفائدة الغير المسبب في الحادث سواء كان عن حسن نية بسبب الخطأ الغير العمدي أو المتعمد، فإن ذلك لا يعفيه اتجاه مؤمنه حيث يكفي هذا الأخير توضيح وإثبات الضرر المترتب له عن فعل المؤمن له هذا والذي حال دون ممارسته لدعوى الحلول، ويحق له تبعا لذلك بمقاضاته بالمبلغ المستحق في مواجهة الغير المسؤول عن الحادث في إطار دعوى المسؤولية ([115]). 
هذا بغض النظر عن جزاء سقوط حق المشغل المضمون في الضمان جزاء عن قصد طواعيته. 
حظر حلول المؤمن ضد أشخاص معينين بنص القانون: 
إن مبررات وسند حظر حلول المؤمن ضد الأشخاص معينين يكون لاعتبار قانوني أو أدبي، فالاعتبار القانوني يخص الأشخاص والتابعين للمؤمن له كالمستخدمين والعمال، والفصل 36 من قرار 1934 يمنع المؤمن من الرجوع على التابعين بحكم أن الفصل 13 من نفس القرار يلزم المؤمن بضمان الخسائر والأضرار الناجمة عن أشخاص يكون المؤمن له مسؤول عنهم مدنيا طبقا للفصل 85 من ق.ل.ع، واستنادا إلى ذلك فإنه يمنع منعا مطلقا رجوع المؤمن على الأشخاص الذين يكونون تحت عهدة المشغل المؤمن له باعتبارهم غيرا مسؤولين عن الحادث وهم فروعه وأصوله ومستخدميه وعماله أو خدمه، وبالتالي فإن هذا المنع وإن كان منصوص عليه قانونا فمن الناحية الأدبية يبقى غير مستساغ للمؤمن الرجوع على تابعي المؤمن له.

الفقرة الثانية: الآثار المترتبة عن الحلول 

بعدما تناولنا في الفقرة السابقة لمفهوم وطبيعة دعوى الحلول وشروطها فإننا سنتطرق في هاته الفقرة لآثار دعوى الحلول بالنسبة لتوزيع المسؤولية بين الغير والمصاب وبالنسبة لتوزيع المسؤولية بين الغير والمؤمن له أو أحد تابعيه، وأثر اعتبار الغير المسؤول، وقبل التفصيل في هاته الآثار الموضوعية لابد من الإشارة إلى المسطرة والاختصاص في دعوى الحلول، والدفوع التي تثار خلال جريان الدعوى وهي آثار إجرائية كالآتـي: 
أولا: الآثار الإجرائية 
تبعا للأثر الناقل لدعوى الحلول، فإن المؤمن تنقل إليه حقوق ودعاوى المؤمن له (رب العمل) وترتب عن ذلك الآثار الإجرائية التاليـة: 
من حيث الصفة والمصلحة: 
يكتسب المؤمن ممارسة إجراءات دعوى الرجوع على الغير المتسبب في الحادث أو المرض المهني مباشرة بعد أدائه محل المشغل المؤمن له للتعويض المستحق للمصاب، أو ذوي حقوقه، وفي المقابل يعقد المؤمن له الصفة والمصلحة في المطالبة باسترداد ما أداه المؤمن باستثناء استرداد الجزء الذي لم يؤديه المؤمن. 
من حيث الاختصاص: 
بالنسبة للاختصاص المكاني: 
يمكن للمؤمن رفع دعوى الحلول أو الرجوع على الغير المسؤول عن الحادث أمام محكمة موطن هذا الأخير أمام القضاء المدني أو أمام المحكمة التي بوشرت فيها المسطرة الجنحية وتم إيقاف البت فيها إلى حين انتهاء مسطرة حادثة شغل أو تقادمها. 
من حيث الأطراف المعنية: 
إن توجيه المؤمن لدعوى الرجوع على الغير المتسبب في الحادث يقتضي الأمر منه توجيه دعوى أولا ضد المسؤول المدني عن الغير المتسبب في الحادث، ومؤمنته، مع إدخال باقي الأطراف المعنية أصلا بمسطرة التعويض عن حادث شغل أو المرض المهني ويتعلق الأمر بالأجير والمشغل المؤمن له والصندوق الوطني للتقاعد والتأمين الذي حل محل صندوق الزيادة في إيرادات حوادث الشغل، وفي حال انعدام التأمين يتعين إدخال صندوق ضمان حوادث السير. 
من حيث نوعية الدفوع التي تثار في وجه المؤمن: 
قد يواجه المؤمن وهو بصدد مقاضاة الغير المتسبب في الحادث بالدفع بتقادم دعواه، أو بالدفع بتصالحه مع المشغل المؤمن له، هذا واستنادا إلى مقتضيات المادة 180 من القانون 12-18 فإنه يتقادم الحق في المطالبة بالمصاريف والتعويضات والإيرادات المنصوص عليها في هذا القانون بعض مضي خمس سنوات الموالية لتاريخ وقوع الحادثة. 
و في هذا الصدد أقر المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا القاعدة التالية: " يجب أن تقام الدعوى ضد الغير المسؤول عن الحادث خلال أجل خمس سنوات من تاريخ وقوع الحادث طبقا للفصل 174 من ظهير 06/02/1963، يعتبر الأجل المنصوص في الفصل المذكور أجل سقوط لا أمد تقادم ولا يسري ما يسري على أمد التقادم من انقطاع"[116]. 
ثانيا: الآثار الموضوعية: 
1-أثر مسؤولية الغير الكاملة عن الحادث على الحلول: 
استنادا إلى الفقرة الأولى من المادة 167 من القانون 12-18 فإن مسؤولية الغير مرتكب الحادثة إذا كانت كاملة فإن التعويض الممنوح يعفي المشغل أو مؤمنه إلى غاية مبلغ المصاريف والتعويضات المفروضة على الغير. 
وهو نفس المقتضى الذي كان منصوصا عليه بمقتضى الفصل 182 من ظهير 6 فبراير 1963 الملغى والمنسوخ بموجب القانون أعلاه، فمثلا لو أدت المؤمنة محل المشغل للضحية تعويضا محددا في مبلغ 50.000 درهم عبارة عن إيراد في شكل رأسمال بما في ذلك الصائر، فإن دعوى الحق العام إذا ما تم تحميل الغير المتسبب في الحادث كامل المسؤولية وحكم عليه بأدائه للضحية نفس المبلغ أعلاه، فإن هذا المبلغ من حق المؤاجر أو مؤمنته التي حلت محله في تمكين الضحية سلفا بنفس المبلغ في إطار مسطرة الشغل المطالبة بالحكم لها باسترداد هذا المبلغ من يد المسؤول المدني عن الغير المتسبب في الحادث أو مؤمنته، وفي هاته الحالة فإن المحكمة تقضي برفض التعويض الكامل لاستيفائه من قبل الضحية من يد المؤمنة التي حلت محل المؤجر في الأداء سلفا. 
لكن في بعض الأحيان يكتفي الضحية أو ذوي حقوقه بالمطالبة فقط بالتعويض التكميلي في مواجهة الغير المتسبب في الحادث، فإن المحكمة بطبيعة الحال بعد التأكد من إدخال المشغل ومؤمنته في مسطرة الإيراد التكميلي، فإن هاته الأخيرة بحكم إحلالها في الأداء سلفا محل مؤمنها المشغل تطالب بالحكم لها بالتعويض الكامل في مواجهة المسؤول المدني عن الغير المتسبب في الحادث ومؤمنته،وما زاد عن هذا التعويض يبقى بطبيعة الحال [117] تعويضا تكميليا من حق الضحية المصاب أو ذوي حقوقه. 
2-أثر توزيع المسؤولية بين الغير والمصاب على الحلول: 
في هاته الحالة تنص الفقرة الثانية من المادة 167 من ق 18/12 والتي حلت محل الفقرة الثانية من الفصل 178 من ظهير 1963 على ما يلي: 
"وإذا كانت المسؤولية موزعة بين الغير مرتكب الحادثة والمصاب، فإن المشغل أو مؤمنته يعفى إلى غاية مبلغ المصاريف والتعويضات المفروضة على الغير. 
ونضرب مثلا بسيطا لتوضيح أحكام هاته الفقرة كما يل ـي: 
إذا كان الضحية قد استفاد من إيراد في شكل رأسمال في إطار تعويضه بمناسبة حادث شغل المترتب عن حادث طريق بمبلغ 50.000,00 درهم وبمناسبة دعواه المباشرة بالرجوع على الغير المتسبب في الحادث في إطار دعوى مدنية أو مواصلة دعوى جنحية بعد إيقاف البت فيها إلى حين انتهاء مسطرة الشغل، وفي إطار دعواه هاته تم تشطير المسؤولية مناصفة بينه والمسؤول المدني عن الغير المتسبب في الحادث، وتم تحديد الإيراد المستحق له بمقتضى ظهير 2/10/1984 في مبلغ 60.000,00 درهم، وبعد إعمال نسبة المسؤولية على أساس النصف فإن الغير المتسبب في الحادث يك ون ملزما بأداء مبلغ 30.000,00 درهم، ومؤمنة المشغل أدت للضحية تعويضا جزافيا في إطار تنفيذ الحكم الاجتماعي بحسب مبلغ 50.000,00 درهم، وبعد خصم مساهمة الضحية في الخطأ بالنصف فإن المؤمنة يحق لها الرجوع على الغير المتسبب في ما زاد عن نصف مبلغ إيراد حادث الشغل الذي هو في مثالنا 50.000,00 ÷ 2 = 25000,00 درهم بفارق 5000,00 درهم، لأن حصول الضحية أو الأجير على إيراد عمري سنوي في شكل رأسمال في إطار مسطرة الشغل دون الاعتداد بعنصر الخطأ، وفي الرجوع على الغير يتم تفعيل عنصر الخطأ ويعفى تبعا لذلك المؤاجر أو مؤمنه بنسبة خطأ الأجير في ارتكاب الحادث. 
3-أثر توزيع المسؤولية بين الغير مرتكب الحادث المؤمن له أو أحد مأموريه: 
حسب مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 167 المشار إليها أعلاه فإنه إذا تم توزيع المسؤولية بين الغير مرتكب الحادثة والمشغل أو أحد مأموريه، فإن المشغل أو مؤمنه يعفى بالنسبة لمقدار مسؤولية الغير. 
ويتجسد هذا الأثر في الحالات التاليـة: 
الحالة الأولى: 
إذا فاق التعويض الجزافي نصيب المشغل من الخطأ الصادر عنه، فإن مؤمنه بعد أدائه للتعويض الجزافي محل المشغل لا يمكنه سوى مطالبة الغير بالمبلغ الذي يمثل الفرق ما بين نصيب صاحب العمل المؤمن له من المسؤولية والقدر من التعويض الجزافي الذي أداه المصاب. 
الحالة الثانية: 
إذا كان التعويض الجزافي المحدد في إطار مسطرة الشغل يقل عن نصيب المشغل من المسؤولية عن الخطأ الصادر عنه أو عن أحد مأموريه، بمعنى أن التعويض الكلي المحدد بموجب القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية يتحمله المشغل استنادا إلى أخطائه يفوق بكثير ما تحصل عليه الضحية أو ذوي حقوقه من المؤمن، فإنه بطبيعة الحال يكون قد استفاد من تأمينه ضد حوادث الشغل ولا يحق له الرجوع على الغير، لأن تحميل هذا الأخير يمكنه من التملص من أداء مستحقات الضحية، وينعكس ذلك على هذا الأخير سلبا بالإنقاص من التعويض الجزافي ولن يبقى له سوى التعويض التكميلي، وهذا أمر غير عادل وغير منطقي، ولا يفي بالحماية الاجتماعية للتأمين ضد حوادث الشغل، بل الأمر فيه إخلال سافر بتوازن العلاقة فيما بين الأجير والمشغل ومؤمن هذا الأخير، الذي تنقل له آثار دعوى الرجوع إحلال محل المشغل في حال أداء وتنفيذ بنود عقد التأمين ضد حوادث الشغل، حيث ملزم بتغطية الضمان كاملا بسبب خطأ المشغل أو مشاركته مع الغير في تحقق الخطر حيث الأجير أجدر بالحماية في هاته الحالة[118]. 
4-أثر إعسار الغير على المسؤول على الحلول: 
هذا وقد يثار التساؤل حول اعتبار الغير المسؤول في حال عدم تأمينه ضد المسؤولية المدنية أو قد يكون مؤمن بصفة غير كافية فإن المشرع المغربي عالج هاته الإشكالية من خلال المادة 169 من القانون 12.18 ينص على ما يلي: 
" إذا كان الشخص المسؤول غير مؤمن أو مؤمن بصفة غير كافية لا يستطيع أداء جميع المصاريف أو التعويضات المفروضة عليه، فإن مبلغ المصاريف والتعويضات التي يتعين عليه دفعها يوزع بين المشغل أو مؤمنه وبين المصاب أو ذوي حقوقه بالنسبة لدعوى كل واحد منهم." 
ولضمان توصل الضحية بحقوقه المستحقة بموجب مسطرة الشغل فإن المشرع ألزم بموجب المادة 170 من نفس القانون المدينين - والمقصود بهم المشغل ومؤمنه والغير ومؤمنه – بأن يدفعوا للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين طبقا للتعويضات المشار إليها في المادة 42 الرأسمال اللازم لتأسيس الإيرادات الممنوحة برسم التعويض عن حادثة شغل والإيرادات الإضافية الممنوحة عملا بأحكام القسم السادس من هذا القانون داخل الشهرين المواليين لتاريخ اتفاق الطرفين أو تاريخ صدور الحكم أو القرار القضائي النهائي. 
وفي الأخير أكد على مقتضى عام وضروري بتأكيده على ما يلي: 
"لا يعفى المشغل أو مؤمنه من الإيراد القانوني المفروض على الشخص المسؤول إلا بعد تأسيس الرأسمال المنصوص عليه في الفقرة السابقة". 
هذا وإذا كانت حالة إعسار الغير المسؤول لا تثير إشكالا بحكم أن مؤمنة المشغل ملزمة بأداء التعويض الجزافي كاملا في إطار مسطرة الشغل، فإن الإشكال يثار إذا كان الشخص المسؤول مؤمن بصفة غير كافية، فإن رجوع المؤمن على هذا الأخير يبقى على أساس نصيبه المقدر من التعويض الذي تمكن الغير المسؤول من أدائه وذلك في حدود نسبة من ذلك ونسبة المصاب أو ذوي حقوقه، وهذا في حد ذاته حكم موضوعي أقرته المادة 169 أعلاه وأشاد به بعض الفقه من جملتهم أستاذتنا لطيفة قبيش والأستاذ آمال جلال[119]. 
5-أثر دعوى حلول المؤمن في الرجوع على صندوق ضمان حوادث السير: 
إذا كانت الأحكام المنظمة لدعوى الحق العام التي يباشرها الضحية لا تثير أي إشكال في حال تأمين الغير المسؤول عن الحادث مسؤوليته المدنية عن الضرر، فإن الأمر بخلاف ذلك حينما ينعدم التأمين أو يكون المتسبب في الحادث مجهولا أو لاذ بالفرار دون التأكد من هويته، حيث انقسم الراي حول أحقية إدخال صندوق ضمان حوادث السير والحكم عليه في إطار دعوى الإيراد التكميلي والتي تقابلها بطبيعة الحال دعوى حلول المؤمن محل المؤمن له المشغل في الرجوع على هذا الصندوق وهكذا نجد اتجاهين متناقضين في هذا الصدد: 
الاتجاه الأول: 
أقر فقط بأحقية المصاب أو ذوي حقوقه في الرجوع على صندوق ضمان حوادث السير في حال إعسار الغير المتسبب في الحادثة الغير المؤمن عن مسؤوليته المدنية اتجاه الغير. 
الاتجاه الثاني: 
يقر إمكانية رجوع المؤمن محل المشغل المؤمن له على صندوق ضمان حوادث السير بعد أدائه للتعويض الجزافي المستحق للضحية بمناسبة مسطرة الشغل، وذلك ضمن حدود ما يتحمله الصندوق طبقا للقانون المنظم له[120]. 
أما فيما يخص حالة إلزامهم في الرجوع على الغير المسؤول والتي قد تطرح ما بين المؤمن والمؤمن له أو بين عدة مؤمنين عند الرجوع على الغير، كما لو كان حادث الشغل يؤمن عليه لدى عدة مؤمنين، فإن من حق هؤلاء جميعا حق الرجوع كل بقدر ما هو مستحق له ليقسموا المبالغ المستحقة لهم بعد مراعاة حق الأجير أو المصاب في الضمان وعدم المساس به في حدود الحماية الاجتماعية المخولة له قانونا بموجب قانون حوادث الشغل رقم 18/12 وبعدها تتم تسوية تزاحم المؤمنين بصفتهم يحلون محل المؤمن له المشغل في إطار المقتضيات العامة طبقا لأحكام الفصل 215 من ق.ل.ع الذي ينص على : " الدائن الذي يستوفي جزءا من دينه يشترك مع الغير الذي وفاه له في مباشرة حقوقهما ضد المدين كل بقدر حصته في الدين"[121]. 
ومن خلال تناولنا لآثار عقد التأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية خاصة بالنسبة للمؤمن وعلاقته بالغير المسؤول عن الحادث تبين أن المشرع قد حاول التوفيق بين حق الضحية أو ذوي حقوقه في الفصل بالتعويض الجزافي المستحق لهم في إطار مسطرة الشغل وبين حق المؤمن بالرجوع على الغير المتسبب في الحادث دون المساس بأحقية الأجير في التعويض التكميلي أو الإنقاص من التعويض الجزافي المستحق له بمناسبة حادث الطريق. 

خاتمة 
من خلال دراستنا لموضوع التأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية يتضح بأن المشرع المغربي قد حرص بمقتضى القانون 18.12 على إتمام سلسلة الإصلاحات التي همت ميدان الحماية الاجتماعية واستقرار علاقات الشغل، والتي بدأت بإقرار مدونة الشغل، ثم إصدار القانون 34.06 المتعلق بالعمال المنزليين إضافة إلى القانون 14.03 المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل. 
وتتمثل أهم التعديلات والإصلاحات التي جاء بها قانون 18.12 أساسا ما يلي: 
إقرار إجبارية التأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية. 
توسيع نطاق الحماية لتشمل فئات جديدة عما كان عليه الوضع في السابق. 
تعديل المشرع لمقتضيات الفصل 174 من ظهير 06/02/1963 المتعلقة بإيقاف البت في الدعوى إلى سلوك مسطرة الشغل أو تقادمها، والتي كانت تثير مجموعة من الإشكاليات على المستو ى العملي قد تصل إلى حرمان المصاب من التعويضات المستحقة له قانونا حيث أصبح للمصاب في إطار القانون الجديد حق الخيار بين دعوى الشغل ودعوى القانون العام. 
تأكيد آليات الإجبار على تنفيذ التعويضات المحكوم بها قانونا. 
التنصيص على إجبارية مسطرة الصلح. 
عدم إمكانية الطعن في الصلح المبرم بين الطرفين إلا في حالة ما اذا تضمن تعويضات تقل عما هو منصوص عليه قانونا. 
الا أنه ورغم كل هذه المجهودات فان الق وانين المنظمة لحوادث الشغل والأمراض المهنية مازالت تعرف مجموعة من المعيقات والصعوبات التي تحول دون تفعيل الحماية المنشودة للمصابين وذوي حقوقهم، والتي نذكر منها ما يلي: 
غياب آلية فعالة لتنفيذ الأحكام والقرارات القضائية التي تصدر لفائدة المصابين أو ذوي حق وقهم على وجه السرعة مراعاة للطابع المعيشي لهذه التعويضات. 
إيجاد حلول ناجعة لتوصل المصابين أو ذوي حقوقهم القاطنين بمناطق نائية بالإيرادات السنوية المحكوم بها. 
تبسيط المساطر المنظمة للتعويض. 
توسيع لائحة الأمراض المهنية خاصة بعد ظهور أمراض جديدة لا تدخل ضمن لائحة الأمراض المهنية. 
تطوير نظام تأمين خاص وفعال. 
------------------------------------------------
هوامش:
[1] عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني ،ج1 ، مصادر الالتزام: دار النهضة العربية بالقاهرة،1964 ، ص 842 وما يليها. 
[2] المسؤولية التقصيرية : تترتب عن الاخلال بالتزام عام يقضي بعدم الاضرار بالغير نظمته مقتضيات الفصول 77 وما يليها في ق.ل.ع. 
المسؤولية العقدية : تترتب عادة على الاخلال بالتزام منشِأه عقد صحيح، نظمتها الفصول 230 من ق.ل.ع وما يليلها. 
[3] Modifié par l’ordonnace n° 2016-131 du février 2016-art 1240 et 1241 . 
Article 1240 " tout fait par quelconque de l’homme , qui cause à autrui un dommage, oblige celui par la faute du quel il est arrivé à le réparer ." 1241 " chacun est responsable du dommage qu’il causé non seulemant par son fait, mais encore par son négligence ou per son imprudence ". 
[4] محمد الكشبور وبلعيد كرومي، حوادث الشغل والامراض المهنية ، المسؤولية والتعويض، ط 2، 2004، ص 23. 
[5] Le tourneau : la responsabilité civile , 3ème édit, dalloz, 1982, p 708. 
[6] عرفت أوروبا عموما وفرنسا على وجه الخصوص ثورة صناعية هائلة حيث ظهرت الصناعة الآلية في كل مكان وشيدت المصانع وتم اختراع السكة الحديدية والسفن والطاقة الكهربائية ثم البترولية ثم النووية ، كل هذه الاختراعات هلى الرغم من إيجابياتها إلا أنها أصبحت تهدد حياة الأفراد في كثير من الأحيان. 
راجع بهذا الخصوص: 
محمد الكشبور، حراسة الأشياء طبيعتها وآثارها، مطبعة النجاح الجديدة بالدر البيضاء ،1990 ، ص 17 و18 . 
[7] محمد حامي مراد، التأمينات الاجتماعية في البلاد العربية، منشورات معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية، 1972،ص 3. 
[8] أمينة أيت حسين، مصادر الالتزام، الكتاب الثاني، المسؤولية المدنية دراسة مقارنة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، ط2، 2018 ، ص37. 
عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزامات ، الكتاب الثاني المسؤولية المدنية دراسة مقارنة، مكتبة دار الامان بالرباط، ط6، 2017، ص 51. 
[9] عبد اللطيف خالفي، المسؤولية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية تطورها التاريخي وطبيعتها القانونية، القانون المغربي في مطلع القرن الحادي والعشرين، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلسلة الندوات والأيام الدراسية ، ع 54، 2017، ص 149. 
[10] Modifié par ordonnance n° 2016-131 du février 2016 : 
Art 1242 : " on est responsable non seulement du dommage que l’on cause par son propre fait , mais encore de celui qui est causé par le fait de personnage dont on doit répondre des choses que l’on a sous sa garde…." . 
[11] Le tourneau, o.p, p 708. 
[12] محمد الكشبور وبلعيد كرومي، حوادث الشغل والامراض المهنية، م.س، ص 27. 
[13] لطيفة قبيش ، عقد التأمين على المسؤولية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، شعبة القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني –عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، الدار البيضاء، برسم السنة الجامعية 2002/2003، ص 18. 
[14] أمينة أيت حسين، م.س، ص 292 و293. 
[15] يعتبر الفقيه سالي أول من وضع نظرية المخاطر المهنية، وتقوم على الخطر المهني بمعنى أن الأضرار والحوادث التي لا يمكن تجنبها والتي لا يوجد لها من أسباب حقيقية إلا التطور الملازم للنشاط الانساني، هي التي تكون في مجموعها ما سمي بالخطر المهني. 
و بما أن صاحب العمل يستفيد مما يحققه نشاطه من فرص حسنة، فعلى عاتقه تحمل عبء الفرص السيئة، وهي أخطار الصناعة أو المهنة غالبا. 
للمزيد راجع: 
محمد الكشبور وبلعيد كرومي، حوادث الشغل والامراض المهنية، م.س ،29. 
[16] راجع بهذا الخصوص : 
أحمد الغازي الحسيني، طوائف الصناعة التقليدية وأنظمتها المهنية بمدينة فاس، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية الحقوق الرباط ،1976. 
[17] آمال جلال، مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في التشريع المغربي، منشورات كلية الحقوق، الرباط 1977، ص 23 وما يليها. 
[18] ومن أهمها: 
ظهير 25 أكتوبر 1947 ليمدد الحماية للحوادث التي تطرأ للأجير في طريق العمل. 
ظهير 6 فبراير 1663 الذي غير من حيث الشكل ظهير 25 يونيو 1927 . 
القانون 18.01 الصادر بظهير شريف رقم 179/02 ، بتاريخ 23 يوليوز 2002/ بالجريدة الرسمية عدد 5031 بتاريخ 19 غشت 2002. 
القانون 06.03 صدر بتنفيذه الظهير رقم 1.03.167 الصادر في 19 يونيو 2003 صادر بالجريدة بالجريدة الرمية عدد 5018 الصادر في 19 يونيو 2003. 
القانون رقم 18.12 صدر بتنفيذه ظهير رقم 290.14.1 ، بتاريخ 29 دجنبر 2014، بالجريدة الرسمية عدد 6328، بتاريخ 22 يناير 2015. 
[19] الفصل 98 من ق.ل.ع. 
[20] آمال جلال، م.س، ص 11 وما يليها. 
[21] تنص المادة الخامسة من القانون 18.12 على ما يلي : 
" يستفيد من أحكام هذا القانون الأشخاص المتدربون والمأجورون، العاملون لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين في مقاولات الصناعة العصرية والتقليدية والمقاولات التجارية ومقاولات الصيد البحري وتربية الأحياء المائية والاستغلالات الفلاحية والغابوية وملحقاتها وكذا الأشخاص المشتغلون مع جمعية أو تعاونية أو هيئة سياسية أو نقابية أو رابطة أو منظمة أو شركة مدنية، كيفما كانت طريقة أداء أجورهم وشكل عقد عملهم أو نوعه وصلاحيته وطرق تنفيذه. 
كما يستفيد من أحكام هذا القانون جميع الأشخاص الذين يشتغلون في قطاع الخدمات، وبشكل عام، جميع الأشخاص الذين ارتبطوا بعقد شغل ولا يدخل شغلهم في نطاق أي نشاط من النشاطات المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه. " 
المادة 6 : " يستفيد أيضا من أحكام هذا القانون: 
الأشخاص الذين يضعون أنفسهم، في مقاولة ما، رهن إشارة الزبناء لكي يقدموا إليهم مختلف الخدمات، سواء كان ذلك بتكليف من رئيس المقاولة أو برضاه؛ 
الأشخاص الذين عهدت إليهم مقاولة واحدة بمباشرة مختلف البيوعات وبتلقي مختلف الطلبات، إذا كان هؤلاء الأشخاص يمارسون مهنتهم في محل سلمته لهم المقاولة ويتقيدون بالشروط والأثمنة التي تفرضها تلك المقاولة؛ 
الأجراء المشتغلون بمنازلهم؛ 
البحارة المتوفرون على البطاقة، وذلك طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية 2 الجاري بها العمل؛ 
أجراء المقاولات المنجمية؛ 
الصحفيون والفنانون المهنيون؛ 
أجراء الصناعة السينمائية؛ 
البوابون في البنايات المعدة للسكنى؛ 
العمال المنزليون. 
المادة 7 تنص على ما يلي : 
" يستفيد كذلك من أحكام هذا القانون: 
- مستخدمو وأجراء المقاولات والمؤسسات العمومية غير الخاضعين للنظام المطبق على موظفي الدولة المتمرنين والمرسمين؛ 
- مستخدمو الجماعات المحلية المؤقتون والعرضيون والمياومون والمتعاقدون؛ 
- الأعوان غير المرسمين التابعون للإدارات العمومية؛ 
- الأشخاص المقبولون للمساهمة في أعمال الإدارة أو التأطير أو التدبير بقطاع الشباب والرياضة؛ 
- الأشخاص الذين يمارسون عملا في إطار الإنعاش الوطني؛ 
- المعتقلون الذين يمارسون عملا بالمؤسسات السجنية؛ 
- الأحداث الموضوعون بقرار في مراكز الإصلاح والتهذيب والذين يتابعون تكوينا مهنيا المادة 8 تنص على ما يلي : 
" يستفيد أيضا من أحكام هذا القانون الطلبة الخارجيون والداخليون والمقيمون بالمراكز الاستشفائية غير الموظفين وتلاميذ مؤسسات التعليم التقني ومراكز التأهيل أو التكوين المهني، العمومية أو الخصوصية، وكذا المستفيدون من برامج التدرج المهني أو من تدريب من أجل الإدماج المهني، وذلك فيما يخص الحوادث الواقعة بسبب الأشغال العملية التي يقوم بها هؤلاء أو بمناسبة القيام بها. 
ولا تطبق أحكام الفقرة الأولى على الحوادث الواقعة لتلاميذ المؤسسات أو المراكز المذكورة أعلاه أثناء تلقينهم الدروس النظرية التي لا تحتوي على أعمال يدوية ودروس التعليم العام وكذا الحوادث الواقعة أثناء مسافة الذهاب والإياب" المادة 9 تنص على ما يلي: 
"يمكن للمشغلين وللعمال المستقلين وللأشخاص الذين يزاولون مهنة حرة وكذا لجميع الأشخاص الآخرين الذين يزاولون نشاطا غير مأجور أن يجعلوا أنفسهم أو أفراد عائلاتهم يستفيدون من أحكام هذا القانون فيما يخص الحوادث التي قد يصابون بها بسبب الشغل أو بمناسبة القيام به. 
وتتم الاستفادة من أحكام هذا القانون من خلال تخويل الفئات المشار إليها في الفقرة السابقة حق إبرام عقود للتأمين عن حوادث الشغل لدى مقاولات التأمين المرخص لها بذلك ". 
المادة 11 تنص على ما يلي: 
" وتطبق أيضا أحكام هذا القانون على الأجراء والمستخدمين المصابين بأمراض مهنية طبقا للشروط المحددة في النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالأمراض المهنية " 
[22] بلال العشري، حوادث الشغل والامراض المهنية، دراسة نظرية تطبيقية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، ط1، ص30. 
[23] Pierre dembour , les accident du travail et la cour de cassation bruxelles 1968,p 3 ets. 
[24] وكان الفقه أيضا ينادي بتعويض الضرر الجسدي فقط أنظر نموذجا : 
رشيدة أحفوظ، م.س، ص35 وما بعدها. 
محمد الكشبور وبلعيد كرومي، ك.س، ص 72 وما يليها. 
[25] . 
العجز الدائم : هو عدم القدرة على العمل التي تصيب الشخص في سلامته الجسدية، فتؤثر على قواه البدنية ومقدرته على العملو يقاس مدى فقد القدرة على العمل بالنظر الى الشخص السليم المعافى، أنظر أحمد حسن البرعي، المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية وتطبيقاتها في القانون المقارن ، دار الفكر العربي 
، القاهرة، ط1 سنة 1983، ص492. 
[26] العجز المؤقت: هو الأثر الذي تخلفه الاصابة على القدرة الجسدية للضحية ، وتجعله غير قادر على القيام بعمل لفترة معينة، رشيدة أحفوظ، م.س، ص 
[27] عبد الغني الغماري، قراءة أولية في القانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، مجلة الفقه والقانون ، العدد 33، يوليوز 2015، ص 5. 
[28] قرار محكمة النقض عدد 489، بتاريخ 07/05/2008 الملف عدد 700/7 ذكر عند محمد بفقير ، مسؤولية المشغل والعمل القضائي المغربي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة 1 ، سنة 2011، ص 21. 
[29] ، 2017، ص 97 وما يليها. 
[30] قرار محكمة النقض عدد 566، صادر بتاريخ 24 أبريل 2014 في الملف الاجتماعي عدد 667/3/1/2013، قرار منشور بمجلة محكمة النقض ،عدد77، ص 297. 
للمزيد من الاجتهادات القضائية في هذا الاطار راجع: 
محمد بلهاشمي التسولي ، التعويض عن حوادث الشغل والامراض المهنية في إطار القانون الجديد رقم 18.12، الجزء1،المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة 
[31] قرار صادر عن محكمة النقض عدد 120/2 المؤرخ في 7/2/2018 ملف اجتماعي عدد 1204/5/2/2017، غير منشور. 
[32] جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي " الأجير المأذون له من طرف مشغله بالتنقل إلى إحدى المدن لحضور نشاط نقابي، والذي يتعرض أثناء الطريق لحادثة سير، فإن الحادثة الطارئة له تعتبر حسب الفصل 6 حادثة شغل، ذلك أنها وقعت له في مسافة الذهاب والاياب من محل الشغل ومحل اقامته الاصلية ،علما أن انحرافه عرضا عن الطريق العادية لأخذ قسط من الراحو والاستجمام لا يؤدي الى انقطاع علاقة التبعية بينه وبين مشغله" قرار محكمة النقض عدد708 صادر بتاريخ 26ماي 2011 في الملف عدد 982-2010، منشور بمجلة محكمة النقض عدد 74، ص 292. 
[33] محمد الكشبو وبلعيد كرومي، حوادث الشغل والأمراض المهنية ، م.س، ص 102. 
[34] أورد محمد الكشبور بلعيد كرومي ، م.س، ص 104. 
[35] امال جلال، م.س، ص 64. 
[36] محمد الكشبور وبلعيد كرومي، م.س، ص 109. 
[37] قرار محكمة النقض عدد: 1216/2 المؤرخ في 12/11/2008 ملف جنحي عدد 14303/07 منشور بمجلة محكمة النقض في حوادث السير والتأمين ،ص 510. 
[38] قرار لمحكمة النقض عدد 1052/2 المؤرخ في 8/10/2008 ملف جنحي عدد 7464/07، منشور بمجلة قضاء محكمة النقض في حوادث السير والتأمين ص 428. 
[39] قرار صادر عن غرفة الجنح الاستئنافية لقضايا حوادث السير باكادير،عدد 235-2016 بتاريخ 06/10/2016 ، غير منشور. 
[40] ظهير 18 أكتوبر 1945المنشور بالجريدة الرسمية عددظهير 16 اكتوبر 1947 منشور بالجريدة الرسمية عدد 1831 ظهير 29 شتنبر 1952 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2088 ظهير 18 ماي 1989 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2331. 
مرسوم ملكي صادر بتاريخ 22 أكتوبر 1966 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2818. 
[41] كما تم تعديله بما يلي: 
[42] ونلاحظ أن هذا التعريف جاء منسجما مع مقتضيات الفقرة 3 من المادة 16 من توصية منظمة العمل الدولية رقم 67 الصادرة سنة 1944، أورده بلال العشيري، م.س، ص 46. 
[43] يجب أن يكون منصوصا عليه في إحدى القوائم الملحقة بظهير 31 ماي 1943 والتي يحددها القرار 20 ماي 1967 المتمم بقرار 19 شتنبر 1972 ثم بقرار 23 دجنبر 1999. 
[44] مع مراعاة المستجد المتعلق بالضرر النفسي في المادة الثالثة من القانون 18.12. 
[45] لطيفة قبيش، م.س، ص 17. 
[46] - القانون 17.99 المعدل بقانون 59.13 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.16.129 25 أغسطس 2016 الجريدة الرسمية عدد 6501 صادر في 19 سبتمبر 2016 ص 664. 

[47] عبد الرزاق أحمد السنهوري، عقد التأمين ص 1017.
[48] مدونة التأمينات المادة 12.
[49] - عبد الرزاق أحمد السنهوري م. س ص1141.
[50] كلثوم موباريك، أحكام عقد التأمين، مطبعة قرطبة حي السلام أكادير طبعة 2018 ص 95.
[51] - فؤاد معلال الوسيط في قانون التأمين، دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمين المغربية الجديدة، دار أبي رقراق للطباعة والنشر،
الطبعة الأولى 2011 ص 83.
[52] - كلثوم موباريك، م. س ص 91.
[53] الدكتور توفيق حسن فراج، أحكام الضمان ولتأمين في القانون اللبناني، ص 56.
[54] محمد كمو م. س ص 100.
[55] - كلثوم موباريك، أحكام عقد التأمين ص 110.
[56] - لطيفة قبيش م. س ص 98.
[57] - راجع المادة 2 من مدونة التأمينات المغربية.
[58] توفيق حسن فراج، أحكام الضمان في القانون اللبناني ص. 123.
[59] - محمد بلهاشمي التسولي، م س، ص 145.
[60] - أنظر الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة بتاريخ 28/10/2014 في الملف عدد 01/1502/2013 غير منشور.
[61] - ارجع في هذا الإطار المادتين 45 و46 من القانون 18.12.
[62] - لطيفة قبيش، م س، ص 109.
[63]. - فؤاد معلال، الوسيط في قانون التأمين، دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمين المغربية الجديدة، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2011، ص 107.
[64] - الأمراني زنطار امحمد، شرح قانون التأمين رقم 99-17 دراسة نظرية وتطبيقية، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2005، ص
[65] - لطيفة قبيش، م س، ص 122.
أنظر كذلك في هذا الإطار مقتضيات المادة 2 من مدونة التأمينات.
[66] - فؤاد معلال، م س، ص 126.
[67] - سبق لمحكمة النقض بالمغرب أن قضت في هذا الإطار بنقض القرار والإحالة بعلة أن المشرع المغربي لم يرتب انعدام الضمان على الإخلال بالالتزام بالإشعار بوقوع الحادثة على أساس أن المواد 21و22و23و24و25و26 من مدونة التأمينات والمتعلقة بالآثار المترتبة على عدم احترام المؤمن له لالتزاماته والتي لا تتضمن أية إشارة لعدم الإشعار بوقوع الحادثة.
قرار محكمة النقض عدد 289/3 الصادر بتاريخ 19/04/2017 في الملف عدد 1732/3/3/2016 غير منشور.
[68] بالاطلاع على المادة 40 من نفس القانون يتضح بأنه تحدد مصاريف الجنازة بناء على قرار السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل.
[69] - نشير في هذا الإطار إلى أن اليوم الأول يستحق عنه المصاب تعويضا كاملا يتحمله المشغل، أما بخصوص باقي المدة فيمنح ثلثي الأجر اليومي يتحمله مؤمن المشغل.
[70] أنظر المادة 83 الفقرة 1 من القانون 18.12 (مع الإشارة إلى إن الإيراد يستحق من اليوم الموالي لتاريخ الشفاء.)
[71] أنظر المادة 83 الفقرة 2 من القانون 18.12.
[72] - قرار محكمة النقض عدد 273 الصادر بتاريخ 25 مارس 2010 في الملف عدد 566/5/2009، منشور في نشرة قرارات المجلس الأعلى العدد 7 لسنة 2011. والذي جاء في تعليله ": حيث تبين صحة ما عابته الوسيلة على القرار ذلك أن الثابت عدم جواز الاتفاق على ما يخالف ما يتعلق بالنظام العام، ولما كانت مقتضيات ظهير 6/2/1963 بشأن التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية لها صبغة عمومية عملا بأحكام الفصل 347 منه، فإن أي اتفاق يقع خارج ما يستوجبه الظهير المذكور يكون باطلا مما يجعل الاتفاق الذي تم في النازلة بين الطرفين والذي بموجبه شهد الطالب بتحوزه بمبلغ أربعة ألاف درهم نظير تنازله عن حقوقه المترتبة عن الحادثة والذي لم يتم الإشهاد عليه من طرف قاضي الصلح لمنازعة الضحية- الطاعن- فيه عديم الأثر القانوني، والقرار المطعون فيه لما اعتد به واعتبره منهيا للنزاع يكون قد خرق مقتضيات قانونية آمرة ولم يجعل لما انتهى إليه سندا قانونيا فوجب نقضه وإبطاله".
[73] أنظر المادة 87 إلى 94 من القانون 18.12.
[74] أنظر المادة 95 إلى 102 من القانون 18.12.
[75] المادة 83 من ظهير 6 فبراير 1963.
[76] - قرار محكمة النقض عدد 574 الصادر بتاريخ 13 ماي 2009 في الملف عدد 911/5/1/2008 منشور في نشرة قرارات المجلس الأعلى العدد 7
أنظر الصفحة في 129 نفسو ما الإطار بعدها. حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة بتاريخ 06/01/2015 في الملف عدد 19/1502/2013 غير منشور.
[77] - طبقا لمقتضيات المادتين 105 و107 من القانون 18.12
[78] - ميز المشرع المغربي بين الغرامة الإجبارية المنظمة وفق مقتضيات القانون 18.12 وبين الغرامة التهديدية المنصوص عليها في الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية. للتوسع أكثر في هذا الموضوع انظر بلهاشمي التسولي م. س ص 327 وما يليها.
[79] - تتعلق المادة 63 من القانون 18.12 بالحالة التي يتغيب فيها المصاب عن العمل بغرض العلاج.
[80] - نشير إلى أن المشرع قد ميز بين الغرامة الإجبارية المتعلقة بالتعويض اليومي وتلك المتعلقة بالإيراد، إذ اعتبر الأولى غارمة إجبارية يومية تساوي 3% من مجموع المبالغ غير المؤداة، في حين اعتبر الثانية غارمة شهرية تعادل 10% من المبالغ غير المؤداة.
[81] - محمد بلهاشمي التسولي، التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في إطار القانون الجديد رقم 18.12، الجزء الأول مستحقات المصاب أو ذوي حقوقه، المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة الأولى 2017، ص 329 و331.
[82] - قرار محكمة النقض عدد 18/02 المؤرخ في 03/01/2018 في الملف الاجتماعي عدد 1966/5/2/2016 غير منشور.
أنظر في نفس الإطار القرار عدد 210/2 المؤرخ في 14/03/2018 في الملف الاجتماعي عدد 1195/5/2/2017 غير منشور.
83 - سلوك المسطرة الادارية وما قيل بالنسبة للأمراض المهنية يطبق أيضا بالنسبة لحوادث الشغل من خلال الفصول من 14 الى
28 من ظهير 6/2/1963.
[83] - تنص المادة 132 من ق 12-18 على ما يلي: "يجب على المصاب بحادثة الشغل أو ذوي حقوقه تتبع مسطرة الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل، وذلك قبل القيام بالإجراءات القضائية طبقا لأحكام هذا القانون وأحكام الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74. 447 الصادر في11 من رمضان 1394 (28 سبتمبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، كما تم تغييره وتتميمه. ويمكن للمصاب أو لذوي حقوقه أن يوكلوا عنهم محاميا واحدا أو أكثر، طبقا لأحكام القانون رقم 28.08 المنظم لمهنة المحاماة، للإشراف وتتبع مسطرة الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل.
[84] - ينص الفصل 65 من ق 18-12 على ما يلي:
"تشمل الأجرة المعتمدة في تقدير التعويض اليومي على الأجرة اليومية من جهة وعلى المبلغ اليومي للمنافع الإضافية العينية او النقدية من جهة اخر ى.
لا يعتبر ضمن مكونات الأجرة اليومية الامتيازات الاجتماعية التي يتقاضاها المصاب وخصوصا التعويضات العائلية".
[85] قرار أشار اليه بلهاشمي التسولي م. س الصفحة 183.
[86] - قرا وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية رقم 4373.14 بتاريخ 2/12/14
[87] - المرجو الرجوع الى الأستاذ محمد بلهاشمي مرجع سابق صفحة من 171 الى 270
[88] لطيفة قبيش، م. س، ص 306
[89] - كتاب احكام التامين على ضوء القانون المغربي والمقارن الذي اشار الى مؤلف الاستاذ عطا الله برهام الحق الخاص للضحية ودعواها المباشرة ضد مؤمن المسؤولية عن الناقلة.
[90] - اذا كان هناك تامين فان امر قاضي الصلح او الحكم الصادر بتحديد الايراد الممنوح ينص على ان المؤمن يقوم مقام المؤاجر ولو كان مؤمنا له بصفة غير كافية في اداء مجموع الايرادات بالرغم من كل شرط مخالف لذلك من شروط العقد.
ويترتب عن قيام المؤمن مقام المؤاجر منع المصاب او ذوي حقوقه من اقامة كل دعوى على المؤاجر ويحتفظ المؤمن بحق اقامة الدعوى على المؤاجر المؤمن له بصفة غير كافية.
[91] لطيفة قبيش، م. س، ص 315.
[92] لطيفة قبيش، م س، ص 318.
[93] نسبة الى وزير العدل الفرنسي أنداك.
[94] - قرار عدد 754 مؤرخ ب 13/09/2006 ملف اجتماعي عدد 455/5/1/2006 اشارت اليه فتيحة التوازني، موقف القضاء في إثبات عقد التأمين عن المسؤولية في حوادث الشغل والأمراض المهنية على ضوء قانون رقم 12-18، مجلة المعيار عدد 53، 2018 صفحة 95.
[95] لطيفة قبيش، م. س صفحة 336.
[96] - لطيفة قبيش م. س صفحة 339-340
[97] - حمد ابو الوفا: نظرية الدفوع في قانون المرافعات الاسكندرية منشاة المعارف 1955 ص 17 وجدي راغب فهمي مبادئ القضاء المدني
" قانون المرافعات الطبعة 1 دار الفكر العربي"
[98] قرار أشارت إليه الدكتورة قبيش لطيفة م س صفحة 348.
[99] - تنص المادة 36 من مدونة التأمينات على ما يلي"لايمكن للمؤمن ان يحتج بسقوط الحق اتجاه المصاب بحادثة الشغل او ذ وي حقوقه ولو في حالة تقصير المشغل له في التزاماته سواء حصل هذا التقصير قبل وقوع الحادثة او بعدها"
[100] - محمد اغريس، عقد التامين في التشريع المغربي، دار قرطبة، 1989، صفحة 254.
[101] - ذة/ لطيفة قبيش المرجع السابق ص 363.
[102] - المرجع السابق ص 371
[103] - الأستاذ آمال جلال وذ/ محمد الكشبور، وهو ما أشارت إليه أيضا أستاذتنا لطيفة فنيش في مرجعها السابق و371 و372.
[104] - إذا كان الغير في حادث الطريق مسؤولا عن الحادث بعد توفر شروط المادة 4 من قانون 12-18، فإنه بموازاة ذلك يحق للضحية مقاضاة المتسبب له في الحادث إذا لم تتوافر شروط هاته المادة، وفي هذا الإطار نصت المادة 158 من قانون 12-18 على ما يلي: " تقام دعوى الحق العام على المشغل أو على أحد مأموريه فقط في الحالتين التاليتين فيما لم تتم الاستفادة من المصاريف والتعويضات طبقا لأحكام هذا القانون:
إذا وقعت الحادثة عن خطأ متعمد ارتكبه المشغل أو أحد مأموريه.
إذا وقعت الحادثة أثناء مسافة الذهاب والإياب ولم يكن المصاب في حالة التبعية للمشغل.
[105] - وفي هذا الموضوع ذهبت محكمة الاستئناف بأكادير بمناسبة البت في الملف جنحي سير عدد 235/2016 بتاريخ 06-10-2016 إلى اعتماد التعليل التالي: ". لكن حيث تبين للمحكمة أن الحادثة موضوع النازلة وقعت بتاريخ 17-02-2017 أي في ظل القانون الجديد المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل رقم 12-18 والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 22 يناير 2015، وحيث بالرجوع إلى القانون أعلاه وخاصة المادة 160 منه الفقرة 2 تبين منها أنه يجب على المحكمة إذا ثبت لديها عدم وجود مسطرة الصلح المشار إليها في القانون أعلاه وإذا ثبت لديها عدم وجود دعوى مقامة طبقا لأحكام نفس القانون أن ثبت في دعوى المسؤولية طبقا لأحكام القانون العام". قرار غير منشور
[106] - محمد كمو، أحكام لتأمين على ضوء القانون المغربي والمقارن طبعة 2019 مطبعة المعارف الجديدة الرباط/2019 الصفحة حيث أشار المؤلف إلى قرار صدر عن الغرفة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 6 يناير 1914 منشور في دالوز 1918-1-57 مع تعليق ذ/دوبويش.
[107] - محمد كمو المرجع السابق الصفحة 223.
[108] - رأيين أشارت إليهما أستاذتنا لطيفة فنيش بالمرجع السابق الصفحة 378.
[109] - محمد كمو م س، ص 222 و223
[110] - قرار عدد 205 بتاريخ 14/7/1986 منشور بالمحكمة المغربية للقانون العدد 12، 1985 ص 117 أشارت إليه أستاذتنا لطيفة قبيش في مرجعها السابق ص 383، كما أشارت إلى مختلف آراء الفقهية والعديد من القرارات القضائية في هذا المضمار في الصفحة 378 إلى غاية 383 من ذات المرجع.
[111] - وفي حكم غير منشور صدر عن المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 24/06/2016 تحت عدد 1884 في ملف عدد 1287/2/2013 قضى برد وعدم قبول الطلب المضاد لشركة التأمين بعلة عدم إدلاءها بأية وثيقة تفيد إنفاقها المبلغ المطالب به خلال مسطرة الشغل.
[112] ـ نذكر على سبيل المثال لا الحصر القرار الذي أشار إليه ذ/ محمد كمو في مرجعه السابق الصفحة 233 صادر عن محكمة النقض الفرنسية الغرفة المدنية الثالثة قرار بتاريخ 16 فبراير 1962 منشور بالمجلة المدنية عدد II عدد 208.
[113] ـ من بين هذا الفقه ذ/ ابراهيم دسوقي أشارت إليه أستاذتنا لطيفة قبيش بمرجعها السابق الصفحة 386
[114] ـ محمد الكمو المرجع السابق ص 236
[115] ـ لقد أوردت الأستاذة لطيفة قبيش بمرجعها السابق الصفحة 389 وما يليها نقاشا فقهيا حول السند القانوني لمقاضاة المؤمن للمؤمن له وكل بالتزامه المتمثل في تحقيق استحالة الحلول بفعله، حيث اعتبرت ذة /زوليخة الناصري أن أثار الفصل 36 من القرار الوزاري لسنة 1934 لم يتضمن أي مقتضى لتنظيم آثارها تنازل المؤمن له عن دعوى المسؤولية التي تكون له في مواجهة الغير، بينما ترى أستاذتنا لطيفة قبيش أن هذا السند منصوص عليه في الفقرة الثانية من ذات الفصل بتنصيصها على ما يلي: " يجوز للضامن أن يتخلص من المسؤولية كلها أو بعضها نحو المضمون إذا كان قيامه لا يعود ممكنا لمنفعته
(أي لمنفعة الضامن) من سبب أحدثه لشخص مضمون.
[116] - قرار عدد 254 بتاريخ 20/04/1982 ملف اجتماعي عدد 93673 وأيضا القرار عدد 744 الصادر بتاريخ 15/04/2015 في الملف الاجتماعي عدد 2014-2-5-1254 منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 80، ص 371.
[117] - لقد أشارت أستادتنا لطيفة قيس في مرجعها السابق الصفحة 401 إلى أهم الإشكالات التي تطرح في هذا الصدد في حال تحميل الغير المتسبب في الحادث المسؤولية الكاملة.
[118] المرجع السابق ص 408.
[119] المرجع السابق ص 410.
[120] - للتفصيل في الآراء الفقهية والقرارات الصادرة عن المجلس الأعلى سابقا والمكرسة للاتجاهين أعلاه المرجو الرجوع إلى المرجع السابق لأستاذتنا لطيفة قبيش الصفحة 412 إلى غاية 421.
[121] محمد كمو المرجع السابق الصفحة 243 و244.

تعليقات