الطلبات العارضة في قانون المسطرة المدنية

مقال بعنوان: الطلبات العارضة في قانون المسطرة المدنية 

بحث حول الطلبات العارضة في قانون المسطرة المدنية PDF


مقدمة: 
تهدف الدعوى إلى حماية حقوق المتقاضين تتم مباشرة بعد فتح المدعي المقال الافتتاحي أو الطلب الأصلي وهو المقال الذي تفتتح بموجبه الدعوى من طرف صاحب الحق المنازع فيه إلى القضاء. 
لكن المشرع فتح المجال أما المتقاضين لتقديم الطلبات الأخرى أثناء النظر في الدعوى أو سريانها تسمى الطلبات العارضة تقدم أمام المحاكم الابتدائية ومحام الاستئناف، تضاف بمقتضاها ادعاءات جديدة سواء من المدعي أو المدعى عليه بما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى أو ما يكون مكملا للطلب الأصلي أو مترتبا عليه أو متصلا به اتصالا لا يقبل التجزئة أو يتضمن إضافة أو تغيير في سبب الدعوى مع إبقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله. 
ويمكن أن تقدم الطلبات العارضة من المدعي أو المدعى عليه. 
وتنقسم الطلبات العارضة إلى طلب إضافي وطلب مضاد أو جوابي. 
كما يتعين على القاضي أن يبت في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات. 
فما المقصود بالطلبات العارضة؟ 
وماهي أشكال الطلبات العارضة أمام محاكم الاستئناف؟ 
وما مدى استقلالية الطلبات العارضة عن الطلبات الأصلية؟ 
وللإجابة على هذه الإشكالات سنعمد إلى وضع التصميم التالي: 

المبحث الأول: الإطار القانوني للطلبات العارضة 
المطلب الأول: مفهوم الطلبات العارضة 
المطلب الثاني: أشكال الطلبات العارضة 
المبحث الثاني: نطاق تطبيق الطلبات العارضة أمام محاكم الاستئناف 
المطلب الأول: مدى استقلالية الطلبات العارضة 
المطلب الثاني: وضعية الطلبات العارضة أمام محاكم الاستئناف 

المبحث الأول: الإطار القانوني للطلبات العارضة 

المطلب الأول: مفهوم الطلبات العارضة 

وجدت الطلبات العارضة لإدخال المرونة على مبدأ ثبات الطلب القضائي وهذه الطلبات لها نفس شكل وبيانات الطلب الأصلي وتدفع عنها الرسوم ما لم تكن مشمولة بالمساعدة القضائية. 
فالطلبات العارضة فهي توجد في خصومة منعقد وجارية من قبل وفي ذلك مرونة، كون الطلب الأصلي يرفع كتابة مع وجوب احترام مقتضيات الفصلين 31 و32 من قانون المسطرة المدنية الذي حدد البيانات الإلزامية التي يجب توفرها في المقال الافتتاحي، إلا أن الطلبات العارضة يمكن أن تقدم في بعض الأحيان شفاهة ويمكن للمدعي أن يقدم الطلبات العارضة التالية:
1- ما يتضمن تصيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى. 
2- ما يتضمن إضافة أو تغيير في سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله. 
3- ما يكون مكملا للطلب الأصلي أو مترتبا عليه أو متصلا به. 
4- طلب إجراء تحفظي أو مؤقت. 
5- ما تأذن الحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطا بالطلب الأصلي. 
وللمدعى عليه أن يقدم الطلبات العارضة التالية: 
1- أي طلب يكون متصلا بالدعوى الأصلية بصلة لا تقبل التجزئة. 
2- طلب المقاصة القضائية وطلب الحكم له بتعويضات عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء اتخذ فيها. 
3- أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها وأن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه. 
4- ما تأذن المحكمة بتقديمه ما يكون مرتبطا بالدعوى الأصلية. 
وتقدم الطلبات العارضة من المدعي أو المدعى عليه إلى المحكمة باستدعاء أو مذكرة ويبلغ ذلك للخصم قبل يوم الجلسة ويجوز بأذن من رئيس المحكمة إبداء الطلبات العارضة شفاهة في الجلة وبحضور الجلسة وبحضور الخصم وتثبت في محضر الجلسة[1].

المطلب الثاني: أشكال الطلبات العارضة 

الفقرة الأولى: الطلب الإضافي 

الطلب الإضافي من الطلبات العارضة التي تقدم أثناء النظر في الدعوى ويعرف بالإضافي لأن المدعي يقدمه في مرحلة النظر في الدعوى بقصد تأكيد ودعم الطلب الأصلي الذي افتتحت به الدوى أو بهد تدارك ما فاته من وقائع وأحداث من شأنها أن تساعده على الحصول على حقه ومن اللازم لقبول الطلب الإضافي أن يقوم على كافة الشروط المتوفرة في المقال الأصلي وأن يقدم في مقال مكتوب أو في صورة تصريح شفوي يدلي به المدعي أو ممثله القانوني أمام كتابة الضبط بالمحكمة.[2]
ومتى تقدم المدعي بهذا الطلب وجب على القاضي البث فيه سلبا أو إيجابا وإلا عرض نفسه لجريمة إنكار العدالة، فالمادة2 من قانون المسطرة المدنية تؤكد على أنه لا يحق للقاضي الامتناع عن الحكم أو إصدار قرار ويجب البث بحكم في كل قضية رفعت إلى المحكمة. 
وعموما فالطلب الإضافي هو الطلب الذي يتقدم به المدعي أثناء النظر في دعوى قائمة ويتناول بالتغيير أو بالنقض أو بالإضافة ذات الدعوى بالنسبة لموضوعها أو سببها أو أطرافها وشروطه هي نفس شروط المقال الافتتاحي، وضرورة البت في حدود الطلب الإضافي.

الفقرة الثانية: الطلب المضاد (الجوابي أو المقابل) 

الطلب المضاد أو الجوابي أو المقابل والذي يقدمه المدعى عليه دفعا لمزاعم المدعي وردا على ادعاءاته وهو وسيلة دفاعية. 
ويكون موضوع الطلب المضاد الذي يقم في شكل مقال مضاد أو مذكرة جوابية، إذا كانت المسطرة كتابية، الحكم على المدعي بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل وهذا يعني أنه بمجرد تقديم هذا الطلب تنتقل وتتغير صفة كل طرف من أطراف الدعوى فيصبح المدعى عليه مدعيا، والمدعى عليه، الأمر الذي يقلب عبء الإثبات.[3]
ويستلزم الطلب الجوابي أو المضاد نفس شروط المقال الأصلي وحالات الطلب المضاد أو الجوابي هي:
1- حالة المقاصة القضائية، وهي حسب الفصل 357 من قانونا لالتزامات والعقود " تقع المقاصة إذا كان كل من الطرفين دائنا للآخر ومدينا له بصفة شخصية وهي لا تقع بين المسلمين عندما يكون من شأنها أن تتضمن مخالفة لما تقضي به الشريعة الإسلامية". 
2- الطلبات التي يترتب على إجابتها عدم الحكم للمدعي بعض طلباته أو كلها. 
3- الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي. 
4- الطلبات الرامية إلى الحكم للمدعى عليه بتعويض عن ضرر لحقه منا لدعوى أو أحد إجراءاتها. 
إن النظر في الطلبات العارضة سواء كانت إضافية أو جوابية أو تدخلا يتم في نفس الوقت الذي تنظر فيها المحكمة في الطلبات الأصلية جاهزة للحكم أو أن من شأن تأجيل البت فيها إلى حين النظر في الطلبات العارضة. 

المبحث الثاني: نطاق تطبيق الطلبات العارضة أمام محاكم الاستئناف 

المطلب الأول: مدى استقلالية الطلبات العارضة 

لينبغي الخلط بين الطلب العارض في شكله الإضافي والطلب الاحتياطي لأن هذا الأخير يختلف من حيث طبيعته وخصائصه عن الأول، فبإمكان المدعي أن يتقدم في مقال واحد بطلبات أصلية أو أساسية وطلبات احتياطية أو ثانوية كما لو تضمن المقال الافتتاحي للدعوى طلب إتمام البيع كطلب أصلي وفسخ العقد وتعويض المدعي عن الخسارة التي لحقته كطلب احتياطي، أما الطلبات العارضة تأتي في شكل مستقل عن الطلب الأصلي كما يشترط فيها القيام على البيانات الإلزامية الواردة في الفصلين 31 و32 من قانون المسطرة المدنية. 
لكن الطلبات العارضة يمكن أن تتجه إلى دعم الطلب الأصلي من خلال الطلب الإضافي، ويمكن أن تكون ردا على الطلب الأصلي وتقوم على دفع كل المزاعم التي ينبني عليها الطلب الأصلي.

المطلب الثاني: وضعية الطلبات العارضة أمام محاكم الاستئناف 

الاستئناف هو طريقة من طرق الطعن العادية، ويقصد منه إصلاح أو تعديل الأحكام وذلك بإتاحة الفرصة لكل متضرر من الحكم الابتدائي لإعادة طرحه أمام محكمة أعلى درجة وأكثر خبرة من المحكمة التي أصدرت الحكم الأول.[4]
وإذا كان للمدعى عليه الحق في تقديم طلباته المضادة والمقابلة أمام المحكمة الابتدائية فإن هذه الإمكانية غير متاحة على إطلاقيتها في المرحلة الاستئنافية وذلك طبقا لما داء في الفصل 143 م قانون المسطرة المدنية الذي نص في فقرته الأولى "لا يمكن تقديم أي طلب جديد أثناء النظر في الاستيناف باستثناء طلب المقاصة أو كون الطلب الجديد لا يعدو أن يكون دفاعا عن الطلب الأصلي". 
وباعتبار أن أي طلب مقابل يطرحه المدعى عليه لأول مرة في المرحلة الاستئنافية هو طلب جديد فإنه يمنع تقديمها والعلة في ذلك أن هذه الطلبات تتناول بالتعديل أو الإضافة للطالب الأصلي في أحد عناصره (الأطراف، السبب، الموضوع) وهو ما لا يتفق مع مبدأ التقاضي على درجتين كضمانة أساسية لتحقيق عدالة قضائية. 
وهو ما يبرر منع المشرع المغربي لتقديم طلبات عارضة تكريسا لمبدأ ثبات النزاع، وهو ما يستشف من قرار المجلس الأعلى تحت رقم 1331 بتاريخ 27 يوليوز 1983 في الملف المدني رقم 91732 المتعلق بالطلبات التي يقدمها المدعى عليه في مرحلة الاستئناف وترمي إلى رفض الطلب يقول المجلس الأعلى: "حقا حيث إن الدعوة الجديدة التي يمكن تقديمها من المدعى عليه أثناء النظر في الاستئناف هي التي ترمي إلى رفض الطلب الأصلي كليا أو جزئيا. 
لذلك فإن الدعوة العارضة التي تقدم بها المطلوب في النقض والرامية إلى إتمام البيع عند تقديمه لطلب الاستئناف تكون غير مقبولة لأن ما لا تهدف إلى رفض دعوى المدعين طالبي النقض...".[5]
لكن المشرع المغربي أدخل على هذا المبدأ نوع من الليونة فنص على بعض الاستثناءات ل منع تقديم طلبات جديدة وهي المنصوص عليها في الفصلان 143 و144 من قانون المسطرة المدنية وهي على الشكل التالي:
- طلبات المقاصة والدفاع عن الطلب الأصلي. 
- طلبات التعرض للأضرار الناتجة بعد صدور الحكم المستأنف. 
- طلب التدخل ممن له الحق في استعمال تعرض الغير الخارج عن الخصومة. 
- طلب تعديل السبب الذي بني عليه الطلب الأصلي. 
وهذه الاستثناءات على سبيل الحصر والمرخصة لتقديم طلبات جديدة أما محام الدرجة الثانية، إذن فالأصل والقاعدة العامة هي عدم جواز تقديم طلبات جديدة. 

خـاتمـة: 
يمكن القول أن الطلبات العارضة تشكل ضمانة أساسية للمتقاضين من أجل إثارة كل ما فاتهم من وقائع وأحداث والتي من أنها ضمان الحقوق والمحافظة عليها، لكن المشرع ضيق هذه الضمانة أمام محاكم الاستئناف. 
لنتساءل عن ما مدى العلاقة القائمة بين المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف فيما يتعلق بالطلبات العارضة؟ 
_________________________________________
هوامش:
[1] - توفيق عبد العزيز: شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، ص 130. 
[2] - أنطاكي (رزق الله) أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية، منشأة المعارف بالإسكندرية مطبعة الخامسة، سنة 2002، ص 216. 
[3] - عبد الكريم الطالب: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، سنة 2009، ص 210. 
[4] - خالد الحبيب، الطلبات العارضة في قانون المسطرة المدنية المغربي، منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية بسلسلة الدراسات والأبحاث عدد 4 ماي 2008. 
[5] - قرار منشور ي مجموعة قرارات المجلس الأعلى/، طبعة 2000، ص 95. 


تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  • Ahsasn
    Ahsasn 13 يونيو 2021 في 2:24 م

    خطأ فادح في الفصل 357من ظ.ل.ع...(تقع المقاصة . )وليس...(لاتقع المقاصة....)

    إرسال ردحذف



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -