شكلية الكتابة في إبرام العقود المدنية

عرض بعنوان: شكلية الكتابة في إبرام العقود المدنية PDF

شكلية الكتابة في إبرام العقود المدنية PDF
المقدمة 
العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني . فإن التعريف لا يعدوا أن يكون صورة الفلسفة ليبرالية فردانية كانت طاغية في حقبة زمنية معينة ، أعطت قيمة كبيرة لمبدأ سلطان الإرادة و أغلت من قيمته ، وجعلت العقد قائما على الرضائية الذي لا زال إلا اليوم يعتبر الأصل العام بعد ما كان استثناها لدى ثقافات و أمم أخرى، كما كان عليه الحال عند الرومان، الذين اعتدوا بالشكلية و جعلوها قاعدة عامة تسيطر على ميدان إبرام العقود ، واعتبروها هدفا و غاية في نفس الوقت . فهي كانت مصدر وجود العقد و قوته الملزمة و حجته ، وليست الإرادة .إذ لا عبرة لهذه الأخيرة في القانون الروماني كأصل عام ، بل فقط ، وجد لها ميدان ضيق جدا لا يتعدى العقود الأربعة المتمثلة في:
 ( البيع و الإيجار و الوكالة و الشركة...........)
غير أن مفهوم الشكلية قديما أوسع مما هو عليه اليوم في العصر الحديث . فقبل ظهور الكتابة لم تكن المحررات قد عرفت بعد ، بحيث لم تكن تعرف لا الشكلية ولا الرضائية. فكان التعاقد حينها يقوم على طقوس روحية و أقوال احتفالية، و الخطأ في أي إجراء شكلي يؤدي إلى بطلان التصرف بغض النظر لما اتجهت إليه الإرادة ، ثم ما لبثت أن تحسنت الشكلية بعد ذلك و تطورت عندما بدأت الكتابة في الانتشار و تجردت الشكلية عن طابعها الروحاني إلى آخر كتابي . غير أنه بفعل ازدهار التجارة و اتساع رقعة المبادلات خصوصا و أنها تقوم على السرعة ، كان لزاما الإستغناء عن الشكلية كيفما كان نوعها و الأخذ بالرضائية بعدما تحولت هذه الأخيرة مرة أخرى إلى أصل عام . و قد توصل الرومان منذ القرن الثاني الميلادي على يد الفقيه ( بيدوس) إلى استنباط قاعدة عامة مضمونها ؛ أن التراضي هو أصل عام في جميع العقود ، أيا كان نوعها ( سواء تراضي مجرد أو مصحوب بالتلفظ أو بالكتابة أو بالتسليم ).
ومنذ ذلك الحين أصبح التراضي ركنا في جميع أنواع العقود. و يعد الفقيه جايوس أول من بدأ باستعمال العقد بمعناه الفني (توافق إرادتين بقصد إنشاء التزام ). و ذلك في كتابة النظم الذي كتبه عام 155 م. وقد سار داوود سنتيانا المستشرف الإيطالي على مبدأ الرضائية في العقود ، عندما وضع ظهير الإلتزامات و العقود ، إذ قال يمكن للأطراف أن يبرموا جميع العقود دون التقيد بأي
شكل. و رجوعا إلى المغرب ، فإنه هو الأخر يعتمد على الرضائية في إبرام العقود كون أنه أستمد قانون الإلتزامات و العقود من التجربة التونسية ، خاصة مدونة سنتيانا المسمات مشروع القانون المدني .
لكننا نجد حاليا أن أغلب التشريعات المعاصرة أو معظمها أصبحت تميل إلى التلطف من حدة سلطان الإرادة و الأخذ بالشكلية ليس كغاية في ذاتها و إنما كوسيلة لتحقيق غاية معينة . و هي حماية المتعاقدين معا أو أحدهما أو تمكين المجتمع من مراقبة العقود و التصرفات ، ومن تم في شكلية حمائية .
بعد هذه النبذة التاريخية المقتضبة للشكلية و مبدأ الإرادة و التذبذب الذي عاشاه، سوف نعطي تعريف لمفهوم الشكلية : فالشكلية عامة كانت محل اختلاف بين الفقهاء فقد عرفها الفقيه (جيني) فقال: أن التصرف الشكلي هو الذي فرض فيه الشكل تحت طائلة عدم الفعالية القانونية بدرجة ما ، و يرى (روبي) أن الشكلية تعف كل عمل هدف ال ايضاح النظام القانوني و تحديد الوضعية القانونية للأفراد بوسائل خارجية كالشكايات والمواعيد واجراءات. 
أما مفهوم الشكلية في قانون الإلتزامات و العقود المغربي فهو كالتالي: باستقرائنا المنطوق المادة 4 من مدونة الحقوق العينية 39 . 08 نجدها تحدد الشكل عندما جاء فيها (... بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ ..) و من جهة أخرى تحدد الشخص الموكول له صلاحية التحرير ، حيث جاء فيما (...يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض...) و بالتالي فالشكلية يقصد بها ذلك الشكل المحدد الذي يصاغ فيه تراضي المتعاقدين أي كتابة العقد في سند أو وثيقة بخطها أو بخط غيرها. سواء كان هذا الغير محترفا مختصا أضفى المشرع على ما يحرره صبغة أو صفة الرسمية أو كان دون ذلك. 
و عليه حق لنا طرح مجموعة من الأسئلة من قبيل: 
هل تراجع المشرع المغربي عن مبدأ الرضائية في السنوات الأخيرة ليأخذ بقاعدة شكلية الكتابة ؟
وإن كان هذا صحيحا فما السر وراء تراجعه عن مبدأ الرضائية لصالح هذه الشكلية ؟
وللإحاطة بهذه الإشكاليات ارتأينا تقسيم هذا العرض إلى محورين، خصصنا الأول لأحكام الشكلية
من خلال القواعد العامة و الثاني سنحاول فيه تقييم شكلية الكتابة في التشريع المغربي
__________________________
لائحة المراجع:
- الدكتور عبد القادر العرعاري، عقد البيع الطبقة الثالثة 2011، 
- مداخلات ألقاها الأستاذة عبد القادر العرعاري وأحمد شكري خلال ندوة تكريم الأستاذة 
- عائشة الشرقاوي المالقي، بكلية العلوم القانونية و الإقتصادية والإجتماعية أكدال الرباط 2014، غير منشورة. 
- المعطي الجبوجي : القواعد الموضوعية و الشكلية للإثبات ، 
- إدريس العلوي العبدلاوي : وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي, 
- عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، المجلد 2، الاثبات،. 
- قرار عدد 345 صادر بتاريخ 2013 / 07 / 02 . منشور بالعدد الأخير من مجلة القضاء والقانون (164 لسنة 2014). 
- د عبد المجيد الحكم، الوجيز في شرح القانون المدني العراقي، ج 1، مصادر الالتزام، شركة الطبع والنشر الأهلية، بغداد، 1963. - د. عبد المنعم فرج الصدد، مصادر الالتزام، دار النهضة العربية القاهرة، 1992. 
- د. عبد المنعم البدراوي عقد البيع في القانون المدني طا بالامكان طبع، 1957. 
- د. عبد الودود يحيى، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، دار النهضة العربية، القاهرة،
- علي عبد العالي الاسدي، النظام القانوني للشكل في قانون المرور، بحث منشور في مجلة جامعة بابل - العلوم الانسانية - ، مج 14 ، 2 ، 2007. 
- محمد جمال عطية، الشكلية القانونية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة الزقازيق،
- قانون الالتزامات والعقود، ظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913). 
- القانون رقم 18 . 00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية (ظهير 03 أكتوبر 2002)
- القانون رقم 00-51 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار (11 نوفمبر 2003)
- القانون رقم 39 . 08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية نوفمبر 2011 
- القانون رقم 67 . 12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة اللسکنی أو للاستعمال المهني (19 نوفمبر 2013)
- ظهير شريف رقم 1 . 07 . 129 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007) بتنفيذ القانون رقم 53 . 05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية - القانون رقم 44 . 00 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز، الصادر بتنفيذه ظہیر شريف رقم 1 . 02 . 309 بتاريخ 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) المتمم لقانون الالتزامات والعقود في باب البيوعات.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -