أنواع العقود الادارية

مقال بعنوان: أنواع العقود الادارية في القانون المغربي

أنواع العقود الادارية في القانون المغربي

مقدمة 
من المعروف أن الأدوات التي تباشر بها الإدارة نشاطها، وتسعى من خلالها لتحقيق أهدافها، تتمثل في القرارات الإدارية التي تصدرها بإرادتها المنفردة الملزمة للأفراد. و تليها العقود الإدارية التي تجد الإدارة نفسها مضطرة ـ لتحقيق ما تسعى إليه ـ إلى أن تتحد إرادتها مع إرادة أو إرادات أخرى ، لينتج عن ذلك عقد بين الإدارة و غيرها . 
والعقود الإدارية هي تلك الاتفاقات التي تبرم بين الإدارة كسلطة عامة قائمة على تحقيق المصلحة العامة وبين الأفراد أو الشركات الخاصة[1]، من أجل إنجاز عمل معين يحقق المنفعة العامة بشكل مباشر، مثل إدارة أحد المرافق العامة أو توريد سلعة أو خدمة، أو تنفيذ أحد الأشغال العامة أو نقل البضائع والأفراد، والمساهمة في بعض أنواع النفقات العامة أو إقراض الأموال، مع تضمين الاتفاق أهم شروط وقواعد تنفيذ العمل المطلوب وأهم حقوق وواجبات كل من الطرفين المتعاقدين لدى تنفيذ ذلك العمل. وعليه يتضح أن العقد الإداري ، إنما هو عقد يتوفر على مجموعة من الخصائص المترجمة لمكانة الإدارة و علاقتها مع الآخر، و مهما تعددت هذه الخصائص فإن أهمها ، خاصية المصلحة العامة و السلطة العامة [2]. 
وإذا كانت العقود أيا كان نوعها تتفق في جوهرها وأركانها، فالعقد في كل الأحوال هو توافق إرادتين على ترتيب أثر قانوني، وأركانه هي الرضا والمحل والسبب. إلا أن الأحكام والقواعد التي تخضع لها العقود الإدارية تختلف وقواعد القانون الخاص المقابلة، سواء فيما يتعلق بتكوين العقد أوآثاره[3]. 
كما أن العقود المبرمة من الإدارة لا تخضع كلها لنظام قانوني واحد بل منها ما يخضع لأحكام و قواعد القانون الخاص ، ومنها ما يخضع لأحكام و قواعد القانون العام ، بمعنى أن هذا الصنف الأخير هو الذي يعد من العقود الإدارية ، ولكي تكون العقود التي تبرمها الدولة عقودا إدارية لا بد من توافر تلاثة عناصر أساسية وهي : 
1. أن يكون أطرافه أشخاصا معنوية عامة (الدولة، الجماعات الترابية، المؤسسات العمومية)؛ 
2. أن يتعلق بتنظيم واستغلال أو تدبير مرفق عمومي؛ 
3. أن يتضمن شروطا استثنائية غير مألوفة في التعاقد العادي. 
تتحدد أهمية هذا الموضوع في أن التجاء الادارة الى الاسلوب التعاقدي يرجع لعدة اسباب اهمها، حاجة الادارة الى متعاقدين يساعدونها على الوفاء بالتزاماتها وتنفيذ برامجها وخططها، وعليه فللعقد الإداري إذن هدف يرمي إلى تحقيقه، وهو هدف لا ينبغي أن يخرج عن إطار المصلحة العامة، إذ كل عقد إداري يبرم لتحقيقها ولكن بطرق متغيرة ومن زوايا مختلفة، وهذا الهدف عادة هو ما يجعل العقود متعددة ومتنوعة. 
بناءا على ماسبق فان الاشكالية التي يطرحها الموضوع كامنة في ان إصباغ الطبيعة الإدارية على العقود المبرمة من طرف الأشخاص المعنوية العامة لا يمكن تحديدها بسهولة، ولذلك فقد درج الفقه و القضاء الإداريين على تقسيم العقود الإدارية - بصفة عامة - إلى قسمين : العقود الإدارية بتحديد القانون أو العقود الإدارية المسماة ، و العقود الإدارية بطبيعتها القضائية أو العقود الإدارية غير المسماة. 
فما هي أنواع العقود الإدارية انطلاقا من تدخل كل من الجهاز التشريعي والقضائي؟ 
للإجابة عن هذا التساؤل، سنعتمد التصميم التالي:

المبحث الأول:العقود الإدارية بتحديد القانون
المطلب الأول:العقود المتصلة باستغلال المرفق العام
المطلب الثاني: عقود الصفقات العمومية
المبحث الثاني: أنواع العقود الإدارية بحكم القضاء
المطلب الأول: العقود الإدارية ذات الصلة بالعمليات المالية
المطلب الثاني: العقود الإدارية المتصلة بالعمليات التجارية

المبحث الأول:العقود الإدارية بتحديد القانون. 

نجد ان المشرع عمل على اصدار عدة قوانين لاضفاء صفة العقد الاداري على الكثير من العقود التي تبرمها الادارة، وسنحاول التطرق لها بايجاز في المطلبين كما يلي: 

المطلب الأول: العقود المتصلة باستغلال المرفق العام . 

الفقرة الأولى: عقد الامتياز. 

أسلوب الإمتياز أو الإلتزام هو من أساليب إدارة المرافق العمومية نتيجة عقد . وفيه تعهد جهة إدارية مانحة الإمتياز إلى أحد الأفراد الخواص أو أحد الأشخاص المعنوية الخاصة أو العامة بتدبير مرفق عام خلال مدة محددة على نفقته و لحسابه و تحث مسؤوليته ،مقابل تقاضي رسوم من المنتفعين من خدمات المرفق الذي غالبا ما يكون تجاريا أو صناعيا. 
ويخضع أسلوب الإمتياز لفكرتين أساسيتين: 
الأولى و هي أن المرفق العام و إن تم تدبيره بأسلوب الإمتياز ،فإنه يظل مرفقا عاما مع جميع النتائج المترتية على وجود المرفق العام. 
أما الفكرة الثانية فهي أن الملتزم و هو الذي يستغل المرفق العام ، له مصالح خاصة ، بمعنى أنه لا يقدم على هذا الإلتزام إلا لتحقيق مصالح و فوائد خاصة. 
ومما سبق نستخلص شروط الإمتياز و هي: 
1ـ الإمتياز عقد يبرم بين ملتزم و سلطة مانحة الإمتياز. 
2ـ موضوع الإمتياز هو إدارة و إستغلال مرفق عام. 
3ـ للإمتياز مدة محدودة فهو لا يمنح بصفة أبدية، وقد كانت الإلتزامات القديمة في القرن التاسع عشر تحدد بمدة 99 سنة أما التشريعات الحديثة فقد جرت على تحديد مدة الإمتياز بحيث لا تتجاوز التلاثين عاما.[4]
4ـ يتحمل صاحب الإمتياز النفقات ، و مخاطر الإدارة أو الإستغلال. 
5ـ يستأثر الملتزم وحده بالأرباح الناتجة من الرسوم و التي يتقضاها من المنتفعين . 
ولعقد الإمتياز طبيعة مزدوجة :تنظيمية و تعاقدية أي أن الإمتياز عمل قانوني مركب له طبيعة مختلطة . و هذا هو التكييف السائد حاليا ، و الذي قال به القاضي الإداري [5] و هو يعني الإمتياز عقد من زاوية و تنظيم لمرفق عام من زاوية أخرى و هذه الطبيعة المختلطة تجعل الإمتياز يشتمل على نوعين من الشروط ، شروط تنظيمية و شروط عقدية. 
فالشروط التنظيمية هي الشروط المتعلقة بتنظيم المرفق وسيره و نشاطه، والتي يعود الإختصاص فيها للإدارة المسؤولة عن المرافق العامة . و ذلك لأن الشروط التنظيمية تستطيع الإدارة بمفردها أن تقوم بتعديلها أو تغييرها وفقا لمقتضيات المصلحة العامة ومن دون حاجة لموافقة الملتزم . شأنها في ذلك شأن القواعد و الشروط في المرافق العامة و التي تدار مباشرة من قبل الإدارة العامة ،مع هذا الفارق و هو وجوب تعويض الملتزم إذا أدى هذا التعديل أو التغيير إلى الإخلال بالتوازن المالي للعقد. 
أما الشروط العقدية: فهي القواعد التي تنظم العلاقة بين الإدارة و الملتزم فقط و لا تمتد إلى المنتفعين، وهي الشروط التي يتضمنها العقد و تتعلق بالمنافع المالية و مدة الإلتزام و المزايا المالية الأخرى من إعانات سنوية، أو ضمان لحد أدنى من الربح أو التوازن المالي للعقد، فكل هذه الشروط الأصل فيها عدم جواز تعديلها أو تغييرها من قبل الإدارة العامة بمفردها وإن تعلقت بالعقد الإداري. 
ـ السلطة المختصة بمنح الإمتياز: 
وقد يكون لمنح الإمتياز اثار سياسية و إقتصادية تمس سيادة الدولة عندما يمنح الإمتياز لشركات أجنبية تحاول التدخل في الشؤون الداخلية للدولة. 
وقد ثار نقاش فقهي حول إختصاص السلطة التنفيذية و صلا حيتها في منح الإمتياز بفرنسا، وما إذا كان ذلك يدخل في صلاحيات المشرع. 
ففي المغرب فإن مجال القانون منحصر في الإختصاصات الواردة في الفصل 71 من دستور 2011 و لا يوجد من بينها ما يشير إلى هذا الإختصاص مما يعني معه أن الإختصاص يمارسه رئيس الحكومة بمرسوم إذا تعلق الأمر بإمتياز مرفق عام وطني [6]. 
أما بخصوص إمتياز المرافق العامة الجهوية فتتم طبقا للفقرة 2 من الفصل 9 من ظهير تنظيم الجهات الصادر في 2 أبريل 1997 التي نصت: 
1- {يمكن للمجلس الجهوي تقديم إقتراحات و إبداء آراء و لهذه الغاية : ...
2 ـ يقترح إحداث المرافق العامة الجهوية و طرق تنظيمها و تدبير شؤونها و خاصة عن طريق الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقلة و إما عن طريق الإمتياز ...}
أما إمتياز المرافق العامة الجماعية فيختص بمنحها المجلس الجماعي بقرار طبقا للفقرة 1 من الفصل 39 و مصادق عليه من لدن وزير الداخلية طبقا للفقرة 5 من الفصل 69 من ظهير 3 أكتوبر 2002 المتعلق بالتنظيم الجماعي الجديد كما تم تعديله بقانون 08ـ17. 
أما إمتياز المرافق العامة الإقليمية فتتم بمقرر طبقا للفقرة 11 من الفصل 36 و مصادق عليه من لدن وزير الداخلية طبقا للقانون المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم القانون رقم 79.00 و قانون رقم 08ـ17. 
و لا بد من الإشارة في هذا الإطار للنقاش القضائي و الفقهي بخصوص تفويض إختصاصات السلطة العامة لشخص من أشخاص القانون الخاص، بمقتضى عقد إمتياز ومدى مشروعيتها، فقد قضى حكم للمحكمة الإدارية بالرباط رقم 4005 بتاريخ 29/12/2010 ما يلي: و حيث إن الإختصاصات الممارسة في إطار الشرطة الإدارية الجماعية غير قابلة للتفويض إلا بنص قانوني صريح .[7]
تكوين عقد الإمتياز: 
الإمتياز كعقد إداري يخضع للأحكام العامة التي تحكم تكوين العقود الإدارية ، و التي تتم بعدة أعمال قانونية يشترك في القيام بها عدد من أعضاء السلطة الإدارية و هذه الأعمال هي أعمال الإذن بالتعاقد .ثم إبرام العقد و أخيرا التصديق على التعاقد. وإبرام العقد يدخل في إختصاص الرئيس في السلطة المركزية { الوزير بالنسبة لوزارته } أما التصديق فيعود للسلطة الوصائية المركزية بالنسبة لعقود السلطات اللامركزية وللسلطة الرئاسية بالنسبة لعقود أعضاء السلطة المركزية وذلك حسبما تحدده القوانين . 
لذلك فإن إبرام عقد الإمتياز أي إقرار شروطه و التوقيع عليه لا يجعله نهائيا، فالإدارة لا تعتبر ملزمة إلا بعد التصديق على العقد و يعتبر العقد في هذه الحالة موجودا من تاريخ إبرامه لا من تاريخ التصديق عليه. أما إذا إمتنعت الإدارة عن التصديق فيعتبر العقد و كأن لم يكن. 
أما إختيار المتعاقد بالنسبة لعقد الإمتياز فالتشريعات عادة لا تلزم الإدارة العامة بإتباع إجراءات المناقصة لإختيار الملتزم ، لأن الإعتبار الأول في الإمتياز يرتبط بالمؤهلات الفنية وبالإمكانيات المالية للملتزم، و بالنظر لضخامة الهيئات التي تعطى بهذه الطريقة عادة و لقلة من تتوفر فيهم هذه الشروط. 
هذا و يشتمل عقد الإمتياز و الذي يجب أن بأخد شكلا كتابيا على العناصر الآتية: 
1 ـ قائمة الشروط أو دفتر الأعباء : و تعد الإدارة العامة هذه القائمة قبل التعاقد وبالإستفادة من القوائم النموذجية الموجودة لمختلف أنواع الهيئات و هكذا تضع بدقة قواعد إستغلال المرفق العام وإلتزامات كل من الطرفين وعلى المتعاقد أن يحدد موقفه من هذه الشروط بقبولها أو رفضها. 
2 ـ العقد أو الإتفاق : و هو أداة الإمتياز و له طبيعة مزدوجة عقدية و تنظيمية. 
3 ـ لا بد أن يشتمل العقد على الشروط و الإجراءات التنفيذية لتطبيقه.

الفقرة الثانية : عقد التدبير المفوض. 

تم إستعمال إصطلاح تفويض المرفق العام délégation de service public ،لأول مرة في التشريع الفرنسي وذلك في قانون 6 فبراير 1962 ، الخاص بالإدارة المركزية للجمهورية [8]. 
ويعد أسلوب التدبير المفوض من الأساليب الجديدة في تدبير المرافق العامة ، يعتمد على إشراك الخواص في إحداث البنيات التحتية اللازمة لسير المرافق العامة الوطنية لاسيما المحلية منها . و قد تم اللجوء إليه بالمغرب لوضع حد للعجز الحاصل في تدبير بعض المرافق المحلية الحيوية من لدن الجماعات المحلية بسبب ضعف الإمكانيات المادية و التقنية و نقص القدرات التدبيرية . بحيث أعتمد هذا الأسلوب من لدن المجموعة الحضرية للدار البيضاء التي أبرمت أول عقد مع الشركة الفرنسية Lyonnaise des eaux ليدك حاليا سنة 1997. تعهدت بموجبه هذه الأخيرة بتدبير مرفق توزيع الماء و الكهرباء و التطهير السائل لمدة 30 سنة. 
ولقد أعطيت للتدبير المفوض تعريفات متعددة، مما أدى إلى ظهور مفاهيم غامضة و متناقضة لهذا الأسلوب بحيث يماثل أسلوب الإمتياز في نظر البعض، في حين يرى البعض الآخر أن التدبير المفوض يدخل في إطار التقنيات القانونية و التنظيمية الجديدة المستخدمة في إشراك الخواص في تسيير المرافق العامة، ولا يعتبر مجرد تسمية جديدة لأسلوب الإمتياز مادام أن له مميزاته الخاصة . في حين ركز البعض الآخر على المفهوم الواسع للتدبير المفوض بإعتباره أسلوب شامل لمختلف طرق تدبير المرافق العامة من طرف الخواص. وهو رأي ينسجم مع التصور الفرنسي الذي يدرج في إطار التسيير المفوض مختلف الأشكال لتدبيرالمرافق العامة كالإمتياز و الإستئجار و الإنابة. 
في حين أن التدبير المفوض بالمغرب له مدلوله الخاص لا سيما بعد إصدار القانون رقم 05ـ54 [9] سنة 2006 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة ،الذي عرف في مادته الثانية التدبير المفوض بأنه " عقد يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى المفوض لمدة محددة ، تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى المفوض إليه، يخول له حق تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا". 
و لعقد التدبير المفوض عدة خصوصيات نذكر منها: 
ـ أنه عقد إداري يشتمل على ثلاثة عناصر أساسية : إتفاق ، دفتر للتحملات و الملاحق. 
ـ طريقة إبرام العقد: إذا كان عقد الإمتياز يتم إبرامه بحرية ، دون اللجوء أحيانا إلى مسطرة الإشهار و الإعلان عن المنافسة ، فإن إبرام عقد التدبير المفوض يتم بطرق متعددة : فهو يتم إما عن طريق الإتفاق المباشر او يتم عن طريق المباراة أو طلب العروض حسب الأحوال ووفقا للمقتضيات التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل في مجال الصفقات العمومية. 
وللإشارة فإن مرسوم 30دجنبر 1998 المعدل بمرسوم 5 فبراير 2007 حول الصفقات العمومية للدولة. يستثني في فصله الثاني عقود الإمتياز من تطبيق مقتضياته حيث ينص على ما يلي: " تستثنى من مجال تطبيق هذا المرسوم الإتفاقات أو العقود التي يتعين على الدولة إبرامها وفقا للأشكال و حسب قواعد القانون العادي وكذا عقود إمتياز المرفق العام." 
و بالتالي فعقد التدبير المفوض ما دام يخضع للقواعد السارية المفعول في مجال الصفقات العمومية، فإنه بذلك يختلف عن عقود الإمتياز فيما يتعلق بعملية الإبرام. 
- مدة العقد: وفق المادة 13 من القانون المتعلق بالتدبير المفوض فإن مدة العقد يجب أن تكون محددة تأخد بعين الإعتبار المدة الطبيعية للأعمال المطلوبة ، و لا يمكن التمديد إلا عندما يكون المفوض إليه ملزما من أجل حسن تنفيذ الخدمة. 
شكل الرقابة: إذا كانت الأساليب التقليدية لتدبير المرافق العامة ، تخضع من حيث الرقابة لظهير 14 أبريل 1960 المعدل بقانون 69.00 المتعلق بالرقابة المالية للدولة على المؤسسات العمومية و الشركات ذات الإمتياز ، و المنظمات المستفيدة من الدعم المالي العمومي ، فإن عقود التدبير المفوض تخضع بالإضافة إلى رقابة المجالس الجهوية للحسابات ، لرقابة لجنة الظبط أو آليات الإفتحاص الخارجي و التدقيق ، بمبادرة من وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية . 
وفي الأخير لا بد من الإشارة بأن القراءة المتأنية لمضامين القانون رقم 05ـ54 تدل على أن عقد التدبير المفوض يتقاطع في العديد من مقتضياته مع عقد الإمتياز دون أن ننسى الإختلافات المميزة لكل منهما. فعقد التدبير المفوض ظهر بالأساس في وقت عرف فيه الإمتياز عجزا و عدم قدرته على مسايرة و ثيرة التغيرات التي عرفها تنظيم المرافق وتسييرها . 

المطلب الثاني: عقود الصفقات العمومية. 

الفقرة الأولى: عقد الأشغال العمومية. 

يقصد بعقد ابرام صفقات الاشغال العومية كل عقد يتم باتفاق بين الادارة العامة وبين احد مقاولي القطاع الخاص (فرد أو شركة)، كما انه يمكن ان يكون الطرف الثاني شخص من اشخاص القانون العام. يقوم بموجبه بالقيام ببعض الاشغال العمومية لقاء اجر معين يكون متفقا عليه في العقد ويهدف الى تحقيق المنفعة العامة [10]. 
وتتعلق صفقة الاشغال بتنفيذ هذه الاشغال، ولقد تم تعريف هذه الصفقة في المادة الثانية من دفتر الشروط الادارية العامة المطبقة على صفقات الاشغال المنجزة لحساب الدولة. وقد جاء التعريف كمايلي: 
" كل عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة ومقاول من جهة اخرى، شخصا طبيعيا كان او معنويا، ويهدف إلى بناء منشئات البنية التحتية أو عقارات يكتسي فيها تسليم التوريدات طابعا ثانويا، على ان يحتسب تقييم هذه التوريدات في كلفة الأشغال."[11]
وعليه يتضح من التعاريف ان عقد الاشغال العمومية يستوجب بعض الاجراءات الاولية لتحظير الاشغال: 
ـ الترخيص من قبل الإدارة للمقاول. 
ـ إن ينصب موضوع العقد على عقار وليس منقول. 
ـ قيام الإدارة بإبرام العقد باسم الدولة مع المقاول. 
ـ وجود مقاول حقيقي وهو الشخص الطبيعي أو المعنوي نائل الصفقة، والمسؤول عن تنفيذها إزاء صاحب المشروع. 
ـ وضع أماكن الاستعمال لأجل الأشغال من قبل صاحب المشروع رهن اشارة المقاول. 
وكما سبق الذكر فان العقد يكون من قبيل عقود الأشغال العامة متى تعلق الأمر بعقار ولو كان موضوعه اقامة بعض التحسينات مثل مد بعض الخطوط الهاتفية، او مد أسلاك الكهرباء، او احداث قنوات الماء الصالح للشرب. 
وفي هذا الصدد يمكن طرح الاشكال التالي: هل من الضروري ان ينصب موضوع عقد الاشغال على عقار مملوك لشخص معنوي عام حتى نعتبر العقد المبرم عقد أشغال عمومية؟ 
هنا تجدر الاشارة الى انه يكفي ان يكون هذا العمل لحساب شخص معنوي عام صاحب المشروع ويهدف الى تحقيق الصلة العامة حتى يمكن تصنيفه ضمن عقود الاشغال العامة، حتى ولو كان محل العقد عقارا مملوكا لأحد الخواص. 
وبالرجوع الى الاجتهادات القضائية المحددة لمعايير تمييز العقد الاداري، فاننا نكون امام عقد اداري ولوكانت الاطراف اشخاص من اشخاص القانون الخاص شريطة تواجد عنصر التفويض الذي توجهه الدولة لأحد هته الأطراف، وهو ما قضت به الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى في قرارها: " إذا كانت الصفقة المتنازع حول طبيعتها القانونية قد ابرمت من اجل ايصال الماء الشروب في اطار مرفق عام، وفي نطاق المرسوم المتعلق بصفقات الاشغال المبرمة لحساب الدولة ولو كان طرفاها اشخاص القانون الخاص، مادامت الشركة صاحبة المشروع في مركز المفوض له من قبل السلطات العامة المختصة"[12]
عقد الاشغال العمومية كغيره من العقود الادارية له مدة سريان يقف عند انقضائها وقد تكون هذه المدة متضمنة في بنود العقد باتفاق بين الطرفين، او قد ينتهي العقد عند انتهاء الاشغال المزمع القيام بها من طرف المقاول وحصول واقعة التسليم النهائي، غير ان هذه المدة قد تتخللها بعض الصعوبات في تنفيذ الاشغال التي غالبا ما تقع على عاتق المقاول [13]في حالة القوة القاهرة فان المقاول قد يحصل على تمديد معقول في اجل التنفيذ الذي يجب ان يكون موضوع عقد ملحق. 
وقد تتخلل المدة حالات تستوجب توقيف الاشغال سواء بصفة مؤقتة او دائمة: 
 تأجيل الاشغال أو توقيفها. 
 وفاة المقاول. 
 فقدان الاهلية القانونية والمالية والتقنية. 
 التصفية والتسوية القضائية . 

الفقرة الثانية: عقد التوريدات وعقد الخدمات. 

أولا : عقد التوريدات.[14]

عقد التوريدات عقد بمقتضاه يتعهد احد الافراد او احدى الشركات الخصة بتوريد السلع او اجهزة معينة لحساب شخص معنوي عام مقابل ثمن معين يتفق عليه في العقد، ويهدف الى تحقيق المصلحة العامة مثل توريد بعض المعدات، المواد الغذائية للمدارس او المستشفيات... [15]
ومن ذلك نستخلص ان عقد التوريدات يرد على منقولات معينة يأمنها احد الخواص لحساب الشخص المعنوي العام تكون لازمة لمرافق عامة بحيث لاينصب موضوع العقد على عقار بعكس عقد الاشغال العمومية. 
وما يميز عقد صفقة التوريدات انه يفترض اقتناء منتوجات او معدات او تملكها بقرض اجاري او بايجارها بنية البيع مع وجود خيار الشراء او بدونه، يبرم بين صاحب مشروع ومورد . [16]
ولما كان عقد التوريد عقد يرد على منقول فانه يترتب على طرفيه بعض الالتزامات التي قد يتضمنها العقد او تحددها المبادئ العامة للعقد ومنها: 
التزام المورد بتوريد الاصناف المتعاقد بشأنها بالمواصفات التي تم الاتفاق عليها. 
الالتزام بآجال التسليم المقررة في العقد تحت طائلة الغاء العقد، وكذلك الالتزام بتقديم فاتورة ماتم توريده. 
التزام الادارة باستلام الاصناف وفحصها ومطابقتها للمواصفات والعينات المطلوبة طبقا لاحكام العقد. 

ثانيا :عقد تقديم الخدمات. 

يقصد بعقد تقديم الخدمات العقد الذي يتفق بمقتضاه احد الاشخاص العامة مع احد الخواص على ان يقدم هذا الاخير خدماته للشخص العام مقابل عوض يتم الاتفاق عليه، مثل: 
عقد لتوظيف شخص لمدة معينة. او القيام بعمل معين كاجراء دراسات معينة او تأجير خيام ومقاعد للمصالح الحكومية في الاحتفالات الرسمية او تأجير بعض ادوات البناء. 
هذا ونستخلص من التعريف المومإ إليه ان موضوع عقد الخدمات يكون بالاساس انجاز اعمال خدماتية تتطلبها الادارة، بحيث لايمكن وصف هذه الخدمات بالاشغال او التوريدات، ويشمل هذا المفهوم على الخصوص[17] : 
- الصفقات المتعلقة باعمال الدرسات والاشراف على الاشغال التي تتضمن عند الاقتضاء التزامات خاصة مرتبطة بالملكية الفكرية. 
- صفقات الخدمات العادية والتي يكون موضوعها اقتناء صاحب المشروع لخدمات يمكن تقديمها بدون مواصفات تقنية يشترطها صاحب المشروع. 
هذا وتجدر الاشارة في نهاية المطلب المتعلق بانواع العقود الادارية المتعلقة بالصفقات العمومية، أن المرسوم الجديد المتعلق بالصفقات العمومية اضاف صنفا اخر من انواع الصفقات العمومية اسماه بصفقة " التصور والانجاز "، وهي صفقة تتضمن في نفس الوقت تصورا للمشروع وانجازا له، ويلجأ اليها بالنسبة لمشاريع البنية التحتية من نوع خاص واعمال متميزة تتطلب طرقا خاصة ومراحل تصميم معقدة ومندمجة بشكل يتطلب اشراك صاحب التصور مع منجز العمل . وتبرم هذه الصفقات عن طريق المباراة ويلجأ اليها بعد الحصول على ترخيص مسبق من طرف رئيس الحكومة واستطلاع راي لجنة الصفقات. [18]

المبحث الثاني: أنواع العقود الإدارية بحكم القضاء. 

إن إقرار المعايير الثلاثة في تحديد العقود الإدارية كما ورد في العرض السابق، يؤدي بنا الى استنتاج حقيقتين ثابتتين، أولهما ان كل انواع العقود التي سنوردها في هذا المبحث هي عقود في الاصل عقود خاصة. والثانية ان توفر المعايير الثلاثة مجتمعة لامتفرقة هي التي تمكن القاضي بسلطته التقديرية من اعتبار اي عقد خاص عقد اداريا. 
ولتبسيط معالجتنا لهذا الصنف من العقود نقترح التالي:

المطلب الأول: العقود الإدارية ذات الصلة بالعمليات المالية. 

وتضم كل من عقد تقديم المساعدة، وعقد القروض العامة، وعقد الشراكة، وسنتناول كل منها كما في الاتي : 

الفقرة الأولى: عقد تقديم المساعدة . 

عقد تقديم المساعدة أو ما يسمى كذلك بعقد المعاونة، هو عقد يلتزم بمقتضاه شخص من أشخاص القانون العام او الخاص بالمساهمة نقدا أو عينا في نفقات مرفق عام ، أو أشغال عامة . 
فالملتزم بالمعاونة يصبح ملزما بتنفيد إلتزامه بمجرد قبول الإدارة لعرضه ، أما الإدارة فليست ملزمة به ما دامت تستطيع أن تتحلل من إلتزاماتها بعدم تنفيد المشروع دون أدنى مسؤولية. 
ومن أمثلة عقد تقديم المعاونة أن يعرض أحد المحسنين المساهمة في بناء مشروع من المنفعة العامة (مدرسة، ميناء، مستوصف .....) فإذا قبلت الإدارة المعنية إنعقد العقد و أصبح المعني بالأمر ملزما بالمساهمة بما تعهد به. 
وهذا العقد يتعهد بمقتضاه شخص برضائه و إختياره في أن يشارك في نفقات مشروع من مشروعات الأشغال العامة أو المرافق العامة، وقد يصدر من احد الأفراد أو الأشخاص المرفقية كالمؤسسات العامة، وقد يكون التعهد ذا مصلحة في تعهده أو غير ذي مصلحة فيه. وقد يكون بعوض أو يتمخض تبرعا، و قد يكون مثارا من جانب الحكومة أومبتدأ من تلقاء متعهد، كما يمكن أن تكون المساهمة بمبلغ من المال أو بشيء عيني كأرض أو غيرها، و لكن مهما إختلفت صور هذا العقد و تباينت اوصافه فهو يقوم على المساهمة الإختيارية في مشروع ذي نفع عام. 
والأصل ان يكون التطوع بالمساهمة إختياريا و لو جاء نتيجة طلب من الإدارة أو بإغراء من جانبها ، و للمتقدم بالمعاونة الحق في أن يسحب عرضه قبل أن تقبله الإدارة أما إذا قبلته فإن الأمر يكون منتهيا و يصبح العقد ملزما. 
و الأصل في هذا العقد أنه يكون ملزما لجانب واحد، وهو جانب المتقدم بالمعاونة، أما الإدارة فلا إلتزام عليها، إذ تستطيع التحلل من تنفيد المشروع الذي قدم العرض من أجله. ولا يعتبر عدم التنفيذ من جانبها خطأ تعاقديا يمكن أن يستتبع مسؤوليتها. كل ما في الأمر هو أن المتعاقد معها يستطيع بدوره التحلل من إلتزاماته. 
ومن خصائصه انه يعتبر عقدا إداريا ويتحقق ذلك إذا تعلق الامر بتنفيذ أشغال عامة. أما إذا لم يتصل بهذه الاخيرة بل إرتبط بتنظيم مرفق عام. فان القضاء الاداري لايعتبره عقدا اداريا بتحديد القانون بل يكون اداريا او مدنيا بحسب خصائصه الذاتية.

الفقرة الثانية : عقد القرض العام. 

وهو عقد بمقتضاه يقوم احد الخواص (فرد او شركة، بنك) باقراض مبلغ من المال الى احد اشخاص القانون العام . يتعهد هذا الاخير بتسديده في موعد محدد يستوي في ذلك ان يكون بفائدة او بدونها حسب مايتم الاتفاق عليه في التعاقد ، ومن خصائصه انه مبلغ من المال والمال قديكون عينا او نقدا، وغالبا ماتتخذ القروض العامة شكلا عينيا بواسطة التسهيلات الائتمانية، بالاضافة الى انه يدفع بصورة اختيارية، ويتم بموجب عقد ويدفع للاشخاص المعنوية العامة. 
ومما تجدر الاشارة له ان قروض الدولة تعد من العقود التي تدخل المنازعات بشأنها في اختصاص القضاء الاداري وهي كذلك على خلاف قروض المؤسسات الخاصة التي تخضع لاحكام القانون التجاري واختصاص المحاكم التجارية. وعلى هذا الاساس قضت المحكمة الادارية بمراكش في حكم لها " وحيث ان المدعى عليه (البنك الشعبي) مؤسسة بنكية لها صبغة تجارية ولا تخضع للقانون العام... وحيث لما كان عقد القرض المطلوب التعويض عن فسخه يعتبر عقدا مدنيا تحكمه قواعد القانون الخاص فان امر البت في اي نزاع بشانه يرجع الى القضاء العادي." مع مراعاة ان طبيعة العقد قد تكون إدارية أو مدنية وفقا لطبيعته الذاتية . وأحيانا إذا كان قرضا للدولة او قرضا لاشخاص معنوية اخرى. واذا كان في الغالب ان قروض الدولة هي عقود ادارية، اما عقود الاشخاص العامة الاخرى فانها تكون ادارية او مدنية بحسب ماتحتوي عليه من شروط.

الفقرة الثالثة : عقد الشراكة . 

ظهر عقد الشراكة بين القطاعين العام و الخاص في فرنسا سنة 2004 حيث جاء في تعريف الأمر الجمهوري الفرنسي رقم 559ـ2004 بتاريخ 17 يونيو 2004 [19] . كما تم تغييره و تتميمه بمقتضى القانون رقم 73 ـ2008 الصادر في 28 يوليوز 2008.[20]
"هو عقد إداري يعهد بمقتضاه أحد أشخاص القانون العام إلى أحد أشخاص القانون العام أو إلى احد أشخاص القانون الخاص القيام بمهمة شاملة تتعلق بتمويل الإستثمار المتعلق بالأعمال والتجهيزات الضرورية للمرفق العام وإدارتها وإستغلالها وصيانتها طوال مدة العقد المحددة وفق طبيعة الإستثمار أو طرق التمويل، في مقابل مبالغ مالية تلتزم الإدارة المتعاقدة بدفعها إليه بشكل مجزئ طوال مدة الفترة التعاقدية. 
ولا يزال مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص يكتنفه الغموض بالنظر إلى حداثة نشأته وظهوره الشيء الذي يدعو إلى تمييزه عن مجموعة من أشكال العقود القريبة منه ، كعقد الإمتياز والتدبير المفوض وعقد إيجار المرفق العام. 
إن كلا عقد الشراكة والتدبير المفوض يشتركان في كونهما معا يعتبران عقدان شاملان ولمدة طويلة غير ان الشراكة لا تنصب بالضرورة على مرفق عام بل تهم المشاريع التنموية والخبرة العلمية او تأهيل العنصر البشري، فهي أشمل من التدبير المفوض أضف إلى ذلك أن الشراكة تعني إيجاد شريك للدولة والجماعات المحلية في تحمل الاعباء و تقاسم الفوائد و المخاطر و هو ما لا نجده في أشكال التدبير المفوض و بالرجوع إلى المادة الثانية من القانون 05 ـ 54 فعقد التدبير المفوض يمكن أن يبرم بين شخصين من القانون العام عكس الشراكة التي تتطلب و جود شخص من القانون الخاص. 
إضافة إلى أن في عقد الإمتياز كما في التدبير المفوض يتحمل الملتزم لوحده اخطار و مخاطر المشروع ، في حين ان الشراكة بين القطاعين العام و الخاص تتطلب بالضرورة إقتسام الأرباح و المخاطر على السواء ، كما أن عقد الإمتياز يمكن أن يبرم بين شخصين من القانون العام عكس الشراكة التي تتطلب بالضرورة وجود شخص من القانون الخاص ، و على مستوى الأرباح و المخاطر ، فعقد الإمتياز يخول للطرف المتعاقد مع الإدارة حق تحصيل اجرة من المرتفقين مقابل الخدمات التي يقدمها إليهم عكس الشراكة التي تتعهد الإدارة فيها بتقديم مكافئات مالية للشخص الخاص طيلة مدة العقد. 
و يختلف عقد الإيجار عن عقد الشراكة ، في كون عقد الإيجار لا يمثل الشراكة بين القطاعين العام و الخاص ، ذلك أنه يمكن أن يبرم بين شخص من أشخاص القانون العام ، كما أن الشخص المتعاقد معه يتولى فقط تأمين المرفق دون القيام بعمليات التمويل و الإستثمار و بذلك فهو يختلف إختلافا جدريا عن الشراكة.[21]

المطلب الثاني: العقود الإدارية المتصلة بالعمليات التجارية. 

الفقرة الأولى: العقود التبادلية. 

اولا: عقود البيع . 

مما لاشك فيه ان عقود البيع التي تبرمها الادارة هي من عقود القانون الخاص، واذا كان عقد البيع من العقود المسماة في القانون الخاص، فان لجوء الادارة اليه هو بمثابة الاعلان عن نيتها في استعمال وسائل القانون الخاص. انطلاقا من ان المال العام كما هو معلوم لايقبل التصرف فيه، ومن ثًم فان عقود البيع التي تبرمها الادارة تنصب عادة على مال من اموال الضومين الخاص. 
وفي معظم الحالات تذهب الهيئات العامة اثناء ابرام عقود البيع استثناءا الى مقتضيات القانون الخاص، وعليه قضى حكم للمحكمة الادارية بالرباط " ليس كل العقود التي تكون الادارة طرفا فيها تعد عقودا ادارية، ان الادارة حينما ابرمت عقد البيع مع المدعي تكون قد تعاقدت معه، كشخص من اشخاص القانون الخاص، مما يجعل النزاع المنصب حول مدى تنفيذ الادارة المدعى عليها لالتزاماتها التعاقدية يخرج عن الاختصاص النوعي لهذه المحكمة." 
على انه اذا كان هذا هو الاصل العام . فان بعض عقود البيع التي تبرمها الادارة تعتبر ادارية اذا ماتجلت نيتها في الاخذ بوسائل القانون العام عن طريق ادراج شروط استثنائية وغير مألوفة في العقد، او اذا ما كان المرفق العام الذي تتصل به تلك العقود يؤدي خدماته في ظروف تستلزم استعمال وسائل القانون العام. 

ثانيا : عقد الاقتناء . 

ان عملية اقتناء الاراضي من طرف السلطات العمومية سواء بالطرق الجبرية او الرضائية من اجل تخصيصها لاعمال البناء و التجهيز في المجال الحضري تعتبر ادوات السياسة العقارية، لانها تساهم في نقل الملكية العقارية من الخواص الى الجماعة، و بالتالي فان هذه العملية تساعد على تعميم المنفعة من خلال وضع الاراضي المقتناة من الخواص رهن اشارة الجميع . 
و تختلف هذه العملية الرضائية بشكل كبير عن الاقتناء الجبري الذي يعتمد على الاكراه او السلطة العمومية من اجل اقتناء الاراضي التي تحتاج اليها الدولة ، من اجل انجاز او اعداد مشاريع التعمير ، و لعل الجميع يفضل العملية الرضائية نظرا لسهولتها من ناحية المساطر و عدم تضرر الخواص منها.[22]
و تلجا الدولة الى مسطرة الاقتناء بالتراضي في حالتين رئيسيتين و هما: 
· حالة احتياج السلطة العامة لرصيد عقاري معين يمكن تخصيصه آنيا أو مستقبلا لإحدى عمليات التعمير و تلجا الى عملية الاقتناء من الخواص طبقا لقواعد القانون الخاص. 
· الحالة الثانية تتجلى في حق الشفعة او حق الاسبقية الذي يعتبر من اهم الادوات القانونية لسياسة التعمير و يسمح هذا الحق للسلطات العمومية بتحديد بعض المناطق الحساسة في التعمير التي يجب ان تتمتع فيها بمقتضى القانون بحق الاولوية في اقتناء الاراضي الحضرية المعروضة للبيع من طرف الخواص. 

1. الاقتناء بالتراضي 
ويتم اللجوء الى هذه الالية المذكورة في المرحلة الاولى وفق مسطرة قانونية خاصة و من طرف جهات محددة بموجب القانون تتمثل في مصلحة الاملاك المخزنية و هي الجهاز المسؤول عن عمليات الاقتناء التي ترغب فيها الادارات و المؤسسات العموية الا ان هذه الاملاك تدخل في اطار الملك الخاص للدولة الذي خول المشرع لمصلحة الاملاك المخزنية مهمة تكوينه و تسييره منذ عهد الحماية. 
وكل ذالك محدد في المنشور الصادر عن الوزير الاول تحت رقم 209 بتاريخ 26ماي 1976 و الذي يحدد المساطر اللازم اتباعها من طرف الدولة لإقتناء الاراضي من الخواص [23]. 
وتكون عملية الاقتناء هاته اما من طرف الدولة او من طرف الجماعات الترابية و ذلك طبقا للمساطر المعمول بها، الا ان هذه العملية (عملية الاقتناء) تتم عن طريق تحديد الاراضي المراد اقتناؤها، و توكل مهمة التحديد كما نص على ذالك المنشور السالف الذكر للجنة محلية تتولى مهمة البحث عن الاراضي التي تصلح لانجاز المشاريع المقترحة، وتتكون من: 
السلطة المحلية او من يمثلها. 
دائرة الاملاك المخزنية او من يمثلها. 
مندوب الوزارة المكلفة بالتعمير و السكنى . 
محافظ الاملاك العقارية او من يمثله . 
الادارة المعنية بالمشروع . 
وتلعب مديرية الاملاك المخزنية دورا هاما في تحديد الاراضي بالنظر الى تاكدها من عدم وجود اي ملك خاص للدولة يمكن استعماله للمشروع ، قبل اللجوء الى الخواص للاقتناء. 
وبعد عملية تحديد الاراضي المراد اقتناؤها يتم الانتقال الى تحديد قيمة الاراضي المراد اقتناؤها، والذي يتم طبقا لما ورد في المنشور السالف الذكر. 
والمرحلة الرابعة هي اقدام الادراة على اقتناء الاراضي من أصحابها، عن طريق التفاوض المباشر مع الملاكين وبعد تمام عملية التفاوض تقوم الادارة بعملية تسديد مبلغ الاقتناء.[24]

2. حق الاسبقية في الاقتناء 
عرف المشرع المغربي حق الشفعة في اطار القانون العقاري مند صدور ظهير يونيو 1915 في شان تظيم العقارات المحفظة، حيث نصت المادة 25 من الظهير'' إن الشفعة هي الحق الذي يتمتع به كل مالك على الشياع في اقتناء الجزء الذي تم تفويته للغير، عن طريق الحلول محل هذا الاخير و استرجاعه لمجموع النفقات التي قام بها من اجل شراء العقار. 
اذا كان هذا الحق يعرف ممارسة واسعة في مجال القانون الخاص المغربي فانه لازال في مراحله الاولى على شكل ارهاصات اولية على مستوى السياسة العقارية في مجال قانون التعمير. 
فحق الشفعة او حق الاسبقية في اطار السياسة العقارية يقصد به الحق الذي تتمتع به السلطات العمومية او الجماعات في اولوية اقتناء الاراضي التي ينوي اصحابها تفويتها للغير، ويصبح صاحب الملكية التي تجري عليها مقتضيات حق الاسبقية ملزما تحت طائلة بطلان البيع باخبار الادارة المعنية التي تلزم هي الاخرى بالجواب على الطالب بنية التفويت. 
وحق الاولوية يهدف الى تحقيق مجموعة من الاهداف و لعل اهمها، محاربة المضاربات العقارية واعطاء الأولوية للسلطات العمومية إلا أن مجال تطبيق حق الاسبقية لا يمكن اخذه على اطلاقه بل يخضع الى استثناءات تتجلى في تحديد المناطق الحساسة و تحديد المناطق الخاصة بتطبيق حق الاسبقية، كما تتمتع الوكالات الحضرية بهذا الحق مع تمتع الدولة و الجماعات الترابية و المؤسسات العمومية، و كل ذالك وفقا لمجموعة من الظوابط القانونية ووفق اجال محددة بموجب القانون.[25]

الفقرة الثانية: عقد الإيجار. 

يمكن تعريف عقد الإيجار بأنه اتفاق بين الإدارة والفرد حيث يؤجر هذا الأخير للإدارة عقارا بقصد تخصيصه لمرفق عام، أو يستأجر منها عقارا بقصد استغلاله. 
وبناء على هذا التعريف نستنتج ان عقد الايجار قد تتدخل فيه الادارة كمستأجرة وقد تدخل ايضا كمؤجرة.

أولا : الادارة هي المستأجرة. 

"فالاصل في هذه العقود، انها تعتبر من عقود القانون الخاص مالم تتضمن شروطا استثنائية وغير مألوفة. وقضاء المحاكم العاادية غني في هذا الصدد فيما يتعلق بتأجير الادارة لعقارات بقصد تخصيصها للمرافق العامة المختلفة، إذ يجري في هذا الخصوص على اعتبار هذه العقود من عقود القانون الخاص مالم تحتوي على شروط استثنائية وغير مألوفة. 

ثانيا : الادارة هي المؤجرة. 

في هذه االحالة اما ان يرد الاتفاق على عقارات تتبع الدومين الخاص للادارة فيكون العقد عقدا خاصا، وعلى هذا الاساس قضت المحكمة الادارية بمكناس: 'عقد الكراء المبرم بين ادارة الاملاك المخزنية واحد الخواص في موضوع استغلال ضيعة يعتبر عقدا خاصا ينعقد الاختصاص للبت في النزاع المترتب عنه للقضاء العادي.' 
اما حين يرد الاتفاق على عقارات تتضمن شغلا للدومين العام وهي في هذه الحالة عقود ادارية مثل الاتفاقات التي تبرمها الادارة مع الافراد بقصد شغل جزء من الاراضي المخصصة للمرافق العامة. وتكون المنازعة المترتبة عن هذه الاتفاقات من اختصاص القضاء الاداري، وعلى هذا الاساس قضت الغرفة الادارية : ' يشكل شططا في استعمال السلطة قرار وزير الاوقاف برفض ابرام كراء ملك حبسي عن طريق اجراء المزاد العلني بعد ان انتهت مدة كرائه، لان القوانين المنظمة لاستغلال الأملاك الحبسية ليس فيها اي استثناء لمبدأ وجوب ابرام الكراء بطريق المزاد العلني، ولا شيء يسمح لإدارة الاوقاف بابرام الكراء بالتراضي'. [26]

الفقرة الثالثة: عقد النقل. 

يمكن تعريف عقد النقل على انه " عقد بمقتضاه يتعهد احد الخواص نقل بضائع لحساب الشخص المعنوي العام من اجل تسيير المرفق العام. " [27]
وحري بالذكر أن الاحكام القانونية لهذا العقد لا تختلف عن عقد التوريد الا من حيث موضوعه- لان موضوع عقد النقل هو نقل اشياء منقولة، بينما نجد موضوع عقد التوريد هو توريد منقولات. 
وعليه فانه من الملاحظ ان عقد النقل شبيه بعقد التوريد، وقد يصعب التمييز في بعض الاحيان بين العقدين "في حالة نقل الخطابات بأية وسيلة من وسائل النقل." [28]
ويحدث ايضا "ان يقوم خلط بين عقد النقل من ناحية وعقد الامتياز من ناحية اخرى، إذا كان موضوع عقد الامتياز ينصب على نقل الاشياء، والغالب أن يكون تمت امتياز إذا كان النقل منتظما وبمقتضى رسم معين مقدما، وكان مسموحا به للإدارة وللأفراد على السواء، ويكون عقد نقل اذا كان النقل مقصورا على مرة واحدة او على مرات غير محددة مقدما، وغير مسموح به للافراد. "[29]
تعددت صور العقود الإدارية في الوقت الراهن لدرجة بات معها وضع تصنيف تابت لهذه العقود أمرا صعبا، نظرا للتطورات السريعة التي تلحق بصور العقود لتخلف في النهاية أنواعا جديدة منها لم تكن معروفة من قبل. 
فهذا التعدد أدى إلى التداخل والتشابه بين بعض أنواع العقود الإدارية كما أنه رغم الطبيعة القضائية للعقود الإدارية بصفتها ذات نشأة قضائية إلا أن المشرع قد يتدخل ويحدد بعض أنواع العقود ويدرجها تحت مسمى العقود الإدارية. 
وجدير بالذكر أن العقود الإدارية بتحديد القانون إنما هي في الأصل عبارة عن عقود وضع القضاء أساسها ومبادئها ثم قام المشرع بتقنينها. 
ومن هنا يتضح الدور البالغ الأهمية الذي يقوم به القضاء الإداري في مجال العقود الإدارية. ومما تقدم يتضح أن العقود الإدارية إما أن تكون محددة تشريعيا – بقوة القانون- وهذه لا خلاف في شأنها حيث يتضح سهولة الفرق بينها وبين غيرها من العقود لأن المشرع أضفى عليها الصفة الإدارية مما يسهل تمييزها. وإما أن يتدخل القضاء – وهو الغالب في وضع خصائص وعناصر العقود الإدارية مما يميزها عن غيرها من العقود. 
______________________________________
الهوامش:
[1]- ليس من الضروري أن تكون الإرادة الثانية المنعقدة مع الإدارة أفرادا أو شركات خاصة وإنما قدتشاركها إرادة أخرى سواء كانت إرادة شخص من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص. 
[2] ـ إن المصلحة العامة ليست هي المصلحة الخاصة ،لأن الاولى معناها التأسيس و التنظيم ، بينما الثانية معناها الربح و البحث عن مكاسب شخصية .كما أن المصلحة العامة هي من إختصاص الإدارة و حدها و المحرك الأساسي لنشاطها ،وسبب وجودها و سير إمتيازها .فالإدارة لا يعترف لها المشرع بإمتيازات السلطة العامة إلا من أجل الحاجيات العامة للمواطنين .للمزيد من التفصيل يراجع في هذا الشأن: محمد يحيا ،المغرب الإداري ،ص 291. 
[3]- ولعل هذا هو الذي دفع العميد ديجي إلى إنكار الاختلاف الموضوعي بين العقود الإدارية والعقد المدني، رغم ما في هذا القول من مبالغة لأنه إذا كانت فكرة العقد واحدة في حد ذاتها فإن النظام القانوني يختلف اختلافا كبيرا في الحالتين. 
[4] راجع مليكة الصروخ ،نظرية المرافق العامة الكبرى : دراسة مقرنة ،الطبعة الثانية، ص 84 
[5] تبناها القضاء الإداري الفرنسي في عدة أحكام من أهمها:
ـ C.E . 11/3/1910 Compagnie française des tramways . C.A.J.A 13 ème éd . 2001. 
كما تبناه القضاء الإداري المغربي من خلال الغرفة الإدارية منذ الستينات في قضيتين أساسيتين: 
ـ قضية الشركة الكهربائية المغربية ،قرار عدد 66بتاريخ 22 ماي 1967،مجموعة قضاء المجلس الأعلى ، العدد 3 السنة الأولى 1969، ص 109.
ـ قرار شركة الكتراس مارويكس ، قرار عدد 70 بتاريخ 3 /7/ 1968 ، مجموعة قضاء المجلس الاعلى ، عدد 10 ، ص 7ـ11 . 
[6] راجع المادة الأولى من المرسوم التطبيقي للقانون رقم 89ـ4 المتعلق بالطرق السيارة الذي نص : يمكن أن تمنح الدولة لأشخاص القانون العام و الخاص إمتيازا إما لإنشاء طريق سيار و صيانته و استغلاله ...... و تتم الموافقة على الامتياز و دفتر الشروط . بمرسوم يتخذ بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالأشغال العمومية و وزير المالية ، مرسوم 2 فبراير 1993 ، ج.ر . عدد 4190 بتاريخ 17 فبراير 1993، ص 228.
[7] راجع محمد الأعرج ،طرق تدبير المرافق العامة بالمغرب ، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية 101، الطبعة الثانية 2013 ، ص 111. 
[8] أحمد بوعشيق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحولات المعاصرة .الطبعة السابعة 2002 ،ص 194 . 
[9] القانون رقم 54.05 لسنة 2006 المتعلق بالتدبير المفوض للمرفق العام الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.15 بتاريخ 15 محرم 1427 موافق ل 14 فبراير 2006 منشور بالجريدة الرسمية عدد 5404 بتاريخ 16 مارس 2006 ، ص 477 . 
[10] دة مليكة الصروخ، الصفقات العمومية في المغرب، مطبعة دار النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الاولى 2009، ص24 .
[11] للتوسع اكثر انظر عبد القادر باينة، الوسائل القانونية للنشاط الاداري، منشورات زاوية مطبعة المعارف الجديدة للنشر والتوزيع، الرباط ، طبعة 2006 . ص 127.
[12] قرار الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى عدد 788 لسنة 1996. 
[13]  للتوسع اكثر راجع دة. مليكة الصروخ، مرجع سابق ص 210. 
[14]  نذكر ان المرسوم المؤرخ في 14 اكتوبر 1976 كان يسميها بصفقات الادوات. 
[15]  دة. مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص 26. 
[16]  دة مليكة الصروخ، مرجع سابق،ص 49. 
[17]  دة.مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص 50. 
[18] مستجدات المرسوم رقم 2-12-349 المتعلق باليات وطرق ابرام الصفقات العمومية . المرسوم المؤرخ في 20 مارس 2013 مجلة المالية، لوزارة الاقتصاد والمالية / العدد 23 – ابريل 2014 الملف7.
[19] Journal officiel français .n 141du 19 juin 2004. 
[20] Loi n 2008 – 735 du 28 juillet 2008 relative aux contrats de partenariat . JORF . n 0175 du 29 juillet 2008 . texte n 1
[21] رشيد عدنان ، باحث في التنمية المحلية بكلية الحقوق سطات، مجلة مسالك عدد مزدوج 17 ـ 18 2011 ص 56 
189 ص 2000 انظر الهادي مقداد '' السياسة العقارية في ميدان التعمير و السكنى''مطبعة النجاح الجديدة الدر البيضاء الطبعة الاولى [22]
[23] الهادي مقدد مرجع سابق ص 191
203 - 192من اجل مزيد من التوسع بخصوص تحديد قيمة الاملاك ز عملية الاقتناء و تسديد المبالغ انظر الهاد ي مقداد مرجع سابق ص [24] 
[25] الهادي مقداد مرجع سابق ـ للتوسع راجع الصفحات من 222-204 
[26] د.محمد الاعرج، نظام العقود الادارية والصفقات العمومية وفق قرارات واحكام القضاء الاداري المغربي، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، العدد 88 ، ط 3 ، 2011، ص 49 ومابعدها بتصرف . 
[27] د.عبد القادر باينة ، الوسائل القانونية للنشاط الاداري، منشورت زاوية مطبعة المعارف الجديدة الرباط، ط 2006 ، ص 112. 
[28] دة.مليكة الصروخ، الصفقات العمومية في المغرب،منشورات دار القلم، ط الاولى 2009 .ص 24. 
[29] د.محمد الاعرج، نظام العقود الادارية والصفقات العمومية وفق قرارات واحكام القضاء الاداري المغربي، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، العدد 88 ، ط 3 ، 2011، ص44.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -