مجال التجريم و العقاب

عرض بعنوان: مجال التجريم و العقاب في النظام الجنائي الإسلامي PDF

مجال التجريم و العقاب في النظام الجنائي الإسلامي PDF
مقدمة : 
إن غاية الوجود والخلق تنحصر في عبادة الله يقول سبحانه و تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"[1] ، ومن أجل تحقيق هذه الغاية الجليلة بعث الله الرسل و الأنبياء ، فكان محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم خاتم خاتم الأنبياء الذي أنزل عليه القر ن " وما كان محمدا أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله و خاتم الأنبياء"[2].
وبذلك كانت شريعة الله الإسلام دين الهدى الذي ارتضاه الله لعبادته و لتنظيم علاقة الناس بعضهم ببعض تحقيقا لمصالح و درء للمفاسد عنهم في الدنيا و الآخرة مصدقا لقول الله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم، و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا"[3].
فمن أجل إقامة مجتمع مستقر تحفظ فيه تلك المصالح وتدرأ فيه المفاسد، جاءت الشريعة الإسلامية بكليات لحفظ الدين و النفس و العقل و النسل والمال و(العرض) التي تتأسس على ركي تين أول ما الحفظ من جانب الوجود و ثاني ما الحفظ من جانب العدم[4].
وقد اجتهد فقهاء الإسلام في فهم وفقه الشريعة الإسلامية فقسموا أحكامها إلى ثلاثة أقسام تتجلى في فقه العبادات ( العلاقة بين العباد و الله سبحانه وتعالى من صلاة و زكاة وحج ...( و فقه المعاملات ) بيع، إجارة، زواج، طلاق...)، بالإضافة إلى فقه الجنايات[5].
موضوع عرضنا ينحصر في جزء من فقه الجنايات الذي يتمحور بدوره في الحدود و القصاص و التعازير كجرائم عقوباتها.

الإطار المفاهيمي
إن دراستنا لفقه الجنايات في شقه المتعلق بمجال التجريم و العقاب في النظام الجنائي الإسلامي يقتضي توضيح و شرح لأهم المفاهيم المستعملة من طرف الفقهاء في هذا الموضوع و هي كالتالي :
الجريمة ، العقوبة (الجزاء ، جمع أجزية)، الحدود، القصاص، التعازير
أولا : الجريمة
+ لغة : من فعل جرم ، و نقول جرم الرجل : أذنب و جاء في لسان العرب : " جرم : " الجرم : القطع ... شجرة جريمة : مقطوعة "[6]
ومن قول الله سبحانه و تعالى :" لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا "7
+ اصطلاحا : قال الدكتور عبد القادر عودة في تعريفه للجريمة : " الجريمة إذن هي إتيان فعل معاقب على فعله، أو ترك فعل محرم
الترك معاقب على تركه، أو هي فعل أو ترك نصت ما الشريعة على تحريمه والعقاب عليه"[7]
و الفقهاء لا يميزون بين لفظ الجريمة و الجناية، وبذلك يكون لفظ الجناية عند الفقهاء هو نفسه إذ لا يفرقون بينهما إلا قليل منهم9.
ثانيا : العقوبة
+ لغة : من فعل عقب و عاقب (عقبى/ عاقبة/ عقاب( ومعنى كل ذلك الجزاء على الفعل أو الترك)[8].
+ اصطلاحا : العقوبة هي الجزاء الذي يحصل عليه مقابل فعل مأمور به شرعا أو ترك منهي عن اتيانه [9].
ثالثا : الحدود
+ لغة : الحدود جمع حد و الحد في الأصل : الشيء الحاج بين شيئين و يقال : ما يميز الشيء عن غيره
و‌ في اللغة بمعنى المنع و قال ابن منظور : " حدود الله تعالى : الأشياء التي بين تحريمها و تحليلها ..."[10]
+ اصطلاحا : سميت عقوبات المعاصي حدودا لأنها في الغالب تمنع العاصي من العود إلى تلك المعصية التي حد لأجلها ويطلق الحد
على نفس المعصية منه و‌ الحد في الشرع عقوبة لأجل الله . فيخرج التعزير لعدم تقديره إذ أن تقديره مفوض لرأي الحاكم و يخرج
القصاص لأنه حق الأدمي [11].
رابعا : القصاص
+ لغة : فعل قص بمعنى اتباع الأثر 
قال ابن منظور في لسان العرب : " القصاص و القصاصاء: القود و هو القتل بالقتل أو الجرح بالجرح . و التقاص : التناصف في القصاص ..."[12]
+ اصطلاحا : إن المعنى الاصطلاحي الفقهي لا يبتعد عن المعنى اللغوأ قال الله تعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب "[13]
فالقصاص هو التناصف و المماثلة بين فعل و جزاء الجاني[14] و معنى ذلك أن تطبيق قاعدة " السن بالسن و العين بالعين" و هو الجزاء من جنس العمل .
خامسا : التعزير
+ لغة : هو التأديب وقد يرد بمعنى التعظيخ لقول الله تعالى : " وتعزروه وتوقروه"[15] حديثا عن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم.
التعزير هو الضرب دون الحد لمنع الجاني من تكرار الفعل و العودة إليه [16]
+ اصطلاحا : جرائم التعازير هي الجرائم التي لم يحدد عقاب ا بنص وترك الأمر لاجتهاد القاضي (الحاكخ) في تحديد هذه العقوبة وقد تكون غير منصوص عليها و أنها اقتضتها المصلحة [17] وقد ينص الشرع على تحديد العقوبة التعزيرية . كقول الله تعالى: " و اللاتي تخافون نشوزهن فعضوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن..."[18]
 أهمية الموضوع
+ الدينية : إن موضوع مجال التجريخ و العقاب في النظاخ الجنائي الإسلامي يكتسي أهمية سيستمدها من أهمية الشريعة الإسلامية في حياة الأفراد والأمم، بالنسبة للأفراد فمعرفة وفهم وفقه الحدود والقصاص و التعازير في باب من أبواب تجنب إتيانها. و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلخ: } من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين{[19] أما بالنسبة للأمة فدراسة هذا الموضوع من شأنه أن يكون حافها على الأخذ بأحكاخ الشريعة الإسلامية للحد من الجرائم مع شرط توفير البيئة المناسبة لهذه الأحكام.
+ الاجتماعية :لهذا الموضوع أهمية اجتماعية تتجلى في حماية المجتمع من الجريمة وحفظ الضروريات الخمس الدين و النفس، العقل، المال ، (العرض) والنسل.
+    الاقتصادية : بالنسبة للأهمية الاقتصادية فقد جاءت الشريعة الاسلامية لحماية ضرورة من الضروريات الخمس ألا وهي حفظ المال من مجموعة من الاعتداءات كالسرقة مثلا .
و بذلك سن الله عقوبات زاجرة لمنع من هذه الاعتداءات الواقعة على ممتلكات الغير و حقوقه وذلك ضمانا للأمن و الاستقرار .
الإشكال :
 و يطرح هذا الموضوع الإشكال الرئيسي التالي :
ما مجال التجريم و العقاب في النظام الجنائي الاسلامي ؟
و تتفرع عن هذا الإشكال مجموعة من الإشكالات :
- ما المقصود بالحدود ؟ و ما أنواعها ؟
- ما معنى القصاص و التعازير ؟ و ما أنواعها ؟
المنهج المتبع :
نظرا لأهمية هذا الموضوع فقد ارتأينا الاعتماد على المنهج التحليلي الاستقرائي وذلك من خلال استقراء و تحليل بعض الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة و الآراء الفقهية لتحديد مجال التجريم و العقاب في النظاخ الجنائي الاسلامي .

الفرع الأول: جرائم الحدود في النظام الجنائي
الفرع الثاني: جرائم القضاض و جرائم التعازير

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -