الرسوم والمساعد القضائية في قانون المسطرة المدنية

مقال بعنوان: الرسوم والمساعد القضائية في قانون المسطرة المدنية المغربية

مقال بعنوان: الرسوم والمساعد القضائية في قانون المسطرة المدنية المغربية


مقـــــــــدمــــــــة
لما كثرت المنازعات وتفاحشت الخصومات خصصت الدولة جهازا ليقوم بدور الحكم بين المتنازعين واصبح هذا الجهاز في حاجة ماسة للوسائل العادية والبشرية التي تساعده على اداء مهامه ودعت الضرورة لسير ذلك المرفق ان يساهم الخصوم بأداء رسوم رمزية.
فالمشرع المغربي كان حكيما حينما نهج طرق مرنة في موضوع الرسوم القضائية حتى لا يعجز الفقير المظلوم عن اقتضاء حقه من الظالم ففرض رسوما رمزية على الموسرين شريحة مهمة من المتقاضين من اداء تلك الرسوم فالمنازعات اجتماعية كقضايا الشغل وقضايا الأمراض المهنية والنفقة معفاة بقوة القانون من اداء الرسوم القضائية.
وبهذا يمكن طرح الاشكالية التالية ما هي الرسوم القضائية وما هي الاستثناءات الواردة عليها الاجابة عن هذه الاشكالية سنتطرق للتصميم التالي: 

المبحث الاول : الرسوم القضائية.
المبحث الثاني : المساعدة القضائية.

المبحث الاول : الرسوم القضائية.

يمكن تعريف الرسم القضائي بانه المقابل الذي يأخذه اعوان الدولة عن المبيعات او عن الاشياء التي تدخل الى السوق قصد عرضها للبيع وهو ما يصطلح عليه بالعكس وهو المعنى المتعارف عليه بالرسوم القضائية والرسوم الجمركية ورسوم التسجيل، ولفظ الرسم القضائي في الميدان القضائي ورد النص عليه في الفصل 21 من المرسوم 22 اكتوبر 1966 المتعلق بصوائر القضائية في الميادين المدنية والتجارية والادارية وكذلك في الملحق الجاري به العمل بقانون المالية لسنة 1984 ولفظ الاداء المنصوص عليه في الفصل 5 من مدونة المصاريف القضائية.
ومما لا شك فيه ان للرسم القضائي اهمية بالغة عند جميع مراحل التقاضي وفي مختلف القضايا فهو واجب الاداء كما ينص على ذلك الفصل 1 و 5 من مدونة المصاريف القضائية[1] عن كل اجراء قضائي مهما كان نوعه ما لم يكن متمتع بالمجانية.
وبهذا يتم تحديد مبلغ الرسم القضائي في القضايا المدنية والتجارية والادارية يحدده نوعية المقال ويتم احتسابه إما حسب النسبة أو رسما ثابتا طبقا لمقتضيات القانون[2].
لقد أخد المشرع المغربي بمبدأ الزامية أداء الرسم القضائي على كل دعوى تقادم أمام القضاء وعلى كل أجراء يتم أو عملية تنجز أمام كتابة الضبط أو الاستفادة من خدماتها طبقا لما هو منصوص عليه في قانون المالية لسنة 1984 والظهير الشريف المؤرخ بتاريخ 31-12-86 المتعلق بتنظيم المصاريف القضائية.
ويستخلص من الظهير ان الرسم القضائي يؤدى فوريا ومقدما معدا الحالات المنصوص عليها صراحة في المادة 22 من نفس القانون أو بمقتضى نصوص خاصة ثم عالج بعد ذلك مجال تطبيق الرسم القضائي بالنظر إلى نوع الطلب المقدم إلى القضاء فاخضع الطلبات المحددة القيمة لرسم تتراوح نسبة ما بين %1 و %4 من مجموع المبلغ المطلوب علاوة على مبلغ قار قدره 300 درهم اذا تجاوز المبلغ المطلوب 20000 درهم مع ادنى ما يستوفي بالنسبة كل شطر.
كما اخضع الطلبات التي لايمكن تحديد قيمتها إلى رسم قار قدره درهم وتكون 150.000درهم وتكون النسبة هي %4 اذا كان المبلغ المطلوب يتراوح ما بين 1000 و5000 درهم مع حد ادنى هو 50 و 2،5 مع حد أدنى يستوفي 200 درهم وتكون النسبة %1 اذا تجاوز الطلب 20.000 درهما مع زيادة 200 درهم.
وبهذا يمكن القول اداء الرسم القضائي لازما فانه يعتبر شكل من شكليات قبول الدعوى وعلى محكمة التأكد من سلامة هذا الاجراء من عدمه عند البت في أية مطالبة قضائية.
وتجدر الاشارة ان اي دعوى تستلزم رسما قضائيا مقدم الاداء ما لم تكن معفاة من الاداء بقوة القانون وبهذا فان لكل قاعدة سطرية عبئا وواجب وان الواجب، أو للشكل الاجرائي يقتضي ان تقاس فعالية بالجزاء المترتب عن مخالفته من طرف القائم بالإجراء وهذا الطرف هو كل شخص يقيم دعوى كما ينص على ذلك الفصل 5 من فقانون المصاريف القضائية ظهير 27 ابريل 1984.
ولكون التطبيق السليم للقانون يحتم احترام كامل الاوضاع القانونية وعلى نحو الذي سنه المشرع ولأجله أوكلت المادة التامة من ظهير 1984 لرؤساء مختلف المحاكم والقضاة المقررين ادارة التسجيل مع مفتشية كتابة الضبط مراقبة استيفاء الرسم القضائي وغيره من الرسوم المستحقة ويمكن لهؤلاء الاطلاع لهذه الغاية على جميع السجلات والملفات والوثائق المترتبة في محفوظات كتابة الضبط كما نصت على ذلك المادة 135 من مدونة تحصيل الديون العمومية[3].
وعملا بمقتضيات قانون المالية سنة 1984 نص الفصل 85 وعملا بمقتضيات الفصل الاول جاء في الفقرة الاولى من فصل 25 من نفس القانون على انه اذا تعلق الامر بطلب لا يمكن تحديد قيمته نظرا لطبيعته الالزام بفعل أو تسليم أو المنع من الفصل أو التسليم أو استصدار أمر بتنفيذ حكم اجنبي أو طلب يتعلق بالأحوال الشخصية إلى أخره ...
غير ان الفصل 2 من نفس القانون استثنى مجموعة من الطلبات القضائية المتعلقة بأحوال شخصية والاسرة واعفاها من اداء الرسوم القضائية بعد ما تم تتميمه بقانون المالية سنة 1984 المتمثلة بطلبات المتعلق بالنفعة و جميع الدعوى المرتبطة بالأحوال الشخصية التي تقدمها المطلقات أو المهجورات[4].
فاذا كان المشرع المغربي قد تبنى مبدأ الالزامية أداء الرسم القضائي فانه أورد بعض الاستثناءات على هذه القاعدة بتمتيع بعض الطلبات المرفوعة إلى القضاء بالمجانية وألزم دفع الرسم القضائي في حالات اخرى وفتح باب المساعدة في وجه فئات فقيرة من المجتمع بإعفائهم من أداء الرسوم القضائية عن الدعوى التي يرغبون في رفعها أمام القضاء.

المبحث الثاني : المساعدة القضائية.

ينص المرسوم الملكي الصادر بتاريخ فاتح نونبر 1966 على أن المساعدة القضائية تمنح مما قبل محاكم المملكة دون تمييز بين الاشخاص الطبيعيين المعسرة أو المعنوية الغير قادرةعلى دفع الرسوم اللازمة لإقامة الدعوى أو عدم كفاية مواردها المالية من أجل الدفاع عن معالجتها كما يمكن ان يستفيد من المساعدة القضائية الأجانب عملا بالاتفاقيات القضائية.
ويلاحظ ان القانون المغربي منح حق الاستفادة من المساعدة القضائية سواء كان موضوع الدعوى يخص الميدان الزجري أوالمدني بمفهومه الواسع أو الاداري وأن حق الاستفادة من المساعدة القضائية يمتد بقوة القانون ليشمل جميع الاجراءات التي تلي النطق بالحكم الى تنفيذه.

المطلب الاول : الجهة التي اسند لها القانون حق منح المساعدة القضائية.

لقد نص القانون على ان طلب المساعدة القضائية برفع الى جهاز النيابة العامة لدى محاكم المملكة المعروض عليها النزاع والتي تقرر امكانية منح المساعدة القضائية من عدمه لطالبها بعد التأكد من عسره ويتألف مكتب المساعدة القضائية بحسب ورجاع المحاكم.

أولا : مكتب المساعدة القضائية بحسب درجة المحاكم:
أ - المجلس الاعلى.
يختص المجلس الاعلى بمنح المساعدة القضائية في النزاعات التي أوكل إليه القانون صلاحية النظر فيها ويتألف مكتب المساعدة القضائية بالمجلس الأعلى من :
- الوكيل العام للملك لديه أو المحامي العام المفوض اليه ذلك بصفته لرئيسا.
- ثلاثة قضاة
- ممثل لوزارة المالية
- كاتب ضبط بصفته كاتبا للجلسة.
2 . محاكم الاستئناف
- الوكيل العام للملك أو نائبه رئيسا
- ممثل لوزارة المالية.
- محام تعينه محكمة الاستئناف.
- كاتب ضبط بصفته كاتبا للجلسة.
3 – المحاكم الابتدائية :
يتألف مكتب المساعدة القضائية بهذه المحاكم :
- الوكيل العام للملك أو نائبه رئيسا.
- ممثل لوزارة المالية.
- محام تعينه المحكمة الابتدائية.
- كاتب ضبط بصفته كاتبا للجلسة.
ويتداول كل مكتب في القضايا المعروضة عليه بحضور جميع أعضائه تحت طائلة البطلان في حالة تخلف أي عضو من أعضائه. وفي حالة الاستعجال اسند القانون لكل من الوكيل العام للملك ووكيل الملك كل واحد فيما يخلصه حق منح قرارا مؤقتا للمساعدة القضائية على ان يبث فيما نهائيا في أقرب اجتماع يعقده المكتب.[5]

ثانيا : الصناديق المستفيدة من تصفية صوائر المساعدة القضائية :
لقد أحدثت المشرع المغربي مجموعة من الصناديق وحددها في كل من صندوق التضامن وصندوق الزيادة وصندوق الضمان ونص على استفادتها من تحصيل ومصاريف المساعدة القضائية التي اسند استخلاصها الى كتابة الضبط بموجب قانون المالية لسنة 1993.

المطلب الثاني : طرق تحصيل صوائر المساعدة القضائية

بعد صدور الاحكام في القضايا المعروضة على القضاء يتعين على كتابة الضبط توجيه الملفات الى ادارة التسجيل من اجل مراقبة العقود المدلى بها لم تخضع لمسطرة التسجيل والتنبر من جهة ولرقابة الرسوم القضائية على المطالب المدنية المقدمة الى المحكمة من جهة اخرى هذا ولقد نصت التعليمات المشتركة لكل من وزير العدل ووزير المالية على مجموعة من الاجراءات يتعين الالتزام بها عند تصفية صوائر المساعدة القضائية والتي نوردها في الفقرة الاولى [6].

الفقرة الاولى : اجراءات تصفية صوائر المساعدة القضائية :

1 – اعداد الامر التنفيذي :
هذا وبرجوع الملفات من ادارة التسجيل، تقوم كتابة الضبط بإعداد الامر التنفيذي وهو مختصر من اصل القرار او الحكم المحفوظ بكتابة الضبط، ونموذج يجري استعماله من طرف جميع محاكم المملكة وبعد تدقيق الرسوم والدعائر والصوائر يحال هذا الامر على النيابة العامة من اجل الاطلاع والتأشير عليه ليصبح قابلا للتنفيذ الجبري.
2 – اعداد بيان التحملات.
يعتبر بيان التحملات اقرار بمديونية كتابة الضبط بالمبلغ الوارد بيان التحمل ويتعين على كتابة الضبط التحلل منه بجميع الطرق القانونية بتحصيله وتحويله الى الخزينة العامة او اقتراح اسقاطه والغاءه اذا توفرت مبررات الالغاء او الاسقاط.
هذا ويتم اعداد بيان التحملات في خمس نظائر يشهد بصحته رئيس كتابة الضبط وتطلع عليه النيابة العامة وجوبا وبعد التأشير عليه من طرف مصالح وزارة المالية توجه نظائره الى كل من مديرية الميزانية والتجهيز بوزارة العدل والنيابة العامة بالنظر الى حق المراقبة الموكول اليه قانونيا.
3 – توجيه الإنذار مع التنفيذ:[7]
ان تحصيل صوائر المساعدة القضائية يستدعي توجيه انذار الى الملزم بالأداء ولا يمكن استفاءها الا بعد مضي ثلاثين يوما من تاريخ توجيه الإنذار بدون صائر، ويعتبر الانذار صحيحا اذا تسلمه المعنى بالأمر شخصيا او بالبريد المضمون مع الاشعار بالتوصيل او بواسطة اعوان المحكمة وفقا لمقتضيات نصوص المسطرة المدنية، وبعد توصل الملزم بالأداء بإحدى الطرف القانونية وانصرام اجل ثلاثين يوما يتعين مباشرة جميع طرف التنفيذ المناحة قانونيا لتحصيل رسوم المساعدة القضائية بما في ذلك تطبيق مسطرة الاكراه البدني في مواجهة الملزم بالأداء اذا تعذر التنفيذ ولم يمنع القانون من ذلك.
الفقرة الثانية :الطرف القانونية للتحلل من تحملات صوائر المساعدة القضائية:
لقد نص قانون المالية لسنة 1993 على وسائل قانونية تمكن بواسطتها اسقاط او الغاء التحملات وبالتالي يتعين على كتابة الضبط سلوكها في ميدان تصفية صوائر المساعدة القضائية لتصحيح الوضع المادي للتحملات ويجب التمييز هنا بين الالغاء والاسقاط والتقادم.
1 – الالغاء : ان الاقتراح بالإلغاء وسيلة للتخلص من التحمل او التخفيف من مديونية كتابه الضبط في ميدان تصفية صوائر المساعدة القضائية وتتجلى صورة عند التحمل بصوائر حكم قابل للطعن وغير حائز لقوة الشيء المقتي به او وجود خطأ مادي تسرب لبيان التحملات او الاوامر التنفيذية مما يلزم كتابة الضبط بإعداد الرسائل التبريرية التي يتطلبها الاقتراح بالإلغاء وتوجيهه الى الخازن العام للمملكة في نهاية كل دورة قصد مرجعة بيان التحملات والاوامر التنفيذية لتصحيح وضعه القانوني وارجاع الامور الى نصابها.
2 – الاسقاط : يعتبر الاسقاط احدى الطرق المتاحة قانونيا للتخلص من التحملات المترتبة على تصفية صوائر المساعدة القضائية او التخفيف منها اذا ما توافرت شروطه.
وتتجلى صوره عند تطبيق مسطرة الاكراه البدني في مواجهة الملزم مع استمرار حالة العسر أو أتبت عوزه بشهادة الفقر بعد تحرير محضر بعدم وجرد ما يحجز أو ظل الملزم بالأداء مجهولا بعد تطبيق مسطرة القيم في حقه وبقي التحري بدون جدوى ففي هذه الحالات جميعها يتعذر استيفاء الذين ويتعين على رئيس كتابة الضبط اعداد الاقتراح بالإسقاط وارفاقه بالوثائق التعليلية وتوجيهه الى الخازن العام للمملكة الذي يتولى بعد دراسته اصدار قائمة التحملات المقبولة بالإسقاط.
3 – التقادم : التقادم هو انصرام الاجل المحدد لاستخلاص الرسم القضائي من التاريخ الذي اصبح فيه واجب الاداء.
وحدد القانون مداه في ثلاث سنوات وبمرور الاجل يتحلل الملزم بالأداء من الالتزامه تحت طائلة مسؤولية الاعوان المكلفين باستيفاء الدين في حالة تبوث التقصير.

خاتمة :
وكخلاصة يمكن القول بأن المغرب على غرار الدول الحديثة يفرض صوائر وواجبات على الدعاوى والاعمال القضائية بصفته عامة، ولكن هذا لا يعني مخالفة مبدأ مجانية القضاء، وخشية ان يكون الالتزام بالصوائر والواجبات القضائية عائقا يحول دون رفع الدعوى فان المشرع اقر نظام المساعدة القضائية حماية لمصلحة المتداعين اللذين لا تمكنهم حالتهم المادية من دفع نفقات الدعوى فيستطيعون بموجبه رفع هذه الدعوى والسير بها واتمام جميع اجراءات التحقيق فيها حتى صدور الحكم وتبليغه والطعن في عند الاقتضاء بالطرق القانونية.
_____________________________________________
هوامش:
[1]- ظهير 27/04/1984
[2]- خالد امجاط، محمد الغريب، مصطفى خازف عرض حول كيفية مسك الصندوق لوزارة العدل محكمة الاستئناف التجارية بمراكش.
[3]- موقع المطالبة بتفعيل مجانية التقاضي والغاء الرسوم القضائية ورفع الحيز الضريبي ومحاربة المحسوبية والرشوة نقابة المحامين بالمغرب بتاريخ 2010/ 06/ 30 عدد القرار 92.69.
[4]- محمد اوراغ مدونة الاسرة والرسوم القضائية بين الاعفاء والزامية الاداء مدونة القانون المغربي 37 يوليوز 2010.
[5]-ظهير الرسوم القضائية رقم 54/84/1.
[6] - ظهير الرسوم القضائية رقم 54/84/1.
[7]- ظهير الرسوم القضائية. مرجع سابق.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -