طرق الطعن غير العادية في قانون المسطرة المدنية

مقال بعنوان: طرق الطعن غير العادية بين قانون المسطرة المدنية وقانون المحاكم الإدارية

طرق الطعن غير العادية بين قانون المسطرة المدنية وقانون المحاكم الإدارية PDF

مقدمة
تظل طرق الطعن الملاذ القانوني المشروع لمن يلجأ إليه من المحكوم عليهم لبسط نزاعهم من جديد أمام القضاء في محاولة منهم لتدارك ما فتهم أمام محكمة الحكم المطعون فيه لتقديم وثائق أودفوعات جديدة .علّها تحمل محكمة الطعن على مراجعة المواقف الغير القانونية التي أنتجتها المحكمة المطعون فيها .
والطعن في الاحكام القضائية هو مبدأ عرفه المجتمع الاسلامي لضمان العدالة "فقد خاطب الخليفة عمر بن الخطاب أحد قضاته بمناسبة توليته القضاء بقوله ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك فهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق ,فالحق قديم لا يبطلهشيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل" [1].
وهي بنوعيها العادي والغير العادي تعتبر من أهم الضمانات التي تمخضت عنه مختلف محاولات الاصلاح التي عرفتها الأنظمة القضائية في العصر الحاضر منذ قيام الثورة الفرنسية وحتى الآن .وهو ما دفع بالدول والمنظمات الدولية إلى اعتبار البعض منها اليوم من صميم حقوق الانسان والنص على ذلك في الدساتير والمواثيق الدولية .
ولما كان الهدف الأسمى الذي ترمي إليه جل التشريعات والقوانين هو تحقيق العدالة والإنصاف وضمان احترام المتقاضين لمؤسسة القضاء فإن المشرع المغربي وعلى غرار باقي تشريعات الحديثة أوجد عدة وسائل كفيلة لتحقيق هذا الهدف ومن هذه الوسائل طرق الطعن في الاحكام ويقصد بطرق الطعن الوسائل التي من خلالها يمكن للأفراد الدفاع عن حقوقهم أمام القضاء إذ بموجبها يمكنهم المطالبة بمراجعة الأحكام الصادرة عن المحاكم الدنيا أمام محاكم أعلى درجة أوبمراجعة المحاكم للأحكام التي سبق أن أصدرتها ضدهم.
وتنقسم طرق الطعن إلى طرق عادية وأخرى غير عادية. ويترتب عن هذا التقسيم إلى أن طرق الطعن العادية تسبق طرق الطعن الغير العادية كما أن الطاعن بطريق غير عادي يجب أن يبني طعنه على سبب من الأسباب التي بينها القانون [2] ومنه نطرح التساؤل حول ماهية طرق الطعن غير العادية في قانوني المسطرة المدنية والمحاكم الإدارية ؟

المبحث الأول : الطعن بالنقض بين قانون المسطرة المدنية وقانون المحاكم الإدارية
المطلب الأول : الطعن بالنقض في قانون المسطرة المدنية
المطلب الثاني : الطعن بالنقض في قانون المحاكم الإدارية
المبحث الثاني :ملتمس إعادة النظر وتعرض الغير الخارج عن الخصومة
المطلب الأول : ملتمس إعادة النظر
المطلب الثاني : تعرض الغير الخارج عن الخصومة

المبحث الأول :الطعن بالنقض بين قانون المسطرة المدنية وقانون المحاكم الإدارية

المطلب الأولى : الطعن بالنقض في قانون المسطرة المدنية

يعتبر الطعن بالنقض طريقا غير عادي من طرق الطعن في الأحكام، لأنه لا يجوز ولوجه إلا في حالات محددة بينها المشرع على سبيل الحصر، إذ ليس للطاعن أمام محكمة النقض أن يبدي ما يعن له من أوجه الطعن في الحكم، وإنما من واجبه أن يقيم الدليل على قيام وجه من أوجه الطعن بالنقض التي نص عليها القانون[1].
ولا شك من أن محكمة النقض تعتبر أعلى هيئة قضائية في المغرب دون أن يكون درجة ثالثة من درجات التقاضي، فالنزاع المعروض عليها لا يعتبر امتدادا للنزاع أمام محكمة الموضوع، وغنما خصومة من نوع خاص تهدف إلى نقض الحكم المطعون فيه لمخالفته الاجراءات القانونية والمسطرية و تعيين القاعدة القانونية الواجبة التطبيق والفهم السليم المساير لإرادة المشرع[2].
فالهدف إذن من الطعن بالنقض هو توحيد تطبيقات القضاة تطبيقا وتأويل سليما. ويبدو ان أسباب الطعن بالنقض واردة على سبيل الحصر في القانون المغربي وذلك على عكس القانون الفرنسين الذي نص على جواز الطعن في حالة مخالفة القانون بصفة عامة دون حصر هذه المخالفات في حالات معينة.
وإذا كان هدف الطعن بالنقض هو مراقبة تطبيق القانون، فإن الاتجاه لدى أغلب التشريعات الحديثة اخد يخرج عن هذه الدائرة الضيقة، ويسلم لها من حيث المبدأ بإمكانية النص على منحها صلاحية النظر في جوهر النزاع كما هو الشأن بالنسبة للقانون الفرنسي.
ويلاحظ أن قانون المسطرة المدنية قد سار على نهج نظيره الفرنسي من حيث تصدي محكمة النقض للبث في موضوع النزاع إذا وجده جاهزا، وجعل هذا التصدي إلزاميا لا جوازيا كما نص على ذلك الفصل 368 من ق.م.م. إلا أن الانتقادات التي وجهت لوظيفة التصدي، التي كان يسلكها قضاء محكمة النقض حيث أصبح يشكل درجة ثالثة من درجات التقاضي وسمح لنفسه بالتدخل في وقائع الدعوى إضافة إلى ما شاب هذه العملية من تجاوزات وخروقات لا تتماشى والسير العادي للعدالة، أدت إلى إصدار البرلمان قانونا ألغى بمقتضاه الفصل المذكور[3].

الفقرة الأولى : الأحكام القابلة للطعن بالنقض

وهي تلك الأحكام التي نصت عليها الفقرة الثانية من الفصل 353 من ق.م.م "تبت محكمة النقض ما لم يصدر نص صريح بخلاف ذلك في : -الطعن بالنقض ضد الأحكام الإنتهائية التي تصدرها جميع محاكم المملكة." 
يتضح من خلال هذا الفصل أن الأحكام التي تقبل الطعن بالنقض هي الأحكام التالية :

  •  الأحكام الصادرة عن المحاكم الاستئنافية بوصفها مرجعا استئنافيا.
  • الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف بالدرجة الأولى والانتهائية.
  • الأحكام الصادرة ابتدائيا وانتهائيا عن المحاكم الابتدائية.
ولكي تكون هذه الأحكام قابلة للطعن بالنقض، لا بد من توافر الشرطين التاليين:
  • أن يكون الحكم الصادر عن محكمة الموضوع قد فصل في النزاع بصورة نهائية سواء تعلق الأملر بجوهر النزاع أو بدفع من الدفوع.
  • أن يكون الحكم المطعون فيه بالنقض غير قابل للطعن بطريق من طرق الطعن العادية ويترتب على ذلك أن الأحكام الصادرة انتهائيا بالصورة الغيابية لا تقبل الطعن بالنقض إلا بعد انقضاء مدة التعرض طبقا للفقرة الثانية من الفصل 358 من ق.م.م، وأن الأحكام الصادرة ابتدائيا سواء أكانت غيابية أم حضورية لا تقبل الطعن بالنقض، بل لا بد من استئنافها في مرحلة أولى، والحكم الصادر هو الذي يمكن الطعن فيه بالنقض.

الفقرة الثانية : أطراف الطعن بالنقض

أولا: الطاعن بالنقض
يشترط في الشخص الذي يثبت له الحق في الطعن بالنقض، أن تتوافر فيه شروط التقاضي وهي الصفة و المصلحة والأهلية.
ويقصد بالصفة، كل شخص كان طرفا في الحكم المراد الطعن فيه بالنقض له الحق في ممارسة الطعن بالنقض أما من لم يكن طرفا فيه فيمتنع عليه ممارسة هذا الحق. وتبعا لذلك إذا لم تتوافر الصفة في طالب النقض فلا تقبل دعواه، فإذا كان رافع الدعوى لا يدعي الحق لنفسه أو يمثل صاحب الحق المدعى به، فإنه يحرم من حق التقاضي الذي رفع من أجله عريضة النقض.
أما المصلحة فيقصد بها أن يكون للطاعن مصلحة في الطعن بالنقض لدفع الضرر الذي ألحقه به الحكم المراد طعنه.أما إذا انتفت مصلحة الطاعن في نقض الحكم فإنه يتعين رد طعنه.
وبالرجوع للأهلية، يشترط أن تتوافر في طلب النقض أهلية التقاضي ليقبل طلبه فالقاصر أو ناقص الأهلية مثلا يجب أن يقدم الطعن من قبل وليه أو وصيه أو مقدمه.

ثانيا : الأشخاص الموجه ضدهم النقض
يجب أن يكون المطلوب ضده النقض قد صدر الحكم لمصلحته و أن يكون طرفا في الاستئناف أما من قضي بإخراجه من الدعوى أو لم توجه إليه طلبات فلا تقبل مقاضاته في النقض. و فيما يخص القاصر أو ناقص الأهلية فإن الطعن يجب أن يوجه إلى النائب الشرعي.
من خلال ما سبق يمكن استنتاج الشروط الواجب توافرها في المطلوب في النقض وهي كالآتي :
  • يجب أن يكون المطلوب ضده النقض طرفا في الحكم المطعون فيه
  • يجب أن يكون المطلوب ضده النقض قد استفاد من الحكم المطعون فيه.
  • يجب أن يكون المطلوب ضده النقض خصما حقيقيا.
ثالثا : المتدخل في الطعن بالنقض
كل شخص تربطه مصلحة مع المدعي، أو المدعى عليهن يمكنه أن يتدخل في النزاع، ولكن المتدخل يمتنع عليه أن يثير امام محكمة النقض ادعاءات لم يثرها الخصوم بل إن نطاق تدخله محصور في تعزيز ادعاءات أحد الخصوم الذي تربطه به مصلحة مشتركة طبقا للفصل 377 من ق.م.م.
تجدر الإشارة إلى أن التدخل أمام محكمة النقض مختلف تماما عن التدخل أمام محكمة الاستئناف، هذا الأخير يكون محصورا بالغير الذي يحق لهم تعرض الخارج عن الخصومة وبالتالي يهدف غلى حماية المتدخل نفسهز أما التدخل في مرحلة النقض فهو مقرر للشخص الذي تربطه مصلحة مشتركة مع أحد الأطراف في الدعوى، ويرمي غلى تعزيز ادعاءات الطرف الذي انضم إليه.[4]

الفقرة الثالثة : أجل الطعن بالنقض

ينص الفصل 358 من ق.م.م على أنه يحدد-بصرف النظر عن المقتضيات الخاصة- أجل رفع الدعوى إلى محكمة النقض في ثلاثين يوما من يوم تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص أو إلى موطنه الحقيقي.
وتبذأ مدة تقديم عريضة النقض بالنسبة للأحكام والقرارات الحضورية من يوم التبليغ إلى الشخص نفسه، أو إلى موطنه الحقيقي، وليس إلى موطنه المختار، باستثناء قضايا التحفيظ العقاري التي لا يبدأ أجل النقض فيها إلا من يوم التبليغ في الموطن المختار.
أما الأحكام الانتهائية الصادرغيابيا عن المحاكم الابتدائية وكذا الأحكام الاستئنافية الغيابية، فلا يسري ميعاد الطعن بالنقض بالنسبة إليها إلا من اليوم الذي يسقط فيه الحق في التعرض.
وتجدر الإشارة إلى أن شهادة تسليم التبليغ هي الوثيقة الوحيدة المعتمدة في إثبات بداية سريان أجل الطعن بالنقض ولا يحل محلها أية وثيقة إثبات أخرى.[5]

الفقرة الرابعة : أسباب الطعن بالنقض

لقد أوجب المشرع المغربي في 353 من ق.م.م أن تكون طلبات الطعن بالنقض في الأحكام مبنية حصريا على الأسباب التالية:
  • خرق القانون الداخلي.
  • خرق قاعدة مسطرية أضرت بأحد الأطراف.
  •  عدم الإختصاص.
  • عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل.
  • الشطط في استعمال السلطة.
وقد أضاف الاجتهاد القضائي سببا آخر يتعلق بتحريف العقود و الاتفاقيات. 

أولا : خرق القانون الداخلي
يقصد بخرق الداخلي، القانون الذي ينظم علاقات الأفراد فيما بينهم و في إطار القانون الخاص وبالتالي فالقانون هنا هو بمعناه الواسع. ويقصد بخرق القانون الإعراض عن تطبيق نص قانوني على النازلة المعروضة.
وينبغي التمييز بين خرق القانون، و الخطأ في القانون، والخطأ في تفسير القانون، فالأول يعني الإعراض عن تطبيق نص قانوني على النازلة المعروضة و أما الثاني فيقصد به إنزال حكم قاعدة قانونية على واقعة لا تنطبق عليها، وأخيرا يقصد بالخطأ في تفسير القانون أن يعطى للقاعدة القانونية مدلولا غير صحيح يخالف بذلك نية المشرع. ولا يكفي الادعاء في عريضة النقض أن المحكمة خرقت القانون لقبول النقض بل لا بد من بيان القواعد التي تم خرقها.

ثانيا : خرق قاعدة مسطرية أضرت بأحد الأطراف
بعبارة أخرى هي القواعد الإجرائية التي يترتب عن تخلفها بطلان الحكم ومن جملتها على سبيل المثال لا الحصر : عدم استدعاء الأطراف بطريقة قانونية ، أو رفض السماع للشاهد بعد أن يكون قد أدى اليمين القانونية، أو خرق القاعدة المسطرية التي توجب أن تصدر الأحكام في جلسة علنية، أو القواعد المسطرية التي لا تمس بحقوق الدفاع ولكنها متصلة بالنظام العام كالقواعد الماسة بالصفة و المصلحة و الأهلية والقواعد المنظمة لطرق الطعن وآجالها والقواعد المتعلقة بأداء الرسوم القضائية. 
من جهة أخرى فقبول الطعن بالنقض رهين بإثبات الطاعن في القرار تضرره من خرق القاعدة المسطرية سواء أكانت هذه الأخيرة ثانوية أو جوهرية. 

ثالثا : عدم الاختصاص
يكون الطعن بالنقض صحيحا إذا نظرت محكمة في دعوى تخرج عن اختصاصها أو قضت بعدم اختصاصها رغم أنها مختصة للبث في النازلة.

رابعا : الشطط في استعمال السلطة 
أي إذا تجاوزت المحكمة لاختصاصاتها لتتدخل في اختصاص السلطتين التشريعية والتنفيذية كالبث في دستورية القوانين مثلا. ويختلف الشطط في استعمال السلطة عن عدم الاختصاص ففي هذه الحالة الأخيرة يبقى للقاضي في إطار سلطته القضائية بينما في حالة الشطط يتجاوز القاضي سلطته ويمارس غير وظيفته القضائية.

خامسا : عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل
يقصد بانعدام الأساس القانوني، عدم ارتكاز الحكم على أي أساس قانوني، ويوجد هذا العيب عندما يكون عرض الوقائع غامضا، أو ناقصا يستحيل معه القول بأن القانون يطبق تطبيقا صحيحا. وإذا كان انعدام الأساس القانوني يعتبر عيبا موضوعيا، فإن انعدام التعليل يعتبر عيبا شكليا، ويقصد به انعدام وجود الأسباب بالحكم أي أن هذا الأخير لا ينبني على تعليل قانوني أو يكون التعليل فيه مخالفا للواقع.

سادسا : تحريف العقود والاتفاقيات
على خلاف باقي الأسباب الأخرى فإن قيام تحريف العقود والاتفاقيات كسبب يبرر طلب نقض الحكم كرسه الاجتهاد القضائي، ويرجع ذلك إلى أن العقود لها مثل ما للقانون من قوة وإلزام على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين، ومنه فإن التفسير المعيب لإرادة المتعاقدين المجسدة في العقد يمكن أن يعتبر خطئا قانونيا يخضع لرقابة محكمة النقض وذلك في حالة ما إذا كان لعبارات العقد معنى واضح وصريح[6].

الفقرة الخامس : إجراءات الطعن بالنقض

أولا : تقديم مقال طلب النقض
أوجب الفصل 354 من ق.م.م أن يرفع طلب النقض بمقال مكتوب موقع عليه من طرف أحد المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض، وإلا تعرض المقال للتشطيب من طرف محكمة النقض تلقائيا من غير استدعاء الأطراف.وعليه فإن مبلغ الوجيبة القضائية التي قد تم أداؤها تبقى ملكا للدولة طبقا للفقرة الثالثة من الفصل المذكور. وقد أجاز المشرع للدولة أن تستغني عن مساعدة المحامي سواء أكانت مدعية أو مدعى عليها، ويوقع على مقالاتها ومذكراتها في هذه الحالة الوزير المعني بالأمر أو موظف منتدب قضائي لهذا الغرض[7].
وقد نص الفصل 355 من ق.م.م على البيانات التي يجب أن يتضمنها المقال وهي :
  1. بيان أسماء الأطراف العائلية والشخصية وموطنهم الحقيقي.
  2. ملخص الوقائع والرسائل وكذا المستنتجات.
  3. نسخة من الحكم المطعون فيه
  4. يجب أن يكون مرفوقا بنسخ مساوية لعدد الخصوم.
ويودع مقال طلب النقض بكتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه (طبقا للفقرة الأولى من الفصل 356 من ق.م.م) ثم تقوم كتابة الضبط بتوجيه المقال مجانا مع الأوراق المرفقة به إلى كتابة الضبط بمحكمة النقض. ويتعين على طالب النقض أن يؤدي الواجبات القضائية في نفس الوقت الذي يقدم فيه مقاله تحت طائلة عدم القبول ( الفصل 357 من ق.م.م ).

ثانيا : تحضير ملف القضية
بمجرد تقديم عريضة النقض يقوم الرئيس الأول لمحكمة النقض بتسليم الملف إلى رئيس الغرفة المختصة، ثم يقوم رئيس الغرفة بتعيين مستشار مقرر يتولى اجراءات المسطرة غير أنه إذا ظهر من المقال الافتتاحي أو من المذكرة التفصيلية أن حل القضية معروف مقدما بصفة يقينية أمكن لرئيس الغرفة أن يقرر عدم إجراء البحث، وتدرج القضية في الجلسة من طرف الرئيس عند انصرام أجل 30 يوم الذي يجب على النيابة العامة أن تقدم خلاله مستنتجاتها في القضية، وعندها يمكن للمحكمة إما أن يرفض طلب النقض بقرار معلل، وإما أن يحيل الملف على مستشار مقرر بقرار غير معلل لجعل القضية جاهزة للبث (الفصل 363 من ق.م.م)و إذا كان طالب النقض قد احتفظ في مقاله بحق تقديم مذكرة تفصيلية تعين عليه الإدلاء خلال 30 يوم من تاريخ المقال، وإلا اعتبر متخليا عن تقديم المذكرة ( الفصل 364).
ويجب على الخصوم أن يقدموا مذكرات جوابية مع الوثائق التي يعتزمون الاستدلال بها في ظرف 30 يوم من تبليغهم بالمقال الافتتاحي والمذكرة التفصيلية بواسطة كتابة الضبط بمحكمة النقض.
ويمكن للمستشار المقرر أن يمد في هذا الأجل إذا اقتضى الحال ذلك طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 365 من ق.م.م، ويخطر الخصم الذي لم يراع الأجل المحدد، ويجوز إعطاؤه أجلا جديدا وأخيرا لتبث المحكمة في حالة ما إذا بقي الإنذار بدون مفعول (الفقرة الأولى من الفصل 366 من ق.م.م).
وعندما يرى المستشار المقرر أن القضية أصبحت جاهزة، فإنه يصدر أمرا بالتخلي عنها وتبليغها إلى النيابة العامة مع وضع تقريره وعلى النيابة العامة أن تقدم مستنتجاتها في القضية داخل 30 يوم من أمر التبليغ.
أخيرا فالآجال المنصوص عليها في الفصول 364، 365، 366 من ق.م.م تخفض إلى النصف فيما يخص الطعون ضد :
  • الأحكام الصادرة في قضايا النفقة أو قضايا الأحوال الشخصية أو قضايا الجنسية.
  • الأحكام الصادرة في قضايا الانتخاباتوالقضاياالاجتماعية.
  • الأحكام الصادرة في الموضوع طبقا لمسطرة القضاء الاستعجالي.
ثالثا : عقد الجلسة وصدور الحكم 
يحدد رئيس الغرفة جدول كل جلسة من الجلسات، وإذا كانت القضية تستدعي البث من طرف عدة غرف مجتمعة، فإن الرئيس الأول هو الذي يحدد الجدول. ويجب إخطار طرفي النزاع باليوم الذي تعرض فيه القضية على الجلسة وذلك قبل انعقادها بخمسة أيام على الأقل طبقا لما ورد في الفصل 370 من قمم.
وتتشكل الهيئة القضائية من الغرفة المدنية أو من أي غرفة من غرف محكمة النقض، على أن الحكم لا يكون صحيحا إلا إذا كانت الغرفة مؤلفة من 5 قضاة. غير أنه يجوز للرئيس الأول ولرئيس الغرفة المعروضةعليها القضية أن يحيلوا الحكم في أي قضية كانت على هيئة قضائية تتكون من غرفتين مجتمعتين، وفي هذه الحالة يعين الرئيس الأول الغرفة المضافة ويكون صوته مرجحا في حالة تعادل الأصوات. ويمكن للهيئة المؤلفة من غرفتين أن تقرر إحالة القضية على محكمة النقض للبث فيها بمجموع غرفه كما جاء ذلك في الفقرة الأخيرة من الفصل 371 من ق.م.م.

رابعا : الاجراءات الخاصة بدعوى الزور
تخضع هذه الدعوى لإجراءات خاصة ورد بيانها في الفصلين 386 و 387 من قمم وهي تتلخص فيما يأتي:
1. يقدم طلب الزور إلى الرئيس الأول لمحكمة النقض ولا ينظر في الطلب إلا إذا أودعت في كتابة الضبط غرامة قدرها 500 درهم.
2. يمحص الرئيس الأول في الطلب المقدم إليه ويصدر أمرا بالرفض أو الإذن في تقييد الدعوى.
3. إذا صدر الأمر بالإذن بتقييد الدعوى، يبلغ هذا الأمر مع المقال المرفوع بشن دعوى الزور إلى المدعى عليه، وذلك خلال 15 يوم من إنذاره بأن يفصح عما إذ كان عازما على الإدلاء بالحجة المدعى تزويرها.
4. على المدعى عليه أن يجيب في ظرف 15 يوما، وإلا وقع سحب الحجة من مناقشة الدعوى، كما تسحب أيضا من الملف إذا كان الجواب سلبيا.
5. أما إذا كان الجواب بالإيجاب فيبلغ المدعي في دعوى الزور داخل أجل 15 يوما.
6. ترد الغرامة الإليه إذا سحب المستند من الملف.

المطلب الثاني : الطعن بالنقض في قانون المحاكم الإدارية

تمارس الغرفة الإدارية اختصاص البث في طلبات النقض ضد القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية، كما يمكنها النظر في جميع القضايا المعروضة على الغرف الأخرى طبقا لمقتضيات الفصل 10 من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة والفقرة الأخيرة من الفصل 362 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه " ترفع إلى الغرفة الإدارية :
  • الطعون بالنقض ضد الأحكام القضائية الصادرة في القضايا التي يكون أحد الأطراف فيها شخصا عموميا.
  • الطعون الموجهة ضد مقررات السلطة الإدارية للشطط في استعمال السلطة."
ويخضع الطعن بالنقض لمسطرة النقض المنصوص عليها في الفصل 354 من قانون المسطرة المدنية وما يليه، التي تميز بما يلي : ضرورة رفعها بواسطة محام مقبول لدى محكمة النقض، أداء الرسم القضائي، تضمين مقال النقض أحد أسباب النقض. وبالتالي فهي نفس الاجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية و التي تطرقنا إليها في الفقرة الأولى ذلك أن المادة 7 من قانون إحداث المحاكم الإدارية تنص على أنه " تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك".

المبحث الثاني : ملتمس إعادة النظر وتعرض الغير الخارج عن الخصومة

الملطب الأول: ملتمس إعادة النظر

أولا: التعريف بإعادة النظر
إن إعادة النظر هو طعن غير عادي في الأحكام التي لا تقبل الطعن بالتعرض والاستئناف ممن كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعي بصفة قانونية للمشاركة فيها وهو يرفع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إذا حقق بسبب أو أكثر من الأسباب التي حددها القانون على سبيل الحصر وهو لا يستهدف إصلاح الحكم الصادر في النزاع موضوع طلب إعادة النظر، وإنما يرمي إلى محوه ليعود الوضع إلى ماكان عليه قبل صدوره حتى يتمكن بذلك من عرض النزاع من جديد والحصول على حكم آخر بعد أن يكون قد تخلص من قوة الشيء المقضي به للحكم كل الالتماس[8].
وقد كان الظهير المؤسس للمجلس الأعلى يسمي هذا الطعن بطلب الرجوع في الحكم وكان يطلق عليه في فرنسا في ظل قانون المسطرة المنية القديم " العريضة المدنية" ثم أصبح يسمى فيما بعد " بالطعن بالمراجعة"[9].
وتختلف مسطرة إعادة النظر عن طرق الطعن العادية وحتى النقض ذاته في أنها لا تستهدف الطعن في قرارات المحكمة بقدر ما ترمي إلى مساعدتها على تلافي نتائج الحكم المطعون فيه، والأخطاء التي وقع فيها القضاء نتيجة وقائع مادية، أو عيوب شكلية لا يد له فيها، ومن أجل ذلك فإن طلب إعادة النظر يرجع الاختصاص فيه إلى نفس المحكمة التي أصدرته وفقا للفصل 406 من ق.م.م.وقد حدد المشرع حصرا الحالات التي يمكن الطعن فيها بإعادة النظر، وهي[10]:
1. إذا بت القاضي فيما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب، أو إذا أغفل البث في إحدى الطلبات : فالأصل هنا أن المحكمة ملزمة بالتقيد بمقال الدعوى، ولا تتجاوز حدود الطلبات التي قدمت إليها، فلا تقضي بما لم يطلب منها أو بأكثر مما طلب، كما يجب أن تفصل في جميع الطلبات الواردة بمقال الدعوى.
2. إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى : من الممكن أن يصدر عن أحد الخصوم أثناء تحقيق الدعوى تدليس يؤثر في الحكم الصادر عن المحكمة. 
والتدليس المقصود هو جميع الحيل التي لجأ إليها الخصم لتضليل المحكمة، وإيقاعها في الغلط. ويجب توافر شرطين حتى يتم قبول إعادة النظر : 
أن يصدر التدليس عن الخصم الذي جاء الحكم لمصلحته.
أن يكون التدليس قد أثر في المحكمة وأوقعها في الغلط مما حملها على إصدار حكم لصالح المدلس. وقد جاء في قرار لمحكمة النقض أن " التدليس الذي يبرر إعادة النظر هو الذي يعمد إليه الخصم لخداع المحكمة وتؤثر في عقيدتها فتصور الباطل صحيحا وتحكم على ضوء هذا التصور المغلوط". وفي قرارآخر " إن التدليس المبرر لطلب إعادة النظر، يتجلى في الحالة التي يكون فيها أحد الأطراف قد أخفى عن المحكمة واقعة لها تأثير في اتجاهها، دون أن يكون الطرف الآخر –الذي هو طالب إعادة النظر- على علم بتلك الواقعة خلال نظر المحكمة في الدعوى الأصلية".
3. إذا بني الحكم على مستندات اعترف أو صرح بأنها مزورة وذلك بعد صدور الحكم، ويشترط ليكون استعمال الأوراق المزورة سببا لإعادة النظر:
  • أن يكون الحكم قد بني على وثائق مزورة لا فرق أن يكون المزور هو الخصم المحكوم له أو غيره. 
  • أن تكون الوثائق المزورة أثرت بشكل كلي في إصدار الحكم.
  • أن يثبت التزوير بإقرار الفاعل، أو بحكم مبرر صادر في دعوى جنائية أو مدنية أصلية أو عارضة.
4. إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف الآخر: لأنه قد تكون هناك وثيقة حاسمة وقعت بيد الخصم، فيقضي القاضي بما لم يكن قد قضى به، ثم تقع الوثيقة بيد المحكوم ضده، فيجوز له الطعن بإعادة النظر.
وقد ورد في قرر لمحكمة النقض على أنه " يتعين طبقا للفصل 379 من قانون المسطرة المدنية أن تكون المستندات المدلى بها تعزيزا لطلب إعادة النظر، حاسمة في موضوع القضية، وأن يقع عبئ الإثبات أنها كانت محتكرة من طرف الخصم وتعذر على الطالب الإدلاء بها أثناءمناقشة موضوع التهمة".
وفي قرار آخرورد فيه أنه " لا تشكل الوثيقة الحاسمة التي تكون سببا من أسباب إعادة النظر أمام محكمة النقض ما سبق مناقشته من وثائق أثناء النظر في دعوى إتمام البيع. إذن فالمقصود بالوثيقة الحاسمة هي التي كانت محتجزة لدى الخصم خلال جريان الدعوى".
5. إذا وجد تناقض بين أجزاء نقس الحكم : لأنه قد يحصل أن يكون هناك تناقض بين أجزاء منطوق الحكم، فيشكل ذلك استحالة تنفيذه، فيكون من حق صاحب المصلحة الطعن باستعمال إعادة النظر.
6. إذا قضت نفس المحكمة بين نفس الأطراف واستنادا إلى نفس الوسائل بحكمين انتهائيين ومتناقضين وذلك لعلة عدم الاطلاع على حكم سابق أو لخطأ واقعي : إذن نستنتج أنه يشترط في هذه الحالة أن يكون التعارض بدرجة لا يمكن معها التأليف بينهما ويستحيل تنفيذهما، وأن يكونا قد صدرا بصورة انتهائية وبين نفس الخصوم واستنادا لنفس لأسباب وعن نفس المحكمة ونتيجة خطأ غير مقصود.
7. إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين : لنه قد يحدث أن يصدر حكم على إدارة عمومية أو قاصر لم يدافع عنهما وفقا للقانون لسبب من الأسباب، فيكون ذلك سببا في رفع طعن بإعادة النظر أمام المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه.
تجدر الإشارة فيما يخص القرارات الصادرة عن محكمة النقض إلى أنه ليس كل قراراته قابلة للطعن بإعادة النظر بل هناك صنف من تلك القرارات قال المحكمة بعدم خضوعها لهذا الطعن، كما أن هناك صنف آخر كان المحكمة قد أبعده من مجال الطعن ثم أعاده إليه بعد ذلك. ففي القرارات الزجرية كان محكمة النقض مترددا بين جواز طلب إعادة النظر في المادة الزجرية اعتمادا على مقتضيات قانون المسطرة المدنية باعتبارها الشريعة العامة في حالة سكوت قانون المسطرة الجنائية، و تارة يقول عكس ذلك، إلا أن هذا التردد دفع المحكمة إلى إصدار قرار بجميع غرفه يصرح فيه بعدم جواز الالتجاء في في الميدان الجنائي إلى طعن منظم بمقتضى قانون المسطرة المدنية ( قرار 1/ 3 بتاريخ 2 يناير 2002) قبل أن يتدخل المشرع فيقرر العكس ( المادة 563 من ق.م.ج)[11].
دائما وفي نفس الإطار فقد سبق للمحكمة في إحدى قراراتها أن صرح بأن الأمر بوقف التنفيذ هو أيضا مجرد تدبير وقتي يتخذه في نطاق السلطة التقديرية المخولة له بمقتضى الفصل 361 من ق.م.م وتحت أسباب لا يعلن عنها وهي لذلك غير قابلة للطعن بإعادة النظر( قرار 70/9 يناير 1985). أما فيما يخص القرارات الصادرة في مادة التحفيظ العقاري فموقف المحكمة لا زال متأرجحا فتارة يقول بعدم جواز الطعن بإعادة النظر في هذا النوع من القرارات ( قرار 532-05/5 أبريل 2000) وتارة يقول العكس( قرار 227 بتاريخ 14 فبراير 1989)[12]. 

ثانيا : أجل الطعن بإعادة النظر
حدد المشرع أجل الطعن بإعادة النظر على الشكل التالي:
1- أن يقدم طلب إعادة النظر خلال 30 يوما ابتداء من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه غير أنه تطبق على هذا الطلب مقتضيات الفصول 136 و 137 و 139.
وجاء في قرار لمحكمة النقض " أن آجال الطعون لا تسري إلا بناء على تبليغ قانوني صحيح، ولا يقوم مقام هذا التبليغ سلوك الطاعن مسطرة إعادة النظر، إذ المعتبر هو الإعلام لا العلم". 
2- إذا كانت أسباب طلب إعادة النظر هي : التزوير والتدليس أو اكتشاف المستندات الجديدة بشرط ان توجد بالنسبة للحالتين الأخيرتين حجة كتابية على هذا التاريخ، غير أنه إذا كانت الأفعال الإجرامية قد ثبت وجودها من طرف محكمة زجرية، فإن الأجل لا يسري إلا ابتداء من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم الصادر عن هذه المحكمة مكتسبا لقوة الشيء المحكوم به.
3- إذا كان السبب المثار من أجله طلب إعادة النظر تعارض الأحكام، فإن الأجل لا يسري إلا من تاريخ تبليغ الحكم الأخير.

ثالثا : اجراءات الطعن بإعادة النظر 
يقدم طلب إعادة النظر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بمقال مؤدى عنه الرسوم القضائية، ويجب أن يرفق بوصل يثبت إيداع مبلغ بكتابة الضبط يساوي الحد الأقصى للغرامة التي يمكن الحكم بها تطبيقا للفصل 407 من ق.م.م[13].
وعليه يشترط لقبول طلب إعادة النظر إيداع الطالب تحت طائلة عدم القبول مبلغا يساوي 1000 درهم أمام المحكمة الابتدائية، 2500 درهم أمام محكمة الاستئناف، 5000 درهم أمام محكمة النقض طبقا للفصل 407 من ق.م.م، هذا الايداع يتعين أن يتزامن مع تقديم الطلب ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يأتي لاحقا في الزمن، وإلا أدى ذلك إلى عدم قبول الطلب شكلا[14].
من ناحية أخرى يجب التأكيد على أنه متى نجح الطاعن في مسعاه واستجابت المحكمة إلى طلبه وجب رد مبلغ الغرامة إليه إلى أن يتنازل عنه، أو يتنازل عن دعوى إعادة النظر فيسقط حقه في استرجاعه.
ويمكن القول أن طلب إعادة النظر يمر بمرحلتين:
المرحلة الأولى :في هذه المرحلة ينحصر اختصاص المحكمة في البحث في جواز قبول طلب إعادة النظر أو عدم جوازه، ويعني ذلك أن تتحقق المحكمة من تلقاء نفسها من أن الطعن قد رفع صحيحا، وفي الميعاد، وأنه حكم قابل الالتماس، وبناء على سبب من الأسباب التي وردت على سبيل الحصر في المادة 402 من ق.م.م. هذه المرحلة تنتهي إما بالحكم بعدم قبول طلب إعادة النظر، وإما الحكم بقبوله، وفي هذه الحالة الأخيرة يترتب على الحكم زوال كافة الآثار القانونية التي تكون قد ترتبت على قيامه، ويعود الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور الحكم المطعون فترد المبالغ المودعة وكذا الأشياء التي قضى بها والتي قد يكون تم تسلمها بمقتضى الحكم المرجوع فيه. ( الفصل 408 من ق.م.م).
المرحلة الثانية : في في هذه المرحلة تنظر المحكمة في الخصومة طبقا للقواعد العامة، وقد نصت المادة 410 من قمم على أن" يرفع أمام المحكمة التي بثت في إعادة النظر أصل النزاع الذي صدر بشأنه الحكم الذي أعيد النظر فيه."
لكن لا يجوز للمحكمة أن تتناول إلا الطلبات التي تضمنها طلب إعادة النظر وللمحكمة أن تخالف رأيها الأول سواء من حيث تقدير الواقع، أو تطبيق القانون بشرط عدم المساس بحجية الأحكام السابقة او أجزاء الحكم التي لم يشملها طلب إعادة النظر.
أما فيما يخص الطعن بإعادة النظر في قانون المحاكم الإدارية فإن قرارات محاكم الاستئنافالادارية تخضع للطعن بإعادة النظر في حالة توافر الحالات المنصوص عليها في الفصل 402 من ق.م.م وهي الحالات التي تم ذكرها سابقا في الفقرة المخصصة لأسباب
طلب إعادة النظر، وتطبق نفس الاجراءات المنصوص عليها في الفصل 407 من ق.م.م أي أنه يقدم الطلب في شكل مقال حسب 
القواعد المقررة قانونا أمام الجهة التي صدر عنها القرار المطعون فيه ولا ينتج عن ذلك أي أثر واقف ولا يقبل الطلب إلا إذا كان المقال مصحوبا بوصل يثبت إيداع المبلغ بكتابة الضبط بالمحكمة يساوي الحد الأقصى للغرامة التي يمكن الحكم بها[15].

المطلب الثاني: تعرض الغير الخارج عن الخصومة

أولا : تعريف تعرض الغير الخارج عن الخصومة
من المعلوم أن وسيلة تعرض الغير الخارج عن الخصومة تعتبر طريق غير عادي للطعن في الأحكام، وضعه القانون في متناول كل شخص لم يكن طرفا ولا ممثلا في الدعوى ليتمكن بمقتضاه أن يدفع أثر الحكم الصادر فيها إذا كان هذا الحكم يمس بحقوقه أو يضر بمصالحه. في الواقع هناك بعض الأحكام يمكن أن يمتد مفعولها ليلحق بالغ الضرر حتى بالغير الذي لم يكن طرفا في الدعوى، ولكنه يكتوي ببعض آثارها وانعكاساتها عليه، مثل ذلك المكتري لعقار تقام الدعوة ضد مالكه الأصلي، ويحكم بعدم استحقاقه له، فبالرغم من عدم ارتباطه بدعوى الاستحقاق هاته، إلا أن حقوقه المستندة إلى عقد الكراء يمكن أن تتضرر من الحكم الصادر في النزاع، وأن له مصلحة في التدخل أو التعرض كغير على الحكم الصادر في الخصومة. وفي هذا الإطار نص الفصل 305 من قمم على أنه " يمكن لكل شخص أن يتعرض على حكم قضائي يمس بحقوقه إذا كان لم يستدع هو أو من ينوب عنه في الدعوى[16].
إنه باستقرائنا للفصل 303 السالف الذكر نجده يعرف الغير بأنه الشخص الذي لم يستدع هو أو من ينوب عنه في الدعوى بمعنى ألا يكون طرفا في الدعوى و ممثلا فيها[17].

ثانيا : اجراءات تقديم تعرض الغير الخارج عن الخصومة
يقدم الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة طبقا للفصل 304 من ق.م.م، وفقا للقواعد المقررة للمقالات الافتتاحية للدعوى، وتؤدى عنه الرسوم القضائية. ويقدم أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المتعرض عليه.
ولا يقبل أي تعرض للخارج عن الخصومة إذا لم يرفق بوصل يثبت إيداعه بكتابة ضبط المحكمة مبلغا مساويا للغرامة في حدها الأقصى والتي يمكن الحكم بها تطبيقا للفصل 305 من ق.م.م. ويستنتج من صيغة النص أن الغرامة يجب أداؤها عند أداء الرسوم القضائية على المقال تحت طائلة عدم القبول، أما إذا أديت بعد تقديم المقال فلا تؤخذ بعين الاعتبار.

ثالثا : مقدار الغرامة 
حدد المشرع مقدار الغرامة التي يحكم بها على الطرف الذي لا يقبل تعرضه على الشكل التالي :
  • بالنسبة للمحاكم الابتدائية : 100 درهم.
  • بالنسبة لمحاكم الاستئناف : 300 درهم.
  •  بالنسبة لمحكمة النقض : 500 درهم.
وعند الحكم لفائدة المتعرض، يمكنه استرجاع الغرامة التي سبق أن أداها.
بالنسبة لتعرض الغير الخارج عن الخصومة أمام المحاكم الإدارية فإن هذا الوجه من الطعن هو وسيلة للأغيار الذين لم يكونوا ممثلين في الدعوى، للطعن في القرارات الصادرة في القرارات الصادرة عن محاكم استئناف إدارية إذا مست تلك القرارات بحقوقهم وذلك طبقا للفصل 303 من ق.م.م وما يليه بمقتضى المادة 15 من القانون 03-08 التي تحيل إلى القانون المذكور، وبالتالي فإنه تطبق نفس الإجراءات المنصوص عليها في الفصل 303 وما بعده أمام المحاكم الإدارية.خاتمة
لقد سبق أن رأينا أن أسباب الطعن بالطرق العادية غير محددة، بخلاف أسباب الطعن بالطرق غير العادية حيث حدد المشرع حالاتها وبين أوجه الطعن فيها وألزم المحكمة تبعا لذلك بمراعاة واحترام القواعد القانونية الواجب اتباعها ليكون الطلب مقبول. وينتج عن ذلك أن المحكمة تكون غالبا مقيدة بمناقشة الوسائل التي أثارها الطاعن في مذكرته، والخروقات القانونية التي استند عليها دون النظر في الوقائع التي ناقشتها محاكم الموضوع والتي يرجع إليها السلطة التقديرية لتكييف الوقائع التي عرضت أمامها. 
ونستنتج مما سبق أن الأحكام لا تقبل الطعن بطريق عادي مادامت تلك الأحكام قابلة للطعن العادي، وعليه لا يجوز الجمع بين طريق عادي للطعن وطريق غير عادي حيث أن الطعن بالنقض و التماس إعادة النظر لا يقبلان إلا إذا كان الحكم محل الطعن نهائي.
____________________________________________
هوامش:
[1] - أحمد مليجي، أوجه الطعن بواقع الدعوى، الطبعة الثانية 1986 ص 3 ( أورده محمد الحضري في كتابه " المختصر المفيد في المسطرة المدنية ص 98 ) 
[2] - محمد الحضري " المختصر المفيد في المسطرة المدنية" ص 98 
[3] - محمد الحضري، نفس المرجع ص 100-101 
[4] - محمد الحضري ،مرجع سابق ص 108،109 
[5] - لمعكشاوي محمد، "الوجيز في الأحكام القضائية وطرق الطعن فيها في ضوء قانون المسطرة المدنية" مطبعة النجاح الجديدة، 2011 ص 75-76 
[6] - محمد الحضري ، مرجع سابق ص 115 
[7] - محمد الحضري، مرجع سابق ص 116،117،118،119،12 
[8] - دليل محاكم الاستئناف الإدارية و المحاكم الادارية، منشورات جمعية نر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة المعلومة للجميع، العدد 18، مارس 2009 ص 99 
[9] - ابراهيم زعيم، "الطعن بإعادة النظر أمام المجلس الأعلى" المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد 68 سنة 2006 
[10] - محمد الحضري، مرجع سابق ص 121 
[11] - ابراهيم زعيم، مرجع سابق ص 35 
[12] - ابراهيم زعيم، مرجع سابق ص 36 
[13] - لمعكشاوي محمد، مرجع سابق ص 87 
[14] - محمد الحضري، مرجع سابق ص 134 
[15] - دليل محاكم الاستئناف الإدارية و المحاكم الادارية، منشورات جمعية نر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة المعلومة للجميع، العدد 18، مارس 2009 ص95 
[16] - محمد الحضري، مرجع سابق ص 137 
[17] - سعاد الزروالي، "دعوى تعرض الغير الخارج عن الخصومة : رصد لمفهوم الغير وروط ممارسة الطعن" قانون المسطرة المدنية في العمل الفقهي والاجتهاد القضائي،منشورات مجلة الحقوق المغربية سنة 2009 
[18]من رسالة سيدنا عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري قاضي الكوفة انضر النص الكامل عند الماوردي في الاحكام السلطانية ص 71 وعند الجاحظ في البيان والتبين الجزء الثلني ص43 وشرحها ابن القيم في اعلام الموقعين الجزء الأول ص98 وابن فرحون في تبصرة الاحكام 
[2]المحامي محمد المعشكاوي الوجيز في الاحكام القضائية وطرق الطعن فيها في ضوء قانون المسطرة المدنية الطبعة الاولى .2011 ص 54


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -