القضاء الإداري الإسباني

مقال بعنوان: القضاء الإداري الإسباني

القضاء الإداري الإسباني

مقدمة 
بداية لابدّ من تأكيد أن القضاء يعدّ الملجأ الأمين لضمان حقوق الأفراد وحرياتهم لنزاهته وحياده وعمق معرفته القانونية، لذلك أكدته جميع الدساتير في العالم. وقد اعتمدت بعض الدول نظاماً قضائياً موحداً ينظر في جميع المنازعات سواء أكانت إدارية أم مدنية أم تجارية، وسمّي هذا النظام بـ(نظام القضاء الموحد) الذي لا يميز بين سلطة عامة أو أفراد، وذلك استناداً إلى مبدأ سيادة القانون ومساواة الجميع أمامه، ومن أمثلة هذه الدول بريطانيا وأميركا والعراق والسودان، أي الدول التي اتبعت النهج الانكلوسكسوني. في حين أن دولاً أخرى، مثل فرنسا ومصر وسورية ولبنان اعتمدت نظام القضاء المزدوج.
تعتبر إسبانيا ديمقراطية ذات حكومة برلمانية في ظل نظام ملكي دستوري. تعد إسبانيا من البلدان المتقدمة حيث اقتصادها تاسع أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، كما أن مستويات المعيشة مرتفعة جداً (في المرتبة العشرين على مؤشر التنمية البشرية)، وأيضاً في المرتبة العاشرة من حيث مشعر جودة الحياة في العالم في عام 2005. إسبانيا عضو في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية.
تتشكل الدولة الإسبانية من ثلاثة هيئات وهي كالتالي :
+ الهيئة تنفيذية : تتكون من رئيس الدولة و هو الملك و هو رمز وحدتها و استمرارها وفقا لنص الدستور ، و هناك ولي العهد ، رئيس الحكومة و النائب الأول لرئيس الحكومة و النائب الثاني.
* الحكومة : يتكون من مجلس الوزراء و يعينهم رئيس الحكومة.
+ الهيئة التشريعية : و تتكون من مجلسين ، مجلس الشيوخ مكون من 264 عضو ، و مجلس النواب يتكون من 350 مقعدا ، واحد لكل من سيتة و مليلية .
+ الهيئة القضائية : يتكون الجهاز القضائي في إسبانيا من المحكمة العليا التي تعد أعلى سلطة قضائية في البلاد ، و 15 محكمة استئناف ، و 50 محكمة إقليمية ، و أكثر من 9000 محكمة محلية . و ينظر الجهاز القضائي المدني في معظم القضايا المدنية و الجنائية، و تنظر المحاكم العسكرية في القضايا المتصلة بالجرائم العسكرية ، و الجرائم التي تخل بالأمن العام .[1]
و مما سبق يمكننا أن نتساءل عن نظام القضاء الإداري في إسبانيا ، فما هي المراحل التي مر بها القضاء الإداري الإسباني ؟ و ما هي هيكلت هذا النظام ؟
للإجابة عن هذه التساؤلات سنتطرق لها وفق التصميم التالي :

المبحث الأول : مراحل تطور القضاء الإداري الإسباني
المطلب الأول : مرحلة ما قبل الثورة الإسبانية
المطلب الثاني : مرحلة ما بعد الثورة الإسبانية
المبحث الثاني : تنظيم القضاء الإداري الإسباني
المطلب الأول : هيكلة القضاء الإداري الإسباني
المطلب الثاني : خصوصيات النظام القضائي الإسباني

المبحث الأول : التطور التاريخي للقضاء الإداري في إسبانيا

عرف الفضاء الإداري الإسباني مجموعة من التطورات ، ربما إن صح التعبير أخدت مدا و جزرا في الأخد بمجلس الدولة و إلغائه. و عليه سنتناول هذا المبحث في مطلبين مهمين ، سنتطرق في الأول إلى مرحلة ما قبل الثورة ( المطلب الأول ) ، على أساس أن نتطرق إلى ما بعد الثورة ( المطلب الثاني ).

المطلب الأول : مرحلة ما قبل الثورة الإسبانية

تأسست دعوى المنازعات الإدارية في إسبانيا سنة 1845 ، و كانت الجهة المختصة هي المجلس الملكي ، و هذا الأمر يشكل في حد ذاته دخول القضاء الإداري الإسباني مرحلة القضاء المحجوز الذي كان في نفس الوقت في فرنسا .
و في هذه المرحلة كانت فقط بعض أعمال الإدارة التي تم تحديدها على سبيل الحصر تقبل دعوى الإلغاء . و تم العمل بنظام القضاء المحجوز إلى غاية 1868 .
و تجدر الإشارة إلى أنه في هذه المرحلة تم إلغاء محكمة التنازع الإدارية ، و تم نقل اختصاصاتها إلى المحاكم الإدارية. و في غياب محاكم التنازع الإدارية أصبحت إسبانيا أمام وحدة القضاء و الذي تم تأكيده في مرحلة سابقة من خلال دستور 1781.[2]

المطلب الثاني : مرحلة ما بعد الثورة الإسبانية

في البداية تجدر الإشارة إلى أنه في سنة 1936 قيام الثورة الإسبانية ، كانت ثورة اجتماعية عمالية بدأت خلال الحرب الأهلية الأسبانية في العام 1936 وأنتجت تنفيذا واسعا للشيوعية اللاسلطوية (أو الاشتراكية اللاسلطوية) عبر العديد المحافظات لمدة ثلاث سنوات خصوصا في كتالونيا، آراغون، أندولوسيا، والليفانتي ،[3] و التي قامت بإلغاء مجلس الدولة الإسباني .
في سنة 1940 تم استعادة مجلس الدولة الإسباني الذي ألغي في ثورة 1936 ، و إعادة تنظيمه سنة 1944 و منحه وظائف جديدة لم تكن لديه في السابق خصوصا اللجوء إلى التظلم . و إلى غاية 18 مارس 1944 كان مجلس الدولة مجرد مجلس إداري الذي يعطي مشورة للحكومة ، هذا يعني أن يمارس دور استشاري ، و في سنة 1947 أصبح ينظر في التظلمات المرفوعة إليه و التالي أصبح أقرب إلى المحاكم الإستئنافية ، الذي يسعى إلى حل المنازعات الإدارية .[4]
عموما إن تطور القضاء الإداري الإسباني فد استقر عند الإصلاح الذي تم بمقتضى قانون رقم 29 الصادر في يوليوز 1998 المتعلق بمحاكم المنازعات الإدارية . فقد أصبح القضاء الإداري الإسباني بمقتضى هذا القانون أكثرا تطور و تنوعا ، بحيث ساهمت مقتضياته في توسيع اختصاصات مختلف المحاكم و الغرف المتعلقة بالمنازعات الإدارية. [5]

المبحث الثاني : تنظيم القضاء الإداري الإسباني

يشمل تنظيم القضاء الإداري مجموعة من القواعد القانونية المنظمة للسلطة القضائية بشكل عام و المتعلق بالجهات القضائية و أنواعها. و سنتطرق في هذا المبحث إلى هياكل القضاء الإداري الإسباني و تنظيم و اختصاص القضاء الإداري الإسباني ( المطلب الأول ) ، ثم سنتناول خصوصيات النظام القضائي في إسبانيا ( المطلب الثاني ).

المطلب الأول : هيكلة القضاء الإداري الإسباني

يتمتع القضاء الإسباني بتركيبة متنوعة من المحاكم تتمثل في محاكم مدنية و جنائية و عسكرية ، إضافة إلى المجلس العام للسلطة القضائية و المجلس الدستوري.
+ المجلس العام للسلطة القضائية : تم تأسيسه بمقتضى دستور 1978 في فقرتيه الأخيرتين للمادة 122 ، و يتألف من رئيس المحكمة العليا و عشرون عضو يعينهم الملك لمدة خمس سنوات .
+ المحكمة العليا : تعتبر المحكمة العليا قمة التنظيم القضائي في إسبانيا ، مقرها في العاصمة مدريد ، فلا يمكن للقرارات التي تتخذها أن تتعرض للتعقيب إلا إذا رأت المحكمة الدستورية أن هناك انتهاك للحقوق و الحريات التي يكفلها الدستور ، و لا يمكن استئناف أو الطعن في قرارات المحكمة العليا .
و تجدر الإشارة إلى أن المحكمة العليا هي أعلى هيئة قضائية في جميع المجالات ، باستثناء الأحكام المتعلقة بالضمانات الدستورية.[6]
+ محكمة العدل العليا : تعتبر محكمة العدل العليا هيئة قضائية ينحصر اختصاصها في إطار الحكم الذاتي وفقا للقانون الأساسي للسلطة القضائية ، بحيث أن الدستور الإسباني لسنة 1978 ينص على البلديات و المقاطعات في إطار تنظيمها الإداري تخضع إلى حكم ذاتي. [7]

المطلب الثاني : خصوصيات النظام القضائي الإسباني

إن النظام القضائي في إسبانيا يعرف مجموعة من الخصوصيات ، بعبارة أخرى يمكن أن نقول بأن النظام القضائي في إسبانيا ينفرد ببعض الخصوصيات التي تتميز بها عن باقي الدول الأخرى المجاورة لها كفرنسا و إيطاليا و بلجيكا ، بحيث تتوفر إسبانيا على تقسيم إداري يتمثل في سبعة عشر إقليم (كتالونيا وأندلوسيا وبلاد الباسك وغاليسيا ، وجزر البليار وأراغون وجزر الكناري ... ) ، كما يتكون الجهاز القضائي في إسبانيا من المحكمة العليا التي تعد أعلى سلطة قضائية في البلاد ، و 15 محكمة استئناف ، و 50 محكمة إقليمية ، و أكثر من 9000 محكمة محلية .[8]

خاتمة 
بداية لابدّ من تأكيد أن القضاء يعدّ الملجأ الأمين لضمان حقوق الأفراد وحرياتهم لنزاهته وحياده وعمق معرفته القانونية، لذلك أكدته جميع الدساتير في العالم. وقد اعتمدت بعض الدول نظاماً قضائياً موحداً ينظر في جميع المنازعات سواء أكانت إدارية أم مدنية أم تجارية، وسمّي هذا النظام بـ(نظام القضاء الموحد) الذي لا يميز بين سلطة عامة أو أفراد، وذلك استناداً إلى مبدأ سيادة القانون ومساواة الجميع أمامه، ومن أمثلة هذه الدول بريطانيا وأميركا والعراق والسودان، و إسبانيا لم تكن في معزل عن التحولات التي عرفها العالم و خصوصا فيما يتعلق بالقضاء الإداري، و بما أن فرنسا هي مهد بالقضاء الإداري و تأثرت بها مجموعة من الدول الغربية و العربية كإيطاليا و بلجيكا و مصر و تونس و الجزائر... بحيث تعتمد هذه الدول في نظام القضاء الإداري بالأساس على مجلس الدولة باعتباره أعلى هيئة قضائية فيما يخص المنازعات الإدارية ، إلا أن إسبانيا قد تخلت عن مجلس الدولة سنة 1936 ، فما هي الدوافع التي جعلت إسبانيا تتخلى عن مجلس الدولة ؟ و كيف يمكن لإسبانيا باعتبارها أحد دول الإتحاد الأوروبي أن تستمر دون مجلس دولة ؟
_________________________________________
الهوامش:
http://ar.wikipedia.org/wiki/ - [1]
[2] - القضاء الإداري الإسباني ، عرض المجموعة الخامسة " مستر القضاء الإداري" الدفعة الرابعة ، السنة الجامعية 2011-2012 ، ص02 .
http://ar.wikipedia.org/wiki/ - [3]
http://www.persee.fr/web/revues/home/prescript/article/ridc_0035-3337_1954_num_6_1_9404 - [4]
[5]- القضاء الإداري الإسباني ، مرجع سابق ، ص 03 .
http://fr.wikipedia.org/wiki/Tribunal_sup%C3%A9rieur_de_justice_%28Espagne%29 - [6]
[7]-http://ar.wikipedia.org/wiki/ - انظر التقسيم الإداري لإسبانيا ، ملحق ، 
http://ar.wikipedia.org/wiki/ - [8]



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -