سلطة الأغلبية في شركة المساهمة

عرض بعنوان: سلطة الأغلبية في شركة المساهمة PDF

سلطة الأغلبية في شركة المساهمة PDF

مقدمة :
 نسخت شركة المساهمة على النموذج الديمقراطي للدولة ، من حيت أنه تم اقتباس مبدأ تعدد السلط والفصل بينها، كنمودجا يستمد سلطاته من القاعدة المتمتلة في الجمعيات العامة للمساهمين ،التي جعلها القانون تحتكر سلطة اتخاد القرار وتعيين أجهزة الشركة بما فيها جهاز التسيير .
وذلك بمساعدة مراقبة تقنية يقوم بها مراقب الحسابات، ومهما يكن فإن الديموقراطية التي تتمتع بها هذه الشركة تبدو جلية المعالم واضحة الأثر أمام الاعتراف المتزايد بالحقوق المساهمين غير المسييرين خاصة ما يتعلق بتطوير الحق في الاعلام وتسهيل المشاركة في أعمال الشركة من خلال إقرار حق التصويت عن بعد كما كرسه قانون 20.05 على خلاف المرحلة السابقة.
كما أن تعميق لمقاربة الديموقراطية في تدبير شركة المساهمة أخد أبعاده القصوى من خلال الانفتاح على النظريات الحديثة المؤطرة لممارسة السياسية للدولة ، حيت أنه تم تجاوز إتخاد القرار بناء على قاعدة الأغلبية المالكة للرأسمال وضرورة الانصياع الأقلية لها إلى تبني نظرية ديمقراطية تقوم على الاحتكام إلى مصلحة الشركة .
ولا مجال للخلاف في أن ما تتمتع به الأغلبية ليس مجرد حق يمارسه مساهموها عند قيامهم بالتصويت داخل الجمعية العامة بل إن قانون الشركات المساهمة عند إقراره لقاعدة الأغلبية فقد منح هده الأخيرة ،امتياز ممارسة السلطة بفرضها للقرار المتخذ على جميع المساهمين بمن فيهم المتغيبين عن مداولات الجمعية العامة.
وعموما فإن نظام الأغلبية يكشف عن أهمية كبرى يمكن لمس شقها العملي في توحيد التوجه الاقتصادي للمقاولة وعدم جعل الأمر متعارض بشكل يعيق حركتها الإقتصادية .
أما عمليا فلا يخفى أن شركة المساهمة بقواعدها وإطارها القانوني أسال حبر أقلام الباحثين سواء الفقه او القضاء .
وهو الأمر الذي يعطينا مشروعية طرح الإشكالية التالية: إلى أي حد توفق المشرع المغربي من خلال تنظيمه لسلطة الأغلبية في شركة المساهمة من تحقيق المساواة بين المساهمين من جهة، وحماية المصلحة العامة للشركة من جهة أخرى؟
ومحاولة في فك غموض هذه الاشكالية سيتم تقسيم الموضوع على النحو التالي :

المبحث الأول: تكوين سلطة الأغلبية ذاخل شركة المساهمة
المبحث الثاني: أساس سلطة الأغلبية في شركة المساهمة



المبحث الأول: تكوين سلطة الأغلبية داخل شركة المساهمة

أدخل قانون 17.95 المتعلق بشركات المساهمة تغييرات جديرة ترمي في مجملها إلى الحفاظ على العلاقات القائمة بين المساهمين داخل الجمعية العامة ، وبالتالي إيجاد توازن بين المساهمين ذوو الأغلبية و المساهمين ذوو الأقلية داخل هذه الشركة ، فما هو المدلول التقني لقانون الأغلبية في شركة المساهمة ؟ وإلى أي حد تعبر الأغلبية عن الإرادة الجماعية للمساهمين؟ 

المطلب الأول: المدلول التقني لقانون الأغلبية في شركة المساهمة 

يعتبر قانون الأغلبية أداة للتعبير عن الإرادة الجماعية للشركة ، يعني أنه الوسيلة القانونية لاختيار الإستراتيجية التي ستتبعها الشركة في ممارسة نشاطها وتحقيق أغراضها و غايتها ، فهو ضرورة عملية لتسيير و سير الشركة ،وهذا التوافق والترابط يحيلنا على مفهوم الأغلبية في شركة المساهمة (الفقرة الأولى) و على أنواعها (الفقرة الثانية.) 

الفقرة الأولى: مفهوم الأغلبية في شركة المساهمة

لم يعرف المشرع المغربي قانون الأغلبية رغم كثرة استعمال هذا المصطلح من طرف الفقه والقضاء وفي النصوص التشريعية ، وأقصى ما نجده هو الإشارة إلي النسبة المتطلبة لإيجاد قرار معين ، ومثل ذلك ما نجده في المادتين 110و 111 من قانون رقم 95ـ17 ، حيت نصت الأولى على أن الجمعية العامة غير العادية تبث بأغلبية ثلثي أصوات المساهمين الحاضرين أو الممثلين.، في حين نصت الثانية على أن الجمعية العامة العادية تبت بأغلبية الأصوات التي يملكها المساهمون الحاضرون أو الممثلون.[1] 
وإذا كانت الأغلبية في اتخاذ القرارات هي تجسيد لحق التعبير عن الإرادة الجماعية ، وهي التعبير الذي يتم عن طريق التصويت ، فالأغلبية في مجال شركات المساهمة تعني أكبر عدد من المساهمين أو بمعنى أصح أغلبية رأس المال مادام أن الأصوات يتم احتسابها على أساس الأسهم المملوكة من طرف المساهمين ، أي بمعنى الأغلبية المرتكزة على الأساس المالي ، نظرا لأن شركة المساهمة هي شركة أموال ،وبالتالي فإن الأغلبية تقدر بالمقياس المالي وليس بالمقياس الشخصي ، وتعد هذه الفئة على صعيد الجمعية العامة بعدد المساهمين الذين يمتلكون اكبر قدر في رأسمال الشركة ، يفوق ما تمتلكه الأقلية الحاضرة في الجمعية العامة أثناء الاجتماعات ، فهي تعتبر إذا سيدة الموقف ، وتمتلك السلطة العليا لاتخاذ القرار أثناء هذه الاجتماعات ، مادامت هذه الفئة هي المالكة لأكبر قدر ممكن من الأسهم ، ويظهر هذا من خلال إمكانية إصدار أسهم ذات التصويت المضاعف ، وذلك بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 257 من قانون 95-17. 
والأصل أن هذه النسبة المكونة للأغلبية غير موحدة وتتغير بحسب طبيعة القرار المتخذ ونوع الجمعية المصدرة له عادية أو غير عادية ، وهو ما يعني أنه لا يوجد نظام أغلبية و لكن أغلبيات ولايوجد في قانون 17.95 أية بيانات أو توضيحات عن التحديد النوعي لكل أغلبية ، وهو الفراغ الذي عمل الفقه[2] على ملئه بتصنيف الأغلبية العددية والتقنية إلى صنفين :أغلبية بسيطة وأغلبية مركبة أو مزدوجة. 


الفقرة الثانية: أنواع الأغلبية في شركة المساهمة 

كما سبق القول سابقا ، لا يوجد نظام أغلبية و لكن أغلبيات ، ولايوجد في قانون 7.195 أية بيانات أو توضيحات عن التحديد النوعي لكل أغلبية ، وهو الفراغ الذي عمل الفقه على ملئه بتصنيف الأغلبية العددية والتقنية إلى صنفين :أغلبية بسيطة وأغلبية مركبة أو مزدوجة . 
1:الأغلبية المركبة أو المزدوجة: تستلزم توفر شرطين من جهة توفر أغلبية معينة من الحصص هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أغلبية معينة من الشركاء ، وهي التي نجدها بصفة خاصة في الشركات ذات المسؤولية المحدودة. 
2:الأغلبية البسيطة : وتحسب هذه الأغلبية بالنظر إلى رأس المال وحده انطلاقا من النظام القانوني للأسهم التي تخول لصاحبه أو حاملها صلاحية التصويت إلي جانب حقوق أخرى، ، وحسب بعد الفقه[3] كان المشرع المغربي صريحا في المادة 259 من قانون 17.95 حيث نص المشرع المغربي على أن حق التصويت المترتب عن أسهم رأس المال أو أسهم الانتفاع ، متناسبا مع نصيب رأس المال الذي يمثله، ويعطي كل سهم الحق في صوت واحد على الأقل . 
ويعد كل شرط مخالف كأن لم يكن، وفي نفس الوقت يمنع إصدار أسهم متعددة الأصوات، ما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة 257 من قانون 17.95. 
وتبعا لهذا التصنيف فإن الأغلبية البسيطة ، إما أن تكون مطلقة أو نسبية : 
يقصد بالأغلبية المطلقة ، نصف الأصوات + واحد ، أي هي أغلبية النصف + واحد وهي 
الأغلبية العادية المطلوبة فيإجراءات التصويت وهي الأصل ،وتعتمد عادة في الجمعية العادية . 
أما الأغلبية النسبية،فتتحدد عادة في ثلثي الأصوات،فهي الاستثناء على هذا الأصل ولا ترد إلا بنص وتكون محددة لحالات معينة على سبيل الحصر،ويقصد بها تطلب نسبة معينة من التصويت بالموافقة لاعتمادإجراء. معين وتتطلبهاحالات محددة على سبيل الحصر ويعمل بها عادة في الجمعيات غير العادية. 
ويثير حساب الأغلبيتين منذ زمن ، خلافا فقهيا حول المقصود بالأصوات المعتد بها في الحساب ، وهو ما يثير التساؤل حول الموقف من الأصوات الممتنعة عن التصويت ، هل تحسب أم لا 
؟وفي أي خانة توضع ؟هل إلى جانب الأصوات الموافقة أو المعارضة ؟ فمثلا لو كانت شركة يتكون رأسمالها من( 12000) سهم حضرت كلها الجمعية ، وعند التصويت ، امتنع عنه أربعة الاف صوت ( 4000 )، واعترض أربعة الاف ، فلو اعتبرنا هذه الأصوات خارج العملية ، فإن القرار المرفوض لعدم حصوله على الأغلبية المطلقة على اعتبار أن صوت 
4000-12000=8000 صوت ، على اعتبار نصفها موافق و نصفها معارض ، أي أن الأغلبية المطلقة غير متوفرة ، وفي حالة اعتبرنا الأصوات الممتنعة في التصويت ، على أنها رفض فإن النتيجة ستتغير 4000 امتناع مع 4000 رفض سوف نكون أمام 8000 صوت ، أي ضعف الأصوات .ومن جهة أخرى ، ماهي طبيعة القواعد المنظمة لحساب الأغلبية في التصويت في الجمعيات العامة ؟هل هي قواعد امرة أم مكملة ؟ وبالتالي هل يجوز للمساهمين تغييرها و استبدالها تخفيفا أو تشديدا ؟ 
هذا ما يدفعنا إلى طرح تساؤل جوهري هل تعبر الأغلبية عن الإرادة الجماعية للمساهمين؟ 


المطلب الثاني: مدى تعبير الأغلبية عن الإرادة الجماعية للمساهمين

يلزم لكي تسري القرارات على جميع المساهمين، أن تكون منبثقة عن مداولات، وفق نظام الجمعيات العامة، هذا النظام الذي كان محل تقييم في العديد من المرات (الفقرةالاولى)، بالنظر لظروف اتخاذ القرارات فيها، والاعتماد على أغلبية فعلية قد لا ترقى للتعبير عن الإرادة الجماعية (الفقرةالتانية). 

الفقرةالأولي: تقييم نظام الجمعيات العامة. 

إن الإنسانية التي يبنى عليها نظام الجمعيات العامة للمساهمين على وجاهتها لم تحل دون وجود عيوب عديدة في نظام الجمعيات العامة تقلل من أهميتها وفاعليتها وتتمثل هذه العيوب في: 
أولا:عدم التطابق بين مصلحة الشركة ومصالح بعض الشركاء. 
إذا كانت التقاليد قد جرت على القول بأن عقد الشركة يتميز عن سائر العقود بأن مصالح المتعاقدين فيه واحدة ومتماثلة ومتناسقة وليست متعارضة ومتناقضة، وبالتالي فإن مصالح الأغلبية تتطابق مع مصالح الأقلية ومصلحة الشركة عموما، فإن هذا القول لا يصدقه الواقع في كثير من الحالات، فالتأكيد أن المساهم حين يستخدم حقه في التصويت في الجمعية العامة، إنما يستهدف مصلحة الشركة، على أساس أن مصلحة الشركة هي التي تتحقق من خلالها مصلحة المساهم. 
إن تماثل المصالح يمس منذ اللحظة التي لا يؤثر فيها القرار الصادر عن الجمعية العامة على مصالح كل المساهمين بنفس الدرجة والكيفية، إذ مثلا، كيف يمكن تصور تطابق مصلحة المساهم الذي تقرر الجمعية العامة طرده من الشركة مع مصلحة الأغلبية التي ارتأت استبعادهأو مع مصلحة الشركة، بافتراض صدق مقولة أن مصلحة الأغلبية هي مصلحة الشركة .)4( 
وبنفس الدرجة كيف يمكن تصور تطابق مصلحة الشريك الذي يحوز أغلبية الأصوات في الجمعية العامة للمساهمين، مع مصلحة الشركة ومصلحة الأقلية، إذا ما تمكن هذا الشريك من استصدار قرار من الجمعية العامة بقيام الشركة بشراء منجم مملوك له ملكية خاصة، مقابل ثمن كبير للغاية بالمقارنة بقيمته الفعلية بالنظر إلى كون هذا المنجم يحقق خسائر ويعاني من ظروف إنتاج شديدة الاضطراب، فمثل هذا القرار الصادر عن الجمعية العامة للمساهمين وإن حقق مصلحة هذا الشريك البائع فإنه لا يحقق مصلحة باقي الشركاء ومصالح الشركة ذاتها، بل ويضر بها .)5( 
وبالمثل فإن المساهم الذي يجمع إلى جانب صفته كشريك في الشركة، صفته كمدير لها، هل يمكن تصور أن هذا المدير عندما يكون هناك تصويت في الجمعية العامة القصد منه إبراء طرفه من الإدارة والتنازل هما يكون من حق رفع دعاوى المسؤولية ضده، يتجرد من صفته كمدير أو مسير ويستعمل حقه في التصويت كشريك فقط متناسيا أن مصلحته المؤكدة في إصدار قرار لمصلحته .)6( 
وتثور نفس الصعوبة حين يكون شخص واحد متمتعا بصفة المساهم في أكثر من شركة مساهمة وتكون إحدى الشركات التي يساهم فيها منافسة لشركة أخرى هو مساهم فيها أيضا، ولكن نسبة مساهمته في كلتا الشركتين مختلفة، وبالتالي تكون مصلحته متوافقة مع مصلحة الشركة التي يساهم فيها بالقدر الأكبر، عندئذ لابد وأن يميل هذا المساهم إلى اتخاذ قرار يحقق مصلحة الشركة التي تكون مصالحه فيها أكثر حيوية مضحيا بمصلحة الشركة الأخرى. 
ثانيا:غالبية الأسهم الممثلة لا تعبر عن غالبية المساهمين. 
بالإضافة إلى تعارض مصالح الأغلبية مع مصلحة الشركة أو مصالح الأقلية، فإن هناك أمر آخر على قدر كبير من الأهمية يقلل من فاعلية الجمعيات العامة لم تعد تعبر دائما عن أغلبية المساهمين، وبالتالي لم تعد القرارات الصادرة عن الجمعيات العامة تعبر عن مصالح غالبية المساهمين، فالأغلبية في الجمعيات العامة للمساهمين صارت أغلبية زائفة غير حقيقية لا تعبردائما عن أغلبية المصالح. 
وتكون الأغلبية مصطنعة عندما لا تكون الأسهم الممثلة في الجمعية تعبر عن أغلبية رأس مال الشركة، بحيث تصدر القرارات عن عدد من المساهمين لا يمتلكون أغلبية رأس المال فالمعلوم أن الجمعيات العامة العادية يكون اجتماعها صحيحا إذا حضره نصاب يقدر بربع رأس المال فقط في الدعوة الأولى، ولا يشترط أي نصاب في الدعوة الثانية )7(، فالجمعية العامة وفقا لذلك يكفي أن يحضرها مساهمون يمثلون ربع رأس المال في الدعوة الأولى، وتنعقد ولو حضرها مساهم واحد ومهما يمثل من رأس مال في الدعوة الثانية ؟! ويصدرون قرارات تلزم كل المساهمين. 


الفقرة الثانية: الأغلبية الفعلية داخل الجمعيات العامة

إن قانون الأغلبية هو حتمية عملية فرضتها الضرورة بهدف تسهيل حياة الشركة ونشاطها لاسيما عملية اتخاذ القرارات داخل الجمعيات العامة، وتجنب عرقلة أعمالها ومشاريعها، كل ذلك تحقيقا لمصلحتها التي هي مصلحة المساهمين. 
أولا:عوامل و ظروف تكون الأغلبية داخل الجمعيات العامة. 
إضافة لما سبق ذكره عن عيوب نظام الجمعيات العامة، فان عملية تحليل لكيفية تكون الأغلبية داخل الجمعيات العامة تجعلنا نشير إلى: 
1:حقيقة حصول أقلية من المساهمين على الأغلبية في الجمعيةالعامة.هناك وسائل عديدة يسلكها أصحاب المصلحة لضمان الحصول على الأغلبية في الجمعيات العامة و ذلك عن طريق استعمال عدة وسائل: 
أـ الأسهم الممتازة: إذا كان الأصل أن الأسهم مادامت متساوية القيمة تخول حقوقا متساوية في التصويت، إلا أن مبدأ المساواة هذا لا يتعلق بالنظام العام(8)، إذ يجوز إنشاء أسهم ممتازة، و قد تكون الأسهم الممتازة ممتازة في التصويت، أي أسهما ذات صوت متعدد، أي يخول السهم الواحد صاحبه الحصول على أكثر من صوت في الجمعية العامة للمساهمين و مثال هذه الأسهم الممتازة ،الأسهم التي تتقرر للمؤسسين بغية تمكينهم من معارضة الاقتراحات الخطيرة التي قد يقترحها المساهمون العاديون، أي أصحاب الأسهم العادية ،الأمر الذي يكفل تحقيق إدارة ثابتةللشركة، و مثال الأسهم الممتازة أيضا الأسهم التي تتقرر للوطنيين حتى تكون لهم أغلبية في الجمعيات العامة في الشركات التي يكون الأجانب أصحاب أغلبية في رأس المال. 
‌ب ـ تكوين الشركات الوليدة: من بين الوسائل التي تكفل السيطرة على الجمعية العامة و بالتالي السيطرة على الشركة هي تكوين الشركات الوليدة، فحتى يمكن السيطرة على الشركة الأم يتم تأسيس شركة وليدة تتملك نسبة 51% من أسهم الشركة الأم و على هذا النحو يكفي الحصول على أغلبية الأسهم في الشركة الوليدة حتى يمكن الحصول على الأغلبية ليس فقط في الجمعية العامة لهذه الشركة الوليدة ،و إنما في الجمعية العامة للشركة الأم أيضا، و هذه الطريقة يمكن الالتجاء إليها بدرجات متفاوتة عن طريق تكوين شركات حفيدة، و هلم جر، و هذا من شأنه أن يجعل الحصول على الأغلبية في الشركة الأم ميسورا مقابل مساهمة اقل في تكوين رأسمالها، و قد اتبعت هذه الطريقة في ألمانيا الاتحادية و الولايات المتحدة الأمريكية.)9( 
‌ج ـ اشتراط حيازة عدد معين من الأسهم: هناك طريقة ثالثة تتمثل في إيراد شرط في نظام الشركة يقضي بضرورة حيازة المساهم لعدد معين من الأسهم حتى يثبت له الحق في حضور اجتماعات الجمعيات العامة و التصويت فيها ،مع السماح للمساهمين الذين لا يملكون العدد المطلوب بالتجمع في أي شكل كان للوصول إلى هذا العدد، و يمثلون بوكيل عنهم. 
و الحكمة من هذا الشرط هو ضمان السير الحسن للجمعيات العامة و تجنب الفوضى التي قد تحدث بحضور كل المساهمين بالنظر لعددهم الكبير. 
و يترتب على هذا الشرط الاعتداء الصارخ على حق المساهم في رقابة الشركة و المشاركة في تسييرها و حقه في حماية حقوقه فيها، ذلك انه يمنعه من ممارسة حقوقه الأساسية كما ينتج عنه استبعاد جميع صغار المساهمين و الذين قد يمتلكون الجزء الأكبر من رأس المال، و انفراد مسيري الشركة و الأغلبية المزيفة بالتقرير داخل الجمعيات العامة و هو ما يهدد مصلحة المساهمين و مصلحة الشركة. 
و يؤدي إعمال هذا الشرط كذلك إلى خلق مسافة بين الإرادة الحقيقية للمساهمين و الإرادة المبينة في الجمعية، ذلك أنه لا يمكن تعويض المشاركة الشخصية للمساهم بمشاركة ممثل عنه قد لا يعبر عن آرائه و رغباته و إرادته الحقيقية. 
ثانيا:الأغلبية الحقيقية داخل الجمعيات العامة. 
إن قاعدة الأغلبية تم النص عليها في زمن كان فيه كل المساهمين يهتمون بحياة الشركة إذ كانت المشاركة في التصويت تبلغ مائة بالمائة من نسبة الأسهم التي تصدرها الشركة)10( 
إن هذا الوضع من شأنه أن يؤدي في بعض الحالات إلى تحكم فئة جد قليلة من المساهمين في قرارات الشركة مستفيدة من عدم حضور اغلب المساهمين، فبما أن القرارات تتخذ في الجمعيات العامة، و أن الأسهم توزع بين عدد كبير من المساهمين الصغار الذين لا تشجعهم نسبة مشاركتهم الصغيرة على التوجه إلى الجمعيات، فإنه يكفي لمساهم واحد أو فريق من المساهمين كي يتحكم في الأغلبية أن يتوفر على نسبة من رأس المال اكبر من تلك التي يجمعها فريق معارض داخل الجمعية. 
و بالرغم من تدخل المشرع في محاولة لمنع التعسف الذي قد ينتج عن الوضعية السابقة، و ذلك باشتراطه لصحة انعقاد الجمعيات توفر نصاب معين يمثل الحد الأدنى من الإرادة الجماعية التي يجب أن تتوفر في قرارات الجمعية العامة ،و ذلك بان تكون هذه القرارات معبرة عن اكبر عدد ممكن من المساهمين(11)، إلا أن شرط النصاب و كما سبق تفصيله لا يعد كافيا لضمان هذا الحد الأدنى و ذلك للأسباب السابق ذكرها.

المبحث الثاني: أساس سلطة الأغلبية

إن سيادة مبدأ الأغلبية كان محور ارتكزت عليه كافة التنظيمات السياسية الاجتماعية و الاقتصادية و لا بديل عن هذا المبدأ في مجال الشركات إلا بأسلوبين أحلاهما مر: الأول تطبيق قانون الإجماع أي استلزام الحصول على موافقة كل الشركاء و لا شك أن قاعدة الإجماع توفر الحماية الكاملة لكل شريك، على أن اشتراط الإجماع في كافة القرارات له مساوئ عديدة و يكاد يكون المعطل لسير عمل الشركة، و عندئذ يمكن أن تقع الشركة فريسة عناد شريك واحد من الشركاء مما يؤدي إلى تعطيل تسيير أمورها، و نكون قد طبقنا قاعدة دفع الضرر الأكبر بضرر اقل بطريقة معكوسة، أي دفعنا الضرر الأقل بالضرر الأكبر، أضف إلى ذلك أن قاعدة الإجماع في شركات الأموال لاسيما شركة المساهمة غير ممكنة التطبيق عمليا، إذ أن الحصول على موافقة المساهمين الجماعية ليبدوا أمرا مستحيلا، خاصة أن عدد المساهمين في شركات المساهمة الكبرى يتجاوز عشرات الآلاف و يستحيل تصور حتى حضور مثل هذا العدد في اجتماعات الجمعية العامة، و حتى التفكير في التصويت عبر التقنيات الحديثة كالانترنت فانه يبقى ضربا من المحال لذا فإن مبدأ الأغلبية فرض نفسه كتدبير يهدف إلى تنشيط سير العمل و تفعيله و بحيث أصبحت الحقوق غير القابلة للمساس بها لا تشكل سوى حاجز ضعيف أمام ممارسة سلطة الأغلبية عبر قانون الأغلبية.(12)
الأسلوب الثاني يتجلى في منح سلطة واسعة للمديرين مع التشدد في مسؤولياتهم، و يقصد بذلك إلغاء نظام الجمعيات العامة للمساهمين و استبدال ذلك بتخويل أعضاء مجلس إدارة الشركات سلطات واسعة مع إخضاعهم لمسؤوليات مدنية و جنائية كبيرة و مضاعفة. 
لكن هذا الحل أيضا ينقل السلطة من يد إلى يد أخرى دون فائدة، و يضع مصير الشركة بين أيدي المديرين الذين في ظل غياب رقابة المساهمين يمكنهم توجيه الشركة نحو تحقيق مصالحهم الخاصة، وبالتالي نجد أنفسنا دون أن ندري نواجه عيوبا قصدنا أصلا تفاديها(13)، لاسيما أن الواقع و العملأثبت أن تشديد المسؤولية أو العقوبة لم يكن رادعا يحول دون حدوث ما قصد تفاديه من التشديد. 
وعليه فإن قانون الأغلبية هو حتمية عملية وضرورة واقعية س يرت شركات المساهمة 
ولا زالت، كبديل عن مبدأ الإجماع الذي استحالتطبيقه والعمل به، لكن هذا لا ينفي ضرورة وجود أساس نظري أو بناء فكري يقوم عليه قانون الأغلبية ويبرر استعماله (المطلب الأول)، كما أن هذا التبرير غير كافي وحده لتطبيق هذا القانون والعمل به، فضوابط وحدود يجب مراعاتها عند تطبيقه لعدم الخروج عن أهدافه ودوافع فرضه (المطلب الثاني) . 


المطلب الأول: ضوابط تطبيق قانون الأغلبية. 

باعتبار أن قانون الأغلبية هو خروج عن الأصل في اتخاذ القرارات داخل الجمعيات العامة وفي تسيير حياة الشركة، فإنه كان لابد من إحاطته بمجموعة من القيود والحدود، حتى لا تتجاوز الأغلبية صاحبة سلطة التقرير، الأهداف والإطار الذي تم وضعه كحيز لتطبيق قانون الأغلبية وإلا كانت متعسفة . 
وأول الضمانات الموضوعة لحسن تطبيق قانون الأغلبية وأهمها وأبرزها، بل ويمكن اعتبارها أساسا له هي المصلحة الجماعية، فقانون الأغلبية يرتكز ويجد فلسفته في منح الأغلبية سلطة التقرير وفرض سلطتها ورأيها على باقي المساهمين، في معيار المصلحة الجماعية ،فهذه المصلحة هي السبب المباشر والأساسي لتمتع الأغلبية بالتقرير، وعليه فإن الاعتداء على هذه المصلحة أو عدم مراعاتها عند اتخاذ القرارات يضع هذه الأغلبية تحت طائلة المسؤولية وأول نتيجة هي بطلان قراراتها . 
ولأن المصلحة الجماعية كمفهوم أو معيار صعب تحديدها وتعريفها بدقة نظرا لتعدد أوجه النظر إليها. 
وإضافة للمصلحة الجماعية كضابط أساسي وضروري لاتخاذ القرارات من طرف الأغلبية، فإن هناك ضابط يتمثل في عدم ترك الفرصة لأقلية من المساهمين لشل عمل 
الشركة(الفقرة الأولى)ويتجلى الضابط الثاني في منع الأغلبية من استبدادالأغلبية(الفقرة الثانية). 


الفقرة الأولي: الضابط الأول

يجب عدم ترك الفرصة لأقلية من المساهمين لشل عمل الشركة عن طريق تعطيل صدور القرارات، وقاعدة قانون الأغلبية ذاتها تسمح بتفادي ذلك حيث تصدر القرارات في الجمعية العامة للمساهمين وفقا لأغلبية الأصوات الممثلة في الجمعية العامة، وذلك باستثناءحالات قليلة تطلب فيها القانون بالإجماع.14 
ويترتب على قاعدة سيادة الأغلبية أن الشركة لا يمكن أن تتعطل أعمالها أو تشل حركتها نتيجة إهمال أو سوء نية أو عناد أو تصلب رأي بعض المساهمين الذين يبحثون عن تحقيق مصالح ذاتية أو أنانية أو مجرد الرغبة في إثارة العراقيل وثبات الذات15، فالشركة محكومة بالأغلبية والأقلية تخضع لما تراه الأغلبية، وليس الأقلية سلطة إلزام المجموع أو فرض آراء أو وجهات نظر أو حتى مقاومة القرارات الصادرة عن الأغلبية إلا في الحدود التي حددها القانون ومع ذلك فإنه من المتصور أن يحدث تعسف من جانب الأقلية إذ كثيرا ما تفرض أقلية من الشركاء الموافقة على قرار تتحقق به مصلحة الشركة بشكل واضح، وكان صدور هذا القرار يستلزم تعديل للنظام الأساسي، وهذا التعديل لم يتم لأن أقلية ضئيلة متحكمة حالة دون صدور هذا القرار . 
ولا شك أنه لا يمكن أن يحل القضاء محل الأقلية المتعسفة عن طريق إصدار القرار الذي تريده الأغلبية، لأن إلغاء قرار تعسفي صادر عن الأغلبية يختلف تماما عن رفض الأقلية تأييد قرار ارتأته الأغلبية . 


الفقرة الثانية: الضابط الثاني

لا يجوز للجمعية العامة للمساهمين، نتيجة لما تتمتع به من حقوق وامتيازات وسلطات، أن تسحق الأقلية وتهيمن على مقدرات الشركة، وتعرض مصالحها للخطر، فإذا كان خضوع الأقلية لإرادة الأغلبية ضروريا، فإن سيادة الأغلبية مع ذلك لا يجب أن تتخذ سندا لخدمة أغراض أنانية وشخصية بعيدة أو متعارضة مع مصلحة الشركة[4]، فسيادة الأغلبية لا تعني الطغيان والاستبداد، وإلا دخلت تحت عنوان التعسف. 
ولذلك كان من الضروري إتاحة وسائل للأقلية وكباقي المساهمين للدفاع عن حقوقها حتى يمكن تحقيق نوع من الدفاع والحماية من هذه الانحرافات والقرارات غير البريئة الصادرة . 
عن المجموعات المسيطرة على أمور الشركة بحكم حصولها على غالبية الأصوات فيالجمعيات العامة للمساهمين و من بينها الحق في الإعلام: 
حيث وضع المشرع على كاهل المسيرين مجموعة من الالتزامات من أهمها الالتزام بالإعلام وذلك بهدف تنوير رضا المساهم حتى يتمكن من ممارسة صلاحيته الأساسية وهوعلى معرفة جيدة وكاملة بالعملية محل التصويت، وهذا الإعلام قد يتم إما عن طريق النشر أو الإطلاع أو النشر[5]... 


المطلب الثاني:حدود سلطة الأغلبية. 

يكون الخضوع لإرادة الأغلبية ضروريا في شركة المساهمة إلا أنه في الوقت نفسه يجب أن لا يتخذ هذا الخضوع سندا ضروريا لخدمة أغراض ومصالح شخصية للأغلبية والتي قد تكون متعارضة مع مصلحة الشركة، فلأجل المحافظة على مبدأ المساواة بين المساهمين ظهر مبدأ حماية الأقلية الذي يضمن مصالح الغائبين أو المعارضين لقرارات الأغلبية وأيضا ظهر مبدأ حماية الأقلية من أجل توفير الضمان والأمان لمساهمي الأقلية وطمأنتهم من أن أمور الشركة تدار بالشكل الذي يحقق المصلحة الجماعية لجميع المساهمين في الشركة وأن الذهاب إلى أبعد من ذلك سوف يؤدي إلى عكس الهدف المقصود من الحماية أي أنه سوف يوفر فرصة للأقلية بالتحكم في الأغلبية.[6] 
وتطبيقا لما سبق، وبالرغم من أن الأغلبية هي المخولة قانونا للتكلم والتقرير باسم الجماعة تحقيقا للمصلحة الجماعية وتعبيرا عن الإرادة الجماعية، فإنه وحتى بضمان التزام الأغلبية بالعمل في إطار المصلحة الجماعية، فلا يمكن لهذه الأغلبية تخطي الحدود التي وضعها القانون والتي تحول دون تمكنها من اتخاذ القرار في مسائل رأي المشرع ضرورة توفر الإجماع فيها، كما لا يمكنها مخالفة الهدف الذي سطره قانون الأغلبية في قراراتها . 


الفقرة الأولي:القيود التشريعية على سلطة الأغلبية 

إن من أهم القيود التشريعية التي أوردتها التشريعات على الأغلبية عند اتخاذ قراراتها هي تلك المتعلقة بتعديل القانون الأساسي للشركة، والذي يعتبر الميثاق الأساسي الذي أنشأت الشركة بموجبه، بموافقة كل المساهمين ورضاهم سواء كانوا مؤسسين أو مساهمين لاحقين. ولعل تخصيص تعديل القانون الأساسي لقيود واردة على الأغلبية، يرجع إلى أهمية هذا 
النص والذي يعتبر دستور الشركة وحامي حقوق الشركاء فيها، إضافة إلى أنه يضم المبادئ والأسس التي تقوم وتحيا عليها الشركة[7]. 
ولأن تعديل القانون الأساسي يتم عن طريق القرارات التي تصدر عن الجمعيات العامة غير العادية فإن هذه الجمعيات، أو بالأحرى الأغلبية، وحتى ولو تحرت تحقيق المصلحة الجماعية فهي مقيدة بحدود وضعتها مختلف التشريعات حماية للمساهمين ولمبدأ المساواة بينهم . 
إنه ومهما كانت خبرة مؤسسي الشركة وحنكتهم، فإن ذلك لا يمنع من ظهور الحاجة إلى تعديل النظام الأساسي للشركة في المستقبل نظرا لما يحدث من ظروف تستدعي ذلك . 
ولم يكن القانون الفرنسي قبل 24 جويلية سنة 1867 يتضمن نصا يخول إلى الجمعية العامة غير العادية سلطة تعديل نظلم الشركة، وهو ما أجازته المادة 31 من هذا القانون التي أعطى لها الفقه الفرنسي تفسيرا ضيقا، ومن ثم لم يكن التعديل ممكنا إلا إذا تم ذلك إعمالا لنص في نظام الشركة، أي أنه كان من الواجب وحتى تتمكن الجمعية العامة غير العادية من تعديل نظام الشركة، أن يكون النظام قد تضمن نصا يعطيها هذه السلطة بحيث لو جاء نظام الشركة خاليا من مثل هذا النص لأصبح التعديل غير ممكن إلا بإجماع المساهمين، وبذلك يكون الفقه قد قصر فائدة النص التشريعي على تحديد الأغلبية اللازمة للتعديل . 
ثم جاء تعديل بمقتضى قانون 22 نوفمبر 1913 أعطى الجمعية العامة غير العادية سلطة تعديل النظام في أي جزء منه ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك فيما عدا جنسية الشركة وزيادة التزامات المساهمين حيث لا يجوز إجراء تعديل بشأنها إلا بالإجماع، وجاء قانون 24 جويلية 1966 ليسير في نفس الاتجاه، ومن هنا صار للجمعية العامة غير العادية أن تعدل غرض الشركة أو مدتها بالإطالة أو التقصير، أو اسم الشركة أو مركزها أو رأس مالها بالزيادة أو النقصان وتعديل مجموعات الأسهم أو أسعارها أو إنشاء أسهم ممتازة أو إيراد قيود على تداولها، أو تعديل قواعد توزيع الأرباح والخسائر أو الاحتياطي أو تشكيل هيئات الشركة وكيفية أدائها لوظائفها . 
وإذا كان القيد المتعلق بمنع تغيير جنسية الشركة في القانون الفرنسي، والذي يهدف إلى حماية حقوق المساهمين، كون تغيير جنسية الشركة يعني إفلات الشركة من تطبيق القانون الفرنسي عليها، وعليه فإن إجماع المساهمين فقط هو الذي يمكن من تغيير النظام لأن المساهمين عند تأسيس الشركة، انصرفت إرادتهم إلى تأسيس شركة فرنسية، ومن ثم وجبتوفير حماية لهذه الرغبة20، ولا يجوز تعديل جنسية الشركة ولو بطريقة ملتوية غير مباشرة ،كنقل مقر الشركة.21 
وإضافة لهذا القيد فقد أوردت التشريعات قيودا أخرى يمكن ذكر منها . 
ـعدم جواز زيادة التزامات المساهمين: لا تملك الجمعية العامة غير العادية زيادة التزامات المساهمين، وعدم زيادة التزامات المساهم يعتبر أحد حقوق المساهم الأساسية، لأن عدم زيادة الالتزامات يعبر عن أحد وجوه المسؤولية المحدودة للمساهم في شركات المساهمة، فالمساهم عندما يقرر الاكتتاب في رأس مال الشركة، إنما يقصد أن يفي بمبلغ محدد لا يزيد رغم إرادته ،ومن هنا لا تستطيع أي جمعية عامة غير عادية إجباره على أن يفي بأكثر ما التزم به ما لم تحدث موافقة إجماعية من جانب كل المساهمين، واختلف الفقه في تحديد مفهوم زيادة التزامات المساهمين فذهب جانب إلى إعطاء تفسير واسع لهذا المصطلح فاعتبر كل قرار يترتب عليه تشديد للأعباء زيادة في التزامات المساهمين في حين ذهب جانب آخر إلى عدم الأخذ بهذا التفسير وفصل في هذه المسألة ما بين القرارات التي تصدرها الجمعية العامة، وتؤدي إلى التشديد في أعباء المساهمين فيرى هذا الاتجاه أنه بإمكان هذه الجمعية أن تصدر مثل هذه القرارات، ومن بين القرارات التي تؤدي إلى زيادة في التزامات المساهمين التي لا يجوز للجمعية العامة إصدارها[8]. 
إن غالبية التشريعات تتفق على عدم جواز قيام الجمعية العامة بإصدار قرارات من شأنها أي تؤدي إلى زيادة التزامات المساهمين، كقرار تحول شركة المساهمة إلى شركة تضامنية أو اندماج الشركة مع شركة تضامنية، أو قرار زيادة رأس المال برفع القيمة الاسمية للأسهمعلى اعتبار أن هذا يؤدي إلى زيادة في التزامات المساهمين، الأمر الذي لا تجيزه غالبية التشريعات صراحة.[9] 
إلا أن قسما من التشريعات أجازه صدور هذه القرارات لكنها اشترطت أن تصدر بالإجماع أي أن تحصل الجمعية العامة على موافقة جميع المساهمين في الشركة من دون استثناء لتفادي خرق هذا المبدأ الذي ينص على عدم جواز زيادة التزامات المساهم24، وفي إشارة إلى هذهالقرارات نذكر و على سبيل المثال : قرار زيادة رأس المال برفع القيمة الاسمية للسهم، و قرار تحول شركة المساهمة إلى شركة أشخاص. 
كم أن القانون رقم 95ـ17 يعكس تراجع إمكانية الإتفاق لسلطات الجمعية العامة غير العادية،رغبة منه في تغيب الإدارة الجماعية التي تعبر عنها هذه الجمعية ،على حساب الإدارة الفردية للمساهمين التي تعرضت لإنعكاسات قوية[10]،مكرسا بدلك فكرة تراجع المفهوم التعاقدي لشركة المساهمة لتصبح الحقوق الأساسية من جراء ذلك خاضعة لما تقتضيه المصلحة الجماعية[11]. 


الفقرة الثانية:القيود الفقهية والقضائية على سلطة الأغلبية 

أعطى المشرع الجمعية العامة غير العادية سلطات واسعة تستطيع بمقتضاها تعديل نظام الشركة، إلا في حالات محددة واردة على سبيل الحصر، ومن ثم فإن حماية الأقلية تمثلت في هذه الحالات الإستثنائية و إزاء اتساع سلطات الجمعية العامة غير العادية ، ومن بين القيود القضائية نجد التدخل القضائي في مداولات الأغلبية، حيت منح المشرع لمساهمي الأقلية إمكانية فحص ومراقبة القرارات الصادرة عن الأغلبية داخل الشركة كوسيلة لحماية حقوقها وحماية المصلحة العامة للشركة ،وذلك عن طريق اللجوء إلي القضاء لإبطال القرارات التعسفية التي اتخدتها الأغلبية خلال مداولاتها، ومن تم فإن بطلان هذه القرارات يترتب عنه بطلان المداولات التي أتخذت فيها هذه القرارات ،باستقراء المادتين 337 و 342 ممن قانون 17 ت97 المتعلق بشركة المساهمة المعدل بموجب القانون 05ـ20نجدهما قد منحتا الحق للمساهمين المتضررين من القرارات المتخذة على مستوي مداولات الجمعية العمومية [12] ،وقد التجأ الفقه والقضاء إلى ابتداع مجموعة من النظريات للحد من التعسف الذي قد يصدر عن الأغلبية عند مباشرتها لسلطاتها الكبيرة . 
ولم تظهر هذه النظريات والمبادئ التي وضعها الفقه والقضاء معا، بل ويصعب إجراء تنسيق بينها من حيث تاريخ صدورها، وفضلا عن ذلك لم يكن هناك معيار محل إجماع من الفقه والقضاء، ومن ثم لم يكن ممكنا التعرف على مذهب القضاء بوضوح، بل كثيرا ما يكون هناك شعور بأن القاضي يأخذ بأكثر من نظرية في نفس الوقت . 
ويمكن أن تقسم هذه النظريات إلى نظريات موضوعية أو شخصية، ويقصد من وصفنظرية معينة بأنها موضوعية عندما يتم تقدير التعسف بطريقة مجردة بمجرد النظر إلى القرار الصادر عن الأغلبية دون نظر إلى البواعث التي أدت إلى إصداره، وعلى العكس من ذلك ،فإن النظريات الشخصية هي التي يتعين على القضاء بمقتضاها البحث عن دوافع ونوايا الأغلبية، إذ القرار لا يوصف بالتعسف إلا متى استهدف مصدره تحقيق مصالح شخصية، والنظريات الموضوعية والشخصية يمكن تأسيس البعض منها على الاعتبارات التعاقدية . 
ويدخل في النظريات الموضوعية نظرية المفهوم التعاقدي لشركة ، ونظرية الحقوق الأساسية للمساهم، ويدخل في إعداد النظريات الشخصية نظرية التمييز بين الشروط الجوهريةوالشروط الثانوية في عقد الشركة l، ونظرية التعسف في استعمال الحق i ونظرية تعدي حدود السلطة، ونظرية حسن النية . 

الخاتمة : 
تأسيسا لما سبق ذكره في هذا العرض ، ونظرا لخصوصية هذا الموضوع، فقد حاولنا البحث عن ماهية الأغلبية في شركة المساهمة ، والبحث كذلك على مدى تعبير قانون الأغلبية عن الإرادة الجماعية للمساهمين ، الأمر الذي يستلزم الحديث عن ضوابط تطبيق قانون الأغلبية في شركة المساهمة ، و عن حدود سلطة الأغلبية في شركة المساهمة. 
وفي نفس السياق ، يتبين لنا أن المشرع المغربي من خلال قانون 17.95 المتعلق بشركة المساهمة، قد حاول تنظيم سلطة الأغلبية بما يتلاءم مع قواعد الحكامة الجيدة ، من خلال الحق في التصويت باعتباره الوسيلة الوحيدة لتسيير شؤون الشركة ، هذا التصويت أخضعه المشرع لمقتضيات محكمة هدفها ضمان ممارسته بالشكل الصحيح، ومن جهة ثانية من خلال وفرة القواعد والإجراءات التي وضعت لضمان حسن تطبيق قانون الأغلبية والتي تسعى لتمكين الأغلبية من ممارسة سلطتها . غير أنه من جهة ثالثة ، يظهر أنه في الواقع يوجد العكس إذ كثيرا ما تعمل الأغلبية خلال الجموع العامة على اتخاذ قرارات لا تخالف النصوص القانونية ، إلا أنها تخالف المصلحة الاجتماعية للشركة أو على الأقل تخالف مصلحة الأقلية، كعدم توزيع الأرباح الذي قد يتضمن إجحــافا للأقلية. الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل، 
حول مصير القرارات المتخذة من طرف الأغلبية دون الاهتمام بمصلحة باقي المساهمين ومصلحة الشركة عموما؟ 
__________________________
الهوامش :
[1] عبد الوهاب المريني ،سلطة الأغلبية في شركة المساهمة التشريع المغربي ، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص ،كلية الحقوق الرباط، ص 209 
[2] عبد الوهاب المريني ،مرجع سابق ،ص 213 
[3] عبد الوهاب المريني ،مرجع سابق ،ص 213 
[4] .عبد الوهاب المريني ،سلطة الغلبية في شركة المساهمةفي التشريع المغربي م.س،ص309 
[5] أمنية غميزة ، الشروط، الأساسية لحسن تطبيق قانون الأغلبية دخل شركة المساهمة،مقال منشور بمجلة قانون الأعمال عدد43 
[6] عبد الفضيل محمد أحمد، حماية الأقلية من القرارات التعسفية الصادرة عن الجمعيات العامة للمساهمين، ص 191. 
[7] عبد الوهاب المريني سلطة الأغلبية في شركة المساهمة، م س،ص338 
[8] عبد الوهاب المريني ،م س ص 400 
[9] أنظر مثلا المادة 68/أ من قانون الشركات المصري . 
[10] أحمد شكري السباعي،الوسيط في الشركات التجارية، الجزء الأول ،طبعة 2003،ص58 
[11] عزيز اطوبان،حماية الحقوق الأساسية للمساهمين في شركة المساهمة في القانون المغربي،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،كلية الحقوق الرباطـ أكدال سنة 2004ـ 2005 . 
[12] دور القضاء في حماية مساهمي الأقلية داخل شركة المساهمة، طارق البختي باحت بكلية الحقوق ، السويسي الرباط،ص143
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -