مقال بعنوان: اللجان الضريبية

اللجان الضريبية
مقدمة
تعتبر المرحلة الإدارية للطعون الضريبية من أيسر الطرق وأسرعها لحل المنازعات في مراحلها الأولى، ولتحقيق العدالة بطريقة أقل تكلفة، والتقليل من عدد القضايا الممكن عرضها على القضاء.
من هذا المنطلق، أحدث المشرع المغربي اللجان الضريبية للبت في النزاعات الجبائية التي تستمر بين الملزم والإدارة بسبب عدم الإتفاق حول ما اَلت إليه مسطرة تصحيح الأساس الضريبي التي تحصل في موضوع الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل.
والحكمة من هذا الطعن الأولي الوجوبي هي: بلا شك رغبة المشرع في حل المنازعات الجبائية بطريقة سريعة، ولكي تتمكن الإدارة من إعادة النظر في إعادة قراراتها، تمارس رقابة ذاتية على أعمالها، هذا من جهة , و من جهة أخرى تخفيف العبء على القضاء الاداري وذلك من أجل تكريس حقوق المكلف.[1]
حيث إنه من المبادئ الهامة التي كرسها المشرع المغربي منذ الإصلاح الضريبي أن الإدارة الجبائية ملزمة بالتقييد بالأساس الضريبي الذي صرح به الملزم.
ولا يجوز لها أن تعتمد أساسا جديدا لمراجعة الضريبة او إعادة تقويم وعائها الا بعد موافقة الملزم على ذلك التصحيح الضريبي واذا لم يوافق هذا الأخير فمن حقه أن يطعن في الأساس الذي إعتمدته الإدارة الجبائية جراء التصحيح، وفي أي اجراء مناف للقواعد المسطرية المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بتصحيح الأساس الضريبي.
ويعتبر حق الطعن المتمثل في فتح باب الطعن أو المنازعة في الأسس المصححة من قبل الادارة أمام اللجان الضريبية من أهم ضمانات المشرع لفائدة الملزم، وذلك حرصا منه على تحقيق التوازن المنشود بين حقوق الملزم وسلطة الإدارة وانهاء المنازعات في مراحلها الأولى، ونظام اللجان يعرف درجتين: اللجنة المحلية لتقدير الضريبة كدرجة أولى تنظر في طعون الملزم ثم اللجنة الوطنية للطعون الضريبية كدرجة استئنافية تنظر في طعون الادارة والملزم[2].
وتتجلى أهمية الموضوع في معرفة الدور المحوري لعمل اللجان الضريبية من خلال البت في المنازعات التي تعرض عليها أما من طرف الخاضع او الإدارة بحسب الأحوال في المنازعات المتعلقة بتقويم الأساس، بالنسبة للضريبة العامة على الدخل والضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة، سواء أكان هذا الأساس ناتجا عن إقرار الخاضع للضريبة أم تم فرضه بصورة تلقائية.
فما هي إذا هيكلة و الاختصاصات والإجراءات المسطرية المتبعة أمام هذه اللجان الضريبية؟
لمعالجة هذا الموضوع المتعلق بالمنازعة أمام اللجان الضريبية ارتأينا اتباع الخطة التالية:
التصميم المقترح 

المبحث الأول : الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة
المطلب الأول:هيكلة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة و إختصاصاتها
الفقرة الأولى : هيكلة اللجنة المحلية
الفقرة الثانية : إختصاصات اللجنة المحلية
المطلب الثاني:إجراءات الطعن أمام اللجنة المحلية و آثاره.
الفقرة الأولى :مسطرة الطعن أمام اللجنة المحلية.
الفقرة الثانية :آثار الطعن أمام اللجنة المحلية.
المبحث الثاني :الطعن أمام اللجنة الوطنية لتقدير الضريبة.
المطلب الأول: هيكلة اللجنة الوطنية للضريبة و إختصاصاتها.
الفقرة الأولى: هيكلة اللجنة الوطنية لتقدير الضريبة.
الفقرة الثانية: إختصاصات اللجنة الوطنية.
المطلب الثاني:إجراءات و آثار الطعن أمام اللجنة الوطنية.
الفقرة الأولى: مسطرة الطعن أمام اللجنة الوطنية
الفقرة الثانية: سيرورة عمل اللجنة الوطنية للبث في الطعون الضريبية و آثار الطعن أمامها.
أولا: الإجراءات السابقة عن انعقاد اللجان الفرعية
ثانيا: عند انعقاد اللجان الفرعية
ثالثا: مقررات اللجان الفرعية 



المبحث الأول : الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة 

المطلب الأول:هيكلة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة و إختصاصاتها 

الفقرة الأولي : تشكيل اللجنة المحلية لتقدير الضريبة 

حاول المشرع الضريبي من خلال اللجان المحلية لتقدير الضريبة ضمان تمثيلية للملزمين كصوت معادل لصوت الإدارة الضريبية في هذه اللجان وضمان حياد هذه اللجان بمناسبة نظرها في النزاع الضريبي.
وباستقراء المادة 225 من المدونة العامة للضرائب يتضح أن هذه اللجان تتكون من تمثيلية عادية وهي مؤلفة من :
- قاضي بصفته رئيسا ؛
- ممثلا لعامل العمالة أو للإقليم ؛
- رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله ككاتب مقرر ؛
- ممثل الخاضعين للضريبة يكون تابعا للفرع المهني للأكثر تمثيلا للنشاط الذي يزاوله الطالب .
فبالنظر لتشكيلة هذه اللجان، للملزم ضمانتين هامتين تحصنه من سيطرة الإدارة و تتمثل بإسناد رئاستها للمؤسسة القضائية المستقلة، والضمانة الثانية لفائدة الملزم تتمثل في تمثيله أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة عبر الفرع المهني الأكثر تمثيلا، يعني ضمان مشاركة الملزم في صنع القرار الضريبي، لكن على ما يبدو أن ما أعطاه المشرع باليد اليمنى سرعان ما سحبه باليد اليسرى.
فضمانة تمثيل الملزم من طرف المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا تم إفراغها من محتواها على إعتبار أن ممثلين الملزمين يعينون من طرف عامل العمالة أو الإقليم لمدة 3 سنوات من بين الأشخاص المدرجين في القوائم التي تقيمها المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا مما جعل إستقلالية اللجان المحلية على المحك.
فحبذا لو تم إعتماد تقنية للإنتخاب بدل التعيين وذلك لضمان تمثلية حقيقية للملزم بدل هذه التمثيلية المقنعة.
ولا ينبغي أن نفهم هذا كما يذهب البعض إلى أن ممثل الملزم يقوم بدور المحامي عنه وممثل للإدارة يدافع عن الإدارة، فوجود ممثلين عن الطرفين هو فقط لضمان عدالة مسطريه ولكون ممثل الملزم على معرفة واضطلاع بخبايا وأعراف المهنة.
أما التشكيلة الاستثنائية، فوجه الاستثناء فيها يعود للظروف التي تحول دون انتداب ممثلين الملزمين الجدد بعد انتهاء مهام الممثلين المنتهية ولايتهم وللأعضاء المكونين لها فيكون أمام الملزم والحالة هذه خيارين :
- إما تقديم طلب لرئيس اللجنة يلتمس فيه المثول أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ولكن مؤلفة فقط من الرئيس، عامل العمالة أو الإقليم ورئيس المصلحة المحلية للضرائب، أو عرض النزاع على اللجنة الوطنية بمبادرة من الإدارة الضريبية بعد انصرام أجل 30 يوما دون تقديم الملزم لطلب المثول أمام اللجنة المحلية مع إشعار الملزم داخل أجل لا يتعدى 10 أيام .
ويتضح مما سبق أن الملزم مخير بين المثول أمام اللجنة المحلية مجردا من ضمانة تمثيلية أمامها أو تجاوزها والتوجه للجنة الوطنية، علما بأن الملزم لا يد له في تعيين العضو الممثل له وإذا ما تقاعست الغرف أو الهيئات المهنية عن القيام بواجبها .
ومرد هذا المشكل بطريقة التعيين التي يجب التخلي عنها لفائدة الانتخاب لضمان توفير جسر من التواصل بين الممثل والممثل.
وتبث اللجان المحلية لتقدير الضريبة في النزاع المحال عليها وهي متركبة من 3 أعضاء على الأقل بمن فيهم الرئيس وممثل الخاضع للضريبة .
وتتخذ مقررها بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، فإن تعادلت رجح الجانب الذي يوجد فيه الرئيس وذلك بدعوة من رئيسها للاجتماع إضافة إلى أنه يجب أن تكون مقررات اللجنة المحلية معللة، وثبت في النزاع وهي متقيدة بمساحة زمنية لا تتجاوز 24 شهرا حتى إذا لم تبت داخل الأجل المذكور آنفا أشعر المفتش الضريبي الملزم بإمكانية تقديم طعنه أمام اللجنة الوطنية داخل أجل 60 يوما تحت طائلة فرض الأسس المعتمدة في الرسالة الثانية.

الفقرة الثانية : اختصاص اللجنة المحلية لتقدير الضريبة 

إن شرعية و صحة التصحيحات يتطلب موافقة الخاضع للضريبة عليها في إطار تواجهية تجعل من الإدارة ملزمة علي حوار إجباري معه، وإذا لم يسفر هذا الحوار علي توافق فإن المسطرة تتواصل بعرض النزاع علي اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، بعد طلب الملزم الصريح بذالك، هذا الطلب يجب أن يتم كتابة داخل الأجل القانوني 30 يوما،وأن يتضمن رفضا صريحا لمقترحات التصحيح و أن يطلب فيه عرض النزاع علي اللجنة المحلية و أن يكون موقعا [3].
إلا أن عرض النزاع علي اللجنة المحلية لا يعني الحصول علي حل مضمون للنزاع،لذلك سنحاول معرفة إختصاص هذه اللجنة محليا و نوعيا :
على مستوى الإختصاص فاللجان المحلية مقيدة في إطاره نوعيا ومكانيا وقيميا.
فمن حيث إختصاصها النوعي فتدخل اللجان لا يشمل كل النزاعات بين الإدارة والملزم فالإدارة لا تتدخل إلا عند الإخلال بمسطرة التصحيح التواجهية مما يعني مخالفته أنه لا يحق لها التدخل بعد انتهاء المواجهة أو خلال مسطرة الفرض التلقائي للضريبة.
كما أنها مختصة بالنظر في حدود ما طلب منها أي تنظر في الأسس المقترحة لا غير كما أنها ملزمة بالنظر في المسائل الواقعية دون القانونية.
ولا يجوز إعلان عدم اختصاص اللجنة من طرف الإدارة بل يعلن من طرف اللجنة كما يذهب إلى ذلك المادة 225 و الاجتهاد القضائي، حيث أعلنت إدارية الرباط بأن اللجنة العلمية هي وحدها المختصة بالنظر في مدى اختصاصها وليس للإدارة حق الرقابة عليها في هذا الباب .
أما الاختصاص الترابي فلا تنظر اللجنة إلا في النزاعات بين للإدارة والملزم الكائن مقرها الرئيس أو سكناهم المعتادة في دائرة نفوذ اللجنة أما الاختصاص القيمي فاللجان المحلية تعتبر قراراتها نهائية مادامت تقل أو تساوي عن 50.000 درهم برسم القضايا المتعلقة بالضريبية على الدخل والأرباح العقارية وبواجبات التسجيل ولا يبقى أمام الملزم إلى طرق أبواب القضاء الإداري للطعن في مقررات هذه اللجان.

المطلب الثاني:إجراءات الطعن أمام اللجنة المحلية و آثاره: 

حدد المشرع الضريبي مجموعة من الإجراءات المسطرية أثناء الطعن أمام اللجنة المحلية، كما رتب مجموعة من الاثار على هذه المسطرة، وهذا ما سنقف عليه في الفقرتين التاليتين:

الفقرة الألى: مسطرة الطعن أمام اللجنة المحلية: 

بمقتضى المادة 220 من المدونة العامة للضرائب، خول المشرع للملزم في حالة عدم حصول إتفاق مع الإدارة الضريبية حول الأساس الضريبي إثر عملية المراقبة طبقا للمسطرة العادية لتصحيح الأساس الضريبي أن يقدم طعنا في التصحيحات المقترحة من طرف المفتش الى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة داخل أجل ثلاثين يوما التالي لتاريخ تسلم رسالة التبليغ الثانية.[4]
تضمن المنازعة أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة للملزمين إشراكا فعليا في مسطرة التصحيح الضريبي ، من خلال تمثيلية وجوبيته من حيث المبدأ- لا يجوز حرمانه منها بالإضافة إلى إسناد رئاسة هذه اللجنة إلى قاض للبث في المنازعة الضريبية في هذا المستوى انطلاقا من وجود قناعة حقيقية تنبع من دراسة جميع نقط الخلاف والاطلاع على حجج الطرفين ، والاستماع إلى كل منهما مع ترجيح موقفه عند الاقتضاء ، من خلال مسطرة خاصة ومضبوطة تبدأ بتسليم مفتش إدارة الضرائب باعتباره كاتبا مقررا للجنة المحلية لتقدير الضريبة عريضة الطعن المقدمة من قبل الملزم التي يحيلها على الجنة لتبدأ عملها بإعداد تقرير من طرف المفتش ذاته، ثم تنعقد جلستها وفي الاخير يتم اتخاذ القرار المناسب في النزاع.
حينما تنتهي المسطرة التواجهية بين الادارة الضريبية والملزم ، يطلب هذا الاخير الاحتكام الى اللجان المحلية لتقدير الضريبة في نقط الخلاف العالقة بينهما، بتقديم مطالباته في شكل عرائض، هذا الطلب ينبغي ان يوجه في شكل كتابي الى مفتش الضرائب الذي يوجد الملزم في دائرة نفوذه الترابي، وأن يكون متضمنا لكافة البيانات وجميع الوسائل الأساسية التي تمكن الملزم من تدعيم موقفه لدى اللجنة عند اجتماعها وقبل ذلك يقوم الكاتب بأمر من رئيس هذه الأخيرة بتوجه استدعاء لجميع الاعضاء بواسطة رسالة مضمونة مع الاشعارات بالتوصل، ويرفق بالاستدعاء جدول بمجموع القضايا التي ستبث فيها اللجنة ونسخ للتقارير المتعلقة بهذه النزاعات التي يقوم بها مفتش الضرائب بإعدادها قبل الاجتماع، والتي تتضمن مقترحات الادارة الضريبية والملزمة، ومختلف نقاط الخلاف وكل المعلومات التي من شأنيها تساعد اللجنة أن تساعد الجنة على اتخاذ موقف معين. [5]
وعند تسلم المفتش الفاحص المطالبات المذكورة بعد تقريرا مفصلا يتكون من خانتين، خانة يستعرض فيها موقف الادارة واسباب قيامها بالتصحيح سواء على المستوى القانوني أو الواقعي، أما الخانة الثانية فيلخص فيها مواقف المقاولة الطاعنة من خلال أجوبتها على الرسالتين التبليغيتين، وينجز هذا التقرير في خمسة نسخ موقعه ويسلمها للموظف الذي يتولى secrétaire rapporteur مهمة
مقرر داخل اللجنة والذي يمكن أن يضيف معلومات من شانها التعريف بالمقاولة ونشاطها وشكلها القانون، بعد ذلك تجتمع اللجنة بمبادرة من رئيسها وفق للبرنامج المسطر فتوجه الإستدعاءات عن طريق مقرر اللجنة الى كافة أعضائها وخاصة الملزم حيث يكون على علم بإجتماعها لإعداد دفاعه وتحضير وثائق محاسبية أو ثبوتية إضافية تتعلق بموضوع النزاع، أما المفتش المحقق فيستدعي شفويا من مقرر اللجنة الذي يعمل معه في نفس المصلحة وكذلك الأمر بالنسبة لبافي اعضاء اللجنة.[6]
وتنعقد جلسات اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بحضور كافة أعضائها الرسميين، لكن يمكنها ان تبت في القضايا المعروضة أمامها، اذا حضرها ثلاثة على الأقل من بينهم الرئيس وممثل الخاضعين للضريبة كما أن مداولات اللجنة تكون صحيحة في الإجتماع الثاني بشرط حضور الرئيس وعضوين أخرين لمواجهة حالة الغياب المكررة لبعض ممثلي الملزمين.[7]
ولا يشد على هذه القاعدة إلا استثناء واحد، ويتمثل في امكانية بث اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المنازعة في غياب ممثل الملزمين خاصة في الحالة التي يتأخر فيها تعيينه، إذا قبل الملزم بأن تنظر هذه اللجنة في تظلمه دون حضور ممثله.[8] وعند إفتتاح الجلسة تستمع اللجنة إلى الطرفين كل على حدة أو هما معا، إما بطلب من أحدهما أو إذا إرتأت اللجنة بأن المواجهة ضرورية ، و لكن الواقع العملي والذي صارت عليه اللجنة إقتضى أن يكون الإستماع للطرفين معا مع طرح أسئلة وطلب ايضاحات منهما سواء من طرف الرئيس أو باقي الاعضاء.[9] وبعد الاستماع لمختلف الاطراف تأتي مرحة التداول التي يتحتم معها مغادرة الحاضرين للقاعة بمن فيهم الخبراء ولا يدخلها سوى من لهم حق التصويت، وهم الرئيس، ممثل الادارة الضريبية، ممثل الملزمين، وممثل المعامل، وتعتبر المداولة قانونية إذا حضرها على الأقل ثلاثة من أعضائها من بينهم الرئيس وممثل الملزمين، وتتخذ اللجنة مقرراتها بأغلبية الاصوات التداولية، وفي حالة التساوي يرجح جانب الرئيس. 6 م 225 ، وقد أصبحت شرعية مقررات اللجنة مقيدة بشرطين يشكلان في الحقيقة إضافة هامة للحماية التي يتمتع بها الملزمين في هذه المرحلة من النزاع الضريبي ويتعلق الامر ب : .[10]
- تحديد أجل 24 شهر لإبداء اللجنة المحلية لتقدير الضريبة مقررها، يبتدئ احتساب هذا الأجل من تاريخ تقديم الملزم الطعن اليها.
-إلزامية تعليل مقرراتها: إسوة بما عليه الحال بالنسبة لمقررات اللجنة الوطنية ومفصلا لتتضمن مختلف التصحيحات سواء قبلتها أو التي عدلتها أو التي رفضتها من حيث الواقع أو القانون.
ويبلغ مقرر اللجنة للملزم في العنوان المدلى به من طرفه في التصريحات والمراسلة مع الإدارة، مرفقة برسالة تتضمن جدولا يحدد الأساس الجديد مع تنبيه الملزم الى أنه يتوفر على أجل ستين يوما من تاريخ توصله بالمقرر المذكور ولممارسة حقه في الطعن أمام اللجنة الوطنية للطعون الضريبية، وللإدارة نفس الحق داخل نفس الأجل.
أما اذا كان لم يقدم الملزم المعني بالأمر طعنا أمام اللجنة الوطنية أو تهاون في ذلك ونفذ الأجل القانوني ( وهو ستون يوما من تاريخ تبليغ مقرر اللجنة المحلية)، فان ذلك يعتبر بمثابة قبول ضمني لمقرر اللجنة المحلية، وبالتالي تقوم الإدارة الجبائية بفرض الضريبة إنطلاقا مما تضمنه مقرر اللجنة من تصحيحات، ويستوي في ذلك أن تكون هذه التصحيحات المتعلقة بمسائل واقعية تدخل في إختصاص اللجنة المحلية أو بمسائل قانونية دفعت فيها اللجنة بعدم الإختصاص.[11]
وفي الجهة المقابلة تحتفظ الادارة الضريبية هي ايضا بحقها في الطعن في المقرر الصادر عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، داخل نفس الاجل الذي خوله المشرع الضريبي للملزم، وذلك امام اللجة الوطنية للطعون الضريبية فيما يتعلق بالمسائل التالية:
.- الجزء المتعلق بالتصحيحات التي تم رفضها من طرف اللجنة المحلية لتقدير الضريبة لسبب من الأسباب.
.- الجزء المتعلق بالتصحيحات التي ترى فيها الادارة الضريبية انها تتعلق بمسائل قانونية، وفصلت فيها اللجنة المحلية لتقدير الضريبة.[12]
وخلاصة القول فان مقررات اللجنة غلبا ما تكون موضع طعن سواء من طرف الادارة اذا انخفض الاساس الضريبي الذي حددته اللجنة على الأساس الذي إعتمدته الادارة بصورة جد محسوسة، و إذا تجاوزت اللجنة لإختصاصاتها وتبت في مسائل تتعلق بتفسير القانون، أو من طرف الملزم اذا لم تستجب اللجنة لمجمل طلباته أو من أجل المماطلة وتأجيل دفع الدين الضريبي الناتج عن الأساس الجديد. [13] و عموما فإن مقررات اللجنة المحلية تكون نهائية في القضايا المتعلقة بالضريبة على الدخل برسم الأرباح العقارية و بواجبات التسجيل , إذا كان مبلغ الواجبات الأصلية المترتبة عليها يقل أو يساوي مبلغ خمسين ألف درهم.
وفيما يلي بيانا مختصرا حول شروط الطعن امام اللجان المحلية لتقدير الضريبة:
- شرط الأجل: والذي يتحدد في ثلاثين يوما التالية لتاريخ تسلم رسالة التبليغ الثانية والمنصوص عليه في إطار مسطرة التصحيح العادية أو السريعة.
- شرط الكتابة: أن تكون عريضة الطعن المقدمة من طرف الملزم كتابة، يعبر من خلالها عن إرادته الصريحة بشكل لا لبس فيه الرد على ملاحظات مفتش الإدارة الضريبية .
- شرط التعليل: أي أن تكون عريضة الطعن معللة.
- شرط التوقيع: أي تكون عريضة الطعن موقعة من طرف الملزم أو من ينوب عنه.
- شرط الاحالة: أي أن تحيل الإدارة الضريبية الملف الجبائي للملزم داخل أجل اربعة أشهر.

الفقرة الثانية: اَثار الطعن امام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة 

رفع الطعن امام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة يترتب عنه أثرين أساسيين،
الأثر الاول: هو وقف أمد التقادم من تاريخ رفع الطعن الى غاية إنصرام الشهر الثالث الموالي لتاريخ تبليغ المقرر الصادر بصورة نهائية عن اللجنة المذكورة أو عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة حيث نص البند السادس من المادة 232 من المدونة العامة للضرائب على ما يلي: يوقف التقادم طوال الفترة الممتدة من تاريخ تقديم الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة الى غاية انصرام أجل الثلاثة اشهر الموالي لتاريخ تبليغ المقرر الصادر بصورة نهائية إما عن اللجنة المذكورة وإما عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة.
إلا أنه ما يلاحظ هو غموض هذه الصياغة، بحيث أن المقرر الذي تصدره اللجنة المحلية لا يصبح نهائيا إلا بعد تبليغه الى الخاضع للضريبة وعدم الطعن فيه داخل أجل ستون يوما من تاريخ التوصل.
اما الأثر الثاني: المترتب على رفع الطعن الى اللجنة المحلية فهو إعتبار النزاع مستمرا وعدم إفضاء المسطرة التواجهية إلى حل رضائي بين الملزم والإدارة، وطالما أن الطرفين لم يتوصلا إلى إبرام صلح أثناء نظر اللجنة المحلية في النزاع، فإن هذه الاخيرة تصدر مقررها الذي يقبل الطعن داخل أجل ستين يوما من تاريخ تبليغ المقرر إلى الخاضع للضريبة سواء بالنسبة للطعن المقدم من طرف هذا الأخير أو من طرف الإدارة.[14]

المبحث الثاني: الطعن أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية 

أحدثت منذ سنة 1989 لجنة دائمة تختص بالنظر في الطعون المرفوعة ضد قرارات اللجن المحلية لتقدير الضريبة, تسمى اللجنة الوطنية للطعون الضريبية, تحت السلطة المباشرة لرئيس الحكومة, ويوجد مقرها بالرباط.[15] و هي تعتبر بذلك هيأة استئنافية بالنسبة للمقررات الصادرة عن اللجان المحلية, و قد نظمها المشرع في المادة 226 من المدونة العامة للضرائب. [16] و بهذا فقد جعل المشرع المغربي التحكيم أو المنازعة أمام اللجان الضريبية على درجتين, فإذا لم تقتنع الإدارة الضريبية أو الملزم بقرار اللجنة المحلية لتقدير الضريبة, و لم يتم التوصل إلى إتفاق بين طرفي المنازعة الضريبية , يمكن الطعن في القرار المذكور أمام اللجنة الوطنية للطعون الضريبية لأجل تحقيق نوع من الفعالية في عملها, و التمكن من مراقبة قرارات اللجان المحلية لتقدير الضريبة و مدى مطابقتها للقانون واضعة حدا لما قد يشوبها من تجاوزات. إن ما ينبغي الإشارة إليه هو أنه يجوز للملزم أو الإدارة الضريبية على حد سواء الطعن في قرار اللجنة المحلية لتقدير الضريبة, مهما كان المبلغ الذي قضت به هذه الأخيرة, على خلاف ما كان عليه الأمر سابقا, حيث لم يسمح للملزم باللجوء إلى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية إلا إذا فاقت تكملة الأداء التي حددتها اللجنة المحلية سقفا معينا. و بالنسبة للإدارة الضريبية فكان حقها في الطعن أمام اللجنة الوطنية للطعون الضريبية مرهونا بأن تخفض اللجنة المحلية مبلغ الضريبة إلى حد معين.[17]
و قد تولى المشرع تحديد تركيبة اللجنة الوطنية و إختصاصاتها (المطلب الأول) , كما نظم مسطرة و إجراءات الطعن أمامها و الآثار المترتبة عليه( المطلب الثاني) .

المطلب الأول: تركيبة اللجنة الوطنية للطعون الضريبية 

تختلف اللجنة الوطنية للطعون الضريبية عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة من حيث كونها لجنة دائمة, ومن حيث تكوينها و تركيبتها( الفقرة الأولى) , و كذلك من حيث إختصاصاتها الموكولة إليها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: هيكلة و تركيبة اللجنة الوطنية للطعون الضريبية 

تطرقت المادة 226 من المدونة العامة للضرائب لتكوين اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة, حيث تتشكل من قضاة إلى جانب أعضاء يمثلون الإدارة الضريبية , و آخرين يمثلون الملزمين أو المكلفين بالضريبة, فضلا عن سبع لجان فرعية.[18] و لقد روعي في تركيبة اللجنة الوطنيية منذ إنشائها تحقيق التوازن بين أطرافها يأخذ بعين الإعتبار عناصر النزاع, الإدارة من جهة , و الخاضع للضريبة من جهة أخرى. و قد وقع التوجه نحو القضاء و إسناد الرئاسة إليه ليكون حكما محايدا بين طرفي الخصومة, وخير ضمان للمواطن في مواجهة الإدارة التي هي جزء من السلطة التنفيذية[19]. إلا أن من شأن إلحاق اللجنة الوطنية- حسب بعض الفقه- برئاسة الحكومة, قد يمس بإستقلال القضاة المكونين لها, و ربما يعرضهم لضغوطاتها و إغراءاتها . و من ثم فإن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية تتكون من ثلاثة عناصر أساسية, تتمثل في الرئيس, القضاة , و ممثلو الملزمين من جهة , والإدارة الضريبية من جهة ثانية.[20]
1- الرئيس:
لقد خول المشرع الضريبي المغربي رئاسة اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية إلى قاض يعينه رئيس الحكومة بإقتراح من وزير العدل , و يشرف على سيرها. و الذي يمكنه تعيين من ينوب عنه في حالة غياب لمدة طويلة أو في حالة تعذر حضوره لأسباب قاهرة. و من المؤكد أن إنتساب الرئيس إلى الهيأة القضائية التي تتميز بإستقلاليتها و حيادها , من شأنه أن يسهل مسطرة التحكيم , و يعتبر ضمانة لتحقيق نوع من النزاهة و المساواة التي قد لا تتحقق إذا كان هذا الرئيس لا ينتمي إلى سلك القضاء , لكن الملاحظ أن المشرع لم يحدد مستوى القاضي المعين في تسلسل النظام القضائي, و إن كان يرى بعض الفقه أنه من الأفضل أن يكون الرئيس من قضاة محكمة النقض المغربية.[21]
2- الكاتب العام :
أحدث منصب الكاتب العام للجنة الوطنية بمقتضى مرسوم رقم 2-09-606 المؤرخ في 30/ 12/ 2008 , الصادر تطبيقا للمادة 226 من المدونة العامة للضرائب.[22] و يعين الكاتب العام للجنة الوطنية من طرف رئيس الحكومة , بإقتراح من وزير الإقتصاد و المالية , و حدد المرسوم المذكور المهام التي يضطلع بها الكاتب العام في ما يلي:
-تدبير الموارد البشرية الإدارية.
-طلب عناصر المسطرة من إدارة الضرائب.
- توزيع الملفات على الموظفين أعضاء اللجنة وعلى اللجان الفرعية.
- برمجة الملفات أمام اللجن الفرعية.
- تنظيم جلسات اللجن الفرعية.
3- الأعضاء:
إلى جانب رئيس اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية , و كاتبها العام, تتكون أيضا من مجموعة من العناصر بمثابة أعضاء أساسيين داخل مكوناتها, و يمكن أن نحصر هؤلاء الأعضاء في العناصر التالية: [23]
1-3 – القضاة :
تضم اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية سبعة قضاة, ينتمون لهيأة القضاة , يتم تعيينهم من طرف رئيس الحكومة بإقتراح من وزير العدل, كل واحد منهم يترأس لجنة فرعية من اللجان السبع. [24]
2-3- الموظفين الإداريين:
تضم اللجنة في تركيبتها ثلاثون(30) موظفا يمثلون الإدارة الضريبية, و يتم تعيينهم كذلك من طرف رئيس الحكومة بإقتراح من وزير المالية, و يشترط فيهم أن:
- يكونوا حاصلين على تأهيل في الميدان الضريبي أو في المحاسبة أو في القانون أو في الإقتصاد .
- يكون لهم رتبة مفتش أو رتبة مدرجة في سلم من سلالم الأجور يعادل ذلك.
و قد إعتبر جانب من الفقه أن تعيين هؤلاء الموظفين من طرف رئيس الحكومة يخول لهم مكانة و ضمانة في ممارسة مهامهم بعيدا عن أوامر و ضغوطات الإدارة الضريبية. [25]لكن الواقع العملي يثبت العكس من ذلك لأن إقرار المشرع المغربي لإجراء إخراج اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية من سيطرة الإدارة الضريبية و إلحاقها مباشرة بمصالح رئيس الحكومة, لم يكن كافيا لتحصينها من تبعات وزارة المالية, لأنها بقيت تابعة لهذه الأخيرة فيما يتعلق بالوسائل اللوجيستيكية للقيام بعملها على أحسن وجه, لعدم توفرها على ميزانية خاصة تجعلها غير مستقلة ماليا.[26]
3-3-ممثلي الملزمين:
يمثل الملزمين في اللجنة الوطنية مائة(100) شخص من عالم الأعمال, يتم تعيينهم من طرف رئيس الحكومة لمدة 3 سنوات بصفتهم ممثلين خاضعين للضريبة, و يتم ذلك بناء على إقتراح مشترك لكل من الوزراء المكلفين بالتجارة و الصناعة و الصناعة التقليدية و الصيد البحري و الوزير المكلف بالمالية, و يتم إختيار هؤلاء الممثلين من بين الأشخاص الطبيعيين , أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا المزاولين نشاطا تجاريا أو صناعيا أو خدماتيا أو حرفيا أو في الصيد البحري و المدرجين في القوائم التي تقدمها المنظمات المذكورة, وكل من رؤساء غرف التجارة و الصناعة و الخدمات و غرف الصناعة التقليدية و غرف الفلاحة و غرف الصيد البحري, و ذلك قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي تبتدئ خلالها مهام الأعضاء المعينين في حظيرة اللجنة الوطنية.[27] و إذا تم تأخير تعيين الممثلين الجدد, أو حال دون ذلك سبب وقع تلقائيا تمديد إنتداب الممثلين بمهامهم لفترة تتجاوز ستة أشهر, و لا يمكن لأي ممثل من ممثلي الملزمين أن يحضر إجتماع اللجنة الوطنية عندما يعرض نزاع سبق له أن نظر فيه عند تمثيله الملزمين أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة.[28]
4-3 – اللجن الفرعية :
تنقسم اللجنة الوطنية إلى سبع لجان فرعية, و تتداول كل منها في القضايا المعروضة عليها. و تتألف كل لجنة فرعيةمن:
- قاض رئيسا يعينه رئيس الحكومة بإقتراح من وزير العدل.
- موظفين إثنين(2) يعينان بالقرعة من بين الموظفين الذين لم يقوموا ببحث الملف المعروض على اللجنة الفرعية للبث فيه.
- ممثلين إثنين(2) للملزمين يختارهما رئيس اللجنة.
- كاتب مقرر لحضور إجتماعات اللجنة الفرعية دون أن تكون له حق التصويت, و يختار رئيس اللجنة هذا الكاتب المقرر من غير الموظفين العضوين في اللجنة الفرعية لحضور إجتماعات اللجنة المذكورة دون صوت تقريري.[29]
و تبعا لما تقدم يمكن القول على أن إسناد رئاسة اللجنة الوطنية لقاض يعكس رغبة المشرع, في إستقلال هذه اللجنة في عملها عن السلطة الإدارية, أما بالنسبة لعدد الموظفين , فقد رفع التشريع الضريبي الحالي عددهم من 25 إلى 30 عضوا, و ذلك لإعطاء نوع من الديناميكية و الفعالية, و نفس الهدف كان من وراء وجود سبع لجان فرعية عوض خمس لجان في السابق, و ذلك للإسراع في معالجة الملفات العالقة.[30]

الفقرة الثانية : إختصاصات اللجنة الوطنية للطعون الضريبية 

أحدثت اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة, تابعة للسلطة المباشرة لرئيس الحكومة و يوجد مقرها بالرباط, ترفع إليها الطعون في المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة, حيث يمتد إختصاصها المكاني ليشمل التراب الوطني برمته للإسراع في معالجة الملفات المعروضة عليها[31]. هكذا تختص اللجنة الوطنية نوعيا للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة-بصفة عامة- في الطعون المرفوعة ضد قرارات اللجن المحلية لتقدير الضريبة, سواء تعلق الأمر بالضريبة على الشركات أو الضريبة على القيمة المضافة أو الضريبة على الدخل أو حقوق التسجيل, إضافة إلى ذلك فإنها تختص بالنظر في الطعون المقدمة من طرف مدير الضرائب أو الشخص الذي يفوض إليه ذلك لهذا الغرض, و التي تتعلق بالقرارات الصادرة عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة على مستوى الجماعة المنصوص عليها في المادة 50 من المدونة العامة للضرائب وذلك خلال أجل 60 يوما التالية لتاريخ تسلم تبليغ نسخة المحضر.[32] كما تنظر –بصورة خاصة- في نوع من النزاعات تنتج عن حالات إستثنائية حددها القانون الضريبي المغربي في الحالة التي يتعذر فيها تمديد فترة إنتداب ممثلي الملزمين لأي سبب من الأسباب, أو الحالة التي لم يتسنى في فاتح أبريل تعيين ممثلين جدد للخاضعين للضريبة و هي حالات نادرة.
و من الناحية الموضوعية, ينحصر اختصاص اللجنة الوطنية مبدئيا في المسائل الواقعية, بمعنى النظر في المسائل التي تتعلق بتحديد الأسس الضريبية على إثر التصحيح الذي أقدمت عليه الإدارة الضريبية للأسس المصرح بها, و يجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها إذا تعلق الأمر بمسائل قانونية, أي أنه لا يحق لهذه اللجنة تفسير النصوص التنظيمية و التشريعية, لكن يجوز لها مراقبة تطبيق النصوص القانونية التي لا يكتنفها الغموض دون أن تتجاوز مراقبة النصوص إلى تفسيرها فتعرض قرارها إلى الإلغاء.[33] و قد سارت على هذا مجموعة من الأحكام القضائية حيث جاء في قرار الغرفة الإدارية و هي تلغي مسطرة تصحيح الوعاء الضريبي لبث اللجنة في مسألة قانونية: ’’ إن المشرع حصر اختصاص اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية في المسائل الواقعية المتعلقة بتقدير قيمة العناصر التي تدخل في أساس تكوين الضريبة, و يمكنها في هذا الإطار مراقبة تطبيق النصوص القانونية الواضحة للتوصل إلى تحديد أساس الضريبة, فلا تكون مختصة في حالة غموض النص, أو عندما يتعلق الأمر بمسألة إجرائية منفصلة عن تحديد أساس الضريبة, مثل مسألة مراعاة مفتش الضرائب للأجل لذي يجب أن يعطى للملزم من قبل الانتقال لمراقبة الوثائق المحاسبية."[34]. إلا أن مسألة تمييز بين الواقع و القانون يثير إشكالا عميقا لاختلاط الواقع بالقانون في بعض الأحيان, ويرى بعض الفقه , أن توسيع مجال اختصاص اللجنة الوطنية ليشمل أيضا المسائل القانونية فيه ضمانات فعلية للخاضعين للضريبة , كما من شأنه أن يحل المشكل القائم بصدد صعوبة التمييز بين المسائل الواقعية و المسائل القانونية و التي قد تهدر معه حقوق الملزمين.[35]
كما قد تبث اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية في النزاع مباشرة ابتدائيا وانتهائيا (دون اللجوء إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة) , فقد أجاز المشرع للملزم بأن يطلب من الإدارة المثول أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المكونة من ثلاثة أعضاء فقط دون ممثل الملزمين, أو أن يرفض ذلك ( رفض المثول أمام اللجنة المحلية) , و تقوم الإدارة الضريبية عند إنتهاء الأجل المحدد (30 يوما من تاريخ تسلمه الإشعار من طرف المفتش يخبره بذلك) بعرض النزاع من تلقاء نفسها مباشرة على اللجنة الوطنية لتنظر فيه إبتدائيا و إنتهائيا في المرحلة ما قبل القضائية.[36]

المطلب الثاني: إجراءات و أثار الطعن أمام اللجنة الوطنية 

تتجلى إجراءات و أثار الطعن أمام اللجنة الوطنية في مسطرة الطعن المتبعة أمام اللجنة الوطنية ( فقرة أولى ) و كذلك سير عمل اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية ( فقرة ثانية ).

الفقرة الأولى: مسطرة الطعن أمام اللجنة الوطنية 

لقد خول المشرع المغربي للملزمين بالضريبة عرض نزاعاتهم على لجان مختصة كنتيجة حتمية لانعدام المساواة بين الملزمين و الإدارة إذنك أن الإدارة تتمتع بمركز أقوى من مركز مما يجعلها تتعسف في كثير من الأحيان في مواجهتهم، لذلك حاول المشرع بالخصوص حماية الملزمين بالضريبة بوضعه لوسيلة التحكيم الضريبي التي تمكنهم من فتح حوار ديمقراطي مع الإدارة الضريبية و ذلك قبل التجائهم إلى القضاء[37] ومن بين هذه اللجان اللجنة الوطنية حيث ينص البند الثاني من المادة 226 من المدونة العامة للضرائب على أنه"... يرأس اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة و يشرف على سير قاضي يعينه الوزير الأول باقتراح من وزير العدل"[38] أما بخصوص مسطرة الطعن المتبعة أمام اللجنة الوطنية فتوجه الطعون المرفوعة ضد قرارات اللجن المحلية من طرف الملزم أو الإدارة إلى رئيس اللجنة الوطنية خلال 60 يوما من تاريخ تبليغ مقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة للمعنيين بالأمر.[39] و يؤكد المشرع على أن يتم الطعن بواسطة عريضة مكتوبة توجه إلى اللجنة الوطنية للطعن الضريبي عبر البريد المضمون و بالإشعار بالتوصل ويجب أن تتضمن العريضة البيانات التالية:
1- موضوع الخلاف بين الطرفين، الإدارة و الخاضع للضريبة.
2- تقديم عرض بالحجج التي يعتمدها الخاضع للضريبة.
أما الدفوع التي يرمي من ورائها إلى إبطال مسطرة التصحيح فيشترط لها أن يكون قد آثارها العارض أمام اللجنة المحلية أولا. لكن يجب الإشارة إلى أن المشرع لم يتحدث عن حتمية البيانات المشار إليها إلا بالنسبة للخاضع للضريبة، كما هو واضح من المادة 220 من المدونة العامة للضرائب التي تنص:" تحدد عريضة الخاضعين للضريبة موضوع الخلاف و تتضمن عرضا للحجج المستند إليها". و انه لم يلزم الإدارة إلا بالأجل فقط و ترك لها إختيار الطريقة التي تريدها, حيث يمكنها توجيه عريضتها بواسطة رسالة مضمونة الوصول, أو بواسطة أعوان الإدارة الضريبية أو بالطريقة الإدارية. و معلوم أن عدم توفر عريضة الخاضع للضريبة على هاته البيانات الإلزامية يؤدي إلى عدم قبولها شكلا. و من بين الشروط التي يجب على الإدارة إحترامها أيضا الملف الجبائي بحيث يجب على الإدارة الضريبية الإدلاء به إلى جميع اللجان لكي تتمكن من دراسة الموضوع بكامل الدقة، و قد ألزمها المشرع تحت طائلة صرف النظر، أن تقدم الملف الجبائي للملزم داخل أجل 4 أشهر بالنسبة للجان المحلية و داخل أجل شهر بالنسبة للجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة أما بخصوص آجال الطعن فالمشرع المغربي أعاد النظر فيه حيث هذا الأخير أمام اللجنة المركزية كان سابقا هو 20 يوما بينما أصبح حاليا أجل الطعن أمام للجنة الوطنية 60 يوما و هو ما سيشكل ضمانة مهمة منحها المشرع للخاضع للضريبة, و يعتبر عدم تقديم الطعن داخل الأجل القانوني بمثابة قبول ضمني للأساس الضريبي المحدد من طرف اللجنة المحلية و لقد حسم القضاء الإداري في مسألة عدم إحترام الآجال المحددة للطعن بحيث أن عدم احترامها يؤدي إلى سقوط حق الملزم في عرض طعنه أمام اللجنة الوطنية.[40]

الفقرة الثانية: سيرورة عمل اللجنة الوطنية للبث في الطعون الضريبية و أثار الطعن أمامها. 


الفرع الأول: الإجراءات السابقة عن انعقاد اللجان الفرعية. 

بعد تقديم الطعن أمام اللجنة الوطنية سواء من طرف الخاضع للضريبة أو من طرف الإدارة الضريبية يعمد الرئيس ببعثها إلى موظف أو أكثر من أعضاء اللجنة. يلي ذلك عملية إخبار يقوم بها
الرئيس عبر إرسال نسخة من العريضة داخل أجل 30 يوما تحتسب من تاريخ تسلم العريضة و تبلغ الرسالة طبقا للشكليات الواردة في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب و يطلب الرئيس من الإدارة الضريبية تمكين اللجنة من الملف الضريبي للخاضع داخل أجل 30 يوما[41]. بعد التوصل بالعريضة و إخبار الطرف الأخر، تتم دراستها و البحث فيها من طرف الموظفين الذين يضمهم اللجنة الوطنية. و أن عدم توجيه الدعوة إلى ممثلي الخاضعين للضريبة بسلوك إجراءات التبليغ المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب و ذلك قبل التاريخ المحدد للاجتماع بما لا يقل عن 15 يوما من تاريخ الإجتماع تجعل مقررات اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتوقعة بالضريبة ذات تأثير في المراكز القانونية للملزم و أن الإخلال بذلك من شأنه أن يمس بحقوق الدفاع و بالتالي جاءت إحدى قرارات المجلس الأعلى. بإبطال ما بني على مقرر اللجنة الوطنية ما دام قد تبث فيه الإخلال بحق من حقوق الدفاع.

الفرع الثاني: انعقاد اللجان الفرعية 

بعد التوصل بالعريضة و إخبار الطرف الأخر و دراستها و التحقيق فيها من طرف الموظفين الذين تضمهم اللجنة الوطنية يقوم الرئيس بتوزيع الملفات على اللجان الفرعية و يحدد تاريخ عقدها لاجتماعاتها و استدعاء الأطراف داخل اجل لا يقل عن 15 يوما من تاريخ الاجتماع[42].
فاللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية – تتوزع على 7 لجان فرعية هذه الأخيرة هي التي تنظر بشأن النزاعات الضريبية المعروضة عليها و تضم في عضويتها،
- قاض رئيس
- موظفين يعينان بالقرعة بين الموظفين الذين لم يقوموا بالبحث في الملف المعروض على اللجنة الفرعية للبث فيه.
- ممثلين للخاضعين للضريبة يختارهما رئيس اللجنة من بين الممثلين المشار إليهم في البند الأول من هذه المادة و تجتمع اللجان الفرعية بصورة صحيحة. بحضور الرئيس و عضوين آخرين من بين الأعضاء المشار إليهم، يمثل أحدهما الخاضعين و الآخر للإدارة و تتداول بصورة صحيحة خلال إجتماع ثان بحضور الرئيس و عضوين آخرين، فان تعادلت الأصوات رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس[43].
و كما هو الشأن بالنسبة للجان المحلية يمكن للجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية الاستعانة بخبراء، حدد عددهم في خبير أو خبيرين.
بعد فحص الملف الضريبي من طرف اللجنة الفرعية التي تم تكليفها بالبت في النزاع، تصدر اللجنة مقررها الذي يشترط فيه أن يكون معللا و مفصلا، و يقوم القاضي بتبليغه إلى الطرفين وفق شكليات التبليغ السابق ذكرها خلال الستة أشهر الموالية لتاريخ صدور المقرر، و قد حدد المشرع الأجل الأقصى الذي يفصل بين تاريخ تقديم الطعن أمام اللجنة المذكورة، و التاريخ صدور المقرر في اجل أقصى حدد في 12 شهرا، على خلاف اللجان المحلية التي منحها المشروع مدة أطول تصل إلى 24 شهرا.
الفرع الثالث: مقررات اللجان الفرعية
يجب أن تكون مقررات اللجان الفرعية مفصلة و معللة و يبلغها القاضي الذي يشرف على سير اللجنة إلى الطرفين وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 خلال الستة أشهر الموالية لتاريخ صدور المقرر[44].
و يحدد باثني عشر شهرا الأجل الذي يجب أن يفصل بين تاريخ تقديم الطعن أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة و تاريخ المقرر المتخذ في شأنه أمام البند الرابع فيشير إلى أنه إذا إنصرم الأجل المشار إليه و لم تتخذ اللجنة الوطنية مقررها، فإنه لا يجوز إدخال أي تصحيح على إقرار الخاضع للضريبة أو على أساس فرض الضريبة المعتمدة من لدن الإدارة في حالة فرض الضريبة بصورة تلقائية بسبب عدم الإدلاء بالإقرار أو بسبب إقرار غير تام.
و في كل الأحوال فإن الطعن أمام اللجنة الوطنية لا ينتج عنه إلا أحد الحالات الثلاث:
+حالة توصل اللجنة الوطنية إلى حل ينهي المسألة
+ حالة عدم صدور أي مقرر عن اللجنة الوطني
+ حالة صدور مقرر عن اللجنة الوطنية
أ‌- الحالة الأولى: حالة توصل اللجنة الوطنية إلى حل ينهي المسألة
لقد ذهب القضاء الإداري في أحد قراراته إلى أن إبرام اتفاق بين الإدارة و الخاضع للضريبة و الذي بمقتضاه يتنازل هذا الأخير عن مواصلة الطعن أمام اللجنة الوطنية يعتبر بمثابة صدور قرار عن اللجنة الوطنية و بالتالي فان هذا الاتفاق يكون قابلا للطعن القضائي داخل اجل لا يتعدى 60 يوما من تاريخ صدور جدول التحصيل[45].
و ما يستفاد من هذا القرار أن بإمكان الخاضع للضريبة أن يمارس الطعن القضائي ضد الاتفاق الحاصل بينه و بين الإدارة في حالة ما إذا تم إبرام الاتفاق أمام اللجنة الوطنية أو لم يتم إبرامه أمامها بشرط احترام الأجل القانوني لذلك.
ب‌- الحالة الثانية: حالة عدم صدور أي مقرر عن اللجنة الوطنية:
عند انصرام الأجل القانوني الممنوح للجنة الوطنية و المتمثل في 12 شهرا يتم فرض الضريبة إستنادا إلى إقرار الخاضع للضريبة أو إستنادا إلى أسس فرض الضريبة المعتمد من لدن الإدارة في حالة الفرض التلقائي للضريبة و دون إدخال أي تعديل على ذلك.
غير أنه في حالة إعطاء الخاضع للضريبة موافقة جزئية على الأسس المبلغة من قبل الإدارة الضريبية أو في حالة تقديمه لملاحظات على أسباب التصحيح المزمع القيام بها من طرف الإدارة يكون الأساس المعتمد لفرض الضريبة هو الأساس الناتج عن تلك الموافقة الجزئية[46].
و يعتبر الجزاء الذي رتبه المشرع في حالة عدم تمكن اللجنة الوطنية من البث في النزاع داخل أجل سنة يجب أن لا يكون على حساب حقوق الإدارة و ألا يمس بمبدأ العدالة الجبائية لأنه لا يعقل أن يكون الجزاء عن خرق النصوص القانونية من طرف اللجنة الوطنية هو عدم إدخال أي تصحيح من قبل الإدارة التي تكون فيه هذه الأخيرة قد احترمت جميع المقتضيات القانونية المنظمة للمسطرة التواجهية للتصحيح الضريبي أما بالنسبة للمقررات الصادرة عن اللجنة الوطنية خارج اجل 12 شهرا، فان المشرع يرتب عليها البطلان باعتبار هذا الأجل يدخل ضمن النظام العام.
ت‌- الحالة الثالثة: حالة صدور مقرر عن اللجنة الوطنية:
تعتبر هذه الحالة أي صدور مقرر عن اللجنة الوطنية داخل الأجل القانوني العادي غير أنه توجد حالتين:
1. حالة صدور مقرر يقضي بعدم الاختصاص :
في هذه الحالة يتم فرض الضريبة إستنادا إلى الأسس التي بلغتها الإدارة إلى الملزم في رسالة التبليغ الثانية التي تدخل في إطار المسطرة التواجهية[47] و يمكن للملزم أن يلتجأ إلى القضاء داخل الأجل القانوني للطعن في الأسس المحددة في هذه الحالة.
2. حالة صدور مقرر لا يقضي بعدم الاختصاص:
في هذه الحالة يتم وضع جداول التحصيل استنادا إلى مقرر اللجنة الوطنية و يجب أن تكون هذه القرارات معللة و مفصلة كما جاء في احد أحكام المحكمة الإدارية بالرباط في حكم عدد 3441 بتاريخ 22 نونبر 2010 " حيث حكمت بإلغاء مقرر اللجنة الوطنية إستنادا إلى ضعف تعليل هذه الأخيرة " كما يجب على القاضي الذي اشرف على سير اللجنة أن يبلغها إلى الطرفين في رسالة مضمونة مع الإشهار بالتوصل و ذلك خلال 6 أشهر الموالية لتاريخ صدور المقرر و تكون مقررات اللجنة الوطنية غير قابلة للاستئناف لكن يمكن الطعن فيها من طرف الخاضع للضريبة أمام المحكمة الإدارية المختصة ووفقا للشروط و الآجال التي يتطلبها القانون أما بالنسبة للإدارة فلا يمكنها الطعن في مقرر اللجنة الوطنية إلا إذا تبين لها أن اللجنة الوطنية بتت بغير حق في مسائل قانونية.
و حيث أن هدف المشرع المغربي هو وضع توازن بين حقوق الإدارة الضريبية و حقوق الملزم و تمكين هذا الأخير من عرض مقررات اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة في جميع الأحوال على القضاء مكنه من المنازعة عن طريق المحاكم الإدارية , و في نفس الإتجاه يمكن للإدارة الضريبية أن تنازع هي الأخرى عن طريق المحاكم الإدارية داخل نفس الآجل في القرارات الصادرة عن اللجنة الوطنية إذا تعلق الأمر بخرق النصوص القانونية من طرف هذه اللجنة[48].

خاتمة
 على الرغم من أن المشرع المغربي عمل من خلال إحداث اللجان الضريبية المتمثلة في اللجنة المحلية لتقدير الضريبة و اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية على توفير ضمانات للخاضعين للضريبة و ذلك بإمكانية الطعن أمامها لحل النزاع مع الإدارة الضريبية إلا أنه في الواقع هناك مجموعة من النواقص و أوجه القصور التي تعاني منها هذه اللجان و التي تعرقل من أداء مهامها المنوطة بها, و التي تتجلى في كثرة الملفات المعروضة عليها و كذا في بطئ المساطر , كما أنه من أهم ما يلاحظ أن عدم بث اللجنة الوطنية في مقررات اللجنة المحلية داخل الأجل القانوني المتمثل في 12 شهرا يحرم الملزم من مرحلة تحكيمية مهمة من مراحل المنازعة الضريبية حيث أننا لا نتفق مع التوجه التشريعي فيما يخص الجزاء الذي رتبه على عدم احترام اللجنة المذكورة لأجل البت في الطعن المعروض عليها، إذ كيف يعقل أن يكون الجزاء عن خرق النصوص القانونية من طرف اللجنة الوطنية هو عدم إدخال أي تصحيح بالمرة، في الوقت الذي تكون فيه الإدارة و الخاضع للضريبة قد إحترما جميع المقتضيات القانونية المنظمة للمسطرة؛ لذلك نرى أن المشرع قد رتب عقابا قاسيا في هذه المرحلة خاصة و أن مسطرة التصحيح قد استغرقت وقتا طويلا و إستنفذت مجهودا كبيرا. كما أن تنظيم المشرع المغربي للطعن أمام اللجنة المحلية ثم اللجنة الوطنية، من جهة فيه إطالة للمسطرة، ومن جهة أخرى أثبتت التجربة العملية أن اللجنة الوطنية هي أقل مردودية من اللجنة المحلية لسببين، أولهما أن ممثلي الخاضعين للضريبة و كذا القاضي في اللجنة المحلية يكونان من نفس منطقة الوعاء الضريبي، فيكونان بالتالي أدرى بظروف المنطقة و درجة رواجها و مشاكلها و كذا وسائل التعامل الاقتصادي بها؛ السبب الثاني هو أن الممثل في اللجنة الوطنية قد يكون من منطقة لا تمت بأية صلة للنطاق الجغرافي للوعاء الضريبي، بل و قد يكون ممثلا بعيدا عن الحرفة أو المهنة موضوع المنازعة.
هذا فضلا عن الإعتماد على طريقة التعيين بالنسبة لممثلي الملزمين مما يؤثر بشكل كبير على إستقلالية عمل هذه اللجان و يحد من فعاليتها, هذا زيادة على مجموعة من العراقيل الأخرى المتمثلة في تغيب ممثلي الملزمين مما يضطر اللجنة إلى تأجيل جلساتها مرة ثانية, و عدم التفرغ الكامل للقضاة في دراسة الملفات المعروضة عليهم و التعمق فيها .
أمام كل ما سبق نرى ضرورة تفعيل ما يلي :
أولا : ضرورة إعادة النظر في الجزاء المترتب عن عدم بث اللجنة الوطنية داخل الأجل القانوني و الاكتفاء فقط بإلغاء قرار اللجنة الوطنية الصادر خارج الأجل القانوني ومنح الطرفين كل الضمانات القانونية أمام القضاء لعرض كل طرف لحججه و دفوعاته.
ثانيا : الاكتفاء بالطعن أمام لجنة واحدة تكون إقليمية عوض الطعن أمام لجنتين و ذلك من أجل الإسراع في البث في المنازعات الضريبية و تفادي الإضرار بالذمة المالية للخاضع للضريبة، فهذا الأخير ينتظر قرار اللجان في حين يستمر عداد فوائد التأخير في الدوران.
و أخيرا : إلزام الجهات المعنية بإطلاع الملزمين بكافة حقوقهم و الضمانات المخولة لهم في الميدان الجبائي بما فيها إعلامهم بوجود لجان للطعن الضريبي.

______________________________
الهوامش:
[1] الاستاذة عزيزة هنداز، المساطر الضريبية بين القانون والتطبيق، ص 147 الطبعة الاولى 2011 دار النشر أبي رقراق للطباعة والنشر
[2] ذ عبد المعطي القدوري، الحماية القضائية للملزم في مجال المنازعات الجبائية، منشور بالمجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، عدد 19 ابريل، يونيو 1997 ص 44
[3] المصطفي معمر .م.س.ص111
ا[4] لاستاذة عزيزة هنداز، مرجع سابق، ص 148 
[5] ذ: كريم الحرش، شرح القانون الضريبي المغربي وفقا لمستجدات قانون مالية، 2014، الطبعة الثانية، 2014 ص: 187
 [6] ذ: محمد شكيري، القانون الضريبي المغربي، دراسة تحليلية ونقدية، ص: 582
[7] المادة 225 من مدونة الضرائب
ذ[8]: خالد عبد الغني، مسطرة التبليغ في القانون الضريبي المغربي، أشغال اليومين الدراسيين، المنظمة من طرف المجلس الاعلى والمديرية العامة للضرائب، ص: 323  
[9]ذ: محمد شكيري، القانون الضريبي المغربي، دراسة تحليلية ونقدية، ص: 582
[10]ذ: محمد مرزاق، النظام القانوني للمنازعات الجبائية بالمغرب، المطبعة الامنية، الرباط، الطبعة الثانية، 1998، ص: 110
[11] ذ: محمد شكيري، مرجع سابق، ص: 583
[12] ذ: كريم الحرش، شرح القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص: 188
[13]ذ: محمد شكيري، القانون الضريبي المغربي، دراسة تحليلية ونقدية، مرجع سابق، ص: 584
[14] ذ: رضى التايدي، دراسة في بعض جوانب مسطرة التصحيح الضريبي، على ضوء مستجدات قانون المالية لسنة 2011، الندوة الوطنية حول موضوع الاشكالات القانونية والعملية في المجال الضريبي، العدد 16 ص: 164
[15] الحسن الكاسم , اللجنة الوطنية للطعون الضريبية: الإختصاص و المسطرة و القرارات الصادرة عنها, مساهمة في الندوة الوطنية حول موضوع الإشكاليات القانونية و العملية في المجال الضريبي, مجلة دفاتر المجلس الأعلى , العدد 16, 2011, ص 96
[16] خالد المبروكي, اللجان المحلية لتقدير الضريبة و اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية , مجلة رحاب المحاكم, العدد 6, يونيو 2010, ص 32
[17] كريم لحرش, شرح القانون الضريبي المغربي, وفقا لمستجدات قانون المالية 2014 , سلسلة اللمركزية و الإدارة الترابية, العدد 23, الطبعة الثانية, مطبعة طوب بريس, الرباط , ص 188
[18] د عبد الواحد القريشي, مسطرة المنازعة الضريبية, مجلة المنارة للدراسات القانونية و الإدارية, العدد الثاني يونيو , 2012, ص 19
[19] د محمد السماحي , مسطرة المنازعة في الضريبة, الطبعة الثانية, مطبعة الصومعة, مراكش , 2003, ص 85
[20] كريم لحرش, المنازعات الضريبية في القانون المغربي , سلسلة اللامركزية و الإدارة الترابية , العدد 21, الطبعة الأولى, 2013, مطبعة طوب بريس الرباط, ص 76
[21] كريم لحرش, شرح القانون الضريبي المغربي, مرجع سابق, ص 189
[22] الجريدة الرسمية عدد 5800, 14 محرم 1431( 31 ديسمبر 2009) ص 85
[23] الحسن الكاسم, مرجع سابق, ص 97
[24] خالد عبد الغني. المسطرة في القانون الضريبي المغربي, مطبعة دار النشر المغربية, الدار البيضاء, الطبعة الأولى, 2002. ص 307
[25] عبد القادر تيعلاتي. النزاع الضريبي في التشريع المغربي, دار النشر المغربية, الدار البيضاء, الطبعة الأولى, 1997 . ص 101
[26] كريم لحرش. مرجع سابق, ص 190
[27] المادة 226 من مدونة الضرائب
[28] سفيان الدرييوش و رشيدة الصابري, تصحيح الأساس الضريبي, دراسة مقارنة, دار القلم , الرباط, الطبعة الأولى,2001 , ص 106
[29] لحرش كريم , مرجع سابق, ص 191
[30] أحميدوش مدني, الطعن أمام اللجنة الوطنية للطعون الضريبية, عدد خاص لمجلتي القسطاس و الزيتونة, مطبعة سلسبيل , 2010, ص 121
[31] كريم لحرش , مرجع سابق ص193
[32] المادة 227 من المدونة العامة للضرائب
[33] كريم لحرش, مرجع سابق, ص 193
[34] قرار الغرفة الإدارية في الملف رقم 99/ 626 بتاريخ 06/ 07/ 2001 أورده د عباس التاقي في كتابه, المنازعات الضريبية و إجتهادات المحاكم الإدارية, الطبعة الأولى 2013 دار أبي رقراق للطباعة و النشر, الرباط , ص 57
[35] عبد الرحمان أبليلا, محمد مرزاق, النظام القانوني للمنازعات الجبائية بالمغرب, مطبعة الأمنية, الرباط , الطبعة الثانية , 1998 , ص 75
[36] محمد شكيري , القانون الضريبي المغربي, دراسة تحليلية و نقدية, سلسلة مِؤلفات و أعمال جامعية, منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية , العدد 59 , 2005 , ص 587
[37] - د. نجيب جيري، مرجع سابق، ص 101
[38] - د. هالي عبد الكريم، الازدواج الضريبي الدولي، المغرب كنموذج، مجلة المنارة للدراسة القانونية و الإدارية عدد 02/2012 ص21.
[39] - الندوة الوطنية حول موضوع، الإشكالات القانونية و العملية في المجال الضريبي ص 99.
[40] - لحسن كثير، التبليغ في المادة الجبائية، ص 86.
[41] - عباس الثاقي، المنازعات الضريبية و اجتهادات المحاكم الإدارية، دار أبي رقراق للطباعة و النشر، الرباط، طبعة 2013، ص 100.
[42] - د سعيد جعزي – حجاج خالد – محمد عاطي الله، الدليل العملي للمدونة العامة للضرائب، ص 50.
[43] - الحسن كثير، مرجع سابق ص 104.
[44] - د. نجيب جيري، مرجع سابق، ص 99.
[45] - الحسن كثير، مرجع سابق ص 86.
[46] - عباس الثاقي، مرجع سابق، ص 102.
[47] - د. نجيب جيري، مرجع سابق، ص 76.
[48] - د. نجيب جيري، مرجع سابق، ص 118.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -