مقال بعنوان: تنفيذ العقد الاداري
مـقـدمـــة :
يعتبر تنفيد العقدالإداري أهم مرحلة من مراحل إبرام الدولة للعقود الإدارية، والعقد الإداري هو كما حاول القضاء الإداري في كثير من البلدان تعريفه بأنه العقد الذي يبرمه شخص معنوي
من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره، ويفصح فيه عن نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
وبخلاف عقود القانون الخاص والتي تستند إلى استقلالية إرادة الفرقاء والمبادلة فيما بينهم، فإن العقود الإدارية تبقى على النقيض من ذلك تماما، وهي تهدف أولا وأخيرا إلى تأمين وتسهيل مهمة المرفق العام، وبالتالي فإن تكريس هذا الهدف السامي يجعل الإدارة تتمتع تجاه الفريق المتعاقد معها بمجموعة من الصلاحيات والإمتيازات ،والتي لا تسمح فقط بإجراء نوع من الرقابة ذات الطابع الاستثنائي على مراحل التنفيذ، وإنما أيضا وضمن شروط معينة بعض بنود العقد بمشيئتها المنفردة .
فالعقد الإداري يختلف عن العقد المدني، حيث هناك إدارة طرف (قوي بالقانون) يملك إمتيازات
السلطة العامة و طرف خاص (ضعيف) يفتقر إلى أدنى سلطة تمكنه من مواجهة السلطة
الإدارية و قد أثّر ذلك على تنفيذ العقد الإداري خلافا لما هو معمول به في العقود ا لخاصة و التي تعتمد أساسا على قاعدة العقد شريعةالمتعاقدين.فإذا أبرم العقد الإداري فإنه يترتب عليه جملة من الآثار على طرفيه المتعاقدين، تتمثل في الحقوق والالتزامات التي تتمتع بها الإدارة من جهة وما يقابلها من حقوق والتزامات يتمتع بها المتعاقد من جهة أخرى، حيث نجد الإدارة تملك وسائل قانونية تمكنها من التأثير المباشر على تنفيذ العقد و لا يعني هذا أبدا التضحية بحقوق المتعاقد معها حيث يملك هذا الأخير بعض الضمانات التي تكفل له حماية حقوقه
فالإدارة تتوج نفسها بمجموعة من الامتيازات وبمعزل عن أية بنود تعاقدية وعن أي نص كما
أنها لا تستطيع التنازل عنها مسبقا إذ أنها تتصل بمسؤوليتها في إدارة المرفق العام .
وتظهر هذه الإمتيازات على الشكل التالي :
حق التوجه والمراقبة Le pouvoir des direction et de contrôle
حق فرض العقوبات Le pouvoir de e Sanction
حق تعديل شروط العقد Le pouvoir de modification unilatéral
حق إلغاء العقد لمصلحة المرفق Le pouvoir de résiliation unilatéral de servisse
و لم تنشأ نظرية العقود الإدارية فى فرنسا إلا فى مطلع القرن العشرين حين كان المعيار المتبع للتميز بين أعمال السلطة وأعمال الإدارة هو معيار السلطه العامة، فإذا تعلق النزاع بعمل من
أعمال السلطة إنعقد الإختصاص للمحاكم الإدارية ، إما إذا تعلقت المنازعة بعمل من أعمال الإدارة فإن الإختصاص يخول للمحاكم العادية .
وتطبيقا لنظرية السلطة العامة فقد قسم البعض من ( الفقه الفرنسى ) وسايره فى ذلك ( أحكام القضاء ) أعمال الإدارة إلى قسمين ( القسم الأول ) أعمال السلطة وهى التى تتعلق بالسلطة
العامة فى الدولة لما لها من
إمتيازات خاصة وما لها من سلطة إجبار وإلزام بتنفيذ إلتزاماتها ، وبهذا ينعقد الإختصاص بنظر هذه المنازعات إلى جهة القضاء الإداري .
( أما القسم الثانى ) أعمال الإدارة العادية ، وهي تلك الأعمال التى تتعامل بها جهة الإدارة دون إتباع وسائل القانون العام مثلها فى ذلك مثل الأفراد العاديين ومن ثم ينعقد الإختصاص بنظر
المنازعات التى تثور بشأن هذه الأعمال لمحاكم القضاء العادي.
ومن هنا تظهر أهمية الموضوع خاصة لما يتسم به العقد الإداري من الطابع المميز له عن العقد المدني ،فمن معوقاته الجوهرية إتباع رغبات واحتياجات المرفق العام حتى يسير بانتظام واضطراد وتغليب المصلحة، لذلك فإن الإدارة في مواجهة التمييز تتمتع بسلطة هامة للغاية وهي سلطتها في استعمال وسائل الضغط حتى تكمل تنفيذ العقد على وجه يحقق المصلحة العامة
ومصلحة المرفق ذاته في حالة تقصير المتعاقد في تنفيذ التزاماته.
و بالتالي فالإشكالية التي تطرح نفسها و بقوة في هدا الصدد هي: إلى أي حد يمكن للمتعاقد مع الإدارة الوفاء بالتزاماته أثناء تنفيد العقد الإداري؟و ماهو دور القاضي الإداري في ضمان تنفيد العقد الإداري
وللإجابة على هذه الإشكالية سنعمل على وضع التصميم التالي:
المبحث الأول: المبادئ التي تحكم في تنفيذ العقد الإداري
المبحث الثاني :رقابة القاضي الإداري على تنفيذ العقد الإداري
المبحث الأول : المبادئ التي تحكم في تنفيذ العقد الإداري
إن المتعاقد مع الإدارة شأنه شأن أي متعاقد يتمتع مع الإدارة بكل الحقوق المتفق عليها في العقد[1] ,كما يلتزم بمجموعة من الالتزامات , أخصها احترام شروط العقد و ما انطوت عليه من التزامات , إلا أن الطبيعة الخاصة للعقود الإدارية تضفى على المتعاقد مع الإدارة التزامات متعددة يتعين عليه الانصياع لها حتى دون النص عليها , ومن أهم هذه الالتزامات , الالتزام بالتنفيذ الشخصي للعقد , و أيضا الإلتزام بضمان المرفق العام و تنفيذ العقد في الميعاد .
المطلب الأول : الاعتبار الشخصي في تنفيذ العقد الإداري و الاستثناءات الواردة عليه
يمر الاختيار الإدارة للمتعاقد معها بإجراءات دقيقة الغرض منها التوصل لأفضل العناصر المتقدمة للتعاقد لإبرام العقد مع من يتفوق على سواه في قدراته المالية وكفاءاته الفنية و الإدارية اللازمة للاضطلاع بأعباء التعاقد .
و من هنا كان للاعتبار الشخصي أهمية بالغة لدى الإدارة حيث اختارت المتعاقد معها على أساسه ,الأمر الذي يفرض عليه التزاما جوهريا حال تنفيذه التزامه التعاقدي بأن يقوم بهذا التنفيذ بنفسه . [2]
و بالتالي يجب أن يتم تنفيذ العقد الإداري بواسطة المتعاقد مع الإدارة شخصيا , ذلك هو المبدأ العام الذي يحكم العلاقة التعاقدية بين الإدارة و المتعاقدين معها , و على ذلك فان هذا الالتزام يتطلب ضرورة إن يبذل المتعاقد الجهد المناسب في التعاون الشخصي مع الإدارة في تنفيذ العقد بنفسه من جهة و ألا يتنازل عن العقد أو جزء منه أو يتعاقد في شأنه من الباطن إلا بموافقة واعتماد جهة الإدارة [3]
حيث إن المتعاقد مع الإدارة مسؤول مسؤولية شخصية عن تنفيذ العقد .[4]
إن الاعتبار الشخصي في تنفيذ العقد الإداري ترد عليه استثناءات و أثار , و كأثر للالتزام المتعاقد مع الإدارة بالتنفيذ الشخصي لالتزامه التعاقدي , فانه يحظر عليه التنازل عن العقد للغير , ومرجع ذلك إلى الطبيعة الخاصة للعقود الإدارية التي يكون فيها شخص المتعاقد مع الإدارة محل اعتبار بكونه جائزا لقدرات مالية وفنية رأت معها الإدارة أنها كافية تنفيذ العقد الإداري على النحو الذي يحقق مصلحة المرفق محل التعاقد .
و التنازل عن العقد هو أن يحل المتعاقد مع الإدارة غيره محله لتنفيذ العقد كليا ,[5] و في هذه الحالة يخرج , المتعاقد الأصلي من العلاقة العقدية مع الإدارة , و ينشأ بين الإدارة و المتنازل إليه علاقة عقدية جديدة مباشرة فيصير وحده المسؤول عن تنفيذ العقد للمرحلة المقبلة .
و بالتالي فالتنازل عن العقد جزئيا أو كليا و بدون موافقة الإدارة يعد صورة من صور الإخلال الجسيم بالالتزامات التعاقدية , و لا يجني منه المتعاقد إلا غرامة أو مصادرة التأمين أو تعويضا للإدارة .
كما انه في حالة وفاة المتعاقد مع الإدارة أو احد المتعاقدين معها , فان الوفاة لا تعد سببا للإنهاء التلقائي لعقد , حيث يترك للإدارة أمر تقرير مدى توافق استمرار التعاقد مع الوراثة أو باقي المتعاقدين إذا ما تعددوا في حالة وفاة احدهم مع المصلحة العامة من عدمه , حيث يكون لها الخيار بين إنهاء العقد أو استمرار تنفيذه في ضوء مقتضيات المصلحة العامة .[6]
و نجد أيضا من الاستثناءات التعاقد من الباطن ,و التعاقد من الباطن هو أن يحل المتعاقد مع الإدارة غيره في تنفيذ بعض أجزاء العقد , حيث أضحى التعاقد من الباطن أحد الضرورات التي لا غنى عنها في الكثير من العقود , خاصة عقود الإشغال العامة لحسن التنفيذ , و سرعته أن حجم الأشغال التي تنفذ و حجم الأعمال المطلوبة و طبيعتها و التخصصات المتعددة اللازمة لانجاز الأعمال صارت أمور أساسية تستوجب تعاون المتعاقد الأصلي مع العديد من مقاولي الباطن و الموردين , و من ثم فان الكثير من عقود الأشغال العامة صارت تضع ضمن شروطها التزام المتعاقد الأصلي مع الإدارة بان يتعاون مع مجموعة محددة من الاختصاصيين توجب عليه التعاقد معهم من الباطن دون غيرهم , و تترك له حرية اختيار بعض من يتعاقد معهم من الباطن .[7]
و على الرغم من أهمية اللجوء إلى التعاقد من الباطن إلا أن مجلس الدولة الفرنسي مستقر على ضرورة موافقة الإدارة عليه , و ذلك كأثر لإعمال المعيار الشخصي في تنفيذ العقود الإدارية , و تبقى مسؤولية المتعاقد الأصلي قائمة أمام الإدارة , و من ثم يكون للإدارة الحق في توقيع غرامة التأخير على المتعاقد الأصلي لتأخر المتعاقد من الباطن في تسليم العمارات محل التعاقد مثلا , و لا يكون للمتعاقد من الباطن الاعتراض على أية جزاءات توقعها الإدارة على المتعاقد الأصلي و لو كان متسببا في توقيعها .[8]
المطلب الثاني : الإلتزام بضمان سير المرفق العام و تنفيذ العقد في الميعاد
رغم أن المرفق العام من حيث إنشائه و سيره و انتظامه باطراد ، أول واجبات الإدارة في مواجهة جموع المواطنين المستفدين من ذلك المرفق ، إلا أن المتعاقد مع الإدارة صار شريكا للإدارة متضافرا معها في ضمان سير المرفق العام بانتظام و اطراد .
إذ من المبادئ المقررة أن العقود الإدارية تتميز بطابع خاص أساسه احتياجات المرفق الذي يهدف العقد تسييره ، و بما أن العقد الإداري يتعلق بمرفق عام فلا يسوغ للمتعاقد مع الإدارة أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه اتجاه المرفق العام بعلة أن ثمة إجراءات إدارية أدت إلى الإخلال بالوفاء بأحد التزاماتها قبله ، بل يتعين اتجاه هذه الإعتبارات أن يستمر في التنفيذ مادام ذلك في استطاعته ، ثم يطالب جهة الإدارة بالتعويض عن إخلالها بالتزامها ، و بالتالي لا يسوغ للمتعاقد مع الإدارة الإمتناع عن تنفيذ العقد بإرادته المنفردة و هو ما قضت به المحكمة الإدارية بمراكش في حكم لها عدد 115 : إن المدعية لا تستطيع في هذه الحالة الإستفادة من الدفع بعدم التنفيذ المقررة في القانون الخاص حفاظا على سير المرافق العامة بانتظام و اطراد.
و قضت محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط في قرار لها عدد 241 ما يلي : إن المتعاقد في عقد الصفقة يعتبر ملتزما بالإستمرار فية تنفيذ بنوذ هذا العقد تحت طائلة مساءلته عن فعله السلبي أو هذا الإلتزام يبقى مستمرا طالما أن هذا التنفيذ لم يصبح مستحيلا لستحالة مطلقة [9]
وتجدر الإشارة إلى أنه يجوز الدفع بعدم التنفيذ لتوقف الإدارة عن سداد مستحقات التعاقد . و في هذا الإطار يتم الخروج عن مبدأ عدم جواز الدفع بعدم التنفيذ المشار إليه سابقا ، ذلك لأن الإدارة أخلت بالتزام أساسي لا يستمر التنفيذ بدونه بأن امتنعت دون مبرر عن سداد مستحقات المقاول عما أداه من أعمال تنفيذا لتعاقده ، متى كانت مبالغ كبيرة تؤثر في إمكانية استمرارة في التنفيذ ، و يتعارض موقف الإدارة هنا مع مبدأ حسن النية الواجب تنفيذ العقود الإدارية في إطاره ، و تأكيدا لذلك فقد ذهبت المحكمة العليا إلى أنه : " إذا تقاعست الإدارة أو أهملت في تنفيذ التزام جوهري في العقد ، بعدم سداد مستحقات المقاول عما تم من أعمال بلغت مبلغا كبيرا , فإن توقف المقاول عن التنفيذ أو استكمال الأعمال ، إنما يرجع إلى خطأ جهة الإدارة بعدم صرفها مستحقاته ، فإن المقاول لا يكون قد أخطأ ، و إنما خطأ الإدارة هو السبب الجوهري في توقف الأعمال ...... الأمر الذي لا يصلح معه هذا التوقف سببا لسحب لأعمال من المقاول [10]....." 2 ( العقود الإدارية
كما يتعين في هذا الإطار ، أن يتم التنفيذ خلال المدة المحددة بالعقد ، أو المدة الإضافية التي منحتها له الإدارة ، و لأهمية وفاء المتعاقد مع الإدارة بهذا الإلتزام ، فإن الإدارة تواجه إخلاله بأجال التنفيذ بتوقيع غرامة تأخير عليه .
و إذا لم ينص العقد على مدة محددة ، فإن الإدارة لا تستطيع أن تفرض مدد التنفيذ لم يتفق عليها في بنوذ العقد ، و يناط بالقاضي في حال عرض النزاع عليه وحده في هذا الفرض تقدير المدة العادية للتنفيذ بمراعاة ظروف كل حالة ، و ما يجري عليه العمل في العقود المماثلة ، و ما كانت تقصده نية الطرفين ، و مما شابه ذلك مما قد يساعد على تحديد هذه المدة.
و الأصل أن يبدأ تنفيذ العقد من التاريخ الذي يحدده العقد ، فإذا خلا العقد من تحديد لتاريخ بدء التنفيذ ، في هذه الحالة يبتدأ من تاريخ توقيع العقد ، أي من التاريخ المعتمد به كتاريخ لإبرام العقد سواء كان هذا التاريخ هو تاريخ الإخطار بقرار إرساء المناقصة باعتباره قبولا لإيجاب المتعاقد ، أو سواء كان هذا التاريخ هو تاريخ توقيع الطرفين على العقد .
إلا أن الكثير من العقود الإدارية ، وخاصة عقود الأشغال العامة تعتمد ببدء سريان مدة تنفيذ العقد اعتبارا من التاريخ صدور أمر المباشرة أي أن الأمر المصلحي بالبدء في التنفيذ ، أو اعتبارا من التاريخ الذي يحدده أمر المباشرة ، و هو عادة التاريخ المعتبر عنرة إلى علم المتعاقد وصول أمر المباشرة إلى المتعاقدة .
وقد تتطلب بنوذ العقد التزام الإدارة بإصدار أمر المباشرة ، و بالتالي فإنها إما أن تحدد ميعادا تتجاوز الإدارة لإصدار أمرها المشار إليه ، و قد لا تتحدد بنوذ العقد ميعادا يجب صدور الأمر خلاله أو بنهايته و في هذه الحالة الأخيرة يجب على الإدارة أن تصدر أمر المباشرة خلال مدة معقولة وفقا للمتعارف عليه بحسب طبيعة الأعمال و الأصناف محل التعاقد .
و يقضي القاضي الإداري بمسؤولية الإدارة عن عدم إصدارها هذا الأمر في مدة معقولة أو تعويض المتعاقد معها عما يتحمله من خسائر من وراء ذلك .
كما أن إخلال المتعاقد مع الإدارة بالتزام التنفيذ في المدة المحددة في العقد يترتب عليه توقيع الجزاء ، و أيضا سلطة الإدارة في سحب العمل و تنفيذه على حساب المتعاقد أو فسخ العقد.
المبحث الثاني:رقابة القاضي الإداري على تنفيذ العقد الإداري
من بين اهم الالتزامات التي تقع على عاتق المتعاقد هو الحرص على ضمان سير المرفق العام بانتظام واضطراد.
المطلب الاول : القاضي الاداري والالتزام بضمان سير المرفق العام
يخضع تنفيذ العقود الادارية لمبدأ اساسي و جوهري مفاده انه يجب على المتعاقد مع الادارة تنفيذ التزاماته دون المساس بمبدأ سير المرفق العام بانتظام واضطراد.
وقد ابرز الفقهاء الفرنسيون اهمية هدا الالتزام باعتباره التزاما اساسيا وجوهريا ، فقد ذكر الفقيه " جيز" ان الالتزام المدكور ينتج ضمنيا من فكرة المرفق العام ، وبدلك فهو ليس بحاجة لنص تشريعي و لا الى شرط خاص في العقد . فالمتعاقد مع الادارة اعتبارا انه وافق على خدمة مرفق عمومي ، لا يلتزم فقط بتنفيذ التزاماته العقدية كما يفعل فرد اتجاه الاخر ، وإنما تمتد هده الالتزامات الى كل ما يكون ضروريا لضمان السير المنتظم و المستمر للمرافق العامة الذي وافق على التعاون فيه .
كما يرى " بيكنيوه" انه ادا كان توقف تنفيذ عقد القانون الخاص يمكن ان يحدث لأحدث المتعاقدين نتائج خطيرة ، فان هده النتائج تعتبر متعلقة بمسطرة خاصة ، ولكن عدم انتظام مرفق عام يمكن ان يؤدي الى اضطرابات مؤثرة في السير العادي للمرافق العامة ، وحتى بالنسبة لمستقبل الدولة مثل اضراب عام من العاملين بمرفق السكة الحديدية او بمرافق التزويد بالمياه و الكهرباء.
ومبدأ استمرار المرفق وانتظامه اصبح يشكل قاعدة اساسية في تنفيذ المرافق العامة ، وهي لا تتوقف عن التطبيق حتى في الغرض الذي تبدو فيه اقل لزوما ادا كان المرفق المعني به يعتبر اقل ضرورة . وفضلا عن دلك فقد اصبحت هده القاعدة ضرورية في العقد الاداري لدرجة انها تطبق حتى في حالات تعتبر فيها غير لازمة ، وعلى سبيل المثال فإنها تمتد الى التزامات تعتبر مالية بحثة.[11]
وعلى هدا الاساس ، يعتبر المتعاقد مخطئا ادا لم يضمن باستمرار وفي كل الظروف وبالرغم من كل الصعاب التنفيذ الدقيق للمرفق العام. و بهذا الخطأ يعتبر مقصرا في اهم واشد التزاماته صرامة ، ويعرضه دلك لأقصى الجزاءات ، ولا يمكن ان يبرر خطاه إلا في حالة القوة القاهرة ، او على الاقل يبدل عناية كبيرة تقترب من روح التضحية بصرف النظر عن العقد.
وقد طبق الاجتهاد القضائي المغربي هدا المبدأ حيث جاء في حيثيات احد قرارات محكمة الاستئناف بالرباط في قضية شركة حافلات طنجيس ضد المجموعة الحضرية للقنيطرة "... حيث انه بمقتضى الفصل 11 من الشروط و التحملات العامة للنقل الحضري لمدينة القنيطرة يجب على المقاولة ان تضمن استمرارية المرفق وفقا للشروط والتحملات في عقد الامتياز كيفما كانت الظروف الا في حالة القوة القاهرة ، وان محاضر المعاينة المدرجة بالملف و المنجزة من طرف لجان مختصة افادت عدم قدرة الشركة على ضمان استمرارية المرفق بدليل ان الخط 13 يستغل حافلة واحدة فقط وبعض الخطوط الاخرى غير مستغلة بالمرة......"
كما يمنع على المتعاقد بالدفع بعدم التنفيذ او الامتناع عن التنفيذ لآي سبب من الاسباب ، اد يلزم على المتعاقد مع الادارة القيام بمهامه والمساهمة في استمرار سير المرفق العام وعدم عرقلته ، ثم الرجوع على الادارة بالمطالبة بالتعويض في حالة تقصيرها او اخلالها بأحد البنود التعاقدية ، وعلى هدا الاساس قضت المحكمة الادارية بمراكش ، حيث جاء في حيثيات الحكم "... وحيث ان ما تزعمه المدعية من كون البلدية لم تعمل على تنفيذ التزاماتها التعاقدية اي عدم ادائها ما تبقى بذمتها. لا يبرر عدم تنفيذ التزاماتها مقابل انهاء الاشغال ، لان المبدأ وكما الاتفاق عليه ان قيمة الاشغال المنجزة لا يمكن تسليمها إلا بعد انهاء جميع هده الاشغال ، و اتمام القبول وهو الشيء الذي لم تقم به المدعية رغم الانذارات الموجهة اليها ، وعليه فان المدعية لا تستطيع في هده الحالة الاستفادة من الدفع بعدم التنفيذ المقرر في القانون الخاص حفاظا على قاعدة سير المرافق العامة بانتظام واضطراد . هذه القاعدة التي تأبى ان يعطل المتعاقد مع الادارة اداء الخدمة بسبب من الاسباب ، ما دام في وسعه اداء الخدمة وتكون صفته في هدا النوع من التعاقد كمعاون في تسيير المرفق العام.
المطلب الثاني :الرقابة على اخلال الادارة بالتزاماتها اثناء التنفيذ
من حق المتعاقد أن يطالب الإدارية بالتعويض إذا اختل التوازن المالي للعقد ولحقت أضرار بالمتعاقد أثناء تنفيذ العقد[12]،كما أن الإدارة تلتزم بتعويض المتعاقد معها في اطار تنفيده لالتزاماته التعاقدية , حيث يكون اساس التعويض في هذه الحالة اما الخطا او بدون خطا.
اولا :تعويض المتعاقد مع الادارة على اساس الخطا
يقع على المتعاقد مع الادارة التزامين رئيسيين نحو المتعاقد معها يتصل اولهما بتمكينه من البدء في تنفيذ العقد الاداري ,اما الالتزام فيدور حول الوفاء بالتزاماتها المالية جراء تنفيذه لالتزامه التعاقدي و يعد اخلاله باي منهما خطا تعاقدي يرتب مسؤوليتها عن تعويضه .
ا:التعويض عن اخلال الادارة بالتزاماتها بتمكين المتعاقد معها بالبدء في التنفيذ
اذا كانت الادارة تملك من السلطات ما يمكنها من اجبار المتعاقد معها على عدم الاخلال بالتزاماته العقدية, فان المتعاقد يملك حق المطالبة بتعويض اذا اخلت الادارة باي من التزاماتها التعاقدية فيلجا المتعاقد مع الادارة لاجل حصوله على حقه في التعويض.
و الاصل ان العقد الاداري ينطوي على تحديد موعد التسليم الموقع للمتعاقد لبدء اعمال التنفيذ ,و في هذه الحالة يرجع القاضي الاداري الى نص العقد عند تقريره لمسؤولية الادارة عن الاخلال بهذا الالتزام ,و هو ما يؤكده الحكم الصادر عن المحكمة الادارية العليا و الذي جاء فيه :انه اذا كانت مدة تنفيذ العقد الاداري هي شهرين فقط فان تاخر الادارة عن تسليم الارض للمقاول عام باكمله,هو ما يحق معه القول بانها قد اخلت اخلالا جسيما بواجبها نحو الطاعن بعدم تمكينه من العمل حيث تاخرت في تنفيذ التزامها هذا مدة طويلة تجاوز القدر المعقول ,مما يقوم سببا مبررا لفسخ العقد المبرم بينها و تعويض الطاعن عما اصابه من اضرار بسبب ذلك[13]
وهو ما أكده كذلك الاجتهاد القضائي المغربي ,إذ جاء في حيثيات حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 23نونبر 2009.....و حيث انه من الراسخ قانونا و قضاء إن العقد الإداري و بغض النظر عن التفوق القانوني الذي تتمتع به السلطة الإدارية والتي تشكل في نفس الوقت حقوقا للمتعاقد معها تتجلى في تمكين هذا الأخير من الثمن مقابل تنفيذ التزاماته التعاقدية .
و حيث ان عدم إصدار الأمر بالخدمة من طرف المدعى عليها رغم إبرام عقد الصفقة من 19يناير 2009,فضلا على قيام المدعية بتسخير كل إمكانياتها المادية من اجل انجاز الصفقة و انذارها للمدعى عليها بمقتضى الرسائل المؤشر عليها على التوالي بتاريخ 18 ماي 2005,24 دجنبر 2007 يعتبر خطا مرفقيا من جانبها موجب التعويض حسب مقتضيات الفصل 79 من ق ل ع.
و حيث انه مع ثبوت وضع الضمانة النهائية من طرف المدعية وإحجام المدعى عليها عن اصدار الامر بالخدمة بدون مبرر مشروع يعتبر اخلالا بالالتزام من جانبها و من ثم احقية المدعية في استرجاع مبلغ الضمانة النهائية .
حيث قضت المحكمة في منطوق الحكم باداء المدعية عليها عمالة فحص انجرة لفائدة المدعية تعويضا اجماليا قدره 30 الف درهم ...مع رفع اليد على الضمانة النهائية...
اما في حالة اذا خلا العقد الاداري من تحديد موعد التسليم فان الادارة تكون مخلة بالتزامها بالتسليم اذا لم تقم به في المدة المناسبة و المعقولة لتنفيذ العقد, و التي يترك للقاضي امر تقديرها اذا ما تم رفع النزاع اليه.
ب:دور القاضي الاداري في الزام الادارة بتعويض المتعاقد عن اخلالها بالتزاماتها المالية
تنحصر الالتزامات المادية للادارة في الوفاء بالمقابل المادي للمتعاقد , ورد التامين النهائي متى انتهى المتعاقد مع الادارة من اداء التزامه التعاقدي[14].
و نظرا للاهمية الخاصة للمقابل المالي بالنسبة للمتعاقد فانه يعد من الشروط التعاقدية التي لايجوزللادارة الاقدام على تعديلها بارادتها المنفردة ,وذلك لان تعديل العقد الاداري و ان كان حقا تملكه الادارة الا انه لا ينصب سوى على الشروط المتعلقة بتسيير المرفق العام والتي يخرج عن اطارها المقابل المالي في العقد الاداري .
اما فيما يخص التعويض الناتج عن اخلال الادارة برد قيمة التامين النهائي ,فانه اذا كان في وسع الادارة مصادرة التامين النهائي للمتعاقد معها في حالة تقصيره في الوفاء باي من التزاماته التعاقدية كتعويض عما اصابه من اضرار ,فاذا فاقت الاضرار التي خلفها هذا التقصير قيمة التامين المصادر فانه يتعين الحكم بالتعويض الجابر له,باعتبار ان هذا التامين يمثل الحد الادنى للتعويض الذي يحق للادارة اقتضاؤه عن الاضرار التي اصابتها بسبب اخلال المتعاقد بالتزامه التعاقدي ,اما ما تم تسليم الاشغال وفق ما تم الاتفاق عليه فيكون على الادارة ارجاع مبلغ الضمانة ,وهو ما اكده الاجتهاد القضائي المغربي اذ جاء في حيثيات احد الاحكام الصادرة عن المحكمة الادارية بوجدة ....و حيث انه بعد تفحص المحكمة لما اوردته المدعية بخصوص هذه الوسيلة و الدفوع المقدمة بشانها تبين لها انه حقا و كما جاء في تعقيب المدعية .فان الضمانة ينبغي ارجاعها بمجرد التسليم النهائي للاشغال و انه و اذا كانت المدعية قد التزمت باصلاح العيوب التي قد تظهر بخصوص الاشغال المنجزة خلال مدة 10سنوات .فان ذلك لا يعني الاحتفاظ بمبلغ الضمانة ما دام لم يتم التنصيص على ذلك صراحة ,و بالتالي يبقى للادارة حق مطالبة المدعية بتنفيذ التزامها ,ليس عن طريق حجز الضمانة التي انتهت بانجاز محضر التسليم النهائي لاشغال الصفقة....
حيث حكمت المحكمة على الادارة المدعى عليها وزارة التربية الوطنية بارجاع مبلغ الضمانة المحدد في مبلغ (130506,81) درهم مائة وثلاثون الف وخمسمائة وستة دراهم وواحد وثمانون سنتيما.
هذا فيما يخص التزام الادارة بتعويض المتعاقد عن اخلالها بالتزاماتها المالية ,فماذا عن امكانية تعويض المتعاقد مع الادارة دون خطا الادارة.
ثانيا :تعويض المتعاقد مع الادارة دون خطا
لايعد خطا الادارة المتعاقد تجاه المتعاقد معها حال تنفيذه لالتزاماته التعاقدية ,اساسا وحيدا لحصوله على تعويض منها, حيث يكون بوسعه الحصول على تعويض على اساس الاثراء بلا سبب كاحد مصادر الالتزام ,كذلك حقه في الحصول على تعويض كاثر لاستعمال الادارة لسلطتها في انهاء العقد الاداري لدواعي المصلحة العامة ودون خطا المتعاقد معها .
ا:القاضي الاداري و حق التعويض على اساس الاثراء بلا سبب
يعرف الاثراء بلا سبببكونه كل منفعة مادية او معنوية يمكن تقويمها بالمال, كاكتساب مال جديد من المنقولات او العقارات او الانتفاع به بعض الوقت او انقضاء دين او اشباع حاجة مادية او معنوية ,ما دام يمكن تقدير هذه الحاجة, وقد يتخذ طابعا ايجابيا كما يمكن ان يكون سلبيا.[15]
و لقيام الاثراء بلا سبب يجب توفر مجموعة من الشروط ترتبط بالشق المادي و القانوني و بضرورة توفر العلاقة السببية بين واقعتي الاثراء و الافتقار .اما الشروط المادية يعتبر الاثراء بلا سبب واقعة مادية عناصرها التاسيسية هي الاثراء و الافتقار و العلاقة السببية بين كل من الاثراء و الافتقار .و اما الشروط القانونية ,فتتمثل في مجموعة من الشروط كشرط الاحتياط وشرطي انتفاء خطا المفتقر ,وبقاء الاثراء قائما حتى وقت رفع الدعوى وكذا انعدام سبب الاثراء .
وعليه,فاذا كانت الشروط المادية لنظرية الاثراء بلا سبب تمثل الافتراضات الداخلية للنظرية , فان الشروط القانونية تمثل افتراضاتها الخارجية .
و الاصل انه لايجوز للمتعاقد من تلقاء نفسه وبغير امر عقدي ان يتدخل بتنفيذ اية اعمال اضافية على المرفق العام فقد يكون من شان هذه الاعمال الحاق الضرر بالمرفق او وضع الادارة امام الامر الواقع الذي من شانه تغييرها لخطتها في استخدام المشروع او اجراء تعديلات مكلفة لتتماشى مع ما ادخله المتعاقد على المشروع من اعمال ,بل ان للادارة ان تامر المتعاقد باعادة الحال الى ما كان ذلك ممكنا ,و لها باسلوب التنفيذ المباشر ان تتولى هي وعلى حساب ذلك المتعاقد اعادة الحال الى ما كان عليه[16] .
وقد اعترف القضاء الاداري و في حالات معدودة بامكانية التعويض على اساس الاثراء بلا سبب باعتبار ان نظرية الاثراء بلا سبب هي الحل العادل لتعويض المقاول عن الاعمال التي نفذها خاصة اذا كان من شان هذا العمل ان يعود بالنفع و الفائدة لصالح المرفق العام,و ان تثري به الادارة حيث يتعين عليها ان تعوض المقاول عن الافتقار الحاصل له بمقدار ما استفادت بالعمل الاضافي .
ولقد اعترف القضاء الاداري المغربي بحق المتعاقد في عقد الاشغال العامة بالمطالبة بالتعويض عن الاعمال الاضافية التي نفذها من تلقاء نفسه دون طلب الادارة بشرط ان تكون هذه الاعمال من مستلزمات حسن التنفيذ للمشروع ,وان ينتج عنها فائدة للادارة ,وكان اساس الاحكام الصادرة عن قاضي العقد هو استعارة احكام نظرية الاثراء بلا سبب من القانون المدني لتطبقها في مجال العقود الادارية ,وهو ما يؤكده حكم المحكمة الادارية بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 28 مارس 2002 و الذي جاء فيه ....بغض النظر اذا كانت المقتضيات القانونية المنظمة للصفقات العمومية واجبة الاتباع ام لا .و عما اذا كانت الصفقة موضوع الدعوى قد استجابت للشروط الشكلية و المنصوص عليها ضمن هذه المقتضيات فان محور النزاع الحالي ينحصر في معرفة اذا كانت الجماعة قد تسلمت بالفعل المواد والسلع التي ذكرها المدعي في مقاله اذ في حالة ثبوت واقعة التسليم في حقها ستكون في حكم المثري على حساب الغير بدون سبب.
اذن يعد التزام الادارة بتعويض المتعاقد معها عما قام به من عمل دون تكليف من الادارة بادائه تفعيلا لمبدا حسن النية الذي يتعين ان يسود كافة عقود الادارة.
ب:التعويض عن الانهاء الانفرادي للعقد الاداري
اذا كان بوسع الادارة انهاء العقد انهاء ا نفراديا وقبل نهاية مدته عن طريق فسخه كاثر للخطا الجسيم للمتعاقد معها ,فانها تملك ايضا مثل هذا الانهاء دونما خطا ارتكبه المتعاقد معها اذا اقتضت المصلحة العامة ذلك.
اذ يقابل سلطة الادارة في انهاء العقد الاداري دون ارتكابه لاي خطا التزامها بتعويضه عن الاضرار التي اصابته من جراء هذا الانهاء ,بحيث لايعد بمثابة جزاء عن خطا تعاقدي .
ومبرر تعويض المتعاقد في حالة انهاء الادارة التعاقد لدواعي المصلحة العامة ,ان هذا الانهاء من شانه حرمان المتعاقد من المزايا المالية التي يحققها له التنفيذ الكامل للعقد.
و التزام الادارة بتعويض المتعاقد معها في حالة انهائها الانفرادي للعقد الاداري لدواعي المصلحة العامة ,لايؤسس على الخطا ,ذلك ان الادارة كانت بصدد استعمال سلطة مقررة لها وفقا للمبادى العامة للعقود الادارية.
و هو ما اكده الاجتهاد القضائي المغربي حيث جاء في حيثيات قرار محكمة الاستئناف الادارية بالرباط بين الجماعة الحضرية لسطات و شركة افريقيا اشغال .....و حيث انه من جهة ثانية فالمستانفة لا تنازع في عدد التوقفات التي امرت بها المستانف عليها و ان القانون نظم هذه التوقفات بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 44 من دفتر الشروط الادارية العامة ,و التي تعطي للمقاول الحق في التعويض عن المصاريف التي تفرضها عليه حراسة الورش وعن الضرر الذي لحقه من جراء هذا التاجيل مما يفيد كون القانون لم يعط لصاحب المشروع الحق في التوقف دون تعويض المقاول مما يبقى معه السبب المعتمد في هذا الصدد غير جدير بالاعتبار .
وحيث انه من جهة ثالثة ,بالنسبة للاضرار التي لحقت بالمستانف عليها, فانه تم الامر تمهيدها باجراء خبرة بواسطة الخبير السيد اسماعيل سربوت الذي انجز تقريره المؤشر عليه في 4 يونيو 2007 ,و الذي كان بحضور كل من مهندس البلدية و رئيس مصلحة الصفقات في الجماعة , و انه بعد معاينة المشروع وظروف انجاز الاشغال و توضيح سبب التوقف الذي كان اما للامطار او في انتظار التغييرات المقررة من طرف البلدية او انتظار الميزانية التكميلية ,وان الخبير حدد الاضرار الناتجة عن التوقف للاسباب الادارية دون سبب تساقط الامطار وحدد التعويض عن تجميد الاليات و الحراسة و مواجهة الاثمان و ذلك لمدة 763 يوما دون 86 يوما ,مما يبقى معه الضرر مثبتا خلافا لما تدعيه المستانفة و التي لم تستطع دحض ما توصل اليه الخبير مما يكون السبب المعتمد في هذا الصدد غير جدير بالاعتبار...
حيث قضت المحكمة بتاييد الحكم المستانف الذي قضى بالحكم على الجماعة الحضرية لسطات في شخص رئيسها بادائهاللمدعية تعويضا اجماليا عن توقيف الاشغال في مبلغ قدره اربعمائة الف درهم وتحميل المدعى عليها الصائر و رفض باقي الطلبات.
يقابل دور القاضي في حماية حقوق المتعاقد مع الادارة دور اخر لايقل اهمية الا و هو دوره في الزام المتعاقد بالوفاء بالتزاماته .
خاتمة:
خلاصة القول إذن أن إبرام العقد الإداري فإنه يترتب عليه جملة من الآثار على طرفيه المتعاقدين، تتمثل في الحقوق والالتزامات التي تتمتع بها الإدارة من جهة وما يقابلها من حقوق والتزامات يتمتع بها المتعاقد من جهة أخرى .
وبسبب الطبيعة الخاصة للعقود الإدارية فإن ما تملكه الإدارة من امتيازات يفوق ما يتمتع به المتعاقد الآخر باعتبار أنها تسعى نحو تحقيق الصالح العام . ومن قبيل هذه الامتيازات سلطتها في الرقابة والتوجيه وسلطتها في توقيع الجزاءات على المتعاقد وسلطة تعديل شروط العقد بإرادتها المنفردة .
الشيء الذي يفتح المجال امامنا للتساؤل هل يمكن تسوية المنازعات التي تكون الدولة أو أحد أشخاص المعنوية العامة طرفا فيها،سواء كانت عقدية أو غير عقدية بغير طريق القضاء الإداري وَفْقًا لنص قانوني؟
______________________________________________________________________________
الهوامش:
[1] مولاي ادريس الحلابي الكتاني،العقود الإدارية،الطبعة الأولى2000،ص65
[2]عبد العزيز عبد المنعم خليفة , تنفيذ العقد الاداري ,طبعة 2009 , ص 256
[3] محمد الاعرج , القانون الاداري , الجزء الاول , منشورات المحلية المغربية للادارة المحلية و التنمية , سلسلة مواضيع الساعة ,عدد 2011 ص268
[4] -محمد فؤاد عبد الباسط, القانون الاداري , تنظيم الادارة, نشاط الادارة, وسائل الادارة , طبعة 2006 , ص 268 .
[5] -محمد الاعرج , مرجع سابق ص 268
[6] -عبد العزيز عبد المنعم خليفة مرجع سابق ص 271
[7] - محمد الاعرج , مرجع سابق ص 269
[8] - عبد العزيز عبد المنعم خليفة مرجع سابق ص 264
[9] القانون الإداري المغربي محمد الأعرج منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، سلسلة مواضيع الساعدة 74/2011 ج 1 ص 272 .
[10] محمد عبد العال السناري ، مبادئ و احكام العقود الادارية في مجال النظرية والتطبيق ، دار النشر النهضة العربية، القاهرة، ص 161 [11]
[12] محمد عبد الله فلاح،مبادئ القانون الإداري،دراسة مقارنة،طبعة2011،ص،242
[13] عبد العزيز عبد المنعم خليفة :تنفيذ العقد الاداري وتسوية منازعاته قضاء وتحكيم.مرجع سابق ص221
[14] عبد الوهاب المنصوري،بحث لنيل دبلوم الماسترتحت عنوان"دور القاضي الإداري في تحقيق التوازن العقدي،بين امتيازات السلطة العامة وحقوق المتعاقد-مرحلة التنفيذ-السنة الجامعية 2009-2010،ص 73
[15] محمد الأعرج،نظام العقود الإدارية و الصفقات العمومية،ص 144
[16] محمد الأعرج،مرجع سابق،ص 106