تطبيقات دعوى الإلغاء في مجال حماية الحقوق والحريات

مقال بعنوان: تطبيقات دعوى الإلغاء في مجال حماية الحقوق والحريات


تطبيقات دعوى الإلغاء في مجال حماية الحقوق والحريات

مقدمة :
إن موضوع حماية حقوق الإنسان بالمغرب من القضايا التي عرفت خلال السنوات الأخيرة جدلا واسعا في الأوساط السياسية والحقوقية، واهتماما كبيرا من طرف الباحثين والأكاديميين، والسبب في ذلك يرجع بالأساس إلى الدينامية الجديدة التي عرفها المغرب منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، بغية استكمال بناء دولة الحق والقانون وترسيخ أسس الديمقراطية الحقة.[1]
فدولة الحق والقانون إذن هي تطبيق مجموعة من النصوص القانونية التي تسعى إلى ضمان حقوق الأفراد والجماعات، وهي بذلك تبقى مرهونة بمدى تطبيق هذه القوانين واحترامها من طرف السلطات الإدارية،[2] فهذه الأخيرة تعتبر أخطر السلطات الثلاث على حقوق الأفراد وحرياتهم.[3]
لقد عمل المغرب دائما على صيانة حريات المواطنين وحقوقهم من خلال توفير حماية قضائية عصرية ومثالية، تتجلى في إحداث المحاكم الإدارية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الشيء الذي أعطى بعدا آخر ملموسا للمفهوم الجديد للسلطة ينبني على أسس الحكامة الجيدة القائم على جعلها في خدمة المواطن والتنمية وعلى قربها منه، والتزاما بضوابط سيادة القانون والإنصاف والحد من البيروقراطية، وغلو السلطات التقديرية للإدارة.
وبذلك تعد الرقابة القضائية على أعمال الإدارة الضمان الحقيقي والفعال لحماية مبدأ المشروعية، فالسلطة القضائية هي الحامية لحقوق الأفراد وحرياتهم، وهي التي تعطي للقانون فاعليته وإلزامه، إذ بدونها يظل القانون عبارة عن قواعد نظرية لا تتمتع بالصفة الإلزامية الآمرة، بحيث يقوم القاضي الإداري في هذا الإطار بدور مهم يتجلى في مراقبة احترام الإدارة للقانون فيما يصدر عنها من أعمال قانونية أو مادية، وهو يقدم بذلك نوعا من التوازن بين المصلحة العامة التي تمثلها الإدارة، والمصلحة الخاصة المتمثلة في حقوق الأفراد وحرياتهم.[4]
والحق هو ما يخول القانون لصاحبه القيام بالأعمال اللازمة لإشباع مصلحته وحاجاته، أو إلزام غيره بتأدية شيء ما أو القيام بتنفيذ أمر موجب، أما الحرية فهي أن يعمل المرء بوحي نفسه دون أن يتقيد بشيء يعيق عليه عمله نسبيا وبذلك فالحرية ترتبط برغبة الإنسان في فعل الشيء أو عدم فعله وبطبيعة الحال لها حدود.
ففي الدراسات القانونية يكون لمفهوم الحق ومفهوم الحرية نفس المدلول بحيث أن كلاهما لا يمكن تحقيقهما إلا بمبادرة الإنسان، فنقول مثلا حرية التعبير أو حق التعبير لأنهما قابلان للتصرف.[5]
هكذا وفي إطار مسلسل تدعيم حماية حقوق الإنسان بالمغرب، انصب اهتمام القائمين على شؤون الدولة على إصلاح جهاز القضاء لاسيما الإداري منه، على اعتبار أن القاضي الإداري هو الحامي الطبيعي للحقوق، والحصن المنيع لحماية الحريات، بحيث يعتبر الملاذ الأخير للأفراد لمواجهة طغيان سلطات الإدارة[6].
وقد كرس الخطاب السامي لجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله بتاريخ 8 ماي 1990 والذي يعتبر اللبنة الأساسية لإنشاء المحاكم الإدارية، بقول جلالته:" ...إذا أردنا أن نبني دولة القانون فعلينا كذلك أن نأخذ بعين الاعتبار حقوق المواطنين بالنسبة للسلطة والإدارة والدولة...."، وتعني هذه الإرادة السياسية من جلالة الملك وجوب إخضاع الإدارة لمبدأ المشروعية وسيادة القانون، وهو الهدف الذي يطمح إليه كل مجتمع متحضر.
إن موضوع حماية الحقوق والحريات يكتسي أهمية عملية كبرى بحيث سيجعلنا من خلال دراسته الوقوف على أهم الأدوار التي عمل عليها القضاء الإداري المغربي لحماية الحقوق والحريات من خلال دعوى الإلغاء، باعتبار أن هذا الأخير هو الحامي الطبيعي لهذه الحقوق والحريات، وهي الغاية الأساسية التي أنشئ لأجلها. 
من هذا المنطلق وقبل مباشرة التحليل في الموضوع يقتضي منا الأمر طرح بعض التساؤلات: ماهي الآليات المتوفرة للقاضي الإداري لحماية حقوق وحريات المواطنين من تعسفات الإدارة ؟ وهل استطاع القاضي الإداري بالفعل حماية حقوق وحريات المواطنين من غلو سلطات الإدارة ؟ وأين تتجلى مظاهر هذه الحماية من خلال دعوى الإلغاء؟ وما هي المرجعيات التي يستند إليها القاضي الإداري في حماية هذه الحقوق والحريات؟
هذه إذا أهم التساؤلات التي سوف نحاول الإجابة عنها من خلال اعتماد التصميم التالي: 

المبحث الأول: تطبيقات دعوى الإلغاء في حماية الحقوق والحريات القانونية والسياسية.
المطلب الأول: الحقوق القانونية.
المطلب الثاني: الحقوق والحريات السياسية.
المبحث الثاني: تطبيقات دعوى الإلغاء في حماية الحقوق والحريات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
المطلب الأول: الحقوق والحريات الاقتصادية.
المطلب الثاني: الحقوق الاجتماعية والثقافية.

المبحث الأول : تطبيقات دعوى الإلغاء في حماية الحقوق والحريات القانونية والسياسية.

استنادا إلى مجموعة من إجتهادات المحاكم الإدارية في مجال حماية الحقوق القانونية والسياسية يتضح أن سبيل الجرأة الذي انتهجته هذه المحاكم المحدثة إلى عهد قريب مطابق تماما مع فلسفة دولة الحق والقانون التي رسم معالمها خطاب جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله بمناسبة إحداث المحاكم الإدارية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ويتضح ذلك جليا من خلال تطبيق دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة حيث صرحت هذه المحاكم بإلغاء مجموعة من القرارات التي مست بالحقوق القانونية (المطلب الأول) وكذلك بالحقوق والحريات السياسية (المطلب الثاني).

المطلب الأول : الحقوق القانونية.

يمكن إعتبار الحقوق القانونية من الحقوق الأساسية التي يتمتع بها الأفراد، فهي لم تنص عليها التشريعات الوطنية فقط بل تجد مرجعياتها في مختلف المواثيق والاتفاقيات الدولية، وهي كذلك من الحقوق التي عمل القضاء الإداري على إحاطتها بمجموعة من القواعد وحمايتها من تجاوز السلطة وتعسف الإدارة، وتتضمن هذه الحقوق الحق في المساواة (الفقرة الأولى) وحق الدفاع (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : حق المساواة.

في البداية يمكن النظر إلى المساواة كمبدأ قبل أن ينظر إليه كحق، حيث تعد ركنا أساسيا لبناء دولة الحق والقانون إلى جانب احترام تسلسل القواعد القانونية واستقلالية القضاء، ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الإطار أن مبدأ المساواة يحظى بأهمية بالغة بمكان، ويتجلى ذلك في الضمانات التي كرستها النصوص القانونية سواء في الاتفاقيات الدولية أو في التشريعات الوطنية، بحيث نصت عليه المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي خصصت لمبدأ المساواة، وعدم التمييز فيما يتصل بالحقوق والحريات الأساسية للإنسان، إذ تحظر أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي، وأي رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد، أو أي وضع آخر.
كما نص عليه الدستور من خلال الفصول 19 جاء فيه : "يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية"،والفصل 31 : "تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة ...".
وفي نفس الإطار كان لاجتهادات الغرفة الإدارية بمحكمة النقض دور مهم في توضيح المقصود من مبدأ المساواة في العديد من قراراتها، إذ لا تصرح بإلغاء القرار المطعون فيه إلا بعد تأكدها من المساس الفعلي بالحق في المساواة، وهذا ما يتضح من خلال قرار عدد 262 بتاريخ 02/07/1982 والذي جاء فيه[7] :" ... إن مبدأ المساواة في تحمل التكاليف العمومية لا يطبق إلا فيما يتعلق بالأشخاص الموجودين في حالة مماثلة، إذ أن الإدارة من حقها أن تسن أنظمة متباينة لأصناف متباينة من الأفراد أو النشاطات بدون أن تخرق من أجل ذلك مبدأ المساواة ...".
غير أنه إذا اتضح أن الإدارة ميزت في التعامل بين المواطنين من نفس الصنف أو الفئة فإن الغرفة الإدارية لا تتردد في التصريح بالإلغاء، وهذا ما جاء في قرار عدد 262 بتاريخ 1982/07/02 بأنه " ...يعتبر إخلالا بمبدأ المساواة ومن تم شططا في استعمال السلطة رفض وزير الفلاحة منح الطالب شهادة بطبيعة الأرض المطلوبة...".[8]
ومن الملاحظ أن مجال الوظيفة العمومية شكل مجالا خصبا لخرق مبدأ المساواة، وبالتالي لتصريح القضاء الإداري المغربي بإلغاء القرارات غير القانونية حيث نجد مثلا فيما يخص ترقية الموظفين أن الغرفة الإدارية قضت في قرار عدد 368 بتاريخ 1991/12/12 بأن "...مبدأ مساواة الموظفين أمام القانون وأمام الفرص المتاحة لترقيتهم يفرض على الإدارة أن تستجيب لطلب الطاعنين الذين يوجدون في نفس الوضعية القانونية التي كان عليها أحد زملائهم، ورفض إدماجهم في سلم واحد جميعا يتسم بالتجاوز في استعمال السلطة ".
وقد اعتبر القضاء الإداري كذلك في هذا المجال أن اعتماد الإدارة في اتخاذ قراراتها على السلطة التقديرية لا يعفيها من احترام مبدأ المساواة،[9] وهكذا قضت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم عدد 109 بتاريخ 1995/04/27 أن:" سلطة التقدير معطاة للإدارة في اختيار موظف آخر قصد إسناد إليه مهمة منصب شاغر من مناصب رؤساء الأقسام هي مقصورة على ما إذا كانت هناك بين طائفة من الموظفين مساواة من نفس الرتبة والدرجة والشروط التي يتطلبها القانون لاستحقاق ذلك المنصب ويتوفر على شروطه...".[10]
كما قضت المحكمة الإدارية بمكناس في حكم عدد 10 بتاريخ 16/09/1999 بين محمد الوزاني الشهيدي ضد وزير التنمية الاجتماعية والتضامن والتشغيل أن: "... التخطي في الترقية بدعوى محدودية المناصب المالية دون تبرير هذا التخطي يشكل خرقا لمبدأ مساواة الموظفين امام القانون".[11]

الفقرة الثانية : حق الدفاع.

يعتبر حق الدفاع من المبادئ المقدسة التي لم يتوان القضاء في تكريسه كمبدأ من المبادئ العامة للقانون، وذلك بالتصريح بإلغاء كل القرارات الإدارية التي لا تحترم مبدأ حق الدفاع، بغية الحفاظ على الحقوق الفردية للموظفين، فالمقصود من مبدأ حق الدفاع هو تمكين الموظف من إمكانية الدفاع عن نفسه قبل إقدام السلطة الإدارية المختصة على اتخاذ القرار، وهذه الوسيلة تدرج ضمن مبدأ الإنصاف وتفتح من جهة أخرى باب المناقشة والتحاور بين الموظف المتهم والسلطة الإدارية.[12]
ونظرا لأهمية مسطرة حق الدفاع كضمانة إجرائية، صدرت أحكام عديدة ومتواترة مؤكدة على فاعلية الالتزام باحترام مسطرة حق الدفاع، ذلك أن قاضي المحاكم الإدارية أسس أحكامه بهذا الخصوص على فلسفة مؤداها التوفيق بين كل من المصلحتين العامة للإدارة، والخاصة لأفراد المقصودين بالقرارات الإدارية، بمعنى إخضاع تلك الرقابة لسياسة الموازنة فيما بين توفير الضمانات للعاملين والمتعاملين مع الإدارة في ظل مبدأ المشروعية الإدارية.[13]
فمما لا شك فيه أن رقابة المحاكم الإدارية في هذا المجال صارمة، بحيث أنها توجب على الإدارة في كل الأحوال مواجهة الموظف بما هو منسوب إليه، وتمكينه من حق الدفاع عن نفسه حتى في حالة عدم وجود نص تشريعي أو تنظيمي يتعلق بهذه الضمانة الإجرائية، لأن حقوق الدفاع في نظره هي الحقوق التي يؤدي حرمان الموظف منها إلى جعل القرار متسما بالشطط في استعمال السلطة الذي يستوجب الإلغاء. [14]
وفي هذا الإطار قضت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرار عدد 351 بتاريخ 4/3/2009 تأييد للحكم المستأنف والصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عدد 836 بتاريخ 2006/1/22 بأن: "رفض الإدارة اختيار الموظف أحد الأشخاص للدفاع عنه أمام المجلس التأديبي بدعوى أنه ينتمي إلى هيئة نقابية يجعل القرار الإداري المتخذ في حق الموظف المذكور متسما بتجاوز السلطة لخرق حقوق الدفاع الذي يشكل ضمانة من الضمانات المنصوص عليها في الفصل 67 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي لا يستثني المنتمي إلى هيئة نقابية من أن يكون مدافعا عن الموظف".[15]
كما قضت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم عدد 30 بتاريخ 17/3/1998 بأن"....امتناع الإدارة أثناء المسطرة التأديبية من تمكين محامي الطاعن من الإطلاع على ملفه الإداري بدعوى أنه سري ....دون أن يتمكن هذا الأخير من الدفاع عن نفسه معززا في هذا الشأن بمساعدة المحامي الذي اختاره لهذه المهمة يشكل إخلالا جوهريا بحقوق الدفاع.
وحيث أجابت الإدارة ملاحظة بأنه لا مجال لتطبيق مقتضيات الفصل 29 من قانون المحاماة طالما أن هناك قانون خاص بها يشترط في فصله الثامن بأن يكون الأشخاص الذين لهم حق الدفاع عن المحالين على المجلس التأديبي من بين مستخدمي الوكالة، وحيث إنه أمام هذه المعطيات يبقى من حق المحامي مؤازرة المستخدم أثناء مثوله أمام المجلس التأديبي ... ما دام المنع من ممارسة هذا الحق غير منصوص عليه بنص خاص"[16].
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الإطار أنه إذا كان القاضي الإداري يؤمن للموظف حق الدفاع عن نفسه في الظروف العادية، إذ يصرح بإلغاء كل القرارات الإدارية التي تخرق هذا المبدأ، فإن هناك بعض الحالات المستثناة من التمتع بمبدأ حق الدفاع اقتضتها ضرورة تقديم المرفق لخدماته للجمهور بانتظام وباضطراد، وإن اقتضى ذلك عدم الالتزام بالإجراءات الشكلية وحرمان الموظف من التمتع بالضمانات التأديبية الإدارية السابقة على اتخاذ القرار، ويتعلق الأمر هنا ب: 
- حالة التوقف عن العمل : الذي يعني تنصل الموظف من القيام بواجبه المهني الذي تتطلبه استمرارية المرفق العام كأن يغادر العمل من دون تبرير، أو يرفض استئنافه بعد عطلة ما، أو بعد استفادته من الإحالة على الاستيداع أو تبعا لمقرر الانتقال، وعليه فإن التوقف عن العمل من دون مبرر مشروع يلقى على عاتق الموظف المعني مسؤولية كبرى تتمثل في حرمانه من كل الضمانات الواردة في المسطرة التأديبية.
فقد قضت الغرفة الإدارية في قرار صادر بتاريخ 1960/7/9 قضية السيد صقلي على أن "...العون الذي قطع وظيفته من دون سبب معقول يصبح متهما بمغادرة منصبه، الشيء الذي يرتب قطع العلاقة التي كانت تجمعه مع الإدارة...ولهذا فإن قرار مدير الأمن بعزله يعد شرعيا بدون الامتثال المسبق أمام المجلس التأديبي ..."[17].
كذلك اعتبر القضاء الإداري أن مغادرة العمل بدون مبرر يوازي تنازل الموظف عن الضمانات التي يوفرها له نظامه الأساسي، ففي قرار للغرفة الإدارية عدد 274 الصادر بتاريخ 1963/4/22 أعتبرت فيه:"...أن مغادرة العمل قبل استلام قرار الإستقالة، يعود للسلطة الإدارية أن تتخذ جزاء العزل بدون الإمتثال المسبق أمام المجلس التأديبي لأن الإستقالة لا تنتج أثرا من تلقاء نفسها بل يجب أن تقبل من طرف الإدارة...".[18]
- حالة القيام بالإضراب: هذه الحالة سنتطرق إليها فيما سيأتي في العرض الفقرة الأولى من المطلب الثاني من المبحث الثاني والمتعلقة بالحق في الإضراب.

المطلب الثاني : الحقوق والحريات السياسية.

تعتبر الحقوق والحريات السياسية من الحقوق التي كفلها المشرع للأفراد بمقتضيات صريحة، وحرص القاضي الإداري على تطبيق هذه المقتضيات من خلال دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة بشكل واسع، وتتجلى هذه الحقوق والحريات في حرية التجمع والإجتماع (الفقرة الأولى) وحرية التجول (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : حرية التجمع والإجتماع.

تعتبر حرية التجمع والإجتماع من الحريات الأساسية التي نصت عليها المواثيق الدولية وكذا التشريعات الوطنية، فقد نصت المادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه :" يعترف بالحق في التجمع السلمي ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق. غير ما يفرض منها تماشيا مع القانون والتي تستوجبها، في مجتمع ديمقراطي، مصلحة الأمن الوطني، أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم".
كما نص عليها الفصل 29 من الدستور جاء فيه :"حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة، ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات".
كذلك نص الفصل الأول من الظهير الشريف عدد 377-1 الصادر في 15 نونبر 1958 بشأن التجمعات العمومية كما وقع تغييره وتتميمه على أن "... الإجتماعات العمومية حرة، ويعتبر اجتماعا عموميا كل جمع مؤقت مدبر صباح للعموم وتدرج خلاله مسائل مدرجة في جدول أعمال محددة من قبل".
إن حرية التجمع والاجتماع لا يمكن حصرها في التجمعات بالشارع العمومي أو التجمهر فيه فقط أو في التنظيمات السياسية كحق الانتماء إلى الأحزاب بل تعني أيضا حرية تأسيس جمعيات مدنية.[19]
وتعد دعوى الإلغاء يسبب تجاوز السلطة ضمانة أساسية لممارسة حق التجمع أو الاجتماع، بحيث أنه كلما تم منع ممارسته إلا ويصبح من حق المتضرر اللجوء إلى القضاء الإداري للطعن بإلغاء هذه القرارات، وفي قضية عرضت على المحكمة الإدارية بوجدة اعتبرت في حكمها عدد 202/01 صادر بتاريخ 26/09/2001 "أن حرية التجمع حق أصيل للأفراد محفوظ بقوة القانون ولا يستوجب الحصول على ترخيص من الإدارة أو إذن مسبق".[20]
وإذا كان الأمر لا يستوجب الحصول على ترخيص بعقد تجمع عمومي، فإن ضرورة الحفاظ على النظام العام يستوجب ضرورة توجيه تصريح إلى السلطة المحلية تسلم عنه هذه الأخيرة وصلا، غير أن السلطة المحلية في حالات معينة إما تمنع التجمع بإصدار قرار شفوي أو كتابي أو أنها تمتنع عن تسليم الوصل، في هذه الحالات يحق للمتضرر اللجوء إلى القضاء الإداري للطعن في قرار المنع بسبب تجاوز السلطة، وفي هذا الصدد جاء في حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 800 في ملف رقم 379/99غ أنه : ".... لئن كان الطاعنان لم يتوصلا بالوصل الذي يثبت تاريخ التصريح وساعته، فإن القرار المطعون فيه، ما دام قد أشار إلى وجود هذا التصريح فإنه يتعين اعتبار القرار المذكور بمثابة وصل، وبالتالي يكون من حق الطاعنين عقد مؤتمرهم طبقا لمقتضيات الفصل الثاني من ظهير 15/11/1958 بشأن التجمعات العمومية الذي لا يشترط أي إذن سابق لعقد مثل هذا التجمع".[21]
كذلك عمل القضاء الإداري على تكريس حماية حرية الاجتماع من خلال دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بتأسيس وحل الجمعيات المدنية، فقد عرضت على المحكمة الإدارية بأكادير قضية تتعلق بحرية تأسيس الجمعيات، اعتبر المحكمة من خلال حكمها عدد 61/98 بتاريخ 18/6/1998 أن "القانون أكد صراحة على إخضاع تأسيس الجمعيات وكذا التغييرات التي تطرأ عليها للنظام التصريحي لا للنظام الترخيص الذي لا يحتاج إلى موافقة قبلية من طرف السلطة الإدارية حسب المادة 7 من ظهير 1/11/1958. وحيث إن الامتناع عن تسليم الوصل والحالة هذه لا يستند على مبرر واقعي أو قانوني مما يجعل قرار المنع مشوبا بالانحراف في استعمال السلطة الشيء الذي يقضي إلغاءه مع كل ما يترتب عن ذلك قانونا".[22]
كما اعتبرت المحكمة الإدارية بوجدة في حكم عدد 88/96 الصادر بتاريخ 29/5/1996 أن : "امتناع الإدارة من تسليم ملف تجديد مكتب الجمعية في إطار ظهير تأسيس الجمعيات (15 نونبر 1958) يعتبر قرارا سلبيا متسما بتجاوز السلطة لمخالفة القانون ومعرضا للإلغاء".[23]
وفي مجال حل الجمعيات قضت الغرفة الإدارية بمحكمة النقص في قرار عدد 255 بتاريخ 14/1/1963 في قضية جمعية الفروسية والمسابقات المغربية ضد وزير الفلاحة، أن : "حل جمعية ينظمها ظهير 15/11/1958 لا يمكن التصريح به خارج الشروط والشكليات المنصوص عليها في انظمتها الأساسية إلا من طرف السلطة القضائية ولسبب من الأسباب المحددة في الفصل الثالث من نفس الظهير، وليس هناك أي نص تشريعي يمنح لوزير الفلاحة أو لأية سلطة إدارية أخرى صلاحية الأمر بحل شركة فروسية باعتبارها جمعية خاضعة لنظام نفس الظهير وعليه يكون وزير الفلاحة قد تعدى على الصلاحيات المحفوظة للمحاكم لما أمر بحل جمعية للفروسية، وبالنظر إلى خطورة مثل هذا المسام باختصاص السلطة القضائية، فإنه يجب اعتبار القرار المطعون فيه باطلا وكأنه لم يكن".[24]
وتجدر الإشارة إلى أن الاجتهاد القضائي السابق الذكر يصدق على الأحزاب السياسية التي تنشط في إطار حرية التجمع والاجتماع، حيث قضت إدارية وجدة في حكم عدد 202/01 بتاريخ 26/9/2001 في قضية عبد المنعم شوقي ومن كان معه ضد عامل إقليم الناظور أن هذه الحرية "تتفرع عن حرية الأفراد في الرأي والتنقل ولا يتسنى للأفراد دون هذه الحرية تبادل أفكارهم فيما بينهم من مسائل تهمهم أو تهم الجماعة وهي تعني (حرية الاجتماع) حق الأفراد في أن يتجمعوا في مكان ما لفترة من الوقت ليعبروا عن آرائهم سواء في صورة خطب أو ندوات أو محاضرات أو مناقشات، وتثبيتا لحقوق الإنسان وتعميم مبادئ الممارسة الديمقراطية، فإن كل القوانين والدساتير والمواثيق الدولية تعترف بهذا الحق. وحيث لئن كان حق الاجتماع ليس منح من الإدارة تمنعها أو تمنحها كما تشاء بل هو حق أصيل للمواطنين، ولهذا فهو لا يقتضي طلبا من قبل المعنيين به ولا يلزم لنشوئه صدور قرار للإدارة بالترخيص به، وإنما هو مستمد من القانون...".[25]

الفقرة الثانية : حرية التجول.

تعد حرية التجول من بين الحريات السياسية الأساسية، ونظرا لأهميتها فقد نصت عليها مجموعة من الإتفاقيات الدولية هذا إضافة إلى التشريعات الوطنية.[26]
فقد نصت المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه :"لكل فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة ولكل فرد حق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده".
وفي ارتبط وثيق بحرية التجول نصت المادة 12 من العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية أنه: "لكل فرد مقيم بصفة قانونية ضمن إقليم دولة ما الحق في حرية الانتقال وفي أن يختار مكان إقامته ضمن ذلك الإقليم. ولكل فرد حرية مغادرة أي قطر بما في ذلك بلاده".
وتجدر الإشارة في هذا الإطار أن المغرب صادق على العهدين الدوليين، وبالتالي فإن المقتضيات الواردة بهما أصبحت ملزمة له، وأن القانون المغري يجب أن يكون مطابقا لها.
وبالفعل التزمت الدولة المغربية من خلال ديباجة الدستور على أنها تتعهد بالتزام بما تقتضيه مواثق المنظمات الدولية المصادق عليها من مبادئ وحقوق وواجبات، وتتشبت بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا.[27]
ولقد تضمن الفصل 24 من الدستور ضمان حرية التجول عندما نص على أنه : "حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه، مضمونة للجميع وفق القانون".[28]
ومن خلال الاطلاع على بعض الاجتهادات القضائية يتضح أن القضاء الإداري المغربي يقوم يدور مهم في التصدي وإلغاء كل القرارات الإدارية النهائية التي تمس حرية التجول.
وفي هذا الإطار عرضت أول قضية على نظر الغرفة الإدارية بمحكمة النقض سنة 1985، قضية محمد الشملال ضد عامل إقليم طنجة، تتلخص وقائع هذه القضية في أن محمد الشملال طعن في قرار عامل طنجة الذي امتنع عن تجديد جواز سفره، فاضطر إلى مكاتبته مستفسرا عن أسباب رفض طلبه، غير أنه لم يتلق أي جواب، فتقدم يتظلم استعطافي رغبة في تسوية الخلاف وديا دون اللجوء إلى المحاكم، وأما صمت الإدارة لم يكن في وسعه سوى طرق باب القضاء طالبا للإنصاف، فقضت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في النازلة، بقرار عدد 127 صادر بتايخ 11/07/1985 جاء فيه :[29] "بناء على الفصل 9 من الدستور الذي ينص على حرية التجول وعلى أنه لا يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحرية إلا بمقتضى القانون.
وحيث إن أمر الحصول على بطاقة جواز السفر ، هوحق ممنوح لكل مواطن، ولا يمكن أن يحرم منه ذلك إلا عند وجود نص قانوني يمنع ذلك.
وحيث إن عامل إقليم طنجة عندما رفض طلب الطاعن الرامي إلى تجديد جواز السفر أو تسليمه جوازا جديدا، بالرغم من عدم وجود أي مانع قانوني يحول دون ذلك، يكون حينئذ قد اشتط في سلطته وبالتالي فإن قراره المطعون فيه مستوجب للإلغاء".[30]
وبعد ذلك سارت الغرفة الإدارية في نفس الاتجاه مكرسة نفس الموقف في نازلة محمد قدوري ضد عامل إقليم بني ملال، عندما رفضت الإدارة تمتيع الطاعن بحقه في جواز السفر بالرغم من أن طلبه استوفى جميع الشروط المتطلبة قانونا، استند القرار عدد 373 الصادر بتاريخ 12/12/1991 على مقتضيات الدستور كمصدر من مصادر الشرعية لإلغاء قرار الإدارة المعيب" [31]
ولقد كان لإنشاء المحاكم الإدارية دور مهم في ضمان ممارسة هذه الحرية حيث أنها تجاوزت أحيانا التصريح بإلغاء القرارات الإدارية المطعون فيها إلى التصريح بكونها معدمة، هذا الاتجاه ذهبت إليه المحكمة الإدارية بالرباط في حكم عدد 99 بتاريخ 13/04/1995 اعتبرت فيه المحكمة بأن :"القرار المعدوم هو القرار المشوب بعيب صارخ أو متناهي في الجسامة، كما لو كان مخالفا لمقتضيات الدستور، فإن الطعن بالإلغاء ضد مثل هذا القرار يكون جائزا في أي وقت دون التقيد بميعاد رفع دعوى الإلغاء. قرار الامتناع عن تجديد جواز السفر دون تبرير الأسباب مخالف لمقتضيات الفصل التاسع من الدستور، وبالتالي يعتبر تجاوزا في استعمال السلطة وموجبا للإلغاء.".[32]
وفي نفس الاتجاه ذهبت المحكمة الإدارية بمكناس في حكم 43/96/3غ بتاريخ 26/09/1996 معتبرة بأن: "حرية التنقل تعتبر حقا دستورا مقررا للأفراد لا يجوز المساس به ولا تقييده إلا بمقتضى من الدستور الشيء الذي ينحدر به إلى مصاف القرارات المنعدمة التي لا تتحصن بفوات ميعا الطعن".[33]
وتجدر الإشارة إلى أنه بمناسبة ممارسة المواطن لحقه الدستوري في التنقل، يثار التساؤل حول التكييف القانوني الذي يجب أن يعطى لسلطة الإدارة، هل تتمتع إزاء هذا الحق وغيره بسلطة تقديرية أم بسلطة مقيدة؟.
جوابا على هذا التساؤل أرست الغرفة الإدارية بمحكمة النقض قاعدة مهمة من خلال قرارها عدد 132 في الملف الإداري عدد 10165/91 مفادها "أن أمر منح جواز السفر أو عدم منحه لا يدخل في نطاق السلطة التقديرية بصفة مطلقة بل يتوقف على فحص الوثائق والمستندات المدلى بها من طرف المعني بالأمر".[34]
وفي قضية عبد السلام ياسين مؤسس جماعة العدل والإحسان، ذات التوجه الإسلامي اعتبرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرارها عدد 816 صادر بتاريخ 21/06/2001 بشأن توضيح نطاق سلطة الإدارة التقديرية، أن ضرب الحصار على المواطن وحرمانه من حرية الحركة والتنقل والاتصال بالناس يعد مسا بحرية التجول، ومما جاء في هذا القرار :"وحيث إنه في النازلة الحالية وحتى لو سلمنا بأن ما قامت به الإدارة في حق الطاعن بأنه كان عبارة عن مجرد إجراءات واحتياطات تدخل في إطار حماية النظام العام والعمل على استتباب الأمن والسكينة والهدوء وهي صلاحيات لا يمكن أن يجادل أحد في أنها تدخل في صميم اختصاصات وصلاحيات الإدارة، إلا أن هذه الإجراءات باستمرارها لفترة طويلة أصبحت تكتسي طابعا ملزما بالنسبة للمعني بالأمر مما خوله حق الطعن فيها مما تكون معه دعوى الإلغاء المقدمة مقبولة شكلا".[35]
وإذا كانت حرية التجول من الحريات الدستورية الأساسية التي يجب أن تكفل للمواطنين وتصان من شطط الإدارة في استعمال السلطة عبر تدخل القاضي الإداري لحمياتها والدفاع عنها. فإن هذه الحرية ترد عليها بعض الاستثناءات إذا تعلق الأمر بسوابق عدلية.[36]
فقد قضت المحكمة الإدارية بمكناس في قضية إدريس فاهيم ضد عامل عمالة مكناس حكم عدد 5/98/3غ صادر بتاريخ 5 فبراير 1998، أن "توافر الطاعن على سوابق عدلية تخل بمبدأ المروءة وحسن الأخلاق يحول دون حصوله على جواز السفر". 
واعتبرت المحكمة أن ذلك يعد مساسا وخطرا على حق التجول نفسه مما تكون معه الوسيلة الوحيدة المثارة في الطعن والمتمثلة في خرق القانون غير جديرة بالاعتبار مادام أن القرار المطعون فيه قد استند على كون سلوك المعني بالأمر غير صالح وأنه من ذوي السوابق، وأن الإدارة في هذا الإطار تملك السلطة التقديرية التي تخولها لها قواعد الضبط الإداري حفاظا على الأمن والاستقرار".[37]
ومما سبق يتضح أن المحاكم الإدارية دافعت عن حرية التنقل بكل الوسائل معتبرة كمبدأ عام أنه لا يمكن أن يحرم منها أي مواطن إلا إذا كان هناك نص قانوني يخالف ذلك، ومن ثم تبقى هذه الحرية هي القاعدة وما يرد عليها من قيود واستثناء لا يجب التقيد به إلا في حالة وجود نص صريح.[38]

المبحث الثاني: تطبيقات دعوى الإلغاء في حماية الحقوق والحريات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

من التطورات الإيجابية التي شهدها القضاء الإداري كذلك في الأعوام الأخيرة وخاصة بعد إحداث المحاكم الإدارية أنه عمل على ترسيخ مبادئ دولة الحق والقانون من خلال حماية حقوق وحريات أخرى ويتعلق الأمر بالجيل الثاني من الحقوق، فمن خلال تطبيقات دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة يتضح أن القاضي الإداري صرح بالإلغاء مجموعة من القرارات لحماية الحقوق والحريات الاقتصادية (المطلب الأول) والاجتماعية والثقافية (الطلب الثاني).

المطلب الأول : الحقوق والحريات الاقتصادية.

ترتبط هذه الحقوق والحريات بالحقوق الشخصية للأفراد بحيث لا يمكن للإدارة أن تنزعها أو تقيد حرية الأشخاص فيها إلا إذا نص القانون على ذلك، وحتى إذا كانت هناك مقتضيات تسمح للإدارة بذلك فهي ملزمة بإتباع الإجراءات والشكليات التي تسمح بها هذه المقتضيات، وتتعلق هذه الحقوق والحريات بحق الملكية (الفقرة الأولى) وحرية التجارة (الفقرة الثانية). 

الفقرة الأولى : حق الملكية.

تحتاج الإدارة في تسيير المرافق العامة إلى عقارات ومنقولات مختلفة، ولأجل ذلك فهي تسلك طريقين لتوفير ما يلزم لتسيير هذه المرافق، يتمثل الطريق الأول في اقتناء ما يلزمها من هذه المصادر وهي تتصرف في ذلك كالخواص وفقا لقواعد القانون الخاص، أما الطريق الثاني فيتمثل في الامتيازات الاستثنائية المخولة لها للحصول على ما تحتاج إليه عن طريق سلوك مسطرة نزع الملكية، ويعد هذا الطريق اعتداء على حقوق الأفراد إذا لم تحترم الإدارة الضوابط القانونية في ذلك.[39]
فقد نص الفصل 35 من الدستور على أنه :"يضمن القانون حق الملكية. ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون، إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات وفق الإجراءات التي ينص عليها القانون ".
كما نص الفصل 10 من الظهير الشريف المؤرخ في 2 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة على أنه: "لا يجبر أحد على التخلي عن ملكه إلا لأجل المصلحة العامة ووفق القوانين الجاري بها العمل في نزع الملكية ".
كما بين القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت[40]،والمرسوم رقم 2.82.382 الصادر بتاريخ 16 أبريل 1983 بتطبيق القانون رقم 7.81، ضوابط وشكليات نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
ويعد موضوع نزع الملكية من أدق المواضيع وأكثرها إثارة للجدل والسبب في ذلك يعود إلى المصالح المتناقضة، فالإدارة من جهة تعمل على تحقيق المصلحة العامة وذلك بتخصيص العقار للمنفعة العامة، وصاحب الملكية يرغب في ممارسة حق مصون بنص الدستور، من هنا يكمن الدور الحساس للقاضي الإداري في مجال حماية حرية التملك، بحيث يلقى على عاتقه عبء التوفيق والموازنة والترجيح بين المصالح المتعارضة للطرفين.[41]
فقد أقرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض حماية كبيرة للحق في الملكية إذ لم يقتصر دورها على ضمان سلامة الإجراءات المتخذة في نزع الملكية، بل تجاوز ذلك ليراقب السلطة التقديرية للإدارة وليوازن بين المصلحة الخاصة لصاحب الملكية والمصلحة العامة التي تتوخاه الإدارة.
وهو نفس التوجه ذهبت عليه المحاكم الإدارية منذ نشأتها، بحيث لم تتردد هذه الأخيرة بإلغاء القرارات الإدارية التي تمس بحق الملكية، وقد استندت في ذلك على مقتضيات الدستور كأسمى وثيقة تصون هذا الحق وتحميه من شطط الإدارة في استعمال السلطة، حيث جاء في حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 969/96 الصادر بتاريخ 20 يونيو 1996 أنه: "وحيث إن استيلاء الدولة والمؤسسات العمومية على أملاك الغير دون احترامها لمقتضيات قانون 81/7 يتناقض مع حق الملكية المضمون والمحمي دستوريا والذي لا يمكن الحد من مداه واستعماله إلا بمقتضى القانون".[42]
وقد اعتبر المحكمة الإدارية بالرباط في حكم عدد 189 بتاريخ 4 يوليوز 1996 أن "لكل مواطن الحرية الشخصية الكاملة للتصرف في ملكه، وفق ما حدده الفصل 15 من دستور المملكة، ما لم تقيد حريته هذه القوانين الجاري بها العمل".[43]
وفي مجال نزع الملكية يتدخل القاضي الإداري في المرحلة الإدارية، وينصب اهتمامه على مرحلة إعلان المنفعة العامة، فهذه الأخيرة تخضع لشكليات وضوابط يتحتم على الإدارة احترامها تحت طائلة الإلغاء.
فقد قضت الغرفة الإدارية في قرار عدد 212 بتاريخ 29 يونيو 1989 :"أن إعلان المنفعة العامة يتم بواسطة مرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المعني بالأمر، وأن هذا الإجراء جوهري لإشراك المصالح المعنية بالأمر في العملية المقصودة ولما فيه من ضمانات وأن عدم مراعاته يترتب عنه البطلان".[44]
فرقابة قاضي الإلغاء إذا تتوقف عدا في –صلات قيام المنفعة العامة بحكم القانون- على تحقيق في شأن المقاصد والبواعث الموضوعية التي تستند إليها الإدارة لتحقيق المنفعة العامة في نزع العقارات المملوكة للخواص، وتبعا لذلك، فقد يصرح بأن الإعلان عن المنفعة العامة لا ينطوي على أي شطط إذا ما ثبت حصول سبب شرعي للنزع، فيما يكون الإلغاء هو مآل القرار الرامي إلى نزع الملكية دون التصريح بالمصلحة العامة.[45]
وتجدر الإشارة إلى أن الإدارة قد تكون مشتطة في استعمال السلطة إذا ما قامت بنزع ملكية عقار بعد أن أنجز مالكه جزء هاما من المشروع المتضمن لمنفعة العامة بموافقة مسبقة من الإدارة النازعة نفسها.[46]
وفي هذا الصدد قضت الغرفة الإدارية في قرار عدد 378 بتاريخ 10 فبراير 1992 أنه :"إذا كانت الإدارة تتوفر على السلطة التقديرية في خصوص المنفعة العامة التي تسعى إلى تحقيقها من وراء نزع الملكية، فإن ذلك لا يمنع القضاء الإداري من مراقبة مضمون وأغراض المنفعة العامة المذكورة، وما إذا كان المنزوع ملكية كما هو الحال في النازلة يسعى إلى تحقيق نفس الأغراض والأهداف بموافقة الإدارة المسبقة لإنجاز هذا المشروع، مما يعني أن الإدارة التي رخصت للطاعنة بتحقيق هذا المشروع وتركتها تحقق جزء منه وتنفق مبالغ مالية هامة، لا يمكنها أن تسعى إلى نزع هذه الملكية للمنفعة العامة لتحقيق نفس الأغراض، وإلا فإنها تكون مشتطة في استعمال سلطتها، وإن المنفعة العامة التي تتذرع بها الإدارة لإصدار المرسوم المطعون فيه قد تحققت بالفعل عبر المشروع الذي أنجزت الطاعنة طرفا مهما منه باعتراف الإدارة وبموافقتها الواضحة والصريحة مما يجب معه إلغاء المقرر المطعون فيه".[47]
وسوف تدفع المحاكم الإدارية بهذا الاتجاه لينتقل بذلك موقف القضاء الإداري من مجرد التأكيد على توفر شرط المنفعة العامة في نزع الملكية إلى حد الموازنة بين المصالح التي يحققها القرار الإداري في مجال نزع الملكية للمنفعة العامة.[48]

الفقرة الثانية : حرية التجارة.

تعد حرية التجارة جزء من الحريات العامة المتفرغة عن مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا وهي تدخل في خانة الحريات الاقتصادية التي نص عليها العهد الدول للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.[49]
وإذا كان القضاء التجاري هو المختص في المنازعات التجارية، فإن القضاء الإداري واحتراما لمبدأ توزيع الإختصاص بين المحاكم، يعود له الاختصاص الأصيل في ضمان حرية التجارية، وهو ما تم تكريسه في مجموعة من الأحكام والقرارات الصادرة عن الحاكم الإدارية.
فقد عملت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض منذ نشأتها على حماية حرية التجارة من خلال مجموعة من القرارات الصادرة عنها، فقد ألغت في هذا الصدد قرار عامل إقليم طنجة المتسم بتجاوز السلطة لخرقه مبدأ حرية التجارة، جاء في هذا القرار أنه: " ....إذا كان من حق العامل وهو يتصرف كسلطة بديلة للشرطة وأن يتخذ التدابير الضرورية لتجنب الخطر الذي يمكن أن يشكله على النظام والأخلاق العامة ارتياد الأطفال في سن التمدرس لقاعات الألعاب المعروفة بألعاب النباهة فلا يمكن له أن يمس بحرية التجارة وأن يتخذ تدبيرا له طابع شامل ومطلق لمنع استغلال تلك الحالات ولا أن يقرن فتح تلك الحالات بالحصول على رخصة مسبقة".[50]
عرضت عليها قضية أخرى تتعلق بعرقلة حرية التجارة من طرف الإدارة بسبب فهم خاطئ لنظرية أو مفهوم الإخلال بالنظام العام، والأخلاق الحميدة، حيث جاء في قرارها عدد 178 الصادر بتاريخ 17/10/1985 أنه :"لا يجوز منع بيع كتاب أو منشور أو ممارسة حق الرقابة عليه إلا إذا كان يخل فعلا بالنظام العام أو بالأخلاق الحميدة، ولا يمكن أن نعتبر كذلك كتب الإنجيل التي تدرس بكليات الآداب والشريعة، وأن عامل الإقليم الذي يأمر بالاستناد على هذا السبب الضمني بإغلاق مكتبة تعرض هذه الكتب للبيع يرتكب شططا في استعمال السلطة".[51]
وفي قرار آخر للغرفة الإدارية عدد 7085 صادر بتاريخ 2/6/1998 قضت فيه بإلغاء قرار عامل إقليم شفشاون بسبب عرقلة حرية التجارة جاء في هذا القرار " إن الفصل الثاني من ظهير 15/2/1977 المتعلق باختصاصات عمال العمالات والأقاليم يوجب على هؤلاء السهر على تطبيق الظهائر والقوانين وعلى تنفيذ قرارات وتعليمات الحكومة بالإقليم أو العمالة والقرار المطعون فيه والصادر عن عامل الإقليم يمنع الطاعن من إعادة فتح مؤسسته كما أمر بذلك قرار وزير النقل والمواصلات يعد تطاولا على سلطة الوزير، وخرقا للنصوص المذكورة أعلاه مما يكون شططا في استعمال السلطة."[52]
وفي قرار آخر لها يصب في نفس السياق عدد 293 الصادر بتاريخ 1991/12/26 قضت الغرفة الإدارة على أنه : "لما كان الطاعن قد منحت له رخصة إدارية لفتح مقهى تباع فيها المشروبات الخالية من الكحول والمأكولات الخفيفة مما اكتسب معه أصلا تجاريا، ولما لم يثبت أن هذه الرخصة قد سحبت منه فإن رفض تجديدها يعد شططا في استعمال السلطة لعدم مراعاة الحق المكتسب".[53]

المطلب الثاني : الحقوق الاجتماعية والثقافية.

يقصد بالحقوق الإجتماعية والثقافية تلك الحقوق التي لها رابطة قوية بالجانب الإجتماعي للإنسان والتي يسعى للدفاع عنها بشتى الوسائل القانونية ويعد حق الإضراب من بين هذه الوسائل القانونية التي يسلكها الأفراد للدفاع عن حقوقهم الإجتماعية (الفقرة الأولى) كما يعتبر حق التعليم من الحقوق التي ينبغي على كل الأفراد التمتع بها والإدارة ملزمة بتوفير الوسائل الضرورية لذلك وعدم حرمان الأشخاص من هذا الحق وإلا أعتبر ذلك شطط في إستعمال السلطة يمكن للأفراد اللجوء إلى القضاء المختص لإلغاء قرارات الإدارة هذه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : الحق في ممارسة الإضراب.

يعد حق الإضراب حق دستوري كرسه المشرع المغربي في مختلف الدساتير المتعاقبة منذ دستور 1962 إلى دستور 2011 وقد نص هذا الأخير في الفصل 29 على أن "حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته ". وأما عدم صدور هذا القانون التنظيمي إلى حد الآن، اختلفت تفسيرات الاجتهاد القضائي حول مدى تعليق هذا الحق على عدم وجود ذلك القانون؟[54]
ومن خلال رصد بعض الاجتهادات القضائية في هذا الإطار يتبين وجود تفسيرين لهذا الإشكال، فهناك توجه تقليدي تبناه المجلس الأعلى من خلال قراره الصادر بتاريخ 25 ماي 1985 في قضية نداء إدريس ضد وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، أعتبر فيه أن التوقف المدبر عن العمل – أمام عدم وجود قانون تنظيمي حول الإضراب- يكون سببا لصدور عقوبات في مواجهة الموظف مطبقا بذلك مقتضيات الفصل 5 من مرسوم 5/2/1958.[55]
غير أنه مقابل ذلك هناك توجه حديث دشنته المحكمة الإدارية بمكناس في حكم عدد 63/2001 صادر بتاريخ 12/7/2001، اعتبرت فيه أن المبدأ يقتضي اعتناق النص الدستوري الذي يضمن حق الإضراب مستبعدة بذلك التطبيق العام لمرسوم 5/2/1958، حيث جاء في هذا الحكم "أن الإضراب حق دستوري أكدته جميع الدساتير المتعاقبة. عدم صدور تشريع تنظيمي يحدد كيفية ممارسة حق الإضراب لا يعني إطلاق هذا الحق بلا قيود، بل لابد من ممارسته في إطار ضابط تمنع من إساءة استعماله، وتضمن انسجامه مع مقتضيات النظام العام والسير العادي للمرافق العمومية على نحو لا يمس سيرها المنتظم بشكل مؤثر.
عدم ثبوت كون الإضراب الذي خاضه الطاعن فيه خروج عن الضوابط المذكورة، لذلك لا يمكن اعتباره تقصيرا في الواجب المهني، وبالتالي تكون عقوبة الإنذار المؤسسة على هذه الواقعة لاغية".[56]
وفي نفس التوجه أكدت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم عدد 141 صادر بتاريخ 7/2/2006 "أن إضراب الموظفين من الحقوق المكفولة بمقتضى الدستور ولا يحول تأخر صدور القانون التنظيمي دون ممارسته"، وقد أعملت المحكمة الإدارية بالرباط اجتهادها هذا على وضع ضوابط ممارسة ذلك الحق في إطار التوفيق بين تكريسه الدستوري ومبدأ استمرارية المرافق العمومية.[57]
وأمام عدم صدور القانون التنظيمي الذي من المفروض أن يبين شروط وإجراءات ممارسة حق الإضراب، تدخل القضاء الإداري في إطار دوره الإنشائي لوضع بعض الضوابط تسمح بالتوفيق بين ممارسة حق الإضراب ومتطلبات استمرار المرفق العام، ويعد الإخطار أول ضابط تخضع له حرية الإضراب، وهو شكلية يتم على أساسها تبليغ الإدارة وإخطارها بخمسة أيام كاملة بالموضوع، قصد تمكينها من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان استمرار المرفق العام، غير أن هذه الشكلية لا تنطوي على ضرورة الحصول على ترخيص لممارسة هذا الحق، فالإضراب من الحقوق التي لا تتوقف ممارستها على الترخص أو الطلب وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في حكم عدد 141 الصادر بتاريخ 7/2/2006 الذي سبقت الإشارة إليه.[58]
ويعتبر كذلك موضوع الإضراب وأهدافه من الضوابط التي سطرها القضاء الإداري، فقد أكدت المحكمة الإدارية من خلال حكم عدد 2673 الصادر بتاريخ 2007/12/25 "أن الإضراب ينبغي أن يكون لأسباب مهنية، لذلك فإن خروج الإضراب عن ذلك الموضوع وعن تلك الأهداف، يصبح عملا غير مشروع، كما هو الشأن للإضراب الذي يسعى لأهداف سياسية".[59]
كما أن الموظف مطوق بواجب التحفظ الذي يستخلص من مقتضيات الفصل 13 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، فبذلك وحسب قرار محكمة الاستئناف الإدارية عدد 621 الصادر بتاريخ 19/9/2007 فإن ممارسة حق الإضراب ينبغي ألا يتجاوز ذلك الواجب نحو استعمال عبارات أو حركات تنطوي على الإخلال بالاحترام الواجب لسلطة الدولة المتمثل في احترام الموظف لرؤسائه سواء المباشرين أو الأعليين".
وممارسة حق الإضراب لا تخول لصاحبه احتلال الأماكن العمومية، كما أنه يتنافى مع الاضطرابات المفاجئة والشاملة، وإذا كان الأصل أن الإضراب هو توقف مؤقت عن العمل، فإن حدود المدة المعقولة للتوقف لا تستوجب وضع ضابط زمني محدد بالنظر إلى اختلاف طبيعة المرافق العمومية واختلاف درجة إلحاح الخدمات التي تقدمها.[60]
ومن هذا المنطلق اقرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرارها عدد 621 الصادر بتاريخ 19/9/2007 "أن خوض إضراب خارج الضوابط التي أرساها الاجتهاد القضائي يصبح سببا لتدخل الإدارة بإنزال العقوبة التأديبية على الموظف ، غير أنه طالما كان الإضراب محترما للضوابط التي سبق ذكرها فإن ممارسته لا تشكل خطأ من جانب الموظف، وكل إخلال من طرف الإدارة يعرض قراراتها للإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة".[61]

الفقرة الثانية : حق التعليم.

يجد هذا الحق سنده ومشروعيته من وجهة نظر الاجتهاد القضائي الإداري في الأهمية الخاصة التي يكتسيها موضوع التعليم، باعتباره أساسا للتقدم والرقي، فبدونه لا يمكن للدولة أن تتقدم وتضمن لنفسها مكانا متميزا بين الأمم، دون أن تكفل لأبنائها الإمكانيات اللازمة والظروف الملائمة، للنهل من ينابيع العلوم المتعددة والمختلفة.
ويعتبر التعليم حقا إنسانيا حرص مبدعوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على تضمينه في المادة 29 منه والصادر بتاريخ 10-02-1948، حيث تنص هذه المادة في الفقرة الأولى على أنه: "لكل شخص الحق في التعليم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان وأن يكون التعليم الأولي إلزاميا وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع على أساس الكفاءة".[62]
ونجد أن مختلف الدساتير المغربية المتعاقبة عملت على صون هذا الحق باعتباره من الحقوق الطبيعية والثابتة لكل فرد، ومن هذا المنطلق نص الفصل 32 من دستور 2011، على أن "التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة".
إن الاهتمام بهذا الحق ليس وليد العهد بل يرجع إلى عهود قديمة، بحيث إهتمت به مختلف الحضارات والديانات، وكان لديننا الإسلامي الحنيف دور مهم في إشعاع هذا الحق، فقد أوصى بالعلم وأمر بالتزود به وتضح ذلك جليا من خلال قوله تعالى في سورة طه : "وقل ربي زدني علما" وفي سورة الزمر : "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون "، وكذلك نجد الرسول (ص) حث على طلب العلم في الحديث الشريف : "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ".[63]
ويمكن القول بأن القضاء الإداري المغربي عمل على حماية الحق في التعليم من خلال دعوى الإلغاء في مجموعة من الأحكام والتي تم الاعتماد فيها على مرجعيات ومصادر مختلفة.
فيما يخص المرجعية الدينية، فخير مثال في هذا الصدد هو الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس عدد 295/96 بتاريخ 17 يوليوز 1996 في قضية المرابط جليلة والذي استندت من خلاله المحكمة على قواعد الشرع الإسلامي في إلغاء قرار مدير ثانوية (محمد القرى بالبهاليل) الذي رفض إعادة تسجيل التلميذة المتزوجة "المرابط جليلة" تحت ذريعة المس بالأخلاق العامة، جاء في الحكم: "وحيث إنه بالرجوع إلى الشرع الإسلامي يتبين أن الإسلام يسوي بين الرجل والمرأة في حق التعليم، وقد كان الرسول (ص) أول من طبق هذا المبدأ، ويروى أن إحداهن قد قالت للرسول (ص):'غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال لهن: اجتمعن من يوم كذا وكذا' فأتاهن فعلمهن مما علمه الله وكذلك فقد تابعت السيدة حفصة بنت عمر ابن الخطاب تعليمها على الشفاء العدوية بعد زواجها من الرسول (ص)، ويروى أن الرسول (ص) قال للشفاء: ألا تعلمين هذه رقبة النملة كما علمتها الكتابة، والمقصود برقبة النملة كسين لخط ومفاد هذا أن طلب العلم بعد الزواج غير محظور شرعا، فضلا على أن القانون لا يحرمه والعرف لا ينكره وبذلك يظل هذا الحق قائما لا يجوز منعه ولو في جهة معينة أو مكان محدد".[64]
وبخصوص المرجعية الدستورية نجد أن كل الأحكام الصادرة في إطار حماية الحق في التعليم تحيل إلى الفصل 13 من دستور 1996 الذي ينص على أن التربية حق للمواطنين على السواء، لكن هذا لا يعني وجود اتفاق كلي حول تكييف هذا النص الدستوري لا سيما عندما يتعلق الأمر بمرفق التعليم العالي.[65]
ومن أهم القضايا التي عرضت على المحاكم الإدارية في هذا الإطار، نشير إلى حكم المحكمة الإدارية بأكادير، حكم عدد 98/96 بتاريخ 25-06-1998 في قضية "احمد شوقي" الذي تقدم إلى إدارة كلية الشريعة بآيت ملول، بطلب إعادة تسجيله في السلك الثالث برسم سنة 1997/1998، إلا أن طلبه قوبل برفض ضمني، حيث أسست إدارة الكلية رفضها على أن المدعي لا تتوفر فيه الشروط التي جاءت بها المرسوم الصادر بتاريخ 19 فبراير 1997،[66] إلا أن المحكمة الإدارية بأكادير وهي تنظر في موضوع القضية، قضت بإلغاء القرار الضمني برفض إعادة التسجيل معتبرة أن "حق التعليم حق دستوري أساسي لا ينبغي أن يطاله أي تضييق أو تغيير يمس جوهر الحق في مبدأ تعميم التعليم في جميع مراحله".[67]
وتجدر الإشارة أن الطعن بإلغاء القرارات الإدارية في هذا الموضوع لم تقتصر على الطلبة فقط بل مست كذلك الموظفين الذين يرغبون في متابعة دراستهم وامتنعت الإدارة عن الترخيص لهم بذلك، حيث قضت في هذا الصدد المحكمة الإدارية بمكناس حكم عدد 3/2001/16غ بتاريخ فاتح مارس 2001 في قضية إدريس العلوي ضد وزير الداخلية أنه:"...إذا كانت الإدارة المعنية تتمتع بسلطة تقديرية لمنح الترخيص في متابعة الدراسة، فإن ممارسة هذه السلطة لابد أن تؤسس على معطيات واقعية موضوعية تستهدف الموازنة بين متطلبات المرفق العمومي والحق في متابعة الدراسة الذي يعتبر حقا دستوريا، إذ أن الحق في الامتناع عن الترخيص المذكور لا يكون له مسوغ إلا في حالة عدم إمكانية الجمع بين هذين الأمرين وهو الشيء الذي لم تثبته وثائق الملف" وبذلك اعتبرت المحكمة قرار الإدارة هذا مشوبا بتجاوز السلطة ومآله الإلغاء.[68]
وبهدف تأصيل حق التعليم وتمكين الأفراد من ممارسته وكذلك تذكير الإدارة بقدسيته، لجأ القاضي الإداري إلى استحضار واستلهام مضمون مجموعة من المصادر القانونية الأخرى من ذل مثلا، الاستناد إلى القانون الطبيعي والإحالة على الاتفاقيات الدولية التي كرست هذا الحق وعملت على حمايته، وهكذا جاء في حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 530 الصادر بتاريخ 30 يونيو 1999 أن التعليم: "هو في الأصل حق إنساني وطبيعي الذي لا يمكن للإدارة أن تحد من مدى هذا الحق الذي أقرته فضلا عن ذلك النظم والمواثيق الدولية التي يتشبث المغرب بمقتضاها".[69]
ونقول بأن توسع القاضي الإداري المغربي في المرجعيات التي يعتمد عليها لحماية حق التعليم، ينبع من وعيه العميق بالأهمية القصوى التي يكتسيها التعليم ليس باعتباره حقا دستوريا وطبيعيا لكل الأفراد فحسب، بل باعتباره وسيلة بناء كفاءة الإنسان.
غير أنه وفي إطار تضييق الإستفاذة من هذا الحق الدستوري قضت المحكمة الإدارية بوجدة بتأييد قرار الإدارة بعدم تسجيل المدعي وأنه لا يتسم بتجاوز السلطة، في حكم عدد 116-95 بتاريخ 13 دجنبر 1995 جاء فيه:"لكن حيث إن حق التعليم وإن كان حقا دستوريا إلا أن ممارسة هذا الحق يتم في إطار القوانين والأنظمة الجاري بها العمل على جميع المواطنين. وحيث إن الثابت من وثائق الملف بإقرار الطاعن أنه تمتع بهذا الحق الدستوري حين تم تسجيله في السنة الجامعية 1992-1993 ورسب في الدورتين وسجل مرة ثانية خلال الموسم الدراسي 1993-1994 وتغيب عن المشاركة في الامتحانات خلال الدورتين دون عذر مقبول. وحيث إنه بذلك يكون الطاعن قد أتيحت له الفرصة مرات متعددة لممارسة هذا الحق. وحيث إن ترك الباب مفتوحا للتكرار وإعادة التسجيل بدون قيد ولا شرط من شأنه أن يخل بالسير العادي للجامعة حين اكتضاضها بالمسجلين، وهذا بدوره يؤدي إلى المساس بحق باقي الطلبة الجدد الراغبين في التمتع بحق التعليم".[70]
خاتمة :
يمكن القول بأن المغرب عرف انتقالا نوعيا، يكاد يكون ملموسا في مجال حماية الحقوق والحريات الأساسية للأفراد وذلك نظرا للدور الكبير الذي لعبه القضاء الإداري المغربي منذ نشأته في حماية وصون هاته الحقوق والحريات.
فرغم التحديات والإكراهات التي تواجه مجال الحقوق والحريات ببلادنا إلا أنه يمكن القول أن القضاء الإداري راكم تطورات مهمة في هذا الصدد، لاسيما إبان إحداث المحاكم الإدارية الشيء الذي يقودنا إلى الجزم بكل موضوعية، واستنادا إلى الأحكام العديدة الصادرة عن مختلف المحاكم الإدارية بالمغرب، أن الحصيلة كانت جد ايجابية، وأن القضاء الإداري حقق كل الأهداف التي أنشأ لأجلها في مجال حماية الحقوق والحريات.

________________________________________
الهوامش:
[1] - ذ. حميد اربيعي :"حماية حقوق الانسان بالمغرب بين النص القانوني والاجتهاد القضائي الإداري" المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة"، عدد 55/2007. ص109. 
[2] - د. عمر العسري:"القانون العام والمؤسسات السياسية بالمغرب" دار أبي رقراق للطباعة والنشر الطبعة الثانية 2011. ص56.
[3] - دة. ثورية لعيوني :"القضاء الإداري ورقابته على أعمال الإدارة" دراسة مقارنة. درا النشر الجسور وجدة-الطبعة الأولى 2005. ص1.
[4] - دة. ثورية لعيوني :المرجع السابق، ص2.
[5] - د. عمر العسري : المرجع السابق. ص154.
[6] - ذ. حميد اربيعي، مرجع سابق. ص111.
[7] - قرار المجلس الأعلى عدد 262. بتاريخ 02/07/1982 عبد الكريم السطي ضد ووزير الفلاحة، أورده - عبد الواحد القرشي :"دور القضاء الإداري المغربي في بناء دولة الحق والقانون مقاربة سوسيوقانونية من خلال دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2007-2008، ص161. 
[8] - عبد الواحد القرشي: المرجع السابق، ص161. 
[9] - عبد الواحد القرش: نفس المرجع، ص161. 
[10] - حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 109 بتاريخ 1995/4/27 أورده عبدالواحد القرشي: المرجع نفسه، ص162, 
[11] - د. محمد الأعرج: المبادئ العامة لنظام المرافق العامة في العمل القضائي للمحاكم الإدارية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضع الساعة، عدد 47. لسنة 2004. ص233. 
[12] - د. مولاي ادريس الحلابي الكتاني : القضاء وتطور مبدأ حقوق الدفاع في قطاع الوظيفة العمومية. المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 29 – أكتوبر- دجنبر 1999. ص23. 
[13] - د. محمد الأعرج :"قاضي المحاكم الإدارية وحماية حقوق الموظف من خلال الرقابة على مسطرة حق الدفاع. منشورات .م.م.إ.م.ت. عدد 47 سلسلة مواضيع الساعة 2004. ص105. 
[14] - د. محمد الأعرج : المرجع السابق. ص113. 
[15] - قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 351 بتاريخ 4/3/2009، في ملف عدد 170-07-5، قرار منشور بمجلة الحقوق المغربية R,D,M سلسلة "العمل القضائي في المنازعات الإدارية" عدد 2 الجزء الثاني، لسنة 2009. 
[16] - حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 30 بتاريخ 17/3/1998 محمد السعيد الطيب ضد الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء. أورده الأستاذ محمد الأعرج في مقاله "قاضي المحاكم الإدارية وحماية حقوق الموظف من خلال الرقابة على مسطرة حق الدفاع" المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 47 سنة 2004. ص112. 
[17] - د. مولاي ادريس الحلابي الكتاني: المرجع السابق. ص27. 
[18] - د. مولاي ادريس الحلابي الكتاني: المرجع السابق. ص28. 
[19] - عبد الواحد القرشي: المرجع السابق، ص178. 
[20] - حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد 202/01 صادر بتاريخ 26/09/2001 أشار إليه عبد الواحد القرشي المرجع السابق. 
[21] - عبد الواحد القرشي: المرجع السابق، ص184. 
[22] - ذ. الحسن سيمو :" القاضي الإداري والحريات العامة" منشورات REMALD عدد 18 لسنة 1999. ص61-62. 
[23] - ذ. الحسن سيمو : المرجع السابق. ص62. 
[24] - المرجع نفسه، ص59-60. 
[25] - ذ. حميد اربيعي : المرجع السابق. ص124. 
[26] - عبد الواحد القرشي:المرجع السابق، ص189. 
[27] - المرجع نفسه، ص190. 
[28] - الفصل 24 من دستور المملكة المغربية 2011. 
[29] - قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض رقم 127 بتاريخ 11 يوليوز 1985 محمد الشملال ضد عامل إقليم طنجة، أشار إليه ذ. حميد اربيعي : "حماية حقوق الإنسان بالمغرب بين النص القانوني والاجتهاد القضائي الإداري".م.م.م.إ.م.ت. عدد 55 لسنة 2007، ص112-113 
[30] - قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض رقم 127 بتاريخ 11 يوليوز 1985، في قضية محمد الشملال ضد عامل إقليم طنجة، أورده، ذ-حميد اربيعي: المرجع السابق، ص112. 
[31] - قرار الغرفة الإدارية عدد 373 صادر بتاريخ 12 دجنبر 1991 في قضية محمد قدوري ضد وزير الداخلية، أوردة ذ-حميد اربيعي: المرجع السابق، ص113. 
[32] - حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 99 بتاريخ 13/04/1995 أشار إليه - عبد الواحد القرشي، المرجع السابق، ص195. 
[33] - حكم إدارية مكناس عدد 43/96/3غ صادر بتاريخ 26/09/1996 أشار إليه - عبد الواحد القرشي، المرجع السابق ص195. 
[34] - قرار أشار إليه ذ. حميد اربيعي : المرجع السابق. ص115. 
[35] - قرار أشار إليه ذ. حميد اربيعي : المرجع السابق. ص116. 
[36] - ذ. حميد اربيعي : المرجع السابق ص118. 
[37] - حكم إدارية مكناس عدد 5/98/3غ بتاريخ 5/02/1998 إدريس فاهيم ضد عامل عمالة مكناس. 
[38] - ذ. حميد اربيعي : الرجع السابق . ص121. 
[39] - المرجع نفسه، ص130. 
[40] - قانون رقم 7.81 متعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، صدر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.81.254 بتاريخ 6 مايو 1982، الجريدة الرسمية، عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1983. ص989. 
[41] - حميد اربيعي : المرجع السابق. ص130. 
[42] - حكم إدارية أكادير عدد 969/96 بتاريخ 20 يونيو 1996، قضية أعبيد الحسن بن البشير ضد الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق. 
[43] - حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 189 صادر بتاريخ 4 يوليوز 1996. 
[44] - قرار الغرفة الإدارية عدد 212 بتاريخ 29 يونيو 1989 أشار إليه ذ. حميد اربيعي : المرجع اسابق. ص133. 
[45] - ذ. الجلالي أمزيد : "الحماية القضائية لحق الملكية في المنازعات الإدارية". منشورات مجلة Remald عدد 18 لسنة 1999. ص102. 
[46] - ذ. الجلالي أمزيد : المرجع السابق. ص 103. 
[47] - قرار الغرفة الإدارية عدد 378 صادر بتاريخ 10/2/1992 في قضية الشركة العقارية ميموزة ضد الوزير الأول، أشار إليه –ذ. حميد اربيعي: المرجع السابق. ص133. 
[48] - ذ- حميد اربيعي: المرجع السابق، ص133. 
[49] - ذ. الحسن سيمو: المرجع السابق، ص57. 
[50] - قرار ذكره الأستاذ محمد اليعكوبي في محاضرة ألقاها على طلبة ماستر القضاء الإداري في مادة الشرطة الإدارية السنة الجامعية 2011-2012. 
[51] - قرار الغرفة الإدارية عدد 178 بتاريخ 17 أكتوبر 1985 ، قرار منشور بالمجلة المغربية للقانون، العدد الأول طبعة 1986، ص42. 
[52] - قرار الغرفة الإدارية عدد 7085 بتاريخ 2 يونيو 1998 في قضية أرزيو حميدوش ضد عامل إقليم شفشاون، قرار أورده ذ. الحسن سيمو: المرجع السابق، ص59. 
[53] - قرار الغرفة الإدارية عدد 293 بتاريخ 26 دجنبر 1991 في قضية الغرابي محمد ضد رئيس المجلس القروي لجماعة عين مديونة، أورده ذ. الحسن سيمو، المرجع السابق، ص59. 
[54] - ذ. حميد ولد البلاد: "توجهات القضاء الإداري حول الإضراب في الوظيفة العمومية"، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 84-85 طبعة يناير-أبريل 2009، ص66. 
[55] - قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض صادر بتاريخ 1985/5/25 في قضية إدريس نداء ضد وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية أشار إليه –ذ. حميد ولد البلاد: المرجع السابق، ص66. 
[56] - حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد2001/63 صادر بتاريخ 2001/7/12 في الملف رقم: 3/2001/35غ، حكم منشور بالمجلة الحقوق المغربية R,D,M سلسلة " العمل القضائي في المنازعات الإدارية" الجزء الثاني، عدد 2 طبعة 2009، ص115. 
[57] - ذ. حميد ولد البلاد: المرجع السابق، ص67. 
[58] - نفس المرجع، ص 68. 
[59] - ذ. حميد ولد البلاد: المرجع السابق، ص 68. 
[60] - المرجع نفسه، 69. 
[61] - قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 621 صادر بتاريخ 19/9/2007 في الملف رقم 2005/06/36. 
[62] - اليزيدي زكريا: " دور المحاكم الإدارية في حماية الحق في التعليم"، منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد الخامس، طبعة يناير 2005، دار القلم للطباعة والنشر – الرباط، ص67, 
[63] - اليزيدي زكريا: المرجع السابق، ص 67-68. 
[64] - حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 96/295 بتاريخ 1996/7/17، حكم أورده -اليزيدي زكريا: المرجع السابق، ص69. 
[65] - اليزيدي زكريا: المرجع السابق، ص69. 
[66] - مرسوم رقم 2.96.796 الصادر بتاريخ 19 فبراير 1997، يتعلق بتحديد نظام للدراسات والإمتحانات لنيل الدكتوراهودبلوم الدرسات العليا المعمقة ودبلوم الدرسات العليا المتخصصة وكذا الشروط والإجراءات المتعلقة باعتماد المؤسسات الجامعية لتحضير الشهادات المذكورة وتسليمها، الجريدة الرسمية عدد 4458، ص182. 
[67] - حكم المحكمة الإدارية بأكادير رقم 96/98 بتاريخ 1998/06/25، أوردة -اليزيدي زكريا: المرجع السابق، ص70, 
[68] - حكم امحكمة الإدارية بمكناس عدد 3/2001/16غ بتاريخ فاتح مارس 2001 في قضية إدريس العلوي ضد وزير الداخلية، أورده –ذ. حميد اربيعي: المرجع السابق، ص146. 
[69] - حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 530 الصادر بتاريخ 30 يونيو 1999 في قضية عبدالفتاح داودة ومن معه ضد قيدوم كلية الحقوق بالرباط-السويسي، حكم أوردة – ذ. حميد اربيعي: المرجع السابق، ص143. 
[70] حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد 95-116 بتاريخ 13 دجنبر 1995 في قضية يحيى الهامل ضد قيدوم كلية الحقوق بوجدة، أوردة ذ.حميد اربيعي: ص148.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -